مقالات

دور المقاومة الإسلامية في تحرير جنوب لبنان وتأثير ذلك على الصحوة الإسلامية(*)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والأولياء والشهداء الى قيام يوم الدين.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والأولياء والشهداء الى قيام يوم الدين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..‏

إجتاحت "إسرائيل" لبنان في حزيران 1982 بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية وتعطيل قوّتها العسكرية من لبنان، وبداية مرحلة جديدة تؤسس لاعتماد لبنان كورقة قوة إسرائيلية تساعد في مشروع تثبيت الكيان الإسرائيلي، وتكون جزءاً من الضمانات الأمنية والسياسية لهذا الكيان. فالخارطة تُرسَم على قاعدة حل يعطي الأمن لـ"إسرائيل"، ويدفع الفلسطينييـن الى الإستسلام ورمي البندقية.‏

أثناء الإجتياح شاركت مجموعات من المؤمنين في التصدي لـ"إسرائيل"، أبرزها في منطقة خلدة، على مشارف بيروت العاصمة، وأثّرت في الحد من تقدّم الجيش الصهيوني، ولم تكن لهؤلاء المؤمنين صيغة سياسية واضحة ومحددة، لكن واكب هذه المرحلة مجموعة من اللقاءات والنقاشات أثمرت قيام "حزب الله"، الذي بنى منطلقاته على أساس الإسلام المحمدي الأصيل بكل ما يعني الإرتباط بالإسلام من أبعاد في العقيدة والحياة السياسية والجهادية والإجتماعية، فردياً وجماعياً، وركّز في أولوية أهدافه على وجوب قتال العدو الإسرائيلي قتال تحرير لا قتال مساومة أو مهادنة أو تحقيق مكاسب سياسية محددة. لكن هذا المستوى من التضحية بالنفس - نظراً لآثار هذا القتال من عطاءات وشهداء - يتطلب إجازة شرعية من فقيهٍ عادلٍ متصدٍّ يتحمّل مسؤولية توجيه الأمة في هذا الإتجاه؛ وبما أننا بنينا حزبنا منذ التأسيس على قاعدة الإلتزام بالولي الفقيه كقائد وموجّه، فقد حصلنا على الإجازة الشرعية، ومعها وجوب بذل أقصى الجهد لقتال هذا العدو الغاصب وذلك من الإمام الخميني (قدّس سرّه)، صاحب الموقف المعلن والمعروف: "إسرائيل غدّة سرطانية يجب إزالتها من الوجود". وبما أننا في الخندق المتقدم فمساهمتنا في هذا الدور مطلوبة، وعلى هذا الأساس إعتبرنا واجبنا وتكليفنا من منطلق الإسلام لمواجهة {أشد الناس عداوة للذين آمنوا} أن نقاتل، فمَن استُشهد منا فأجره على الله تعالى في جنّة الخلد، ومَن نصره الله تعالى حقق هدفاً أساسياً من أهداف الأمة لصلاحها ومستقبلها.‏

بداية ''المقاومة الإسلامية‘‘:‏

بدأنا تنظيم أمورنا في بناء عقائدي جهادي، وأعدّينا العدّة الممكنة من تدريب وإمكانات متواضعة، وانطلقت خطواتنا باسم "حزب الله" أو "المقاومة الإسلامية" كتعبير عن المواجهة العسكرية.‏

عانينا الكثير في بداية الأمر، فمن ناحية كنا نعلن عن عملية قمنا بها ثم نُفاجأ بالإعلان عنها من جهات أخرى، مما يربك على مستوى المصداقية، لكن الأمور بدأت تنجلي تدريجياً، خاصة مع انطلاق أول عملية إستشهادية للشهيد أحمد قصير في 11/11/1982، حيث صدر بيان تفصيلي إفتقرت لها بيانات الآخرين، إضافة الى اتضاح الصورة تدريجياً.‏

ومن ناحية أخرى، لم ترغب الأغلبية الشعبية بعمليات ضد "إسرائيل"، بسبب التجربة الصعبة التي مرّت بها قبل الإجتياح نتيجة بعض الممارسات الخاطئة في العلاقة مع الناس، إضافة الى رغبتها في الإستراحة من كل ما له علاقة بعبء أكلاف المقاومة. وعملنا بجد في هذا المجال للتوعية والتعبئة وتوضيح المسؤولية والتكليف الشرعي، وقدّمنا نموذجاً وممارسة حسَّنَا تدريجياً من هذه النظرة، وتطورت - بحمد الله تعالى - الى الإلتفاف والعون.‏

