مقابلات

المقابلة التي أجرتها مع جريدة الوسط في 1/8/2007

الحل يحتاج الى قرار شجاع وجريء من سعد الحريري وعندها تحل كل الامور

بيروت : طارق ترشيشي

اللقاء مع نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يُقربك من الاحداث والتطورات، لأنك تجلس الى رجل واسع الاطلاع وغزير المعرفة ، ومتابع لما يجري عن كثب، هو منبري من الدرجة الاولى، جزيل الافكار ، واجوبته بديهية وسريعة ، لايتردد ، ولا يتلعثم .

هو يرى ان الوضع اللبناني آيل الى تسوية يمكن ان تكون نواتها حكومة وحدة وطنية تملأ اي فراغ دستوري اذا تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية .

ويعتبر قاسم "ان الحل يحتاج الى قرار شجاع وجريء من النائب سعد الحريري اولا وعندها كل الأمور تحل" . لكنه مع ذلك يعتبر ايضاً ان "المشكلة هي في ادارة اميركا للملف اللبناني". ويرى "ان قوى السلطة لم تتمكن من أخذ البلاد الى حيث هي تريد، فلا هي حكمت ، ولا هي استطاعت ان تدير الخلاف بطريقة توصلها الى تحقيق بعض الإنجازات. وعلى هذا الأساس نحن نعتبر ان هذا يعطينا الأمل لبداية حلحلة لكن من المبكر أن نكون متفائلين كثيراً لأننا لا نعلم حجم الضغوطات التي ستمارس أميركا على هذا الفريق". ويقول "ان السعودية، عندما كانت تتحرك، كانت تصدم بعقبة الممانعة الأميركية فتضطرّ الى التخفيف من اندفاعها في بعض التفاصيل لمصلحة الكلام العام الذي لا يلزم أحداً. وحتى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى كان يأتي مندفعاً الى حلّ فيصطدم بالعقبة الأميركية، فيدوّر الزوايا في اتجاه تنفيس الإحتقا". ويضيف انه "يمكن لجماعة 14 شباط ان يقولوا لأميركا جربنا معكم كثيرا وقمنا بعدة تجاروب ولم نستطيع لأن الأرضية لا تسمح لنا فأرحمونا وعندها نمد اليد اليهم ونتعاون نحن واياهم كشركاء في الوطن ويمكننا ان نخرج بحل".

ويشير قاسم الى ان حزب الله الذي تواجهه اميركا ومجلس الأمن واسرائيل و "كل الإستكبار العالمي" يزداد "قوة يوما بعد يوم" ويقول "اننا اليوم في حزب الله عددا وقوة وواقعا افضل بكثير مما كنا عليه في ما قبل العدوان الإسرائيلي" . ويحذر من ان "اي تفكير بضربة اميركية لإيران باستخدام منصات وقواعد دول الخليج سيورط المنطقة في أزمة كبيرة بفعل ورد فعل" ويرى " ان مصلحة الجميع ان يعملوا على خ مواجهة الفتنة المذهبية السنية الشيعية وان يقفوا سدا منيعا امام اي تفكير اميركي بضرب ايران لأن هذا يضر الجميع" . ويعتبر انه "لا يمكن بناء علاقة مع سوريا ووضعها دائما في قفص الإتهام ومساعدة الدول الكبرى لضغط على سوريا بأساليب مختلفة من الموقع اللبناني" ويؤكد ان "كل مصائب العراق ودول الخليج هي من الإحتلال الأميركي وان المدخل الطبيعي الى الحل هو خروج هذا الإحتلال ليرتاح الشعب العراقي من صناع الفتن هؤلاء"، .

ويشدد قاسم على قدرة السعودية وسوريا على لعب دور مهم في المنطقة" " لكن المطلوب هو مبادرة منهما لمعالجة نقاط الخلاف الأساسية واما الإدعاء بان المحكمة ( الدولية) هي المشكلة فنحن قلنا مرارا وتكرارا ان المحكمة لها آلياتها من المفروض أن تصل الى الجاني وتحاسبه. وهذا لا يستدعي الإتهام المسبق لسوريا ولا يستدعي القطيعة مع سوريا بهذه الذريعة". لكنه يلاحظ وجود "شيء من صراع النفوذ وهذا له حل بالحوار المتبادل حول الهواجس المشتركة ووضع خطوات عملية للإتفاق والمعالجة وهذه أمر ممكن" ويقول:" كما كانت سوريا والسعودية في تنسيق دائم قبل سنوات يمكن ان يعود هذا التنسيق مجددا وبوضع افضل الآن بسبب قلة موارد الإختلاف عما كانت عليه في السابق".

في هذا الحوار مع "الوسط" افضى الشيخ قاسم بكثير من المعلومات وببعض الاسرار عن واقع الحال في لبنان والمنطقة ، وهنا وقائعه:

* في ضؤ تكاثر المبادرات وتنوع مصادر تعطيلها المحلية والاقليمية والدولية ،هل ترون ان لبنان اقترب من تسوية ما، أم أنه يقف عل أبواب جولة جديدة من النزاع بين الموالاة والمعارضة ؟

ـ التعقيدات الموجودة في الوضع اللبناني ليس من منشأها لبنانياً صرفاً بل هناك تدخل أميركي فاضح جداً وتفصيلي في شكل كبير في الشؤون اللبنانية الى درجة وجود ادارة تتمثل بمتابعة جزء من فريق السلطة هذه التوجيهات الأمركية بحذافيرها ولو كانت خطرة ومكشوفة ومضرة بمصالح البلد . على هذا الأساس لو تركنا وانفسنا ومواطنيننا في لبنان كان الخلاف قائماً بين قوى السلطة وجماعة المعارضة من دون هذه السيطرة الأميركية القوية على جماعة السلطة، لوجدنا حلاً منذ فترة طويلة من الزمن لأن موازين القوى على الأرض تثبت أن للمعارضة غالبية شعبية وان قوى السلطة لم تتمكن من أخذ البلاد الى حيث هي تريد، فلا هي حكمت ، ولا هي استطاعت ان تدير الخلاف بطريقة توصلها الى تحقيق بعض الإنجازات. وعلى هذا الأساس نحن نعتبر ان المشكلة هي في ادارة اميركا للملف اللبناني.

