محاضرات

محاضرة تحت عنوان (سرّ خلود عاشوراء) في المجلس العاشورائي الذي تقيمه جمعية التعليم الديني الإسلامي في قاعة الجنان- ثانوية البتول(ع).2015/10/23

محاضرة تحت عنوان (سرّ خلود عاشوراء) في المجلس العاشورائي الذي تقيمه جمعية التعليم الديني الإسلامي في قاعة الجنان- ثانوية البتول(ع).2015/10/23
(سرّ خلود عاشوراء)

تحت عنوان (سرّ خلود عاشوراء) حاضر سماحة الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله في اليوم التاسع من أيام عاشوراء من شهر محرم 1437 هـ في المجلس العاشورائي الذي تقيمه جمعية التعليم الديني الإسلامي في قاعة الجنان- ثانوية البتول(ع).



"السلام على الحسين وعلى عليّ بن الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى الشهداء في كربلاء وعلى الشهداء في المقاومة الإسلامية والجهاد في كل زمان ومكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته".


ماهو سر خلود الثورة الحسينية وامتدادها إلى زماننا والى أخر الزمان كما وُعدنا؟


هذه الثورة المباركة تجاوزت المكان فكانت كل أرض عاشوراء وتجاوزت الزمان فكان كل عصر كربلاء، هذا لم يكن ليتم لولا توفر خصائص أساسية وثابتة لعاشوراء وفيما جرى مع الإمام الحسين(ع) بدءًا من ولادته وانتهاءًا بشهادته العظيمة وأهل بيته وأصحابه في كربلاء، القراءة لا يمكن أن تكون قراءة مبتورة بل يجب أن تؤخذ كل الأمور بعين الاعتبار.


ثلاثة أمور أعتقد انها سبب خلود الثورة الحسينية:

الأمر الأول: أن مرجعية الخلود التي هي الله جل وعلا أراد أن يكون لمسيرة الإسلام هذا الانتصار العظيم والتوفيقات المتتالية والدماء الزكية التي تعرج إلى السماء في أثناء حركة الأمة من خلال قياداتها التاريخية  المتمثلة بالنبي الأكرم (ص) والأئمة (ع) وسلسلة الأنبياء (ع) ومن جاء معهم من العلماء والشهداء في التاريخ وفي الزمان الحاضر والماضي والمستقبل.

هذه المسيرة أرادها الله مسيرة محفوظة ، قال الله تعالى:"ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين أنهم لمنصورون وإن جندنا لهم الغالبون" هذا القرار قطعي أراده الله تعالى، وصمم أن تكون الغلبة لعباد الله السابقين إلى طاعته والعاملين في سبيل مرضاته ولعل الأمر يلتبس علينا أحيانًا لأننا نرى زاوية واحدة من النصر، بينما أراد الله تعالى أن نراه من زاويتين وليس من زاوية واحدة.

الزاوية الأولى تمثل النصر بما نعرفه من انتصار، والزاوية الثانية الشهادة التي تعتبر نصرًا وتؤدي إلى النصر، ولذا عندما اشترى الله تعالى من المؤمنين قال: "إن الله اشترى من المؤمنين أموالهم وأنفسهم يقاتلون في سبيله فَيَقتلُون ويُقتَلون" وعندما تحدث على الحُسنيين قال تعالى:" قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحُسنيين" ولا يمكن أن يقارن بين الحُسنيين إلا إذا تعادلا أيّ عندما يتعادل النصر مع الشهادة فتكون المقارنة بتسمية واحدة لكل منهما فيكون النصر إحدى الحُسنيين وتكون الشهادة إحدى الحُسنيين ما يؤكد أن مسار الخلود لا يمكن أن يتم إلا عن أحد هذين الطريقين لذا نحن نتعامل مع كربلاء على أنها نصر عن طريق الشهادة وخلود من خلال إرادة الله تعالى المتمثلة بالجهاد للرفعة والسمو والانتصار.

وقال تعالى:" ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أنّ الأرض يرثها عبادي الصالحون" ولا يمكن أن يرث العباد هذه الأرض إلا من خلال مقدمات وحركة وعطاءات تتكامل في نهاية المطاف لتصل إلى الانتصار العظيم الكامل والشامل بوجود صاحب العصر والزمان، ارواحنا لتراب مقدمه الفداء.

