الموقف السياسي

كلمة نائب الأمين العام في ذكرى وفاة الرسول الأكرم (ص) في قاعة الجنان - ثانوية البتول (ع)

المقاومة مقاومة دفاعية تحمل مهمتين: تحريرية وردعية

المقاومة مقاومة دفاعية تحمل مهمتين: تحريرية وردعية
• ليست المشكلة بين المعارضة والموالاة بل في المشروع الأمريكي الاسرائيلي للبنان .‏

• بامتلاكنا كلبنانيين لإرادة التحرير والمواجهة نستطيع المحافظة على بلدنا .‏

• المقاومة حرّرت والدبلوماسية لم تحقّق شيئاً للبنان .‏

• المقاومة مقاومة دفاعية تحمل مهمتين : تحريرية وردعية .‏

• لن نرضى لبنان مزرعة للاستكبار الأمريكي ولا لإسرائيل .‏

• المحافظة مع النسبية تحقّق العدالة وتساعد على الانصهار الوطني .‏

ما ترونه اليوم في لبنان من حديث عن مشكلة بين معارضة وموالاة ليس هو الحقيقة ، فليست المشكلة بين المعارضة والموالاة ، وإذا كانت المعارضة تعني أن تعمل لتستلم السلطة مكان السلطة ومن يواليها كجزء من لعبة النظام اللبناني على ضوء التأييد الشعبي فهنيئاً للمعارضة عندما تستلم السلطة ، وهنيئاً للموالاة كذلك عندما تستلم السلطة ، طالما أنهم يتنافسون على تأييد الناس ، لكن المشكلة اليوم في لبنان أنه دخل كجزء لا يتجزأ من مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي ترعاه أمريكا والتي تريد أن ينطلق من لبنان بعد العراق ليجعل لبنان محطة لإسقاط الأنظمة وإحلال أنظمة جديدة ضمن برامج سياسية تضعها أمريكا وتتابعها وزارة خارجيتها بالتفصيل الذي يستدعي أن ترسل مندوبها السامي ليحضر مباشرة في سفارتها في لبنان كي يتابع التفاصيل مع من يستجيبون للمطالب الأمريكية ، ليكون ذلك أيضاً مقدّماً لنتيجة تريدها إسرائيل في إسقاط قوة لبنان وقدرة لبنان التي تقلق إسرائيل وتعيق مشروعها . إذاً نحن أمام هدفين أمريكيين كبيرين الأول وضع اليد على لبنان لإدارته بشكل مباشر والثاني إراحة إسرائيل من المقاومة الموجودة في لبنان كي تتمكن إسرائيل من أن تتوسّع وأن تفرض الشروط التي تريدها في المنطقة .‏

من هنا عندما تحرّك حزب الله إنما تحرّك رافعاً لشعار رفض التدويل المتجسّد بالقرار 1559 ولم يرفع يوماً شعاراً يستهدف المعارضة أو يعطي مكسباً للسلطة ولا يعمل من منطلق المكاسب وأخذ الغنائم أو التوزير أو ما شابه ، على هذا الأساس واجهنا القرار 1559 لأنه يسلب لبنان حريته واستقلاله ولأنه يُدخل لبنان في دائرة المتطلبات الأمريكية الاسرائيلية ، ورأينا أنه من المناسب أن نعمل مع من يؤمن من الأحزاب والقوى والفعاليات في الوطن بهذا الاتجاه .‏

