الموقف السياسي

الشيخ قاسم: نحن جماعة لا نقبل أن نسلم سلاحنا للعدو الاسرائيلي ولا نقبل أن نساق إلى المذلة ـ كلمة الليلة السابعة 2 تموز/ يوليو 2025

الشيخ قاسم: نحن جماعة لا نقبل أن نسلم سلاحنا للعدو الاسرائيلي ولا نقبل أن نساق إلى المذلة ـ كلمة الليلة السابعة 2 تموز/ يوليو 2025
نحن نواجه العدو الصهيوني ليس كمحتل فقط بل نواجهه كخطر استراتيجي على فلسطين ولبنان ومصر وسورية والأردن والمنطقة والعالم

اكد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أن مواجهة الكيان الإسرائيلي لا تقتصر على كونه كيانًا يحتل جزءًا من الأرض الفلسطينية، بل إنه يشكل خطرًا استراتيجيًا على فلسطين ولبنان ومصر وسوريا والأردن والمنطقة والعالم بأسره.

واعتبر الشيخ قاسم في الليلة السابعة من احياء مراسم عاشوراء في مجمع سيد الشهداء (ع) في الضاحية الجنوبية لبيروت، أن إسرائيل، برؤيتها وأدائها، تمثل خطرًا حقيقيًا، مستشهدًا بتوصيف الإمام الخميني للكيان بأنه “غدة سرطانية” تنتشر وتضرب كل الغدد السليمة، مؤثرة على المسار الإنساني والاجتماعي ومستقبل الأجيال القادمة.

وشدد الشيخ قاسم على أن مواجهة إسرائيل ليست أمرًا بسيطًا، بل هي مواجهة لخطر استراتيجي، وأن حزب الله يتصدى لهذا الخطر إنسانيًا وإسلاميًا ووطنياً من أجل الأجيال المقبلة. وبيّن أن من يرفض مواجهة إسرائيل بحجة عدم انتمائه للخط الإسلامي الذي يتبناه الحزب، عليه أن يواجهها على الأقل إنسانيًا، لأن إسرائيل تشكل خطرًا على الجميع، بمن فيهم المسيحيين واليهود والأميركيين والعالم بأسره.

وأشار إلى تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نتنياهو، الذي قال إن بلاده تسعى لتغيير الشرق الأوسط الجديد، أي إعادة برمجته وصياغته وربطه بإسرائيل، مؤكداً أن من يظن أن علاقة إسرائيل تقتصر على الفلسطينيين واللبنانيين مخطئٌ للغاية، لأن إسرائيل تمثل خطرًا استراتيجيًا شاملًا.

ولفت الشيخ قاسم إلى أن إسرائيل رغم اتفاق وقف النار الأخير ما تزال المعتدي الدائم، مسجلة أكثر من 3700 خرق، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي يراقب هذه الانتهاكات، لكن ردود أفعالهم لا تتجاوز المطالبة بتقديم بعض التنازلات، فيما يواجه حزب الله إسرائيل بالمقاومة كما بدأها.

وأكد أن إسرائيل تخطط دائمًا للاعتداء والتوسع، وأنها تؤثر على حياة اللبنانيين والمنطقة، مشددًا على ضرورة قول “لا” ومواجهة هذا الاعتداء.

أما فيما يتعلق بالقضايا الداخلية اللبنانية، أوضح الشيخ قاسم أنها مسائل داخلية تُعالج وتتفق عليها داخليًا دون تدخل إسرائيلي أو خارجي في تفاصيلها أو اتفاقاتها، مطالبًا إسرائيل بالالتزام بالاتفاقات الموقعة مع الدولة اللبنانية، فيما تُعالج القضايا الداخلية من قبل اللبنانيين أنفسهم.

وشدد الشيخ قاسم على رفض حزب الله لأي تهديد بالقوة أو تدخل خارجي في القرارات الداخلية، مؤكدًا أن الحزب لا يقبل أن يُساق إلى المذلة أو أن تُسلم الأرض أو السلاح للعدو الإسرائيلي، ولا يقبل التنازل عن الحقوق التي كفلها القانون الدولي والشرائع السماوية.

الشيخ قاسم: الجرحى ذخيرتنا الحقيقية وحزب الله هو حزب الإمام المهدي

وفي جانب آخر من كلمته، أشار الشيخ قاسم إلى أن الحزب تربى على نهج الإمام الحسين وسيد شهداء الأمة السيد حسن، وقدم التضحيات دفاعًا عن هذا الطريق واستمراريته، مؤكدًا أن أصوات الحزب ترفرف عاليًا بشعار “هيهات منا الذلة”، وأنه لا مجال لأي ضغط يؤثر على موقف الحزب، لأن الحق معه، وإسرائيل وأميركا هما المعتديان على لبنان والمنطقة.

أكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان “جرحى المقاومة هم تاج الروؤس”، وتابع “انتم الشهداء الاحياء وذخيرتنا الحقيقية وانتم مددنا الى السماء والحجة البالغة لاستمرارية المسيرة ورفع الراية”، واضاف “أعتز ولي الشرف ان نكون معا ايها الجرحى من حملة راية الامام المهدي(عج) وراية حزب الله والمقاومة الاسلامية، سنتابع معا وننتصر ان شاءالله وندائي معكم لبيك يا حسين”.

وقال الشيخ قاسم في كلمة له مساء الاربعاء خلال المجلس العاشورائي المركزي في مجمع سيد الشهداء(ع) بالضاحية الجنوبية لبيروت “أيها الجرحى، أيها الشرفاء، انتم دوركم كبير ويؤكد انكم في حالة رضى واستمرارية”، واضاف “أخبروني ان الجرحى القدماء يدربون الجرحى الجدد، ايها الجرحى خاصة جرحى البايجر واللاسلكي انتم تاج الرؤوس وسنبقى معكم ونستفيد من طاقاتكم وقد أبقاكم الله لان لديكم امكانات يجب الاستفادة منها سنكون معا على خط المقاومة والولاية والحق”، وتابع “هذه الليلة هي ليلة أبي الفضل العباس حامل الراية وقد رايت هذا المشهد الرائع من خلال اخواننا الجرحى الذين كانوا نموذجا للحيوية المرتبطة بخط حزب الله والمقاومة الاسلامية”.

