1-كيف ومتى تشكلت النواة الأولى للمقاومة الإسلامية في لبنان ؟
في سنة 1982م عندما حصل الاجتياح الإسرائيلي للبنان كان هناك مجموعة من المؤمنين من لجان وجمعيات مختلفة قد اجتمعوا لمرات عديدة من خلال ممثلين لهم حتى يؤسسوا حزباً يكون جامعاً وموحداً لهذه الجمعيات والقوى المتفرقة ، واستلهموا من قيادة الإمام الخميني (قدس) تلك الروحية التي فتحت أذهانهم على قاعدة عملية تركز على مسألة الولي الفقيه والانقياد له كقائد للأمة الإسلامية جمعاء لا يفصل بين مجموعاتها وبلدانها أي فاصل وهذا ما ينسجم مع طرح الإسلام بأن القيادة تكون مركزية وتكون كل المجموعات الموجودة في العالم تابعة لهذه القيادة من ناحية التوجهات الفكرية والسياسية العامة والتي عنها تعبر الجماعة في أدائها الشرعي ، من هنا هذه المجموعة التي اجتمعت كممثلة للفئات المختلفة واكبت حركة الاجتياح الإسرائيلي وكان الارتباط كبيراً بين فترة التشكيل وفترة الاجتياح وجعلت لأولوية اهتمامها مقاومة العدو الإسرائيلي من أجل تحرير الأرض وذهبت هذه المجموعة المؤلفة من تسعة أشخاص الى زيارة إيران ولقاء الإمام الخميني (قدس) وعرضت عليه وجهة نظرها في تأسيس وتكوين الحزب اللبناني فأيد هذا الأمر وبارك هذه الخطوات وركز على ضرورة أن تكون الأولوية في مواجهة إسرائيل كأولوية شرعية وكواجب ليس على المسلمين في لبنان فقط إنما واجب على كل المسلمين في العالم، من هنا تشكلت النواة الأولى ووضعت برنامج عمل مختصر حول القواعد الأساسية ثم جرى بعد ذلك اختيار قيادة سميت بالشورى فأصبحت قيادة الحزب هي الشورى التي تدير شؤونه وتتابع مسائله المختلفة ووزعت الأدوار والمسؤوليات على أساس الأهداف التي رسمت ومن الأهداف :
أ- مقاومة الاحتلال الإسرائيلي
ب- من أجل خدمة الناس والتعاطي مع قضاياهم
ج- التعاون مع كل القوى التي تساعد في إطار وحدوي في مصلحة الناس والقضايا التي نحملها بشكل عام .
ويمكن للمتتبع والمراقب أن يقرا الرسالة المفتوحة التي أعلنت في سنة 1985 ليتلمس الخطوات العملية لبرنامج السياسي العام الذي عرضه حزب الله في تلك الفترة وعمل على أساسها ، نعم بسبب الخطر الإسرائيلي المباشر تجنبت قيادة الحزب إبراز عناصرها بشكل معلن لمدة ثلاث سنوات تقريباً على قاعدة التأسيس والتكوين وعدم إعطاء فرصة للعدو من أجل أن يقضي على هذا التأسيس من المهد مما ساعد على تصليب المسيرة تدريجياً ثم بعد ذلك بدأ الأمر يتوسع أكثر الى أن وصلنا في التسعينات وبعد اتفاق الطائف في لبنان لنقوم بعمل بارز على المستوى السياسي فضلاً عن العمل البارز على المستوى العسكري في مواجهة إسرائيل كمقاومة للاحتلال .
2-من أطلق تسمية " حزب الله " وما هي القاعدة الفكرية والأبعاد الاستراتيجية له ؟
لقد اتفقنا في شورى حزب الله على إطلاق تسمية حزب الله وهي تسمية قرآنية وردت في آيتين في كتاب الله جل وعلا ، الأولى في سورة المائدة الآية 56 حيث يقول تعالى :" ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون :" والآية الثانية في سورة المجادلة الآية 22:"رضي الله عنهم ورضوا عنهم أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون " ، واعتبرنا أن هذه التسمية القرآنية التي تتحدث عن التولي لله ولرسوله والذين آمنوا وعن رضا من الله تعالى على المؤمنين الذين هم حزبه هي تسمية مباركة وتؤشر الى الأهداف والمنهجية التي يجب على المؤمنين اتباعها بأن يكونوا حزباً لله لا أن يكونوا حزباً لغيره .
