أعلن نائب الأمين العام لـ «حزب اللّه» الشيخ نعيم قاسم، ان الحزب يتوقّع من الرئيس ميشال سليمان «ان يُسمع المسؤولين الاميركيين الذي سيلتقيهم في واشنطن، وهو ما قد تعوّدناه منه، لا ان يكتفي بان يستمع منهم».
وقال الشيخ قاسم في حديث الى «الراي»، عن موضوع الاستنابات السورية بحق فريق رئيس الحكومة سعد الحريري وعشية زيارته لدمشق، ان «الاستنابات القضائية لها علاقة بدعوى رفعها اللواء جميل السيد. ومن حقه ان يرفع دعوى في اي مكان يستطيع ان يطول الذين يعتبر انهم ظلموه. وهذا امر يختلف عن زيارة الرئيس الحريري التي هي وبسبب كونه رئيساً للحكومة ستحصل قريباً. فلا اعتقد ان الاستنابات ستؤثر على الزيارة».
وحول المواقف الأخيرة للبطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير من سلاح «حزب الله»، اعلن: «لا نريد الرد على البطريرك صفير ولدينا قرار في هذا الامر. وفي قناعتنا ان في لبنان جيشاً واحداً، وتوجد مقاومة، وهناك تنسيق بين هذا الجيش وهذه المقاومة، وهو امر لمصلحة لبنان». وفي سياق آخر، رأى قاسم ان ما سُجل من تحفظات عن بند المقاومة خلال جلسات مناقشة البيان الوزاري «هو اقرب الى الحال الاستعراضية التي تحكمها اعتبارات حزبية ومحلية خاصة».
وعن موقف للرئيس الايراني محمود احمد نجاد يقول فيه ان التدخل العسكري الاميركي في المنطقة هو لمنع ظهور الإمام المهدي المنتظر، رد: «لا ادري مدى دقة ما نُقل في وسائل الاعلام، لكن كل الذين يعملون في الساحة انما يعملون حسب تكليفهم وحسب قدراتهم واقتناعاتهم. اما ظهور الامام المهدي، فهو امر غيبي لا نعرف توقيته ولا نعرف ما هي العوامل التي ستؤدي في شكل مباشر الى سرعة ظهوره».
واستبعد حرباً اسرائيلية وشيكة على لبنان، لكنه اكد في الوقت نفسه «ان المقاومة تتصرف بجهوزيتها وكأن الحرب ستقع غداً (...)».
وفي ما يأتي نص الحديث:
• كرستْ مناقشات البيان الوزاري الانقسام حيال بند المقاومة رغم الثقة التاريخية للحكومة، علماً ان هذا البيان كان اقر الاختلاف حول المقاومة وسلاحها... هل يطعن التحفظ من وزراء ونواب على هذا البند بالشرعية السياسية للمقاومة؟
- اكتسبت المقاومة شرعيتها من التأييد الشعبي الواسع ومن الحاجة الفعلية اليها التي أثبتتها التجربة ومن الانجازات الكبيرة التي حصلت، سواء في التحرير العام 2000 او في صدّ العدوان الاسرائيلي العام 2006. واذا اجرينا استفتاء حقيقياً بين الناس لوجدنا ان هناك غالبية حقيقية توافق على استمرار المقاومة، هذا فيما لو تحدثنا عن إضافة الى الحق الطبيعي الذي لا يحتاج الى استفتاء.
يضاف الى ذلك، اننا سمعنا من قادة عدة في 14 مارس سابقاً، وعلى رأسهم دولة رئيس الحكومة سعد الحريري والاستاذ وليد جنبلاط - ونعرف ما يمثل كل منهما - انهما يؤيدان حق المقاومة وبالتحديد الاستمرارية الموجودة في «المقاومة الاسلامية» الى جانب الجيش اللبناني والشعب اللبناني، وذلك في انتظار ان تناقَش التفاصيل الاخرى في اطار البحث في الاستراتيجية الدفاعية المطروحة على طاولة الحوار، لنرى اذا كانت هناك حلول عملية بالتنسيق بين المقاومة والجيش غير ما هو قائم، او لمناقشة اي فكرة تُطرح وتوجِد حلاً لتحرير الارض من ناحية، ولمواجهة الخطر الاسرائيلي من ناحية اخرى.
وعلى هذا الاساس، نعتبر ان ما اشار اليه البعض عن تحفظات (على بند المقاومة) في اطار المناقشات التي حصلت في البرلمان هو اقرب الى الحال الاستعراضية التي تحكمها اعتبارات حزبية ومحلية خاصة، اكثر مما هي موقف سياسي فعال له تأييده او مناصروه بما يؤدي الى خلل في النظرة الى المقاومة.
