مقابلات

المقابلة التي أجرتها معه صحيفة الوطن القطرية في 15/11/2008

الانتخابات النيابية القادمة سيكون لها تأثير على الوضع المستقبلي اللبناني

س1- مؤخراً تم اكتشاف مجموعة من الحركات الإرهابية ، هل لهذه الحركات علاقة باغتيال الحاج عماد مغنية؟

مسار التحقيق في اغتيال الشهيد عماد مغنية يمكن أن تنفعه مسألة علي الجراح بإضافة معطيات جديدة أو مكملة، ولا أعلم إذا كانت ستؤدي إلى المزيد من المعطيات المؤثرة للتحقيق، يجب أن ننتظر حتى تستكمل هذه المسألة، ولكن الواضح أن الشبكات الإسرائيلية شبكات موجودة ومنتشرة وهي تعمل في لبنان وسوريا، وأماكن أخرى في المنطقة، وهي عادة ما تكون شبكات منقطعة عن بعضها البعض، واتصالها يكون بشكل مباشر مع الموساد الإسرائيلي، بحيث لا تعرف الشبكة الأولى الشبكة الثانية ، وبالتالي يكون تجميع المعلومات والإدارة من الرصد إلى المتابعة إلى التنفيذ عند الموساد الذي يتابع هذه الشبكات الصغيرة والمتخصصة بجزء من النشاط من دون أن تعرف باقي النشاط. على كل حال مسار التحقيق في اغتيال الشهيد القائد عماد مغنية مستمر، وعندما تتضح كل التفاصيل ستعلن بشكل واضح ، لكن المؤكد بالنسبة إلينا ويزداد تأكيداً يوماً بعد يوم هو أن العمل هو عمل إسرائيلي، بصرف النظر عمن يمكن أن يكون مساهماً في هذا العمل، ولكن الإدارة والتنفيذ من إسرائيل بشكل مباشر، وهذا ليس فيه أدنى شك بناءً على مجموعة من المعطيات التي ستكشف لاحقاً إن شاء الله.

س2- هل هذا هو زمن اكتشاف الشبكات الإرهابية ؟

يجب أن نميز بين نوعين من الشبكات التي اكتشفت في الآونة الأخيرة، النوع الأول هو الشبكة الإسرائيلية التي يرأسها علي الجراح وهذه الشبكة لها طريقتها وآلياتها وقد تمَّ اكتشافها بمعزل عن الشبكات الأخرى التي لها علاقة بفتح الإسلام ومن معهم. والنوع الثاني هو شبكات فتح الإسلام الموجودة في لبنان، والتي كانت محل متابعة ولكن يبدو أن الاعترافات التي حصلت وأعلن عنها في التلفزيون السوري سرَّعت في كشف بعض الأسماء وضغطت باتجاه المزيد من التحرك، وكان لدى المخابرات اللبنانية بعض الخيوط التي استكملتها بطريقة أو بأخرى فوصلت إلى هذا الشكل من الاعتقال، وأعتقد أن أعمال شبكات فتح الإسلام هي التي كشفت خيوطها، لأن كل عمل تقوم به الشبكة يترك آثاراً معينة يسبب خيطاً أو مقدمة في بعض الأخطاء أو الالتباسات التي تمكِّن المخابرات أن تلاحق هذا الخيط فتصل إلى نتائج من الصعب الوصول إليها من دون التحرك والقيام بعمل ما، وأعتقد أن الأسماء والأشخاص معروفون لدى المخابرات المختصة سواء أكانت لبنانية أو سورية، لكن مبرر الاعتقال لا بدَّ أن يكون له مقدمات، وأن يشعر الطرف الآخر بحالة من الراحة والاطمئنان من أجل أن يتصرف بشكل طبيعي لتكون عليه الاثباتات اللازمة، هذا ما حصل في الآونة الأخير وبما أنَّ التفجير حصل في طرابلس ثم حصل في سوريا انكشفت بعض الخيوط التي أدت إلى هذا القيام.