ومن جهة ثالثة، أثيرت مسألة التسمية، فـ"المقاومة الإسلامية" تعني الإنتماء الى الإسلام، وهذا يضر في بلد طائفي، والمطلوب تغيير التسمية وتعميمها لترضي الأذواق كافة ولا تثير حساسية أحد، كأن تسمى "المقاومة الشعبية" أو "الوطنية" أو ما شابه، لكننا أصرّينا على التسمية، وشرحنا وجهة نظرنا: مهما كانت التسمية فهي تعبير عن مضمون، وسيكتشف الناس هذا المضمون بسرعة، فإذا كان المقصود التعمية فالأمر غير حاصل، فضلاً عن أننا فخورون ومقتنعون بما نعمل وبما نسمى به، وهذه تسمية إلهية {هو سمّاكم المسلمين من قبل}، وهي تعبير عن مضمون نتمنى أن نكون بمستواه لنكون أمناء عليه لا مدّعين. أما إذا كان الإشكال على المضمون فللنقاش منحى آخر. وعملنا جاهدين لنثبت عملياً الفرق بين الإيمان والتعصب الطائفي، بين الإلتزام بالإسلام واستخدام التسمية لأغراض سياسية، بين راية رسول الله محمد (ص) ومجرد الإنتماء على الهوية في تقسيمات عصبوية. ونجحنا - بحمد الله تعالى - في إعطاء هذا التمايز مضمونه العملي، حتى باتت "المقاومة الإسلامية" عنواناً مقبولاً ومحترماً، ويحتوي على المضامين الجهادية والثقافية الهادفة لخير الإنسان.‏

الجهــاد والشهــادة:‏

كيف رسمنا أهدافنا؟‏

آمنّا بالإسلام ديناً كاملاً يغنينا عن كل ما عداه {..اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً..}(المائدة 3) ، وعملنا على تثقيف الناس في هذا الإتجاه، وتوضيح صورة الخلل والتراكمات التي أساءت الى هذا الدين، وتبيان أهمية العودة الى الله تعالى في التخلص من كل الشرور، وعلى رأسها الطائفية.‏

ركّزنا على البناء الجهادي، على أساس القواعد التي علّمنا الله تعالى إياها:‏

‌أ) في البيع الكامل: {إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومَن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم} (التوبة: 111).‏

‌ب) أن يكون الجهاد في دائرة إحتمالات الربح والخسارة بالمفهوم المادي وفي دائرة الربح الدائم والحقيقي بالحصول على إحدى الحسنيين: {قل هل تربّصون بنا إلاّ إحدى الحسنيين ونحن نتربّص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربّصوا إنا معكم متربّصون} (التوبة: 52).‏

‌ج) إنّ النصر من عند الله تعالى، وله أوان واستحقاق بمعايير نجهل تفاصيلها لكننا ندرك مقدّماتها وإجمالياتها {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصرْكم ويثبّت أقدامكم} (محمد: 7).‏

وقد تبيّن بالتطبيق العملي أنّ فعل الجهاد يفتح آفاقاً تتجاوز ما يمكن فهمه على المستوى النظري، فعندما تبدأ المسيرة بعطاءات الشهداء تحصل حالة تعبوية في الأمة تتصاعد باتجاه المزيد من التضحيات. فالشهيد يؤثّر في إخوانه وعائلته. وكم من عائلة تغيّرت قناعاتها وتطور التزامها وإيمانها وتفاعلت مع المسيرة الجهادية بشكل أفضل عندما استُشهد أحد أفرادها، بل أصبح الجو تنافسياً، فهذه العائلة تغبط الأخرى وتتمنى تقديم شهيد منها حتى تصبح عائلة شهيد. لقد تجاوز الشباب وعوائلهم فكرة الخشية من الموت والحرص على الدنيا، إنسجاماً مع التحذير النبوي الشريف عن رسول الله محمد (ص) من الوهن، وهو: "حب الدنيا وكراهية الموت". واعتبروا أنّ الأجل مرسوم لا يقرّبه أو يؤجّله أحد {ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}(الأعراف 34)، واطمأنوا الى أنهم محروسون بهذا الأجل، كما قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): "كفى بالأجل حارساً".‏

فإذا كان الموت محدَّداً لوقته، والجهاد لا يقرّب أجلاً، والشهادة ترفع المكانة عند الله تعالى، والعدو لا يرتدع إلاّ بالمقاومة، فلِمَ لا يكون الإقدام على العطاء والتضحية مع هذه الثمار العظيمة التي ترافقها في الدنيا والآخرة.‏

