مقابلات

نعيم قاسم لـ" البلد": الـ 1636 ضمن المخطط الأميركي الساعي الى إسقاط عوامل القوة لدى سورية

لاحظ نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم ان قرار مجلس الأمن الأخير "لم يخل من اشارات الاتهام ولم يعط الفسحة الكافية للبراءة" ازاء دمشق. ورأى هذا القرار يندرج في اطار "الخريطة الجديدة" التي تعمل واشنطن عليها في المنطقة.

الأربعاء, 02 نوفمبر, 2005


لاحظ نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم ان قرار مجلس الأمن الأخير "لم يخل من اشارات الاتهام ولم يعط الفسحة الكافية للبراءة" ازاء دمشق. ورأى هذا القرار يندرج في اطار "الخريطة الجديدة" التي تعمل واشنطن عليها في المنطقة.

ولفت الى أن المخطط الأميركي "يسعى الى اسقاط عوامل قوتها". وشدد على ضرورة كشف الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري "ساطعة واضحة من دون تسييس أو استثمار أو تصفية حسابات أو استغلالها كمعبر للوصاية الأجنبية الجديدة على لبنان". وتمنى أن يسلك التحقيق في المرحلة المقبلة "في منهجية تراعي خصوصية سورية وسيادتها" لأنه اذا سلك منهجية "حشر سورية ودفعها الى رفض بعض المتطلبات والتذرع بذلك لمزيد من الاتهام والضغط عليها فستكون هناك على الأرجح تعقيدات وسيزداد المأزق وسيطفو التسييس على ما عداه".

سألت "صدى البلد" الشيخ قاسم عن موقف "حزب الله" من قرار مجلس الأمن الرقم 1636 الجديد، فأجاب: "كانت المساعي الأميركية واضحة جداً في الرغبة بمحاصرة سورية والباسها مسألة اغتيال الرئيس الحريري وكأن تقرير ميليس قد انتهى الى المحصلة القضائية النهائية. وذلك من خلال الدعوة في بداية الأمر الى فرض عقوبات على سورية استناداً الى التقرير، ثم التراجع الى التهديد بالعقوبات بسبب الضغط الدولي غير المساعد على المشروع الأميركي ـــ الفرنسي الى الصيغة الأخيرة التي صدرت والتي لم تخل من اشارات الاتهام من دون اعطاء الفسحة الكافية للبراءة أي أن المناخ الأميركي كان حاكماً الى درجة انه أوصل رسالة فيها من القسوة والاتهام لسورية ما يعني انه يشكل خطوة من خطوات الضغط الأميركي وهي أقل مما كانت تتمناه أميركا، لكنها أكثر مما يتحمله التقرير".

وأضاف: "على كل حال لا يجوز أن نقرأ قرار الأمم المتحدة الأخير بمعزل عن الصورة الكلية للمشروع الأميركي في المنطقة حيث يشمل بخريطته فلسطين ولبنان والعراق والسعودية ومصر وايران وغيرها من الدول وبالتالي ليس التحقيق في اغتيال الرئيس الشهيد الحريري الا خطوة في هذا المسار العام على الأقل من الوجهة الأميركية. أي لسنا أمام تحقيق له بداية ونهاية في شكل مهني وقضائي مستقل بل نحن أمام مساع أميركية حيثية لاستغلال كل فرصة وكل شبهة يمكن أن تساعد على الخريطة الجديدة في المنطقة، وهي التي تتمثل بالأمور الآتية:

أولاً ـــ اعطاء اسرائيل كل الضمانات والوقائع الميدانية التي تساعدها في أن تفرض سلطتها وسيطرتها في فلسطين وان ترسم كيانها من دون أي عائق داخلي فلسطيني أو خارجي عربي وبالتالي فان المشروع الاسرائيلي في رأس الاهتمامات التي تسعى اليها الادارة الأميركية.

ثانياً ـــ الضغط على سورية لافقادها عوامل القوة التي تمكنها من الممانعة في مواجهة المشروع الأميركي الاسرائيلي ولو وصل الأمر الى كل الأساليب التي تحاصر سورية وتضيق عليها. من هنا تأتي الطلبات الأميركية المشهورة بالوصايا العشر لباول وزير الخارجية السابق والتي أعلنها في زيارته لسورية، وكانت متعددة الاتجاهات، سواء بالطلب من سورية أن توقف دعمها للحضور الفلسطيني القيادي في دمشق وما يترتب عليه من آثار في داخل فلسطين الى طلب المواجهة مع المقاومة الاسلامية في لبنان وما يعنيه من اسقاط دور لبنان في التأثير على المشروع الاسرائيلي الى طلبات ضبط الحدود مع العراق وما يرمز اليه من تقديم المساعدة لأميركا كي تخفف من أعبائها العراقية وهكذا فان سورية من ضمن هذا المخطط الذي يسعى الى اسقاط عوامل قوتها كبلد صمد خلال هذه الفترة الطويلة رغم قلة الناصر والمعين وطبيعة الظروف الدولية التي ربعت أميركا على عرش قيادة العالم.