وحيا الشيخ قاسم الجرحى، وقال لهم “أيها الجرحى في كل مكان انتم ادخلتم الى قلوبنا حالة من العزيمة والقوة والعظمة”، وتابع “السلام على الجرحى المقتدين بأبي الفضل العباس الباذلين مهجهم على درب الحسين(ع) والحاملين لراية الامام المهدي(عج)”.

وقال الشيخ قاسم “موضوعنا اليوم عن الامام المهدي وعن القيادة المنتظرة بعد ان قطعنا اشواطا عبر التاريخ بدءا بالنبي محمد(ص) وبالامام علي والائمة(ع) وصولا الى الامام المهدي(عج)، وفي فترة غيبته نعيش مع قيادة ولي الامر الامام الخامنئي على نهج الامام الخميني(قده) وبرفع الراية من خلال قيادة سيد شهداء الامة السيد حسن نصر الله ومع صفيه الشهيد السيد هاشم صفي الدين وكل الشهداء الذين عملوا في هذا الخط”.

وسأل الشيخ قاسم “لماذا نؤمن ان الامام المهدي هو القائد الذي سيظهر ليقود العالم الى العدالة والاسلام؟”، وقال “هو القائد العظيم الذي يظهر في اخر الزمان ويقود العالم الى العدالة والاسلام وهذا محل إجماع عند السنة والشيعة والفرق ان السنة يقولون انه سيولد في اخر الزمان، أما الشيعة فيقولون انه غاب غيبة كبرى 329 للهجرة وسيظهر مجددا ان شاءالله عندما يأذن الله تعالى، امامنا حاضر حي بعيد عن الأنظار حتى يأذن الله له لقيادة البشرية الى العدل والإسلام”.

عن الرابط بين حركة بين الامام الحسين والامام المهدي، قال الشيخ قاسم “توجد حركة للانبياء في حياة الناس وبالتالي هذه الحركة استمرت بعد خاتم الانبياء محمد(ص) من خلال الامام علي كحركة إمامة وليست نبوة كوحي وفي هذه الحركة جاء الامام الحسين في لحظة مهمة حساسة كادت البشرية ان تنتقل الى انحراف حقيقي يعطل مشروع الاسلام الاصيل”، وتابع “بهذه التضحية العظيمة التي قدمها الامام الحسين مع أهل بيته(ع) استطاع ان يوجد المنعطف الحقيقي لتصويب المسيرة تمهيدا لاستمراريتها على خط الصواب حتى تصل الى الامام المهدي ليقوم بالقيادة العالمية”، واكد ان “دور الامام الحسين دور مفصلي شكل حالة من التقويم من اجل ان تبنى الجماعة عبر التاريخ لتكون بإمرة الامام المهدي”.

وعن التكليف في زمن الغيبة، قال الشيخ قاسم “نحن أصحاب مشروع حيث التزمنا بالخط الالهي الاسلامي الخط المستقيم، ما هو تكليفنا عندما نعلم ان هناك قائد سيظهر، صحيح لدينا قادة وولي فقيه وكلهم يعملون بالاتجاه الصحيح، لكن الرمز الصحيح سيظهر ما هو تكليفنا؟”، وتابع “تكليفنا ان نعمل كما لو انه بيننا ان نعمل بتكليفنا الاسلامي نجاهد الاعداء نربي الاولاد ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونحاول ان نقدم التجربة الرائدة، انتظار هذا الامام يعطينا دافع اضافي لتقديم هذه التجربة وتصبح حالة العزيمة اقوى بكثير”، واضاف “في حال غيبة الامام ننتظر الفرج الذي يقرره الله، نحن في حالة الانتظار وندعو الله ان يعجل فرجه وهذا جزء من التشجيع لنا لانه يعزز الارتباط بالامام المهدي، وان نتابع حياتنا بشكل طبيعي بل ان نكون متحمسين للقيام بهذا العمل”.

وقال الشيخ قاسم إن “حالة الارتباط بالامام المهدي هي حالة دافعة للمزيد من العطاء وليست حركة من السكون بعيدا عن الحركة والجهاد، المنتظرون للامام المهدي هم في حركة دؤوبة ويعملون ليل نهار يجاهدون في سبيل الله يرفعون راية الحق ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر وعشاق لمحمد وال بيته ، هؤلاء المنتظرون هم بحالة انتظار عملي”، وتابع “لماذا نقول ان ابناء المقاومة الاسلامية هم من المنتظرين لاننا نعتبر ان هذا الخط الذي نسير عليه يوصل الى الامام المهدي سواء في هذا العصر او في عصر آخر، وهذا ما اكده الامام الخميني اكثر من مرة ان الجمهورية الاسلامية هي دولة لاامام المهدي لان العمل الذي تقوم به هو عبارة عن العمل الذي سيقوم به الامام المهدي”، وأضاف “أقول لكم ان حزب الله في لبنان هو حزب الامام المهدي”.
وهنا أبرز المواقف التي اطلقها سماحته:
-  لا نتأثر بالضغوطات لأن الحقّ معنا ولأن إسرائيل معتـدية وأميركا معتـدية معها
-  "إسرائيل" خاصة بعد اتفاق وقف إطلاق النار هي المعتــدية الدائمة وخرقته أكثر من 3700 مرة
-  "إسرائيل" بنظرتها ورؤيتها وأدائها هي خطر حقيقي ليس فقط على المسلمين فحسب بل على المسيحيين واليهود وأميركا والعالم
-  نحن نؤمن بأن النصــر الكامل الشامل المنتشر على مستوى الأرض سيحصل وقبله هناك انتصارات متعددة تحصل تباعًا
-  لا نقبل بان يهددنا أحد لتتنازل لأننا لن تتنازل عن حقنا
-  لا علاقة لـ"إسرائيل" ان تدخل باتفاقنا في الداخل اللبناني وتشرف عليه وتراقب مفرداته
-  نحن جماعة لا نقبل أن نسلم سلاحنا للعدو الاسرائيلي ولا نقبل أن نساق إلى المذلة
-  كل تضحياتنا كانت تضحيات دفاعية ومن أجل استمرارية مسيرتنا
-  الجرحى ذخيرتنا الحقيقية وحزب الله هو حزب الإمام المهدي
-  نحن نواجه العدو الصهيوني ليس كمحتل فقط بل نواجهه كخطر استراتيجي على فلسطين ولبنان ومصر وسورية والأردن والمنطقة والعالم
-  “اسرائيل” معتدية وهي التي تؤثر على حياتنا ووضعنا ويجب ان نقول لها لا

