مقابلات

نائب الأمين العام لـ`حزب الـله` لـ`النهار`: سلاحنا قوة للبنان ولن نتخلى عنه... لم نتحرك لنغطي أداء السلطة بل لأننا شعرنا بخطر جديد على البلاد

منذ تسارع الاحداث في المدة الاخيرة و"حزب الله" مطالب بالاجابة دوماً عن الاسئلة، فهو في الواجهة، وهو الطرف الآخر الذي لا تعترف المعارضة بغيره، وحبل التساؤلات الذي يحوطه دوماً يبدأ من قضية مصير سلاحه الذي ما زال مشرعاً في الجنوب، مروراً بموقفه من الازمة الحكومية وظهوره كقطب الرحى للموالاة، والرافع للسلطة المثقلة بأخطائها، وصولاً الى الدور المطلوب منه لنصب طاولات الحوار وفتح جسور العلاقة مع الآخر.

منذ تسارع الاحداث في المدة الاخيرة و"حزب الله" مطالب بالاجابة دوماً عن الاسئلة، فهو في الواجهة، وهو الطرف الآخر الذي لا تعترف المعارضة بغيره، وحبل التساؤلات الذي يحوطه دوماً يبدأ من قضية مصير سلاحه الذي ما زال مشرعاً في الجنوب، مروراً بموقفه من الازمة الحكومية وظهوره كقطب الرحى للموالاة، والرافع للسلطة المثقلة بأخطائها، وصولاً الى الدور المطلوب منه لنصب طاولات الحوار وفتح جسور العلاقة مع الآخر.

وعن جملة هذه الاسئلة، وسواها يجيب نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، فيؤكد ان الحزب رغم كل الضغوط لا يعتزم التخلي عن مقاومته وسلاحها، مشيراً الى ان "هذا السلاح عنصر قوة للبنان" وهو لا يخص طائفة او جهة ولم يدخل اللعبة الداخلية.‏

ويعرض الشيخ قاسم لظروف ظهور الحزب في الموالاة، فيلفت الى ان حركته لم تكن لتغطية اداء السلطة، انما كانت بعدما شعر بأن "البلد يتجه الى خطر جديد"، ويرى ان حل الازمة يرتكز على امرين، الحوار من جهة وحرية الناخب في اختيار ممثليه من جهة اخرى، ويلقي بعض الاضواء على زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله فيقول انها "لم تكن بروتوكولية" بل "بحثت في عمق الامور" وهي "تحمل امكانات الحوار الجدي والبناء والتعاون المشترك". وفي ما يلي حديث الشيخ قاسم الى "النهار" امس:‏

منذ مدة عاد الى الواجهة موضوع سلاح "حزب الله" والمقاومة ومستقبله، فما هي رؤيتكم لدور هذا السلاح والى اي مدى يمكنكم الدفاع عنه؟‏

- نبدأ بمرحلة نشوء هذا السلاح وحضوره في الساحة، وهي الفترة التي تلازمت مع الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982. كانت المهمة الاساسية لهذا السلاح مقاومة الاحتلال الاسرائيلي. واستمر هذا الامر ثمانية عشر عاماً متتالية، اي الى حين التحرير عام 2000.‏

كان هذا السلاح دوماً موجهاً ضد العدو الاسرائيلي، ولم يستخدم في اي محطة من المحطات في اللعبة الطائفية او في توازن القوى الداخلية او في تحقيق استثمار سياسي داخلي لهذا السلاح.‏

استمر الامر على هذا المنوال بعد التحرير حتى اليوم رغم المظلومية التي كان يشعر بها الحزب من طريقة اداء الدولة حيال المناطق المحرومة والكفايات الموجودة وكذلك حيال ما نتج من نهج المحاصصة البغيضة والفساد العام. مع ذلك سلك الحزب في المسألة الداخلية طريق العمل السياسي المؤسساتي، ولم تصدر منه هفوة تنم عن رغبته في ادخال سلاحه في المعادلة او الشؤون الداخلية.‏

