تتزاحم الملفات الأمنية والسياسية لدى حزب الله ويتقدم الى واجهة الاهتمامات ملف قضائي يتصل بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان وما سيصدر عنها من قرار ظني مرتقب، يوليه الحزب اهتماما استثنائيا عبر قيادته وتحديدا أمينه العام السيد حسن نصرالله، كونه يرى استنادا الى معلومات ومعطيات انه يشكل استهدافا خطيرا للمقاومة الأمر الذي تولى السيد نصرالله، شخصيا وحصرا، الكلام بشأنه على ما قال نائبه الشيخ نعيم قاسم، الذي اكد ان ما أعلنه الأمين العام هو أول الغيث. ولا يخفي الشيخ قاسم، الذي يعتبر من «مهندسي» الحزب القلائل جدا الذين يصنعون القرار والتوجهات ويديرون الملفات، غضبا هادئا مقرونا بالمرارة جراء ادخال أو محاولة توريط الحزب في هذا الملف الخطير. وتتشعب الأمور لتربط بالجواسيس الذين يصفهم «بالخطر الداهم على لبنان»، ولا يخفي مفاجأته بدفاع البعض المستميت عنهم في حين يعتبرون ان المقاومة هي الأزمة وليسأل عن المصلحة في عدم انزال أحكام الاعدام بالعملاء، وإذ لا يخفي انجازات فرع المعلومات فإنه يطالبه بإظهار الحقائق وعدم التوقف عن ملاحقة العملاء كما مخابرات وقيادة الجيش الذين قاموا بعمل جبار باعتقال جاسوس الاتصالات وما تلاه. وبصراحته المعهودة يقول الشيخ قاسم ان تعاطي الفرقاء في الداخل مع الملفات القادمة يحدد الاستقرار أو التوتير السياسي مع التشديد على التمسك بالقرار الدولي 1701 بحذافيره، خصوصا ان اليونيفيل هي التي بدأت المشكلة ثم عالجتها وان الفرنسيين من وراء ذلك لأنهم يرغبون في صورة أكثر مقبولية عند الاسرائيلي، واصفا زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى سورية بالمهمة جدا. لم يترك الشيخ قاسم موضوعا حساسا إلا وتطرق اليه، من الاتفاقيات الأمنية الى التوطين وسفن الحرية الى الحرب الاسرائيلية المستبعدة مرحليا، ويؤكد ان المساهمة الكويتية في إعادة الإعمار عنوان مضيء في دعم صمود لبنان، متناولا انفتاح الحزب على الفضاء العربي الرحب، آملا أن يلقى التجاوب، وكاشفا عن زيارة لوفد من الحزب برئاسة النائب محمد رعد الى الكويت قريبا. نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم فتح قلبه وعقله لـ «الأنباء» وكان لها معه الحديث التالي:
نبدأ من المواقف الأخيرة للسيد حسن نصرالله، والتي وصفت بالتصعيدية، هل الموقف من المحكمة هو استباقي مبني على معلومات؟ وماذا سيكون الموقف لو جاء القرار الاتهامي مغايرا لكل ما حكي ونشر ولكل التوقعات ولماذا هذا التصعيد؟
لقد أخذنا قرارا في حزب الله من اللحظة الأولى لمسار المحكمة الدولية، إقرارا بإنشائها أو بمتابعة تفاصيلها، بأن نقلل من الكلام عنها وان ينحصر هذا الأمر في سماحة الأمين العام نظرا لحساسية موضوع المحكمة وما يحيط بها، ثم وجدنا سيلا من التقارير الإعلامية والصحافية والتسريبات التي تحاول ان ترسم صورة مسيئة واتهامية في آن معا وكأنها تمثل الحقائق، كان لابد من توضيح الصورة للرأي العام، فاختار سماحة الأمين العام هذا التوقيت كأول الغيث وهو لم يكشف كل ما في جعبتنا، وبالتالي سيأتي الوقت الملائم والمناسب لإعلان الحقائق كاملة، من هنا لن أخوض في التفاصيل حول الاحتمالات المختلفة للمحكمة لأن لنا مسارا لكيفية التعاطي معها، وستتم متابعته بحسب خطتنا، لا بحسب ما ترغب الأطراف الأخرى التي تريد جرّنا الى مواقع أو مواقف يريدون توقيتها، لذا نحن في موقع التوضيح والتبيان للرأي العام بناء على حقائق موجودة ومثبتة بعضها معروف وبعضها غير معروف. من هنا أنا أفضل الانتظار لبعض الوقت وان تستمعوا الى كل الحقائق المطلوبة وعندها يتبين موقف حزب الله بتفاصيله وجزئياته أمام الرأي العام، وقبل ذلك لا تتعبوا أنفسكم، فلا يوجد أي مسؤول في الحزب مستعد لإعطاء أي معلومة اضافية، اي تحليل اضافي أو في رد على أسئلة تتعلق بالمحكمة، لأننا نعتقد بأن هذه المسألة الحساسة والمهمة لابد وان تقارب بطريقة موضوعية وبالأسلوب الذي نعتمده في هذه المرحلة.
