الكلمة التي ألقاها في حفل تكريم قارئ القرآن الشيخ سلمان الخليل والذي نظمته بلدية الغبيري، بحضور النائب علي عمار ورئيس البلدية محمد سعيد الخنسا ورئيس جمعية القرآن الكريم الشيخ علي العارف وحشد من القراء.
ومما جاء فيها:
*نحن نعتبر أن الرئيس العاجز من دون موقف لا ينفع لبنان.
*نريد رئيسًا يستثمر قوة لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته.
*قانونيًا وميثاقيًا وعمليًا لا إمكانية لانتخاب رئيس من دون توافق.
*الفراغ هو نتيجة طبيعية لعدم حسم البعض لخياراته التوافقية.
نحن اليوم في لبنان ننتظر أن نُنجز الاستحقاق الرئاسي بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ونأمل أن يكون هذا الانتخاب قبل الموعد المقرر، وقبل انتهاء المهلة الدستورية، لكن هنا أريد أن أُبيِّن المقارنة بين تجربتين قمنا بهما في لبنان على مستوى جميع القوى الأحزاب.
تجربة لبنان حين التواق، وتجربة لبنان حين المغالبة:
عندما كان يعيش بعض الفرقاء في لبنان تجربة المغالبة أي الرغبة بالاستفراد وإقصاء الآخرين، والاستحواذ على مقدرات الدولة، ومحاولات استثمار المواقع الطائفية، وبناء الاتفاقات على حساب الوطن تعزيزًا لموقعه ودوره ومسؤوليته، كانت هذه المغالبة تتواكب مع لغة طائفية ومذهبية مقيتة ومصحوبة بإثارات فتنوية بين الناس، وكان الطابع العام للبلد عدم الاستقرار الأمني والسياسي، هذا عندما كان يفكر فريق أو أفرقاء بالمغالبة في لبنان.
ولكن عندما كان الجميع تقريبًا يتفقون أن هذه المرحلة تتطلب توافقًا، نرى أن اللغة المذهبية تختفي بقدرة قادر، وأن التحريض الطائفي يتوقف، وأن الفتنة تنحسر وأن اللغة السائدة يغلب عليها اللغة السياسية التي تحاول أن تبرز أحقية هذا الفريق أو ذاك الفريق، وهذا الأمر كان يؤدي إلى الاستقرار السياسي والأمني.
إذًا في أي مرحلة من مراحل لبنان عندما كان يعمل بعض الأفرقاء على المغالبة كان البلد يعيش حالة من التوتر وعدم الاستقرار، وعندما كنا نعمل باتجاه التوافق كان البلد يعيش حالة من الاستقرار والأمن. وهذا ما ينطبق على طريقة اختيار رئيس الجمهورية.
نحن نعتبر أن الرئيس العاجز من دون موقف لا ينفع لبنان، ومن يدعو إلى رئيس لا لون له ولا طعم ولا رائحة يخطئ خطأ كبيرًا لأنه لن يكون هذا الرئيس قادرًا على إدارة البلد، بل القادر على إدارة البلد، والقادر على أن يوجد حالة من الاستقرار الأمني والسياسي هو الرئيس القادر على صياغة اتفاق بين القوى السياسية اللبنانية، ويلتزم بهذا الاتفاق، ويضع برنامج عمل منسجم معه، ويقف عند كلمته والتزاماته وتكون له مصداقية، هذا الرئيس هو الذي ينجح، وهذا الرئيس هو الذي يمكن أن يأخذنا إلى موقع إيجابي في البلد.
نحن نريد رئيسًا يستثمر قوة لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته، ويحافظ عليها لمصلحة موقع لبنان وقدرة لبنان ومستقبله، نريد رئيسًا يحرص على بناء الدولة للمواطنين وليس للمصالح الآنية والفرعية، نريد رئيسًا يجد صيغة يتعايش فيها الأفرقاء المتخلفين في تنسيقٍ وتوازن معقول بحيث تعمل كل القوى السياسية معه، وتتمكن من أخذ السفينة إلى موقعها الآمن.