إستغرب الكثير من الناس هذا المنطق، واعتبروه متهوراً وغير واقعي، بل رأَوا انسداد الأفق مع التآمر الدولي الصارخ لمصلحة "إسرائيل"، وكنا نقول لهم: ثقوا بالله تعالى ولا تثقوا بأمريكا، واطمئنوا الى وعد الله تعالى ولا تطمئنوا الى وعود المستكبرين، واسمعوا رب العزة يخاطبكم: {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل تُرهِبون به عدو الله وعدوكم..}(الأنفال60). واعتبروا من التاريخ والحاضر، وجرّبوا فسترَون أنّ القيام بالواجب بصدق وإخلاص مع التوكل على الله (جل وعلا) يحقق الإنجازات الكبرى التي لا تخطر على بال. إنه المدد والعطاء الإلهي الذي يتجاوز حدود قدرة وتطلعات الإنسان.‏

وهل يملك الإنسان كل المعطيات ليرى المستقبل بدقة؟ فلنعمل، والتوفيق من الله تعالى.‏

مواجهة المشروع الصهيوني:‏

إنّ وجود الكيان الصهيوني الغاصب في منطقتنا مصيبة حلّت على العرب والمسلمين وليس على الفلسطينيين فحسب، ويجب التعاطي معه بقدر خطورته الشاملة للحاضر والمستقبل، وعلى مستوى الأمة؛ ويجب الإلتفات الى أنّ زرعه المادي سيخترق حواجز الثقافة والسياسة والإقتصاد، ليتحول الكيان الى أخطبوط يسيطر على كل حياتنا ويدمر كل مستقبلنا ومنطقتنا.‏

هذه الرؤية تتطلب مواجهة المحتل بأولوية وجدّية، وأن تسخَّر كل الطاقات والإمكانات لعملية المواجهة. فالعدو قوي ومدعوم دولياً، ومشروعه خطير وكبير، وفرصتنا المتاحة محدودة وضعيفة، لكن بإمكاننا أن نبذل أقصى ما عندنا لنربك هذا العدو ونعيق مشروعه، ونفتح الآفاق أمام صحوة الأمة لتتضافر جهودها، تمهيداً لتسديد ضربات متتالية {..وما النصر إلاّ من عند الله العزيز الحكيم}(آل عمران126).‏

ظن البعض أننا متشوقون الى الشهادة الى درجة البحث عن الموت كيفما كان! وتبيّن لهم أنّ الشوق حالة إيمانية روحية تعطي أقصى الإستعداد للتضحية مع الشجاعة والإقدام، لكن بشروط إعداد العدّة، وبالأساليب المناسبة، لنوقع أكبر الخسائر في العدو قبل تقديم الشهداء. وعلى الرغم من اشتهار العمليات الإستشهادية كمدرسة برز فيها حزب الله بشكل مباشر، فإنّ عدد الشهداء الذين استُشهدوا بسيارات مفخخة لم يتجاوز 12 شهيداً، في 18 سنة، لكن الإنطباع السائد عند الناس والعالم هو أكثر من هذا بكثير؛ لأنّ طريقة الأداء، والإختيار المناسب، والروحية العالية، إضافة الى الإنطباع الذي أعطاه الشهداء في كل المواقع الجهادية أثناء المواجهة وضعف الحواجز السياسية والعسكرية أمام هذه الروحية، قد رسمت صورة المجاهدين وتأثيرهم، وعدم إمكانية مواجهتهم. فالآلة العسكرية صُنعت لتقتل، لكن المجاهد يبحث عن القتل في سبيل الله تعالى، وهذا يُسقط قدرة هذه الآلة عن صنع أي شيء أمام روحية المجاهد في سبيل الله.‏

أساليب المواجهة:‏

إنّ الأساليب المعتمدة في مواجهة المحتل الإسرائيلي في جنوب لبنان والبقاع الغربي، ومن منطلق الرؤية الإسلامية والإلتزام العملي، تركت آثارها الواضحة في تحقيق الإنتصار، ومن هذه الأساليب:‏

1- الإهتمام بأن تكون العمليات ضد أفراد الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر وضد عملائه المجندين، بحيث يكون الهدف الذي تسخّر له كل الإمكانات هو إيقاع أكبر عدد من القتلى، في مقابل أقل الأثمان والتضحيات بالشباب المجاهد. إذ ليس المطلوب أن تكون العملية كيفما كان، بل أن تكون موجعة للعدو، وبأقل التضحيات البشرية في صفوف المجاهدين.‏

2- الإبتعاد عن الحركات الإستعراضية التي تستهدف تسخين الجبهة لمجرد إثارة الضوضاء، إذ المطلوب مراكمة خطوات طرد المحتل، وهذا لا يتم من خلال التراشق عن بعد.‏