س3- بعض اللبنانيين يشككون في الاعترافات التي حصلت مؤخراً ، هل تعتقد أن مثل هذه المواقف هي محاولة لحرف الأنظار عن هذه القضية؟

ما حصل من اعترافات في التلفزيون السوري له مصداقية معينة، لأنه يتحدث عن أسماء ووقائع وأحداث، وكذلك عن أشياء حسية موجودة، ومن أجل معرفة كامل الصورة لا بدَّ من استكمال التحقيقات عن طريق القضاء، ولا بد من وجود تنسيق لبناني سوري لاستكمال المعلومات الموجودة عند الطرفين من أجل تكملة الصورة، لأن جزء الصورة موجود في سوريا والجزء الآخر موجود في لبنان بسبب توزع العناصر بين هذين البلدين، أتصور أن الحل الطبيعي في مثل هذه الحالة هو أن تستكمل الأمور بتنسيق أمني وقضائي بين لبنان وسوريا يساعد على جمع الملف ليصبح ملفاً واحداً يُدار من خلال الجهات المختصة في كل من البلدين، عندها يمكن أن نصل إلى الحقيقة النهائية، لأنه لا يمكن الاعتماد على الفلاشات الإعلامية فقط، كما لا يمكن الاعتماد على الاعتراضات السياسية كحل نهائي لمثل هذه الحالات، نحن نعلم أن المسار القضائي هو الحل الطبيعي للوصول إلى استكمال المعطيات، لكن بطبيعة الحال الواضح أنه يوجد معلومات ومقدمات صحيحة وواقعية وأن فتح الإسلام متورطة في أعمال موجودة على الساحة اللبنانية أمَّا ما هي حدودها؟ وكم هي سعتها؟ ومن هي الأطراف المتورطة معها؟ هذه الأمور تُستكمل عبر التحقيقات المختلفة ولكل معلومة وثيقتها وأدلتها التي تثبت صحتها أو خطأها. أنا أدعو إلى متابعة الأمور قضائياً وإلى إخراج الموضوع من دائرة الاتهامات السياسية وترك المسألة تصل إلى نهايتها لكن هذا بالتأكيد يتطلب تعاوناً لبنانياً سورياً حتى تصبح الصورة واضحة تماماً ويطمئن الجميع.

