مقابلات

الشيخ نعيم قاسم في حوار اجتماعي صريح مع كواليس: يجب أن نميز بين الوعي الجنسي والإثارة الجنسية

قلة اؤلئك الذين لم يروا صورة له على صفحة مجلة أو جريدة أو تلفاز، وقلة أولئك الذين لم يسمعوا اسمه يتردد على كل لسان تقريبا على امتداد الوطن العربي، فلقد سرى ذكره في البلاد مصحوبا بذكر حزبه المشع ضوءاً متكاملا على مدار الساعة.‏

أجرى الحوار: يوسف هزيمة‏

الملخص: قلة اؤلئك الذين لم يروا صورة له على صفحة مجلة أو جريدة أو تلفاز، وقلة أولئك الذين لم يسمعوا اسمه يتردد على كل لسان تقريبا على امتداد الوطن العربي، فلقد سرى ذكره في البلاد مصحوبا بذكر حزبه المشع ضوءاً متكاملا على مدار الساعة.‏

ولكن العارفين به أو معظمهم يغيب عنهم الوجه الآخر له، فاسمه خرج إلى دائرة الضوء من باب الثقافة الواسعة الذي يعتبره هو الجذر للحركة الجهادية التي يمثل.لذا هو أتعب جسمه على مدى سنوات وعقود من اجل صقل نفس كبيرة بثقافتها الإسلامية والمعاصرة على حد سواء، فهو إلى كونه عالم دين من الطراز الأول ،هو تربوي وثقافي من الطراز الأول أيضا، وخصوصا إذا علمنا أن في أرشيفه الثقافي ألف شريط أو يزيد من المحاضرات الثقافية والتربوية والاجتماعية والدينية..عدا عن مؤلفات جمة، نقتطف منها: حزب الله المنهج، التجربة، المستقبل -عاشوراء مدد وحياة- حقوق الجوارح -حقوق الوالدين والولد-حقوق الزوج والزوجة -حقوق المعلم والمتعلم الذي صدر مؤخرا. وهذه الكتب وغيرها صدرت في طبعة ثانية وبعضها ثالثة.‏

ولد عام 1953 في كفر فيلا-جنوب لبنان‏

حائز على الليسانس والكفاءة في الكيمياء من الجامعة اللبنانية,‏

حصل على المراحل العليا من الدراسة الحوزوية(بحث خارج)على أيدي كبار العلماء.‏

شارك بفاعلية في تأسيس الاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين.‏

عمل مع الإمام موسى الصدر في تأسيس حركة المحرومين.‏

ساهم في تأسيس حزب الله عام 1982.‏

مسؤول عن متابعة العمل النيابي في حزب الله.‏

هو في منصبه الحالي في الحزب منذ العام1991.‏

حوارنا لهذا العدد هو حول قضايا الشباب و المرأة، والجنس هو مع نائب الأمين العام لحزب الله في لبنان سماحة العلامة الشيخ نعيم قاسم والذي نتعرف فيه إلى الوجه الآخر لسماحته.‏

سماحة الشيخ قبل أن أبدا بالحوار معكم دعني أثير هذا ا لتساؤل:لماذا لم نزل نتجنب الخوض في كثير من قضايا الشباب ولا سيما الجنس، وما زلنا نعتبر الحديث عنها من المحرمات؟‏

تشكلت صورة سابقة عن المسألة الجنسية بأنها تمثل العيب والمحرم والمسائل الصعبة التي يعجز الأهل عن توضيحها لأولادهم، وكذلك وجدت عادات في المجتمع جعلت هذه المسألة من المسائل المعقدة في كيفية شرحها وتوضيحها بطريقة ملائمة ومناسبة.ولعل الجهل الذي كان سائداً بطبيعة المسائل العلمية المحيطة بالمسألة وكيفية إخراج هذا المضمون بطرق غير مثيرة جنسياً من المشاكل التي وقفت حاجزاً في السابق أمام هذا الأمر، ثم جاء الوضع الحديث الذي طرح المسالة الجنسية بطريقة مثيرة لا بطريقة تعليمية فأوجد نمطاً من التفلت ومن الدعوة إلى عدم وضع حواجز نهائياً أمام أي مسالة جنسية، وهذا ما أوقع المربين في مشكلة جديدة تشابه ما يمكن أن نسميه الانتقال إلى التفريط بدل أن يكون هناك تفكير جدي بآليات مناسبة وبشرح معقول.وعلى هذا الأساس أعتبر أن المشكلة هي خليط من الجهل بالأساليب المناسبة والملائمة والتفلت الذي أوجد حالة الصدمة عند البعض ومن الخروج عن النتيجة الطبيعية المتوخاة والمطلوبة من التعليم أو توضيح المسألة الجنسية.‏

