التربية منذ الصغر
تمثِّل عاشوراء منعطفاً تاريخياً في حياة الأمة الإسلامية، فهي لا تُعتبر حدثاً عابراً أو حادثةً قديمة، لأنَّ آثارها وما تركته من تداعيات ومواقف شكَّلت مفترقاً هاماً وأسست لمنهجية في الثورة والجهاد، وقد تحوَّلت بفعل مداليلها المتنوعة إلى مدرسة تربوية مُلهمة، خرَّجت أجيالاً من المتمسكين بمنهج أهل البيت(ع)، وثبَّتت قواعدَ وتعاليم وَفيرة ومتكاملة في السياسة والسلوك والأخلاق والتربية ومواكبة متطلبات الإنسان والمجتمع.
من هنا فإن التعاطي مع عاشوراء لا يتوقف عند ما جرى في التاريخ، ولا يقتصر على استحضار القصة من الماضي، وإنما يهدف إلى تربية الأجيال والمجتمع من منطلق ما حدث مع الإمام الحسين(ع) وأهل بيته وأصحابه في سيرهم ومسارهم إلى كربلاء وما جرى فيها وما تركته من آثار بعدها.
بما أن الأطفال والناشئة يمثِّلون شريحة هامة من المجتمع، ويتأهلون ليتصدروا المسؤولية المستقبلية فيه، فإنَّهم معنيون بدروس وعِبَرِ عاشوراء، لما لها من تأثير تربوي مؤثر ومؤسِس، وما يمكن أن تُشكِّل في رصيدهم المعرفي والثقافي الذي يحملونه في حياتهم وممارساتهم.
قال رسول الله(ص):"كل مولود يُولد على الفطرة، إلاَّ أن أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه"(1)، فما يتأسس عليه الولد منذ الصغر، ينطبع في شخصيته ويتحوَّل إلى سلوك عادي، وعادةً ما ينمو حسن الأدب أو سوؤه مع الطفولة، ثم يصعب تغيير هذا السلوك الاجتماعي مع الكبر(2). وقد أشار الإمام علي(ع) إلى أهمية التأديب منذ الصغر في قوله لولده الإمام الحسن(ع):"وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما أُلقي فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك"(3).
وإذا استعرضنا قناعات الأولاد وسلوكهم عبر التجارب الطويلة السابقة، لوجدنا أنَّ البيئة المحيطة والتي تشكل بيئة الآباء والمجتمع المحيط-سواء أكانوا منسجمين معها أو كانت مسيطرة على واقعهم، وسواء اختاروها أو أساؤوا الاختيار- هي البيئة المؤثرة والبانية والمؤسَّسَة.
وعندما يسأل النبي إبراهيم(ع) أباه وقومه عن سبب عبادة الأصنام والانحراف عن طاعة الله عزَّ وجل:"إذا قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون"(4)، يأتي الجواب:"قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين"(5).
فمجالس عاشوراء للأطفال والناشئة فكرة جيدة وضرورية، لإشعارهم بأنهم معنيون بها، ولما لها من تأثير على أفكارهم وسلوكهم.
المجالس الخاصة
إنَّ تخصيص المجالس العاشورائية للأطفال والناشئة يتطلب مخاطبتهم بمستواهم ومتطلباتهم، وفرق كبير أن يحضر الأطفال في المجالس العاشورائية العامة ليتأثروا بأجوائها ويلتقطوا بعض مضامينها ، حيث يكون الهدف الرئيس عيشهم للذكرى بالتفاعل العاطفي بالدرجة الأولى، وبين أن يحضروا في مجالس خاصة بهم، حيث لا يمكن نقل مجلس الكبار بحذافيره إلى الصغار، فلا بدَّ من مراعاة مدى استيعابهم، وطبيعة المشاهد المؤثرة فيهم، والأفكار التي تتناسب مع بنائهم الثقافي والمعرفي، والأجواء التي تدخل إلى أعماق قلوبهم وتساهم في تعبئتهم.