أما الأبعاد الفكرية التي انطلقنا منها فهي تتمحور حول الإسلام إذ أننا نعتبر الإسلام ديناً كاملاً شاملاً للحياة حيث يقول تعالى في كتابه العزيز :" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا : " وهذا يعني أننا إذا عدنا الى الإسلام فإننا سنجد فيه كل ما نحتاجه من قواعد لحياتنا العامة على كل المستويات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والجهادية ويمكننا من خلال أطروحة الإسلام أن نسعد في هذه الدنيا وأن نعمم في مجتمعنا ما يريحه ويطمئنه في حياته اليومية سواء على مستوى علاقة الإنسان بربه أو علاقة الإنسان بنفسه أو علاقة الإنسان في مجتمعه بشكل عام ، لذا نحن عندما نقول أننا نعمل ضمن إطار حزب الله يعني أننا نعمل ضمن إطار تعاليم الإسلام وما ورد فيها فنحن لسنا انتقائيين من تعاليم الإسلام بل نحن ملتزمون بكل واجب ومنتهون عن كل محرم ورد في الإسلام العزيز ثم التفسير والفهم على منهج أهل البيت (ع) وبما أوصله إلينا العلماء الأفاضل وعلى رأسهم الإمام الخميني (قدس) الذي يعتبر الولي الفقيه والقائد الذي نتبع منهجه في تفسير الرؤية الإسلامية وتحديد الأبعاد الاستراتيجية ، إذا نحن نعتبر أن حياتنا برؤية لهذه الحياة إما أن تكون الرؤية مادية وإما أن تكون الرؤية دينية
ترتبط بين المادة والروح ونحن نلتزم بهذه الرؤية التي ألتزمها الإسلام .
3-من هم مؤسسو الخلايا الأولى دورهم وبدايات نشاطهم ؟
كما ذكرت في الإجابة على السؤال الأول اجمع مجموعة من الأخوة المؤمنين من لجان وجهات وجمعيات وحركات مختلفة وكان لهم تسعة ممثلين هم اللجنة التوساعية المؤسسة التي وضعت أفكاراً ونظاماً عامة انطلقوا من خلالها ليبدأ التأسيس في سنة 1982م ، في هذا العام بدأ الأخوة في استقطاب وخاصة في منطقة البقاع على قاعدة أنها كانت منطقة خارج الاحتلال الإسرائيلي وكان متيسراً الاجتماع والتنظيم وعقد اللقاءات وكذلك التدريب العسكري لإعداد الأخوة حتى يقاتلوا إسرائيل ، أما تنظيمنا في بيروت والضواحي وكذلك في الجنوب فكان تنظيماً بالغ السرية لأنه كان معرض لخطر الاحتلال الإسرائيلي وتركزت بدايات النشاطات على أعمال ذات طابع عسكري مباشر من خلال عمل المقاومة في الجنوب ومناطق الاحتلال وعلى عمل تدريبي وثقافي وإعلامي في المناطق المحررة مثل البقاع طبعاً شباب البقاع كانوا ينتقلون الى الجنوب بوسائط مختلفة للقيام بأعمال عسكرية ولكن كنا نركز في المناطق المحررة على أنشطة ثقافية وإعلامية وتربوية إضافة الى أعمال التدريب .
4-ما هو الدور الإيراني في عملية التأسيس وما هو دور الحرس الثوري في التدريب والتسليح ؟
يمكننا الحديث عن دور للإمام الخميني (قدس) الذي أعطى مباركته لتأسيس حزب الله بعد ذلك كان النشاط يتركز بشكل أساس على عمل الشورى ومن معها وبالتالي الدور الإيراني بشكل عام كان دوراً مسانداً ومساعداً وداعماً لهذا الاتجاه الذي ينسجم مع رؤيتهم ، وعليه هم لم يكونوا في دائرة التدخل في التفاصيل المرتبطة بعمل الشورى إنما كانوا في إطار الدعم الذي يؤكد على تبني هذا الاتجاه وعلى القناعة بمشابهته بأفكارهم وآرائهم ، ومعلوم أن الإمام الخميني (قدس) أخذ قراراً بإرسال الحرس الثوري الى المنطقة منم أجل مساندة لبنان وسوريا وجاء الحرس الثوري الى منطقة البقاع وأقام مخيمات تدريب وكان يدرب عناصر حزب الله وبث فيه من الروحية الثورية والتعاليم الإسلامية وكذلك في التدريب المنظم الذي ساعد على تكوين قدرة عسكرية مهمة في مواجهة العدو الإسرائيلي وكذلك كان يوجد شيء من التسليح في تلك الفترة أي في مقدمات عمل حزب الله .