من هنا عندما فسّر أمير المؤمنين (ع) قول رب العالمين جل وعلا:" هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله" أراد أن يختبر الحاضرين في المجلس قبل أن يعلن تفسيره، فسألهم "أظهر بُعد ذلك في المدينة وفي الامتدادات" كما نقول على مرأى العين لمسافات طويلة مع عدم وجود التواصل حاليًا قد يعتقد المسلمون في لحظة من اللحظات أنهم ملكوا الدنيا على قاعدة كم الأفق الذي يمكن أن يرونه، فقالوا "بلى لقد ظهر ذلك وأقيمت الدولة الإسلامية والحمدلله وعندها امتدادات وأوضاع كبيرة جدًا، قال : "كلا والذي نفسه بيده حتى لا تبقى قرية إلا وينادي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله بكرةً وعشية.

وفصّل الإمام الباقر (ع) ذلك بقوله:" إن ذلك لا يكون إلا عند خروج المهدي من آل محمد فلا يبقى أحد إلا أقرّ! بمحمد(ص).

إذا مرجعية الخلود التي هي الله جل وعلا هو الذي أخبرنا أن هذه المسيرة لا بد أن تنتصر وأن تعم الأرض وأن تظهر على المعمورة بكاملها في إطار معاناة لا بد أن تحصل وهنا كان موقع الإمام الحسين (ع) ركنًا عظيمًا ومؤثرًا في حماية هذه المسيرة لتصل نقيّة في نهاية الزمان فيقودها الإمام المهدي (عجل الله فرجه).

ولأنّ إرادة الله تعالى أن ينتصر الإسلام بهذه الصيغة كان من الطبيعي أن نعيش الخلود مع محمد

 وآله ومع الإمام الحسين (ع) الذي نرى بركاته وعطاءاته وموقعه يستمر ويستقر ويزداد يومًا بعد يوم وكأننا في حلقة تتصل حتى  يصل الأمر إلى خواتيمه، وهذا الأمر لم يكن موجودًا مع الأنبياء السابقين، لاحظوا أنه مع الأنبياء السابقين عندما كان يصل النبي إلى مرحلة معينة يتخذ رب العالمين القرار بإبادة القوم، قوم هود، قوم صالح، قوم لوط، زمن نوح (ع)، يعني كانت تصل الأمور إلى مرحلة أن القوم لم تعد عندهم قابلية أن يلتزموا بدين الله تعالى فكان القرار الإلهي إلغاء هؤلاء القوم أو تدمير المدينة أو المكان  الذي هم فيه بينما مع الإسلام قرار الله تعالى بخلود إمامنا الحسين(ع) وأمته الثائرة العظيمة، إذًا أولا مرجعية الخلود التي هي من الله تعالى أرادت أن يكون للحسين سلام الله تعالى عليه هذا الموقع الخالد المؤثر من خلال كل المجريات التي حصلت وكل التطورات التي حصلت .


الأمر الثاني: الرسالة الخالدة التي هي رسالة الإسلام ، هي الرسالة الأكمل ، هي الرسالة التي تتكامل مع الإنسان على وجه الأرض.

هذه الرسالة الخالدة أرادها الله تعالى أن تكون كذلك، فقال تعالى:" إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون". يعني مهما فعل الناس ومهما كان الكفر والإنحراف ومهما كان الزيف والتحريف هذه الرسالة خالدة ومحفوظة وباقية.

من يحملها ويدافع عنها ويتبناها كما هي بنقائها سيخلد بخلودها لأنها ترسم الطريق نحو الخلود وقال تعالى:" وقل جاء الحق وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقًا". أيضًا قرار رب العالمين أن الحق يستقر أما الباطل فلا يستقر.