وانطلاقاً من هنا، نعتبر ان بقاء النص المتعلق بالمقاومة اي البند السادس على حاله منذ احالته من لجنة صوغ البيان الوزاري مروراً باقراره في مجلس الوزراء وصولاً الى المناقشات في البرلمان والتصويت على الثقة، يعني ان هناك تسالماً على ان المقاومة امر له تأييد كبير وواسع. وعندما نالت الحكومة الثقة، حصل ذلك على اساس البيان الوزاري بكامله. وبالتالي نرى ان ما ورد في البيان الوزراي هو نوع من الاضافة المناسبة لمصلحة استمرار المقاومة وتأكيد الشعب اللبناني والمسؤولين تبنيها.
• وصفتم الاعتراض على بند المقاومة بانه «صراخ بلا فائدة» في حين ان «حزب الله» اقرّ بان سلاحه خلافي بدليل احالته على طاولة الحوار. الا يتناقض التنكر لوجود موقف آخر من السلاح مع هذا التوجه؟
- نقرّ بحق اي طرف في ان يعترض او يوافق على اي شيء. والاختلاف حق مشروع، ولكن عندما تكون هناك حكومة حصل لدى تشكيلها اتفاق سياسي واضح على ان المقاومة جزء لا يتجزأ من الحضور السياسي في تركيبة مجلس الوزراء كما الحضور الميداني في انتظار مناقشة الاستراتيجية الدفاعية، فهذا يعني ان لا معنى للصراخ المرتفع الذي لا محل له في بيانٍ نال الثقة في شكل كامل، اذ لا يوجد شيء اسمه نصف ثقة او ثلاثة ارباع ثقة. وبالتالي ما معنى هذه الاثارة التي توتّر الاجواء السياسية وتؤدي الى عصبية شعبية في بعض الاماكن، في حين اننا نحتاج الى العمل؟ وكنت اتمنى ان اسمع منافسة حقيقية حول ايصال الكهرباء الى كل بيت على مدار الساعة او معالجة مسألة البطالة، وغيرها من الهموم التي تثقل كاهل المواطن. ومن هنا اعتبرتُ ان ما جرى هو نوع من الاستعراض الذي ليست له فائدة عملية ولا مترتبات قانونية ولا سياسية. وبهذا المعنى يمكن القول رداً على السؤال اننا نوثق ما هو قائم، ولا نلغي فكرة الاختلاف الموجودة، ولكن بما اننا اتفقنا سابقاً على ان طاولة الحوار هي التي تحل موضوع الاستراتيجية الدفاعية، فبانتظار ذلك يفترض ألا نعرّي بلدنا ولا نخوض نقاشاً قد يعطي بعض الايحاءات الخاطئة للعدو في الوقت الذي نحن بحاجة جميعاً الى ان نؤكد ثباتنا وقوتنا وقدرتنا، كي لا يفكر العدو في الاعتداء على لبنان.
• كيف تفسرون تحفظ نواب من كتلة رئيس الحكومة على بند المقاومة؟
- اتمنى ان يُطلب التفسير من الرئيس الحريري، لان ما سمعناه منه في الغرف المغلقة وفي الاعلام يؤكد موافقته على المقاومة في هذه المرحلة وتبنيه لاستمراريتها، وهذا ما ظهر في شكل واضح في البيان الوزاري الذي يتحمل (الحريري) مسؤولية إعداده وتبنيه. لذا، افضّل ان يجيب رئيس الحكومة عن هذا الامر الذي أعطى مشهداً يضرّ بالصدقية ولكنه لا يؤثر على المسار.