5-ما هو حجم تأثير القرار السياسي الإيراني على قرارات حزب الله ؟
بكل صراحة قرار حزب الله قرار مستقل قواعده معروفة وضوابطه معلنة ويتصدى الأمين العام وأعضاء القيادة لتبيان وجهة النظر في المواقف المختلفة ، وعليه ليست آراؤنا غامضة نحن نقول بوضوح قاعدتنا السياسية الكبرى رفض التسوية والأيمان بتحرير الأرض كامل الأرض بدون استثناء ، ثانياً مشاركتنا في الحياة السياسية اللبنانية مشاركة فعالة على قاعدة عدم التنازل عن قناعاتنا الشرعية التي نؤمن بها ، ثالثاً السلاح نحمله لمواجهة العدو الإسرائيلي وسلاح الداخل فتنة ولا يجوز استخدام أي سلاح في الداخل للتعبير عن الاختلاف أو الاعتراض أو الممانعة بأي صورة من صور التنافس أو الاختلاف الداخلي ، وهكذا عندنا مجموعة من القواعد السياسية التي أعلناها في مواقف مختلفة ونترجمها بشكل مباشر من خلال الأداء اليومي ولا يوجد تأثير في القرار السياسي على قرارات الحزب في هذا الشأن ، نعم قد يلحظ المرء انسجاماً في القرارات السياسية للحزب مع الرؤى السياسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وهذا أمر طبيعي لأننا عندما نحمل نفس المبدأ يعني الإسلام وعندما نحمل عدداً من القواعد المتشابه إذ لا نؤمن بالتسوية وتسويق الاحتلال وهم كذلك ، ونؤمن بضرورة خدمة الشعب وهم كذلك ، ونؤمن بحمل الإسلام في الحياة اليومية وهم كذلك ، إذاً هنا تشابه في القواعد الإجمالية تبقى التفاصيل التي تختلف من بلد الى آخر بخصوصيات كل بلد وهذه تتمايز بحركة الاهتمام الداخلي وطبيعة الظروف الموضوعية التي تنسجم مع هذا البلد دون البلد الآخر وعليه التشابه الإجمالي يمكن أن يعطي الإيحاء بأن قرارات الحزب متأثرة بالقرار السياسي الإيراني ولكن أعتقد بعد تجربة 19 عاماً ورؤية التطبيقات الواضحة على الأرض لمس الجميع بشكل مباشر قرارات الحزب وخصوصياته والسرعة التي يأخذ فيها هذه القرارات وطبيعة تصدي قياداته التي تعبر مباشرة عن قناعاته ، بل أقول أكثر من هذا كانوا يتهموننا في البداية أننا جالية إيرانية في لبنان ثم خففوا من هذا الأمر فاعتبروا أننا موجهون من إيران ولكن في السنوات الأخيرة أصبح واضحاً وجود خصوصيات للحزب تبرز من خلال أدائه ولا ننكر أبداً أن إيران تدعمنا بل نفتخر بهذا الدعم ونعتبر أن إيران تقوم بواجبها في هذا الشأن وبقناعاتها وكما نفتخر بدعم سوريا لنا وهي تمثل أيضاً قناعات في هذه المنطقة لها علاقة بدعم المقاومة وتحرير الأرض .
