مقابلات

المقابلة التي أجرتها معه صحيفة أوان الكويتية في 13/9/2008

لا عودة الى " التحالف الرباعي".. وسنحافظ على تحالفاتنا الحالية بما يريح الساحة من أي توتر أو ضوضاء

 *لا قرار سياسياً حتى الآن عند "المستقبل" بإنعقاد اللقاء بين نصرالله والحريري.

*"مصالحة طرابلس" فرضها واقعٌ عبثي وإهتمام دولي ينذر بتدخلات خارجية.

*التفاهمات والإتفاقات التي تؤدّي الى معاكسة إتجاه الفتنة السنيّة- الشيعيّة أمر إيجابي.

*حرب جورجيا أضعفت إحتمال الحرب على إيران.. وإسرائيل غير قادرة على مهاجمة لبنان وسوريا.

*لا يمكن الحديث عن عودة الحرب الباردة.. لكن آحادية أميركا غير مرتاحة روسياً واوروبياً.

*قدّمنا إنتصاراً على إسرائيل.. فليُرِنا الآخرون كيف يتصرّفون معها.

بيروت ـ طارق ترشيشي

من عالم التخصّص في الكيمياء، جاء نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم الى "عالم الدين والدولة"، أي الى عالم الدين والسياسة.. فهو في موقعه الحزبي والسياسي هذا منذ العام 1991 بلا إنقطاع، وبلا منازع داخل الحزب الذي ينتمي إليه.. خطيب منابر، سريع بديهة، قارىءٌ نَهِم، متابع دؤوب للأحداث، لا يتردّد في الإجابة على ما يُطرح عليه من أسئلة، مهما كانت محرجة.. بعيد عن الإنفعال، ويمزج بمهارة بين التبليغ الديني والعمل السياسي، ليصوغ نصّاً جامعاً بين الدين والسياسة في محاكاة الواقع والتعاطي مع قضايا المجتمع على كل المستويات.

فالشيخ قاسم يعتبر أن المصالحة التي حصلت في طرابلس فرضتها مشاكل تلك المدينة، والتي تحوّلت "واقعاً عبثياً لا فائدة منه لأحد"، إضافة الى "الإهتمام الإقليمي والدولي الذي بدأ ينذر بإمكانية تدخّلات سياسيّة قد تجعل من طرابلس مسرحاً لأمور خارجة عن قدرة طرابلس ولبنان".. لكنه يرهن نجاح المصالحة بـ"جديّة الإلتزام" بالميثاق الموقّع. ويرى أن تعبير الرئيس السوري بشار الأسد عن "القلق" على الوضع في شمال لبنان "شكّل عاملاً من عوامل الدفع نحو هذه المصالحة".

ولا يُقفل قاسم الباب أمام الوثيقة المجمّدة التي وقّعها "حزب الله" أخيراً مع مجموعة من الحركات السلفيّة، ولكنه يميّز بين هذه "الحركات الفكرية" وبين "حركات سلفية تكفيرية"، ويقول إن "كل التفاهمات والإتفاقات التي تؤدّي الى معاكسة إتجاه الفتنة السنيّة- الشيعيّة هي أمر إيجابي وجيّد يجب أن نعمل عليه في مختلف الإتجاهات".

ويرمي قاسم كرة المصالحة بين "حزب الله" وتيار "المستقبل" في ملعب الأخير، مشيراً الى أن الحزب أبدى "الرغبة في العلاقة التي تؤسّس لمزيد من التلاقي والمصالحة"، ومعتبراً "أننا أمام مرحلة جديدة لا معنى فيها لأي توتير سياسي".

ويردّ قاسم على المطالبة بـ"الإعتذار" من بيروت، نتيجة ما حصل فيها في 7 أيار/ مايو الفائت، بأن المقاومة "تعتبر أنها إعتُديَ عليها في بيروت"، لكنه يقول إن المعالجة لا تتمّ بـ"التحديات الإعلامية وبإستدراج التحريض المذهبي"، وإنما بـ"لقاءات ثنائية، تُطرح فيها كل الهواجس والإشكالات والمؤاخذات". ويعتبر ان اللقاء بين الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري "يعالج 90 في المئة من المشكلة.. وما تبقى يُعالج بالنقاش" لكن "لا يوجد قرار سياسي" عند "المستقبل" بحصول هذا اللقاء "حتى الآن". ويكرر ان لا عودة الى "التحالف الرباعي" الذي حصل في انتخابات 2005 بين "حزب الله" و"المستقبل" وحركة "أمل" والحزب التقدمي الاشتراكي.

ويعتقد قاسم أن نتائج الحرب في جورجيا تجعل من المبكر الحديث عن عودة "الحرب الباردة"، لكن "يمكن القول إن آحادية اميركا ليست مرتاحة تماماً" من الجانب الروسي والطموح الاوروبي. ويؤكد ان تلك الحرب "أضعفت" إحتمال الحرب الاميركية على ايران، وفي الوقت نفسه فإن اسرائيل ليست في وضع يمكنها ان تشن حرباً على سوريا ولبنان.