• لماذا الاصرار على تضمين البيان بنداً حول المقاومة، فهل هي تحتاج الى إذْن؟
- المقاومة لا تحتاج الى اذن، ولكن عندما يكون للمقاومة غطاء شعبي وسياسي واسع، فهذا يحقق فائدة كبيرة للبنان. الغطاء الشعبي مؤمن، والغطاء السياسي كان موجوداً في كل الحكومة السابقة، وهذه نقطة ايجابية. ونحن من انصار فكرة عدم زجّ الدولة اللبنانية بتبعات المقاومة في ما يتعلق بمسؤوليتها وحركتها التي تحتاج الى نوع من المرونة، وفي آن معاً ان لا تتحمل الدولة على المستوى السياسي مسؤولية بعض الاعمال التي تقوم بها المقاومة. ونحن دائماً عندما نتحدث عن تأييد الدولة للمقاومة، انما نحرص على ان يكون ذلك في الحدود التي لا تحمّل الدولة مسؤولية المقاومة لا مادياً ولا عملياً، وانما بطبيعة الحال تحمّلها شيئاً من المسؤولية السياسية، اذ ان المقاومة في النهاية هي جزء من لبنان، والحكومة اللبنانية مسؤولة عما يجري وبالتالي يفترض ان تكون داعمة ومؤيدة للمقاومة. ولو لم تكن المقاومة قائمة، لكان على الحكومة ان تفكر كيف توجِدها، لان الجيش بتركيبته وامكاناته وظروف قوة اسرائيل غير العادية لا يمكن ان يواجه، في المدى المنظور على الاقل، عدواناً اسرائيلياً ولا سيما ان العدو يملك سلاح جو وقدرات كبيرة جداً زوّده اياها الاميركيون وغيرهم. وعلى هذا الاساس، لا نريد ان نعْرّض الجيش اللبناني لموقف صعب. وحتى لو اتخذت الحكومة اي قرار بان يتصدى الجيش (لعدوان)، فهو سيتحمل مسؤولية لا تنسجم مع الامكانات المتوافرة لديه. وبالتالي، فان وجود فاصل بين المقاومة والجيش وبين المقاومة بمسؤوليتها والحكومة اللبنانية في مسؤوليتها، يؤمن قدرة على تحقيق مكاسب من وجود المقاومة ويخفف السلبيات التي تنشأ فيها لو كانت الدولة هي التي تدير مباشرة الحركة التفصيلية للمقاومة. وهذا ما لمسناه خلال الفترة الطويلة من عملنا المقاوم، سواء في عدوان يوليو 2006 او عدوان يوليو 1993 او ابريل 1996 وغيرها من المراحل السابقة، اذ كانت هذه الخصوصية عامِلاً مساعِداً ويصبّ في مصلحة الدولة.
• اذا كان السيد حسن نصرالله يتحدث في الوثيقة السياسية عن مزاوجة بين المقاومة الشعبية والجيش، فكيف تفسرون اصراركم على الفصل بين المقاومة والشعب في البند السادس في عبارة لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته؟
- يجب التمييز بين المقاومة الشعبية وبين الشعب. عندما نقول الشعب، فهذا يعني كل الناس بصغارهم وكبارهم. وحين نقول مقاومة شعبية، فهذا يعني الناس القادرين على حمل السلاح والقتال. وبالتالي ليس هناك اي انتقاص اذا قلنا ان المقاومة الشعبية يؤيدها الشعب على اساس انها جزء منه. ولا يستطيع كل فرد في المجتمع ان يحمل السلاح ويقاتل، كما اننا لسنا في اطار التنظير لفكرة المقاومة التي لا تحمل السلاح، لانه في مواجهة اسرائيل لا حل الا بالقتال. اما ان القتال لا يكون وحده، فنحن نؤيد ذلك ويجب ان يكون كذلك. وعندما نتحدث عن مقاومة سياسية وثقافية واجتماعية وغيرها، فالمنخرطون في مثل هذا النوع من المقاومة نسميهم الشعب. فأن نضيف الى عبارة «الشعب» كلمة «مقاومة»، فلأننا بحاجة الى ان نميّز بكلمةٍ المقاومة المسلحة عن المقاومات الاخرى التي أشرتُ اليها، وذلك كي لا نقع في التباس ان لدينا مقاومة اخرى شعبية غير مسلحة فيُفهم تالياً ان لا حاجة الى المقاومة المسلحة. ونحن بحاجة الى التأكيد دائماً ان ما نقصده بالمقاومة هو المقاومة المسلحة اولاً، أما كل ما يحوط بتسمية المقاومة فهو عبارة عن دعائم ضروية للمقاومة المسلحة التي لا يمكن الاستغناء عنها.
• هناك هواجس لدى فئات من اللبنانيين بان المقاومة مختزلة بطائفة بات لديها فائض قوة يُترجم في اختلال موازين القوى الداخلية لمصلحة تغييرات بنيوية في النظام، الذي بدا انه يقوم على اساس الامر الواقع على الارض لا على مستوى اللعبة الديموقراطية؟
- بصريح العبارة، «المقاومة الاسلامية» اي «حزب الله» لم تستخدم قدرتها وامكاناتها لاي معادلة سياسية داخلية خلال كل الفترة السابقة ومنذ تأسيس «حزب الله» العام 1982، بدليل حصول الانتخابات النيابية في مراحل مختلفة وفق صناديق الاقتراع حيث كنا نربح في اماكن ونخسر في اخرى بحسب قوتنا الشعبية. ومارسنا العمل السياسي في الحكومة وكانت لنا وزارات، واتبعنا السبل القانونية في كل امر، ومناطقنا تجول فيها الدولة التي تحصّل الضرائب وتمارس سلطتها في اعتقال المرتكبين واحالتهم على القضاء الذي يقوم بدوره في هذا الاطار. اذاً هذه كلها عناوين تُظهر ان المقاومة لم تترك اثراً في معادلات الداخل السياسية ولم تغيّر حرفاً واحداً.