هل نستطيع أن نقول إن الشباب يعاني من كبت أم تفلت بحسب تعبيركم؟‏

المعروف علمياً بأن المسألة الجنسية فطرية عند الإنسان، وهي تبدأ بالنمو والبروز مع أجواء سن المراهقة، وبالتالي هذه ترتبط بحاجة جسدية من ناحية وتتحرك بفعل العوامل الخارجية ليتصعد أو يكثف مستوى إثارتها من ناحية أخرى. فإذاً المسألة الجنسية ليست جسدية فقط وإنما هي أيضاً متأثرة بالمحيط الموجود، فكلما كان المحيط يطرح المسائل الجنسية بطريقة مثيرة أكثر كلما كنا أمام متطلبات جسدية أكبر. والمعروف أيضاً أن العقل هنا يلعب دوراً أساسياً في التحريك وفي الاختيار، فالمسألة منساقة إلى الجسد بمعزل عن التصورات والأفكار التي يحملها الإنسان والمؤثرات المختلفة. وفي زماننا حالياً أجد أن ما قدمته وسائل الإعلام وما يعمل له عدد من الذين يفكرون في استثمار إثارة الغرائز لاعتبارات ثقافية وتجارية في آن معاً قد أوجدوا حالة الضغط النفسي والجسدي عند الكثير من الشباب مما أوقعهم في الحرام أو أوجد عندهم إثارة للحاجة الجسدية في وقت مبكر وهم لم يهيئوا أنفسهم بعد للزواج أو القيام بأعباء ومسؤوليات العلاقة مع الجنس الآخر.‏

أمام هذا الواقع أستطيع القول إن الشباب اليوم مضغوط بشكل أكبر بكثير من السابق بالمسألة الجنسية بسبب الإثارة الخارجية ،وهذا يتطلب جهداً كبيراً للتحصين من ناحية أمام هذه المغريات ولتسهيل الزواج المبكر من ناحية أخرى لتخفيف السلبيات القائمة .ولا يمكن إطلاق عبارة الكبت لأنها مسألة نسبية فهي تصح على أولئك الذين بلغت الإثارة حولهم درجة عالية وهم غير متمكنين من الزواج ،فهؤلاء يكون عندهم حالة من الكبت والضغط إلا إذا تم تحصين الشاب بملء وقت فراغه بالانصراف عن تلك المغريات ،بالابتعاد عن أجواء الإثارة مما يخفف هذا العبء عليه بشكل أو بآخر لكن الظروف الحالية هي ظروف إثارة وتفلت وحشر للشباب في الزاوية .‏

في هذا المجال كيف تنظر إلى دور أجهزة التلفزة ولا سيما الفضائيات هل تساهم في هذه الإثارة التي ذكرتم؟‏

للأسف الفضائيات اليوم بشكل عام باستثناء تلك المختصة بالمسائل السياسية فهي تلعب دوراً كبيراً في الإثارة الجنسية وخاصة الفضائيات الأجنبية التي تلتقط بشكل واسع في منطقتنا وكذلك قسم من الفضائيات العربية التي تعرض أفلاماً ومشاهد وتحقيقات تركز في طريقة عرضها على الإثارة بشكل مركزي وإن ادعى البعض بأنه يطرح المسائل بطريقة علمية.فاليوم وسائل الإعلام دخلت إلى كل بيت وأصبح"الكباريه"والحفل الخليع والعري موجودة في كل غرفة من غرف البيت لالتقاط هذه المشاهد عبر وسائل التلفزة وهذه مشكلة حقيقية في الواقع لا بد من مواجهتها بمزيد من التنبيه والرعاية والمحاصرة لتلك الأهداف من خلال الانتباه إلى أولادنا وتحصينهم بأن يكفوا عن فتح القنوات الخليعة لأن الحلول الأخرى ومنها منع هذه القنوات أو إيقاف بثها إلى منطقتنا يبدو أنها عسيرة جداً بسبب انفتاح الأجواء وبسبب وجود جهات ترغب في إبقاء هذا الأمر حاضراً وموجوداً في كل بيت، لذا الحل الآخر هو المطلوب وهو الحل التربوي والتثقيفي والتعبوي والتوجيهي لرفض دخول هذه الوسائل أسرنا وأماكننا الخاصة والعامة .‏