شبكات التجسس خطيرة
ولكن هناك جملة عناوين تناولها السيد نصرالله في خطابه لم تنحصر في المحكمة الدولية، فقد تناول موضوع شبكات التجسس لصالح الموساد الاسرائيلي، من يقصد بالعملاء الكبار وهل هناك سياسيون وقادة إداريون متورطون بالتعامل بناء على معلومات أكيدة؟ ولماذا التذكر بقرارات الخامس من مايو خصوصا ان النائب وليد جنبلاط أصبح حليفكم، ومعروف ان فريقه الوزاري كان وراء هذه القرارات وهل السيد نصرالله سيعلن أسماء في المرحلة المقبلة؟
موضوع الجواسيس، موضوع كبير وخطير ومتشعب وهو يشمل الأمن الوطني اللبناني بكل أبعاده ويمس استقلال البلد ومستقبل الحياة فيه ونظامه السياسي وتعايش طوائفه، وليس أمرا محصورا بقضية خاصة اسمها المحكمة أو بقضايا أخرى هذا العمل الجاسوسي الاسرائيلي دخل الى مفاصل حيوية في الدولة اللبنانية وعلى رأسها ما شهدناه من جواسيس شركة «الفا» للاتصالات الذين جعلوا شبكة الاتصالات اللبنانية مباحة ومتاحة للاسرائيلي ليدخل الى كل بيت وكل مكالمة وكل نقطة تواجد، وهذا يعني اننا أمام خطر داهم على كل الشعب اللبناني، على خصوصياته وحياته وطريقة تحركه من خلال طريقة استثمار المعلومات بحسب الرأي أو الموقف الاسرائيلي، لذا نحن أمام قضية خطيرة، ولاحظنا ان بعض القوى في لبنان عندما أعلن عن الجاسوس شربل قزي تصدت للاعتراض على كشف حقيقته والمعلومات التي لديه وحاولت ان تسخف معنى اعتقال هذا الجاسوس وهي التي أجرت السيناريوهات التي لها علاقة بالمحكمة وبحزب الله وبأمور أخرى، نحن فوجئنا بهذا الدفاع المستميت في الوقت الذي يفترض ان تؤخذ هذه المعلومات، التي أصبحت مكشوفة وواضحة وبحسب ما تم نقله وتسرب عبر وسائل الإعلام، لمعرفة مدى الخطورة، من هنا نحن اعتبرنا كحزب الله ان هذه السياسة في محاولة التهوين والتخفيف من اهمية وفاعلية العملاء تساعد على البيئة الحاضنة لهؤلاء العملاء وتستدرج أفرادا جددا لمزيد من العمالة وتحمي المتسترين الذين لم يتم القاء القبض عليهم لأي سبب من الاسباب، نحن اعتبرنا ان اعتقال حوالي خمسين جاسوسا خلال هاتين السنتين فقط في مجالات مختلفة من القوى الأمنية المختلفة وفي مواقع حساسة جدا بعضها في داخل الاجهزة الامنية وبعضها في مواقع رسمية وبعضها في مواقع تجارية وبين الناس، انما يدل على حجم العمل الاسرائيلي الذي يعمل بنسبة معينة من الراحة والاطمئنان، والا لما كان هذا الانتشار الكبير والواسع، ونحن نرد المشكلة الأساسية الى أمرين:
الأول: ضعف الاحكام القضائية التي صدرت بحق العملاء سنة ألفين وقد حرصنا كثيرا من اجل ان يدفع هؤلاء الثمن، لكن للاسف كانت الاحكام تساوي 10% مما يستحقه الفرد، فبدل أن يسجن عشر سنوات سجن سنة واحدة والأنكى من ذلك، ربما لا يعرفه البعض، ان هؤلاء العملاء قبضوا تعويضاتهم من اسرائيل عن الفترة التي خدموا فيها وأخذوا هذه التعويضات بعد أن خرجت اسرائيل ووصلتهم بطرق مختلفة وكأننا أمام وظيفة دولية اسمها اسرائيل وتحترم القواعد من أجل أخذ الحقوق لهؤلاء.
والثاني: هو تسليط ضوء بعض القوى في لبنان، على ان المقاومة هي الأزمة والمشكلة ولكن اسرائيل ليست مشكلة، انا لا أقول انهم لا يعتبرونها عدوا لأن الكل صرح بأنها عدو بإجماع اللبنانيين، لكن هذا إعلان سياسي لم تر ترجمته العملية في المواقف التي صبت في مصلحة المشروع الاسرائيلي، فأي مصلحة في ألا يتم الحكم بإعدام العملاء الذين يستحقون الاعدام؟! أي مصلحة في الحديث عن تجريد لبنان من قوته في مواجهة العدو الاسرائيلي القوي والمتغطرس والمعتدي؟!
أي مصلحة للبنان بأن تبقى الخروقات الاسرائيلية في سمائه ولا نلحظ انتقادات واضحة ومحددة ومستمرة، بينما بسبب ولغير سبب يكون هناك محاولة لاستفزاز المقاومة، ومحاولة تغيير صورتها وإبراز عدم الإجماع حولها، إذ لا يوجد غلبة كبيرة حولها كما يريدون؟
نحن نعتبر أن ملف التجسس ملف لا يمكن الاستهانة به وسواء أعجب البعض أو لم يعجبهم سنستمر في دعم كل اتجاه يكشف ويفضح ويضع حدا لهؤلاء الجواسيس لأن هذه هي المقدمة لحماية لبنان وقائيا، فالوقاية لا تبدأ من المعركة إنما تبدأ من الاستعداد لها، وهذا شكل من أشكال الاستعداد بإفشال البيئة الحاضنة للعمالة، وهذه مسؤولية تقع على أولئك الذين يعرفون أنفسهم وتستطيع أن تقوم باستطلاع رأي بين الناس، وسترى أن البعض يشار اليه بالاصبع. إذن ألا يستحق بلدنا ان نحميه بعدما عانى هذه المعاناة.