ويرد قاسم على الرجل الثاني في تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري بقوله ان "حزب الله" لم ينتصر على اسرائيل وانه جاء بـ"15 ألف جندي صليبي ( اليونيفيل)" مما منع المواجهة مع اسرائيل، فيقول: "نحن كنَّا نخوض حرباً قاسية لم يخُضها المراقبون بالمناظير"، ويضيف: "نحن عملنا ما علينا، وقدّمنا إنتصاراً لم يستطع أحد من العرب أو المسلمين أن يسجّله خلال 60 عاماً من الإحتلال الإسرائيلي.. فليرِنا الآخرون كيف يتصرّفون مع إسرائيل، وما هي مساهماتهم في مواجهتها، وما هي إنجازاتهم في حروبهم معها أو مواجهتهم لها، وهل أن فلسطين هي في الأولويّة؟".

في هذه الحوار مع "أوان" يلقي الشيخ قاسم الضوء على مجمل القضايا المطروحة، محلياً وإقليمياً ودولياً، إنطلاقاً من نظرة "حزب الله" الى ما يجري، وربطاً بالأحداث اللبنانية الجارية والمتخذة ابعاداً وخلفيات متعددة . وهنا وقائع الحوار:

واقع عبثي لا فائدة منه

* هل يمكن البناء على "مصالحة طرابلس" لإجراء مصالحة وطنية شاملة، لا سيما في بيروت، أم أنها تنطلق من خلفيات إقليميّة كما يقول البعض، وان القوى الاقليمية اللاعبة على ساحة لبنان هي التي فرضتها؟

ـ المصالحة في طرابلس أمر جيّد، نشجّعه وندعو الى تعميمه، لأننا نعتبر أن ما حصل هناك، خلال الأشهر السابقة، لم يكن له أي مبرّر وأي أفق سياسي في خدمة لبنان.. وبصرف النظر عن العوامل الخارجية أو الداخلية، لا شكّ أن هناك لعبة خرجت من سيطرة لاعبيها، ودخلت أطراف كثيرة على الخط.. وعندما نتحدّث عن الجهات المتضرّرة أو المستفيدة، سنجد أن عددها كثير لا يتجانس مع طبيعة الواقع الطرابلسي والشمالي، ولا يفترض أن تأخذ الأمور هذا المنحى.. ما يدلّ على أن الجهات التي حاولت أن تلعب بمصير طرابلس، لم تكن جهة واحدة، وإنما كانت جهات متعدّدة، خارجية وداخلية في آن معاً، ولم يكن هناك مشروع سياسي يستلزم مثل هذه الإثارة المذهبيّة والطائفيّة، والتي تفاقمت الى درجة كبيرة.

من هنا يصعب أن نردّ أمر المصالحة الى أمر واحد، فهناك مجموعة أسباب أدّت الى هذه النتيجة، منها أن المشاكل في طرابلس تحوّلت الى واقع عبثي لا فائدة منه لأحد، ومنها الإهتمام الإقليمي والدولي الذي بدأ ينذر بإمكانية تدخلات سياسيّة قد تجعل من طرابلس مسرحاً لأمور خارجة عن قدرة طرابلس ولبنان على تحمّلها.. والأمر الثالث أن الأطراف التي توقّعت أن مثل هذه المشاكل يمكن أن تعطيها دفعاً وزخماً، إنكشفت أمام الرأي العام أنها لن تستفيد من الإستمرار في هذا الإتجاه.

من هنا، أنا أعتبر أنها صفحة سوداء نتمنّى أن تذهب الى غير رجعة.. لكن، هل تستقرّ الأمور، أم لا؟.. هذا رهن بجديّة الإلتزام بالميثاق الذي صدر عن إجتماع الأمس، كذلك في التعويض عن الأضرار التي أصابت الناس في جبل محسن والتبّانة من أجل إلتئام هذا الجرح.. والمطلوب، أيضاً، سحب فتائل التفجير وعناصر التوتير، سواء كانت ميدانيّة من خلال تواجد بعض المجموعات التي لا تنضبط، أو من خلال التصريحات والمواقف السياسية التي تشحن الساحة بطريقة أو بأخرى.

وأنا، هنا، أتحدّث عن أمل بأن تعالَج الأمور، لكن لا أحد يستطيع أن يجزم إلا بعد مرور وقت حتى نرى ما هي الإنعكاسات العمليّة لبنود الميثاق الذي تمّ توقيعه.

* البعض يقول إن كلام الرئيس السوري بشار الأسد هو من فرض المصالحة، باعتبار أن

ـ يمكننا القول إن كلام الرئيس الأسد شكّل عاملاً من عوامل الدفع في إتجاه المصالحة التي حصلت، لكنه ليس العامل الوحيد ولا نستطيع أن نصنّفه في دائرة العامل الأساس أو العامل التفصيلي، لأن هناك مجموعة عوامل مؤثّرة، ومنها إنسداد الأفق وعبثيّة الإستمرار في هذه الطريقة وبروز جهات ميدانيّة تحاول أن تصنع لها مجداً على حساب التوتّرات القائمة، وهي لم يكن لها حساب في السابق.. إذن، هناك مجموعة من العوامل المؤثّرة، ولا نستطيع أن نردّ الأمر الى عامل واحد.