ألا تعتقد أن ما تقدمه هذه الفضائيات يشكل جزءاً من إثارة الوعي الجنسي في بعض الأحيان ؟‏

يجب أن نميز بين الإثارة الجنسية والوعي الجنسي فهما مختلفان تماماً ولكل منهما أساليبه وأدواته ،عندما تعرض امرأة عارية وبطريقة مغريه وتطرح المعاشرة الزوجية بقصة أو بأسلوب فيه حركات وإثارة فهذه إثارة جنسية مشبوهة لا علاقة لها بالوعي الجنسي لا من قريب ولا من بعيد .أما عندما يتعرض النقاش لمكونات جسد الرجل ومكونات جسد المرأة بطريقة علمية خارجة عن الإثارة لتوضيح بعض المسائل ولتوجيه الأزواج أو المقبلين على الزواج حول بعض المخاطر وبعض الإيجابيات وما يمكن أن يحيط بالحياة الجنسية السليمة من الأمراض وكذلك الحياة الجنسية التي تؤدي إلى استقرار الزوجين في حسن التعامل في ما بينهما مع بعضهما البعض كأن تتوضح بعض المفاهيم المغلوطة التي كانت سائدة فترة من الزمن في اعتبار الجنس وكأنه عيب بالنسبة للمرأة وأن الرجل متطلب إلى درجة أنه يتجاوز حده في هذا الأمر، لنوضح أن المطلب الجنسي عند الرجل هو أمر فطري طبيعي عادي وأن المرأة يجب أن تستجيب ومع استجابتها تحقق هي أيضاً على المستوى الجسدي ما يتناسب مع تكوينها، فنكون بذلك قد هيأنا لأسرة تعيش حالة من الاكتفاء في المسألة الجنسية بدل أن يكون تطلع الرجل إلى خارج الأسرة وأن تكون المرأة قد اختارت نمطاً في البيت يبعدها عن تلبية الحاجات المطلوبة للرجل أو تلبية ما يجعلها مرتاحة على المستوى الجسدي، بحسن الفهم والوعي في طبيعة المسائل الجنسية وهي لا تتوقف على الرغبة واللذة فقط وإنما هناك آثار أيضاً لهذه العلاقة سواء بوجود الأولاد أو منع الحمل أو بالاحتياطات المختلفة ،هذه كلها تدخل في الثقافة الجنسية التي يفترض أن تكون مخصصة ومدروسة ،وأنا أعتقد أن الحل ليس في البرامج العامة المفتوحة إنما الحل إيجاد دورات تثقيفية وتعبوية أو في أمور عامة لكن تطرح بطريقة علمية بعيدة عن الإثارة حتى تحقق الفائدة المطلوبة.‏

كنت صريحاً سماحة الشيخ وسأكون أكثر صراحة بل وجرأة وأسألك هذا السؤال:هل نساؤنا تعانين من عقدة الذنب أو الحياء في ممارسة الجنس المشروع مع أزواجهن؟‏