لمشاهدة الكلمة كاملة إضغط هنا

تقرير عن الكلمة باللغة الإنكليزية

وهنا النص الكامل لكلمة سماحته:


بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، مولانا وحبيبنا ‏وقائدنا أبي القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء ‏والصالحين إلى قيام يوم الدين.‏
السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك، عليكم منّي سلام الله أبدًا ما بقيت ‏وبقي الليل والنهار، ولا جعله الله آخر العهد منّي لزيارتكم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏


هذه الليلة هي ليلة أبي الفضل العباس (سلام الله تعالى عليه)، ليلة حامل الراية. وقد رأيت هذا المشهد الرائع ‏من خلال إخواننا الجرحى الذين قدّموا البيعة وأنشدوا، وكانوا نموذجًا للحيوية الحقيقية المرتبطة بخط حزب ‏الله وخط المقاومة الإسلامية.‏
أنا أحييكم أيها الجرحى في كل مكان، أنتم أدخلتم إلى قلوبنا حالة من العزيمة والقوة والعظمة.‏


السلام على الجرحى المقتدين بأبي الفضل العباس (سلام الله تعالى عليه)، والباذلين مهجهم على درب ‏الحسين (عليه السلام)، والحاملين لراية الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف).‏


قال عنكم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "من جُرح في سبيل الله جاء يوم القيامة ريحه كريح ‏المسك، ولونه لون الزعفران، عليه طابع الشهداء"، يعني أنتم الشهداء الأحياء، أنتم ذخيرتنا الحقيقية، أنتم ‏إباؤنا، أنتم مددنا إلى السماء، أنتم الحجة البالغة لاستمرارية المسيرة ورفع الراية.‏


بايعتم وأنتم أهلٌ للبيعة، أفتخر وأعتز ولِيَ الشرف أن نكون معًا، أيها الجرحى الشهداء المعطاؤون، من حملة ‏راية الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، راية حزب الله والمقاومة الإسلامية، سنتابع معًا ‏وننتصر إن شاء الله. ندائي معكم يصدح في الآفاق: لبيك يا حسين.‏


أيها الجرحى المجاهدون المقاومون الشرفاء، إذا أردنا أن نذكر قصصكم وأداءكم سنرى كم أنتم عظماء، وكم ‏دوركم كبير.‏


عندما رأيت هذا الطفل الذي لا يتجاوز 12 سنة، يقف في المضيف ويرتب الأواني والحصص ويقدّمها ‏للمارّة، رأيت بهجة وعزيمة وصدقًا.‏


وهذا الشاب الذي كان يعمل 16 ساعة في اليوم، في الحقيقة، وجدنا أنه قال لمن حوله: "أنا لن أتخلى عن ‏هذا الزمن وعن هذا الوقت، أريد أن أعمل 16 ساعة". ماذا فعل؟ أسّس بيت السيدة فاطمة الثقافي، وتعاون ‏هو وزوجته على أساس 3 ساعات يوميًا في حالة تداول ثقافي، إضافة إلى التعاليم واللقاءات والبرنامج ‏المتكامل، هذا كلّه وهو في حالة جراح.‏


أحد الجرحى سألوه: "لو عاد بصرك، هل ترضى؟"، قال: "لن أرضى، لقد وهبني الله تعالى نعمة جديدة، ‏ولن أفرّط بنعمه". الله أكبر، ما هذا الموقف العظيم؟ يعني الجرحى في حالة رضا، في حالة قبول، في حالة ‏استعداد للاستمرارية وللعطاء وللعمل.‏
أخبروني أن الجرحى القدامى يدرّبون الجرحى الجدد على بعض الخصائص التي تستكشف إمكاناتهم ‏وطاقاتهم وقدراتهم. أيها الجرحى - خاصة جرحى البايجر واللاسلكي - أيها الجرحى، أنتم تاج الرؤوس، وإن ‏شاء الله سنبقى معكم نستفيد من إمكاناتكم وطاقاتكم. إنما أبقاكم الله تعالى لأن لديكم تكليفًا، ولأن لديكم ‏إمكانات لا بد من الاستفادة منها. سنكون معًا إن شاء الله على خط الإسلام، على خط الولاية، على خط ‏الانقياد لمشروع الحق، على خط المقاومة، إن شاء الله تعالى.‏
صلّوا على محمد وآل محمد.‏


موضوعنا اليوم عن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، عن القيادة المنتظرة بعد أن قطعنا ‏أشواطًا عبر التاريخ مع القيادات التي مرّت، بدءًا بمحمد (صلى الله وسلامه عليه وعلى آله)، مرورًا بعلي ‏‏(عليه السلام) والأئمة الكرام، ووصولًا الآن إلى الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف). وهو في ‏فترة غيبته، نعيش مع قيادة ولي الأمر الإمام الخامنئي (دام ظلّه) على نهج الإمام الخميني (قدّس سرّه)، ‏وبرفع الراية من خلال قيادتنا الكبيرة والملهمة، سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله، الذي أوصلنا إلى هذا ‏المقام الرفيع، مع صفيّه السيد الهاشمي، وكل القادة الشرفاء الذين عملوا في هذا الخط.‏