ثم قال :‏

أذكركم بأن الجدل والحوار الذي يحصل دائماً في لبنان حول قوة لبنان وضعف لبنان هو جدل طويل ومنذ زمن بعيد ، لطالما سمعنا من يتغنى بأن قوة لبنان في ضعفه، لكننا أردنا أن نثبت بأن قوة لبنان بمقاومته ، لأن ضعف لبنان جعله مرتعاً لفتن داخلية وصراع الآخرين من خلال اللبنانيين ، أما عندما أصبح لبنان قوياً بمقاومته ، فقد توحّد اللبنانيون حول المقاومة ، وقد أنجز لبنان تحريراً مهماً في الجنوب ، ومنع إسرائيل من أن تعتدي عليه ، ورفع لبنان إلى مصافّ الدول المحترمة في العالم والتي تُؤخذ مطالبها بعين الاعتبار ، بدل أن يكون لبنان ممرّاً ومعبراً لمشاريع الآخرين ، وقد جرّب اللبنانيون في السابق منذ سنة 1982 إلى سنة 2000 ، أي منذ الاجتياح الاسرائيلي الكبير إلى التحرير ، وحصل نقاش كبير بين اللبنانيين ، كان موجوداً على صفحات الجرائد وفي وسائل الاعلام وكان النقاش دائراً بين الفئات اللبنانية المختلفة ، منهم من كان يطالب بتحرير لبنان بالدبلوماسية ومنهم من كان يطالب بتحرير لبنان بالمقاومة ، وحصل نوع من التناغم بين الفريقين أن ينادي كلٌّ منهما بما يريد من دون أن يحصل اصطدام بينهما بانتظار ما ستؤول إليه النتائج ، فسارت الدبلوماسية في وادٍ وبدل أن تصل إلى رأس الهرم سقطت في أسفل الوادي من دون أن تحقق شيئاً على الصعيد الدبلوماسي ، بل خسرت كل فكرة يمكن أن تكون موجودة في العلاقات الدولية للضغط على إسرائيل أو لتحرير لبنان ، بينما نجحت المقاومة في تحرير لبنان وأثبتت أن القدرة والقوة الذاتية التي تنطلق من الشعب اللبناني بإمكانها أن تطرد إسرائيل وأن تحقق التحرير ، وأن ترغم مجلس الأمن الدولي بأن يعترف بالحقيقة الواقعية ، عندها سواءً أكان هناك قرار دولي أو لم يكن ، فبامتلاكنا كلبنانيين لإرادة التحرير والمواجهة نستطيع أن نحافظ على بلدنا ونستطيع أن نغيِّر باتجاه استعادة حقوقنا حتى ولو رفض الآخرون ، لأننا شعب يعطي وشعب يضحي، وما دام بيننا شباب كشباب المقاومة الاسلامية فإنه ليس بإمكان إسرائيل أن تستقر في لبنان وليس بإمكان أمريكا أن تمرِّر مشاريعها ومخطّطاتها التي ترسمها .‏

سمعتم تصريحات مختلفة دوّلية ومحلية ، تتحدّث عن أن المقاومة هي الهدف التالي ، وهي التي ينصبّ عليها كل الجهد ، وبالتالي عندما يتحدّث ساترفيلد ويقول بأنها ليست أولوية ، هذا ليس كرماً من أخلاقه ، وإنما هي جزء من خطة يعتقد أنها نافعة من أجل الوصول إلى الضغط على المقاومة بشكل داخلي ، لأنهم عجزوا عن مواجهة المقاومة بطريقة خارجية ، لقد حاولت إسرائيل أن تواجه المقاومة في عدوان 93 وفي عدوان 96 ، لكنها عجزت واضطرّت في سنة 96 أن توافق على تفاهم نيسان الذي اعترف بشكل دولي بالمقاومة ، وخرجت سنة 2000 لأنها لم تعد تطيق هذه المواجهة مع المقاومة ، إذاً إسرائيل فشلت في ضرب المقاومة وفشلت في إسقاطها ، أما أمريكا فهي أعجز من أن تفكر في الدخول إلى لبنان لهذه المواجهة ، لأنها تعلم أن دخولها سيستفز اللبنانيين ، وأنها ستعزز حالة الممانعة والمقاومة ، وهي أبعد من أن تخوض هذه التجربة اليوم ، خاصةً بعد تجربتها المرّة الموجودة في العراق ، وبعد تلك الذكريات القديمة التي تحملها في لبنان والتي كانت مصاحبة للاجتياح الاسرائيلي .‏