3- عدم بروز الإخوة المجاهدين في القرى، أو التواجد العسكري بين الناس، واعتماد مبدأ المقاومة بمواجهة المحتل والإختفاء عن الأنظار. لأنّ أي مواجهة كلاسيكية ستفشل مع تفوّق العدو، وأي ظهور إستعراضي سيؤدي الى إضرار بالناس دون تحقيق الفائدة المرجوّة.‏

4- بناء أمتن العلاقات مع الناس، في التعاطي الإسلامي الخلوق، وفي تأمين مساعدات للمحتاجين، والمبادرة الى ترميم البيوت التي تتضرر بفعل العدوان الإسرائيلي، وتأمين كفالة عوائل الشهداء وأبنائهم، وتوفير بعض الخدمات العامة للسكان.‏

5- الهروب من الفتن الداخلية، ومن التنافس على المراكز والمناصب، واعتماد كل التحركات والخطوات التوحيدية، ولو كانت مكلفة؛ وجمع القوى على قاعدة مواجهة المحتل دون النظر الى الإنتماءات والأهداف الأخرى، ليكون التركيز على "إسرائيل" أولاً وفعلياً.‏

6- التعاون مع الأطراف التي ترغب العمل المقاوم، وتقديم المساعدة اللازمة لها. وعندما شعرنا بضعف واضح عند الذين يرغبون المقاومة، وسِيقت في مواجهتنا انتقادات الإستفراد بالمقاومة، علماً أنّ المشكلة ليست على عاتقنا، مع ذلك سدّينا هذه الذريعة، وأعلنّا إنشاء "السرايا اللبنانية لمقاومة الإحتلال الإسرائيلي"، والتي تضم أفراداً يرغبون المقاومة، بصرف النظر عن انتمائهم الفكري والعقائدي والتزامهم الديني، شرط أن يملكوا رغبة قتال العدو، وأن لا يكونوا مخترقين أمنياً؛ وهكذا تم تدريب ورعاية هذه السرايا لتقوم بعملها الى جانب "المقاومة الإسلامية"، وهذا ما تم سنة 1997.‏

7- حصر استخدام "الكاتيوشا" بتوازن القوة مع "إسرائيل" للدفاع عن الناس، وعدم إطلاق هذه الصواريخ إلاّ بقرار دفاعي، كي لا يُستهلك ويصبح بدون قيمة، والحمد لله تحوّل صاروخ "الكاتيوشا" الى مصدر رعب حقيقي للإسرائيليين، على الرغم من أنه سلاح عادي وقديم، لكن روحية وتوقيت استخدامه ملأته بقوة إستثنائية مسدَّدة من الله تعالى، وخدمت المقاومين في تسجيل تفوّق في عملية المواجهة.‏

الإنتصــــــار:‏

إنّ ما حصل في جنوب لبنان لم يكن عملاً عسكرياً بحتاً كما ظن البعض، ولم يكن جزءاً من مرحلة مؤقتة وعابرة في الصراع مع العدو الإسرائيلي. إنه فعل إيمان والتزام. فالمقاومة نتيجة لهذا الإيمان، وكما لا يكون الإيمان لمرحلة دون أخرى كذلك فإنّ "المقاومة الإسلامية" تعبير عن رؤيا متكاملة في حمل الإسلام ومواجهة أعداء الأمة ونشر تعاليم السماء.‏

ولم توفر "إسرائيل"، ومعها أمريكا والدول المستكبرة، أي جهد للقضاء على "المقاومة الإسلامية"، لأنها مثّلت الرمز والتأثير، وقد أربكت "إسرائيل" وعرّضت مصداقيتها للإهانة، ووضعتها أمام خيارات صعبة لا تريدها. لذا، خاضت "إسرائيل" حربين كبيرتين، في تموز 1993 وفي نيسان 1996، والهدف المعلن هو القضاء على حزب الله، وخروج حزب الله من هاتين الحربين أقوى - بحمد الله تعالى - مع التفاف شعبي ورسمي عارم، ليس على مستوى لبنان فحسب بل على مستوى المنطقة، وهذا من العوامل الإضافية للإنتصار.‏

وهل كنا نتوقع هذا الإنتصار؟‏

أقول لكم بكل صراحة: كنا نأمل الإنتصار كوعد من الله تعالى للمؤمنين، لكن لم نكن نعرف كيف ومتى وبأية صورة. كل التصريحات ركّزت في البداية على ضرورة إرباك "إسرائيل"، وجعل الأرض التي تحتلها في لبنان تغلي من تحتهم وتبقيهم قلقين. وتراكم هذا الإرباك والهزائم المتتالية حتى شعرنا قبل سنتين أنّ النصر يلوح في الأفق.‏