• (مقاطعين) وماذا عن 7 مايو 2008 الذي اعتُبر مدخلاً لاتفاق الدوحة الذي ارسى ما يشبه قواعد جديدة للنظام على اساس الثلث المعطل؟
- مَن يتحدث عن 7 مايو، ينسى ان هذا التاريخ هو رد فعل على 5 مايو الذي كان عدواناً حقيقياً على المقاومة وكان يشكل خطراً لجهة ان ينكشف ظهر هذه المقاومة لاسرائيل عبر حال نزاع بين الدولة والمقاومة، اي بين الجيش والمقاومة، اي بين الشعب والمقاومة. وهذا كله كان ليجرّ الى نتائج وخيمة تشكل فتنة في ذاتها. اذاً ما حصل في 7 مايو هو ردّ فعل موضعي ومحدود لم يستغرق اياماً، اذ بسرعة أعدنا الامور الى المعنيين والمسؤولين فتسلّم الجيش اللبناني الواقع الميداني بعدما نزل السلاح من الطرفين. وهنا يُطرح سؤال على الطرف الاخر هو من اين اتى بالسلاح وماذا كان يفعل في الساحة؟
اما بالنسبة الى ما بعد 7 مايو، فجاء اتفاق الدوحة الذي يمكن اعتباره مشرّفاً للجميع. وقد عالج هذا الاتفاق مشكلة مزمنة استمرت خلال كل فترة حكومة (الرئيس فؤاد) السنيورة الاولى ولم تعالَج. وكان هناك اعتصام في ساحتيْ الشهداء ورياض الصلح، وكان البلد معطلاً والحكومة تسير من دون وجود طائفة بكاملها خلافاً للدستور، وتعطلت كل المؤسسات الدستورية. اذاً كنا امام مأزق اسمه تعطيل البلد، وجاء اتفاق الدوحة ليقدم حلاً. ولو لم يحصل ذلك، لربما بقينا سنوات طويلة في عنق الزجاجة مع ما كان يحمله ذلك من اخطار ان يتطور المشهد الخلافي وتدخل جهاتٌ ودولٌ على خط تسعير الفتنة.
والحمد لله ان ما حصل في اتفاق الدوحة كان امراً ايجابياً ولم يعبّر عن خلل سياسي. اما الثلث الضامن فجاء لان لا قدرة لدى الطرف الاخر على ان يحكم البلد من دون الاخذ في الاعتبار القوى السياسية الاخرى الموجودة. والان لا يوجد اعتصام ولا منع شبكة الاتصالات ولا 7 مايو ولا امور توحي بشكل او بآخر ان للسلاح دوراً، فلماذا تم الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، ولماذا تم التعاون ونالت الحكومة ثقة غير مسبوقة؟. وهذا يدل على ان القوى السياسية الوازنة التي تتحمل مسؤولية في ادارة البلد مقتنعة بوجود قوى سياسية اخرى وازنة لا يمكن اغفالها في بلد مثل لبنان وفي تركيبة معقدة كالتي يعيشها لبنان، وان من يريد ان يحكم ويرعى مصالح الناس يحتاج الى تضافر الجهود. وهذا حصل بالنقاش وبالاتفاق وبجلسات طويلة وبحسب القنوات الدستورية المعروفة.
• ولكن بعض النواب اعتبروا ان البيان الوزاري وحتى تركيبة الحكومة مع ثلث معطل جاء وليد «تهديد السلاح» الحاضر دائماً في المعادلة وان من دون الضغظ على الزناد؟
- أعتقد ان محاولة البعض ربْط كل شيء بالسلاح والخوف منه تنمّ عن رؤية سياسية عاجزة تصوّب على السلاح لتغطي نفسها من الفشل السياسي في ادارة شؤونها مع جماعتها، فتلجأ الى التبرير بامر ليس واقعياً. وكنت استمع او اقرأ العديد من التصريحات التي اذا تحدث صاحبها عن الماء او الكهرباء او اي امر حتى لو كان في الصين، تجده يُدخل كلمة السلاح في بداية الكلام او منتصفه او نهايته ومن دون سياق مناسب، وذلك لمجرد ان هذا الكلام هو الوحيد الذي يبرر له عدم نجاحه وعدم قدرته على ان يكون مساهِماً فاعلاً في تركيبة لبنان.
• هل الطائفة الشيعية تشعر بانها مغبونة في نظام الطائف؟ وهل حصلت بالثلث المعطل على توقيعها على مراسيم تشكيل الحكومة كما قال النائب وليد جنبلاط؟
- لم نطرح هواجس لها علاقة باتفاق الطائف، ولم نطالب بتعديلات لصلاحيات نعتقدها تنفع الطائفة الشيعية وحُرمت منها في اتفاق الطائف. ولم نقارب هذا الموضوع خلال كل هذه السنوات، وهذا ينطبق علينا وعلى حركة «امل». ومَن يراجع الارشيف يجد ان اي مسؤول في الطائفة الشيعية لم يتحدث عن رغبة في تعديل اتفاق الطائف لتحسين موقع الطائفة الشيعية فيه.
