محاضرات

الشيخ نعيم قاسم:قل لن يصيبنا

الشيخ نعيم قاسم:قل لن يصيبنا
الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام سماحة الشيخ نعيم قاسم في المجلس العاشورائي في منطقة حي السلم – خيمة عاشوراء، في الليلة الثالثة من محرم الحرام 1439 هـ، 23/09/2017م. تحت عنوان: قل لن يصيبنا.

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد(ص)، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين. 

 

السلام علي الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أنصار الحسين، وعلى أهل بيت الحسين، السلام على كل الشهداء الذين قدموا لمسيرة الإسلام المحمدي الأصيل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

أعظم الله أجرنا وأجوركم بمصاب أبي عبد الله الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه في كربلاء، وجعلنا ممن يقتدون بمسيرتهم وعطاءاتهم.

 

لعلنا نسأل أنفسنا سؤالًا عن خصوصية الإمام الحسين(ع) في هذا المقام العظيم الذي وصل إليه ليكون سيد شباب أهل الجنة، وإمامًا معصومًا، وأن يقدم شهادة لم يسبق لأحدٍ أن قدمها في التاريخ، ليخلد مع الزمن, ويصبح المعلم والهادي والقائد إلى مسيرة الإسلام الحق وإلى الانتصارات العظيمة التي تمهد لصاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء).

 

هذا المقام العظيم الذي وصل إليه الإمام الحسين(ع)، ووصلت إليه زينب(عها)، ووصل إليه شهداء كربلاء، وصلوا إليه لأنهم يستحقون ذلك، هم قاموا بعمل وقدموا تضحيات فوصلوا إلى هذا المقام العظيم. هذا يعني أن أي واحد منا في الحاضر وفي المستقبل يقدم تضحيات كبيرة في سبيل الله تعالى يصل إلى هذا المقام العظيم باستثناء العصمة التي هي للإمام الحسين(ع), ومعه الإئمة الأطهار(عم)، كل المقامات العظيمة التي وصل إليها أهل كربلاء يمكن أن يصل أي واحد منا رجلًا كان أو امرأة في حال قدم التضحيات المناسبة وعمل ليستقيم في سبيل الله تعالى.

 

لماذا قال الإمام الحسين(ع) لأم سلمة: "شاء الله عزَّ وجل أن يراني مقتولاً مذبوحاً ظلماً وعدواناً، وقد شاء أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشردين؟". بعض الناس ماذا فهموا؟ فهموا معنى: "شاء الله أن يراني قتيلًا", أن الإمام الحسين(ع) من أول حركته من المدينة إلى مكة إلى كربلاء لم يكن يملك الإرادة إلاَّ أن يذهب للشهادة، وهذا خطأ وليس صحيحًا، لأنه لو كان الإمام الحسين(ع) لا يملك الإرادة إلا ليذهب إلى الشهادة, فما "الجميل له" وأين مقامه العظيم إذا كان مسيَّرًا في أن يصل إلى النتيجة التي وصل إليها؟ لماذا قال: "شاء الله أن يراني قتيلًا"؟ لأنه لا يوجد شيء على وجه الأرض إلا ويحصل بمشيئة الله تعالى، مثلًا: شاء الله أن يخلقك بهذا القدرة، شاء الله أن تنتصر المقاومة على إسرائيل، شاء الله أن يعم هذا الوضع في العالم تمهيدًا لصاحب العصر والزمان(عج)، هنا معنى المشيئة القوانين التي وضعها الله تعالى، وليس معنى المشيئة أنه فرض إرادته على أحد، لأن الإنسان مخيَّرٌ وهو يقوم بالذي يريده، والله خلقنا مخيَّرين في هذه الدنيا, نتحمَّل مسؤولية أعمالنا إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر، لذلك هناك آخرة وحساب, وجنة ونار، لأن كل إنسان مخيَّر أن يعمل ما يشاء, "فَمَنْ شَاء فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاء فَلْيَكْفُرْ". وقد حذرنا الله تعالى أنَّ من كفر دخل جهنم يوم القيامة ومن آمن دخل الجنة، إذًا نحن مخيَّرون في أعمالنا، والإمام الحسين(ع) مخيَّر في أعماله، وهنا مشيئة الله تعالى تعني القوانين التي وضعها الله تعالى في أن من يتحرك ضد الظالم ولا يتمكن من قتل هذا الظالم أو إزاحته لأن المقاتلين معه قليلون وعدد الظلمة كثيرون جدًا, فمن الطبيعي إن حصل قتالٌ بين هذين أن يُقتل الأقل عددًا وأن يستشهدوا في سبيل الله تعالى, "شاء الله أن يراني قتيلًا".