الأمر الثاني هو قوى 14 شباط ليست قوى متجانسة وإنما جمعتها الطموحات بأفرادها وفئاتها، وكذلك الظروف الدولية التي اعطتهم كثيراً من الأمل بإمكانية تحقيق أهدافهم، ودبّ الطمع في رؤوس البعض حيث اعتقدوا ان هذا المستوى من الدعم الدولي سيؤدي الى أن يحقق كل منهم أهدافه في البلد، لكنهم اكتشفوا بعد مرور هذه الفترة الطويلة ان الخيار الحقيقي هو خيار الشعب وانه مهما كانت الضغوطات الخارجية كبيرة ففي النهاية توجد معادلة داخلية لا بد من أخذها في الإعتبار، والمعارضة صلبة وقوية ولا يمكن إغفالها خصوصاً وأن مطالبها موضوعية جدا وهي لا تريد أكثر من المشاركة في حصتها الموجودة في المجلس النيابي ولا ترفع مطالب أخرى وتدعو الى حكومة وحدة وطنية لتناقش فيها كل القضايا المرتبطة بهذا البلد حيث يتفق الجميع على أمور سينفذونها ويختلفون على أمور أخرى فينظمون الخلاف بما يساعد على أن يبقى لبنان مستقرا على المستوى السياسي وما له من إنعكاسات أمنية واقتصادية واجتماعية وما شابه ذلك. وبما ان قوى 14 شباط جمعتها المصالح المتفاوتة والمختلفة تماماً من الطبيعي بعد هذه الفترة الطويلة من عدم القدرة على فعل شيء ومن الإنتكاسات والخسائر المتتالية وبداية انهيار البلد بسبب أدائهم ان يشعر بعض أطراف السلطة بأنهم في الموقع الخطأ وبأن هذا الإستمرار لن يحقق الأهداف المرجوة خصوصاً وان الإستمرار في هذه الطريقة قد ينتفع منها فريق ويخسر منها أفرقاء آخرين. وعلى هذا الأساس أنا أفسر خروج "التكتل الطرابلسي" والنائب عبدالله حنا والرأي السابق للنائب بهيج طبارة في التعبير عن ضرورة نصاب الثلثين في المجلس النيابي من أجل انتخاب الرئيس ، وكذلك التصريح الواضح للبطريرك صفير في هذا الشأن، وأيضا يتوقع أن تحصل تداعيات إضافية في هذا الموضوع، إنما يدل على ان بعض من في جبهة 14 شباط أدرك أن الطريق مسدود وان الإستمرار في هذه الكيفية لن يوصل الى نتيجة عملية وان المطلوب هو العودة الى حكومة الوحدة الوطنية والتفاهم الداخلي وفق موازين القوى الموجودة . هذا يعطينا الأمل لبداية حلحلة لكن من المبكر أن نكون متفائلين كثيراً لأننا لا نعلم حجم الضغوطات التي ستمارس أميركا على هذا الفريق الذي اعتاد ان يستمع الى أميركا لكن الواضح ان التضعضع اصبح موجودا في هذا الفريق وهذه نقطة ايجابية في الواقع حتى يبدأ عملية التفاهم مع المعارضة لمصلحة المشاركة.

* يحكي عن سعي الى مخرج من الأزمة عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية تتفق في ما بينها على انجاز انتخابات الرئاسية وإذا تعذر عليها ذلك تستمر في تحمل مسؤوليات البلاد ومنع الفراغ في مؤسساتها الدستورية الى حين انتخاب رئيس جمهورية جديد ، فهل هذا السيناريو وارد الحصول؟

ـ في كل الأحوال نحن بحاجة للخروج من المأزق وهذا الخروج يفرض ان لا ان تستمر الأمور على ما هي عليه لأنها ستوصلنا الى حالة تصادمية وستؤثر في مستقبل البلد مع وجود الفراغ الدستوري بعد انتهاء ولاية الرئيس وعدم اعترافنا بهذه الحكومة لأنها غير شرعية. اذاً هناك فراغ دستوري ، وهذا الفراغ هم سيفكرون بملئه كما يريدون، ونحن سنفكر بملئه كما نريد، وكل واحد منا سيفسر الأمر بطريقة دستورية وحتى لو كان الدستور لا يقول بهذا، على قاعدة ان المشكلة ستكون مشكلة سياسية بإمتياز ونحن نعلم ان انتهاكات الدستور حصلت مراراً وتكراراً من قبل الفريق الحاكم فما الذي يمنع من اضافة مخالفة جديدة. اذاً، لا بد من بداية للحل، نحن كنا موضوعيين جدا ولم نرفع سقفنا وقلنا إن بداية الحل حكومة وحدة وطنية سواء اكانت حكومة الوحدة الوطنية بتوسيع الحالية أو بإنشاء حكومة جديدة أو بحكومة إنقاذ أو بحكومة طوارىء. ليست التسمية مهمة ولا العدد مهم كمجموع ولا آلية الوصول. المهم ان تتحقق المشاركة وفق نسب تأخذ في الإعتبار التمثيل النيابي. على هذا الأساس إذا تشكلت الحكومة لدينا، كل الأمور الأخرى يمكن البدء بمعالجتها فتكون الحكومة قد ساهمت في إلغاء التشنج في البلد وأوجدت آلية تطبيقية لجلوس الأفرقاء مع بعضهم في انتظام وفتحت الباب لحوار جدي ونقاط جداول اعمال تتناسب مع الإستحقاقات ومع الآراء المختلفة. عندها، يمكننا الوصول الى كل النتائج الممكنة، وبالحدّ الأدنى نكون قد حفظنا الوضع الدستوري في البلد بعدم الوقوع في الفراغ لأن الحكومة هذه هي التي ستهيئ بشكل طبيعي لإنتخاب رئيس الجمهورية ومع التعثر لفترة من الزمن ستكون قادرة أيضاً على أن لا تترك فراغاً دستورياً في البلد. وبالتالي، نكون قد حمينا المؤسسات، وجعلنا كل الخلاف في دائرة تفصيلية تنفيذية في إمكاننا أن نصل فيها الى حدود ومعالجات.