وفي رأينا ان الميزة الموجودة عند الشيعة تكمن في ان تمثيلهم منحصر في شكل واسع بـ «حزب الله» وحركة «امل». وقد اثبتت الانتخابات النيابية الاخيرة هذا الامر، اذ راوحت النسبة التي حصلنا عليها من اصوات الطائفة الشيعية بين 92 و97 في المئة بحسب الاقضية. وهذه نسبة مرتفعة جداً وشبه اجماعية. وعندما نخوض النقاش السياسي حول تركيبة الحكومة او اي امر آخر، فانما يكون ذلك من موقع تمثيلنا الشعبي وليس من موقع اننا نتسلط على الطائفة الشيعية ونتحدث باسمها غصباً عنها. اما في الطوائف الاخرى، فهناك قوى وازنة ومهمة، ولكنها قد تصل في نسبة تمثيلها الى 60 او 70 في المئة، وتقابلها قوى اخرى تمثل 30 او 40 في المئة، وبالتالي لا توجد حصرية تقريبية في هذه الطوائف. لذا فان اي حكومة تحرص على مراعاة التوازن الطائفي في شكل او بآخر، لا يُعقل ان تتمثّل فيها الطائفة الشيعية الا بوزراء من هذين التنظيمين (حزب الله او امل)، في حين انه بالنسبة الى الطوائف الاخرى يمكن لرئيس الحكومة مثلاً ان يوزّر اذا أراد أطرافاً من النسب الاقل لانها ايضاً مهمة وموجودة. ومع ذلك، نلاحظ ان التشكيل الذي حصل في الحكومة الحالية اخذ في الاعتبار الغالبيات اكثر منها الاقليات داخل الطوائف. واذا كانت هناك اقلية داخل طائفتها، فهي دخلت الحكومة بسبب تحالفها مع الاخرين، كما حصل مع بعض اطراف «14 مارس» نتيجة تحالفها مع رئيس الحكومة.
وانطلاقاً من هنا، فان التعامل يتم مع جهات تمثيلية، وأرفض ان يقال ان هناك «فيتو» شيعياً، لان المسألة لا ترتبط باجتماع الطائفة على امر تواجهه او تتحد فيه، انما هناك قوى سياسية هي التي تمثل وتحاور من موقعها السياسي وليس من موقع الائتلاف الطائفي.
• ولكن يؤخذ عليكم انكم تتذرعون بالتوازن الطائفي لتحقيق توازن سياسي يتيح لطائفتكم الحصول على «الثلث المعطل» تحت مسمى اشراك حلفائكم من طوائف اخرى في الحكومة؟
- الثلث الضامن او العدد المؤثر في مجلس الوزراء هو لتحالف المعارضة المتنوع في تشكيلاته السياسية وطوائفه. فالمعارضة تضم الى «حزب الله» وحركة «امل»، «التيار الوطني الحر» وتيار «المردة» والارمن وآخرين. وبالتالي اذا كانت المعارضة فاعلة داخل الحكومة ومؤثرة، فهذا مرده الى وجود قوى سياسية تمثل طوائف مختلفة، فلماذا تحمَّل الطائفة الشيعية مسؤولية انها هي التي تقرر او تفعل ما تشاء. واحيلكم هنا الى كيفية تشكيل الحكومة، حيث كان البارز ان النقاش انحصر في مراحله الوسطى والاخيرة بالحصة المسيحية. وللطائفة المسيحية مَن يمثلها، ولا سيما العماد ميشال عون و«التيار الحر»، وفي النهاية المدخل الاساسي للاتفاق كان عبرهم، وبالتالي لماذا لا نقول انهم المؤثرون ويملكون صلاحية مهمة؟
في الواقع، نعتبر ان المعارضة هي تحالف يعطي بالتأكيد قوة لكل طرف فيه، ولكن لا نستطيع الحديث عن طرف يأخذ التحالف الى جانبه لان الامر هو نتيجة اتفاق.