لا أخفي عليك أنه لفترة طويلة من الزمن كانت الثقافة السائدة هي ثقافة العيب في المسألة الجنسية عند المرأة حتى عندما تكون زوجة فهي تتعاطى مع هذا الأمر كضريبة مفروضة وليس كجزء مكون لسعادة الحياة الزوجية علماً أن العلاقة الجنسية في الحياة الزوجية تعتبر أساساً مؤثراً في استقرارها وفي إعطائها دفعاً حيوياً وفعالاً إلى الأمام بخلاف الصورة الخاطئة التي لها علاقة بتربية الآباء والأمهات ومستوى الثقافة المحدود الذي كان طاغياً في هذا الأمر،ولو راجعنا الآيات الكريمة والروايات الشريفة لوجدنا أن الحديث الإسلامي عن الزواج هو حديث واقعي ومكشوف خاصة أنه يتحدث عن الأسس،تصور تلك الآية الكريمة التي تقول( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) فالحديث هنا (من أنفسكم)تعبير عن الاندماج وعدم التفرقة في أصل الخلقة مما يجعل الزوجين وكأنهما نفس واحدة ،واستخدم عبارة السكن والسكن تعبير عن الاستقرار والاستقرار جسدي ونفسي ،معنوي ومادي،وهذا يتأثر بطبيعة العلاقة بين الزوجين ،وعندنا كم كبير من الروايات التي توجه الرجل وتوجه المرأة لكيفية العلاقة الجنسية بينهما كأن يكون هناك تمهيد في هذه العلاقة كي لا تكون مجرد إيقاع أو واجب وإنما تكون عبارة من ممهدات توجد حالة من الراحة وتأتية الرغبة الجسدية عند الطرفين فأمر المرأة مثلاً بأن تتزين لزوجها وتبرز له مفاتنها وأمر الزوج بأن ينتبه لمتطلبات زوجته فلا يكون أنانياً في هذا الأمر..وهكذا فهناك تفاصيل كثيرة تبين أن التركيز على كيفية إقامة العلاقة الجنسية بين الطرفين له علاقة باستقرار الحياة الزوجية وهذا أمر مشروع له ظوابطه وله قواعده .‏

ما هو الموقف من الكتب التي تتحدث بمضمونها عن الجنس؟‏

إذا كانت كتباً ثقافية تطرح التوعية الجنسية فلها أساليبها وهذا أمر منطقي ومعقول لكن إذا كانت تعمل على الإثارة من خلال الكلمة ومن خلال الصورة أو الرواية فنحن لا نوافق على ذلك .‏

طيب لو أن كتاباً يحدثك :كيف تمارس الجنس مع زوجتك ،في أي إطار يندرج؟‏

الأسلوب،البحث عن الأسلوب،هل الأسلوب يتحدث بطريقة يبين التثقيف الجنسي الذي يتلاءم مع علاقة أفضل أو أنه يتحدث بطريقة فيها إثارة‏

يبدو أني لم أحصل على جواب في هذا المجال‏

هذا موضوع تطبيقي في الواقع وليس موضوعاً نظرياً،يعني ما أراه ثقافة قد يراه الآخر إثارة وما يراه البعض إثارة قد يكون مدمراً‏

فهل الأمر متروك لتقييم الناس؟‏

هذا أمر عرفي فيمكن أن تعرض قصة على مجموعة من الناس المختصين بالقصة أو الذين يتفاعلون مع القصة فيقولون لك هذه قصة للإثارة أو يقولون هذه قصة تعليمية.‏

قضايا المرأة‏

دعني أنتقل سماحة الشيخ إلى موضوع آخر،موضوع حقوق المرأة ،سؤالي الأول في هذا المجال:لماذا تحرمون الاختلاط؟‏

الإسلام يحرم الاختلاط الذي يؤدي إلى حرام وبالتالي كل الإجراءات التي تحتاط لمنع الاختلاط بشكل عام وليس لتحريمه إنما تحاول تخفيف احتكاك الجنسين من غير ضرورة لأن الاستلطاف الذي يحصل عادة بين الجنسين ينمو بسرعة ويؤدي إلى متطلبات جنسية بأسرع مما يمكن ضبطه بالتثقيف أو التوجيهات العامة فالأفضل أن لا نكثر من عملية الاحتكاك خاصة أن التسعير الجنسي إنما ينشأ من كثرة تعريض الطرف الآخر للجنس الآخر وهذا أمر ثابت على المستوى العلمي إذاً نحن نقول المطلوب منع الاختلاط إلا بمقدار الضرورة ويصبح الاختلاط محرماً عندما يؤدي إلى حرام .‏