على هذا الأساس كيف تفكر أمريكا ؟ أصبح الأمر مكشوفاً وواضحاً ، وهو برسم جميع اللبنانيين إذا لم يعرفوا بعد ، تعتقد أمريكا أن الضغط الخارجي على حزب الله أمر صعب، بل هذا يقوِّيه ويعطيه معنويات ويعبّئه أكثر ، إذاً السلوك الآخر هو أن تعزيز حالة الاعتراض تحت عنوان المعارضة للواقع القائم وللسلطة السياسية ، ثم تجري الانتخابات في وقت معين ، من أجل أن تأتي أغلبية نيابية توافق من حيث المبدأ على الأجندة الأمريكية ، ثم تتشكّل حكومة وهذه الحكومة من هذا اللون الذي يطرح على بساط البحث مسألة دخول الجيش اللبناني إلى الجنوب بالطريقة التي تتنافى مع وجود المقاومة هناك ، وهنا يُفتح حوار سياسي حول ضرورة خروج المقاومة من الساحة وإلا فهناك صدام ومشكلة إذا لم يستجب هذا الحزب . هذا السيناريو هو الذي تريده أمريكا وهي قد تحدّثت عن عدم الأولوية اليوم ، لأنها بانتظار تطورات تعتقد أنها تريحها من التفاصيل وتُدخل الشعب اللبناني في مأزق داخلي فيما بينها ، لكن أقول لكم ، هذه الأجندة غير قابلة للتطبيق ، أولاً لأننا نعتبر أن ما سينتج عن الانتخابات النيابية لن يكون على القياس الأمريكي ، فضلاً عن أن الاصطفافات السياسية لن تبقى بين الموالاة والمعارضة كما هي اليوم ، بل ستتغيّر وستعدّل كثيراً خاصة عندما يبدأ النقاش بالتوزير والسلطة والمواقع المختلفة والآراء، فمن يراهن على أن تسير الأمور بشكل آليّ إلى هذه النتيجة هو مخطئ تماماً ، لأننا نعرف عدد الوطنيين في هذا البلد ، ونعرف الاتجاهات الوطنية الكبيرة الموجودة في كل المواقع ، والتي تأبى أن تدخل في مشكلة أو معركة تسلِّفها لإسرائيل أو تعطيها لأمريكا ، ففي الوطن أحرار وشرفاء أكثر بكثير من أولئك الذين يعملون في الخفاء لحسابات أجنبية وبالتالي نحن لا ننظر بريبة إلى الطرف الآخر ، علينا أن لا ننظر إلى اللحظة التي ترتفع تارة وتنخفض أخرى ، وأن لا ننظر إلى السجالات الآنية ، وإلى العواطف التي تجيَّش بشكل إستثنائي ، علينا أن ننظر إلى الخط ، وإلى النتائج وإلى القوى الفعلية ، وإلى المؤثرات على الساحة ، لا أن ننظر إلى بعض المكتسبات الآنية التي سرعان ما تنهار .‏