اعتقد ان هذه التجربة الطويلة خير دليل على طريقة عمل الحزب ورؤيته، وهذا يجعلنا امام مجموعة مسلمات يعمل الحزب على اساسها، وهي:‏

1 ان سلاح المقاومة سلاح دفاعي ضد الاحتلال الاسرائيلي والخطر الاسرائيلي.‏

2 ان سلاح المقاومة عنوان وطني عام وليس عنوانا طائفيا.‏

3 اننا على اقتناع تام بأن استخدام السلاح المقاوم في الداخل يحوله سلاح فتنة، ايا تكن القضية المبتغاة وليس واردا ان يتحول هذا الانجاز الكبير المقاوم الى الفتنة الداخلية التي تسقط السلاح وتودي بالمشروع.‏

4 اثبت سلاح المقاومة فاعليته في تشكيل الردع المادي في مواجهة العدوان الاسرائيلي. ومن المفيد والمهم ان يحافظ لبنان على قوة ردعه مما يوفر عليه احتلالات جديدة او تدخلاً في الشأن اللبناني ينتج عملاء وعقبات شائكة.‏

5 الحرص على اعلى درجة من تحقيق الانسجام والتوافق الداخلي حول المقاومة.‏

6 التنسيق والتعاون مع الجيش اللبناني في اطار رعاية الدولة السياسية لمشروع الدفاع عن لبنان وحمايته. على هذا الاساس عندما نتكلم على حماية المقاومة لا نتحدث عن سلاح نرغب في ابقائه والمحافظة عليه، بل عن حماية لبنان باستمرار مقاومته وفق العناوين التي ذكرنا. من حق كل جهة ان تناقش جدوى استمرارية المقاومة، ومن حقنا ايضا ان نطرح اسئلة عن البدائل التي تحقق اهداف المقاومة. فهل يعقل ان يتخلى لبنان عن قوة لديه، شكلت رافعة للتحرير وامنت مظلة حماية لجبه العدوان الاسرائيلي طوال 5 اعوام، اي منذ التحرير، بصرف النظر عن اطماع اسرائيل وانتهاكاتها للأجواء اللبنانية والتهديدات التي تطلقها بين يوم وآخر؟‏

وما هو البديل من قوة المقاومة الرادعة هذه؟ وهل يستطيع هذاالبديل ان يوفر الظروف الميدانية والسياسية التي توفرها المقاومة؟ واذا كان اداء المقاومة بهذه الدقة والحكمة ورعاية الخصوصية اللبنانية، فأي امر مطلوب للمصلحة الوطنية العامة، لم تنجزه المقاومة، كي نبحث عن معالجة له بالطريقة المناسبة؟‏

ليس سلاح طائفة لكن ثمة من يرى ان هذا السلاح هو سلاح طائفة معينة في مقابل الطوائف الاخرى ويخشى ان يستخدم يوما في المعادلة الداخلية؟‏

- هذا تعبير خاطىء واعتقاد متهافت بالتجربة والواقع. فسلاح المقاومة لم يكن ليحقق الاجماع الوطني حوله لو كان طائفيا، وهو لم يطرح نفسه يوما في عملية الاستقواء الداخلي، وكنا دائما نركز على شركائنا في الوطن لنكون في الخط الواحد في مواقع مختلفة من ضمن مشروع مواجهة متطلبات اسرائيل. فمنا من حمل السلاح، ومنا من وقف في موقعه في الدولة، ومنا من ايد بالقلم ومنا من نزل الى الشارع ليعبر...‏