س4- لماذا هذه الضجة حول زيارة الوزير بارود إلى سوريا؟

لا أعلم أنه كيف يمكن أن تكون هناك مطالبة بعلاقات لبنانية سورية طبيعية، وأن يكون هناك تمثيلاً دبلوماسياً لبنانياً في سوريا وسورياً في لبنان لبلدين متجاورين إلاَّ بالتنسيق الأمني والاقتصادي والسياسي وأمور أخرى تكون لمصلحة البلدين، ويستطيع أي بلد أن يرفض أي خطوة لا تصب في مصلحته. الأمر الثاني الوزير بارود ذهب إلى سوريا بقرار من مجلس الوزراء ومجلس الوزراء اليوم هو حكومة وحدة وطنية أي أن كل الأطراف موجودون في داخل مجلس الوزراء، فما الذي تغير حتى يصبح الوزير بارود مرتكباً لعمل مخالف للإجماع الوطني وتحصل هذه الهجمات عليه، نعم حصل الأمر بالتزامن مع إعلان سوريا عن الشبكات الأمنية لفتح الإسلام، ولكن ما العلاقة بين زيارة وزير الداخلية الذي يريد أن ينسق مع السوريين بناءً على طلب مجلس الوزراء، وحادثة قد يكون لها وجهات متباينة أو مختلفة على الساحة اللبنانية؟، الأمر الثالث الوزير بارود كان واضحاً فهو استنتج من اللقاء أنه توجد ضرورة للجنة أمنية لبنانية سورية لمعالجة التداخل في الملفات المشتركة، وهو لم يعطِ جواباً نهائياً على هذا الاقتراح، وطلب أن يأخذ موافقة مجلس الوزراء اللبناني، إذاً لم يحصل شيء بعد، ومجلس الوزراء هو الذي يقرر أن ينشئ هذه اللجنة أم لا، أتصور أن هذه الهجمة موجهة بشكل أساس ضد رئيس الجمهورية لأنه هو من أخذ السبق في فتح العلاقة مع سوريا، واستطاع أن يذلل عقبات تراكم ثلاث سنوات معقدة بين البلدين الجارين، وأراد أن يترجم هذا الأمر بتطبيق التنسيق في المجالات المختلفة وكانت هذه الزيارات وفاتحتها زيارة وزير الداخلية من أجل التنسيق بين البلدين، يبدو أن هذا المسار لا يعجب فريق 14 آذار، وما حصل في الفترة الأخيرة من هجمة على وزير الداخلية هي عرقلة للعلاقات اللبنانية السورية التي هي مطلب للجميع، والتي هي أساس في معالجة المشاكل العالقة، وإلاَّ كيف نحل قضايانا بين لبنان سوريا إذا كنا في الخلاف لا نصل إلى نتيجة، واللقاء واللجان ممنوعة، فإذاً كيف يمكن أن نصل إلى نتيجة، هذه الهجمة على وزير الداخلية نقطة ضعف عند الطرف الآخر، لأنه يلجأ إلى الوسيلة السلبية في رفض كل شيء من دون أن يقدم حلولاً عملية، هناك سؤال مركزي: كيف نكشف الشبكات الموجودة بشكل مشترك بين لبنان وسوريا؟ وكيف نجنب لبنان تفجيرات إضافية؟ وفي آنٍ معاً كيف تتجنب سوريا مثل هذه التفجيرات؟ والتهمة القائمة أن وجود المعابر بين لبنان وسوريا تساعد على تنتقل هذه الشبكات والقيام بأعمال ذات طابع مشترك بين البلدين من هذه الشبكات، فكيف يمكن معالجة هذه المواضيع من دون تنسيق أو من دون تبادل معلومات، ومن دون وضع خطط ينفذها الجانب السوري في بلده وينفذها الجانب اللبناني في لبنان من أجل التضييق على حركة هذه الشبكات، أتصور أن الضجة في غير محلها، وهي تستهدف دحض بعض التهم بطريقة سياسية ولكن ليست هذه هي الطريقة الصحيحة، فالطريقة الصحيحة أن يطالبوا الكل باستكمال المعلومات عبر القضاء للوصول إلى نتيجة ، وبالعكس عندما يكون هناك اشتراك بالتنسيق بين القضاء اللبناني والقضاء السوري هذا يتيح للقضاء اللبناني أن يطلع على كامل الملف، وبالتالي يستطيع أن يبرئ من يعتقد نفسه بريئاً ويتهم من يكون مداناً، فالهجمة تدل على أن هناك من لا يريد العلاقة بين لبنان وسريا، وإنما كانت فكرة العلاقات الدبلوماسية هي بالون اختبار ظنَّ البعض أن سوريا لن تعترف، ولكن عندما قبلت أُحرجوا، من يوافق على العلاقات الدبلوماسية يجب أن يوافق على مترتباتها، ومترتباتها التعاون والتنسيق واللجان المشتركة، من هنا أنا أعتقد أنها زوبعة سرعان ما تمر .

س5- هل أصبح لبنان بمنأى عن التدخلات الخارجية؟

لا نستطيع أن نجرد ما يحصل في لبنان من اعتراضات وانتقادات عما يمكن أن تكون بعض الدوائر العربية أو الإسلامية منه براء أو تنتقم من خلاله، لبنان لا يتصرف من خلال الأطراف فيه بجزيرة منعزلة، وبالتالي نحن نعلم كلما كانت التوترات العربية والظروف الدولية الموجودة معقدة كلما كان التأثير من خلال بعض المواقف وبعض الإشارات التي تحصل بشكلٍ أو بآخر، أتمنى أن يعمل الجميع لمصلحة لبنان، ومصلحة لبنان أن تكون علاقتنا مع سوريا علاقة طبيعية وأن نتابع حياتنا من دون أن يكون لبنان منصة إطلاق على سوريا ولا أن يكون بوابة للتشفي من الوضع في سوريا.