لماذا نؤمن بأن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) سيكون هو القائد الذي سيظهر والذي سيقود ‏العالم إلى العدالة وإلى سيادة الإسلام؟ هذا لأننا نؤمن بالإسلام، يعني من يؤمن بالإسلام يؤمن بكل ما ورد ‏فيه، يؤمن بالتعاليم التي علّمنا إياها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وما أخبرنا به القرآن والرسول (صلى ‏الله عليه وسلم)، ماذا قال؟ قال تعالى: "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ‏وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ". هناك وعد إلهي أن نهاية العالم ستكون على قاعدة وجود انتصار كبير وساحق ومؤثر ‏ومنشور على مستوى الكرة الأرضية، وليس على مستوى منطقة أو بلد محدد. هذا وعد الله تعالى.‏


في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا تقوم الساعة حتى يقوم قائم الحق منّا، ‏وذلك حين يأذن الله عزّ وجلّ له، ومن تبعه نجا، ومن تخلّف عنه هلك. الله، الله عباد الله، فأتوه ولو على ‏الثلج، فإنه خليفة الله عزّ وجلّ وخليفتي".‏
وفي رواية عن الإمام الباقر (سلام الله تعالى عليه) قال: "من مات وليس له إمام، فميتته ميتة جاهلية، ومن ‏مات وهو عارف لإمامه لم يضره تقدّم هذا الأمر أو تأخر، ومن مات وهو عارف لإمامه كان كمن هو مع ‏القائم في فسطاطه".‏


إذًا من خلال الآيات والروايات، وهي كثيرة جدًا ولسنا في مجال أن نستعرضها جميعًا، يتبيّن أن الإمام ‏المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو القائد العظيم الذي سيظهر في آخر الزمان، وظهوره يعني أن ‏يقود العالم نحو العدالة ونحو الإسلام، وهذا محلّ إجماع واتفاق بين السنة والشيعة. الفرق هو أن السنة ‏يقولون بأنه يولد في آخر الزمان، والشيعة يقولون إنه هو التاسع من ولد الإمام الحسين، وهو محمد بن ‏الحسن المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وقد غاب غيبته الكبرى في سنة 329 للهجرة، وسيظهر ‏مجددًا إن شاء الله عندما يأذن الله تعالى.‏


إذًا إمامنا حيّ، حاضر، موجود، لكنه بعيد عن الأنظار، وبعيد عن القيادة المباشرة لهذه المسيرة التي سينقلها ‏إن شاء الله إلى العدل وإلى سيادة الحق على مستوى البشرية جمعاء.‏


هذا إيماننا، إيماننا لأنه إيمان بالإسلام. إيماننا لأننا نؤمن بخط أهل البيت (سلام الله تعالى عليهم). إيماننا ‏بالإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) لا يحتاج إلى نقاش عقلي ولا إلى ترويج ثقافي، إنما هو ‏جزء لا يتجزأ من التزامنا، وجزء لا يتجزأ من إيماننا. ‏
طبعًا رب العالمين لما أخبرنا، وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ونقل لنا الأئمة الأطهار صلوات ‏الله وسلامه عليهم أجمعين عن وجود الإمام المهدي، وعن هذا الوعد الإلهي، أكيد أن لهذا هدفًا مركزيًا عند ‏الله تعالى. أراد الله تعالى أن ينشر العدل على الأرض في تجربة فريدة، وأراد الله تعالى أن يخلق البشر ‏مخيّرين، وهو يعلم تمامًا أن هذا الخلق سيؤدي إلى غلبة الفساد في مراحل كثيرة من مراحل التاريخ، وأن ‏القلة من الناس يؤمنون، وأن الكثرة من الناس يكفرون، لماذا؟ لأنك تعطي خيارًا لشخص عاجز وناقص، ‏يحتاج إلى تربية وإعداد ومنافسة وتوفيق حتى يصل إلى الاستقامة والطاعة لله تعالى. الإعمار لا يحدث ‏بدون تعب ووقت وجهد، هناك أشخاص لا يبذلون الجهد الكافي، أو الأهل لا يعملون العمل الكافي، فتكون ‏النتيجة أن الفساد هو الأغلب على مستوى الحياة البشرية. ‏


لكن الله تعالى الذي أراد أن يترك الحرية للناس، وهو يعلم تمامًا، وأخبرنا بأن الأكثرية سيكونون على ‏الباطل، أراد أن تكون هناك تجربة فريدة، مؤثرة، شاملة، عامة، تنتشر على مستوى البشرية، تكون بقيادة ‏المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف. هذه القيادة ستتمكن من أن تحكم، وهذه القيادة هي لنشر ‏العدل. طبعًا، عندما يشعر الناس المؤمنون بأن في هذه الدنيا في مرحلة معينة ستكون هناك مرحلة مضيئة، ‏سينتشر الإسلام والعدل والأخلاق والاستقامة، هذا يعطي حافزًا إضافيًا، دائمًا الإنسان يحب أن يكون هناك ‏نجاحات، يحب أن يكون هناك إدارة مستقيمة مطيعة لله تعالى، وهذا أمر طبيعي في حياة البشر. ولذلك، الله ‏عز وجل أعطانا هذا الأمر، ووعدنا هذا الوعد، ودائمًا هذا الأمل يجعل الإنسان يصبر، يتحمل، لأنه سيصل ‏إلى نتيجة في النهاية، حتى في الدنيا. نعم، نحن من المؤمنين بالآخرة، ونعتبر أن كل المكتسبات سنحصل ‏عليها في الآخرة، لكن الله تعالى العزيز القادر المعطاء المحسن السخي لا يمكن أن يترك عباده من دون ‏مكتسبات دنيوية أيضًا، لأن لهذه الاستقامة آثارًا دنيوية إيجابية،  يقول لنا أنها ستكون على مستوى البشرية ‏جمعاء، بقيادة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.‏