 

بهذا التفسير نفهم عظمة الإمام الحسين(ع)، لأنه لو كانت مشيئة الله تعالى أن يأخذه إلى كربلاء من دون أن يملك الإرادة لذلك، كيف يكون له هذا المقام العظيم وهو لا يملك إرادة بلوغه!! يمكن أن يُشْكِلَ بعضهم: لكنَّه كان يعلم بأنه سيقُتل في كربلاء؟ صحيح كان يعلم، وأخبره النبي(ص) بذلك، وعلم من المحيطين بالنبي(ص)، ولكن هذه المعرفة ليست هي سبب الشهادة، المعرفة شيء والشهادة شيء آخر. 

 

للتوضيح: أنتم تقرأون الآية الكريمة التي تقول: "قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"، والفهم الشعبي: "المكتوب على الجبين لازم تراه العين"، كلنا نقول: "لي الله كاتبو ما في منه مهرب"، ما معنى هذا الكلام؟ هل كتب الله تعالى ليلزمنا باتجاه معين؟ لا، فالله تعالى كتب ما يعلمه وما يعرفه. 

 

وللتوضيح أكثر: قبل أن يخلقك الله تعالى يعلم كم عمرك، ويعلم كيف ستعمل في حياتك، يعلم إذا كنت ستذهب إلى الجنة أم إلى النار في نهاية المطاف، لأن الله تعالى يعلم كل شيء هو الذي خلقنا ويعرف المستقبل. أمَّا نحن فلا نعلم المستقبل، فإذا سألتني فلان هلك فهل سيدخل إلى الجنة أو إلى النار، أو متى يموت، أو...، الجواب: لا أدري, ولكن عندما يموت أقول لك الآن أنا أعرف أنه مات لأن الحدث جرى أمامي. فالله تعالى يعرف الأحداث قبل أن تقع، ويعرف الماضي والمستقبل وهو خلق الحياة وما فيها، وبالتالي " قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا", يعنى أن الله تعالى عنده كتاب كتب فيه الأعمار والأعمال، وحياة الناس، يعني فلان ابن فلانة سيولد في اليوم الفلاني، وسيعيش خمسين سنة, وسيموت مؤمنًا, ثم سيدخل إلى الجنة، وجاره سيعيش سبعين سنة، وسيموت كافرًا, ثم سيدخل إلى جهنم في يوم القيامة، كل هذا مكتوب ومعلوم عند الله تعالى، وليست الكتابة لأنه سيأمر الناس أن يعملوا ذلك، لا، إنما الكتابة لأنه يعرف بأن الناس سيعملون ذلك، يعرف لأنه يعلم الغيب، يعلم في ما في الأرحام ويعلم ما في المستقبل، ولذلك " قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا"، قل لن يصيبنا إلا ما عرفه الله تعالى أنه سيصيبنا، ولكن ما سيصيبنا بأيدينا ومن مسؤولتنا نحن.

 

بيَّنَ لنا الإمام الصادق(ع) الفرق بين ما نحن مسؤولين عنه وبين ما هو بإرادة الله تعالى ونحن لا نتحمل مسؤوليته، يقول(ع):  ما استطعتَ أن تلوم العبد عليه فهو منه، وما لم تستطع أن تلوم العبد عليه فهو من فعل الله"، فإذا قلت لشخص لماذا فعلت ذلك؟ ولماذا صرفت الأموال، ولماذا تصرفت هذا التصرف؟ ولماذا ذهبت إلى ذلك المكان...، الذي تقدر أن تسأل عنه فهو مسؤولية العبد، وفي المقابل لا تستطيع ولا تقدر أن تسأل شخصًا لماذا طولك 160 سنتم وليس 170، أو لماذا أنت أبيض ولست أسودًا ...، فهذا خلق الله تعالى ولا دخل للشخص فيه، فهذه الأمور من عند الله تعالى.