أما بالنسبة للخامس من مايو، فنحن نتحدث عن كيفية وصول القرار الى اتخاذه في مجلس الوزراء وخلفية اتخاذ هذا القرار، وللتذكير، وبإمكانكم مراجعة أرشيفكم، حصلت اتصالات الى داخل جلسة مجلس الوزراء من عدة دول اجنبية وعربية أثناء اتخاذ القرار، وكان بعض الوزراء يخرجون من الجلسة لتلقي الاتصالات الهاتفية وإعطاء وجهة النظر وتبادل الآراء، معنى ذلك ان هناك أمرا كبيرا يتخطى لبنان وبعض الأدوات، تساؤل سماحة الأمين العام كما جرى في الخامس من مايو يستهدف الحديث عن أن المؤامرة على قوة لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته، ليست بريئة وليست محلية فقط إنما هناك أيادٍ خارجية لها مصالح يساعدها عليها بعض القوى المحلية. هذا سؤال مشروع لأننا نريد ألا تتكرر التجربة، ونريد ألا يتورط البلد في فتن إضافية، فعندما نسلط الضوء على مشاكل حصلت ونأخذ العبر منها ونحاول أن نضع حدا لأولئك الذين يتدخلون في شؤوننا، عندها نكون قد حمينا لبنان.
فرع المعلومات ومخابرات الجيش
السيد نصرالله وفي ذات الخطاب وجه أسئلة اتهامية لفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وقال ان الاجوبة لديه فيما خص عملاء الاتصالات وفي ذات الخطاب نوه بإنجازات فرع المعلومات.. أليس هناك شيء من التناقض في هذا الموقف؟
حزب الله منصف مع من يحبهم ومع من يتعاطى معهم بحكم الواقع السياسي والعلاقات المبنية على كوننا موجودين في وطن واحد، عندما أشاد بفرع المعلومات لأن له إنجازات ولا نخفي هذه الانجازات، وعندما أثار قضية الجاسوس شربل قزي فلأن لدى الحزب معلومات عن ان فرع المعلومات لديه معطيات حول هذا الملف، وقد طرح سماحة الأمين العام هذا السؤال، ومن حقه أن يطرحه، ومن حق فرع المعلومات أن يقدم الاجابة المقنعة للجمهور، فالسؤال ليس ممنوعا سواء حمل طابع الاستفسار أو طابع الاتهام، من دون الدخول في النوايا، بإمكان فرع المعلومات أن يظهر الحقائق للناس، وعندها يتبين الصح من الخطأ، فإذا أعطى الاجابة المقنعة تكون قد تحققت الاجابة عن السؤال.
وفي ذات السياق يلاحظ أن أكثر من قيادي في حزب الله أشاد بإنجازات الجيش اللبناني ومديرية المخابرات، ما سبب هذه المداومة على الاشادة؟ هل تشعرون بأن الجيش لا غطاء سياسيا له في مهمة كشف شبكات التجسس؟
أنت تذكر الآن جزءا من خطاب سماحة السيد الذي أشاد فيه بإنجاز فرع المعلومات عندما أنجز، أما الاشادة بمخابرات الجيش فلأن هذه المخابرات وكذلك قيادة الجيش لم تتوقف لحظة واحدة عن متابعة العملاء، أي ان المتابعة عند مخابرات الجيش غير خاضعة للتطورات السياسية وإنما خاضعة للمعطيات الأمنية، وراقب سجل الاعتقالات الموجودة عند المخابرات فسترى انها مستمرة منذ سنوات من دون توقف، بينما حصل توقف عند فرع المعلومات، السؤال لماذا؟ هل هو عجز أم موقف سياسي أم كل محطة لها طريقتها في العمل؟ ما نفهمه أن الأمن ليس له معيار سياسي، الأمن معياره الأساسي تنفيذ ما هو مصلحة البلد بوضع اليد على العملاء والجواسيس وكل الذين يرتكبون الاعمال المخلة بالأمن، وأيضا ما دفعنا للكلام عن انجازات مخابرات الجيش هو هذا العمل الجبار والكبير في اعتقال جاسوس «ألفا» وما تلاه، هذا ليس عملا سهلا هذا عمل كبير، في الوقت الذي اعترض عليه فريق وأزعجه ان تتصرف مخابرات الجيش بهذه الطريقة، عجيب أمرهم، هل ممنوع ان يحفظ الأمن في البلد؟
زيارة الحريري إلى سورية
فيما خص زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى سورية، ولقاءاته مع الرئيس السوري د.بشار الاسد هل ستؤثر هذه الزيارة ايجابا على لبنان وسط معلومات عن ان اللقاء الثنائي الذي امتد قرابة الاربع ساعات بين الحريري والأسد كان محور مواقف السيد نصرالله الاخيرة؟