* هل يمكن أن نتوقّع ان تؤدي "مصالحة طرابلس" الى عودة العمل بوثيقة التفاهم التي وقّعها "حزب الله" في الآونة الاخيرة مع بعض الجمعيات السلفية وتم تعليقها؟

ـ نحن قلنا في بياننا كـ"حزب الله"، بعد أن جمّد الدكتور حسن الشهّال العمل بالوثيقة، إننا نترك الأمر لظروف الموقّعين من الطرف السلفي وتقديرهم للمصلحة، ونحن نوافق على أي خيار يختارونه، لأنه من جهتنا لم نعلّق العمل بالوثيقة ولم نعتبرها بحكم المنتهية، وإنما هي موجودة تبقى الظروف الموضوعيّة التي أحاطت الطرف الآخر هي التي سبّبت هذا التجميد.. فإذا تغيّرت ظروف الطرف الآخر، فإن الوثيقة بالنسبة لنا قائمة، ونحن لا نعطي تعهّداً ونتراجع عنه، وقد درسنا أمرنا جيداً ووجدنا أن كل التفاهمات والإتفاقات التي تؤدّي الى معاكسة إتجاه الفتنة السنيّة- الشيعيّة هي أمر إيجابي وجيّد يجب أن نعمل عليه في مختلف الإتجاهات.

* ألم يكن لديكم حرج، من الناحيتين الشرعيّة والفقهيّة، في موضوع التلاقي مع الحركات السلفيّة، والتي يقال أنها تكفّر بعض المذاهب الاسلامية؟

ـ هذه القوى السلفيّة التي التقينا معها هي قوى سلفيّة دعويّة، وهي تختلف عن قوى سلفيّة أخرى تكفيريّة أو تستخدم العنف والقتل من أجل تحقيق أهدافها ومراميها.. إضافة الى ذلك، نحن لا نريد أن نحاسب على مواقف فكريّة أو ثقافيّة أو مقالات سابقة يمكن أن تقولها هذه الجهة أو تلك الجهة.. طالما أن هذه القوى السلفيّة وافقت معنا على قواعد مشتركة، منها رفض التكفير للشيعة كما يرفض "حزب الله" تكفير القوى السلفيّة، فإننا نكون بذلك قد أعلنّا أمام الرأي العام قاعدة نعمل على أساسها، وهي ستكون حاكمة على أي وجهة نظر يمكن أن تكون موجودة أو كانت موجودة في السابق.

من هنا نحن نعمل على أساس مضمون الوثيقة، ولا نريد أن نعود الى ما هو موجود في بطون الكتب أو ما ورد على مواقع الإنترنت أو بعض التصريحات والخطب. وبالتالي، نحن مسؤولون أمام هذه القوى التي وقّعت معنا، وهم مسؤولون أمامنا، ولن نحمّلهم مسؤولية كل القوى السلفيّة في لبنان والعالم. الأمر إيجابي، بالنسبة إلينا، فلو افترضنا أن النظرة سلبيّة لـ"حزب الله" وقالت هذه الوثيقة إن النظرة إيجابيّة، فهذه خطوة الى الأمام لمصلحة معالجة بعض المواقف التي تسبّب التوتّر والفتن داخل الساحة الإسلامية الواحدة.

* هل نتوقّع، في ضوء كلام الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله عن استعداده للقاء رئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري، مصالحة بين "حزب الله" و"المستقبل"؟

ـ السؤال عن المصالحة بين "حزب الله" وتيّار "المستقبل" يجب أن يوجّه الى النائب سعد الحريري وتيار "المستقبل"، لأن "حزب الله" عبّر من خلال مواقف سماحة الأمين العام وبتصريحات قياداته المختلفة عن الرغبة في العلاقة التي تؤسّس لمزيد من التلاقي والمصالحة، خاصة أن "إتفاق الدوحة" شكّل محطة جديدة يجب إستثمارها في إطار العمل التوافقي، لأن كل نتائج هذا الإتفاق، ببنوده الثلاثة، هي نتائج وفاقيّة وتصالحيّة.. فالرئيس إنتخب بتوافق، والحكومة إتفق عليها كحكومة وحدة وطنية، وقانون الإنتخابات سيشرّع على قاعدة ما إتفق عليه.

في إطار هذا المناخ، نحن أمام مرحلة جديدة، لا معنى فيها لأي توتير سياسي ولا يصحّ أن يكون هناك تحريض مذهبي لأن النتائج ستكون مرّة ولن يستفيد منها أحد، وقد رأينا بعض نتائج هذا التحريض مما حصل في طرابلس.. وبالتالي، لا أعتقد أن هذه التجربة قابلة للإقتداء، فمن المفروض أن ندخل الى تجربة التفاهم على قاعدة أن يبقى الإختلاف السياسي قائماً وأن يعبّر كل من الأطراف عن رأيه في مختلف القضايا.. لكن يجب أن نرفع التوتير من الساحة وأن لا نتعامل بطريقة مذهبيّة وأن نردّ الأمور الى حيثياتها السيياسيّة وأن نقدّم للرأي العام رؤيتنا، كل من موقعه، ليختار الناس ما يريدون.