ثم أضاف :‏

المقاومة الاسلامية في لبنان هي مقاومة دفاعية ، نشأت نتيجة للاحتلال، والمقاومة في منطقتنا هي مقاومة دفاعية عن النفس والوطن ، نشأت نتيجة الاحتلال الاسرائيلي الغاصب والعدواني ، فلا يجوز أن تُسأل المقاومة لماذا تدافع ؟ بل يجب أن نسأل الدول الكبرى ، لماذا تدعم إسرائيل ؟ ولماذا تُبقي هذا الغاصب يأخذ أرضنا ومستقبلنا وأولادنا وزرعنا وإمكاناتنا ويحاول أن يقضيَ على آمالنا في الحياة ؟ من هنا المقاومة الاسلامية مقاومة دفاعية تحمل مهمتين الأولى تحريرية والثانية ردعية ، التحرير يكون بتحرير الأرض ، كما حصل في تحرير الجنوب وكما سيحصل إن شاء الله في تحرير مزارع شبعا ، لكن حتى ولو تحرّرت مزارع شبعا بالمقاومة التحريرية ، فنحن متمسّكون بالمقاومة الردعية التي تردع إسرائيل من أن تعتديَ علينا مجدداً ، أو أن تشكِّل خطراً علينا ، أو أن تهدّدنا بين الحين والآخر ، وهنا أذكّركم بأنَّ الذي حمى لبنان من سنة 2000 عند التحرير حتى الآن هو المقاومة الردعية ، التي تملك إمكانات وقدرات وشباب ، يتربّصون ويرابطون في مواجهة إسرائيل مما يجعلها خائفة ، ممّا ستكون النتائج عليه فيما لو اعتدت على لبنان،ولذا اسرائيل لم تتمكّن من القيام بعدوان واسع ، أو بأعمال إجرامية كبيرة وواضحة ومكشوفة في لبنان ، لأنها كانت تخاف من ردّ فعل المقاومة ، وهي محقّة في خوفها لأن ردّ الفعل سيكون كبيراً جداً ، عندما تكون هناك اعتداءات على لبنان وعلى هؤلاء الشباب وعلى هذا البلد الحر المستقل الذي حرّر أرضه بإمكاناته وقدراته ، لا بمنحة من أحد على مستوى العالم . هذا الردع يجب أن يبقى ما دام الخطر الاسرائيل موجوداً ، هذا الردع يجب أن يكون حاضراً وبملئ الثقة من أجل أن يمنع إسرائيل من أن تعتديَ علينا. إن قالوا بأن الأمم المتحدة تحميكم ، سنقول لهم كانت تتغنى الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالقرار 425 لمدة اثنين وعشرين ولم يحمينا ! وإن قالوا بأن إسرائيل تلتزم بالضوابط، لقلنا لهم تجربتنا في المنطقة أن اسرائيل احتلّت في أربع بلدان عربية ، لبنان وسوريا ومصر والأردن تحت شعار أنها خائفة من الآخرين ، وأنها تريد أن تحمي احتلالها في فلسطين ، فهي التي تبدأ الاعتداء دائماً. وإن قالوا بأن الدبلوماسية هي الحل ، قلنا لهم لقد فرشتم الأرض بالدبلوماسية ذهاباً وإياباً إلى مجلس الأمن وفي العلاقات الدولية ، فكنتم تسمعون دائماً أن المقاومة إرهاب وأن الاعتداء الاسرائيلي حقٌ دفاعيّ مشروع ، لن نقبل أن تحقّق إسرائيل أهدافها على حساب شعبنا وعلى حساب أمتنا ، سنبقى قوة رادعة حتى بعد تحرير مزارع شبعا ، على قاعدة أن لبنان قد جرّب قوة المقاومة ، وانتعش واستقرّ وارتفع وقويَ بهذه القوة ، كيف نتنازل عن قوة أصبحت بأيدينا كلبنانيين ؟ كيف نتنازل عن قدرة تحمي حدودنا وتحمينا من الأخطار الاسرائيلية ؟ كيف نتنازل عن قوة جلبت الاحترام الدولي للبنان ، وجعلته محلّ نقاش وسؤال وحوار ؟ كيف يمكن أن يقف بدون قوة أمام إسرائيل؟ ثم نشكو مجدداً إلى مجلس الأمن ، وهو يربّت على أكتافنا أن تحملوا إسرائيل فهي خائفة ، وعليكم أن تنتظروا النتائج الأخرى ،فلعل الانتظار يعطيكم حلاً .لن نعود إلى الوراء ، ولن نقبل أن نكون في حالة ضعف ، ولن نرضى أن يصبح لبنان مزرعة للاستكبار والاستعمار من جديد ، ولا للانتداب ، لن نقبل لبنان محمية أمريكية ، ولن نقبل لبنان دائرة عمل إسرائيلية ، نريد لبنان مستقلاً وحراً وسيداً وكريماً وعزيزاً ، ونعتقد أن شباب لبنان ونساء لبنان ، يستطيعون بدمائهم ووحدتهم وموقفهم أن يحموا لبنان ، لسنا بحاجة لحماية من أحد على المستوى الخارجي ، نقول للأمريكيين ، كفّوا شرّكم عنا ونحن نتفاهم مع بعضنا البعض ، وإذا أراد اللبنانيون أن يناقشوا قيمة هذا السلاح الردعي ، فليكن النقاش في جلسات مغلقة ، نتفاهم من خلالها على كل شيء ، لكن ليس لأمريكا علاقة أن تتدخّل بسلاح المقاومة ولا بقوة لبنان ، هذا أمر يعنينا ، وهذا أمر يخصّنا كلبنانيين ، نحن لا نتحدث عن حوار شكلي ، نحن نوافق على حوار بالعمق في كل شيء، من أجل أن نوصل السفينة إلى النجاة ، فمن امتلك فكرة أو رؤية لحماية لبنان ، يستبدل من خلالها ما هو موجود ، ليناقشنا بها ونحن حاضرون ، لكن لا يجوز أن نعيد لبنان إلى ضعفه ، ولا يجوز أن نسلِّم أمر لبنان لإسرائيل وأمريكا ، ولا يجوز أن نفرّط بتلك الدماء التي قُدِّمت ، وإذا أراد البعض أن يرتاح وأن يطمئن ، فقد آن له أن يرى تجربة المقاومة الاسلامية من سنة 82 حتى الآن ، فهي تجربة مشرقةٌ رائدةٌ ، لم تتدخل في الشأن الداخلي ، وأنتم تعلمون أن هذا الحزب قد لاقى المرارات من كل الحكومات التي تشكّلت ، منذ الطائف وحتى هذه اللحظة ، ولم يكن له لا موقع في السلطة ، ولا توظيف للكوادر والعاملين والأساسيين الموجودين فيه ، ولم يكن له رغبة على أن يدخل في المحاصصة خوفاً من أن تكون ثمناً لإرباك المقاومة والتخلي عن المقاومة ، كنا نقول دائماً أولويتنا المقاومة , ولم نوجّه سلاحاً للداخل ، ونحن نؤمن أن المقاومة يجب أن تبقى كذلك ، وأن سلاحها في مواجة العدو ، ولا سلاح عندنا للداخل ، ولا سلاح يمكن أن يوجّه للبنانيين لأنه سلاح فتنة ، هذا هو إيماننا ، هذه هي قناعتنا ، نحن نؤمن أن سلاح المقاومة إذا دخل في زواريب لبنان الداخلية ، سقط وانهار وهذا ما لا يمكن أن نقدم عليه .‏