وفي رأينا ان كل هذه الوسائل تصب في الخط المقاوم حيث يكون السلاح جزءا من هذا الخط ولا يكون منفردا او معزولا او مخصصا لطائفة او لجهة دون اخرى. ولعل تجربة مسيرة ساحة رياض الصلح والحضور الشعبي الواسع فيها خير برهان. فهل كان هذا الحضور بقوته وشموليته بسبب السلاح؟ نحن نعتبر انه تعبير عن فعل ايمان بخطه وهذا حق مشروع لجميع اللبنانيين.‏

اذاً لا يمكن ان نفرط بهذه القوة المختزنة لارضاء اسرائيل،ومطلبها الرئيسي نزع سلاح المقاومة، فيما تسعى اميركا بدأب لنزع هذا السلاح من اجل تعطيل قوى الاعتراض عليها وقوى الدفاع في مواجهتها. نحن لا نقرأ في سلاح المقاومة الا هذا المعنى. هذا لا يعني اننا نتهم من يطالب بنزعه بهذا الاتجاه، ولكن نسأل عن سبب التوقيت واهداف اثارة الموضوع وفائدته لمصلحة لبنان لنصل الى قواسم مشتركة لئلا نقدم خدمة مجانية الى العدو الاسرائيلي، من حيث ندري او لا ندري.‏

واذا كان الموضوع يتعلق بادارة الدولة ومكانة الجيش فهما محفوظان ولا مشكلة بوجود التنسيق. ومن حق لبنان ان يختار الطريق الذي يراه مناسبا للدفاع عن نفسه.‏

وهنا نطرح علامات استفهام كبيرة حول تصريحات لأركان في المعارضة تطالب بنزع سلاح المقاومة بعد الانتخابات مباشرة، متجاوزين قضية مزارع شبعا والخطر الاسرائيلي. هذه التصريحات تجعلنا في دائرة التوجس من الاهداف المستورة ومن التماهي الذي يحصل مع الرغبة الاميركية وراءها في هذا الشأن.‏

اعتقد ان على المعارضة مسؤولية الاجابة عن هذا السؤال لان موضوع المقاومة هو الهدف التالي للتدخل الاجنبي في لبنان، فهل هم مع تسهيل هذا التدخل؟ اما ان تكون هذه المعارضة مبنية على اجراء الانتخابات النيابية فحسب وتغفل عن كل المشاريع التي تقسم الساحة وتؤجج الخلافات وتجعل لبنان بين الاستقلال والتبعية فهذا امر لا يبني وطنا، بل يدخل في دائرة المغامرة التي لا نستطيع ان نتفرج عليها من دون ان نقول مع كل الوطنيين كلمتنا في رفض اعطاء اسرائيل منحة ورخص التدخل الاميركي في شؤوننا الداخلية.‏

تطوير المفهوم‏

مع ذلك كله ثمة من يرى ان المقاومة فقدت كثيرا من مقوماتها في المرحلة السابقة، خصوصا بعد صدور القرار 1559 وبعد انسحاب سوريا والتطورات الداخلية وانقسام الشارع بين معارضة وموالاة، وبعد قبول الفصائل الفلسطينية بالهدنة مما ادى الى انتهاء دور الانتفاضة.‏

- استطاع "حزب الله" ان يطور مفهوم مقاومته الاحتلال من عمل عسكري يومي الى اداء ردعي مختزن تصاحبه اعمال عسكرية بين الحين والآخر. وهذه القوة هي بيد لبنان ولمصلحته. ومن يطلبون التخلي عنها يغفلون عن ان لبنان سيصير اسيرا لمتطلبات اسرائيل الامنية والسياسية والعسكرية، مما يعني انه سيخسر قدرته على المواجهة، وهو الحلقة الاضعف في المنطقة.‏

- نحن نقر بوجود متغيرات، منها ما اشرت اليه في السؤال، ولكن هل نعطي المقاومة على طبق من ذهب في حين عجزت اسرائيل عنها طوال 18 عاما، ولا تزال كذلك بعد التحرير، كما عجزت عنها اميركا رغم سياستها في الترويج لمواجهة "حزب الله"، عبر وصمه بالارهاب؟ ان التنازل في لحظة الهجمة هذه يكون عنوانا لخسارة كل شيء.‏