* هل تعتقد أن خيار اللجوء الى الحكومة الثانية تراجع لدى المعارضة؟

ـ مطلبنا الأساس هو حكومة وحدة وطنية، وهذا المطلب له فترة زمنية منطقية هي الفترة من الآن وحتى 25 أيلول (سبتمر). وكذلك، يمكن أن تستمر المسألة الى ما بعد 25 أيلول بقليل ضمن عنوان حكومة طوارىء أو إنقاذ أو ما شابه لكن إذا وصل الأمر الى فترة زمنية لا امكانية فيها لإنتخاب الرئيس بسبب عدم انعقاد جلسة بنصاب الثلثين وبقيت هذه الحكومة اللاشرعية مصرّة على أن تسلب السلطة وتتحكم بالبلاد والعباد. ما هو الخيار عند المعارضة ؟ لا يمكن أن تسلّم حكومة غير شرعية موقعاً دستورياً أساسياً هو موقع رئاسة الجمهورية، ولا موقعاً دستورياً ثانياً هو الحكومة. إذن، هنا لا بدّ أن تبادر المعارضة الى فعل شيئ. أحد الخيارات الذي لا يزال مطروحاً بقوة هو وجود حكومة شرعية، وأنا أرفض عبارة الحكومة الثانية، لأننا لا نعتبر أنه يوجد حكومة في الأصل. هذه الحكومة غير شرعية. إذاً، لا بدّ من وجود حلّ وهذا هو أحد الحلول حتى لا يقع البلد في فراغ وهذا وارد عند المعارضة.

* بعد مؤتمر سان كلو، برز موقفان أميركي وسعودي يدعوان الى حوار بين اللبنانيين بعيداً عن أي تدخّل خارجي. كيف تفسّر ذلك؟ وما مدى حظوظ النجاح للمبادرات المطروحة لحلّ الأزمة اللبنانية؟

ـ السفير الأمريكي جيفري فيلتمان، وفي لقاء له مع أحد النواب الذين يرأسون كتلة في المجلس النيابي، كان يتحدث بسخرية عن المبادرة الفرنسية عندما أطلقها الوزير برنار كوشنير في بيروت، وكان يقول لجليسه: "هل أصبحت فرنسا مهتمّة كثيراً بالتفاهم اللبناني- اللبناني.. نأمل أن تحقّق أهدافها". وكذلك، سمعنا مواقف لبعض من فريق 14 شباط، على الأقل من جهتين وشخصيتين، ترفض مؤتمر باريس في البداية، ثم بعد ذلك تمّت الموافقة بعد اتصالات حثيثة. وكان هناك هدف موجود عند بعض فريق 14 شباط مع الولايات المتحدة الأميركية لإفراغ مؤتمر باريس من أي محتوى فيه علاج، والإكتفاء بالصورة والشكل الإيجابي فقط، وهذا ما ساعد على إنجاح مؤتمر باريس بأن يبتعد عن الحلول التفصيلية وأن تدخل فرنسا في التفاصيل الجزئية. حتى السعودية، عندما كانت تتحرك، كانت تصدم بعقبة الممانعة الأميركية فتضطرّ الى التخفيف من اندفاعها في بعض التفاصيل لمصلحة الكلام العام الذي لا يلزم أحداً. وحتى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى كان يأتي مندفعاً الى حلّ فيصطدم بالعقبة الأميركية، فيدوّر الزوايا في اتجاه تنفيس الإحتقان طالما أن الحل لا يزال يحتاج الى شيىء من الوقت. العقدة دائماً كانت عند الولايات المتحدة الأميركية لأن منطقها هو أن لبنان مسرح عمل بالنسبة اليها إذا افترضنا أنه عاش عدم الإستقرار وشيئاً من القلق وبعض الفتنة الداخلية و"الفوضى الخلاقة".. فما الذي ستخسره أميركا؟ ما يهمّها هو أن لا تخرج هذه الأمور عن دائرة السيطرة الأميركية لمصلحة عدم تخريب مشروعها المتكامل الذي اسمه "الشرق الأوسط الجديد"، أو عدم التخريب على اسرائيل في مشروعها الذي يستهدف ضرب القضية الفلسطنية والقضاء عليها والسيطرة على دول الجوار. وعلى هذا الأساس، المبادرات تصطدم بالعقبة الأميركية، إلا أننا إذا أصرّينا على أن نثبت لهم عدم قدرتهم على فعل شيء وخفف ولا أقول انهى جماعة 14 شباط من هذا الإنضباط الكامل في اطار التوجيهات الأميركية والمصالح الأميركية فبإمكاننا أن نرفع الصوت معا في مصلحة التعاون يمكن لجماعة 14 شباط ان يقولوا لأميركا جربنا معكم كثيرا وقمنا بعدة تجاروب ولم نستطيع لأن الأرضية لا تسمح لنا فأرحمونا وعندها نمد اليد اليهم ونتعاون نحن واياهم كشركاء في الوطن ويمكننا ان نخرج بحل. نعم، الحلّ داخلي، بمعنى أن إخراجه داخلي، لكن المؤثرات الخارجية لا يمكن إنكارها بل هي الأصل في ما نراه من التصرفات لقوى السلطة.