لست مطلعا على تفاصيل المحادثات التي حصلت بين الرئيس الاسد والرئيس الحريري، لكنني أتوقع، بشكل طبيعي، ان يكون الملف الأمني ـ السياسي الذي يهم البلدين، في قائمة المباحثات، وبالتالي هناك تفاصيل كثيرة تهم البلدين بحثت، وقد ذكر البيان المشترك أنهم تطرقوا الى ما يهم الشعبين والبلدين، وهذه اشارة غير مباشرة الى مستوى التوسع في الابحاث المختلفة. نحن نعتبر ان هذه الزيارة مهمة جدا وشجعنا ونشجع عليها وعلى أمثالها، ومن البداية كان حزب الله يقول بوجوب تطبيق اتفاق الطائف الذي يتحدث عن علاقات مميزة بين لبنان وسورية وليس علاقات عادية، وبالتالي كل ما يضع العلاقات اللبنانية ـ السورية على سكة التمايز والتفاعل هو جزء لا يتجزأ من قناعتنا ونعتبره مردود خير سينعكس على لبنان، وبطبيعة الحال هذه اللقاءات تؤثر في السلوك السياسي والاجرائي لأن كلا من البلدين سيراعي خصوصيات البلد الآخر وما يؤذيه وما يضره وما ينفعه وما ينسجم معه، وبالتالي فرق كبير بين وجود علاقات بين لبنان وسورية في المواقف التي تهم البلدين وبين عدم وجود علاقات، أما انه سينعكس على التهدئة في البلد، أنا لا أرى الآن ان المطروح هو هل يكون هناك تهدئة في البلد أم لا يكون، توجد ملفات قادمة بحسب تعاطي الفرقاء في الداخل مع هذه الملفات يكون هناك استقرار سياسي أو توتر سياسي نحن ساهمنا في حكومة الوحدة الوطنية بعد اتفاق الدوحة واعتبرنا ان كل الأطراف الذين ساهموا فيها يريدون حالة من الاستقرار السياسي وقد أنتجت هذا الاستقرار، الآن لا أعلم أي ملف يمكن ان يفتح ويوتر البلد، فقبل ان نتحدث عن تهدئة يجب ان نرى الملفات التي تسبب التوتير، ونتعاون لكي لا تسبب التوتير، انما إذا كان قصدك بعض التصريحات التي صدرت كرد على كلام سماحة الأمين العام الأخير، فهذا مجرد كلام عابر، هذا ليس توترا سياسيا، مجرد آراء مطروحة، فلا تستحق ان يكون من أجلها قمة لبنانية - سورية، أعتقد ان مهامها أكبر بكثير.
الإشكالات مع اليونيفيل
ثمة من ربط بين الأحداث الأخيرة في الجنوب مع اليونيفيل والعقوبات ضد إيران والمحكمة الدولية، هل سويت هذه الإشكالات نهائيا في الجنوب، ولماذا حصلت مع الكتيبة الفرنسية بالتحديد؟
من السهل ان نجمع 4 أو 5 أحداث ونشكل سيناريو بينها إذا كنا نتعاطى مع الأحداث بطريقة ظاهرية غير مبنية على معلومات دقيقة والذي يؤكد صحة المعلومات هو نتيجة الأحداث هل ما حصل مع الطوارئ غيّر من مسار العقوبات أو عدّل فيها أو وضعها على الطاولة مجددا؟ انتهت المشكلة مع الطوارئ وحلت وكأن حادثة مرّت ولها اجراءاتها بمعزل عن العقوبات، وهل ما حصل مع الطوارئ أثر على مسار المحكمة الدولية وغيّر من اتجاهاتها أو أوجد عناوين جديدة؟ رأينا ان هذا الملف مختلف عن الملف الآخر، المشكلة مع الطوارئ بكل بساطة أثبتتها النتائج فيما بعد، هي انهم أرادوا القيام بمناورة عسكرية على الأرض تحاكي إطلاق صواريخ من لبنان ضد الكيان الاسرائيلي الغاصب، فاعترض الجيش اللبناني، لأن هذا الشكل من المناورة يجعل لبنان في موضع الاتهام ويؤدي الى ان تقوم الطوارئ بعمل يخدم اسرائيل فيما لو قررت ان تشن عدوانا على لبنان، خاصة ان هذه المناورة جاءت بعد مناورة قامت بها اسرائيل تطبيقا لهجوم على نموذج لقرية لبنانية، فاقترح الجيش اللبناني ان تكون المناورة مزدوجة، تحاكي اطلاق صواريخ من لبنان على الكيان الغاصب واعتداء اسرائيل على الحدود اللبنانية بالدخول الى الأراضي اللبنانية، رفضت قوات الطوارئ، فاعتبر الجيش اللبناني ان هذا العمل غير قابل للتطبيق، عندها أبلغت قوات الطوارئ بأنها ستقوم بالمناورة وحدها، في الوقت الذي لا يفترض ان تقوم مثل هذه المناورات والتحركات إلا بالتنسيق مع الجيش اللبناني ويكون الجيش اللبناني هو الأساس وقوات الطوارئ تساعده لأن مسؤولية حفظ الأمن من مسؤولية الجيش اللبناني وتساعده الطوارئ، عندما قامت الطوارئ بهذا العمل استفزت الأهالي، لأن المناورة تفترض تحركا ضخما للآليات وإقامة نقاط مراقبة ودخولا الى القرى، وبدء حملات تسوير وحواجز، وهذا كله يشعر به الناس مباشرة ويمسهم في حياتهم، فقامت اعتراضات الأهالي وأدت الاتصالات التي قامت بها الدولة اللبنانية والجيش اللبناني والاهالي واليونيفيل الى معالجة هذه المشكلة بأن توقفت المناورة في منتصفها وعادت الأمور الى مجاريها وعقد لقاء مصالحة بين الاهالي ورؤساء البلديات في المنطقة وقوات الطوارئ ليدل المشهد النهائي عند المصالحة بأنها مصالحة لمعالجة مشكلة، وقد اعترف الجنرال أسارتا بأن الطوارئ أخطأت فيما قامت به، وكان الامر يحتاج الى مزيد من التنسيق وعدم إقلاق الاهالي.