6-كيف كان واقع الحال ميدانياً عند الانطلاقة في لبنان عموماً والجنوب والبقاع خصوصاً؟
لم يكن هناك قناعة عند الشعب اللبناني عموماً في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي إذ أن التجربة التي خاضتها الفصائل الفلسطينية لم تكن مشجعة في التدخل الميداني واليومي في حياة الناس حتى أن صورة سيئة قد ترسخت في أذهان الكثيرين وأصبحوا من المعترضين على عمل المقاومة ضد إسرائيل ، إضافة الى شعورهم بأنه عمل بدون جدوى وأنه مكلف ولا طاقة لهم على التحمل ، ولذا عندما حصل الاجتياح الإسرائيلي كان يفترض الإسرائيليون أنهم سيتخلصون من العمل المقاوم لمعرفتهم بالخصوصيات الموجودة في القرى وبالخلافات الموجودة مع بعض المنظمات الفلسطينية وهكذا لم يكن مألوفاً أن تعود المقاومة نشيطة من جديد بل كان الاعتقاد السائد أن المقاومة ستنتهي ، وكانت المفاجأة لحركة حزب الله وأقول بصراحة بعض أهلنا اعترض على عملنا وواجهنا بالرفض لهذا المسار ولهذا الاتجاه ولكننا نحمل قناعة لا بد أن ندافع عنها ونتحمل آلامها وتضحياتها والممانعة التي تواجهنا بسببها وانطلقنا بعون الله تعالى وكنا قلة ولم تكن الظروف المحيطة على المستوى الشعبي المباشر وعلى المستوى اللبناني العام مساعدة لتأييد هذا العمل المقاوم ، ولكننا حرصنا على أمرين أساسيين :
الأمر الأول أن تكون مقاومتنا مقاومة سرية وهادفة وتبني مجموعات لقتال العدو الإسرائيلي ولا تكون استعراضية .
الأمر الثاني إجراء عملية تثقيف وتوعية وتعبئة للناس لتوضيح الخطر الإسرائيلي ولإعطاء تجربة ونموذج في التطبيق العملي يلغي الصورة السيئة التي علقت في أذهانهم ويرون النتيجة الطبيعية والعملية والإيجابية لعمل المقاومة .
وهكذا لاحظنا أن الصورة بدأت تتغير تدريجياً ولكن حضورنا في البقاع كان حضوراً معلناً وأساسياً نظراً لخصوصية البقاع في كونه محرراً وليس تحت الاحتلال الإسرائيلي أما في الجنوب وباقي المناطق فكان سرياً يأخذ بعين الاعتبار عدم تعريض المؤمنين والمحاربين للخطر .
7-لماذا اصطدمت مع حركة أمل وما هي العوامل التي أدت الى المصالحة ؟
وجود حزب الله هو وجود في الوسط نفسه الذي تتواجد فيه حركة أمل وبالتالي كان يوجد منافسة حقيقية بين حزب الله وحركة أمل ، كانت أمل تعتبر أن حزب الله سيأخذ دورها ومكانها ومكانتها وكنا نعتبر أن حقنا الطبيعي في أن نعمل في الساحة التي تتقبلنا والتي يحق لنا نستقبلها ، إضافة الى نمو العمل المقاوم من خلال حزب الله وتطلع حركة أمل الى خصوصية العلاقة مع الدولة في الوضع الداخلي بشكل خاص بل كان يوجد شعور أن المشروعين متصادمين وبالتالي لم تكن عوامل الثقة كافية وكانت هناك إثارات موضوعية على الأرض واختلافات سياسية لها علاقة بالرؤية بالنسبة للقرار 425 وبالنسبة للحلول السياسية التي لها علاقة بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي ، على كل حال هذه العوامل ارتبطت أيضاً بظروف إقليمية قاهرة وبتوازنات في المنطقة سرعان ما تبددت وتبينت الحقائق مثلاً أطمأن الجميع أن موضوع المنافسة هو موضوع شريف وواقعي ولن يصل الى حدود التفكير بإلغاء الآخر ، ثانياً الرؤية السياسية لا يمكن أن تكون مجيرة لأي طرف إقليمي أو دولي وبالتالي لا داعي لأن تكون المسألة ذات أبعاد تؤثر على هذه العلاقة، ثالثاً حصلت مساعي حثيثة من إيران ومن سوريا من أجل جمع حزب الله وحركة أمل لتبديد المخاوف ولإلغاء فتيل الانفجار الذي أدى الى مشاكل كبرى كانت نقطة سوداء لا يرغب أحد في العودة إليها والكل يتمنى أن تنتهي الى غير رجعة والحمد الله انتهت كذلك ، إذاً أبرز العوامل التي أدت الى المصالحة هو تدخل إيران وسوريا في الموضوع وتبديد المخاوف المشتركة وطمأنة الطرفين بعدم وجود أي نية مبيتة سلبية اتجاه الطرف الآخر .
