مقابلات

المقابلة التي أجرتها معه وكالة الانباء الإيرانية في 28/12/2008

لبنان ليس في دائرة خطر الاشتباك الداخلي

- برأيكم ما هي اهم وابرز الانجازات التي حققتها الثورة الاسلامية على الصعيد العلمي والانساني ؟

استطاعت الثورة الاسلامية في إيران أت تقدم نموذجاً جديداً في منطقتنا بعد الانتكاسات الكبيرة التي أصابت المنطقة، بسبب الاستكبار والحروب والتقسيم والتجزئة، ووجود حكام مؤمورين من قبل الاستكبار العالمي، ومن الانجازات المهمة أن الجمهورية الاسلامية استطاعت على المستوى العلمي أن تحقق تقدم باهر، سواء في المسألة الطبية أو في الموضوع النووي أو في الانجازات المختلفة التي أعلنت عنها في مجالات البيئة والاعمار، وكذلك في المجالات التنظيمية والادارية العامة، أما على المستوى الانساني فيكفي هذا الوضع التكافلي الموجود، إضافة لرعاية حاجات الانسان بشكل عام، ونحن نعتبر أن إنجازات الجمهورية الاسلامية المقنَّنة والمعروفة التي تُنشر في وسائل الاعلام الايرانية كفيلة بأن تسلِّط الضوء بشكل مباشر، لأن هذه التفاصيل من المهم أن تبرز للرأي العام العالمي.

2- كيف تقيمون الدور الايراني في لبنان والمنطقة وعموماً ؟

منذ اليوم الأول للثورة الاسلامية المباركة في إيران أعلن الامام الخميني (قده) أنه مع حركة مقاومة الشعوب ضد الاحتلال والظلم ومع عودة الاسلام للحياة، ونحن نرى أن إيران تقف إلى جانب المقاومة الاسلامية في لبنان وإلى جانب لبنان في حقه باستعادة أراضيه، وإلى جانب المقاومة الفلسطينية وحقِّها باستعادة فلسطين والقدس الشريف، وحق كل الجهات التي تعمل لطرد الاستكبار ومنها الجهات العراقية في مواجهة الاحتلال الأمريكي، وكذلك في دعم الموقف السوري الصامد، إضافة للعمل الدؤوب للتنسيق بين إيران ودول الخليج في مواجهة التحديات المختلفة، وعليه نرى أن إيران إنما تقوم بدور الداعم لحقوق شعوب المنطقة وتؤثر في معادلة حماية هذه المنطقة من التوغل الأمريكي والإسرائيلي، وتعمل على بناء منظومة من العلاقات السياسية والتعاون الذي يؤدي إلى استقلال المنطقة ودولها عن الهيمنة الأجنبية.

3- كيف تنظرون إلى التدخلات الاميركية في الشأن الداخلي اللبناني, والانحياز الاميركي الصريح تجاه أحد أطراف الداخل (قوى 14شباط) ؟

لم يعد خافياً أن أمريكا دخلت في المسألة اللبنانية وتدخلت في الشأن اللبناني بشكل كبير جداً منذ أواخر عام 2004 عندما أصدر مجلس الأمن بطلب من أمريك وفرنسا القرار 1559، الذي يتدخل في شأن انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية، وكذلك في طلب خروج القوات السورية من لبنان، وأكد على منع المقاومة وتدخل في شأن السلاح الفلسطيني في داخل المخيمات وفي خارجها. إذاً منذ تلك اللحظة بدأ التدخل الأمريكي بشكل كبير جداً، وسخَّرت أمريكا مجلس الأمن والدول الكبرى لقلب الموازين الداخلية، ودعمت الحكومة اللبنانية الموالية لقوى 14 آذار، وكانت تصدر التصريحات المختلفة وكانت تجري الزيارات المختلفة، بل وأُعطيَ الدعم المالي والسياسي والمعنوي الكبير جداً من أجل ضرب المقاومة في لبنان ومن أجل ربط لبنان بالوصاية الأمريكية، بل وصلت أمريكا إلى حدِّ أن أمرت إسرائيل بالعدوان الكبير في تموز 2006 لتغيير موازين القوى في لبنان، وهذا التغيير يعني أن تستفيد قوى 14 آذار، إضافة لتحقيق إسرائيل أهدافها في منع وجود إي مقاومة على حدود فلسطين من جهة لبنان، لكن الحمد لله لم تستطع أمريكا أن تحقق ما تريد، فالعدوان الاسرائيلي فشل وانتصرت المقاومة وجيش لبنان وشعبه، وكذلك لمس بشكل مباشر أطراف 14 آذار أنهم غير قادرين أن يسوقوا البلد إلى حيث يريدون، فاضطروا لأن يكونوا مع المعارضة في صياغة اتفاق الدوحة الذي فتح المجال لمرحلة جديدة أنهت المرحلة السابقة التي استمرت ثلاث سنوات في الضغط المكثف في الاتجاه الذي يؤدي للوصاية الأمريكية.