س6- ما هو وضع المخيمات في لبنان، وهل هي قابلة للتفجير، وخاصة مخيم عين الحلوة الذي يحكى عنه بأنه أصبح ملجأ للفارين؟

معلوماتي أن الفلسطينيين وخاصة في مخيم عين الحلوة حريصون جداً على أن لا تكبر الأمور وأن لا تتوتر وتصل إلى ما وصلت إليه الأمور في مخيم نهر البارد، وهناك بعض الإجراءات التي يقومون بها من أجل أن يتجنبوا مثل هذه النتيجة المرَّة على الفلسطينيين، لا يوجد رابح إذا لا سمح الله حصل شبيه ما حصل في مخيم نهر البارد، فالكل سيخسر، وبالتالي الأمور تأخذ هذا المنحى ولكن أن نبقى حذرين ونتوقع الأيادي العابثة التي لا تهتم بالمخيم ولا بالوضع الفلسطيني المريح فهذا أمر موجود، نريد أن نكون حذرين وأن لا نطمئن بأنه بالتأكيد لن يحصل في مخيم عين الحلوة ما حصل في مخيم نهر البارد، بل يجب أن نعمل على أن هذا الأمر قد يجروننا إليه فإذاً كيف نتفاداه حتى لا يحصل؟ هذه مسؤولية الفصائل الفلسطينية بالدرجة الأولى لتنتبه ولتنقي وضعها الداخلي من الحسابات التي تستهدف ضرب الاستقرار في لبنان وسوريا، أو تصفية الحسابات لاعتبارات ضيقة، في النهاية يجب أن يكون هم المخيم هو القضية الفلسطينية، والقضية الفلسطينية تعني قضية فلسطين وتعني الإعداد لحق العودة، وتعني العمل من أجل أن لا يتدخل الفلسطينيون في الشأن اللبناني، ولا يدفعون ثمن التعقيدات اللبنانية، أمَّا أن يتحول المخيم إلى وكر لبعض الجماعات التي لا تفكر إلاَّ بالقتل والتفجير وتصفية الحسابات على حساب الفلسطينيين وعلى حساب الآخرين فهذا خطأ، لا أعتقد أن مخيم عين الحلوة في دائرة الخطر الشديد ولكن هو في دائرة الحذر وهنا أداء الفصائل يريح أو يُخرج عين الحلوة من الخطر الداهم.

س7- ما هي أهداف المناورات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة؟

أعتقد أن المناورات في هذه المرحلة تستهدف بشكل أساس أمرين: الأمر الأول ترميم الوضع النفسي والمعنوي للإسرائيليين، وإشعارهم أن جيشهم المهزوم يستعيد عافيته ويحاول أن يتفادى أخطاء الماضي، ويعد نفسه لأي احتمال قادم، ويعود إلى قدرة الردع التي طالما تباهى بها الإسرائيلي قبل هذا الانكسار الكبير الذي حصل في عدوان تموز سنة 2006. والأمر الثاني له طابع انتخابي على قاعدة أن رفع السقف في إبراز القوة يساعد الأطراف التي ترفع هذا السقف على مزيد من الكسب الشعبي الإسرائيلي للانتخابات خاصة مع التنافس الحاد الموجود بين الليكود والعمل وكديما، وإذا راقبنا الأفراد الذين يصرحون سنجدهم من هذه الفئات الثلاثة، وسنجد أيضاً أن تصريحاتهم يغلب عليها العنترية وتجاوز اللياقة الدبلوماسية لمصلحة الشحن وإبراز القوة والتهديد للطرف الآخر، وأنَّ إسرائيل تستعيد عافيتها برجال أقوياء يستطيعون خوض المعركة والنجاح فيها وهذه دعايات انتخابية يحتاجونها، ولكن لا يبدو أن الأمور متجهة إلى عمل عسكري في هذه المرحلة لأن إسرائيل غير جاهزة، وفي المقابل المقاومة في أعلى جهوزية لها، وبالتالي هم يعلمون تماماً إذا ما فكروا في أي عدوان فهم سيكونون أمام مغامرة مكلفة وعسيرة أكثر مما كانت عليه الأمور في تموز 2006.