صاحب السماحة:لماذا التأكيد دوماً على الحجاب واعتباره مقياس سلوك الفتاة الشريف بينما نلاحظ أن قضايا ومسائل خطيرة كالغيبة والنميمة والكذب لا يتم التحذير منها ،أليس الإقلاع عن هذه أهم من ارتداء الحجاب!؟‏

أولاً لا أوافق معك أننا نولي أهمية للحجاب أكثر مما نولي أهمية للمسائل الأخرى كالغيبة والخيانة والغش وما شابه من مسائل أخرى ،هذه كلها من التوجيهات المطروحة والتي تتابع بشكل دائم من علماء الدين ومن المعنيين بالمسألة التربوية .ولعل مراقبة ومراجعة خطب المساجد والتوجيهات العامة والاهتمام بالتربية الروحية لمواجهة هذه الانحرافات المختلفة تبرز الاهتمام بهذه المسائل بشكل عام .‏

ثانياً:للحجاب أهمية خاصة لا بد من الاعتراف بها وهي أنها تشكل المظهر الأول الذي يعطي الانطباع مباشرة عن سلوك الفتاة ،فالفتاة المحجبة هي فتاة أخذت قرارها بالالتزام في دائرة عدم إبراز مفاتنها للطرف الآخر ،فمجرد أن تلبس الحجاب يعني هي اتخذت خطاً،هي اتخذت مساراً ،وبما أنها ظاهرة في هذا الأمر وتبرز من خلال شكلها فسيكون التمييز بينها وبين غيرها أمر فوري وأمر طبيعي .‏

ثالثاً:نحن نعتبر أن الحجاب هو تحصين حقيقي لكل من الرجل والمرأة وهو مفصل كبير جداً في الاتجاه التربوي الاسلامي لأن المرأة بطبيعتها جذابة وبالتالي خلقها الله تعالى لتجذب إليها الرجل لكن لكي لا تكون المرأة مشاعا وكي لا تكون سبباً لفوضى في العلاقات الجنسية وكي تلعب دورها بشكل صحيح وسليم من دون أن يكون خارجاً عن الضوابط ،أمرها الله بالحجاب فالحجاب هنا يمنع بروز مفاتنها بشكل إجمالي ويحصر هذه المفاتن بالزوج مما يعني أن المطلوب منها إنسانة في المجتمع وأنثى لزوجها لا أن تكون أنثى في المجتمع وفي الطريق تكون أنثى لزوجها أيضاً لأنه عندها هي لن تكتفي بذلك وهو لن يرى استقراراً في هذا الأمر ،ودليلنا ما يحصل في الغرب من تسيب على مستوى العلاقة الأسرية ومن استغلال لجسد المرأة في كل الأمور من أجل الإثارة الجنسية المركزة .‏

من ناحية أخرى عندما تتحجب المرأة لا يعود الرجل في نظرته إليها يتعامل معها ككائن جنسي فقط، وإنما يتعامل معها كإنسانة ويصبح الجنس محصوراً ومقيداً بضوابط الزوجية ،وحتى لو وجد في المجتمع من عندهم انحراف أو عندهم تطلعات خاطئة فيصبحون قلة في مقابل المجتمع الذي تكون فيه المرأة بدون حجاب لأنها مع عدم الحجاب تكون قد عرضت نفسها من ناحية وقد انجذب إليها الرجال من ناحية أخرى ،أما مع الحجاب تكون قد منعت نفسها من ناحية وامتنع عنها الرجال بشكل عام من ناحية أخرى ،وهذا يزيد من التحصين وهذا أمر جوهري .‏