8-هل يمكن أن نأخذ لمحة عن تجربتكم الشخصية في نشأة وتطور المقاومة الإسلامية ؟
عملت في إنشاء حزب الله منذ التأسيس وبالتالي كانت لي مساهمة في تشكيل الشورى الثانية وكان الدور الأساسي الذي أهتميت به كثيراً هو في إطار الأنشطة العامة والعمل التربوي وما يرتبط به من كشاف وهيئات نسائية وعمل طلابي وجامعي بشكل مباشر كمسؤولية تصديت لها في ما قبل الشورى الثانية أي عند التأسيس ، أما عندما أصبحت في الشورى الثانية فكان الاهتمام أوسع من ذلك وعندما يكون الإنسان عضواً في الشورى يعني أنه يتعاطى في كل الشؤون الجهادية والسياسية والثقافية والعملية بشكل مباشر بحسب موقعه في الشورى كمشاركة في القرار وله اهتمامات تنفيذية مباشرة ، وقد تطور هذا الأمر حيث كنت رئيساً للمجلس التنفيذي في أول شورى تشكلت مع وجود أمين عام للحزب أي سنة 1989م ، ثم بعد ذلك كنت نائباً للأمين العام في الشورى الثانية التي كان فيها أمين عام وهو السيد عباس الموسوي رحمه الله حيث كنت نائباً له واستمريت في هذه المسؤولية في زمن الأمانة العامة لسماحة السيد حسن نصر الله منذ توليه لها وفي الدورات المتتالية بعد ذلك أي منذ سنة 1992 حتى الآن ، وبالتالي هذه المشاركة في المراحل المختلفة وفي المواقع المختلفة يسرت لي إمكانية العمل التعبوي والتثقيفي والسياسي وكذلك المشاركة التنظيمية التفصيلية في إعداد الأنظمة الداخلية ومتابعة الإجراءات الميدانية التي لها علاقة بضبط التنظيم والقيام بتشكيل المجالس المختلفة وفق هيكليات وأسس محدد ، وكذلك تسلمت مهمة رئاسة مجلس التخطيط لفترة سنتين وتسلمت إدارة الانتخابات النيابية في الدورات الثلاث 1992-1996-2000م وأنا أتابع رئاسة مجلس العمل النيابي الذي يعنى بشؤون متابعة الملف النيابي والنواب وقضاياهم منذ سنة 1995 م تقريباً ، على كل حال مشاركتي في عمل المقاومة له علاقة في وجودي في الشورى لأن هذه الأمور تتابع من خلال قنواتها وعندما كنت رئيساً للمجلس التنفيذي أي في سنة 1989م كانت المتابعة لها علاقة في الإشراف اللوجستي والمتابعة للأقسام المختلفة التي تصب في النهاية في العمل المقاوم، فكل من يعمل في إطار القيادة يكون له دور ما اما التفاصيل فليست للإعلان عادة.
9-كيف أعددتم خلايا الاستشهاديين وما هي الأسس التي نشأت عليها ؟
الاستشهاد هو جزء من الثقافة الإسلامية للتربية على الجهاد فتاريخنا الإسلامي وتعبئتنا الإسلامية حافلة بالبناء على الشهادة وبيع النفس قربة لله تعالى الآية الكريمة واضحة :" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به فذلك هو الفوز العظيم " ، فإذا هناك تعبئة إسلامية باتجاه الاستشهاد وباتجاه بذل النفس في سبيل الله تعالى عندما يتطلب الأمر بذل النفس ، ولكن المهم هي كيفية التربية والتعبئة على هذه الروحية والحمد الله استمدينا من روحية الإمام الخميني (قدس) هذه التعبئة الجهادية وعبأنا إخواننا على المضمون والمفهوم الإسلامي وهذا سيولد بشكل طبيعي حب الشهادة مع الالتزام بالقيام بالواجب والتكليف الشرعي لمقاومة المحتل الإسرائيلي استناداً الى أر وقرار الولي الفقيه ، وعليه بدأ شبابنا يقبلون على الشهادة لأنهم يؤمنون بأن شهادتهم ستوصلهم الى الجنة وبأنهم ينفذون أمراً وتكليفاً شرعياً وأنهم مبرؤو الذمة في هذا الأمر .