س8- المصالحات الداخلية في لبنان تجري، ولكن هناك من المفترض أن تستكمل أين أصبحت هذه المحطات، خاصة مع تيار المستقبل؟

بالنسبة لنا كحزب الله نعتبر أن كل خطوات المصالحات المطلوبة حصلت وتمت وهي تسير في المسار الطبيعي، وبالتالي لا يوجد أزمة علاقة مع أي طرف من الأطراف، كما لا يوجد توتر في العلاقة بعد هذه المصالحات التي حصلت، نعم الاختلاف السياسي هو أمر قائم وسيبقى وهو طبيعي سواءً تجسد في الخلاف الانتخابي أو ببعض التصريحات حول التعليق على المواقف المختلفة، لكن ما أفادت به هذه المصالحات أنها رفعت العنوان المذهبي من التداول ووجهت الخلاف إلى طابعه السياسي الحقيقي وهذا إنجاز كبير، فمثلاً على صعيد تيار المستقبل بعد اللقاء الذي حصل بين سماحة الأمين العام والنائب سعد الحريري أُقفل هذا الملف المتوتر بالكامل تقريباً، وهناك بعض اللقاءات التي تحصل ميدانياً على الأرض لمنع الإشكالات التي يمكن أن تحصل بشكل عفوي ، ومنذ اللقاء حتى الآن نحن لم نسمع بأي حادث أو مشكل والأمور حتى على المستوى الإعلامي ابتعدت عن التوتر بين الحزب وتيار المستقبل، وهذه نقطة إيجابية لمصلحة الطرفين. أمَّا في العلاقة مع السيد وليد جنبلاط فالمصالحات التي حصلت في الجبل برعاية الوزير طلال إرسلان أفضت إلى إراحة كل الأجواء، وحصلت لقاءات طالبية ومناطقية لتنفيس الاحتقان على مستوى الأفراد وأيضاً لمعالجة الإشكالات التي يمكن أن تقع، وفي هذا المجال الأمور عادية وطبيعية. وأمَّا مع السلفيين فقد أعلنا مع قسم منهم الوثيقة المشهورة ثمَّ مورست ضغوطات سلفية أخرى على من اتفقنا معهم فتجمدت ، ولكن نحن نقدر ظروف من جمدها ممن اتفقوا معنا على قاعدة أن هناك من لا يريد أن يرفع العنوان المذهبي من التداول، أو له رؤية أخرى في كيفية التعاطي مع حزب الله، نحن نترك الأمور للمستقبل، ولا نعتقد أنه يوجد مشكلة في هذا المجال، لأن المشاكل الحارة كانت موجودة مع تيار المستقبل ولم تكن لنا مشاكل في الأصل مع التيار السلفي ولم يكن هناك محل للاحتكاك، إنما دخل التيار السلفي من بوابة طرابلس والمشكلة التي حصلت مع تيار المستقبل، فطالما حل الأصل الذي هو العلاقة مع تيار المستقبل لم يعد هناك مشكلة حقيقية أو فعَّالة في مواجهة التيار السلفي لأنه لم تكن هناك مشكلة قائمة بيننا في الأصل. إذا رسمنا هذه الصورة الثلاثية سنجد أن حزب الله استطاع أن يتفادى المأزق المذهبي الذي حاول بعض الأطراف أن يضعه فيه، واستطاع أن يعيد الخلاف إلى محلة الطبيعي وهو العنوان السياسي، وطالما قلنا أن الخلاف سياسي وليس مذهبياً بناءً عليه نحن نتابع في الساحة بشكل عادي وطبيعي.