المسألة مع تيار "المستقبل" مرتبطة به، ولا أعلم متى يكون تجاوبه، وهو يتحمّل الآن هذه المسؤوليّة.

* لكن تيار "المستقبل" كان ولا يزال يطالب بـ"الإعتذار" من أهالي بيروت، بعد أحداث 7 أيار/ مايو الفائت؟

ـ المقاومة تعتبر أنه إعتدِيَ عليها في بيروت، من خلال الوجود المسلّح الذي أتى من خارج بيروت وبرعاية تيّار "المستقبل"، وهذا الوجود المسلّح منع تظاهرة الإتحاد العمّالي العام بقوّة السلاح، كما أبلغنا مدير عام الأمن الداخلي بوجود خطر أن يرمى على التظاهرة القنابل ويطلق الرصاص على المتظاهرين، ما جعلنا نلغي التظاهرة.. إضافة الى بدايات إطلاق النار الذي حصل في النويري ورأس النبع، والتي كانت تنذر بإيجاد خطوط تماس في بيروت الغربيّة وبتوريط الجيش اللبناني بمشكلة مع المقاومة.. كنا في حالة دفاع عن النفس والعمل على منع الفتنة، وما حصل في يوم واحد في بيروت جنّب بيروت الفتنة المذهبيّة بكل ما في الكلمة من معنى وأبعدنا عن إستخدام السلاح الميليشياوي لفرض الشروط السياسيّة والواقع الميداني.

على هذا الأساس، نحن أيضاً مجروحون مما حصل، وكان مواكباً لقرار الإتصالات الذي اتخذته حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، ما يعني أننا كنا أمام سلسلة من التحديات التي تشكّل خطراً على المقاومة. إعتبرنا أن أداءنا في بيروت ساعد على لملمة مشكلة بأسرع وقت ممكن.. فإذا افترضنا أن البعض يعتبر أنه هو المظلوم وهو المجروح، فهذا الأمر لا يعالج لا بالتحديات الإعلامية ولا باستدراج التحريض المذهبي تحت يافطة 7 أيار، وإنما تتمّ المعالجة المطلوبة بلقاءات ثنائيّة تطرح فيها كل الهواجس والإشكالات والمؤاخذات، وتتمّ المعالجات المناسبة، فما كان ضرورياً لإقفال صفحة الماضي يمكن القيام به بالتفاهم والتعاون، وما كان مؤسّساً لتحصين مستقبلي من تكرار مثل هذه الحوادث يمكن أيضاً القيام به.

*البعض يقول أن مجرد اللقاء بين السيّد نصر الله والنائب سعد الحريري، فإن كل هذه المسائل تلغى وتتلاشى؟

ـ وأنا أوافق.. اللقاء بين سماحة السيد نصر الله والنائب الحريري يعالج 90 في المئة من المشكلة، بأصل حصول اللقاء. وتبقى العشرة بالمائة، فإنها تعالج بالنقاش. ولا يوجد مانع من قبلنا في هذا الأمر، لعلّ التعقيد الأمني يلعب دوراً في هذا اللقاء.. لكن، في قناعتي، لا يوجد قرار سياسي عند الطرف الآخر في حصول هذا اللقاء حتى الآن.

*البلاد مقبلة على إنتخابات نيابيّة، وهناك من يعتقد بأن كل ما يجري حالياً يرتبط بالتحضير للتحالفات الإنتخابيّة.. هل أنتم على أبواب تحالف رباعي جديد على غرار التحالف الذي حصل في انتخابات 2005، أم على أبواب تحالف سياسي من نوع آخر؟

ـ بعد التجارب التي حصلت والتطوّرات التي مرّت في لبنان حتى الآن، لا إمكانية لعودة التحالف الرباعي بأي شكل من الأشكال، وهذا أمر محسوم عند "حزب الله".. ولنا إتفاقات وتفاهمات، أبرزها مع التيار الوطني الحرّ، والتنسيق الكبير والمتين بيننا وبين حركة "أمل"، وكذلك مع بعض القوى التي تشكّل المعارضة اليوم. فهي في الدرجة الأولى كتحالفات يبنيها "حزب الله" مع الأطراف الأخرى، لكن هذا لا يمنع من أن تكون لنا إتصالات ولقاءات وعلاقات يمكن أن تمهّد لأي نوع من أنواع التعاون في المجالات المختلفة، لكن لا على قاعدة العودة الى التحالف الرباعي، وإنما على قاعدة المحافظة على تحالفاتنا الحالية والعمل بما يتناغم معها وبما يؤدّي الى إراحة الساحة من أي توتّر أو ضوضاء يمكن أن تؤثّر سلباً على المستوى الداخلي.

* هل ستكونون في وارد التحالف مع تيار "المستقبل"، مستقبلاً، في حال وجدتم ان لكم مصلحة سياسيّة أو إنتخابيّة؟

ـ لم نناقش التحالف الإنتخابي مع تيّار "المستقبل"، ولا أعتقد أن الأمور واردة بهذا الشكل. أما عندما يحصل اللقاء معه وتتمّ مناقشة كل الأمور الموجودة بيننا، فإن هذا الأمر قد يساعد بأن نخوض الإنتخابات بهدوء وبشعارات منطقيّة ومعقولة.. لكن، ليس مطروحاً الآن أن يكون هناك تحالف إنتخابي مع هذا التيّار.