لذلك نلاحظ عبر التاريخ كل الأفكار المنحرفة والتي طرحت والتي مرّت لها فترات قوة ، مئة سنة أو مئتين سنة أو الف سنة ، كلها أضمحلت وسقطت إلا الإسلام على الرغم مما جرى عليه كرسالة من تحريف وتشويه وإساءة من أهل الإسلام بعض الأحيان ومن الكافرين في أحيان كثيرة، مع ذلك رأينا أن هذا الإسلام العظيم عاد بقوة في القرن العشرين على يد الإمام الخميني(قدس الله روحه الشريفة) لنعيش معه حالة الإسلام الأولى التي كانت على زمن الرسول(ص) وليعيش معنا أن الإسلام هو كل الحياة وهو الكامل والقادر على الإستمرار.

من هنا الأمر الإلهي واضحّا:" فأقم وجهك للدين حنيفًا فطرت الله التي فطر الناس عليها ، لا تبديل  لخلق الله، ذلك الدين القيّم ولكن أكثر الناس لا يعلمون". ذلك الدين القيّم الذي يبقى قائمًا وحاضرًا، الذي بقيمته يعلو كل القيم. ذلك الدين القيّم الذي يؤدي إلى الإستقامة المطلوبة من الله تعالى وفطرة الإنسان تنسجم مع هذا الدين القيّم، ولذا من سار في إطار فطرة الله تعالى بالدين القيّم سيعلو وسيرتفع وكان أكبر تطبيق عملي هو الإمام الحسين(ع) الذي عاش مع هذا الدين وارتفع معه بهذه القوة والعظمة وهذا يفسر سر معنى كلام النبي(ص):" إني تارك فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي". يعني الموضوع النظري المرتبط بالإسلام الكامل والموضوع العملي المرتبط بتطبيق الإسلام من خلال الأئمة(ع) فالرسالة الخالدة هي معبر وأساس في خلود الإمام الحسين(ع).


الأمر الثالث: فهو الإمام نفسه أي أن الخلود للرسالة وللثورة الحسينية مرتبط بالإمام، بمميزاته ومرتبط بالإمام بأهدافه وبموقعه.

فيما يتعلق بالمميزات "إن الحسين(ع) مصباح الهدى وسفينة النجاة" كما ورد عن رسول الله(ص) وأن هذه الكلمات مكتوبة على العرش، الإمام علي(ع) بعصمته وبكماله "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا" حمل مميزات الكمال وهي خالدة ولا يمكن أن تنافسها أية مميزات أخرى فهو المعصوم الكامل الذي حمل مميزات الكمال المنسجمة مع الكمال الذي أمر الله تعالى به بل والمتفاعلة تفاعل الإلتصاق على قاعدة "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم بهما" وهنا مميزات الإمام الحسين(ع) وهي  بحد ذاتها  تحمل عوامل الخلود.

قال تعالى:" الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله أولئك هم الفائزون" وهذه  تنطبق كل الإنطباق على الإمام الحسين(ع) ، لاحظوا التعبير أعظم درجة ، وأعظم درجة يعني هذه الدرجة الأعلى وأولئك هم الفائزون الذي لا التباس معه ولا نقاش في نقائه.

من هنا كان أداء الإمام الحسين(ع) لما يعتبره تكليفًا شرعيًا في الحركة والجهاد والانتقاء والشهادة وقبلها الصبر والتحمل ومواجهة التحديات مع أخيه الإمام الحسن(ع) وقبل ذلك مع الإمام علي(ع) كل هذه الخطوات التي توجّت بالشهادة هي تعبير عن أعلى درجات البذل من أجل إقامة التكليف.


لاحظوا طبيعة التضحية فإنها تحمل بذور الخلود في داخلها لميزة موجودة عند الإمام الحسين(ع). هذا المشهد مع أهل بيته وأصحابه مع قلة قليلة مع النساء والأطفال والشيوخ ، يعني التنوع موجود من تركيبة المجتمع المخلصة التي كانت في كربلاء، والشهادة أمام عينيه وهو يعرف قبل أن يذهب.


هذه قمة التضحية شخصيًا وعائليًا واجتماعيًا، أي استطاع أن يجسّد التضحية بكل معانيها وكل تفريعاتها في هدف واحد هو كربلاء.