ثالثاً ـــ محاصرة لبنان لشل قدرته المقاومة وهذا ما يحقق راحة لاسرائيل ويسهل المدخل الأميركي من هذه النافذة اللبنانية لعمل مخابراتي واسع وعمل سياسي متشعب يطاول المنطقة العربية من البوابة اللبنانية فضلاً عن النموذج الذي يحتاجه بوش ليدعيه كانجاز له أمام الاخفاقات المختلفة التي حصلت له في المنطقة خصوصاً عندما يكون الحديث عن الديمقراطية والحريات والتعددية وهي في الأصل عناوين متوافرة في لبنان مع بعض الشوائب فتحقيق أي شيء في لبنان يبرز هذه الأمور مجدداً يسهل على أميركا أن تنسبه لها وهو مختص بالشعب اللبناني وليس انجازاً أميركياً".

أضاف قاسم: "وفي المحصلة لا بد أن ننظر الى قرار مجلس الأمن الدولي اليوم كجزء من المنظومة السياسية التي تريد أن تستفيد من كل المنافذ لرسم الخريطة في المنطقة على القياس الأميركي، وهذا ما يجب أن نتنبه اليه كي لا يتحول لبنان وقضاياه المركزية الى أداة تنفيذية للمشروع الأميركي. نحن نريد الحقيقة في مسألة الاغتيال بما هي حقيقة ساطعة وواضحة من دون تسييس أو استثمار أو تصفية حسابات أو استغلالها كمعبر للوصاية الأجنبية الجديدة على لبنان".

وسئل الشيخ قاسم هل يتوقع في ضوء القرار 1636 حصول مواجهة بين سورية والمجتمع الدولي؟ فأجاب: تكمن العبرة في ما يأتي من تفاصيل لاحقة للتحقيق وما سيصدر من تقرير في 15 كانون الأول لأن جملة من المطالب وخصوصاً من سورية ستبرز خلال هذه الفترة وستكون الاجابة عليها صعبة لجهة الاعتقالات التي يمكن أن تطاول مسؤولين كباراً في النظام السوري بحسب المنهجية التي يعمل عليها تحقيق ميليس، وهنا ستؤثر طبيعة التعاطي بين ميليس والسوريين على النتيجة المتوقعة، فاذا كان الاتجاه هو حشر سورية لدفعها في اتجاه رفض بعض المتطلبات فهذا ما سيشكل ذريعة لمزيد من الاتهام والضغط. أما اذا كانت الأمور تسير في منهجية فيها مراعاة لخصوصية وسيادة سورية على أرضها وسلك التحقيق طريقاً متفقاً عليه بتأمين مستلزماته من دون اهانة ولا أحكام مسبقة فالأمور تصبح مختلفة، أتمنى أن تسلك الأمور المنهجية الثانية فهذا لمصلحة التحقيق ونتائجه لكن اذا سلكت المنهجية الأولى فستكون هناك على الأرجح تعقيدات وسيزداد المأزق وسيطفو التسييس على ما عداه".

وسئل أيضاً هل سيكون للقرار 1636 انعكاسات على الوضع اللبناني؟ فأجاب: "لا أتوقع أي انعكاس لهذا القرار الدولي على الوضع اللبناني، اذ انه يرسم بعض الاتجاهات التي ننتظر أموراً ستحدث وأموراً مستقبلية ولا يتخذ اجراءات مباشرة تتعلق بلبنان ولعل السهام الموجهة هي ضد سورية بالتحديد أما اذا كان المقصود ان هذا الأمر سينعكس على لبنان من البوابة السورية فهذا يدخل في نغمة تحميل سورية كل المسؤوليات في لبنان وهذا حكم مسبق فيه تجن وليس له ما يؤيده سوى الاتهامات الجاهزة. على كل حال أعتقد أن الأوضاع في لبنان لن تتغير بطريقة دراماتيكية خلال هذه الفترة لكن سيبقى لبنان في حالة قلق بسبب هذا المناخ الذي يسلط الضوء عليه دولياً من بوابة التحقيق.