في ٢٥ أيار عام ٢٠٠٠ تحرَّر لبنان في أعظم تحريرٍ حصلَ في المنطقة خلال قرنٍ من الزَّمان بسواعد المجاهدين وتكاتف الشعب والجيش والمقاومة والعمل الدؤوب لتحقيق هدف التحرير. تحرُّر لبنان أدى إلى حضور الدولة اللبنانية في الجنوب اللبناني، وبدأ إعمار الجنوب، ثم جاءَ نصرُ تموز عام ٢٠٠٦، ليحصِّن لبنان في مواجهة التبعية الأجنبية، التحرير يعني طرد الإحتلال وجعلنا نعيش حريتنا، ونصر تموز قيَّدَ الإستكبار والتبعية، فأصبح لبنان قادراً على أن يوافقَ أو يرفض من دون أن يكون معبراً أو ممراً لسياسات الآخرين من إسرائيل وأمريكا وغيرهما.
لبنان اليوم بعد هذه التجربة المقاومة العظيمة بحاجة إلى استمرار مقاومته القوية، وبحاجة أن تزداد المقاومة قوّة، لأنه كلَّما كانت المقاومة أقوى، ابتعدت الحرب أكثر، لأنَّ العدو لا يفهم إلا بلغة القوة، وها هو توازن الردع تحقق لثلاثة عشر عاماً بسبب قوة المقاومة وحضورها في الساحة.
نحن بحاجةٍ إلى هذه المقاومة القوية أن تستمر لتحمي لبنان من خطر إسرائيل، ومشاريع أمريكا وإسرائيل في لبنان والمنطقة، وكلُّ الإدعاءات التي يقولها البعض عن إشكال السلاح أو إشكال القدرة، هي إشكالات إسرائيلية أمريكية، ولكن مصلحة لبنان أن يكون قوياً بجيشه وشعبه ومقاومته.
ثانياً، نحن نسمع بين الحين والآخر إستعادةً للُّغة الطائفية والتخاطب الطائفي بشكلٍ واسعٍ وكبير، وتراشق بين عددٍ من الأطراف على قاعدة اللغة الطائفية، نحن بحاجةٍ إلى استعادة اللغة والتخاطب الوطني والأداء الوطني، واستبعاد المناطفة والعناوين الطائفية في المحاججة وإثبات صحَّة المواقف من أجل أن نعمِّر لبنان معاً، ولأننا في سفينةٍ واحدة لا يستطيع أيُّ طرفٍ أن يستأثر بجزءٍ من السفينة تحت عنوان أنها حق له، نحن شركاء معاً يجب أن نتفاهم وأن نجد قواعد تساعدنا على أن نعمل بلغةٍ وطنية وأداء وطني واحد، وإنصاف الجميع من خلال توزيع عادل للحقوق والواجبات في داخل هذا البلد.
قد لا تؤدي شعارات الفتنة الطائفية اليوم إلى التقاتل لأنَّ الكل منهك، ولأنَّ لبنان بعدَ الإنتصار لم تعد تؤثر فيه هذه العناوين الطائفية لتحدث فتنة عسكرية وتقاتل داخلي، لكنَّ هذه الفتنة الطائفية يمكن أن تؤدي إلى تعطيل المؤسسات، وتؤدي إلى المزيد من التدهور الإقتصادي، وتخرِّب منظومة وهيكلية البلد، هل نقف عند الفتنة عندما تؤدي إلى التقاتل ولا نقف عند الفتنة عندما تؤدي إلى الإنهيار؟ علينا أن نلتفت بأنَّ إنقاذَ البلد مسؤولية علينا جميعاً.
ثالثاً، في الأسبوع الماضي، أثار اتحاد بلديات الضاحية والشويفات مشكلة النفايات، هذا الملف كان يفترض أن تبدأ معالجته منذ ما يقارب الأربع سنوات تقريباً، على قاعدة أن تكون هناك دراسات ودفتر شروط ومناقصات وتحديد مكان للمحارق، ثمَّ ينتقل الأمر تدريجياً إلى هذه المحارق ويتوقف مطمر الكوستابرافا، أربع سنوات مرَّت من التسويف، بمعنى أنَّ الدراسات التي أُنجزت وُضعت في الجوارير ولم يتم تحريكها إلى أن تحرك إتحاد البلديات، هنا بدأ التحرُّك الذي يبدو أنَّه جدِّي، وسننتظر الأيام القادمة لنعلم مدى فعاليته حتى نتخلص من هذه المشكلة وننتقل إلى الحل.
التسويف في القضايا والمشكلات يعمِّق الأزمة ولا يعالجها، للأسف هناك قاعدة في لبنان أنّ كل مشكلة معقدة يسوّف فيها علَّها تموت مع الزمن، بل تميت مع الزمن والمطلوب أن نجد لها حلاً، كيفما كان يجب أن نبحث عن الحل، إن شاءالله سنتابع لنجد الحل.