لعلَّ هذا المؤتمر الكريم يقدم مساهمة جليلة في تحديد الأهداف وتقديم المقترحات العملية لمجالس الأطفال الناجحة، ونحن بحاجة إلى كتابات ومحاضرات وورش عمل تساعد في بلورة هذه الفكرة، فخطاب الناشئة يختلف في بعض جوانبه عن الخطاب العام، وإن كنا نؤكد على ضرورة المحافظة على نمط المجلس من النعي إلى السيرة وإثارة المشاعر والإبكاء، لأنَّها تمثِّل الرصيد التاريخي الذي ساهم في حفظ هذه الذكرى.
وقد روي عن الإمام جعفر الصادق(ع) أنه قال:"نظر النبي(ص) إلى الحسين بن علي(ع) وهو مُقبل، فأجلسه في حجره، وقال: إنَّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لن تبرد أبداً".
ثم قال الإمام(ع):بأبي قتيل كل عَبْرة.
قيل: وما قتيل كل عَبْرة يا بن رسول الله.
قال:"لا يذكره مؤمن إلاَّ بكى".
عاشوراء بكل مفرداتها
لكنَّ هذا لا يعني أن تقتصر مجالس عاشوراء على البكاء، بل يجب أن تَحضر بكل مفرداتها، فهي المأساة والموقف والجهاد والعزة والإخلاص والصبر والشجاعة والسبي...الخ، وفيها المشاركة في معسكر الحسين(ع) والعداء من معسكر يزيد. فالبناء العاشورائي بناءٌ متكامل، وهذا ما ينطبق على الأطفال والناشئة أيضاً، لنهيئهم ونقرِّب المفهوم لهم بقدر استيعابهم، وبذلك تكون مهمتنا تبسيط العرض بما يحقق الأهداف، معتمدين في ذلك على السيرة نفسها بالاختيار المناسب والشرح المبسَّط واستخلاص العِبْر التي يفهمها الأولاد.
فأهداف النهضة الحسينية توضَّحت من اللحظة الأولى عندما كتب الإمام الحسين(ع) وصية لأخيه محمد ابن الحنفية عند عزمه ترك المدينة المنورة، جاء فيها:
"بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى أخيه محمد المعروف بابن الحنفية، أنَّ الحسين يشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له وأنَّ محمداً عبده ورسوله، جاء بالحق من عند الحق، وأن الجنة والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب(ع)، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردَّ عليَّ هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين، وهذه وصيتي يا أخي إليك وما توفيقي إلاَّ بالله عليه توكلت وإليه أنيب(6).
فالوصية تتضمن تأكيداً على الشهادتين كبداية أساسية، وعلى النبوة التي جاءت بالحق ولا حق غيرها، وعلى الحساب في يوم القيامة وهو أمر حتمي، وأن الخروج لا لهو فيه ولا إفساد ولا ظلم إنما هو لمصلحة المسلمين ليعودوا إلى شريعة الله، والقدوة محمد (ص) وعلي (ع)، وهذا هو التكليف سواء التزم الناس بذلك أم لم يلتزموا، فمع عدم إيمان الناس لا بدَّ من الصبر، وعندها يكون الأجر الكبير عند الله فهو خير الحاكمين، الذي يُنصف ويعدل ويعوض الآلام والصعوبات التي يواجهها المؤمن في رد العدوان والكفر والانحراف والضلال.
وأخلاقية الإمام الحسين(ع) حاضرة أثناء المعركة، فلم تغير المعركة شيئاً من سلوكه النبيل والشريف الذي يعكس الإيمان الحقيقي، الذي يجب أن يبقى ويستمر مهما تصرَّف الآخرون. فعندما رأى سيد الشهداء عطش عسكر الحر بن يزيد الرياحي، طلب من أصحابه إرواء عطشهم، وكان آخرهم علي بن الطعان المحاربي الذي لم يتمكن من إرواء فرسه ولا إرواء نفسه، فعطف له الإمام السقاء حتى ارتوى وسقى فرسه(7).
أمَّا موقف ابن الإمام الحسين(ع) علي الأكبر، فجدير بالإهتمام لتربية الشباب على هذه الروحية العالية. فقد قال الإمام الحسين(ع):" يا بني، إني خفقت برأسي خفقة، فعنَّ لي فارس على فرسه، فقال:القوم يسيرون والمنايا تسري إليهم، فعلمت أنَّها أنفسنا نُعيت إلينا.
قال له:يا أبت، لا أراك الله سوءاً، ألسنا على الحق؟
قال: بلى والذي إليه مرجع العباد.