* حزب الله خاض مقاومة طويلة ادت الى تحرير الجنوب عام 2000 وصد العدوان عام 2006 وبين هذين الأمرين حرص على التزام خطاب الوحدة الوطنية والإسلامية ، وعدم الإنزلاق الى فتن داخلية، ومع ذلك ما يزال أفرقاء يخافون أويتخوفون منه، فماذا فعل الحزب حتى يزيل هذه المخاوف؟

ـ الوحدة الإسلامية بالنسبة لحزب الله هي دين وليست سياسة ، أي أنها جزء من ثقافتنا الإسلامية ومن ايماننا بالله تعالى، وجزء من شعورنا أننا لا نفعل حسناً الا اذا عززنا الوحدة الإسلامية بجد وايمان ،"ان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأعبدون ". وكذلك هذا الأمر ينجر الى الوحدة الوطنية لأنها تعبير عن تعاون الأفرقاء اللذين يعيشون في منزل واحد وفي بلد واحد وفي بقعة جغرافية واحدة وهذا أمر أيضا يدخل في دائرة الإمان والإلتزام الحقيقي. لم يتحدث حزب الله يوما عن الوحدة كشعار سياسي للإستهلاك وانما هي شعار واقعي وعملي. واضف الى ذلك عندما حملنا لواء المقاومة لم يكن في ذهننا أننا مقاومة من اجل الشيعة، بل اكثر من هذا اقول لم يكن في ذهننا أننا مقاومة من اجل السنة، بل نحن مقاومة من اجل الحق الإنساني الذي يستفيد منه الشيعة والسنة والمسلمون والأحرار والعرب وكل من يشعر بأنه مظلوم من مواجهة هذه الظاهرة الخطرة التي اسمها اسرائيل . على هذا الأساس نحن انطلقنا في لبنان من رؤى طبقناها عمليا ً في حياتنا ولم تطبق نظريا، بل انا قلت في كتابي عن حزب الله: "سبقت تجربتنا وأدائنا العملي تنظيرنا السياسي فبدأنا ننظِّر بعد ذلك لحركتنا" ، وهذه قوة حقيقية لمصلحة حزب الله انه كان مندفعاً الى التجربة والأداء من ضمن رؤية واضحة، لكن غير مقننة بطريقة نظرية وغير منشورة، لكن هي في عقل وذهن قيادته ومن يقوم بهذا العمل في الحزب ، وهذا اكبر تعبير على اننا جماعة عمل ولسنا جماعة كلام. ولولا صدق حزب الله في مقاومته الشاملة غير الطائفية وغير المذهبية وغير الحزبية لما وجدنا اجماعا لبنانيا حول هذه المقاومة لفترة طويلة من الزمن، على رغم تعقيدات الساحة اللبنانية التي لم توافق ولم تجمع على شيء كما اجمعت على المقاومة. اعتقد ان ما قدمه حزب الله هو تجربة بارزة امام الجميع منذ عام 1982 حتى الآن عملنا على ان لا نكون لا مذهبيين ولا طائفيين واثبتنا ذلك وتخلينا عن تفاصيل لها علاقة بالسلطة لمصلحة تحرير الوطن وعندما دخلنا في تركيبة السلطة لم نستخدم اي عنصر من عناصر القوة الموجودة لدينا واعتمدنا الآليات المعرفة في الإمتداد الشعبي والإنتخابات النيابية والإستخدام الإعلامي لكن لم يكن للسلاح محل في الحياة السياسية الداخلية. بل قلنا انه فتنة ورفضنا ان يستخدم وهربنا من الفتنة عندما كانت تلاحقنا وتحاول ان تجرنا كما حصل في الأشهر الأخيرة. اذاً حزب الله قام بما عليه لكن ان يخاف بعض الأخرين منه فالمسألة ليست مرتبطة بمنهجية حزب الله وانما هي مرتبطة بمصالح يريدها هؤلاء وهي مخالفة لطبيعة الحال وليست من حقهم ويجدون حزب الله عقبة أمام إستئثارهم وأمام أخذ البلد الى الوصاية الأجنبية فيبدأون بنعته بأمور ليست موجودة عنده على قاعدة اثارة البلبة حول حزب الله ومحاولة تهشيمه وتحطيمه ليس الا، حتى يرتفعوا هم ويحققوا المكاسب المطلوبة . اعتقد أن "حزب الله" قدم كل ما عنده بشكل عملي لكن الآخرين هم يبدلون ويغيرون وكل يوم في رأي ونراهم تارة يعقدون اتفاقاً معنا ثم يخلفون اتفاقهم ، مرة يصرحون تصريحاً ايجابياً عنا ثم يخالفون ، مرة يقولون أنهم مع المقاومة ثم يصبحون ضد المقاومة، مرة يريدون للسلاح ان يبقى حتى تحرير كامل الأرض ثم يطالبون بنزع السلاح، نحن لا نفهم عليهم ، هم مشوشون وهم ليسوا اصحاب موقف وليسوا اصحاب رأي، لم يثبتوا على قرار واحد . انا لا اقول ان يكون قرارهم لمصلحتنا، ولكن ليثبتوا على قرار واحد على الأقل ولا يكونوا بعدة وجوه وكل ما مالت الريح مالوا معها المشكلة عندهم . وعلى كل حال ان ادعوك الى استفتاء في الشارع العربي الذي يرى هذه الحقائق امامه ويسمعها من الأطراف المختلفة ومن وسائلهم الإعلامية المتحيزة، فليحكم هو ، ستجد ان هذا الشعب العربي الطيب مع المقاومة ، مع المقاومة في لبنان ، وفي فلسطين ، مع مقاومة الإحتلال في العراق ، مع هذا الإتجاه الذي يرفض الظلم ويرفض الإستئثار ويريد للوحدة ان تكون موجودة بين الناس.