أعتقد أنه إذا عمل الجميع بذهنية التوافق يتم الانتخاب قبل 25 أيار، ولكن إذا تمَّ العمل وفق منطق المغالبة، يعني أن يفكر هذا الفريق أن يأتي بواحدِ يكسر الآخرين ويُبيِّن أنه فاز في مقابلهم فهذا يعني أن في هذا الزمان التوازن السياسي الموجود بين القوى المختلفة لا يسمح لأية مجموعة أن تأتي برئيسٍ على قياسها، بل لا بدَّ أن يكون الرئيس رئيسًا توافقيًا بصرف النظر عن انتمائه وموقفه، لأن المهم أن يكون قادرًا على صياغة الاتفاق بين الأطراف المختلفة من أجل أن ينقل البلد إلى الحالة المستقرة العملية.
ولنكن موضوعيين أكثر، قانونيًا وميثاقيًا وعمليًا لا إمكانية لانتخاب رئيس من دون توافق، لأن المطلوب جلسة للمجلس النيابي فيها الثلثان ، والثلثان يعني أغلبية البلد، وأغلبية القوى السياسية، وبالتالي هذا يتطلب تفاهمًا وتعاونًا وتوافقًا بين الأطراف.
نحن قدَّمنا تجربة رائدة في لبنان من خلال التوافق، ونحن فخورون أننا أنجزناها وثبتناها ولطالما دعونا إليها، كنا دائمًا نقول: نحن مع حكومة وحدة وطنية، عندما كنا أقلية في الانتخابات وعندما تساوينا مع الآخرين في الانتخابات، وعندما لم نستطع ولا استطاع غيرنا أن يقلب المعادلة لمصلحته، في كل الاحتمالات كنا نقول: التوافق في الحكومة الواحدة أفضل، حتى قبل أن نعرف نتائج الانتخابات النيابية والتي كنا نتوقع أن نفوز فيها بالأكثرية كنا نقول: إذا أصبحنا أكثرية سندعو إلى حكومة وحدة وطنية، واليوم أثبتت التجربة عندما تتشكل حكومة وحدة وطنية البلد يرتاح ويستقر، وتبدأ الإنجازات، اليوم هذه الحكومة الوطنية عمرها قصير ومن اللحظة الأولى كان الجميع يقول هي حكومة شهرين أو ثلاثة أشهر، ما صنعته حكومة الشهرين وثلاثة أشهر من استقرار أمني وسياسي وتعيينات وحركة في داخل البلد أرخت ظلالًا من الطمأنينة بين الناس، وانصرافًا إلى القضايا الحياتية المعيشية والاهتمام بالاقتصاد والتوقف عن التراشق الداخلي لم تحققه حكومات خلال سنتين أو ثلاث أو أربع سنوات. هذا يدل أن التوافق حل للبنان، وأن هذه الحكومة مصلحة للبنان بصيغتها، وكذلك اختيار الرئيس بالتوافق هو مصلحة للبنان.
لقد أعطى حزب الله نموذجًا للاحتكام إلى الشعب على المستوى السياسي، واليوم إذا كان حزب الله يُقيَّم على المستوى الداخلي يقيم بقوته النيابية والشعبية، ولا يقيم بقوته المقاومة التي تواجه إسرائيل ومفردات الارتباط بإسرائيل، لماذا؟ لأن الحزب من اللحظة الأولى اعتبر أن السلاح لمقاومة إسرائيل ومشروعها الذي له تداعيات في المنطقة، ولكن في الداخل نحن نحتكم إلى صناديق الاقتراع وإلى المنافسة على أساس القوى الشعبية، وعلى أساس ضوابط القانون المعتمد.
نحن ندعو إلى التوافق على الرئيس وهذا ما يُنجز الاستحقاق، وإذا لم يتم التوافق وسوَّف البعض بإعطاء الإيجابات في وقتها المحدَّد فهذا يعني أن الوقت سيطول وربما دخلنا في الفراغ، لا أقول أننا نريد الفراغ ولكن أقول بأن هذا الفراغ هو نتيجة طبيعية لعدم حسم البعض لخياراته التوافقية.