ذكرت أن المرأة بطبيعتها جذابة ،والمرأة ألا تعتبر الرجل جذاباً!؟‏

بشكل عام الرحل ينجذب إلى جسد المرأة والمرأة تنجذب إلى قوة وحماية الرجل ،المرأة لا تطلب من الرجل جسده بشكل أساسي بينما الرجل يطلب من المرأة جسدها بشكل أساسي ،المرأة تربد من الرجل حماية وحناناً وعطفاً ولا تهتم كثيراً في بداية الأمر بالمسألة الجنسية الخاصة بينما يهتم الرجل بشكل مركزي بالمسألة الجنسية الخاصة،ولذا نرى في التعاليم الإسلامية الطلب من المرأة أن تستجيب لحاجات الرجل الجنسية لأنه هو المتطلب بشكل أساسي في هذا الأمر باعتبار تكوينه بينما هي تستحبب بعد ذلك وبالتالي متطلباتها الجسدية الجنسية أقل،نعم هناك رغبة عند المرأة بالإغواء ،بينما لا يفكر الرجل بالإغواء،هو الذي ينجذب إلى الإغواء.هذه مسائل لها علاقة بطبيعة الفطرة والتكوين لكل من الرجل والمرأة حتى تعمر الحياة ،وقد أوجد الله تعالى هذه المقومات المختلفة من أجل الدفع للعلاقة بين الطرفين كي يكون هناك إعمار للكون .فالمطلوب منا تنظيم هذا الانجذاب بطريقة صحيحة ،ونعتبر أن الزواج هو الذي ينظم هذه المسائل.‏

هل لهذه الأسباب التي تفضلت وذكرتها تسمحون بالتزين للرجل وتمنعونه للمرأة ؟‏

إجمالاً لا نرى أن الرجل يعيش حالة اهتمام للزينة ،وأنا لا أتحدث عن الرجل المتدين، فلو راقبنا الرحال عموماً حتى في الغرب لاحظ ملابسهم لاحظ طريقة أدائهم ترَ أن الأناقة أو الاهتمام بالملبس أو الاهتمام بالشكل الخارجي يأخذ حيزاً عادياً وبسيطا بالنسبة للرجل، بينما بالنسبة للمرأة نرى أن أدوات الزينة والاهتمام بكل زاوية من وجهها وغير ذلك يبين حجم الاهتمام بالتزين عند المرأة ،وهذا أمر له علاقة بالحالة التكوينية ،بالحالة الفطرية،فعندما نقول: فليتزين الرجل ،لأن تزين الرجل لن يكون إلا في دائرة ضيقة ومحدودة، بطبيعته هو كذلك وهو لا يشكل عنصر الجذب المركزي للنساء بينما المرأة تشكل عنصر الجذب المركزي للرجال وكلما تزينت أكثر كثر الإغواء الذي تقدمه في المجتمع ،لذا نقول إن المرأة تستطيع أن تتزين لزوجها بل يجب أن تتزين لزوجها ،أما للمجتمع فعليها أن تكون إنسانة عادية طبيعية تلبس اللباس الجيد واللائق والمناسب والنظيف...الخ،لكن لا تعرض نفسها من خلال زينتها ،فالزينة حرام. أما عدم الحديث عن الزينة عند الرجل فلأن الأصل في تكوينه عدم الاهتمام بالزينة، وكل ما هنالك ترتيب في اللباس أو ما شابه ،وهذا أمر مشروع للجميع .‏

صاحب السماحة: الرجل يتزوج أكثر من امرأة ،لماذا لا تتزوج المرأة أكثر من رجل؟‏

أهم سبب مركزي تتحدث عنه الروايات هو اختلاط المياه ،أي أن المرأة هي المستودع الذي يقدم البويضة والتي تستقبل النطفة وتعطي الأولاد بواسطة الإنجاب ،فإذا كان للمرأة عدة رجال هذا يعني أن يضيع النسب ،لكن بالنسبة للرجل فهو يمكن أن يكون أباً مع علاقة مع عدة نساء من دون أن يضيع النسب ولا إشكال عنده، فالإشكال في المستودع في المتلقي والمتلقي لنطفة الرجل هي المرأة .إذاً الفقهاء يتحدثون بأن النقطة المركزية هي منع اختلاط المياه،لكن توجد أسباب أخرى أيضا هي أن الحاجة الجسدية عند الرجل في المسألة الجنسية أعلى وتيرة من الحاجة عند المرأة ،ويمكن للمرأة أن تكتفي بشكل طبيعي وعادي برجل واحد لأن متطلباتها من الرجل تتعدى المسألة الجنسية إلى مسألة الحماية والرعاية والحنو والاستقرار، بينما الرجل يضع في أولوياته المسألة الجنسية ،وهذا يستدعي أن يفسح المجال لمعالجة هذه الإشكالية عندما يحتاج إلى معالجتها وقد تكون بتعدد الزوجات أحياناً كي لا نوقعه في الحرام وكي نعطي فرصة لمعالجة متطلبات الخلقة الموجودة عنده ،وهذا غير موجود عند المرأة .‏