كان النصر أعظم - بشكله ومضمونه وتوقيته - من كل تصور لدينا، فهو نصر الله تعالى، ومهما بلغنا فعطاءاته أكبر من تصوراتنا.‏

إعتبرنا أنّ الجميع شركاء في النصر، بل كل مَن أحب هذا النصر هو شريك فيه، لأي جهة انتمى، وفي أي مكان كان. لأنّ ما حصل قد شكّل المقاومون رأس حربته، لكن لا نغفل أهمية الإلتفاف الشعبي، ودور الدولة والجيش، وتأييد سوريا وإيران، هذه عوامل مساعِدة تختلف في حجمها ومستواها من جهة لأخرى، لكنها سند للمقاومة وللمجاهدين.‏

إنّ روعة الإنتصار تمثلت من جهة في صورة الهزيمة الإسرائيلية النكراء، فقد هربوا في ليل، وبدون سابق إنذار، وتركوا الكثير من الأمتعة والمعدّات والطعام والمستندات، وخاصة لعملائهم، لأنهم فاجأوهم، وحجتهم في ذلك حتى لا يكتشف حزب الله الخطة فيضربهم وهم هاربون. وكان فرحهم كبيراً لأنه لم يقتل جندي إسرائيلي أثناء الهزيمة والإندحار.‏

ومن جهة أخرى، في صورة الأخلاق الإسلامية الرائدة، حيث لم تُجْهِز المقاومة على جريح، ولم تتبع هارباً. ولم تقدّم أي مقاومة تجربة شبيهة بهذه التجربة، سواء في فرنسا أو أوروبا الشرقية أو غيرها، بل سمعنا بالإعدامات وبشاعة السلوك. وقد دُهش العالم بهذا الإنضباط. إنها تعاليم الإسلام يطبّقها عباد الله تعالى بروحية الإيمان.‏

المقاومة أو الديبلوماسية:‏

أثبتت التجربة والوقائع أنّ "إسرائيل" متبنّاة من قِبل المجتمع الدولي، وعلى رأسه أمريكا الظالمة، وهي مقبولة مع عدوانها واغتصابها وجرائمها، ومسموح لها أن تفعل ما تشاء لتثبيت الكيان، ولا قيمة للقرارات الدولية التي تدين أو تطلب شيئاً من "إسرائيل". إذاً، لا حل عندنا إلاّ بالمقاومة، وهي السبيل الوحيد.‏

لم نرغب فتح جدال مع مَن ناقشنا في لبنان بضرورة تنفيذ القرار 425، فقلنا: تحركوا بالديبلوماسية كما ترغبون، لكننا سنتابع في عملنا المقاوم. وسبقت إنجازات المقاومة أي خطوة من خطوات القرار الدولي. والآن نقول: فليتحرك بالديبلوماسية مَن يرغب، فالمقاومة الإنتفاضة في فلسطين هي الحل الوحيد لاستعادة الأرض، ونحن معها ونؤيدها، ونعتبرها طريق الخلاص.‏

النمـــوذج:‏

لا يمكن الإستهانة بالإنتصار الذي حققته "المقاومة الإسلامية" في لبنان، ومعها كل الشرفاء، إذ تحوّل الى النموذج والرمز، ولهذا الإنتصار تأثير كبير على الصحوة الإسلامية في المنطقة والعالم، لأنه شكّل تطبيقاً عملياً لآثار الدعوة الى الجهاد في سبيل الله تعالى، وحقق إنجازاً نوعياً باسم الإيمان والإلتزام بتعاليم الإسلام، ورفع معنويات الأمة بعد إحباط ويأس من الطروحات المتنوعة التي لم تنفعها ولم تحقق لها شيئاً، وقدّم تجربة جديرة بالدرس لمعرفة مكامن القوة التي يستفاد منها لتكرارها والتخلص من المرارات الكثيرة التي عاشتها الأمة خلال الحقبة السابقة. هذا التأثير يستلهم الخطوات العملية التي أدت الى هذا الإنتصار - النموذج.‏