10-ما هي حقيقة مشكلتكم مع داوود داوود ، وما هي معلوماتكم عن تصفيته ؟
هذا السؤال ليس في دائرة اهتماماتي ولا أعتقد أنني ملم بتفاصيل وضعه .
11-هل لنا أن نعرف تفاصيل عملية أنصارية ؟
أحيلكم إلى كتاب عملية أنصارية الذي أصدره المركز الاستشاري فهو غني بتفاصيل كثيرة يمكنكم الاستفادة منها .
12-ما هو مدى اختراقكم لصفوف العملاء ، ودور هذا الاختراق في نجاح تنفيذ العمليات؟
بالطبع كان لنا اختراق واسع لصفوف العملاء وكنا نحصل على معلومات أمنية وتقارير واتصالات وهذا جزء من العمل العسكري الميداني ، إذ بدون اختراق واقع العدو لا يمكن أن يحقق الإنسان إنجازات كافية وإلا سيكون القتال عن بعد وعن جهل ببعض التفاصيل ، كانت لنا شبكات منظمة ترتبط بعدد من العملاء الذين يمدوننا بمعلومات عن المواقع وعن حركة الإسرائيليين وعن التبديلات وعن التواجد في القرى كواحدة من مفردات المعلومات والمعطيات التي تساعد في تنفيذ العمليات .
13-كيف تمت عملية استهداف الأمين العام السابق السيد عباس الموسوي ؟
في 16 شباط سنة 1992م كانت الذكرى السنوية لاستشهاد الشهيد الشيخ رغب حرب، فصعد السيد عباس الموسوي (قدس) الى بلدة جبشيت وألقى كلمة بالمناسبة على قاعدة إحياء الذكرى السنوية للشهيد الشيخ راغب حرب ثم رغب بعد ذلك أن يمر على بيت العائلة ويعزيها ومن هناك انتقل في سيارته متجهاً الى بيروت ، والأشكال الأساسي كان تلك الحركة الظاهرة وغير السرية بحيث كان معروفاً بوجوده في بلدة جبشيت وبعد أن انتهى الاحتفال انتقل بسيارته أمام مرأى الناس وبشكل واضح فانقل الى بيت الشهيد الشيخ راغب ثم كانت حركته في السيارة نفسها وكان هناك عملاء موجودون في البلدة أعطوا إشارات للعدو الإسرائيلي وعرفوا عن موكبه إضافة الى تحليق طيران للتصوير في الجو وعليه كانت المتابعة من خلال قصف الطيران هي متابعة مستندة الى معلومات أرضية بسبب وضوح التنقل والوجود هذا الخلل الأمني أثر في استشهاد السيد عباس (قدس) .
14- ما هي تفاصيل خلافاتكم مع الشيخ صبحي طفيلي ؟
نشأ الخلاف مع الشيخ صبحي طفيلي بعد مغادرته الأمانة العامة ووجود قناعات موجودة عنده في طريقة المتابعة تختلف عن قناعتنا مثلاً أبرز قضية تتمثل بمسألة إنماء البقاع إذ كان يرى ضرورة التحرك السلبي ونزول الناس الى الشارع وقطع الدفع عن الدولة وحمل السلاح في المواجهة إذا اقتضى الأمر وكبرت المشكلة الى درجة التنافس على الأماكن هناك في البقاع خاصة وبالقوة حتى انفجرت الأزمة في أعلى مراتبها عندما حاول الشيخ أن يأخذ الحوزة الدينية الموجودة تحت عنوان حقه في أن يسيطر عليها ،إضافة الى إشكال إحياء يوم القدس بشكل منفصل عن الحزب مع العلم أنه كان مازال داخل الحزب والمفروض أن لا يكون هناك أي نشاط لأي فرد بدون قرار حزبي وأبلغناه هذا الأمر بشكل مباشر وأصر على إحياء يوم القدس بعرض عسكري مختلف عن العرض الذي أقامه حزب الله في منطقة البقاع ، وهذه النقطة هي التي كانت نقطة الفصل بحيث اتخذ الحزب قراراً بفصله من الحزب بعد أن اتخذ هذا المنحى الانشقاقي من وجهة نظرنا لأن حركته سواء تحت عنوان ما سمي بثورة الجياع أو في الفرز المباشر ميدانياً وعدم الانصياع لقرارات القيادة مما شكل شرخاً لا يمكن لأي حزب أن يقبل بأن يكون في داخله من يقود مجموعة من الحزب أو من المناصرين وهو خارج عن إطار القيادة ويستفيد من إمكانات الحزب ومن رصيده ومن مراكزه هذا أمر غير ممكن ، ولذا كان الفصل من الحزب اختلاف في الرؤية العملية والميدانية في كيفية متابعة الشؤون الداخلية بشكل خاص وفي كيفية تحديد الأولويات في مواكبة هذه الأمور .