* هل يمكن أن نقول ان لبنان تجاوز الفتنة السنية الشيعية ؟

ـ نجح حزب الله بشكل كبير في ان يمنع انزلاق الوضع الى الفتنة وقام بعملية انقاذية حقيقية في محطة خطرة كانت في 23 كانون الثاني و25 كانون الثاني الماضي عندما استخدم الطرف الأخر السلاح والقنص وقمع المتظاهرين بالإعتداء عليهم وكادت الأمور تكبر ولكن تصدى حزب الله بشكل مباشر ويومها خرج سماحة الأمين العام الى الناس بتحريم الفتنة وابدى في خطبة له إستعدادا لدفع ثمن كبير حتى لو وصل الى ألف شهيد مقابل ان لا تكون هنالك فتنة . وهنا ايضاً من أجل أن نكون منصفين، الطرف الأخر المتمثل بتيار "المستقبل" ساعد بعد الحادث في محاولة لملمة الوضع، لكن هناك اطرافاً ارادت ان تكون هنالك فتنة وهي تحرض عليها. واعتبر ان انزلاق لبنان نحو الفتنة ليس سهلاً لأننا كقوة اساسية نمانع ولأن اطرافاً اخرى ايضاً لا ترغب بأن يكون هناك فتنة. الا ان هذا يدعونا ايضا الى ان ننتبه دائما لأن بعض عوام الناس تعبئتهم تعبئة مذهبية قاتلة . والمشكلة ان هناك من يعتبر ان رصيده إنما يكون بالتعبئة المذهبية، بصرف النظر عن الحق والباطل وهذا خطر ، ويجب ان ننتبه دائما لتطويق إحتمالات الفتنة في لبنان .

* هل تحصل اتصالات بينكم وبين تيار النائب سعد الحريري، الذي يكرر طلب اللقاء مع الأمين العام السيد حسن نصرالله ، وهل توافرت الظروف الملائمة لإنعقاد مثل هذا اللقاء ؟

ـ لقد ابدى النائب سعد الحريري مرات عدة رغبته بلقاء سماحة الأمين العام وقال هذا عبر وسائل الإعلام وارسل الينا كذلك بوسائل مختلفة. ولكن توضيحاً للصورة اما الرأي العام نحن لم نوافق على عقد مثل هذا اللقاء في هذه المرحلة بالذات وذلك لسببين جوهريين وكبيرين: السبب الأول ان النائب سعد الحريري ذكر في بعض مقابلاته أن جلساته السابقة مع سماحة الأمين العام كانت اشبه بجلسات تكاذب فاعتبرنا ان الجلسات التي يعتبرها احد الطرفين تكاذب في الوقت الذي يعرف فيه العالم بأسره صدق وحسن التزام الحزب بشخص أمينه العام وكل اعضاء الحزب بما يتفق عليه وبما يتم الحديث عنه. هذا الكلام مهين وفي آن معا يبرز ان هذه الجلسات ليست نافعة طالما ان احد الطرفين يعتبرها تكاذباً ، بصرف النظر عن تقييمنا لهذه التفاصيل. الأمر الثاني أن اللقاء يجب ان يكون لقاءا ممهدا ومؤثرا في تقدم الحلول على الساحة السياسية بينما نشعر ان الطرف الأخر يريده أن يكون شكليا من أجل ان يقول للناس انا التقيت وتحدثت ولكن من دون ثمرة . هذا يعطي انطباعاً خاطئاً وآمالاً وهمية سيُفاجأ بها الناس عندما يجدون بعد اللقاء انه لم يحصل شيء. فإذا فرطنا بهذه الورقة الأخيرة وكان اللقاء غير منتج معنى ذلك اننا زرعنا اليأس في نفوس الناس . من هنا قلنا ان اللقاء الشكلي لا فائدة منه. عندما يحصل اتفاق كامل او بنود اتفاق واضحة وتحتاج الى توقيع او الى الكلمة النهائية عندها تصبح اللقاءات مفيدة ، لأنها تعبر عن إعطاء حلول للناس وليس مجرد تقطيع وقت . ومع ذلك حتى لا نسد الطريق قلنا أن هذا الأمر يشمل حزب الله فقط لكن اي لقاء لأي طرف للمعارضة مع اي طرف في الموالاة لا مشكلة فيه وهذا ما حصل بالفعل عندما التقى النائب الحريري مع الرئيس بري، لكن للأسف انعقدت 6 أو 7 جلسات مشاورات ثنائية وخرجت بفشل في الوقت الذي كان يجب ان تستغل فيه هذه الفرصة وكنا في اجواء ان اللقاء الأول أوالثاني سينتج الحل لأن الأمور منتهية، واذ بنا نفاجأ أن الأمور تراجعت وان الحلول التي كانت مطروحة في الجلسة الأولى طارت في الجلسة السابعة . هل أن مثل هذه اللقاءات تعطي انعكاسات ايجابية ؟ وسمعنا في الفترة الأخيرة ان النائب الحريري يرغب بلقاء العماد عون، وانه اتصل به نحن نشجع على اي لقاء لا نقول بالقطيعة في الأصل؟ وانما نريد ان تكون هناك لقاءات منتجة.والآن عندما اجتمع كل الأطراف في فرنسا هذا دليل واضح على ان الحزب ليس عنده مشكلة من اللقاءات والإجتماعات والحوارات، لكنه لا يوافق على عنوان حواري يعطي انطباعاً خاطئاً انه طريق الحل ثم يتبين أنه ليس حلاً وإلا الإتصالات والأحاديث وبعض اللقاءات تحصل بين فترة واخرى، إلا أن الحل ليس هنا. الحل يحتاج الى قرار شجاع وجريء من النائب سعد الحريري اولا وعندها كل الأمور تحل .