* بعد الحرب الجورجيّة، وما صدر من كلام على لسان الرئيس السوري بشار الأسد، أو نسب إليه، بأن سوريا مستعدّة لأن تتيح لروسيا إقامة قواعد صاروخيّة على أراضيها.. هل ترى أن العالم عاد الى الحرب الباردة والى الوقوع تحت حكم القطبين الكبيرين؟

ـ معلوماتنا أن روسيا، في زمن الرئيس (فلاديمير) بوتين، أدركت أن خطوات الرئيس بوريس يلتسين في إبعاد روسيا عن المسرح الدولي كانت خاطئة، لأنها جعلت كل الأزمات في داخل روسيا، ما أضعف الواقع الروسي في المعادلة الدوليّة، فاختار بوتين أن يعود الى نظريّة الإتحاد السوفياتي السابقة، ومع تعديلات تتناسب مع الموقع الروسي الجديد، بأن يفتح على دول منطقة الشرق الأوسط ودول العالم وتكون له صيغة تحالفات تمكّنه من نوع من التوازن، ولو بنسبة ما، مع الأميركيين والغرب، خاصة أن أميركا وأوروبا دخلتا الى منطقة الحدود الروسيّة باستقطاب الدول التي تحيط بروسيا مباشرة، مع نصب قواعد صواريخ ووضع قواعد عسكريّة دائمة وما شابه، ما يشكّل خطراً على روسيا.

أمام هذا الوضع، كنا نرى أن روسيا بدأت تفكّر في زمن بوتين بالتوسّع في العلاقات الإقليميّة والدوليّة بعد أن حاصرت نفسها.. فجاءت حادثة جورجيا في أوسيتيا لتثبت بالدليل القطعي لروسيا أن حاجتها الخارجية أكثر بكثير من النظرية الى هذه الحاجة، لأن التحديات بدأت تواجهها عملياً وعلى حدودها.

على هذا الأساس، أتوقّع أن يكون لروسيا دور أكبر من السنوات السابقة في تحالفاتها الدوليّة، وستنتعش صداقاتها المعادية لأميركا والمختلفة مع أوروبا بشكل أكبر بكثير من المرحلة السابقة.. وهذا، أيضاً، من نتاج الفشل الأميركي في عدد من الملفّات التي ستجد لها باباً الى روسيا بطريقة أو بأخرى.

من المبكّر الحديث عن "حرب باردة"، لكن يمكن القول إن أحاديّة أميركا ليست مرتاحة تماماً، ليس فقط من جانب روسيا، يجب أن نلتفت الى الطموحات الأوروبيّة، وعلى رأسها الطموح الفرنسي الذي يريد أن يلعب دوراً أساسياً في العالم.. هذا يريح العالم من التفرّد الأميركي بشكل كبير.

* وفق تقديركم، هل أن ما حصل في جورجيا، بنتائجه العسكريّة والسياسيّة، أسقط إحتمالات توجيه ضربة عسكرية أميركية ـ إسرائيلية لإيران أو لسوريا أو للبنان؟

ـ إن إنكشاف الدعم الأميركي والإسرائيلي لجورجيا في مقابل روسيا كان فضيحة حقيقيّة، خصوصاً أنه ترجِم عملياً باستخدام القدرات العسكريّة لاحتلال أوسيتيا. وبالتالي، جاءت ردّة الفعل الروسيّة مفاجئة لهم جميعاً، وكما قال "البنتاغون" لم يكن يتوقّع أن تردّ روسيا، يعني أنهم كانوا يعتقدون أن الأمر يعالَج بالسياسة بعد أن تكون جورجيا قد فعلت ما فعلت وأثبتت حضورها وأرسلت أميركا وإسرائيل الرسالة المناسبة لمن يعنيهم الأمر.

بعدما حصل في جورجيا، ضَعُفَ إحتمال الحرب على إيران لأن الفشل هناك، إضافة الى القواعد التي كانت ستستفيد منها إسرائيل في جورجيا، والموقف الروسي الذي سيتأثّر بما حصل في جورجيا كموقف داعم لإيران أكثر مما سبق.. كل هذه الأمور تجعل فرص الحرب على إيران تضعف، وهي النقطة المركزّية اليوم في فكرة الحرب.

لم تكن سوريا هي النقطة المركزيّة في فكرة الحرب، ولا لبنان، وإنما إيران.. أما بالنسبة للبنان وسوريا، فحربهما من إختصاص إسرائيل التي هي في وضع لا تستطيع معه أن تبادر الى مثل هذه الحرب ، وإن كان يجب التيقّظ دائماً لأننا لا نعرف كيف تتداعى الأمور وما الذي يمكن أن يحصل في المنطقة بشكل عام.

