ومما جاء فيها:
أي عاقل في العالم عندما يرى إنجازات المقاومة يحرص على قوتها وبقائها ومكانتها، بل يدعو إلى تعزيزها وتسليحها ودعمها لأننا أمام احتلال لا زال موجوداً على أرضنا، وأمام تهديد إسرائيلي وخطر لا يتوقف يوماً عن تهديد بلدنا وبلدان في المنطقة بأنه سيعتدي عليها. كيف ندافع عن أنفسنا إن لم يكن لدينا مقاومة، هي لم تعد تجربة وإنما أصبحت واقعاً حقيقياً، لكن للأسف في لبنان نحن أمام جماعة تحمل مشروعاً آخر، فجماعة 14 آذار وعلى رأسهم حزب المستقبل يحملون مشروع هدم الدولة، وكل الأداء الذي قاموا به حتى الآن هو في إطار هدم الدولة، فعندنا سُمِّيَ الرئيس ميقاتي لرئاسة الحكومة أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وحرقوا السيارات والمتاجر وأثاروا الفوضى في الشمال اعتراضاً على التسمية، ثم بعد ذلك أعلنوا أنهم سيواجهون هذه الحكومة قبل أن يعرفوا برنامج عملها أو رؤيتها، وقبل أن يروا أخطاءها التي يمكن أن ترتكبها، هم لا يريدون للحكومة أن تتشكل لأنهم جماعة هدم الدولة، هم لا يريدون لأحد أن يقول بأنه يعود إلى القوانين المرعية الإجراء لأنهم اعتادوا على المزرعة واعتادوا على حكومة غير ميثاقية حكمت أكثر من سنة ونصف، واعتادوا أن يصرفوا الأموال من الخزينة بسلف غير شرعية وغير قانونية، اعتادوا على أن يجروا تعيينات ليست منسجمة مع الضوابط والكفاءات. هؤلاء يشكلون مشروع هدم الدولة، وقد زجُّوا لبنان في الأزمة السورية بشكل مباشر من خلال التصرفات التي قاموا بها، سواء في المواقف السياسية الحادة أو في الدعم المالي والعسكري وتهريب السلاح عبر الحدود اللبنانية إلى المعارضة السورية، وإلى الدعوات المتكررة من أجل أن يكون شمال لبنان منطقة آمنة للمقاتلين السوريين ضد النظام في تدخل لن يرد على لبنان إلا السلبيات والمشاكل، عطلوا المجلس النيابي عندما قدمت الحكومة مشروع الـ 8900 مليار، لأنهم لا يريدون لهذا المشروع أن يمر إلا إذا عفى المجلس النيابي عن الـ 11 مليار التي صُرفت من قبلهم بغير وقائع قانونية مقنعة، بحيث كان كل يوم يأتي من وزارة المالية بيانات مختلفة عما قبلها، فلم يستطع أحد أن يجري قطعاً للحساب. هم الآن يقدمون اقتراحات قوانين، وأدعوكم إلى مراجعتها، فكلها يريدون من خلالها إرهاق الدولة مالياً وتخريب الدولة، وتقليب الموظفين والعاملين على الحكومة من خلال اقتراحات ما أنزل الله بها من سلطان. هم تناغموا مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي في تعابيره وسلوكياته، ولو قرأنا بعض تصريحاتهم وتصريحات أوباما ونتنياهو لوجدناها واحدة، هم ضد المقاومة وسلاح المقاومة وكذلك جماعة 14 آذار، هم لا يريدون للبنان أن يكون قوياً وهؤلاء كذلك، هم يؤمنون بضرورة استخدام لبنان كمعبر للإضرار بسوريا وهؤلاء كذلك، هذه مشكلة حقيقية، هل يريد هؤلاء بناء الدولة؟ هم مع لبنان الضعيف ولو احتلته إسرائيل، لذا أنا أعتقد أن جماعة 14 آذار هم جماعة هدم الدولة بجدارة.