إذًا نؤمن بالإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وأنه حي وأنه ينتظر، بناءً على إيماننا بالإسلام، بناءً ‏على هذا الاتجاه الذي التزمنا به بحمد الله تعالى.‏


ما هو الربط بين الإمام الحسين عليه السلام والإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف؟ توجد حركة ‏للأنبياء في حياة الناس، ونبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو خاتم الأنبياء والرسل، وبالتالي هذه ‏الحركة استمرت من خلال الإمام (سلام الله تعالى عليه) كحركة إمامة وليست حركة نبوة بوحي. في هذه ‏الحركة جاء الإمام الحسين عليه السلام في لحظة تاريخية حساسة مهمة، كادت البشرية أن تنتقل إلى ‏انحراف حقيقي يعطل مشروع الإسلام الأصيل. فالإمام الحسين عليه السلام، بشهادته بكربلاء، وبما قام به ‏مع أهله وصحبه، وبالتضحية العظيمة التي أعطاها، إذ كان سيدًا لشهداء أهل الجنة، وهو سيد الشهداء على ‏الأرض وفي السماء في آنٍ معًا، استطاع أن يوجد المنعطف الحقيقي لتصويب المسيرة، تمهيدًا لاستمراريتها ‏على خط الصواب حتى تصل إلى الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، فيكون بالقيادة العالمية على ‏خط حصل على استقامة حقيقية من خلال جماعات التزمت بهذا الخط من المجاهدين والمجاهدات، من الذين ‏حملوا هذه الراية.‏


فإذًا، دور الإمام الحسين عليه السلام دور مفصلي. هذا الدور شكّل حالة من التقويم من أجل أن تُبنى ‏الجماعة، هذه الجماعة التي تُبنى عبر التاريخ إلى المستقبل، ستكون بإمرة الإمام المهدي عجل الله تعالى ‏فرجه الشريف.‏


قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله عز وجل ذلك اليوم ‏حتى يبعث فيه رجلًا من ولدي اسمه اسمي". فقال سلمان الفارسي، وكان يسمع الكلام من النبي صلى الله ‏عليه وسلم: يا رسول الله، من أيّ ولدك هو؟ قال: من ولدي هذا، وضرب بيده على الحسين سلام الله تعالى ‏عليه. يعني هذه إشارة واضحة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن المهدي هو من ولد الإمام الحسين سلام ‏الله تعالى عليه. وتحدثنا عن هذا الارتباط الوثيق بينهما.‏


ثالثًا، ما هو تكليفنا؟ نحن اليوم أصحاب مشروع، نحن جماعة التزمنا بالخط الإلهي، الخط الإسلامي، الخط ‏الإنساني، الخط المستقيم. ما هو تكليفنا عندما نعمل ونعلم أنه يوجد قائد سيظهر؟ صحيح عندنا قيادات تحت ‏لوائه، عندنا ولي فقيه، عندنا علماء، عندنا قادة، هؤلاء كلهم موجودون، وهؤلاء أيضًا يعملون بهذا الاتجاه، ‏لكن الرمز الأساس سيظهر. ماذا نفعل؟ هل نبقى نحن ننتظر هذا الرمز حتى نعمل؟ لا، نحن عندنا تكليف في ‏حالة غيبته. تكليفنا أن نعمل كما لو أنه حاضر بيننا، لأن مسؤوليتنا الشرعية أن نعمل بتكليفنا الإسلامي، ‏نجاهد الأعداء، نربي الأولاد، نعمل بشكل مستقيم، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، نتعاون كجماعة ‏ونصبر معًا ونحاول أن نقدم التجربة الرائدة. يعني بصرف النظر إذا كنا ننتظر قائدًا أو لا ننتظر قائدًا، علينا ‏أن نعمل في هذا الاتجاه. كيف إذا كان لدينا قائد سيظهر؟ كيف إذا كان لدينا إمام سنكون تحت لوائه؟ هذا يُنتج ‏حافزًا إضافيًا، وليس أنه يُنتج أصل العمل، أصل العمل هو تكليفنا حتى ولو لم يكن هناك ظهور، لكن مع ‏وجود الظهور يتأكد تكليفنا أكثر، وتصبح حالة العزيمة والاندفاعة أقوى بكثير.‏


فإذًا، ماذا نعمل في حالة غيبة الإمام؟ بشكل طبيعي ننتظر الفرج، يعني لا خيار لدينا، لأننا لسنا نحن من ‏نقرّر متى يظهر ومتى لا يظهر، الله هو الذي يقرّر متى يظهر ومتى لا يظهر، وبالتالي نحن في حالة تُسمّى ‏حالة الانتظار. نعم، ندعو الله تعالى أن يعجّل فرجه، ومن حقّنا أن نطالب ونقول يا رب، عجّل فرجه، وهذا ‏طبعًا جزء من التشجيع لنا، لأن نفس الدعاء بتعجيل الفرج هو تعزيز الارتباط بالإمام المهدي عجل الله تعالى ‏فرجه الشريف، وتعزيز الأمل عند الأمّة بشكل عام.‏


فإذًا، مطلوب خلال فترة الغيبة أن ننتظر الفرج ونتابع حياتنا بشكل طبيعي، بل نكون متحمّسين لهذا العمل ‏بشكل دائم. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أفضل جهاد أمتي انتظار الفرج". هنا طبعًا دائمًا ‏العلماء يفسّرون ما معنى انتظار الفرج؟ ليس انتظار شخص جالس وينتظر، لا، انتظار الفرج يعني توقّع أن ‏هذا الأمر سيحصل، والتوقّع يقيني، فإذًا الانتظار هو توقّع للظهور اليقيني والاستعداد لنكون مؤهّلين حتى ‏نكون من جنده إن شاء الله تعالى.‏