هذا طبعًا من مقومات الخلود لأن هذا النموذج ليس متكررًا وليس مألوفًا، وهنا نستحضر كيف يتصرف عادة القادة عبر التاريخ في مثل هذه الحالات، بعض القادة يفتش عن طريق للهروب ، بعض القادة ينتحر حتى لا يسلم نفسه، يعني الحالات التي تكون المواجهة فيها تكاد تكون نادرة ، أما بهذا الشكل الذي قام به الإمام الحسين(ع) فهو أندر النادر إذا لم نقل الحالة الوحيدة بهذه الصورة وبهذه الكيفية.


يقول الإمام الخميني (قده):" وليعلم أبناء الشعب بأن تحرك الإمام الحسين(ع) كان جهاداً في طريق الإسلام فقد كان يعلم بأنه لا يمكن مواجهة هذا الظالم بما كان لديه من سلطان بهذا العدد القليل الذي لم يكن يتجاوز مئة نفر، طبقًا للحسابات المادية ولكنه كان يعلم جيدًا أن الإستشهاد في سبيل الله هو الذي يحقق النصر للإسلام ويجدد حياته".


هذا النصر للإسلام بتجديد الحياة من خلال الشهادة هو خط الخلود وهو خط الاستمرار والاستقرار ، وقال الإمام الخامنئي (دام ظله) :" قام الإمام الحسين(ع) في يوم عاشوراء وبغية إعلان الحقيقة وتنوير الأذهان طوال التاريخ، باصطحاب أعز أعزائه إلى ساحة المعركة وبادر إلى إبلاغ الحقائق بكلامه وعمله، ودفعه للثمن الباهظ".

هذا الأداء في مقومات الشخصية هو سبب مباشر من أسباب خلود الثورة الحسينية، لاحظوا ماذا قال الإمام الحسين(ع) عند خروجه من مكة المكرمّة "لا محيص عن يوم خُط بالقلم، رضي الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفّينا أجور الصابرين".

هذا المنهج لهذه الشخصية، هذا الأداء لهذا الإمام العظيم هو أداء يعلم تمامًا ماهي النتيجة ويعلم تمامًا أنه بذلك يؤدي إلى رضوان الله تعالى ويلقي العبء والمسؤولية على الأمة لتحمل تبعات مواقفها عبر التاريخ وتتحمل مسؤولية أن تحافظ على هذا الرضا من خلال إحياء عاشوراء والتأسي بعاشوراء والإلتزام بقيادة الإمام الحسين(ع).


ولاحظوا معي أنّنا في زمن يستطيع الإنسان أن يجري هذه المقارنة ،لأن بعض الأمور تحتاج إلى استطلاع رأي أو إلى اختبار .

الاختبار موجود عندنا ، لاحظوا حركة الإسلام منذ الإمام الحسين(ع) إلى الآن كل حركة سارت مع الإمام الحسين(ع) ثبتت واستقرت ووصلت إلى خواتيمها، كل حركة خارجة عن الإمام الحسين(ع) ارتفعت شكلاً لمرحلة من الزمن ثم سقطت وزالت ولم تستقر، والآن اشعاعات ثورة الإمام الحسين(ع) واضحة للعالم وبيّنة، وهي تُحارب محاربة غير عادية لكنهم لم ينجحوا لأنهم يواجهون الخلود في شخص الإمام الحسين(ع) والخلود يستقر أما الزمان فيطوي معه كل أولئك الذين يعترضون طريق الخلود.

مميزات الإمام الحسين(ع) هي مميزات خلود وليست مميزات عادية حتى يمّر لمرحلة عبر الزمن كذلك أهداف الإمام الحسين(ع) ، أهداف خالدة "إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله(ص)" يعني أنه دخل إلى عمق الهدف للمحافظة على أركان الدين من خلال الإصلاح وهذا الإصلاح سيتم.

مرة يقال إنما خرجت لطلب الإصلاح ولكن يمكن أن ينجح ويمكن أن لا ينجح ويكون الهدف عظيم ولكن التطبيقات لم يوفق بها.

الإمام عندما قال إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله(ص) هو يعلم تمامًا أنه يرسم الهدف للأجيال القادمة.

