نحن اليوم في لبنان نحمل لواء المقاومة، ونفتخر ونعتز بهذا الاتجاه النوراني الإلهي، ونعتبر أن انتصارنا على إسرائيل هو انتصار مبنيٌّ على دعم الله وتوفيقه لنا، لم نكن لننجح بقوة سلاحنا بمعزل عن إيماننا، ولم نكن لنقهر عدوَّنا ونُخرجه من أرضنا بمعزل عن التزامنا الشرعي بهذه الضوابط التي تعلمناها من الأحكام الشرعية.
المقاومة اليوم أصبحت حقيقة ولم تعد فكرة للنقاش، أصبحت واقعاً يسلِّم به الجميع. هذا النور المقاوم لم يسطع ليختفي بل ليستمر ويُنير للناس، واليوم الالتفاف حول المقاومة في لبنان أكبر وأوسع وأفضل من أي وقت مضى، وإذا أجرينا مقارنة بسيطة بين سنة 2006 وبين الالتفاف اليوم لوجدنا فارقاً كبيراً لمصلحة المقاومة. لقد أراد العدو الاسرائيلي أن يحوِّل مشاركتنا في الحكومة اللبنانية إلى عبء ومأزق للبنان، فحوَّلنا المشاركة في الحكومة إلى فرصة إيجابية، حيث اجتمع الرؤساء على الإشادة والدعم والتأييد والوحدة حول المقاومة، ما جعل العدو الاسرائيلي يفشل في خطته، فبدل أن تكون المشاركة مشكلة تحولت إلى قوة ردع تُضاف إلى قوى الردع الموجودة عند المقاومين والشعب اللبناني.
اليوم عندما ننظر إلى إسرائيل نراها ترتكب جرائم الحرب يومياً والعالم يتفرَّج عليها، وأقول لكم بوضوح: إذا كان العالم يظن أن إسرائيل مشكلة لمنطقة الشرق الأوسط فهو مخطئ، لأن إسرائيل مشكلة لكل العالم من دون استثناء، مشكلة للشرفاء والأحرار ومشكلة للإنسانية، إسرائيل مشكلة لأوروبا وأمريكا، وهي ليست مشكلة لنا وحدنا، الآن ترَون مظهراً من مشكلتها تجاهنا، لكن سيكتشف العالم أنها مشكلة للإنسانية جمعاء، وأول الغيث اكتشاف استخدام إسرائيل لجوازات السفر الأوروبية من كل حدبٍ وصوب، ولبطاقة الأموال الأمريكية، لتُغرق العالم معها في جرائمها من دون أن يكون للعالم أي علاقة، لتقول للجميع بأنها تخترق وتُزوِّر وتقوم بالألاعيب المختلفة، وترتكب الجرائم وتغتال مستفيدة من كل الناس من دون أن تراعي حرمة أحد ولا حقوق أحد. وعندما نرى التنازلات العربية التي تسعى إلى إسرائيل، وتقدِّم مجاناً لمصلحة إسرائيل وتروِّج للتفاوض مع إسرائيل من دون قيد وشرط، بالله عليكم على ماذا حصلتم؟ وماذا أخذتم في المقابل؟ بكل صراحة ما فعله العرب هو إخراج إسرائيل من ورطتها لأنها كانت تحت الأضواء بأنها تسبِّب مأزقاً في المنطقة، وبأنها لا تريد الحل ولا التسوية، وكل العالم الغربي يتحدث عن بشاعتها وجرائمها من تقرير غولدستون إلى التظاهرات ومواقف النواب في بلدان العالم الغربي، وإذ ببعض العرب يأتي ليُعطي شهادة حسن سلوك لإسرائيل مجاناً على حساب دماء الفلسطينيين وعلى حساب الشرفاء. كنت أقول دائماً نحن لا نريد من العرب دعماً للقضية الفلسطينية، لا مالياً ولا عسكرياً، والله لا نريد من العرب إلا صمتاً حتى يتركوا المجاهدين يحررون فلسطين بأيديهم وبدون حاجة لأحد.
في لبنان صدرت بعض أحكام الإعدام بحق بعض العملاء، نحن ننتظر من المسؤولين في الدولة اللبنانية تسريعاً للإجراءات التنفيذية لأحكام العدوان بحق العملاء، لأن الأحكام المخففة سابقاً هي التي فتحت الساحة للمزيد من العمالة، بعض العملاء خرجوا من السجون بعد قضاء أحكام مخففة وعادوا للعمالة، والبعض الآخر رأى أن العمالة لا تكلِّف كثيراً، فالأموال كثيرة والسجن مريح والوقت قليل، بل يمكن أن يكون في السجن سلطاناً في بعض الأحيان، لذا لا بدَّ من إجراءات حاسمة. الإعدام للعملاء يُعطي فرصة إضافية لتعزيز الردع ولمنح ساحتنا المزيد من التحصين، ولمنع العملاء من أن يستسهلوا العلاقة مع إسرائيل، هذا إضافة لضبط الشبكات الذي حصل يوقف قدرة إسرائيل الداخلية ويجعل قدرتنا أكبر في مواجهتها.
أما بخصوص الانتخابات البلدية، نحن في حزب الله مع إجراء الانتخابات البلدية في موعدها المقرر، بقانون فيه إصلاحات أو بقانون ليس فيه إصلاحات، المهم أن تجري الانتخابات البلدية في وقتها، لعلها تساعد في إعطاء صورة جديدة وحيوية جديدة في البلدات المختلفة، فإذا رغب الفرقاء في مجلس الوزراء ومجلس النواب أن يؤجلوها إلى أمد، فنحن لا نمانع من التأجيل، لأن ليس لنا ما نخسره بإجرائها في وقتها أو تأجيلها، وليس لنا ما نربحه بإجرائها في وقتها أو تأجيلها، فإذا حصلت في وقتها أهلاً وسهلاً وإذا تأجلت فليس عندنا ما نربحه أو نخسره إضافياً، ولذلك لا داعي لهذه الممحاكات، إحسموا أمركم وقولوا، فإذا كنتم تريدونها في وقتها فنحن حاضرون، وإذا أردتم تأجيلها نساعدكم على التأجيل ونحمل وزر التأجيل معكم على قاعدة تقديم الوفاق على النزاع.