إمامنا، عليه سلام الله تعالى، يقول: "انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله، إن أحبّ الأعمال إلى الله عز ‏وجل انتظار الفرج ما دام عليه العبد المؤمن". والإمام الصادق، سلام الله تعالى عليه، يقول: "من مات ‏منتظرًا لهذا الأمر كان كمن كان مع القائم في فسطاطه، لا، بل كان كالضارب بين يدي رسول الله بالسيف، ‏صلى الله عليه وآله". انظر إلى المكانة العظيمة، قال أنت إذا كنت منتظرًا ولكن تقوم بأعمالك الطبيعية، ‏وبالعكس، تعمل بحرارة وحيوية، قال كأنك معه في فسطاطه، يعني كأن الإمام حاضر وأنت تقاتل تحت ‏لوائه، وأنت تعمل تحت لوائه، وأنت تشتغل تحت لوائه، بل أكثر من ذلك، أنت كأنك تضرب بسيفك مع ‏رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم. يعني هنا أراد أئمتنا (عليهم السلام) أن يؤكّدوا أن حالة الارتباط بالإمام ‏المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، هي حالة دافعة إلى المزيد من العطاء، وليست حالة فيها انتظار ‏وسكون بعيد عن الحركة وبعيد عن الجهاد. دائمًا هذا يعطي دَفْعًا إلى الأمام، وتحركًا إلى الأمام.‏


إذًا، المنتظرون للإمام المهدي، عجل الله تعالى فرجه الشريف، هم في حركة دؤوبة، هم يعملون ليل نهار، ‏يجاهدون في سبيل الله، يرفعون راية الحق، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، يُصلحون أنفسهم، هم ‏عشّاق لله تعالى ولمحمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.‏


هؤلاء المنتظرون هم في حالة انتظار عملي. اليوم لماذا نقول إن أبناء المقاومة الإسلامية هم من المنتظرين؟ ‏لماذا؟ لأننا نعتبر أن هذا الخط الذي نحن نسير عليه يوصل إلى قيادة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه ‏الشريف، وقد يظهر في زماننا أو في زمان آخر.‏


إذًا، على هذا الأساس نحن نعتبر أننا جند وأننا في هذا الطريق. الإمام الخميني (قدّس الله روحه)، في بعض ‏خطبه كرّر عدّة مرّات، قال إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي دولة صاحب العصر والزمان، أرواحنا ‏لتراب مقدمه الفداء، دولة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، لماذا؟ لأن الخط الذي تعمل عليه، ‏التوقعات التي تتوقّعها، الانتظار الإيجابي في العمل الدؤوب من أجل الحق، حتى يتسلّم الراية ويكونون تحت ‏رايته، فهذا كله عبارة عن العمل الذي سيقوم به الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.‏


وأقول لكم أيضًا إن حزب الله في لبنان هو حزب الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، ونحن نقول ‏دائمًا: لبيك يا مهدي، كما نقول: لبيك يا حسين، كما نقول: لبيك يا محمد. ‏


هناك رواية لطيفة تقول: "كلنا محمد، أولنا محمد، وأوسطنا محمد، وآخرنا محمد المهدي عجل الله تعالى ‏فرجه الشريف". يعني الأئمة خط واحد، مسار واحد، هذه مسيرة مترابطة، لا نفرّق نحن أنه والله بما أنه لم ‏يظهر بعد، إذًا فلنتراخى، لا، نحن نعمل، بل على العكس، حتى يكون عندنا أمل الظهور وأمل الحضور ‏بشكل مباشر.‏


هذه المسيرة مسيرة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، يعني مسيرة محمد بن عبد الله صلى الله ‏عليه وآله وسلم، يعني مسيرة الإسلام، لا يوجد فارق، كلهم واحد. أحيانًا يتحسّس البعض أنه لماذا تقولون ‏هكذا؟ يا أخي نقول هكذا لأن هذا كله شيء واحد، مترابط مع بعضه البعض، لا يمكن أن ينفصل، لا يمكن أن ‏نفصل محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم، عن الإمام علي عليه السلام، عن الإمام الحسين سلام الله تعالى ‏عليه، عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، كلهم مسيرة واحدة، كل من آمن بهذه المسيرة، وكل ‏من سار على دربها، كان من حزب الله بالمعنى العام، وكذلك من حزب الله بالمعنى الخاص، وهذا كله يؤدي ‏في نهاية المطاف إلى أن تبقى هذه الراية مرفوعة، رغم كل الضغوطات والصعوبات والتعقيدات التي يمكن ‏أن نواجهها.‏
بناءً عليه، متى يظهر الإمام؟ دعونا نترك التوقيت، هناك كثير من العلماء أو بعض الإخوان في مراحل ‏عديدة من التاريخ، كانوا يأتون للعلامات الموجودة ويحاولون تطبيق العلامات، يقولون: بعد سنة، بعد ‏سنتين، بعد عشر سنين، بعد ثلاثين سنة، بناءً على هذه الحادثة أو تلك الحادثة. دعونا نعلم شيئًا، العلامات ‏التي وردت هي عبارة عن إشارات لنطمئن نحن أن هناك أمرًا له أثر، ولكن ليست وظيفتنا أن نطبّق ‏العلامات، ولا أن نعرف التوقيت الذي يمكن أن يحصل فيه الظهور. وعندما نمنّي الناس بأن هذه العلامة ‏منطبقة على هذا الأمر، فمعناها أنها ستحدث الآن، هذه مشكلة، لأنها تجعل الأمل زائفًا عند الإنسان، وعندما ‏يأتي الوقت ولم تظهر العلامة صحيحة أو لم يظهر التوقيت صحيحًا، نقع في مشكلة.‏