الحرب بالمناظير

* قبل ايام تحدث الرجل الثاني في تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري متهماً الزعيم الايراني السيد علي خامينئي بوقف الحرب على الاميركيين بوقف الحرب على الاميركيين في أفغانستان والعراق ، وقال الامين العام لحزب الله السيد نصرالله لم ينتصر على اسرائيلي في حرب تموز 2006 وانه أدخل اوقف الحرب ضد اسرائيل بإدخاله "15 ألف جندي صليبي" ( قوة حفظ السلام الدولية " اليونيفيل" ) الى جنوب لبنان، ما هو ردكم على هذا الكلام؟

ـ نحن نعتمد على الوقائع في موقفنا، لا على تركيب التحليلات التي يمكن أن يجمّعها الإنسان ويأخذ الإستنتاجات التي يريدها. في الوقائع، أميركا هي التي هجمت على أفغانستان، ردّاً على 11 سبتمبر، وهي التي أسقطت نظام الطالبان.. وبالتأكيد، إيران كانت متضرّرة من نظام الطالبان، لكنها لم تقم بأي مساهمة مع أميركا في هذا الشأن.

أما في العراق، فالحرب خاضها بوش ضد كل العالم، ولم يقف معه أحد.. وكانت إيران متضرّرة من وجود صدّام الذي احتلّ أراضٍ إيرانية وخاض ضدها حرباً شرسة لمدة ثماني سنوات لإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية، وصمد هذا النظام بعون الله تعالى.. هنا أن يسقط صدّام، فتصبح إيران أكثر راحة في مجاورة بلد كان يشكّل حالة خطر عليها، فهذا لا يعني أنها شريكة في شيء، لأن العالم كله يعلم أن من أسقط النظام العراقي الصدّامي هو أميركا، ولم يكن لإيران أي مساهمة في هذا الأمر على المستوى العسكري الميداني.

أما بالنسبة لنا في لبنان، فنحن كنا نخوض حرباً قاسية لم يخضها المراقبون عبر المناظير، وقدّمنا نموذجاً في التضحية والإنتصار.. والحمد لله، أفشلنا مخطّطات أميركا وإسرائيل من خلال عدوان تموز 2006، وكان لا بدّ من أن تنتهي هذه الحرب على صيغة معيّنة، إما غالب ومغلوب بشكل واضح وإما أي نتيجة تنتهي على أساسها الحرب.. كان القرار 1701، من وجهة نظر "حزب الله"، هو الطريق المناسب لتكريس إنتصار الحزب في مواجهة إسرائيل، وكان إنتشار القوات الدولية نتيجة لهذا القرار من أجل منع الإحتكاك بين الطرفين، وكنتيجة للحرب التي طالت 33 يوماً.

على كل حال، نحن عملنا ما علينا وقدّمنا إنتصاراً لم يستطع أحد من العرب أو المسلمين أن يسجّله خلال 60 سنة من الإحتلال الإسرائيلي.. فليرِنا الآخرون كيف يتصرّفون مع إسرائيل، وما هي مساهماتهم في مواجهتها، وما هي إنجازاتهم في حروبهم معها أو مواجهتهم لها، وهل أن فلسطين هي في الأولويّة..

الاستراتيجية الدفاعية والرد الاسرائيلي

- هل تعتقدون أن الإستراتيجية الدفاعيّة، والتي سيتمّ بحثها بشكل أساسي على طاولة الحوار الذي دعا اليه رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ستواجه بعض العقبات في إقرارها بسبب قرارات دولية صادرة في شأن لبنان؟

ـ نحن سندخل، كـ"حزب الله" وكمعارضة، الى مناقشة الإستراتيجيّة الدفاعيّة بما فيه مصلحة لبنان.. لن نخضع لا لقيد دولي له علاقة بمطامع إسرائيليّة أو طموحات أميركية أو ما شابه، ولن نعمل على قاعدة عبثيّة، إنما سيكون نقاش الإستراتيجيّة الدفاعيّة مبنيّاً على مصلحة لبنان القوي الذي يستطيع تحرير أرضه والدفاع عنها في مواجهة الخطر الإسرائيلي.. هنا نقبل بكل نتيجة تنشأ على مستوى الحوار في إطار هذا السقف.

* كيف ترى أفق الوضع الجنوبي مسقبلاً، في ظل إستمرار التهديدات الإسرائيليّة والاعتقاد القائل بأن اسرائيل لن تسكت على الضيم الذي اصابها في تموز 2006 وانها تحضر لرد إنتقامي ضد حزب الله آت لا محالة؟

ـ إسرائيل، في نشأتها ووجودها واستمراريتها، كيان عدواني يعتمد القتل والإحتلال والمجازر لإثبات حضوره ووجوده. ومن دون هذه الخطوات العدوانيّة، لا وجود لإسرائيل أصلاً، لأن الأمور ستعود الى أصحابها، وبالتالي لن يتمكّن أحد من الدفاع عن حق لإسرائيل.. بينما نجد اليوم أن الفلسطيني يستطيع بكل بساطة أن يقنعك بحقه بأرضه وبلده.. واللبناني يستطيع أن يقنعك بكل بساطة بحقّه بأرضه وبلده.. لكن لا يوجد عند إسرائيل لا منطق فكري ولا منطق سياسي ولا أدلّة تقنع بوجود حق، ومن هنا فإن إسرائيل تتحدث في كل مواقفها وخطاباتها عن التهديد والقتل والمبادرة الى الحرب، ولم تتحدث يوماً عن أن لها حقّاً وأن الآخرين يريدون أن يسلبوها حقّها لأنها سلبت حقوق الآخرين.