• قالت الوثيقة السياسية ان تطبيق ديموقراطية الاكثرية والاقلية يقتضي الغاء الطائفية السياسية وانه في الانتظار تبقى الديموقراطية التوافقية، لكن بمفهومها القائم على الثلث المعطل وفق ما قرأ كثيرون... هل تعتبرون ان اي حكومة ضمن النظام الطائفي لا تقوم الا مع ثلث معطل ولا تكون إلا حكومة وحدة؟
- الوثيقة السياسية تعبّر عن رأينا كـ «حزب الله». وما نقوله انه اذا اردتم بلداً يتقدم خطوات الى الامام ولا تدخل اليه الفتن من كل حدب وصوب، فالحل الطبيعي هو الديموقراطية التوافقية. وجربنا هذا الامر بعد اتفاق الدوحة وفي هذه الحكومة، واتضح ان الديموقراطية التوافقية هي افضل الحلول التي تجعل البلد يسير رغم كل علاته القائمة. بينما جربنا الاستئثار الذي كان موجوداً قبل حكومة الوحدة الوطنية، فتعطل البلد والمؤسسات. اذاً عندما نطرح الديموقراطية التوافقية، نفعل ذلك اولاً لوجود تجربة اثبتت نجاحها، وثانياً لان الحلول الاخرى لا تنجز حكومات ولا تجعل البلد يسير بالاتجاه الصحيح. وهنا لا نفرض حلاً، بل نقول رأينا، واذا كان الاخرون لديهم رغبة بغير هذا الرأي، فليترجموه عملياً. مع العلم ان مشكلة البعض الان انهم منزعجون لان فكرتنا نجحت ولان ما طرحناه كانت له قابلية للتطبيق، في حين ان افكارهم فشلت واصطدمت بالجدران المختلفة وهم يردون السبب الينا. وما اقوله لهم فتِّشوا عن قدرة تمثيلكم وعن حلفائكم وعن العناوين التي يمكن ان تنجح في هذا البلد المعقّد والطائفي والذي ينطوي على معادلات تختلف عن كل دول العالم. وعندما يقول البعض انه في كل دول العالم لا توجد ديموقراطية مثل لبنان، فهذا صحيح، ولكن في كل بلدان العالم لا يوجود لبنان مثل لبنان، وبالتالي كل بلد يحتاج الى حلول تتلاءم مع تركيبته.
• كرستم فقرة قد تكون الاكبر في الوثيقة للغطرسة ومنطق الهيمنة الاستكبارية الاميركية حتى بدت اميركا الخطر الاكبر على العالم واسرائيل مجرد نقطة ارتكاز «للمشروع الاميركي الاستعماري والتفتيتي»، ودعوتم الى جبهة مواجهة عالمية وقلتم ان هذه معركة اجيال تستلزم الافادة من قوة مفترضة... هل تقصدون ان هناك وظيفة لسلاحكم تتعلق بمواجهة المشروع الاميركي ببُعده الاقتصادي والسياسي؟
- نتحدث في الوثيقة عن رؤية سياسية، ونوصّف الواقع كما هو ونقدم الاستنتاجات السياسية بحسب رؤيتنا ونعرضها للاخرين. ومَن يقرأ المشهد العالمي اليوم، يرى بما لا يقبل الشك ومن دون حاجة الى الكثير من التحليل ولا الادلة ان اميركا تهيمن على العالم وتستخدم قوتها العسكرية من منطقة الى اخرى لفرض سياساتها، وانها تحاول ان تبني تحالفات تكون فيها السيطرة والادارة لها، وانها تسخر مجلس الامن لخدمة مشروعها وتعطي كل شيء لاسرائيل مع علمها ان اسرائيل معتدية، غاصبة، تعيش على القتل والدمار ولا تستطيع بغيرهما.
اذاً نحن نقول ما هو واضح للناس. اميركا اعتدت على العراق بادعاء وجود اسلحة دمار شامل، وهو ما تم اكتشاف عدم وجوده بعد اعوام، فمَن يحاسب اميركا ويُدخل المعنيين الى السجون؟ مَن يقول لا؟ والان تحاول اميركا السيطرة على افغانستان وارسلت مجدداً 30 الف جندي ما عدا الـ 10 الاف من «الناتو». وعندما تقصف اميركا في افغانستان ويتبين ان القتلى من النساء والاطفال بالعشرات والمئات، تقدم اعتذاراً في بيان سياسي وينتهي الامر عند هذا الحد. فماذا نقول عن اميركا غير انها تحاول ان تهيمن وتفرض وجودها؟ وبالنسبة الينا اسرائيل عدو خطر يتلقى اوامره من الاميركيين ويتلقى كل الدعم منها.