دعونا نلتزم بما أمرنا به النبي والأئمة عليهم السلام. قيل عن الإمام الصادق، عليه السلام، أنه دخل عليه ‏صاحبه مهزم، فقال له: "جُعلت فداك، أخبرني عن هذا الأمر الذي ننتظر، متى هو؟"، وهذا سؤال يسأله كل ‏الناس، يعني سألوه أولًا للإمام الصادق، عليه السلام، طيّب، أخبرنا متى؟ فقال الإمام الصادق، عليه السلام: ‏‏"يا مهزم، كذب الوقّاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلمون". انظر إلى هذا الثلاثي الرائع، قال له: أول ‏شيء، الذي يحدّد وقتًا كاذب، لأنه لا أحد يعرف الوقت إلا الله عز وجل. أما الذي يستعجل كثيرًا، فسيعيش ‏حالة من التعقيدات والصعوبات والآلام والمرارات، لأنه يريد أن ينتهي الأمر، ويريد أن يظهر الإمام حتى ‏ينتهي من هذا الكفر الذي ينتشر ومن هذا الفساد العالمي. طبعًا هناك بعض الأشياء يؤذي وتزعج الإنسان، ‏لكن عليك أن تتحمل. فإذًا، هلك المستعجلون. ونجا المسلمون، نجا المسلم الذي سلّم أمره لله تعالى، واعتبر أنه ‏نقوم بعملنا الطبيعي ونتحرك بشكل طبيعي، وإذا ظهر بإذن الله تعالى نحن حاضرون لهذا الأمر.‏


الأمر الخامس، لماذا نقول دائمًا إن النصر حتمي؟ لأن الله عزّ وجل قال: "وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ"، ‏وقال: "إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"، وقال: "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ‏لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ ‏خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا"، وهو الذي قال: "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي ‏الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ". وآيات النصر كثيرة في القرآن الكريم، أي أن النصر حتمي، وفي ‏مرحلة من المراحل سيكون كبيرًا وعظيمًا، وقبلها ستكون هناك محطات نصر تتفاوت في مستوى النصر: ‏نصر جزئي، نصر شبه، نصر في منطقة، نصر لجماعة، نصر لمجموعة، إلى آخره... تحصل انتصارات ‏عديدة، لكن النصر الكبير الشامل حتمي.‏
لذلك نحن دائمًا نقول أننا منصورون، يقولون كانت المعركة قاسية جدًا، نقول لهم ومع ذلك نحن منصورون. ‏إن لم نُنصر اليوم، فمنصورون غدًا، إن لم نُنصر بهذه المجموعة فمنصورون بمجموعة أخرى. إن لم نُنصر ‏في مرحلة زمنية معينة فمنصورون في مرحلة تليها قريبًا. وبالتالي دائمًا نحن إيماننا بالنصر.‏


ما هي وظيفتنا؟ وظيفتنا أن نزرع العمل الصحيح، وظيفتنا أن نقاوم، وظيفتنا أن نواجه، وظيفتنا أن نرفع ‏الراية. الآن، من هو الذي يستطيع أن يصمد حتى النهاية ليسلّم الراية؟ لأن هناك من يُستشهد، وهناك من ‏ينتصر، وبالتالي الذي استشهد أمّن حمل الراية ونصرها إلى فترة من الزمن وانتهت وظيفته وانتقل إلى ‏الرفيق الأعلى ونال الوسام العظيم، وبقي على الباقين أن يكملوا حمل الراية، منهم من يُستشهد، ومنهم من ‏ينتصر وما بدلوا تبديلا، هذه النتيجة ستكون حتمية. نحن مؤمنون أن النصر الكامل الشامل المنتشر على ‏مستوى الأرض سيحصل، وقبله هناك انتصارات متعددة تحصل تباعًا بإذن الله تعالى، لذلك نحن ‏منصورون دائمًا.‏


بمن يكون الانتصار؟ الانتصار بالجماعة. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الإسلام بدأ غريبًا ‏وسيعود غريبًا، فطوبى للغرباء". قيل: يا رسول الله، ثم يكون ماذا؟ يعني بعدما يعيش المسلمون غرباء، ‏ويعيشون الصعوبات والتعقيدات، ماذا بعد؟ قال: "ثم يرجع الحق إلى أهله"، يعني ستعود الأمور إلى ‏الاستقامة، إن شاء الله تعالى.‏


أيضًا، في الحديث عن الارتباط بين الجهاد والظهور، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تزال ‏طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم، ولا ما أصابهم من لأواء – أي ‏من مشقة - حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك". فقالوا: يا رسول الله، وأين هم هؤلاء الجماعة الذين تتحدث ‏عنهم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس". أي عندما نقول إن جماعة بيت المقدس، يعني الإخوة ‏الفلسطينيين ومن يحيط بهم في المنطقة، هم جماعة يعملون على الخط الصحيح، يحررون الأرض ‏ويحررون الإنسان، سيصلون إلى مقامات عظيمة إن شاء الله تعالى، وهذه الأرض ستتحرر ببركة هؤلاء، ‏وهذا وعد من الله ورسوله. البعض يقول: معقول؟ نعم، معقول. ألا ترون إسرائيل كم هي قوية؟ في النهاية ‏كل الذين كانوا أقوياء عبر التاريخ بالظلم والفساد والانحراف سقطوا، وكل الذين كانوا مؤمنين على قلّة ‏إمكاناتهم وقدراتهم نجحوا، والنجاح الأكبر سيأتي إن شاء الله بشكل واسع وكبير.‏


أيها الأعزاء، نحن نواجه الكيان الإسرائيلي، ليس ككيان محتل لقطعة من الأرض في فلسطين، بل نواجهه ‏كخطر استراتيجي على فلسطين ولبنان ومصر وسوريا والأردن والمنطقة والعالم. إسرائيل، بنظرتها ‏ورؤيتها وأدائها، هي خطر حقيقي.‏