على هذا الأساس، لا نتصوّر إستمرار وجود الكيان الإسرائيلي من دون خطط عدوانيّة ومن دون التوسّع في الإحتلال والسيطرة.. وعلى هذا الأساس، يجب أن نعلم في لبنان أن إسرائيل لن تدعنا نرتاح، وستبقى تفكّر كيف تسيطر على لبنان، عسكرياً وسياسياً وإقتصادياً وبكل المعايير، كما تفكّر بالسيطرة على المنطقة العربية من المحيط الى الخليج بالأساليب المختلفة.

ونحن كـ"حزب الله" نعتبر أن علينا أن نبقى مستعدّين وجاهزين، وأن نبني قوّتنا وقدرتنا العسكرية المقاومة وبنيتنا الإجتماعية المقاومة على قاعدة أن إسرائيل يمكن أن تعتدي في يوم من الأيام، ولو طال هذا الزمن.. من هنا، لا أحد يستطيع أن يقول أن أزمتنا مع إسرائيل إنتهت، بل يجب أن نكون واضحين، إسرائيل خطر جاثم على لبنان والمنطقة، وعلى كل المنطقة أن ترتّب أوضاعها لتكون في الموقع المدافع الذي يمنع الخطر الإسرائيلي ويمنع إسرائيل من تحقيق أهدافها.

لا أحد ينوب عن الفلسطينيين

* بماذا تردون على القوى والفئات السياسية اللبنانية التي تقول لكم اننا نؤيدكم في المقاومة حتى استكمال تحرير ما تبقى من أرض لبنانية محتلة ولكننا لسنا معكم في المعركة لتحرير القدس، بمعنى آخر ان هذه الفئات ليست مع إندماج لبنان في المعركة القومية لإستعادة فلسطين المحتلة؟

ـ "حزب الله" رفع شعاراً واضحاً يتحدّث عن الموقع الدفاعي في مواجهة إسرائيل. ومن ناحية نظرية، فإن "حزب الله" يؤمن بتحرير فلسطين، والتي يجب أن تُحرّر لأن هذا حق مشروع، كما يؤمن نظرياً بأن المطلوب هو أن تُحشد كل الطاقات لمصلحة دعم الفلسطينيين المجاهدين في مواجهة إسرائيل، فيقوم عملياً بالإجراءات المناسبة لدعم الفلسطينيين في هذا الإتجاه.. لكن، لا أحد يعمل نيابة عن أحد، فرأس حربة فلسطين هم الفلسطينيون، كما أن اللبنانيين هم رأس حربة لبنان.. فإن لم يحرّر اللبنانيون أرضهم، ولم يحرّر الفلسطينيون أرضهم، لن يساعدهم أحد في عملية التحرير.. لذا، نحن في لبنان في الموقع الدفاعي عن أرضنا وفي الموقع التحريري لأرضنا وفي الموقع الداعم لتحرير الفلسطينيين لأرضهم، وهذا لا يجرّ لبنان الى أن يكون بديلاً عن أحد ولا أن يعمل نيابة عن أحد ولا أن يعمل لمصلحة أحد.. نحن لا نطلب من اللبنانيين إلا أن يتحمّلوا مسؤوليتهم في الدفاع عن أرضهم وحماية بلدهم من الأخطار الإسرائيليّة، وهذا سينتج عنه بشكل طبيعي أن يكون لبنان المقاوم الذي يمنع إسرائيل من أن تحتلّ أرضه الى أن يكون في الخط المساند لفلسطين.

خطوات المذهبة تفشل

- هل يمكن في ضؤ ما يحصل من تراجع في المشروع الاميركي التفاؤل بأن المنطقة ستخرج ، أو بدأت بالخروج من مشاريع الفتن المذهبيّة؟

ـ سيبقى العمل في المنطقة قائماً من قبل الأميركيين وعملائهم في منطقتنا من أجل إثارة الفتن المذهبيّة، لكن فاعليتها ليست مضمونة بسبب وجود قوى حيّة ترفض الفتنة المذهبيّة، وهي قوى واسعة في الواقع، وأعتقد أنها هي التي ستنجح، لأن المنطقة العربية لا تؤمن في هذا الإتجاه من العداء المذهبي ولها قضاياها الكبرى في مواجهة إسرائيل وأميركا، ولا يمكن الإنصراف الى أوهام يحاولون زرعها عندنا. لذا، نلاحظ أن كل خطوات المذهبة تفشل، وإن كانت تترك بعض البصمات بطريقة أو بأخرى.. ومع فشل أميركا في مشروعها، فإن هذا سيعني أيضاً المزيد من الفشل في المشروع المذهبي الفتنوي لمصلحة الوحدة والإلتفاف حول القضايا الأساسية، ومنها قضية فلسطين.