حين نطرح جبهة عالمية لمواجهة الهيمنة الاميركية، لا نقصد تشكيل قوة عسكرية للمواجهة، انما نقصد وقفة شعبية وسياسية من القوى المختلفة في العالم تصرخ وترفض وتضع حداً لاميركا. فعندما ترى الأخيرة ان القوى المؤثرة في بلدان مختلفة ترفض هيمنتها، تتوقف عند حد ويصعب عليها ان تدخل الا من خلال الادوات المحلية في كل بلد. وعلى هذا الاساس نحن ندعو الى تحصين البلدان المختلفة كي لا يصلهم الوباء الاميركي. وهذا من الناحية السياسية امر مشروع. واذا تكاتفت الجهود يمكن ان تشكل ضغطاً اكبر، وقد اعلنا بوضوح مراراً وتكراراً ان عملنا المقاوم العسكري هو ضد اسرائيل لانها محتلة لارض نحن معنيون بها في شكل مباشر، اما اميركا فليس لدينا معها مشروع قتال وانما لنا موقف سياسي ندعو الى تعميمه في العالم لنستفيد من هذه القوة العالمية السياسية لردع اميركا.
• كيف تقرأون اذاً زيارة سليمان للولايات المتحدة؟
- الدولة اللبنانية لها اتصالات بالدول المختلفة ومن ضمنها اميركا. ومن الطبيعي ان يُجري رأس الدولة اللبنانية محادثات ولقاءات. والرئيس سليمان سيعبّر في النهاية عن موقف لبنان، وهو موقف واضح ضد الاحتلال الاسرائيلي ومع تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ومع استقلال لبنان. واعتقد ان الرئيس سليمان يستطيع ان يعبّر بدقة عن هذه المواقف التي أكد عليها مرات ومرات وشدد على دعمه لها. ونحن نتوقع من الرئيس سليمان ان يُسمعهم لا ان يكتفي بان يستمع اليهم، وهو ما قد تعوّدناه منه.
• لفت موقف للرئيس الايراني احمد نجاد يقول فيه ان التدخل العسكري الاميركي في المنطقة هو لمنع ظهور الإمام المهدي المنتظر. هل تشاطرونه هذا الاستنتاج؟
- لا ادري مدى دقة ما نُقل في وسائل الاعلام، لكن كل الذين يعملون في الساحة انما يعملون بحسب تكليفهم وبحسب قدراتهم واقتناعاتهم. اما ظهور الامام المهدي، فهو امر غيبي لا نعرف توقيته ولا نعرف ما هي العوامل التي ستؤدي في شكل مباشر الى سرعة ظهوره. نحن نملك عناوين عامة ولسنا مكلَّفين باكثر من ان نقوم بواجبنا الذي نقتنع به، لا ان نفتعل اموراً خارج هذه الدائرة.
انا لم أطّلع على الكلام، لكن اتوقع ان يكون السيد احمدي نجاد، رئيس الجمهورية الاسلامية في ايران، كشخص يؤمن بظهور الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، مستبشراً بخير الظهور في وقت من الاوقات، وهذا حق له ان يستبشر، اما العمل فله علاقة بالمعطيات والواجبات.
• ثمة من يرى ان السلاح لم يحم لبنان في 2006 بدليل الخراب الذي لحق بلبنان... ويقول البعض ان شرعنة السلاح في البيان الوزاري تشكل استدراجاً لعدوان اسرائيلي؟
- لو لم يقف «حزب الله» في عدوان يوليو 2006 وينجح ومعه الشعب اللبناني الابي والطيب وهذا الجيش الوطني، لكانت اسرائيل اليوم تسرح وتمرح في لبنان وربما تجاوزت العاصمة الى مكان آخر، ولكانت اسرائيل تقتل وتخطف. ويجب التذكير بان لاسرائيل مشروع قديم اسمه «انشاء مستوطنات في بعض قرى جنوب لبنان». فالذي منع كل المشروع الاسرائيلي بما فيه التوطين، الذي يُعتبر جزءاً لا يتجزأ من خطة اسرائيل الحالية والمستقبلية، هو صمود هذه المقاومة وطرد اسرائيل من لبنان. ودليلنا على ذلك هو ما حصل في اجتياح العام 1982 واجتياح العام 1978. ففي الاجتياحين، وجدنا ان اسرائيل دخلت وبقيت لسنوات طويلة. 22 عاماً وهي داخل الاراضي اللبنانية، ولم يكن هناك مبرر لذلك سوى رغبتها باخذ قسم من الارض والسيطرة على المياه والتحكم بالمسار السياسي في لبنان والتمهيد للتوطين. ما فعله «حزب الله» انه قضى على هذه الاحلام الاسرائيلية واصبحت اسرائيل تفكر بشيء آخر غير هذه الامور. اصبحت تفكر بان هل وجود «حزب الله» يؤثر على مشروعها في داخل فلسطين؟ فبدل ان تفكر في ان تأخذ مشروعاً من لبنان ونحن نتصرف بردة فعل، اصبحنا اليوم اصحاب الفعل الذين يمنعون اسرائيل من ان تجرّنا الى ما تريد، وتالياً فان هذا الانتصار الكبير وفرّ علينا الكثير. واسرائيل تحسب اليوم الف حساب للبنان ولم تعد قادرة على ان تتصرف وكأنه غير موجود.
