إن مهمة تربية الأبناء صعبة ومعقَّدة ، وبشكل خاص في هذا الزمان الذي دخلت فيه مؤثرات عديدة في عملية التربية، فلم تعد الأمور محصورة توجيهياً بالأسرة والمدرسة، بل تعدَّتها إلى وسائل الإعلام والاتصال والاتجاهات الاجتماعية السائدة.
باسمه تعالى
فرصة تربوية متاحة للأهل
إن مهمة تربية الأبناء صعبة ومعقَّدة ، وبشكل خاص في هذا الزمان الذي دخلت فيه مؤثرات عديدة في عملية التربية، فلم تعد الأمور محصورة توجيهياً بالأسرة والمدرسة، بل تعدَّتها إلى وسائل الإعلام والاتصال والاتجاهات الاجتماعية السائدة. ومع هذه الظروف المتشعِّبة، تتطلب التربية جهوداً كبيرة، وخطوات كثيرة متراكمة، وتواصلٌ بين الأهل والمدرسة والجهات التربوية الفاعلة في المجتمع كالكشاف والعمل الرياضي والمسجد والعالم...في إطار من التنسيق والتعاون،" وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى "، وذلك لتحديد المسؤوليات ومواكبة الإجراءات وتوحيد الأداء وتحسينه، ودراسة الثغرات والعقبات والحالات التي تستدعي المعالجة والتطوير.
ما هي الأهداف التي يجب تحقيقها للوصول إلى تربيةٍ أفضل؟
حدد الإمام زين العابدين (ع) الاهداف الاساسية لمسؤولية الاهل في تربية الابناء في رسالة الحقوق بقوله :" وإنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب، والدلالة على ربه ، والمعونة له على طاعته فيك وفي نفسه ، فمثاب على ذلك ومعاقب " ، فالاهداف ثلاثة :
1- حسن الأدب : فما يتأسس عليه الولد منذ الصغر، ينطبع في شخصيته ويتحول إلى سلوك عادي ، وعادة ما ينمو حسن الأدب أو سوؤه مع الطفولة. هذا السلوك الاجتماعي يصعب تغييره مع الكبر، وقد أشار الإمام علي (ع) إلى أهمية التأديب منذ الصغر في قوله لولده الإمام الحسن (ع):" وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيء قبلته ، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك".
2- الدلالة على ربه : ليعرف خالقه وصفاته وعلاقته به وأنه سيحاسبه في يوم القيامة . فمن عرف ربه عرف الكثير من الأسرار التي تحيط به ، وهذا ما يؤدي أيضاً إلى معرفة مسؤوليته وتكاليفه الشرعية ، فيتأكد الارتباط به وحده لا شريك له . إنها دلالة على الاتجاه الوحيد الصحيح .
3- المعونة له على طاعته فيك وفي نفسه : فالولد بحاجة إلى العون والتوجيه الدائمين خاصة فيما يذكره الإمام لمساعدته على طاعتك أيها الأب وأيتها الام ، فهذا يسهل عليكما العمل، لمساعدته على نفسه حتى يكون في طاعة الله ، فهذا خير له في الدنيا والآخرة .
وهنا يكون الثواب عند حسن الاداء , والعقاب عند التقصير والاساءة , وفي الأمور الثلاثة ما يؤكد على المواكبة الدائمة والتربية المستمرة، لأن المسألة لا تنجز بكلمة أو نصيحة أو محطة بل تحتاج إلى متابعة . ولا يتوقف مسار التربية طوال حياة الإنسان، فالتربية عملية مستمرة، وعلينا مواكبتها بكل معاناتها وصعوباتها، كما لا تظهر آثارها بسرعة ، فهي مرهونة بتفاعل الطرف الآخر، وهذا ما يحصل بشكل تدريجي وبطيء، وذلك بتظافر كل الجهود المناسبة في هذا المجال .
وبما أن التأثير لا يقتصر على الأهل، وحيث يحتاجون إلى من يعينهم على ذلك، فإنَّ الاستعانة ببعض الأنشطة المحببة للولد تساعد كثيراً في العملية التربوية. وهنا يعتبر العمل الكشفي مهماً ومساعداً في هذا المجال، نظراً لأنشطته الثقافية والتربوية والترفيهية، وما تؤدي إليه من تكوين الشخصية واثبات الذات والانطلاق الاجتماعي والتدريب على الصعاب والعقبات، وعندما يكون القادة والموجِّهون من أصحاب الإيمان والعقيدة والاستقامة، فإن تأثيرهم يكون إيجابياً على الولد، وهو الذي يتلقى منهم بشوق وقناعة واقتداء.
إن الأهل مسؤولون عن ملء فراغ الولد ليملأه فيما ينفعه، ومسؤولون عن توفير الصحبة المناسبة له ليكتسب منهم بشكل سليم، ومسؤولون عن التزامه وأدبه وطاعته وهذا يحتاج إلى الاستعانة بجهة تكمِّل دور الأهل في هذا المجال.
لقد ثبتت أهلية كشافة الإمام المهدي(عج) في بناء شخصية الأولاد، وبث روح الجهاد فيهم، وتعويدهم على الالتزام بأوامر الإسلام ونواهيه. وهي فرصة متاحة للأهل لتحفيز أولادهم للانتساب إلى الكشاف كجزء من خطتهم في توفير المناخات الإيمانية المساعدة لتقويم شخصيتهم، بدل أن ينصرفوا إلى أماكن اللهو والصحبة الفاسدة والفراغ القاتل المملوء بالتسمُّر على شاشات التلفزة أو الكمبيوتر أو الأنترنت.