ذكرتم سماحة الشيخ أن أحد الأسباب هو اختلاط الأنساب،طيب وإذا أمكن للعلم تحديد صاحب النطفة؟‏

أنا ذكرت اختلاط المياه كمسالة مركزية لكن قلت المسالة الثانية لا توجد حاجات للمرأة تتطلب هذا التعدد لأن حاجتها إلى حماية واحدة ومنفردة ،أضف إلى ذلك أن التكوين البشري لا يمكن أن يستقر على مستوى الأسر إذا كانت المرأة بين عدة رجال لكن يمكن أن يستقر إذا كان الرجل مع عدة نساء لأن العبرة في الحماية التي يوفرها الرجل لأسر يمكن أن يديرها، لكن لا يمكن للمرأة مع عدة رجال أن توجد بنية أساسية للأسرة .‏

لماذا تؤكدون على موافقة الآباء في الزواج بينما يتساهل في هذا الأمر بموضوع المتعة؟‏

الأغلبية الساحقة من فقهائنا يعتبرون أذن ولي الأمر الذي هو الأب أو الجد للأب واجب سواء أكان ذلك في الزواج الدائم أو الزواج المؤقت ،وليس صحيحاً أن الأمر غير مشروط في الزواج المؤقت بالنسبة للبكر طبعاً ،وهذا أمر معروف عند الفقهاء ولذا لا أعلم اختلافاً في هذا الأمر إلا عند عدد محدود جدا من الفقهاء‏

مشاكل الشباب‏

هناك من يقول بأن جل اهتماماتكم سياسي محط أو لنقل يركز على الشأن العام بينما مشاكل الشباب الأخلاقية والتربوية والاقتصادية وما أكثرها لا تأخذ حيزا من اهتماماتكم، إلى أي مدى يعكس هذا الكلام الحقيقة ؟‏

الشأن السياسي شأن يهم جميع الناس ويتعلق بإدارة الشؤون العامة، ولذا يكون الأبرز عادة ويكون المنظور من وجهة نظر الناس ،وكلما كثرت التحديات كلما برز الشأن السياسي بشكل أكبر لكن هذا لا يعني أننا لا نهتم بالأمور الأخرى فمن موقعنا كعلماء دين وكمهتمين بالبناء الإسلامي نعمل في الحقل الثقافي والتربوي والأخلاقي ونقوم بمهمتنا في إنشاء عقود الزواج وفي إعطاء المحاضرات الثقافية والتربوية وفي عقد لقاءات تناقش مسائل الأجيال .وفي التقسيم العملي في داخل الحزب عندنا يوجد مجلس سياسي يهتم بالشؤون السياسية ،لكن بالمقابل عندنا مجلس تنفيذي له تفريعات متعددة ،فهناك مسؤول ثقافي مركزي وعنده عدد كبير من الذين يعملون تحت إدارته .وعندنا مسؤول للكشاف،ومسؤولة للهيئات النسائية ومسؤول تربوي..وهكذا‏

ما هي أبرز مشاكل الشباب التي تتناهى إليكم؟‏

أبرز مشاكل الشباب اليوم في تصوري ثلاث‏

المشكلة الأولى لها علاقة بالبنية الفكرية والعقائدية التي تتحكم في مسار واختيارات الشباب،فهناك فراغ كبير ناشئ عن تمييع الأفكار من خلال تسطيحها وعرضها بشكل مشوش من قبل اختصاصيين متعددين أو متصدين متعددين مما جعل قسماً كبيراً من الشباب يفقد القدرة على الاختيارات المحددة والسليمة أمام الكم الكبير من الطرح الذي يضيع هؤلاء الشباب .‏

المشكلة الثانية هي المشكلة الاجتماعية التي لها علاقة بفرص العمل أمام الشباب وتهيئة ظروف الاستقرار المستقبلي حيث يبقى الشاب لفترة طويلة في المدرسة وفي الجامعة وحتى عندما يتخرج لا يجد فرصة عمل بسهولة، وهذا يعقد اختياراته في الحياة .‏