س9- بالنسبة للانتخابات ، هناك كلام كثير بأن المعارضة ستكتسح والموالاة نفس الشيء، ما هو تقييمكم الشخصي لأجواء المعركة الانتخابية؟

لا أخفيك بأني مسرور ومرتاح لأن كل من الطرفين الموالاة والمعارضة يعتقدون بأن الغلبة ستكون لهم، هذا الأمر يعطي الأمل للطرفين للنجاح، فتتحول الانتخابات إلى مطلب للطرفين، وبالتالي تصبح فرصة إنجاز ها ونجاحها فرصة قوية جداً في مواجهة أولئك الذين ربما لا يرغبون بالانتخابات النيابية، والسبب في هذه الرؤية عند المعارضة والموالاة أن الفارق في عدد النواب عند نجاح أي طرف من الطرفين باتجاه الأكثرية سيكون فارقاً قليلاً، يعني هناك احتمال أن تكون المعارضة فوق النصف أي فوق الـ 64 نائباً بثلاثة أو أربعة أو خمسة نواب، وكذلك تتأمل الموالاة أن يكون عندها فوق الـ 64 نائباً بثلاثة أو أربعة أو خمسة نواب، بل حتى في بعض الأحيان يطمح كل منهما إلى فارق بنائب واحد من أجل أن يأخذ الأغلبية في مجلس النواب، فالأمور ليست بعيدة جداً والفوارق ليست كبيرة، والدوائر التي يحصل فيها التنافس هي ثلاث أو أربع دوائر فقط، وهي التي يمكن أن ترجح كفة أحد الطرفين، أعتبر أنه نعمة أن يتصور كل من الطرفين بأنه سينجح لأن هذا الأمر سيساهم بنجاح خطوات الانتخابات، فلننتظر ونرى من الذي سيربح وتكون له الأغلبية، لكن المنافسة الانتخابية في هذه الدوائر خاصة منافسة شديدة، والمال الانتخابي مال كثير وبدأ يصرف علناً بعناوين اجتماعية وإنسانية ودعم بطرق مختلفة، ولكن في النهاية الانتخابات النيابية القادمة سيكون لها تأثير على الوضع المستقبلي اللبناني، ومن الآن حتى الانتخابات النيابية يبدو أن المسار هو مسار التهدئة نظراً للأمل الموجود بأن يكون هناك شيء، إضافة إلى أن الظروف الإقليمية والدولية في حالة غيبوبة بسبب التعقيدات الموجودة إسرائيلياً وعربياً ودولياً. أمَّا قصة الكتلة الوسطية فأعتقد أن كل طرف من طرفي الموالاة والمعارضة سيفكر كيف لا تكون هذه الكتلة الوسطية (إن وجدت) مؤثرة على أغلبيته.