أثبت حزب الله أنه حمل قضية معاصرة هي "الصراع مع الإحتلال الإسرائيلي"؛ وخاض تجربة معاصرة في تخطي الصعوبات ومناقشة الطروحات المختلفة؛ وحمل الإسلام في زمن معاصر لينفض عنه غبار التخلف المدّعى، ويقدّم أحد نماذجه الحية والواقعية؛ ودخل الى الحلبة السياسية المعاصرة ليعبّر عن مواقفه في إطار التداخل الوطني والإقليمي والدولي، وليثبت حضوراً شعبياً مؤيداً ومناصراً، وجواً رسمياً محترماً ومواكباً؛ وتخطى الكثير من تعقيدات الواقع الطائفي اللبناني ليتجاوزه الى العنوان الجامع وهو "تحرير الأرض" بأبعاده الوطنية والعربية والإسلامية. هذا النموذج ينفي تهمة الرجعية والتخلف، ويستحضر حيوية الإسلام وقدرته على مواكبة الحياة في كل زمان ومكان، فالعبرة بمن يحمله كيف يقدّمه؟ فإذا قدّمنا الإسلام بمقاييسنا وخصوصياتنا بطريقة متحجرة، حاصرناه وخسرنا حضوره. وإذا عملنا لنرقى الى مقياس الإسلام برحابته وشموليته وإنسانيته، كبرنا به وتعزز حضوره.‏

إنّ أول ما يواجه الحركات الإسلامية والدعاة الى الله تعالى هو أسلوبهم في تقديم الإسلام والله تعالى يقول: {أُدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إنّ ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} (النحل: 125).‏

لا بقصد اللياقة في أول لقاء وأول كلام، بل بقصد أن يكون كل كلامنا ولقاءاتنا في هذا الإتجاه. وما هو المانع، وممّ نخاف؟! فالقوة الذاتية للإسلام، عقيدة وفكراً وسلوكاً وشريعة وحياة، لا تعوزها الأساليب الضعيفة العاجزة لاستخدامها هرباً من مواجهة الكفر أو الشرك أو الإنحراف. أثناء قراءتي لأحد الكتب، وهو من الكتب الصغيرة ولا يتجاوز الخمسين صفحة، ومُعَدّ على طريقة السؤال والجواب، بحيث بلغ عدد الأسئلة والأجوبة عدد الصفحات، وجدت كلمة "كافر" و"مشرك" و"كفر" في الإجابات خمسين مرة، فإذا سأله سائل عن كيفية في الصلاة قال: كافر. وإذا سأله عن زيارة لضريح قال: هذا كفر. وإذا سأله مستفسراً عن صفة من صفات الله تعالى قال: هذا شرك. أليس الأولى أن يبيّن له الموقف الشرعي ويهديه بالتي هي أحسن، دون أن يكفّره ويُخرجه من ربقة الدين "خمسين مرة"؟‏

نحن لا نوافق على سياسة التكفير للمسلمين وفِرَقهم، فضلاً عن غيرهم، فإذا كان البعض مقتنعاً أنه يمثّل الفِرقة الناجية، فليدعو بالخير للفرق الأخرى، حتى تهتدي الى ما اهتدى إليه. وإذا ناقشوه بموارد الخلاف، فليقدّم أدلته الشرعية بنقاش موضوعي. وإذا ناقشه الضالون، فليهدهم بالدليل والبرهان، فإذا اهتدوا الى ما أراد فقد سرّ قلبه وزاد مؤيدوه، وإذا خالفوه ترك الحكم في إدخالهم الى الجنّة أو النار لمالك يوم الدين. والحمد لله الذي أنعم علينا فجعل الجنّة والنار بيده، ولم يجعلها بأيدي أولئك المكفّرين، الذين نفّروا من الإسلام بدل أن يقرّبوا منه.‏

التعـــاون:‏

وبما أنّ القضايا التي تواجهنا كثيرة، والأعداء كثر، فلا بد من البحث عن أسباب الوحدة والتعاون، ومن الأَولى أن يتعاون المسلمون، على اختلاف مذاهبهم وآرائهم، لمواجهة الخطر الصهيوني والتآمر الإستكباري على بلدانهم وثقافتهم وأجيالهم، بل يجب أن يتوسع التعاون في داخل كل بلد بين الفئات التي تلتقي على قواسم مشتركة في بعض القضايا. فلا داعي للخوف من التعاون مع الآخرين، أو الإنعزال عنهم، في خصوصية ضيّقة. إذ أنّ بعض القضايا لا تستطيع أي جهة منفردة أن تنجح في مواجهتها، ولكن بالتعاون يمكن تحقيق النجاح. فلنفتش عن أطر التعاون التي لا تضر بإيماننا والتزامنا، ومع الجهات التي توافق على تحييد خلافاتها الأخرى لحساب ما نتفق عليه.‏