نحن نعتقد ان هجمة اميركا واسرائيل طبيعية، وما دامت هناك ارادة لبنانية فلن يتمكنوا من اجراء اي تعديل. واذا كان بعضهم يتحدث عن الضغط الدولي فنحن نطالب هذا البعض بالا يكون القناة التنفيذية لذاك الضغط وعند ذلك تحل المشكلة. اما اذا كانت تلك اقتناعاتهم وهم يفيدون من الضغط الدولي ويتسترون وراءه فنحن نعتبر انهم سلكوا الطريق الخطأ، وهم يوقعون لبنان في التبعية.‏

واذا كانوا متخوفين على طوائفهم او احزابهم او مراكزهم فالحل يكون بالجلوس والتفاهم بعد مناقشة كل الهواجس والاخطار، اذ لا يصح ان نتحدث عن هاجس طرف من المقاومة فنعتبره هاجسا مشروعا ولا نتحدث عن هاجس المقاومة من ذاك الطرف. اذ ان كلا الهاجسين مشروع وحله يكون بالتفاهم لمواجهة متطلبات المرحلة.‏

عرض بلا معنى!‏

ما ردكم على ما يقال ان الرئيس الاميركي جورج بوش منحكم فرصة لتتحولوا حزبا سياسيا بعد ان تتخلوا عن السلاح؟‏

- العمل السياسي الناجح هو نتيجة لمشروع واقبال شعبي على هذا المشروع، وهذا متحقق في اداء الحزب الذي يعمل في السياسةالداخلية من ضمن رؤيته لأولوياته.‏

وهو بهذا لا يحتاج الى مكافأة من احد ولا يقبل بأن يأخذ مكتسبات في الساحة الداخلية باشراف من اميركا أو من غيرها، لاننا ضد الاستقواء بالخارج وما لا نقبل به لغيرنا لا نقبل به لنا، وعليه يكون الطرح الاميركي بلا معنى، وليست له اي قابلية للتطبيق. وبطبيعة الحال نفهم ما يقصدونه. فهم يعرفون اننا نعمل في السياسة لكنهم يغروننا بمزيد من المكتسبات ثمناً. وبديلاً من المقاومة.‏

وبرفضنا لهذا المنطق نؤكد مجدداً ان المقاومة ليست للاستثمار السياسي الداخلي فهي جزء من الدفاع عن بلدنا وحقوقنا، وهذا لا يستبدل باي امر آخر.‏

لسنا موالاة!‏

يؤخذ عليكم انكم تصديتم للدفاع عن السلطة وحمل اوزارها رغم انكم لم تكونوا جزءاً منها في السابق. كما يسجل عليكم انكم صرتم في الموالاة رغم ان المعارضة دعتكم الى الحياد او الانضمام اليها، فلماذا اقدمتم على هذا الموقف؟‏

- سمعنا تصريحات كثيرة تدعونا من موقع الناصح الى عدم التدخل في الشأن السياسي الداخلي، ونحن اذ نشكرهم على هذه النصيحة نسأل ما الذي فعله الحزب في التطورات الاخيرة؟‏

وجد الحزب ان البلاد سائرة في اتجاه الخطر المحدق والسيطرة الدولية وسلبها حريتها وسيادتها واستقلالها، خصوصاً بعدما اقامت السفارتان الاميركية والفرنسية ورشتي عمل للادارة التفصيلية التنفيذية لواقع لبنان السياسي الداخلي. احسسنا فعلاً ان البلد يتجه الى خطر جديد، لذا كان لا بد لنا من ان نقول لا للتدخل الاميركي، ولا للتدويل ولا للقرار رقم 1559 ولا للمندوب السامي في عوكر. مع تأكيدنا على ضرورة كشف حقيقة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وليس على ضرورة استثمارها، وهذا لا يتحقق الا اذا عبرنا عن وجهة نظرنا وحضورنا في الساحة السياسية.‏