* إقفال الملف العراقي ألا يخفّف من هذه الحمّى المذهبيّة؟

ـ لعلّ أبرز عنوان للإثارة المذهبيّة موجود في العراق، بسبب ما فعله الإحتلال والذي حاول أن يدخل السنّة بالشيعة وبالعكس.. بالتأكيد، إذا أقفل الملف العراقي على المستوى المذهبي وحصلت اتفاقات بين الاطراف المختلفة في العراق، وسارت عجلة الدولة بعيداً عن الإحتلال، أي في إطارمشروع لإخراج الإحتلال من العراق، سيرتاح العراق كثيراً، وعندها سنجد إنعكاس هذا الأمر بشكل طبيعي على كل المنطقة، لأن جزءاً من الإرهاصات في الإثارة المذهبيّة في المنطقة هو من بوّابة العراق. فإذا أُقفلت من العراق تقفل في المناطق الأُخرى.

المصالحة السورية ـ السعودية المطلوبة

*هل يمكن ان نجد في خلفيّة "مصالحة طرابلس"، التي حصلت سريعاً مؤشرات على مصالحة سورية ـ سعودية يمكن ان تحصل قريباً وتنعكس ايجاباً على الاوضاع اللبنانية والعربية، خصوصاً وان البعض يعتبر ان جزءاً كبيرا من الازمة على المستويين اللبناني والعربي سببه الخلاف السوري ـ السعودي؟

ـ أتمنّى أن تحصل المصالحة السعوديّة- السوريّة، لأن هذا الأمر يوفّر الكثير على المنطقة ويريح البلدين ويريح القضايا الكبرى الأساسيّة التي نعاني منها، لكني لا أجد أي ترجمة عمليّة حتى الآن لمثل هذه المصالحة، بل أن التباعد يزداد، ونرى بصمات الحرتقات الخفيّة وآثارها في مواقع متعدّدة في المنطقة، ما يدلّ على أن الأمور ما زالت على قدر كبير من التوتّر، وأعتقد أن المشكلة ليست مشكلة خاصّة، بل هي مشكلة مشاريع سياسيّة في المنطقة ومحاولة الدفاع كل من موقعه عن المشروع الذي يؤمن به في مقابل المشروع الآخر.

* البعض يقول إن خطابكم إزاء المملكة العربية السعودية ، هو تقريباً خطاب معتدل، هل مرد ذلك الى رغبة لدى الحزب في عدم الدخول على خط الخلافات العربية ـ العربية ، أم انكم تعتبرون أن ان هذا الموقف يساعد على حل هذه الخلافات؟

ـ "حزب الله" لا يحبّذ العداوات ويرغب في تحصين الساحة اللبنانية والعربية حول المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق، بحيث يكون الإهتمام الأساسي هو حماية منطقتنا من التدخلات الخارجية ومن الغدّة السرطانيّة المزروعة إسرائيل.. على هذا الأساس، ليس هناك ما نتنافس عليه مع أحد من الدول العربية، ولا نقبل أن نكون جزءاً من لعبة المحاور، ولسنا طرفاً في بعض الخلافات حول الأدوار.

إذن، لماذا ندخل في لعبة المعاداة أو المحاور؟.. من هنا كان خطابنا دائماً تجاه السعوديّة خطاباً عاديّاً لا يتعرّض للنقاط المثيرة. وإذا كان لدينا أي ملاحظة، نرسلها بالطرق المناسبة. وتركيزنا الأساسي هو في مواجهة إسرائيل، إضافة الى حماية لبنان وسلمه الأهلي. على هذا الأساس، نحن نفضّل أن تكون علاقاتنا مع كل الدول العربية بشكل عام علاقات جيّدة ومتعاوِنة في إطار مواجهة المشروع الإسرائيلي وتعزيز السلم الأهلي.

* في الامس صدر عن وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل موقف يحض على تحقيق المصالحة الوطنية في لبنان، هل ترون في ذلك تطوراً يشي بإمكان حصول مصالحات عربية معينة؟

ـ نأمل أن تتعمّم المصالحة على كل لبنان وبين الدول العربية.

فقاقيع صابون

* ما هو تعليقكم على الكلام الذي صدر في بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية متحدثاً عن أن إيران حدّت من صلاحيات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله نصر الله وانه لم يعد في إمكانه اتخاذ اي قرار بالحرب او السلم الا بعد مراجعة القيادة الايرانية؟ .....

ـ الإسرائيليّون محتارون في كيفيّة مواكبة قوّة "حزب الله" المتنامية بشكل تصاعدي وسريع على كل المستويات، السياسيّة والعسكريّة والشبابيّة والشعبيّة والمكانة في المنطقة العربية والإسلاميّة وكل الإنجازات التي حصلت ورفعت من مكانته.. فهم يختارون موضوعات، بين يوم وآخر، لإثارتها علّهم يستطيعون من خلالها أن يخفّفوا من وهج "حزب الله" أو يسبّبوا إرباكاً له.. لكن، في الواقع، هذه الإدّعاءات هي كفقاقيع الصابون لا قيمة لها، وهي محاولات يائسة لا أعتقد أن أحداً سيردّ عليها لأن واقع "حزب الله" وقيادته في الموقع القوي الذي يعمل بقرار ذاتي واستقلاليّة تامّة ويعرف كيف يدير أموره بما فيه مصلحة لبنان.