لقد قام حزب الله بمبادرة جمع أغلب الأحزاب اللبنانية، ومنها الإسلامي والوطني والقومي واليساري والعلماني، تحت عنوان: تشكيل جبهة واحدة تلتف حول المقاومة لدعمها وما يرتبط بها، مع وجود خلافات حقيقية في مسائل أخرى؛ لكن إذا استطعنا أن نعمل شيئاً معاً وله هذا المقدار من الأولوية، فلنحاول، وهذه خطوة احتكاك وتفاعل تساعد على فهم بعضنا وعلى التواصل الذي قد يفتح آفاقاً أخرى أوسع.‏

تباين الحركات الإسلامية:‏

لقد أمكن التمييز بين نموذج حزب الله ونماذج أخرى في الحركات الإسلامية، وثبت للجميع أنّ إطلاق عنوان "الحركة الإسلامية" لشمول جميع الحركات والمنظمات والأحزاب والشخصيات الإسلامية غير صحيح. وأنّ الخطة المعتمدة من قِبل الإستكبار في مواجهة ما يسمى "الأصولية الإسلامية" تحت عنوان تشويه صورة المجاهدين، والدمج بين ممارساتهم، فشلت. وأصبح واضحاً أنّ كل حركة إسلامية تحمل خصوصيتها، ويمكن تقسيم الحركات الإسلامية الى مجموعات متباينة في أفكارها، وطريقة ممارساتها، وتنظيم أولوياتها، مما أراحنا من التعميم الذي يجعل كل الحركات الإسلامية تتحمل مسؤولية أي حركة فيها. وهذه إيجابية كبرى تجعلنا نقف أمام معجب ومؤيد لحركة إسلامية، لكنه في نفس الوقت رافض لأخرى. مما يعني أنّ المسألة ترتبط بسلوك هذه الحركة وما تحمله من قناعات تترجمها على الأرض، ويفتح أمامنا الطريق لتعيد بعض الحركات الإسلامية النظر في طروحاتها التطبيقية، وكيفية تسويقها على أرض الواقع، والإستفادة من تجارب غيرها، وأنّ تجربتها ليست مُنزلة، فالإنسان معرّض للخطأ، وحمله للشريعة الكاملة لا يعني كمال سلوكه في التطبيق. وليس طبيعياً أن يبتعد الناس عن دين الفطرة إذا أحسنّا تقديمه بالطريقة الصحيحة، والتوفيق على الله (جل وعلا).‏

الأمــل الجديــد:‏

إنّ حالة الإحباط التي سادت في المنطقة العربية خاصة، ولفترة طويلة من الزمن، قد بدأت بالإنحسار، وإنّ انعدام الثقة بالنفس وقدرة الإسلام على مواكبة الحياة قد تراجعت، وما نراه اليوم من معنويات عالية عند الناس وثقة بالقدرة على مواجهة "إسرائيل" وإسقاطها، وشوق كبير للتعرف على أسرار عظمة الإسلام الأصيل، وعودة متأملة بهذا الدين مؤشر على ازدياد فرص الصحوة الإسلامية وتلألئها. إنها وظيفة المبلّغين والدعاة الى الله تعالى ليستثمروا هذا التعاطف الشعبي، ويأس الناس من الأفكار الأخرى، وبوادر الأمل بالنصر الإلهي بعد الذي تحقق في لبنان. وما الحيوية التي برزت في الإنتفاضة المقاومة في فلسطين إلاّ ثمرة من ثمار الإنتصار لهذا النموذج في لبنان، والقابل للتعميم، نظراً لحيوية الشعب الفلسطيني وعِظَم التضحيات التي قدّمها ويقدّمها، وما تمتاز به القضية الفلسطينية بمقدّساتها البارزة، تحرّك الإيمان الكامن في الأغلبية الساحقة من أبناء هذا الشعب الأبي. ويمكن القول: إنّ شعور المستكبرين بالخطر على أفكارهم ومنهجيتهم في مواجهة الصحوة الإسلامية أصبح كبيراً. وهذا يحمّلنا مسؤولية إضافية لنعمل مستفيدين من الفرصة وإقبال الناس، لتحصينهم في مواجهة العولمة والتحديات المعاصرة.‏

المشاركة السياسية:‏

أما في العلاقة مع الحكام، فالأَولى سلوك طريق التوعية للناس، وتقديم التجربة الحية الواعية، وعدم اللجوء الى السلاح كطريق لفرض وجهة النظر في أيٍّ من البلدان الإسلامية، لأنّ أي صراع داخلي مسلّح هو خسارة حتمية، ولم يُطلب منا العمل للإسلام بالفرض على الآخرين، بل واجبنا أن نضحّي ونعلّم ونبني، ثم تقع المسؤولية على الذين لا يوافقون في "يوم الحساب"، إذ أنّ الظروف الموضوعية والدولية هي في مواجهة الحركة الإسلامية خوفاً من انتشارها وتأثيرها، فلنكن حريصين للعمل الهادئ والبناء، ولا نحمل سلاحاً إلاّ في مواجهة محتل، ونعمل في الداخل بالإقناع وتقديم التجربة - النموذج.‏