ونقول ان حضور "حزب الله" ليس تأييداً للموالاة ولا تغطية لاداء السلطة التي تتحمل وحدها مسؤولية ادائها، ولا اصطفافاً في مقابل اصطفاف "لقاء البريستول"، انما اعلن الحزب من البداية انه يحمل رؤية تنسجم مع من اجتمع في لقاء عين التينة، وهو يعبر عن موقفه السياسي من خلال التظاهر انسجاماً مع رؤيته لحماية لبنان من التدخل الاجنبي. ولو عرضنا مطالب لقاء عين التينة او المعارضة لوجدنا انها متشابهة في العناوين. اما الخلاف معه فيتمحور على رفضنا التدخل الدولي بأشكاله كافة، وخصوصاً التدخل الاميركي، ودعوتنا الى الحوار لنقل لبنان الى المرحلة الجديدة.‏

لم يتحرك "حزب الله" مستغلاً مقاومته، ولم يسخر ادوات المقاومة لمصلحة هذه المواقف، بل ان حضور الحزب كان للدفاع عن حرية لبنان واستقلاله، واكبر دليل ان تظاهرتنا تتكرر في اتجاه السفارة الاميركية في عوكر لاننا نعتبر ان المشكلة هناك، اي في التبعية، وليست المشكلة مع المعارضة، إلا من حمل منها مشروع تغطية التدخل الاميركي.‏

ونحن من حقنا كمواطنين ان نقول كلمتنا. اما ان يهددنا بعضهم بأن موقفنا سيؤثر في نظرته الى مقاومتنا. فهذه مبادلة غير منصفة، ونظرة لا تنسجم مع اصالة الدفاع عن الوطن. ولا نستطيع ان نقف مكتوفين، ونحن نرى بلدنا ينهار امام الفوضى المنظمة التي ترعاها اميركا. ان نزولنا الى الشارع هو من اشكال الدفاع عن لبنان ولتأكيد استقلاليته عن القرار الاميركي.‏

ما هو حلكم؟‏

بعد كل هذه التطورات التي شهدتها البلاد ما هي رؤيتكم لحل الازمة؟‏

- اندفع الحزب في شكل كبير الى فكرة حكومة الوحدة الوطنية، ولم يرفع شعار المناورة، بل فعل ايمان حقيقي بأن اجتماع القيادة اللبنانية في اطار حكومة وحدة وطنية انتقالية يساعد في نقل البلد الى طريق الحل. فاذا تفاهم المجتمعون على أسس للمرحلة المقبلة فهذا جيد لانهم يوفرون بذلك غطاء لمرحلة ما بعد الازمة، واذا لم يتوافقوا فعلى الاقل يرعون اجراء الانتخابات ويتابعون ملف التحقيق في قضية اغتيال الرئيس الحريري. وبعد الانتخابات تعيد القوى تشكيل الحكومة ويتم العمل وفق المؤسسات الدستورية، اما لمتابعة تأليف حكومة وحدة وطنية مجدداً واما لايجاد تشكيلات بوحي من نتيجة الانتخابات، وعند ذلك تصبح الحكومة المختارة مسؤولة عن معالجة مشكلة الحوار والخلل والقضايا العالقة والخلافية.‏

هذه رؤيتنا للحل، خصوصاً اننا نرى تشابهاً كبيراً في طرح لقاء عين التينة والمعارضة، وتكاد الخلافات بينهما تكون محصورة ومحدودة، الا اذا كانت هذه الخلافات معبراً ملائماً لسياسة الغالب والمغلوب، فهذه السياسة لا تنجز حلاً لاحد. جربها من كان قبلنا واخفق، فلا داعي لاعادة التجربة، لان القوي اليوم ضعيف غداً والنقيض صحيح.‏