الحكومة الحالية هي حكومة الزمن الصعب والظروف الصعبة، كل المشاكل انكشفت أمامها بعد تراكمات كثيرة اجتمعت من خلال الحكومات السابقة، لكن لو كانت الحكومة اليوم برئاسة السيد سعد الحريري أو السيد فؤاد السنيورة لرأينا الآلام والمرارات التي لا تعدُّ ولا تحصى، ولشهدنا الانهيار الحقيقي للبنان بسبب السياسات التي يؤمنون بها والأفكار التي يطرحونها ومن محاولات إلحاق لبنان بالمشروع الأمريكي الإسرائيلي.
نحن في حزب الله مع مشروع بناء الدولة، ونحاول إنجاز ما أمكننا بالتعاون مع حلفائنا، لكن الظروف صعبة ومعقدة، لا تتوقعوا منا الكثير لأن لبنان له تركيبة خاصة، وآليات القرار في لبنان لها خصوصيات، وبالتالي وجود الطوائف والأحزاب التي تشد القرار اللبناني باتجاهها، ووجود معادلة 6 و 6 مكرر وعناوين أخرى مذهبية وطائفية تجعل حركة الإنجاز في لبنان مع الصدق والإخلاص أمراً صعباً ومعقداً، لذا نحن نحاول أن نخفف من خلال هذه الحكومة الآلام ولا أقول بأننا نحاول أن ننجز أمام الصعوبات التي نواجهها. نحن نقبل المحاسبة على قاعدة أن هناك أموراً يمكن فعلها ولم نفعلها، أما أن نُحاسب على ما فعله غيرنا لمدة 20 سنة، وأضرَّ الاقتصاد وأوصلنا إلى ما وصلنا إليه وجعل البلد يعيش في الهاوية، فهذا أمر لا نقبله، وبالتالي نحن نتحمل مسؤولية ما نقوم به، فهل العجز والديون على لبنان هي نتيجة هذه الحكومة أو الحكومات السابقة، ومشكلة الكهرباء المتفاقمة ألم تكن بسبب الهدر والسرقات والأموال الطائلة التي صُرفت سابقاً من دون مشروع ورؤية واضحة، حتى وصلنا إلى ما نحن عليه، والتوتر السياسي الذي يعيشه البلد اليوم، من يسببه غير العصبية التي تثير الحساسية المذهبية والطائفية في كل خطاب وكل موقف. مع كل هذه الصورة نحن سنستمر بالبناء في أصعب الظروف، وسنتحمل مسؤوليتنا وسنتحمل كل المشاكل التي تنتج عن مواقفنا الصحيحة والسليمة ولو كثر أصحاب الصراخ والأكاذيب.
نحن نؤكد على أساسيات عدة:
أولاً إسرائيل تهدد في كل يوم، ولكنها لم ولن تخيفنا، لأننا عند الفعل سنكون بالمرصاد. ثانياً نحن نؤيد الجيش اللبناني بأن يكون هو الحامي لهذا الوطن، ومحلّ توافق الأطراف جميعاً، نحن إلى جانبه ونعمل دائماً لقوته. ثالثاً أقول للمراهنين على التطورات في سوريا بأن هذه التطورات لن تنفعهم ولن تغيِّر في الواقع شيئاً.
نحن اليوم نعمل بكل طاقتنا وجهدنا، وهم دائماً يحاولون تصويب الأمور باتجاه حزب الله، ولكن حزب الله ليس وحده في الإدارة وهناك تعقيدات كثيرة، مع ذلك لن نهرب من مسؤولياتنا، وسنعمل مع حلفائنا وسنعالج الثغرات التي نشأت بين الحلفاء، وستسمعون قريباً أن الحلفاء في الأكثرية عادوا أقوى مما كانوا، وهناك محاولات لإجراء اتصالات ووضع حلول لتحسين الوضع أكثر كي لا نقع في الإشكالات التي وقعت بين الأكثرية خلال الفترة الماضية.