س10- هل سيحصل تغيير ما بسبب انتخاب أوباما؟

هذا التغيير في الولايات المتحدة سيُحدث تغييراً ما ولو على المستوى الشكلي بالمرحلة الأولى، لأن أوباما سيطرح آلية عمل وأساليب عمل تبدو مخالفة بالشكل وفي التطبيق لبوش، أي أن بوش أخذ مسار الحرب ابتداءاً وأوباما سيأخذ مسار التسوية السياسية ابتداءاً، ولكن في نهاية المطاف يمكن أن يصل أوباما إلى ما وصل إليه بوش، فإذاً سيظهر بعض التغير الشكلي ولكن ليس معلوماً أن تتغير السياسات، خاصة عندما نتحدث عن المسألة الإسرائيلية فالجمهوريون والديمقراطيون يملكون نفس العقلية، الفرق أن الجمهوريين اندفعوا أكثر في دعم إسرائيل خلال هذه الفترة واستخدموا إسرائيل للحرب على لبنان، قد لا يلجأ الديمقراطيون إلى هذا المسار على الأقل في سنة حكمهم الأولى، من المبكر إعطاء موقف نهائي ولكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن أمريكا تعيش حالة من الإرباك، عندها وضع مالي صعب ، وأصبحت صورتها في العالم سيئة ، وهي منهزمة في العراق، وفاشلة في معالجة القضية الفلسطينية، ولا تستطيع أن تمسك القضايا في العالم بشكل دقيق، إذاً أمام أوباما مجموعة من التعقيدات التي عليه أن يفكر فيها ، هذا سيأخذ بعض الوقت الذي يستمر بين تشكيل الإدارة لعدة أشهر وبداية بعض الخطط لعدة أشهر أخرى، أي يمكن أن نلحظ سنة كاملة لولاية أوباما فيها شكل من التغيير ولكن هل يكون تغييراً حقيقياً على مسار الولايات المتحدة أم لا؟ يجب أن ننتظر ولا أحد يستطيع أن يحسم الأمور، ولكن علينا أن نكون دائماً على حذر من الموقف الأمريكي ما لم نرى تغييراً حقيقياً على الأرض، وتغييراً في السياسة على مستوى العالم وهذا يحتاج دليل.

س11- هل حصلت انتخابات لحزب الله للشورى الجديدة، وماذا عن وجود مراكز قوى في الحزب،وتعيينات سرية لها علاقة بمستقبل الحزب؟

لم يتم مؤتمر حزب الله للانتخاب حتى الآن، لأن وقتها لم يحن بعد ، وعادة لا نذكر التوقيت الدقيق لهذا المؤتمر لاعتبارات أمنية، وعندما ننجزه خلال أيام نعلن تركيبة الشورى الجديدة وبعض الأمور الأخرى التي نريد إعلانها، لذا هذه التحليلات التي تحدثت عن انتهاء المؤتمر ونتائج انتخابية للمؤتمر غير صحيحة لأنه لم يحن الوقت بعد لهذا المؤتمر.

والأمر الثاني هناك دوائر استكبارية واستخبارية ترغب أن تُحدث بلبلة في الرأي العام المحب لحزب الله فتتحدث عن خلافات ومراكز قوى، وفي الواقع حزب الله حزب متماسك وقوي ومنسجم على مستوى القيادة والقاعدة ودليلي على هذا أن هذه الفترة الطويلة للحزب أثبتت أن ما جرى الحديث عنه قبل سنة أو سنتين أو ثلاثة أو أربعة من خلافات ومحاور تبيَّن عدم وجودها على المستوى العملي على الإطلاق، وعادة أي خلاف إذا كان موجوداً لا بدَّ أن يبرز على السطح وأن تنعكس آثاره في المواقف المختلفة، ونحن لا نخفي أنه في أحد المرات حصل خلاف في زمن الشيخ صبحي طفيلي وبرز على السطح وانتهت المسألة من وقتها، فإذاً عملياً لا يوجد خلاف ولا أي محاور ولا أي مشاكل، وبالعكس الوضع متماسك جداً والجسم يعمل كماكينة واحدة متفاعلة .

الأمر الثالث : كيف يكون لدى الحزب تعيينات خفية أو خلافة مستقبلية أو تهيئة رموز هذه الأمور غير موجودة ، عندنا آلية طبيعية عبر الانتخابات ، تأتي هذه الانتخابات بالشورى ، الشورى تنتخب الأمين العام وباقي الأعضاء بالصفات المختلفة للمجالس المختلفة، عندما يتم الانتخاب في الشورى وتوزع الصلاحيات بانتخابات داخل الشورى تعلن أمام الرأي العام، ليس هناك صورة أخرى وليس هناك تركيبة أخرى، وليس هناك احتمالات معينة مستقبلية، كل ما عندنا يأخذ مساره في وقته وإنشاء الله سنعلن عندما يحين وقت المؤتمر النتائج الانتخابية.

لا أتوقع أن تتغير الصورة العامة للشورى والمواقع الرئيسة، ولكن علينا أن نصبر حتى تحصل الانتخابات كي لا نستبق الأمور.