إذاً نحن نريد ان نحتكم الى امرين الحوار من جهة وحرية الناخب في اختيار ممثليه من ناحية اخرى.‏

المعارضة لم تستجب‏

ثمة من يتهم الموالاة، وانتم من بينها، بالعمل على التمديد لمجلس النواب الحالي عبر تأجيل الاستحقاق الانتخابي؟‏

- سلكت المعارضة طريقاً الى التعاطي وحكومة الرئيس عمر كرامي بعيد اغتيال الرئيس الحريري، كان واضحاً انه يرمي الى تقويض تلك الحكومة، واسقاط كل الرموز التي واكبت مرحلة التمديد وما بعدها كخطة غايتها وصول المعارضة الى السلطة. ولان التركيبة النيابية لا تساعد في تحقيق هذا الهدف، كان البديل تهشيم السلطة بسيل من الانتقادات والتهم والاجواء الاعلامية وغيرها مما جعلها عاجزة عن فعل اي شيء. فكيف يمكن في ظل هذه الاجواء ان تؤلف حكومة جديدة بعد استقالة كرامي؟ لذا كان الاصرار على حكومة الاتحاد الوطني خطوة انتقالية، لان لا قدرة على تشكيل اي حكومة في ظل هذا المناخ الهجومي للمعارضة، ولا يمكن ان تسلم القوى الاخرى في السلطة مقاليد البلاد جاهزة الى المعارضة. اذاً نحن في المأزق.‏

اما اليوم فوجهة نظري ان الفترة التي مرت، ولم يستطع كرامي فيها تشكيل حكومة اتحاد وطني، كانت ضرورية وكافية ليعرف الرأي العام ان المعارضة لم تستجب مطلب المرحلة الانتقالية. واذا شكلت، الحكومة اليوم من لون واحد ويجب ان تشكل في اسرع وقت فستكون المعارضة مكشوفة اذا واجهتها، ولن يصدق الشعب اللبناني عنوان "مصلحة لبنان وحمايته" ما دامت الحكومة انتقالية ولاداء مهمات محددة واذا لم تعترض المعارضة ولم تضيق عليها فانها تخطو خطوة ايجابية لانتقال لبنان الى المرحلة التالية.‏

في رأينا لم يكن في الامكان الا بذل كل المساعي للتوصل الى حكومة اتحاد وطني، وحان الوقت الآن لملء الفراغ بتأليف اي حكومة.‏

زيارة جنبلاط ليست بروتوكولية‏

زيارة النائب وليد جنبلاط الاخيرة الى الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، هل هي استئناف لما انقطع في العلاقة ام هي محطة لمرحلة جديدة؟‏

- قرأنا زيارة الاستاذ وليد جنبلاط لسماحة السيد حسن، في شكل ايجابي، فهي لم تكن زيارة بروتوكولية، وليست شكلاً من اشكال التواصل السطحي، اذ تناولت المناقشات خلالها عمق الامور، ولعل ما تضمنه تصريح الاستاذ وليد بعد الزيارة يؤشر بوضوح الى العناوين الرئيسية التي هي محل توافق بين الحزب وبينه، وابرزها مرجعية الطائف ورفض القرار 1559، ومتابعة التحقيق وعدم الحديث عن سلاح المقاومة، خصوصاً مع استمرار احتلال مزارع شبعا، واعادة النظر في مستقبل العلاقات مع سوريا بما لا يجعل لبنان عدواً لسوريا وربما لا يجعل مجلس النواب معادياً ايضاً لها. وفي تصوري ان هذا الكلام يحمل بوضوح الرؤية المتمايزة عن بعض المعارضة التي تؤجل مناقشات القضايا الخلافية الى ما بعد الانتخابات.‏

وكذلك تحمل هذه الرؤية امكانات الحوار الجدي والبناء والتعاون المشترك واعادة رسم الصور الصحيحة بوضوح المواقف.‏