* ما هو ردكم على الإتهام الموجه الى " حزب الله" بأنه يخطف الطائقة الشيعية وأنه مهيمن على قرار المعارضة ، وأنه يستفيد من التفاهم مع العماد ميشال عون الذي يستفيد بدوره على اساس المنافع المتبادلة؟

ـ عندما يكون هناك متضررون من الوحدة والإتفاق يلعنون الوحدة وعندما يكون هنلك متضررون من الإختلاف يلعنون الإختلاف . يجب ان نحدد موقع اللاعن والرافض والذي لا يعجبه ما يحصل حتى نفهم القصة بالتحديد. نحن نعلم انه في كل ادبيات التاريخ والأمم أن الوحدة هي أفضل من التفرقة وان اجتماع الناس على رأي افضل من اختلافهم ، فهل اصبح وجود عدد كبير من الناس ضمن أطار حزب الله وتفاهم الحزب مع حركة " أمل " مما أدى الى وجود غالبية ساحقة في الطائفة الشيعية في هذا الإتجاه، ثم وجود تفاهم مع العماد عون ما اوجد غالبية طائفتين مسيحية وشيعية في اتجاه واحد. وقد اجرينا سابقا اتفاقا رباعيا كنا نأمل ان يستمر مع النائب سعد الحريري ومع النائب جنبلاط وهناك غالبية سنية وغالبية درزية في محاولة لإيجاد نوع من التفاهم العام . هل أصبح الأداء الذي يجمع منكرا والأداء الذي يفرق مستحسنا ومعروفا؟ في الحقيقة نحن نقدم ما عندنا للناس ، والناس هي التي تأتي الينا وتحبنا وتلتحق بالحزب وتناصره وتدافع عنه ولا يستطيع احد ان يمنع الناس حقها في الإختيار، وعلى أولئك الذين لا يجدون من يناصرهم ويتحركون مع قليل من الأشخاص في محيطهم ان يبحثوا عن مشكلتهم وعن الثغرة في طرحهم وربما كانوا مخطئين في أصل الفكر الذين يطرحونه وبأصل القناعات التي يقدمونها. وبدل أن ينشغلوا باتهام الحزب، وانا افهم لماذا يتهمونه ولماذا يهجمون عليه، لأنهم يعتبرون انفسهم سيكبرون اذا هاجموا الحزب . لكن للأسف هم يفاجأون انهم عندما يهاجمونه يسقطون اكثر فأكثر لأن الناس لا تؤمن بهم ولا تصدقهم. هي مشكلة عند بعد الأشخاص الذين يبحثون عن دور ولا يجدونه او لا تعجبهم الأدوار التي تتوافر لهم فيصنعون لنفسهم اطاراً جديدا يجدون ان نموه صعباً فيكيلون التهم لمن يصادر نموهم وهذه بدعة لا يقول بها أحد، عادة اذا كان اي انسان عنده طرح او عنده قناعات معينة مقنعة وجذابة ستجذب الناس ولا يستطيع احد ان يمنعها. نحن اليوم في حزب الله تواجهنا اميركا ومجلس الأمن ويقف امامنا كل الإستكبار العالمي لكن مع ذلك نزداد قوة يوما بعد يوم اسرائيل تقتل فينا وتهددنا وتجعلنا في حالة مستنفرة وجاهزة مع ذلك الأعداد التي تنضم الينا تزداد يوما بعد يوم. حصل عدوان اسرائيل وحربها على لبنان عام 2006 اي منذ سنة من الآن تقريبا ودمرت وقتلت لكن المقاومة انتصرت وانا اقول لك الآن بعد سنة من هذه الحرب الإسرائيلية على لبنان اننا اليوم في حزب الله عددا وقوة وواقعا افضل بكثير مما كنا عليه في ما قبل العدوان الإسرائيلي . ما الذي جعل هؤلاء الناس يلتفون حولنا رغم ان طريقنا مكلف؟ لأن هؤلاء الناس يريدون التحرير والسيادة والإستقلال والعزة والمنعة والصدق وقد وجدوا هذه العناوين في حزب الله . لم يستطع الآخرون ان يقدموا عناوين مقنعة للناس، يعني أن المشكلة هي فيهم وليست فينا . نحن لا نصادر أحداً والكل يعلم ان الحزب لا يلزم احداً ولا يضغط على احد وهو فريق من الأفرقاء الموجودين على الساحة، يعني أننا لسنا سلطة حتى تقمع الأخرين ، نحن فريق يقدم ما عنده وعلى الناس ان تختار.

* ماذا عن العلاقة مع سوريا هل يمكن تصور حلول للأزمة اللبنانية بمعزل عن سورية ، وما هي صحة ما يقال أن إختلافاً بين أجندة المعارضة والأجندة السورية حول طريقة معالجة الأزمة؟