15- هل لنا أن نعرف معلومات مفصلة عن نشأة وتجربة سرايا المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ؟
في سنة 1997م أنشأنا السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي وكان الهدف هو توفير فرصة لمن يرغب في مقاومة الاحتلال ولا يحمل القناعات الفكرية والسياسية التفصيلية التي يحملها حزب الله ولكن يحمل بقناعة تامة فكرة مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ولا يكون مخترقاً أمنياً كان لا بد من توفير فرصة لهؤلاء حتى يقوموا بالواجب الذي نؤمن به أيضاً ، ولا أخفي أن السبب الأساسي أيضاً هو تلك الانتقادات التي كانت توجه لنا بأننا نحتكر المقاومة مع العلم بأننا تعاونا مع عدد من الأحزاب بطريقة ثنائية ولكن لم يكن التعاون مشجعاً وكانت خصوصيات الأحزاب تمنعها من توسيع عملها المقاوم إلا البعض الذي كال علينا جملة من الاتهامات بأننا نريد أن نقاوم وحدنا ولا نريد أن ندع الآخرين، وعندما لم نجد فائدة من التعاون الثنائي بشكل عام ولم نجد آثاراً عملية على الأرض قلنا من الأفضل أن ننشيء نحن إطارا لا يلزم من ينتسب اليه بقناعاتنا الفكرية والسياسية وإنما يوفر فرصة مقاومة محتل بحيث لا نكون وحدنا الذين نقاوم بل يشاركنا آخرون يحملون قناعة مقاومة محتل وهذا يقطع الطريق على الاعتراض غير الموضوعي علينا الوقت نفسه يعطينا قدرة إضافية وسنداً إضافياً من خلال هؤلاء الذين يريدون المقاومة ، هكذا نشأت سرايا المقاومة للاحتلال الإسرائيلي 1997م وكانت العناصر الموجودة فيها متنوعة في الواقع بانتمائها الى طوائف مختلفة من مسلمين ومسيحيين ولقناعات مختلفة سواء كانت قناعات يسارية أو عادية أو حتى إيمانية في بعض الحالات دون أن يكون هناك رغبة في الانتساب الى الحزب مباشرة ، وبما أن السرايا كانت مخصصة للعمل المقاوم لم يكن لها حضور إعلامي وسياسي مباشر والمعروف أن العمل المقاوم يحتاج الى سرية بالغة فكان التواصل معهم يتم بمعزل عن الإعلام وبمعزل عن نشاط سياسي عام إنما اقتصر فقط على مقاومة الاحتلال أخذناهم في مجموعات متناسبة وكنا ندربهم على أولويات تساعدهم في مقاومة المحتل وقاموا بعمليات عدة أعلنت من خلال وسائل الإعلام ولكن في اعتقادنا أن الفترة التي عملت فيها السرايا أي من 1997 حتى 2000م بين التدريب والقيام بعمليات بحسب إمكاناتهم وطاقاتهم لم توفر فرصة كافية لتنمو هذه السرايا أكثر أو يكون لها حضور من نوع مختلف أو يكون لها شهداء لأننا لم نكن نرغب في أن نزجهم في مواقع لا يستطيعون لها أو تعرضهم للأخطار وهم غير مهيئين على المستوى العسكري للدفاع عن أنفسهم إذ ليس المطلوب أن يقاتلوا ويقتلوا إنما المطلوب أن يقوموا بواجب فإذا قتلوا أثناء الواجب فهذا أمر طبيعي ، من هنا كانت تجربة السرايا تجربة جيدة ولكنها كانت محدودة في إطار هذه السنوات الثلاث وكان الشوق كبيراً عند الذين قاتلوا من خلال السرايا والتحقوا فيها وهذه التجربة جيدة فتحت لنا أبواباً حول كيفية العمل مع فئات لا ترغب أن تكون منتسبة مباشرة الى التنظيم .