قال: يا أبت، إذاً لا نبالي نموت محقين.
فقال له: جزاك الله من ولد خير ما جزى ولداً عن والده"(8).
انظر إلى الأب يخبر ولده عن المصير والصعوبات والموت القادم، وإلى الابن الذي تربَّى على عدم الخشية من الموت، فالمهم عنده هو العمل للحق والصلاح، وطالما أن الأمور تعود إلى الله تعالى، فلا خوف من شيء، ولا مبالاة بشيء، فالموت مع الحق أولى.
هذه بعض النماذج التي تُظهر إمكانية استحضار الموقف العاشورائي كما هو، من ضمن تفصيل وشرح يتلاءم مع قدرة الأولاد على الاستيعاب، ومثلها كثير جداً ما يُهيئ لنا مادة غنية للمجالس العاشورائية(9) ، فالعبرة في كيفية العرض والشرح ولا إشكال في معطيات السيرة.
أسلوب العرض
يؤثر أسلوب العرض في تحقيق الأهداف من مجالس عاشوراء للأطفال والناشئة، ومن المفيد أن يلتفت المقرئ إلى أمور مهمة أذكر بعضها:
أ- التوازن في طريق العرض، فإذا قدَّم القارئ المأساة وأبرز بشاعة الجريمة التي ارتكبت بحق الحسين(ع) أو أحد أهل بيته(ع) وأصحابه، ذكَّر معها بالأجر الكبير عند الله تعالى، وبالعزة التي نالتها هذه الثلة المؤمنة المجاهدة، كي لا يؤدي التركيز على المأساة وحدها في مجالس متعددة إلى حالة من الإحباط أمام عدم انتصار المؤمنين المرتبطين بالخالق جلَّ وعلا، كما لا يفي الحديث عن العزة وحدها بالغرض إن لم يكن مصحوباً بذكر الصعوبات والآلام كي لا يُصدم المستمع بنتائج كربلاء، وكي يعلم أنَّها مقدمات طبيعية للانتصار المستقبلي، وكي يبقى حاضراً في ذهنه أنَّ النتائج الأرضية لا تمثل النهاية، فالأجر عند الله تعالى يمثل القيمة النهائية الكبرى التي يجب أن تكون محط الأنظار أثناء القيام بالتكليف.
وكما يعرض ما فعله ابن زياد ويزيد من تسلط واهراق للدماء، عليه أن يعرض نتائج أعمالهما في الدنيا ونهايتهما البائسة، فضلاً عن الحساب العسير في يوم القيامة.
وهكذا إذا تحدث عن سبي النساء والأطفال، أبرز الشجاعة للإمام زين العابدين(ع) وزينب(ع) وسكينة(رض) في مجالس الطغاة في الكوفة عند ابن زياد وفي الشام عند يزيد وفي مواجهة البكائين المدَّعين من أهل الكوفة.
ب-التركيز على السرد القصصي بما تمثل القصة من أسلوب مشوِّق وجذَّاب لعيش الحدث، على أن يكون الاهتمام منصباً على المفردات الأساسية للقصة والمعاني التي يستهدف المقرئ إبرازها، كي لا يضيِّعها بتطويل وإسهاب غير مفهومين للأولاد، أو يؤدي إلى فقدان تركيز الأولاد لضعف الترابط في القصة وصعوبة المضمون التاريخي في بعض الأحيان.
ج-إيصال المستمع إلى العبرة التي يريد المقرئ استخلاصها في كل مجلس، وعدم تركه لاستنتاجاته الخاصة، فإذا تبيَّن أنَّ الولد استوعب المقدمات وتوصَّل إلى النتيجة نفسها التي استخلصها المقرئ فهو نجاح جيد، وإذا لم يستنتج الولد ما نريد تكون الخلاصة سبباً لإعادة التركيز وتحقيق الفائدة المرجَّوه من المجلس، وينسجم هذا الأسلوب مع الطريقة التعليمية الحديثة في عرض كمٍ من المعلومات يستقرئ منها الطالب ما يؤدي إلى استخلاص قاعدة أو فكرة مما قدَّمه المدرس.