هذه هي المشكلة التي اسمها قوات الطوارئ الدولية والتي انتهت عند حدها ونحن قلنا أثناءها وبعدها: حزب الله ملتزم بالقرار 1701 على أن يطبق بحذافيره ونحن معه كما هو، ولسنا مع أي تعديل للقرار 1701 ولا على أخذ صلاحيات ليست من حق قوات الطوارئ وهم موجودون بحكم هذا التوافق السياسي الذي نحن جزء منه، فإذن لا داعي للحديث عن شيء ضد قوات الطوارئ فهي التي بدأت بالمشكلة ثم عالجتها.
المشكلة مع الفرنسيين
أما الحرارة الموجودة عند القوات الفرنسية والتي كانت هي الأساس في هذه المشكلة، فيبدو لي أن الفرنسيين يرغبون بصورة أكثر مقبولية عند اسرائيل ويحاولون إثبات وجودهم بطريقة تدخلهم الى الملف في العلاقة مع اسرائيل بشكل أفضل، وأيضا هناك مشاكل داخلية في فرنسا ربما المطلوب أن تصرف الانظار لأمر خارجي أكبر، وقد تحدث مندوبون فرنسيون انهم يريدون تعديل قواعد الاشتباك، وانهم يريدون المزيد من الصلاحيات للتحرك لقوات الطوارئ، وهذا تغيير للقرار 1701، إذن كان هناك أفق سياسي لهذا الاجراء الميداني، إما أن يحصلوا عليه بقرار من مجلس الأمن، وإما ان يحققوه بتصرف ميداني يصبح قاعدة عملية من دون تغطية بقرار سياسي، وتبين في النهاية أن هذا الامر غير ممكن، وان الفرنسيين فكروا بطريقة خاطئة وتراجعوا عندما أصدر مجلس الأمن بيانا يؤكد على القرار 1701 وانه لا يوجد تعديل في قواعد الاشتباك، اذن قصة قوات الطوارئ الدولية هي محصورة في الأمر المرتبط بوضع الجنوب في مواجهة اسرائيل ولا علاقة له بأي قضية أخرى سواء كانت العقوبات على إيران أو المحكمة الدولية أو أي أمر آخر، وإلا إذا أراد أحدهم رسم سيناريو وربط تلك الأحداث بكل ما يجري في الدنيا يصبح قصة للتوزيع.
الاتفاقية الأمنية مع فرنسا ومع أميركا
بعد الاحتدام السياسي المستمر حول الاتفاقية الأمنية مع أميركا، هناك احتدام آخر حول الاتفاقية الأمنية مع فرنسا، وهناك من يعتبر أن ذلك يؤثر على علاقات لبنان مع أصدقائه، والسؤال الذي يطرح نفسه ان للمعارضة وزراء في الحكومة، فلماذا لم يناقشوا هذه الاتفاقية قبل وصولها الى المجلس النيابي، هل وزراء المعارضة لا يتابعون ملفاتهم ومقصرون في أداء واجباتهم؟
النقاش داخل الحكومة لمثل هذه الملفات والاتفاقات أمر طبيعي، ولا يخفى أنه تمر أحيانا بعض الأمور التي لا تكون واضحة، أو يكون فيها سرعة بسبب إرسالها الى المجلس النيابي، حيث الوقت متاح داخل المجلس للمناقشة التي تمتد أحيانا إلى شهر أو شهرين أو ثلاثة في اللجان ثم في الهيئة العامة فيتمكن المعنيون من القراءة الدقيقة والمتابعة الدقيقة، تصور أن بنود جدول أعمال مجلس الوزراء توزع قبل 24 أو 48 ساعة على الوزراء، وهو يساوي بالكم الورقي أكثر من ألفي صفحة هل يمكن ان يدقق الإنسان بهذه السرعة وهذا الوقت القصير في كل شيء، تمر أحيانا بعض الأخطاء، فمثلا الاتفاقية الأمنية مع أميركا عنوانها «هبة أميركية» والهبة عادة تعطى من دون قيد أو شرط، في هذا الملف الذي جاء الى مجلس الوزراء كتب هبة أميركية، وذكرت تعديلات على هبة سابقة ولم توضع اتفاقية الهبة السابقة في داخل النص المرسل الى مجلس الوزراء، قرأ اخواننا النص فوجدوا ان لا شيء لا في الهبة ولا في التعديل فمرّ في مجلس الوزراء، وعندما ذهب الى المجلس النيابي، عاد الاخوة الى النص الأصلي الذي كان مقررا من قبل حكومة السنيورة منذ سنوات، وهو نص طويل، فتبين انه اتفاقية أمنية وليس هبة، إذن هنا حصل تدليس على الوزراء لأن الملف لم يعط لهم بشكل كامل ووافقوا على ما وصل اليهم، قد تقول لي انه كان على الوزير ان يبحث عن هذه الاتفاقية التي ورد رقمها من دون تفاصيلها، هذا صحيح وهذا خطأ، لكن لا يعني إذا مر علينا خطأ معين ألا نستدركه بعد ذلك، مادام مجلس النواب أيضا له صلاحية ان يقول رأيه.