إنّ المشاركة في الحياة السياسية يمكن أن يتم بدون التخلي عن الثوابت والضوابط الشرعية، وهذا يحتاج الى دقة في المتابعة. لسنا مضطرين لأن ننظِّر دفاعاً عن باطل من أجل مكسب داخل النظام، إذ يكون الأولى عندها أن لا نكون في هذا الموقع، ويمكننا العمل بمقدار ما ينسجم مع إيماننا، فبذلك لا ننعزل بالإبتعاد الكامل، ولا ننخرط بالتخلي عن الضوابط الشرعية، إنما نكون عاملين على أساس ثوابتنا والتزامنا، ولو خسرنا بسببها بعض المكاسب، لأنّ الأصل هو مرضاة الله تعالى، سواء تحققت لنا المكاسب أم لا. وهذا ما دفعنا للمشاركة في المجلس النيابي والحياة السياسية اللبنانية، مراعين ضوابطنا وحدودنا الشرعية، ومتحملين بعض الخسائر العملية للمحافظة على هذا الإلتزام.‏

التجــارب الذاتيــة:‏

نحن نؤمن بالخير الكثير الموجود في منطقتنا وأمّتنا، ولذا لا بد أن تتولد الحركات والمنظمات والشخصيات العاملة في تلك المنطقة بحسب ظروف وخصوصيات كل بلد، وعلى هذا الأساس قررنا أن لا يكون لنا فروع في البلدان المختلفة، مع ثقتنا أنّ تجربتنا ستكون محل دراسة واقتداء واستفادة. وعليه، فما الداعي لنجعل البعض يخاف من امتدادنا، والبعض الآخر يحسدنا على مزاحمته. فلنترك لكل بلد حريته، وليثبت المؤمنون فيه قدرتهم وفعاليتهم، ونحن حاضرون لما يُطلب منا من توضيح التجربة والتعاون في الخطوط العريضة والعامة، بما يساعد على تعميم التجارب الإسلامية الفعالة، مع ملاحظة خصوصية كل بلد.‏

الصحـوة نحـو الإنتصـار:‏

إننا واثقون بوعد الله تعالى: {ونريد أن نمنّ على الذين استُضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين}(القصص5). ومؤمنون بأنّ القدس ستعود الى أهلها، وستحرر كل فلسطين بإذن الله تعالى، فالحجر سيقول: "يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله". وأمامنا تجربة الإنتصار في لبنان، والتي تثبت هشاشة القوة الصهيونية المتترّسة بالآلة العسكرية والضغط الدولي، مع وجود الجبن الحقيقي والخوف من المستقبل.‏

إنّ المطلوب هو الثبات، وزعزعة أمن هذا الكيان الغاصب، كي لا يشعر بأي استقرار، فلو حققت الإنتفاضة المقاومة هذا الهدف واستمرت عليه لفترة من الزمن، فهي تؤسس لعدم شرعية الكيان الغاصب، الى أن تحصل تطورات وظروف تتراكم وتساعد على المزيد تمهيداً للتحرير الكامل بإذنه تعالى.‏

إنّ علينا أن نرى الضعف مع الإيمان قوة، وقلّة العدد مع تسديد الله تعالى نصراً، وقلّة الإمكانات مع القيام بما علينا والتوكل على الله تعالى أملاً مستقبلياً. ولا داعي للعجلة، فالدنيا مسرح عمل، والعمل تواكبه التضحيات، ومَن صبر نال ما تمنّى {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلّكم تُفلحون} (آل عمران: 200).‏

يمكننا القول: إننا نعيش في مرحلة الصحوة الإسلامية الحية، لكن علينا البحث عن أسباب قوّتها وعوامل إعاقة تطورها، لنكون يداً واحدة في تعزيزها، وليكن واضحاً أنّ الجهاد مع ما يستلزمه من تضحيات هو الطريق الى خطوات بنّاءة وإيجابية لمصلحة الأمة.‏

--------------------------------------------------------------------------------‏

(*) محاضرة ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الحرم الرئيسي في مجمع "أبو النور الإسلامي" - دمشق، في 21/2/1422 هـ (الموافق: 14/5/2001 م).‏