المشكلة الثالثة هي الهجمة الإعلامية الجنسية التي تثير الغرائز في وقت مبكر من دون قدرة على المعالجة المستقيمة والمستقرة .‏

هناك رأي يعتبر أن الشباب اليوم منقسم في توجهاته بين متدين مغال وناء بنفسه عن عصره مكفرا كل من لا يتفق معه بالرأي حتى ولو كان من مذهبه، وبين منغمس بشهواته وملذاته وموغل في استهتاره بكل القيم الدينية والروحية، فماذا تقولون لهؤلاء الشباب في هذا المجال؟‏

في خضم هذه الفوضى الثقافية والإعلامية والجنسية ولا أقول في ظل المعلومات الجيدة والإيجابية لأننا في الواقع نعيش فوضى حقيقية على المستوى العالمي، أدعو الشباب إلى عدم الاعتداد بأنفسهم كثيراً والاعتقاد أنهم يختارون بملء إرادتهم وبشكل سليم ومستقر، فهم يخضعون لمضغوطات إعلامية من قبل أجهزة عالمية لتتعطل قدراتهم عن الاختيار الحر ،أدعوهم إلى أن يطلعوا بشكل مركز ومدروس على الفكر الديني وليقرؤوه وليسمعوه وليناقشوا فيه، فسيكتشفون أن سعادتهم وخلاصهم موجود في حسم اتجاههم واختيارهم في الحياة ،فالمشكلة الأساسية أي طريق يختار الإنسان ،الله تعالى قال في كتابه العزيز :اليوم أكملت لكم دينكم أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا .فأمامنا طرح شامل وكامل يحقق سعادة الدنيا والآخرة في آن معا .‏

أرجو من سماحتكم أن تجيبوني على الأسئلة التالية بكلمة واحدة:‏

هل أنتم مع الزواج المؤقت(المتعة ) ؟ نعم‏

تشجعون استخدام الإنترنت ؟ نعم‏

تشجعون استخدام الصحون اللاقطة"الدش" ؟ (أجاب بنعم بعد تردد وكأن "نعمه "مشروطة بالوجهة التي يستخدم فيها الدش )‏

تشجع ابنك على اختيار الحوزة أم الجامعة؟هذا اختياره‏

أريد رأيك أنت،رأي سماحة الشيح نعيم قاسم ( مبتسماً ومحرجاً في آن ،ربما لأنه لا يريد أن يفرض على الآخر خياراته حتى ولو كان ابنه)‏

أراك تتهرب من الإجابة(يستأنف ابتساماته)بحسب الولد لا علاقة لي‏

طيب لوطلب رأيك في هذا المجال (أجاب بعد إلحاح شديد من جانبي)أوجهه إلى الحوزة‏

على كل سماحة الشيخ هذا النوع من الأسئلة قد يصعب الجواب عليه بالسلب التام أو بالإيجاب التام.دعني الآن أن اطلب منكم كلمة أخيرة توجهها للشباب في لبنان والعالم العربي؟‏

أدعوكم إلى الانتباه لخطر التوجيهات الإعلامية العامة المشوشة وعودوا إلى القراءة والمطالعة لتتعرفوا بشكل دقيق وأحسنوا اختيار القدوة التي تساعدكم على تلمس مستقبل حياة أفضل .‏

في الختام صاحب السماحة أنا اعبر لكم عن جزيل تقديري واحترامي الكبير لكم وكذا عن إعحابي بفكركم النير واعترافي أمامكم بحلمكم وسعة صدركم الذي بدا في أجابتكم على كل أسئلتي ،علما أن هذه الأسئلة التي ربما حملت مواقف ورؤى قد لا أتبناها ،ولكنها ترد على السنة الناس.‏

أخيرا بكلمات معدودة :كيف تصف هذا الحوار؟‏

أعادني هذا الحوار إلى ما أرغبه في الحديث التربوي الثقافي ،الذي اعتبره الجذر الأساسي لكل حركتنا السياسية والجهادية. وقليلا ما تجرى معي مثل هذه الحوارات، لان الاهتمام الإعلامي منصب في المسائل السياسية ،‏