لذلك اعتقادي أن ما ميّز هذا الكلام بوصية مكتوبة لأخيه محمد بن الحنفية لتبقى وثيقة تاريخية أن هذا الهدف ثابت هو "الإصلاح في أمة محمد(ص)".


وعندما واجه الإمام الحسين(ع) عمر بن سعد وجماعته في كربلاء استخدم عبارة مهمة جدًا وعلينا أن نحللها لنرى هذه الأبعاد.

قال:" وإنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد" أنا لم آت لقتالكم أنا لم آت لتحقيق هدف محدد كما تتصورون ، أنا لم آت لتصفية حساب مع أحد، أنا أدعوكم إلى سبيل الرشاد وهذا منسجم مع "خرجت لطلب الإصلاح" لأن هذا سبيل الرشاد.


في قول للإمام علي(ع):" أيضًا يركز على التقوى كهدف بقول:" عباد الله، إتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر فإن الدنيا لو بقيت لأحد أو بقي عليها أحد كان الأنبياء أحق بالبقاء وأولى بالرضا وأرضى بالقضاء، غير أن الله تعالى خلق الدنيا للبلاء وخلق أهلها للفناء ، فجديدها بال ونعيمها مضمحل وسرورها مكفهر والمنزل بُلغة والدار قُعلة، فتزودوا فإن خير الزاد التقوى، فاتقوا الله لعلكم تفلحون".


الإمام (ع) أراد أن يوصل إلى الإصلاح وسبيل الرشاد والتزود بالتقوى من قبل الأمة، وهذه كلها أهداف خالدة، وأهداف تحقق مشروع الإمام الحسين(ع) الخالد، ويمكننا أن نقول بعبارة أخرى عن موقع الإمام الحسين(ع)، أنه كان جسر العبور بين التأسيس ونشر العدل، التأسيس على يد محمد (ص) ، ونشر العدل على يديّ الإمام المهدي(عج) ، نحن نلاحظ في كل التفاصيل وكل أدبياتنا أنه بالفعل كان للحسين(ع) ميزة بأنه جسر عبور بين التأسيس ونشر العدل وهذا يفسر كلام النبي(ص) :" حسين مني وأنا من حسين"، وأنا من الحسين بالاستمرارية، حسين مني بأصل الوجود، إذا بين التأسيس ونشر العدل كانت حركة وحضور ووجود الإمام الحسين(ع).


من هنا نستطيع القول بأن تكامل العوامل الثلالثة التي يمكن أن تكون ثلاثة ويمكن أن تكون مندمجة نظرًا للتداخل القوي الموجود بينها. مرجعية الخلود رب العالمين،  الرسالة الخالدة هي الإسلام، الإمام القدوة بصفاته المعصومة المتمثلة بالإمام الحسين(ع) ثلاثة عوامل أساسية ومركزية ساهمت وسببت الخلود للثورة الحسينية التي أعتقد أنها ستبقى منارة هدى وستبقى مشعلاً مضيئًا ومؤثرًا وفاعلاً حتى تصل الحياة إلى نهاياتها أي لقيام القائم وبعد ذلك فالإمام إمام خالد.


هل يا ترى الإحياء الذي نقوم به والذي حثَّ عليه أئمتنا وعلماؤنا هو سبب من أسباب الثورة؟


أنا أخجل أن أقول هذا الكلام، أنا أعتبر أننا موفقون بأننا نتعرض للخلود بإحياء هذه الذكرى، أي ليس الإحياء هو الذي يخلد تلك الثورة، خلودها أثّر فينا إحياءًا استطعنا من خلاله أن نلتمس هذا الخلود، لأن البعض قد يعتبر أن الإحياءات التي تقام أنها تفعل مقامًا وقيمة، لا نحن نتزود والذي يعطيه الإمام الحسين(ع) لا يعطيه أحد حيث كان أثّره في حياتنا عظيمًا.

بمعنى أخر نحن الذين نسير على سكّة الخلود ولكننا لسنا صناعًا للخلود، الخلود من الله إلى الرسالة إلى الحسين(ع)، وهي نفحات نتعرض لها بإحياء المجالس لنأخذ جزءًا من خير الإمام ومن خلود الإمام (ع).