د-تحديد الفكرة أو الأفكار التي يريد المقرئ إيصالها إلى المستمع، ويساعده بأسلوب عرضه على استخلاصها، فلا يثقله بمعلومات كثيرة ومتنوعة، بل يستخدم التنوع في القصة والروايات والسيرة والآيات لمصلحة الفكرة الواحدة.
هـ-ملازمة استدرار الدمع لكل مجلس كأساس في انعقاده، وما تحدثنا عنه يترافق مع العزاء الذي يؤدي إلى إثارة المشاعر والتأثير على الأولاد ليتفاعلوا بعواطفهم وعقولهم مع المناسبة.
و-كشف المعالم التفصيلية في الشخصيات القدوة ، لتوفير الغنى الملائم في اختيار الولد لقدوته ، ما يساعده على التقليد والاقتداء بما يقوِّم الشخصية باتجاه الالتزام .
إجراءات المشاركة
إنَّ تكليف الأطفال والناشئة بما يشعرهم بالمشاركة في مناسبة عاشوراء يعزز حضورها في نفوسهم وحياتهم ، وهذا ما يستلزم منا القيام بإجراءات عملية من ضمن خطة متكاملة لا تقتصر على تلقِّيهم للعزاء والموعظة فقط بل تجعلهم متفاعلين بسبب دورهم في إحياء المناسبة ، ومن المقترحات في هذا المجال ما يلي :
أ-عقد مجالس عاشورائية خاصة بهم في المدارس والبيوت والإحياء وإشراكهم في تنظيمها وإلقاء كلمة الافتتاح وقراءة القرآن من قبلهم ، أي الاكتفاء بالإشراف العام لإنجاح المجلس وتحميلهم مسؤولية التفاصيل في داخله .
ب-التأكيد على لبس السواد خلال الأيام العشرة ، والقيام بحملة إعلامية محلِّية في هذا المجال .
ج-تشجيعهم على إبراز مظاهر الحزن المختلفة كالتخفيف من القهقهة وتأجيل شراء الثياب وعدم المشاركة في الحفلات و الأفراح .
د-نشر أقوال مأثورة تتعلق بالمناسبة عن الإمام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه ، وكذلك عن النبي (ص) والأئمة (ع) ، على أن تكون سهلة الحفظ ، ويمكن تحديد رواية أو أكثر لحفظها في كل يوم من الأيام العشرة مع الاهتمام بتسميعها وترديدها بطريقة جماعية ، وذلك لتغذية مخزونه المعرفي بأقوال عاشورائية .
هـ-إجراء مسابقات ومباريات في معلومات محددة وموزعة عليهم مسبقاً لتحضيرها .
و-اصطحابهم كمجموعات بواسطة بعض المدرسين أو المسؤولين في بعض الأيام أو الليالي لحضور المجالس المركزية المعدة لإحياء عاشوراء.
ز-اختيار القراء المناسبين لهذه الأعمار والذين يتمكنون من تقديم القصة والموعظة بطريقة تستدر دموعهم ، إضافة إلى تشجيعهم في جميع الأحوال على البكاء .
الربط بالواقع
من المفيد ربط أحداث كربلاء وظروف كربلاء بأحداث الواقع المعاش التي يفهمها الولد ويدركها، كي لا تتجرَّد الصورة وتبقى في التاريخ، وبهذا يكون الربط بين التاريخ والواقع مساعداً في تقريب الفكرة، ويؤهل المستمع لتبني الموقف الحسيني الذي يرمز إلى الحق والعزة والشجاعة والأخلاق والرضوان الإلهي. فتجربة المقاومة الإسلامية في مواجهة ظلم الاحتلال تستحضر صورة أصحاب الإمام الحسين (ع) الذين يضحون ويستشهدون في مواجهة يزيد وأعوانه الظلمة، وجرأة الشاب المجاهد في اقتحام المواقع دون خوف-وهو أخ له أو أب أو قريب أو جار أو صديق للعائلة- تقترب من صورة علي الأكبر الشاب الذي لا يبالي بالموت، وبهذا تتوضَّح صورة الحق الذي قاتل كل منهما لأجله .