• اسرائيل تتحدث بلغة يشتمّ منها انها جدية عن حرب في الربيع على «حزب الله»... ما تقويمكم لذلك فهل من حرب وشيكة؟ وما مدى جهوزيتكم؟
- نعتقد كـ «حزب الله» ان لا حرب اسرائيلية وشيكة على لبنان، لكننا نتصرف بجهوزيتنا وكأن الحرب ستقع غداً. ويجب ان نميّز بين الرؤية السياسية والاستعداد الضروري، لان اسرائيل وإن لم تخض حرباً قريبة على لبنان، لكنها في ادائها وتدريباتها وتجهيزها، وفي وجودها بالاصل، هي كيان يفكر دائماً بالسيطرة وكسر القوة المحيطة به ليكون الاقوى ويفرض شروطه السياسية. يعني ان فكرة الحرب الاسرائيلية على لبنان موجودة دائماً في الاجندة الاسرائيلية، ويبقى التوقيت. نحن نعتقد ان قوتنا تؤجل التوقيت، والظروف الداخلية في اسرائيل مع ظروف اميركا تؤجل التوقيت. واذا استمررنا على هذه الحال ربما يكون التأجيل طويلاً ولا اعلم ما يمكن ان يحصل بعد ذلك. لكن على مستوى الاستعداد فنحن نستعد خوفاً من المفاجآت. وهذا ما كنا نقوله قبل عام 2006 حين كنا نتحدث عن اننا مستعدون، وعندما هاجمتنا اسرائيل تبين ان استعدادنا كان قائماً.
• تراكم اسرائيل بعض الوقائع كـ «مضبطة اتهام» للايحاء بهشاشة القرار 1701، من خربة سلم، الى طيرفلسيه، الى صواريخ حولا... كيف تقرأون هذه المعطيات وهل انتم جاهزون لحرب بلا جهات؟ اي حرب مفتوحة وغير محددة جغرافياً تستهدف كل لبنان؟
- نحن نتحرك على ارض واقعية، وتالياً نفهم ماذا تفعل اسرائيل. وفي استطاعتنا ان نكون مواكبين تماماً للفعل ولردة الفعل. ونحن منذ اللحظة الاولى لاحظنا ان اسرائيل لم تلتزم بالقرار 1701. واقول الان ان اسرائيل لم تلتزم يوماً واحداً بهذا القرار، وتالياً هو غير موجود بالنسبة اليها بدليل العشرة الاف خرق جوي ما عدا شبكات التجسس وغيرها.
وكيان العدو لا يحتاج الى ان يراكم علينا ادلة. فاذا اتخذ قراراً بالحرب سيتحجج، كما قلت يوماً، بان دجاجة لبنانية دخلت الاراضي الفلسطينية المحتلة ولم يسحبها لبنان في الوقت المناسب وتشن حرباً. فكل ذلك لا علاقة له بالحرب، فالحرب قرار سياسي اكبر من احداث محدودة لا قيمة لها.
• ثمة من يرى ان صفير يصر على وضع ملف سلاح «حزب الله» في الصدارة، انطلاقاً من انه «لا يوجد بلد في العالم فيه جيشان، واحد وطني وجيش مقاومة يدير سلاحه تارة نحو العدو وتارة نحو الداخل»، كيف تنظرون الى ذلك؟
- لا نريد الرد على البطريرك صفير ولدينا قرار في هذا الامر. وفي قناعتنا ان في لبنان جيشاً واحداً، وتوجد مقاومة، وهناك تنسيق بين هذا الجيش وهذه المقاومة، وهو امر لمصلحة لبنان.
• كيف قرأتم موضوع الاستنابات السورية بحق فريق رئيس الحكومة عشية زيارته لدمشق؟
- الاستنابات القضائية لها علاقة بدعوى رفعها اللواء جميل السيد. ومن حقه ان يرفع دعوى في اي مكان يستطيع ان يطول الذين يعتبر انهم ظلموه. وهذا امر يختلف عن زيارة الرئيس الحريري التي هي وبسبب كونه رئيساً للحكومة ستحصل قريباً. فلا اعتقد ان الاستنابات ستؤثر على الزيارة.
• هل انتم مع اقتصار طاولة الحوار على مناقشة الاستراتيجية الدفاعية ام مع ان تشمل ملفات اخرى؟
- ليس لدينا اي شيء خاص مطروح. نعتبر ان طاولة الحوار ستبحث الاستراتيجية الدفاعية، لكن لا نعلم كيف سيدير رئيس الجمهورية هذا الامر وكيف سيتفاهم الاطراف على طاولة الحوار. ونحن مع ما يتفقون عليه.