ـ سوريا ضرورة للبنان ولبنان ضرورة لسوريا ، ولا يمكن تصور اي حل في لبنان لا يأخذ في الإعتبار المخاوف السورية من ان يشكل لبنان خاصرة رخوة تستخدم للإطلاق على سوريا، وهنا علينا دائما ان نفكر كيف ننسج علاقات لبنانية سورية تساعد على طمأنة سوريا وحماية لبنان من موقع وجود بلدين ندَّين لا هيمنة لأحد على آخر وانما بدراسة موضوعية تأخذ في الإعتبار موقعية وقيمة ودور وحاجات كل بلد من البلدين. وقد وصل مؤتمر الحوار الوطني (في العام الماضي)الى هذه النتيجة عندما تحدث عن علاقة بين لبنان وسوريا وضرورة ترميمها وايجاد حلول لها، لكن لم تخرج هذه المسألة الى البرنامج العملي الجدي ، لا يمكن بناء علاقة مع سوريا ووضعها دائما في قفص الإتهام ومساعدة الدول الكبرى لضغط على سوريا بأساليب مختلفة من الموقع اللبناني هذا سيؤزم العلاقات . كنا نسمع ان رئيس الحكومة اللبنانية منفتح ويريد علاقات مع سوريا لكن في الوقت نفسه كل فريقه يتهم سوريا بإغتيال الرئيس رفيق الحريري ويعتبر ان سوريا تريد ان تخرب البلد، ويوجد خطاب تحريضي فوق العادة ضد سوريا اذاً كيف يمكن الجمع بين كلام عن الرغبة بعلاقة وبين شتائم لا تتوقف واتهامات لا تتوقف؟ هذا الأمر سيجر أيضاً ردة فعل واعمال متبادلة، وانا لا اقول ان طرفاً واحداً يتحمل المسؤولية. ولكن يجب ان نجد حلاً للعلاقة اللبنانية السورية . وبالنسبة لحزب الله والمعارضة نحن مقتنعون ان سوريا لها دور اساسي في المنطقة وانه لا يجوز ان تحاصر ولا أن يكون لبنان سبباً لإيذائها بل يجب ان يكون هناك موقفا متكاملا بين لبنان وسوريا، وبالتالي الحديث عن خلاف بين المعارضة وسوريا ، الخلاف ليس صحيحا من حيث العناوين العامة اما ان لسوريا اجندة خاصة بها وللمعارضة في لبنان اجندة تفصيلية اخرى فهذا امر طبيعي .يوجد فارق بين الموقع السوري في التقاصيل وبين الموقع اللبناني في التفاصيل، وفي النهاية المعارضة ليست ادوات بيد سوريا ولا سوريا تقبل ان تكون كذلك . المعارضة على الأقل قسم منها يعتبر نفسه حليفاً لسوريا وهذا يعني التناغم في القضايا الكبرى والأساسية . ولكن ما نقوم به من تفاصيل في بلدنا فهذا شأن يعنينا نحن، حتى سوريا قالت مراراً وتكرارا نحن نقبل بما يقبل به اللبنانيون ونحن نقبل بأن تتشكل حكومة وحدة وطنية لأن المعارضة تطلب هذا ، وهذا حق لبنان وهذا تأكيد على أن التفاصيل المتعلقة بالشؤون اللبنانية هي شؤون لبنانية وليست شؤوناً سورية. اي محاولة لزرع شقاق او مشكلة جديدة اسمهاالخلاف بين المعارضة وسوريا هي في غير محلها لأن الأمور لها تفاصيلها ، وفي النهاية سوريا تتصرف كبلد لها مصالحها ولها رؤيتها ، والمعارضة تتصرف كصاحبة حق في لبنان ايضا لها مصالحها ولها رؤيتها، والتقاطع انما يحصل في هذه الشؤون العامة كرفض الوصاية الأميركية على لبنان ، ورفض استمرار احتلال مزارع شبعا وعدم القبول بتهميش اي فريق لبناني على حساب فريق آخر, هذه عناوين عامة نحن متفقون عليها.

* في كل هذا الجو القائم هناك مخاوف من حرب اسرائيلية جديدة على لبنان ومن حرب إقليمية بين سوريا وإسرائيل وفي موازاة ذلك هناك حديث عن احتمال توجيه ضربة أمركية لإيران ، هل النطقة تقف على ابواب واحدة من هذه الحروب؟

ـ لا يبدو لي ان حربا اسرائيلية على لبنان متاحة في هذا الصيف وفي المدى المنظور ، لسببين الأول وضعية الجيش الإسرائيلي الذي يحتاج لمزيد من الوقت لترميم قدرة الردع لديه والأمر الثاني انسداد الأفق السياسي لتحقيق مكتسب معين في ما لو شنت اسرائيل حربها على لبنان.

لكن هذا لا يمنع ابدا من ان نبقى كحزب الله على جهوزيتنا وهذا ما نفعله وان نترقب اي مفاجأة يمكن ان تحصل بسبب متغيرات سياسية اقليمية قد تنعكس على لبنان . فإذاً احتمال التعقيدات الإقليمية هو احتمال موجود الا اننا لا نستطيع ان نجزم الآن بحسب المقدمات الأمر ليس سريعا لكن هل هو حتمي ام لا ، بالضرية الأمركية لإيران أو بالإعتداء الإسرائيلي على سوريا ، هذه الأمور ليست واضحة الآن، ولا يبدو انها قريبة. الا ان فكرتها مستقبلياً لا زالت واردة والأفضل ان لا ندخل في لعبة الوقت نأمل ان لا يحصل مثل هذا الأمر ولكن اذا حصل قد يكون له تداعيات علينا.

* كيف تنظرون الى مستقبل العراق في ظل الفتنة القائمة فيه وبالتالي كيف تنظرون الى مجمل الوضع في الخليج سواء على مستوى الخوف من الفتنة الشيعية أو على مستوى الخوف من ضربة أمركية لإيران؟

ـ العراق يدمي القلب، والفتنة المذهبية فيه وليدة الإحتلال الأميركي وكل مصائب العراق ودول الخليج هي من هذا الإحتلال الأميركي ، اعتبر ان المدخل الطبيعي الى الحل هو خروج هذا الإحتلال ليرتاح الشعب العراقي من صناع الفتن هؤلاء، ولترتاح المنطقة لكن للأسف بعض دول الخليج تشجع على الفتنة وتغذيها بالمال وهي تلعب لعبة خطرة عليها وعلى كل المنطقة. لأن الإنجذاب المذهبي وتبرير كل الأعمال في هذه الدائرة ودفع الأموال حتى لمن لا يسمعون لهذه الدول وانما لهم حساباتهم سيورط المنطقة بأثرها بمشاكل لا تتخلص منها بسهولة . وما يجري في العراق لا يبقى محصوراً في العراق. فالفتنة عادة تمتد وتؤثر وهناك مصالح تقارب بين كل دول الخليج مع بعضها بالإحتكاك مع العراق مما يعني ان مشكلة العراق، يمكن ان تتأثر بها تلك الدول. كذلك فإن اي تفكير بضربة اميركية لإيران باستخدام منصات وقواعد دول الخليج سيورط المنطقة في أزمة كبيرة بفعل ورد فعل . لذا اعتبر ان مصلحة الجميع ان يعملوا على خطين: الخط الأول مواهجة الفتنة المذهبية السنية الشيعية مهما بلغت التضحيات واذا كان هناك تصميم جدي يمكن قطع ديارها لكن مع شيء من التضحية وبعض الوقت. والأمر الثاني ان يقفوا سدا منيعا امام اي تفكير اميركي بضرب ايران لأن هذا الأمر لن يقتصر على ايران وانما ستكون له تداعياته في المنطقة وهذا يضر الجميع .