والحديث عن القيادة يدفعنا لربطه بقيادة الأمة ، ففي كل زمان قيادة يعود إليها المسلمون، ولا ضرورة أن تباشر العمل مع كل فرد ، وإنما تدير أمورها مع معاونيها وممثليها، وهذا ما يلمسه من الارتباط بولاية الفقيه وقيادة الأمة المعاصرة المتمثلة بالإمام الخامنئي(حفظه الله)، وهو يرى المؤيدين له والمعادين له، فيتفهم معنى وجود المؤيدين للإمام الحسين(ع) القائد والمعادين له، وأولئك الذين تفانوا وضحوا ليلتزموا بأمر القيادة.
هذا الربط بالواقع يحقق الفعَّالية باتجاهين: الأول من عاشوراء للتأسي بها في واقعنا، والثاني من واقعنا لفهم وإدراك المعاني العاشورائية، ما يجعل الولد جزءاً من المسار العام المرتبط بخط كربلاء .
تبقى مهمة القراء بأن لا يقتصروا على جانب واحد في عاشوراء، وإنما على الربط بجوانبها المختلفة، كما لا يقتصر الربط بالواقع على المشابهة وإنما يتجاوزه إلى التكامل، فعاشوراء الحسين (ع) حققت شهادة له ولأصحابه وأهل بيته لكنَّها أسست للنصر الذي نراه اليوم بقيام جمهورية الإسلام المباركة في إيران بقيادة الإمام الخميني (قده)، وانتصار المقاومة الإسلامية على إسرائيل في لبنان، وهكذا يصبح الواقع جزءاً من التسلسل التاريخي الطبيعي، يحمل آلامه وآماله، ويتبلور في عقول وعواطف الأولاد كحلقة واحدة لا تتجزأ، ما يساعدهم على التفعيل الدائم والمستمر لحضور عاشوراء في الواقع.
خاتمة
ورب سائل يقول: هل المطلوب مناَّ أن نعيِّش الأطفال والناشئة أجواء وبرامج عاشوراء لنُغرقهم في الحزن ونبعدهم عن متطلبات حياتهم ؟
لكنَّ السائل لم يلتفت إلى أنَّنا نتحدث عن موضوع ونبحث كيفية النجاح في إحيائه ، وهو لا يلغي الموضوعات الأخرى محل الاهتمام ، ولا يصرف النظر عن متطلبات الولد المتنوعة ، وهذه مهمة العلماء والمربِّين والمبلغين والأهل في التوجيه المتكامل الذي يملأ حياته وحاجاته بالمعرفة اللازمة وإدارة الحياة المستقيمة والفرح في وقته والحزن في وقته ، من منطلق الآية القرآنية :"وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسَ نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين "، فالعنوان المحرِّك والقاعدة الأساس : تثبيت الالتزام بخط الإسلام .
وأخيراً أوجِّه الشكر للأخوة في الوحدة الثقافية المركزية في حزب الله ومعهد سيد الشهداء (ع) للتبليغ والمنبر الحسيني ، على هذا الجهد الرائد والحيوي في عقد المؤتمر العاشورائي للأطفال والناشئة ، آملاً أن يحقق المؤتمر أهدافه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
*كلمة سماحة نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في "المؤتمر الثقافي العاشورائي التخصصي "تحت عنوان "مجالس الأطفال والناشئة "
الثلاثاء 21/1/2003 في مركز الإمام الخميني الثقافي-بيروت.
--------------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
(1) الاحتجاج للطبرسي-ج2 ص 176.
(2) نهج البلاغة-من وصيته للإمام الحسن(ع)-كتاب31.
(3) حقوق الوالدين والولد للكاتب - ص 67-كما يمكن مراجعة الحلقتين الثالثة والرابعة من الكتاب اللذين يتحدثان عن حق الولد.
(4) سورة الأنبياء الآية 52.
(5) سورة الأنبياء الآية 53.
(6) الفتوح لابن الأعثم-ج5 ص33، مقتل الخوارزمي-ج1 ص 188.
(7) الإرشاد للشيخ المفيد - ج2 ص 78.
(8) المقتل لأبي مخنف-ص 92.
(9) يمكن مراجعة كتاب"عاشوراء مدد وحياة" للكاتب ففيه عرض مختصر للسيرة الحسينية يوفر مادة مفيدة لهذا الغرض، وفيه إضاءات على جوانب مختلفة منها، وقد ذُكرت مصادر الروايات المختلفة من أمهات الكتب.