4- في موضوع التحضير للانتخابات النيابية في لبنان يوجه البعض الاتهام لقوى المعارضة بالسعي لتاجيل هذه الانتخابات بزعم انها تتخوف من عدم الفوز باكثرية في المجلس المقبل, في حين يعلم الجميع أن إرجاء الانتخابات يصب في مصلحة قوى 14شباط لان التاجيل يحفظ لها الاكثرية الحالية , كيف تنظرون إلى هذه الاتهامات وما هي توقعاتكم للانتخابات المقبلة؟

سأكون واضحاً، كل القوى في لبنان ترغب في حصول الانتخابات النيابية في وقتها، وأنا هنا لن أتهم جماعة 14 آذار بأنهم يريدون التأجيل لأنهم يريدون إنجازها في وقتها، وكذلك قوى المعارضة ترغب بإنجازها في وقتها، والسبب الأساسي في هذا الموضوع أن حسابات قوى المعارضة وكذلك قوى الموالاة تقول بأن كل طرف من الطرفين يعتقد بأنه سينال الأغلبية، وبالتالي هناك أمل بالفوز لدى المعارضة وأمل بالفوز لدى الموالاة، خاصة أن عدد المقاعد التي يمكن أن يفوز بها أحد الطرفين هي قليلة في ميزان الأغلبية، يعني المجلس النيابي مؤلف من 128 عضواً، والنصف هو 64 عضواً، أتوقع أن أي فائز من الطرفين سينال ما بين مقعدين إلى أربعة مقاعدة إضافية، أي سيكون له 66 أو 68 نائباً، أي أن الأغلبية ليست أغلبية كبيرة وستكون أغلبية بسيطة، وهذا ما يُبرز الحيرة في من يمكن أن يكون فائزاً، على كل حال حاولت جماعة 14 آذار أن تتهمنا كمعارضة بأننا نريد أن نؤجل أو أن نحدث بعض الخلل، لكن هذا الأمر لم يعد مطروحاً اليوم، والكل يعلم أن الانتخابات هي مصلحة للجميع بسبب هذا الأمل الموجود عند الأطراف المختلفة، ونأمل أن تفوز المعارضة في الانتخابات.

5- في ظل استمرار الخلافات السياسية وتوقعات بعض الاطراف بعودة الاغتيالات الي الساحة اللبنانية, هل تعتبرون إن لبنان لا يزال ضمن دائرة خطر الاشتباك الداخلي ؟.

بكل صراحة لبنان ليس في دائرة خطر الاشتباك الداخلي، بل أعتبر أن ما حصل من بعض التوترات الأمنية الداخلية كان عبارة عن محطة استثنائية طارئة محدودة غير قابلة للتوسع، لأنه لا يوجد قرار عند المعارضة بأي فتنة داخلية، ولا توجد استطاعة عند الموالاة بالقيام بمثل هذا العمل الواسع، لذا ستبقى الساحة معرَّضة لبعض التوترات البسيطة التي يمكن أن تحصل من قِبل طابور خامس أو من قِبل أي طرف من الأطراف، لكن لا أتوقع أن تكون هناك اشتباكات داخلية أو فتنة كبيرة أو ما شابه، يبدو أننا من الآن وحتى الانتخابات النيابية سنكون في دائرة الاهتمام جميعاً بالانتخابات ونتائجها، نعم لا يستطيع أحد أن يضمن ما يمكن أن يحصل من بعض الاحداث، هذه أمور مرهونة بالأطراف التي يمكن أن تفكر بالقيام بعمل ما في لبنان، لكن أعتقد أن أي شيء ممكن أن يحصل بهذا المستوى من الحديث عن اغتيالات أو ما شابه، هذا لن يعدِّل من ميزان القوى في الساحة وهو غير نافع ولا أعلم إذا كان البعض سيقوم به أم لا.