ليكن واضحاً ، المقاومة ليست ميليشيا ، المقاومة هي في مواجة إسرائيل ، والميليشيا هي عمل داخلي يؤدي إلى تقاتل بين الأطراف ، ليس حزب الله ميليشيا، ولن نقبل أن يكون ميليشيا في يوم من أيام ، حزب الله مقاومة ، وهذه المقاومة مكانها الطبيعي وبندقيتها الطبيعية موجهة نحو إسرائيل ولا مكان آخر تتوجّه إليه هذه البندقية .‏

وأضاف أيضاً :‏

نحن نريد المحافظة مع النسبية للمحافظة على لبنان وللمحافظة عليهم أيضاً ، من حقنا في لبنان أن نختار ، من قال بأن القضاء هو الحل ، هل تعلمون أن القضاء هو محاولة لجعل كل طائفة تستغني عن الطائفة الأخرى ، بحيث يصبح المسيحيون هم الذين يختارون في قراهم وفي بلدانهم داخل القضاء ، والمسلمون هم الذين يختارون ، فلا يعود المسلم بحاجة إلى المسيحي في الانتخابات ولا المسيحي بحاجة إلى المسلم ، بل لا يعود هذا المذهب بحاجة إلى المذهب الآخر من نفس الطائفة ، المسيحية أو الاسلامية ، مما يجعل الخطاب الطائفي والتحرك الطائفي أقوى بكثير ، لأن إثارة العصبيات تجمع أكثر مما يجمع الشعار الوحدوي ، خاصة مع سوء التوجيه الموجود في لبنان من قبل بعض القيادات ، التي تستغل المشاعر المذهبية والطائفية لأخذ مواقعها ، أما عندما تكون المحافظة هي الدائرة ، فهذا يعني أن المسيحيين والمسلمين يحتاجون إلى بعضهم البعض من أجل أن يشكّلوا لوائح مشتركة ، ومن أجل أن ينتخب الناخب كل هؤلاء ، وهذا يساعد في الانصهار الوطني ، نحن لا نفتّش عن المحافظة لنرفع من مستوى عدد النواب في المجلس النيابي ، لأننا نؤمن أن النواب في المجلس النيابي سيتغيَّرون كثيراً بعد الانتخابات ، هذه المعارضة التي ترونها اليوم ، وهذه الموالاة التي ترونها اليوم ، سترون غيرهما في المجلس النيابي القادم ، وستتغيّر اصطفافات كثيرة ، ليس هذا ما نبحث عنه ، ليس العدد ما نبحث عنه، ما نبحث عنه هو الخط ، وهو الاتجاه ، ونحن نعتقد أنه كلما تعزّزت العلاقة بين المسلمين والمسيحيين ، وكلما احتاج البعض للبعض الآخر ، في الانتخابات وفي بناء الوطن ، وفي الدفاع عنه وفي الوقوف جنباً إلى جنب ، كلما انتعش لبنان واستقر لبنان ، وارتاح لبنان ، ولذا نحن نتمسّك بالمحافظة مع النسبية للتمثيل الأعدل ، ولتعزيز المواطنية بين المواطنين وللمحافظة على لبنان .‏