* كانت للمرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله فتاوى بتحريم سب الصحابة ولعنهم ولما لها من تأثير في الوسط الإسلامي ، كيف نظرتم اليها والى تأثيرها على الوحدة الإسلامية؟

ـ ليس من منهجنا اللعن ولا السب ولا الشتم ، ومن واجبنا جميعا ان ننصرف في شكل اساسي لتثبيت دعائم الدين باحترام قياداتنا وأمتنا وصحابة الرسول ( ص) وان ننصرف الى ما يوحد والى ما يمكننا من مواجهة الأخطار المحيطة بنا واكبر خطر ان ينشغل بعض الخطباء وبعض الوعاظ وبعض مواقع الإنترنت بالتحريض السني والشيعي وبإثارة قضايا ليست صحيحة حتى ولو ورد في بعض الكتب آراء لبعض الشيعة حول السنة ولبعض السنة حول الشيعة، لكن هذا ليس مبرراً للنفث في الفتنة المذهبية ومن الضروري ان نحاسب بعضنا بعضا على ما نقوم به الآن، لا على ما نتصوره متجذراً وأن نحاسب على النوايا. المفروض ان تاريخنا الإسلامي القديم هو تاريخ تأسس من منطلقه الدولة الإسلامية التي اعطت هذا العدد الكبير من المسلمين عبر التاريخ ويصل اليوم الى اكثر من مليار واربعمئة مليون مسلم .علينا ان نفكر بالقرآن الذي يجمعنا وبالروايات التي تجمعنا وبكل ما يبعد عن الفتنة بيننا وبالتالي ليس السب صفة مرتبطة بالشيعة ولا يصح ان نتهمهم بها،ولا ان ندخل في لعبة الدفاع عن الصحابة لندمر كل شيء، علينا ان نلتفت الى بناء الإنسان المؤمن الذي يلتزم بالإسلام الحق وان نكون موحدين .

* الواضح أن هناك علاقة سعودية- سورية مأزومة ، وهناك حركة إيران على الخط السعودي - السوري في موازاة حركة إيرانية على الخط الفرنسي فيما القناعة هي ان لا حل لأزمة لبنان من دون حصول تفاهم سعودي- سوري ، إلى أي مدى ترى أن إيران قادرة على تطبيع العلاقة السورية- السعودية . وهل في الأفق مؤشرات على عودة هذه العلاقة الى طبيعتها فيما توجه لسوريا اتهامات بانها تريد العودة الى لبنان ؟

ـ سوريا لها تأثيرها على لبنان والسعودية لها تأثيرها على لبنان ولا اعتقد ان فكرة عودة سوريا الى لبنان مطروحة من اي فريق على المستوى الأمني والعسكري واللوجستي. اذاً يجب ان ننتهي من تلك الحقبة السابقة ، ويجب ان نتذكر ايضا ان سوريا لم تدخل الى لبنان الا بتفاهم سوري سعودي اميركي يعني ان كل الأطراف المعنيين هم شركاء في ما حصل في لبنان وهم يتحملون مسؤولية الوجود السوري في لبنان وليس سوريا وحدها ، نعم غيروا رأيهم بعد ذلك فأدت النتيجة الى تطورات ومتغيرات خرجت على اساسها سوريا من لبنان ، ولا احد يطرح فكرة عودة سوريا الى لبنان اذاً من المفروض البحث عن طرق للمعالجة بين سوريا والسعودية لا فقط من اجل الموضوع اللبناني، بل ايضاً من أجل الموضوع الفلسطيني والموضوع العراقي والموضوع العربي- العربي ، هناك مجموعة قضايا متداخلة تلعب هاتان الدولتان دوراً كبيراً فيها اما بسياستها أو بأموالها أو بقدراتها او بموقعها من خريطة المنطقة ومن التأثير فيها. وعليه نحن مستفدون من العلاقة الطيبة السورية السعودية . نعم ايران تلعب دورا ما يمكن ان ينفع بمقدار لكن المطلوب هو مبادرة من الطرفين المعنيين سوريا والسعودية لمعالجة نقاط الخلاف الأساسية واما الإدعاء بان المحكمة ( الدولية) هي المشكلة فنحن قلنا مرارا وتكرارا ان المحكمة لها آلياتها من المفروض أن تصل الى الجاني وتحاسبه. وهذا لا يستدعي الإتهام المسبق لسوريا ولا يستدعي القطيعة مع سوريا بهذه الذريعة . الحقيقة هي انه يوجد شيء من صراع النفوذ وهذا له حل بالحوار المتبادل حول الهواجس المشتركة ووضع خطوات عملية للإتفاق والمعالجة وهذه أمر ممكن فكما كانت سوريا والسعودية في تنسيق دائم قبل سنوات يمكن ان يعود هذا التنسيق مجددا وبوضع افضل الآن بسبب قلة موارد الإختلاف عما كانت عليه في السابق.

* لقد شاع بعد القمة العربية الأخيرة ان العلاقات السورية- السعودية عادت الى طبيعتها؟

ـ يبدو ان ما حصل في القمة العربية كان حاجة لإنجاح القمة العربية ولم يكن قد زرع الخطوات الجدية للتفاهم . نحن ندعو الى زرع الخطوات الجدية للتفاهم والأمر ليس بعيدا اذا صدقت النيات؟ وهنا الفت النظر ان اميركا ستمنع مثل هذا التفاهم .

* هل ما تزال هناك للعلاقة متابعة بين الحزب والقيادة السعودية بعد زيارتكم الشهيرة الى السعودية؟

ـ بين الحين والأخر توجد اتصالات مع السفير السعودي في لبنان وعندما يكون هناك قضايا ونقاش في بعض المسائل والأمور العادية، ولا يوجد اي جديد.

* ألا يحصل الآن أي تواصل حول التطورات الجارية؟

ـ عملياً اذا كانت هناك فكرة أو طرح محدد أو فكرة معالجة يحصل تواصل. لكن بعد مجيء السيد عمر موسى تولى هو مباشرة متابعة هذا الملف بالإجمال لكن التواصل بيننا وبين السفارة السعودية موجود.