 

إذًا نحن أمام أمرين: أفعالٌ نقوم بها ونحن مسؤولون عنها، وأمورٌ يخلقها الله تعالى فينا أو لنا فلا علاقة لنا بها ولا يسألنا الله تعالى في يوم القيامة.، فالله تعالى لا يسألني يوم القيامة لماذا أنت ابن فلان وليس ابن فلان! ولماذا أنت من البلدة الفلانية وليس من البلدة الفلانية! ولماذا أنت قصير ولست طولًا...، في كلام آخر للإمام الصادق(ع): "يقول الله تعالى للعبد: لِمَ عصيت، لِمَ فسقت، لِمَ شربت الخمر، لِمَ زنيت؟ فهذا فعل العبد، ولا يقول له: لِمَ مرضت، لِمَ قصرت، لِمَ ابيضضت، لِمَ اسوددت؟ لأنه من فعل الله تعالى". إذًا يوم القيامة يُسأل الإنسان عن أعماله التي قام بها, ولا يُسأل عمَّا خلقه الله تعالى لنا أو فينا.

 

فإذًا مشيئة الله تعالى على قسمين: مشيئةٌ ألزَمَنا بها, وهي خَلقُنا وحياتُنا وطولُنا وأعمارُنا ومرضُنا وصحتُنا وأرزاقُنا..، هذه من عند الله تعالى. وأمورٌ أخرى نحن مسؤولون عنها، وهي كلُّ شيء يتعلق بالسلوك والاختيار. مثلًا: لا يستطيع أحد عندما نسأله لماذا أنت غير متدين ان يقول الحق ليس عليَّ، لماذا؟  أنا أعيش في أسرة غير متدينة وطلعت غير متدين بسبب الأسرة هم مسؤولين ولا علاقة لي! أنت تعرف أن هذا خطأ. أو آخر تسأله: لماذا لا تصلي ولا تعدل ولا تستقيم؟ فيقول: لا أقدر أن أغير نفسي بسبب الضغوطات الكثيرة عليَّ. إذًا أنت مسؤول لأنك تستطيع أن تغيِّر وتستطيع أن تعمل وتستطيع أن تبدِّل، ولا يحق لأحد أن يحتج بالآخرين. هناك مثل شعبي: إذا الولد بار بيطلع ثلثاه للخال"، إذا كان القصد الصفات التكوينية (شكله وطوله وعرضه) فهذا صحيح، أما إذا كان القصد سلوكه، فلا، لأنَّ السلوك تربية واختيار من الإنسان. هذا يعلمنا كيف نختار وكيف نبني سلوكنا بأيدينا ونتحمل مسؤوليتنا، نحن الذين يجب أن نعمل على أولادنا، ونحن الذين يجب أن نعمل على شبابنا وشاباتنا، نحن الذين يجب أن نعمل على أنفسنا، لأننا مسؤولون يوم القيامة أمام الله تعالى عن هذه الأعمال، ولا أحد يقول "شاء الله" ليتخلص من المسؤولية، فقد شاء الله بعد أن قرَّرتَ أنت أن تختار الصلاح، وشاء الله بعد أن قرَّرتَ أنت أن تختار الفساد، لذلك أنت تتحمل المسؤولية.

 

أقول الآن: شاء الله أن يرى حزب الله منصورًا، شاء الله أن يرى المجاهدين يضربون في كل مكان قوى الكفر ليرفعوا راية الحق، شاء الله أن يختار منا شهداء وأن يبقى الباقون للعمل في سبيل الله تعالى، شاء الله أن نكون أعزة في بلدنا بتقوى وطاعة الله تعالى، كل هذه مشيئة الله عز وجل. فمشيئة الله تأتي بعد أن عملنا وبعد أن صبرنا وبعد أن قمنا بواجباتنا، ولم يفرض رب العالمين هذا الخيار الإيجابي علينا، لأن الإنسان هو الذي يتحمل المسؤولية, "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا".