الاتفاقية الفرنسية
أما الاتفاقية مع الفرنسيين، ففي مجلس الوزراء، أعطي تفويض لرئيس الحكومة أن يوقع مع الفرنسيين، وعادة تعطى تفويضات لرئيس الحكومة عندما يذهب الى بلدان مختلفة ان يوقع عددا من الاتفاقيات، جاء هذا الاتفاق بعد التفويض، وفيه كلمة عامة عن الارهاب لجهة التعاون في مسائل الإرهاب، وكل التفاصيل الأخرى لها علاقة بالمخدرات وما شابه، لم يعر الاخوة أهمية لهذا الموضوع في مجلس الوزراء ولكن عند النقاش التفصيلي تبين لنا وجود مشكلة لأن تعريف الإرهاب عند الفرنسيين غير تعريف الإرهاب عندنا، اليوم على لوائح الإرهاب عند الفرنسيين، حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية - القيادة العامة وعدد من المنظمات الفلسطينية، ولا نعلم إذا كان في يوم من الأيام يكون حزب الله على لائحة الإرهاب، وهذه القوى كلها موجودة في لبنان، هل تعني اتفاقية التعاون في مكافحة الإرهاب، ان تطالب فرنسا بمطالب لها علاقة بهذه المنظمات المدرجة عندها على لوائح الإرهاب، هذا سيوجد مشكلة كبيرة في البلد، كل ما طلبناه وضع تعريفنا للإرهاب في هذه الاتفاقية، نحن في لبنان نلتزم بتعريفنا كي لا يكون عنوان الإرهاب حاكما علينا، لأنه قد تأتي فرنسا في يوم من الأيام وتقول أنتم وقعتم على التعاون في مسألة الإرهاب، وعندما نختلف نعود الى مجلس الأمن، والتعريفات الدولية عن الإرهاب لا تميز بين المقاومة والإرهاب، ماذا نفعل؟ فنحن في الواقع حاولنا ان نستدرك خطأ حصل في مجلس الوزراء، فالاستدراك أفضل من أخذ البلد رهينة لقراراتهم، ثم سأقول لكم بصراحة: عندما تكون هناك اتفاقية أمنية بين لبنان وأميركا، ما فائدة لبنان؟! تستطيع أميركا ان تأكل كل لبنان بلقمة واحدة، لكن لبنان لا يستطيع ان يفعل شيئا مع أميركا، فنحن في لبنان هل نطلب منهم تسليمنا أفرادا أو ما شابه، ومع ذلك، أميركا دائما تقول لنا قوانينها وتفعل ما تشاء وتتصرف كما تشاء، إذن هذه الاتفاقية الأمنية تريدها أميركا لزيادة الخناق علينا، نحن نعترض على المداخل من الشبابيك بعدما عجزت أميركا وغيرها عن فرض الوصاية على لبنان وباق ما تبقى، فكل الأمور تسير بشكل طبيعي.
حقوق اللاجئين الفلسطينيين
أثار طرح موضوع الحقوق للاجئين الفلسطينيين من حيث التوقيت التباسات وأحدث انقساما طائفيا وسياسيا، وهناك معلومات عن اتجاه لإلغاء وكالة الأونروا التي تعنى باللاجئين الفلسطينيين خصوصا ان طرح موضوع الحقوق في هذه الفترة هو لتمكين الفلسطيني من استبدال المساعدات التي كان يحصل عليها من الأونروا من الدولة اللبنانية، وأيضا هناك اعتراض على مصطلح «حقوق» الذي يكرس مكتسبات من شأنها أن تطيح بحق العودة، ما موقف الحزب من هذه القضية؟
لا شك أن أميركا والدول الاوروبية يعملون ليل نهار لوضع الخطوات العملية لفرض التوطين سياسيا وعمليا في يوم من الايام وقد جرت أحاديث كثيرة بين بعض هذه الدول وبعض المسؤولين اللبنانيين حول ملف التوطين بشكل أو بآخر، لكن في المقابل موقفنا واضح ويوجد إجماع لبناني برفض التوطين ولكل أسبابه في الرفض، أما أسبابنا كحزب الله فلأننا نعتقد ان حق الفلسطينيين المشروع ان يعودوا الى أرضهم معززين مكرمين، وليس هناك أرض بديلة عن فلسطين. هناك حقوق انسانية للفلسطينيين يجب أن يحصلوا عليها، ولا يحق لنا تحت عنوان الهواجس والمخاوف واحتمالات التوطين ان نحرمهم من هذه الحقوق الانسانية، هم بشر واخوة من بلد مجاور تجمعنا معهم العروبة وقواسم مشتركة كثيرة، يكفي أن يجمعنا معهم الطابع الانساني، إذن علينا أن نفتش عن الطرق المناسبة لإعطائهم الحقوق الانسانية. هنا دور المسؤولين في لبنان، أن يجدوا صيغة تساعد على إبقاء السدود موجودة في وجه التوطين وفتح الابواب لإعطاء الحقوق الانسانية، وهذا ما سينتج ان شاء الله، عن النقاشات الجارية. فليس المطلوب ان نرفض الحقوق الانسانية بسبب الهواجس ولا أن نتصرف بطريقة تنسى أن هناك مخططا للتوطين. فمن هنا نحن نتعاون في مجلس النواب لنصل الى قرار قابل للتطبيق. أما توقيت الطرح والنوايا والابعاد، بكل صراحة أقول لك هذا لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد لأننا نحن نعلم أن قرار التوطين قرار سياسي عندما تنضج ظروفه الدولية والاقليمية وتكون هناك قدرة على إلزام لبنان، سيتصرفون على هذا الاساس، لن يسألوا لا عن رأينا ولا عن قناعات، وإذا كنا نحن في الداخل متماسكين منتبهين لهذا الموضوع سنشكل عائقا حقيقيا أمام التوطين، وفي رأيي المقاومة هي رأس الحربة الاساسية لمنع التوطين، لأنها ستمنع اسرائيل من أن تنجز حلا سياسيا يكون من مفرداته التوطين في لبنان، وأنا دائما كنت أقول من أراد رفض التوطين عمليا فعليه أن يكون مع المقاومة، لأن من سلم بالحلول السياسية يجب أن ينتظر بشكل طبيعي ان يكون التوطين تحصيل حاصل في لبنان، لأنه جزء من هذا الحل السياسي.