توصيف الإمام الخميني (قدّس سرّه) للكيان الإسرائيلي بأنه "غدة سرطانية" من أروع ما سمعت، لأنه في ‏الحقيقة هي غدة سرطانية تنتشر وتضرب كل الغدد السليمة وتؤثر على المسار وتخرب كل الوضع الإنساني ‏والاجتماعي والمستقبلي للأجيال القادمة.‏
نحن لا نتعامل مع مواجهة إسرائيل على أنها خطر بسيط، لا، هي خطر استراتيجي. الآن، الآخرون لا ‏يريدون أن يواجهوا، هذا شأنهم. يشاهدون في مناطق متعددة ماذا تفعل إسرائيل؟ كيف تنتشر؟ كيف توسع ‏حضورها؟ كيف تضغط؟ إسرائيل خطر استراتيجي.‏
نحن واجهناها كحزب الله، إنسانيًا، وإسلاميًا، ووطنيًا، ولأجيالنا في المستقبل. أي معيار تختارونه، ستجدون ‏أنه صالح للمواجهة. من يقول إنه لا يريد أن يواجه إسرائيل لأنه لا ينتمي إلى الخط الإسلامي الموجود عند ‏حزب الله، لا مشكلة، واجهها إنسانيًا يا أخي، لا تظنوا أن إسرائيل خطر علينا فقط، لا، هي خطر على ‏المسيحيين، وخطر على اليهود، وخطر على أمريكا، وعلى العالم. لن تستطيع أن تتعايش مع هذا الخطر ‏المتمدد والمنتشر. ألا تسمعون نتنياهو يقول: "نحن نغير الشرق الأوسط الجديد"؟ ماذا يعني "نغيره"؟ يعني ‏أنهم يحاولون إعادة برمجته، إعادة صياغته، وربطه بهم. هؤلاء الذين يظنون أن إسرائيل ليست لها علاقة ‏بنا، بل لها علاقة بأولئك الموجودين في لبنان أو في فلسطين، مخطئون كثيرًا. وبالتالي، نحن نواجه خطرًا ‏استراتيجيًا. ‏


مع ذلك، إسرائيل في المرحلة الأخيرة، وخاصة بعد الاتفاق، هي المعتدية الدائمة، أكثر من 3700 خرق، ‏والعالم كله يرى هذا الاعتداء، ماذا يقولون؟ الأميركيون يأتون ويقولون لنا: يجب أن تقدّموا لهم شيئًا لأنهم ‏ليسوا راضين. بعض الأوروبيين يأتون ويقومون بعمل زيارات، يقولون: والله الحق معكم، لكن نحن ماذا ‏نستطيع أن نفعل مع إسرائيل؟ لا يوجد حل إلا تلبّوها كما تريد؟ لا، لا ينفع.‏


وبالتالي، هي معتدية، هي تخطّط دائمًا للاعتداء والتوسّع؟ هي التي تؤثّر على حياتنا وعلى وضعنا، يجب أن ‏نقول لها لا وأن نواجهها.‏


نحن عندنا قضايا موجودة في الداخل اللبناني لها علاقة بنقاش موضوع السلاح أو غيره، هذه قضايا داخلية ‏نعالجها معًا ونتّفق عليها معًا، لا علاقة لإسرائيل أن تتدخل باتفاقنا، ولا علاقة لها بأن تشرف على اتفاقنا، ‏ولا علاقة لها بأن تراقب مفردات اتفاقنا في الداخل اللبناني. هناك اتفاق معها عبر الدولة اللبنانية بشكل غير ‏مباشر، فلتلتزم إسرائيل باتفاقها الذي عقدته مع الدولة اللبنانية. أما ما يتعلّق بشؤوننا، نحن نعالجها، ولا ‏علاقة للآخرين أن يتدخلوا فيها.‏


أما بالتهديد والقوة يريدون أن يشرفوا علينا، ويريدون أن يقرّروا ما يريدون، لا ينفع معنا التهديد والقوة، ‏افهموها من الآخر. نحن جماعة لا نقبل أن نُساق إلى المذلّة، ولا نقبل أن نُسلّم أرضنا، ولا نقبل أن نُسلّم ‏سلاحنا للعدو الإسرائيلي، ولا نقبل بأن يهدّدنا أحد بأن نتنازل، لأننا لن نتنازل عن حقّنا الذي كفلته الشرائع ‏السماوية وقوانين العالم بأسرها.‏


نحن جماعة تربّينا على نهج الحسين سلام الله تعالى عليه، مع سيد شهداء الأمة السيّد حسن رضوان الله ‏تعالى عليه، وآمنّا بهذا الخط وقدمنا التضحيات الكثيرة، كل تضحياتنا كانت تضحيات دفاعية، كل تضحياتنا ‏كانت من أجل استمرارية مسيرتنا. لا يمكن أن نُسلّم لإسرائيل، من كان مع الحسين لا يسلّم لإسرائيل. ‏وبالتالي، أصواتنا تصدح عاليًا: هيهات منّا الذلّة. وليجرّبوا حظّهم.‏


وبالتالي، لا أحد يمارس ضغوطًا علينا بأنه نحن قد نتأثر بالضغوطات، لا، لا نتأثر بالضغوطات لأن الحقّ ‏معنا، ولأن إسرائيل معتدية، وأميركا معتدية معها.‏


نحن سنتابع هذه المسيرة الحسينية، سنعمل دائمًا لنكون مع الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف.‏


ما تحدثت به اليوم لست أحاول من خلاله أن أقنع الآخرين لماذا نحن مع الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه ‏الشريف، بل أحاول أن أوضّح لجماعتنا، للناس المؤمنين بنا. الآن، إذا أرادوا أن يسمعوا بعض الأدلة، بعض ‏الأفكار، فهذا يكون خيرًا لهم، وبالتالي، لا يكون عندكم أي إشكال، إن قبِلوكم أو لم يقبِلوكم، المهم أن يقبلكم ‏الله تعالى، من كان مع الله لا يُبالي، ومن كان مع الله كان مع محمد وآل محمد، ومع المهدي، ومع الحسين ‏صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.‏


والسلام عليكم ورحمة الله.‏


الأربعاء02-07-2025‏
‏6 محرم 1447 هـ ‏