 

من هنا علينا أن نفهم أن ثورة الإمام الحسين(ع) مع أهل بيته وأصحابه من أعظم ما يمكن تقديمه للبشرية إذا لم نقل أعظم ما تم تقديمه للبشرية، لماذا؟ لأن زينب(عها) ليست معصومة، وعلي الأكبر(ع) ليس معصومًا، كل الذين كانوا في معركة كربلاء مع الإمام الحسين(ع) ليسوا معصومين، قدموا وبذلوا بقرارهم وبإرادتهم، حتى المعصوم الإمام الحسين(ع) هو الذي اختار هذه الطريق، ولم يكن له هذا المقام العظيم لولا هذا الاختيار ولولا هذا النجاح في الاختبار والابتلاء بأن يكون مع قلة قليلة تُقتل أمام ناظريه مع أهل بيته وأصحابه، هذا شأن عظيم للإمام الحسين(ع).

 

فإذًا "شاء الله أن يراني قتيلًا" بعد أن اخترت القيام بالعمل بمسؤولية شرعية، "وشاء الله أن يراهن سبايا"، بعد أن اختارت النساء أن تكون مع الحلقة الضيقة في كربلاء لتنصر الإمام الحسين(ع)، والكل يعرف أن زينب(ع) كانت موجودة في مكة المكرمة، فأتى ابن عباس ينصح الإمام الحسين(ع) أن ارجع لأن القوم لن يقاتلوا معك، فأصرَّ الإمام الحسين(ع) أن يذهب إلى كربلاء، قال له: فلتبقَ النساء والأطفال. وقفت زينب(عها) ورفضت وقالت: نحن نبقى مع الإمام إما أن نموت معه أو نرجع معه، على قاعدة أن هذا الخيار هي التي اختارته بملء إرادتها، إذًا "شاء الله أن يراهن سبايا" بعد أن شئنَّ أن يكن في طاعة الله وأن يخضن هذه التجربة في كربلاء.

 

هذا طبعًا يجعل كربلاء أعظم في نظرنا، يجعلنا نفهم أن الأمور في الدنيا إنما تحصل بالانتصار بعد الابتلاء وبالشهادة بعد الابتلاء، أكثر من هذا، أحيانًا بعضهم يقول بأن الإمام الحسين(ع) أصبح مشتاقًا إلى الشهادة لأنه كان يعلم بها, وكان يعمل من أجل أن يكون شهيدًا، هذا خطأ، وليس صحيحًا، الإمام الحسين(ع) لم يسعَ إلى الشهادة، الإمام الحسين(ع) سعى لإحياء الدين، ولكنه كان مستعدًا إذا كلفه إحياء الدين الشهادة فهو حاضرٌ لها، هذا هو الفرق، فهو لم يذهب ليموت بل ليحيي الدين. 

 

بعض الشباب عند رجوعهم من الدفاع المقدس "يزعلون"، لماذا؟لأنهم لم يستشهدوا، ولماذا تستشهد؟ هل تريد أن تنتهي من الدنيا؟ لا أنا أريد أن استشهد لأن مقام الشهادة عظيم، أصلًا أنت لماذا ذهبت إلى المعركة؟ من أجل أن نحرر وأن نكون أعزة، صحيح, وقد أعزك الله تعالى وأرجعك إلى بيتك من دون أن تستشهد، يعني أنك ربحت إحدى الحسنيين وهو النصر بدل أن تكسب إحدى الحسنيين الأخرى وهي الشهادة، أحدنا يربح النصر والآخر يربح الشهادة، وكلاهما من إحدى الحسنيين بتوفيق من الله تعالى، فأنت ربحت حتى ولو لم تستشهد لأن الله تعالى ادخرك لوقت آخر إن شاء الله في سبيل الله تعالى.