قوافل الحرية إلى غزة
وفي الموضوع الفلسطيني أيضا، كان حزب الله من أشد المتحمسين لتسيير قوافل مساعدات إنسانية الى غزة ما سبب التراجع الذي حصل، ألا ترى أن تركيا تركت وحيدة بعدما استهدفت من قبل إسرائيل لنصرتها قضية عربية؟
أعتقد أن حزب الله لا يحتاج الى شهادة بأنه مناصر ومؤيد وداعم للقضية الفلسطينية بكل الوسائل المتاحة وعلى رأسها ما حصل في غزة، هذا بالتطبيق العملي ربما يحصل على الأرض، ونحن أيدنا فكرة المساعدات الانسانية وسفن الحرية على قاعدة انه عمل من أعمال المقاومة، لكن هناك فرق بين ان تؤيد الفكرة وأن تساهم في تطبيقها، إذا ساهم حزب الله في تطبيق فكرة سفن الحرية سيؤدي بذلك دورا سلبيا ضد مصلحة الفكرة، لأن الحزب اتخذ خيارا في مواجهة اسرائيل هو الخيار العسكري وبالتالي سنعطي حجة لإسرائيل ان عناصر من حزب الله موجودون على متن هذه السفن وسنعرّضها لخسارة أهدافها بسبب تواجدنا في أسلوب يختلف عن الاسلوب الذي اعتمدناه، لذا قررنا كقيادة حزب الله ان نبتعد كليا عن أي علاقة بسفن الحرية لا دعما ولا عناصر ولا تنظيما ولا حثا ولا منعا، بحيث انه من أراد التعبير بهذه الطريقة الانسانية المدنية، فهذا شأنه وطريقته في العمل، لكن نحن لا ندخل كحزب بكل المعايير التي ذكرتها، حرصا على نجاح هذه الفكرة فيما لو قرر البعض القيام بها.
تأييد جامح للموقف التركي
أما سفينة «مرمرة» والأداء التركي فقد كان محل تأييد جامح من قبل حزب الله، الى درجة أننا أقمنا احتفالا لتركيا وشهدائها وأشدنا بموقفها وأكدنا أننا الى جانبها في هذا العمل ولا أعتقد انه كان مطلوبا منا ان نفعل اكثر من هذا، بل ما فعلناه كان مفاجئا للبعض، انه كيف يمكن لحزب الله أن يؤيد هذا الموقف التركي بهذا الاندفاع فأجبنا من يعنيه الأمر بأن كل ما يخدم الشعب الفلسطيني نحن معه باللقمة وبالكلمة وبالمال وبالسلاح وباستعادة الارض وبكل شيء، وكل جهة تعمل حسب قدراتها في العمل، فنحن كنا الى جانب تركيا لكن مشاركتنا المباشرة في سفن الحرية بالفكرة ونحن لا نريد أن نسبب ضررا لها، لمن يرغب ان يقوم بها.
حرب جديدة
في أجواء عدوان يوليو 2006، هل تخشون من حرب اسرائيلية جديدة في ظل تواصل الاستعدادات الاسرائيلية والتي يقابلها تعاظم قدرات حزب الله على المستويات كافة؟
نحن نميز بين التحليل السياسي وجهوزية المقاومة، بالتحليل السياسي نقول لا حرب قريبة، وبالجهوزية نقول لو وقعت الحرب غدا فنحن مستعدون لها، أما بالتحليل السياسي فكل المؤشرات تدل على أن اسرائيل عاجزة عن خوض حرب مضمونة النجاح، لا بل كل تقاريرهم وتحليلاتهم تقول ان أي حرب يمكن أن تقوم بها اسرائيل في هذه المرحلة، خسارتهم محتمة وأملهم بالربح ضعيف جدا، اذن ما المصلحة في ان تقوم اسرائيل الآن بمثل هذا العدوان وهي لا تتحمل نتيجة ثانية كنتيجة عدوان 2006، لذا فظروف الاستعداد الاسرائيلي لا تسمح بمثل هذه الحرب، يضاف اليها مستوى جهوزية حزب الله والواقع السياسي في داخل الكيان الاسرائيلي وإرباك الحكومة التجميعية، وطبيعة العلاقة بين اميركا واسرائيل وأولويات المواقف السياسية التي تهم أميركا في هذه المرحلة وتراعيها فيها اسرائيل مقابل أن تراعي أميركا اسرائيل في مزيد من التهديد وقمع الفلسطينيين وجعل المفاوضات غير مثمرة.