6- ما هو رد حزب الله علي التهديدات الصهيونية المتجددة بشن عدوان جديد علي لبنان ؟ وهل ترون أن العدو بات مستعداً لمغامرة عدوانية جديدة في لبنان؟

التهديدات الاسرائيلية المتجددة على لبنان بشن عدوان جديد هي تهديدات انتخابية في الواقع، لأن أثر الاعتداء على لبنان سيكون ضد إسرائيل وليس ضد المقاومة في لبنان، خاصة أن تجربتهم في عدوان تموز أثبتت فشلاً كبيراً لا زالت تداعياته حتى الآن على كل المستويات العسكرية والسياسية والشعبية، إذاً ما هو عنوان العدوان الاسرائيلي، وكيف يمكن أن تستثمره إسرائيل؟ سيكون واضحاً وبارزاً أنها ستدخل في مغامرة غير مفيدة في نتائجها، وبالتالي أستبعد أن يكون هناك عدوان على لبنان، مع كل ذلك المقاومة كانت تقول دائماً وتكرر بأنها ستكون مستعدة لأي عدوان وأي احتمال مغامرة، خشية أن نرتاح ونطمئن فنُفاجأ بمباغتة معينة من قِبل إسرائيل، هذا العدو يجب أن نبقى متربِّصين له، وهذا التربُّص بحدِّ ذاته يخفف من احتمالات العدوان ويبعد هذا الاحتمال.

7- كيف تقيمون الوضع الفلسطيني لجهة الضغوط المستمرة على حركة حماس صهيونياً عبر العدوان المستمر علي قطاع غزة وفلسطيمياً عبر موضوع الانتخابات الرئاسية وغيرها؟

بدأ العدوان الاسرائيلي على غزة منذ بداية حصارها، وهو يستهدف تركيع حماس والفصائل الفلسطينية لتعديل موقفها السياسي باتجاه القبول بالتسوية ضمن الشروط الاسرائيلية لكاملة، وهذا العدوان الهمجي الذي يحمل صورة الجريمة بحق الشعب الفلسطيني ليس عدواناً صهيونياً فقط، بل هو عدوان دولي بغطاء من أمريكا والدول الكبرى مدعوماً من بعض الدول العربية لترجيح الاستسلام وضرب جذور المقاومة في فلسطين، لكننا مؤمنون بأن الحق الفلسطيني أقوى، وأن الشعب الفلسطيني المجاهد الذي قاوم وصمد لأكثر من ستين سنة ولا زال يقدِّم ويُعطي لا بد أن ينتصر في هذه المعركة لمنع اسرائيل من تحقيق أهدافها الأساسية التي تتمحور حول القضاء على المقاومة وفرض شروط الاستسلام. إن الموقف الرسمي العربي إجمالاً ساعد العدوان بشكل مباشر أو غير مباشر، ولو كانت صرختهم وموقفهم أعلى وأصلب لما تجرأت اسرائيل على هذا المستوى من الإجرام، ولم نسمع رداً على أولمرت وبشكل عملي عندما قال بأن بعض العرب يشجِّعونه على القضاء على حماس. إن الجميع شعوباً وحكومات مدعوون إلى تقديم النصرة والعون والدعم بأشكاله كافة إلى أهل غزة الشرفاء الذين أثبتوا للعالم بأنهم على ضعفهم أقوياء، وعلى ضيق مساحتهم الجغرافية متمسِّكون بالأرض، وعلى الرغم من التضحيات الكبيرة مستعدُّون للأكثر. نحن نرى كحزب الله أن ما يجري من عدوان غاشم على غزة يحمل الخطوات والأهداف نفسها التي جرت في عدوان تموز 2006 على لبنان، وبما أن العدو واحد بأساليبه وأهدافه، والمقاومة واحدة بروحيَّتها وصلابة شبابها وشعبها وسلامة أهدافها في تحرير الأرض وعزة الانسان فإننا نأمل من الله تعالى أن يحقِّق لغزة النصر بإفشال مخططات الصهاينة كما تحقق في لبنان بالانتصار الإلهي الكبير.