 

هناك أناس منذ زمن طويل يقاتلون في المواقع المتقدمة وفي الجبهات ولم يستشهدوا، وأشخاص أول مرة ذهبوا إلى الجبهة واستشهدوا، فماذا نقول: هل الذي استشهد من أول مرة أفضل من الذي لم يستشهد منذ ثلاثين سنة! لا يكون التقييم على هذا الأساس، الله تعالى يعرف كل شخص ما عمله والأمور عنده، فعليكم أن ترتاحوا, فالله تعالى لم يضعكم خزنة النار ولا خزنة الجنة، ودائمًا ما أقول للأخوة: لا تصنِّفوا العالم بأن فلان له مرتبة عالية والآخر له مرتبة أقل،  نحن غير مكلفين بهذا الموضوع، فهذه الأمور كلها بيد الله تعالى، فمن الذي قال بأن الذي قاتل ثلاثين سنة أفضل من الذي قاتل مرة واحدة واستشهد, والعكس صحيح؟ لا علاقة لي بأن أقوم بالمفاضلة، ما يهمني أن هذا الذي استشهد, وهذا الذي يقاتل منذ ثلاثين سنة, كلاهما على حق, وكلاهما مع الحسين(ع), وكلاهما له مقام عظيم عند الله تعالى، ومن دون الترتيبات والتصنيفات، إن شاء الله تعالى يدخل جميع هؤلاء الجنة بإذن الله مع محمد وآل محمد(عم).

 

نحن انتصرنا لأن عندنا الإمام الحسين(ع)، لأن عندنا محمد وعلي وفاطمة والحسين والحسين(عم)، لأننا ننتظر الإمام المهدي(عج)، انتصرنا لأننا عرفنا درب الولاية، درب الحق، هذا الدرب جعلنا نطمئن أننا إذا قاتلنا ففي سبيل الله، وإذا نجحنا ففي سبيل الله، وإذا استشهدنا ففي سبيل الله، فنصرنا الله تعالى ورفع مكانتنا ومقامنا ودورنا على أعداء الله. إذا قمتم بمقارنة في العالم الإسلامي بين وضعنا, وبين وضع كثير من المسلمين "الله يعينهم" مفككين ومشتتين وقياداتهم متناحرة، وكل واحد "في اتجاه"، لأننا آمنا بالولاية اجتمعنا وتوحدنا وقاتلنا يدًا واحدة، نصرنا الله تعالى على قلتنا في مواجهة الكفرة، ونجح محور المقاومة في مواجهة أعداء الله الذين اجتمعوا من كل أنحاء العالم, هذا ببركة فهمنا لدور عاشوراء ومكانتها، وحملنا لهذه المفاهيم. 

 

اذهبوا وشاهدوا الناس كيف تربي؟ يربون على عيش الحياة. ما معنى عيش الحياة؟ يعني يجب على الشخص أن يكون له منزل وأموال ويقضي أوقات بالنزهات واللهو، هذه هي الحياة!. ولكن إذا كان هناك عدو هل نقاتل العدو؟ لا, أبعد الله الشر عنَّا عدو, ولن نقاتل العدو! إذًا ماذا تفعل؟ نصالحه ونتفق معه!. هذه الجماعة لا تعرف العزة والكرامة، ولا تعرف طعم الحياة الإنسانية العزيزة، لذلك يستغربوا لماذا نربي أولادنا وأطفالنا ونساءنا وشبابنا على حب الشهادة، والمقصود بحب الشهادة هو الاستعداد لها، يعني أن لا نخاف من التشهادة، ولا نخاف أن نبذل في سبيل الله تعالى، وهذا هو الذي يعطي العزة، وهل يستأنس الإنسان بالحياة إذا لم يكن عزيزًا؟! هل يعيش حياة كريمة إذا لم يكن منتصرًا ومحررًا لأرضه؟! الحمد لله الذي وفقنا لأن نكون مع الحسين(ع) لنرفع رؤوسنا عاليًا ونرفع راية الإسلام ونكون أعزة في طاعة الله بإذنه جلَّ وعلا.