العلاقة مع مصر
هل هناك قنوات اتصال بينكم وبين مصر لإعادة التواصل مع مصر وهل هناك أطراف تدخلت من أجل ذلك؟
لا توجد اتصالات رسمية منسقة ومنظمة وإنما توجد رسائل متبادلة بين الحين والآخر من قبل بعض من نستمع إليهم ويستمع إليهم النظام المصري، وهي رسائل متباعدة، لكن الفحوى الرئيسية فيها هو عدم جعل الموضوع المرتبط بالمجاهد منصور قضية ساخنة سياسيا بيننا وبين القاهرة، بل ضرورة العمل على معالجتها بعيدا عن الإعلام، خاصة بعد صدور قرار المحكمة الذي لا استئناف له، إذن المسألة ترتبط بالقرار السياسي، بالعفو من قبل الرئيس المصري ولا أعلم الى أين يمكن ان تصل الأمور، لكن استطيع ان أقول اننا في اتجاه التهدئة السياسية التي مارسناها ومارستها القاهرة خلال كل هذه الفترة السابقة.
في ظل هذه الأجواء هل هناك خطة تحرك لقيادات من حزب الله باتجاه السفارات العربية في بيروت، أو حتى عبر الزيارات واللقاءات المباشرة، فدائما نرى قيادات حزب الله في ايران وسورية، لماذا لا تتحركون باتجاه دول الخليج والدول العربية الأخرى بشكل مباشر وهل هناك شيء من هذا التواصل أو التخطيط له؟
أي علاقة بين الحزب وأي دولة تتطلب رغبة من الطرفين لتوسيع هذه العلاقة، ونحن كحزب الله ليس لدينا تحفظ على تطوير العلاقة مع الدول العربية بشكل عام وقد سلكنا هذا المسلك وقمنا ببعض المبادرات ولكن لم تتطور أكثر بناء على رغبة أحد الطرفين وإلا فنحن كحزب الله حاضرون. واعطي أمثلة على ذلك أنا منذ سنتين قمت بزيارة للعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز وكان يحيط بهذه الزيارة رغبة بمزيد من تطوير العلاقات، استمرت العلاقة موجودة مع السفارة السعودية والسفير السعودي ونلتقي بين حين وآخر من خلال مسؤول العلاقات العربية لدينا، لكن أي مستوى أكثر من هذا يتطلب حديثا بين الطرفين حول المستويات المطلوبة، إذن استطيع ان أقول ان العلاقة مع السعودية عادية بناء على الرغبة بأن تكون عادية، ومنذ حوالي شهر تقريبا زار رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد دولة قطر وجلس مع أميرها ووزير الخارجية والمعنيين وعلاقتنا مع قطر جيدة، وأيضا ذهب مسؤول العلاقات العربية منذ شهر الى الجزائر وكان له بعض اللقاءات مع المنظمات هناك ومع الحزب الحاكم، كذلك المنظمات الشبابية في حزب الله تذهب الى تونس والمغرب والأردن وغيرها من الدول العربية، فنحن منفتحون على العلاقة، لكن هذه تحتاج الى رغبة من الطرفين لتطويرها، بالنهاية لتلك الدول حسابات قد لا ترغب في رفع المستوى أو المزيد من التواصل، نحن نحترم خصوصيات هذه الدول، لكن نحن كحزب الله مستعدون لانفتاح وتوسيع العلاقات مع الدول العربية التي ترغب في ذلك ونقدر لها ذلك عندما ترغب.
زيارة وفد نيابي حزبي إلى الكويت
ولا أكشف سرا إذا قلت ان لدى حزب الله نية أن يزور الكويت وفد برئاسة رئيس الكتلة النيابية الحاج محمد رعد للقاء رئيس مجلس النواب الكويتي والمسؤولين الكويتيين، وزراؤنا في الحكومة يذهبون الى كل الدول من دون تحفظ لكن كوزراء في الحكومة لها كأعضاء في حزب الله.
رحيل السيد فضل الله لا يعوض وهو دعامة للمقاومة
وفي مستهل الحوار أكد الشيخ قاسم أن حضور سماحة العلامة السيد فضل الله رحمه الله ورضوان الله تعالى عليه، كان له الأثر الكبير في الساحة على المستوى الثقافي والسياسي والاجتماعي، وبالتالي عندما فقدناه بالموت الذي نسلم فيه لله ولا نقول إلا (إنا لله وإنا إليه راجعون) سنكون فقدنا دعامة من دعامات المقاومة وبالتالي يجب ان نسلم للقدر ونحن مؤمنون بالله تعالى وان نتصرف بما يساعد على تنشيط قدراتنا وإمكاناتنا لمحاولة سد هذا الفراغ قدر الإمكان. في النهاية لا شيء يعوض هذه الخسارة.