بالأمس اطلعنا على موقفٍ تاريخيٍّ عظيم إتخذه ولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي (دام حفظه) عندما رفضَ أن لا يتسلَّم رسالة ترامب معلناً بالفم الملآن بأن التفاوض تحتَ الضَّغطِ مرفوض، وأنَّ ترامب ليس جديراً بأن يقدم عروضاً وهو الخائن لتعهداته وعروضه، وأنَّ الجمهورية الإسلامية في موقع المواجهة والدفاع والمقاومة ولا يمكن أن تخضع للإبتزاز. دائماً أمريكا تختار عناوين براقة من دون محتوى، "تعالوا نتفاوض" كيف يحصل التفاوض والضغط الإقتصادي موجود والضغط السياسي موجود، وعدم الإلتزام بالمواثيق قائم ؟! هذا لا يمكن. دائماً كانوا يقولون بالنسبةِ للقضية الفلسطينية اجلسوا على طاولة المفاوضات، كل طاولات المفاوضات التي حصلت منذ الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين حتى الآن كانت طاولات ترسيم التنازل تلو الآخر من جهة واحدة هي إسرائيل بإملاءاتٍ على الآخر بدعمٍ دوليٍ آثم ولم يكن هناك أي مفاوضات بأي وقتٍ من الاوقات.
الآن من البداحة عند الأمريكيين أنهم استغنوا عن عنوان التفاوض الذي يمكن أن يدلِّس على الناس واستبدلوه بعنوان صفقة القرن ليقولوا أننا انتقلنا إلى مرحلة فرض الحلول بنقاشٍ أو بدون نقاش لأنهم يعتقدون أنهم يريدون ان يحققوا ما يريدون، لكن هم لن يحققوا ذلك، مع وجود المقاومة لن ينجزوا ذلك، مع وجود المقاومة لا يمكن أن ينتصروا، مع وجود المقاومة لا يمكن أن يهزموا شعوب المنطقة بعد اليوم.
أنتم تعلمون أن شرعية العدوان مرفوضة وليس مسموحاً بعد اليوم أن تكون السلطة والمال هي التي تقرر مستقبل منطقتنا مهما كانت الأموال ومهما كانت القوة والقدرة فإن المقاومة بكل فريقها تملك الإمكانات المناسبة. سأقول لكم أمراً ليست القضية مرتبطة بالإمكانات القضية مرتبطة بالإيمان والقرار الحر، في يومٍ من الايام كان الكاتيوشا في جنوب لبنان لا يساوي شيئاً، ولكن حين حمله رجالٌ أبطالٌ شجعان تحوَّل الكاتيوشا إلى سلاحٍ استراتيجي، واليوم كل طائرات الـ F-35 وكل المدمرات التي يملكونها لا يمكن أن تكون عائقاً أمام أسلحةٍ عادية وصواريخ بسيطة دقيقة يمكن أن تطال كل مكان في الكيان الإسرائيلي، ويمكن أن تواجهَ كل التحديات لأن قيمتها ليس بضعفها ومداها وإنَّما قيمتها بمن يطلقها ويحمل القرار بأن يكون مقاوماً يريد أن يحرر الأرض ويقفَ عزيزاً لمصلحة الأجيال القادمة.
لبنان حقَّقَ إنجازاً كبيراً من خلال ثلاثي الجيش والشعب والمقومة، وهذا الإنجاز سنحافظ عليه ومهما علت الأصوات التي تتحدث عن مقاومة وسلاح وترتيبات فإنها لا يمكن أن نبقى في الخندق وفي الصذَف الأمامي للدفاع عن أرضنا وعن مياه ومن أجل أن نحرِّر كل ما تحتلُّه إسرائيل على قاعدة أننا أصحاب الحق، هناك أناسٌ لا يرديون القتال هم أحرار، وأناسٌ تريد الإستسلام تتحمّل المسؤولية لكن أن يجروا بلدنا إلى الإستسلام تحت عناوين مختلفة هذا لا يمكن أن يكون مع وجود المقاومة وعمل المقاومة، وإن شاء الله نحن مستمرون في هذه المقاومة من أجل التحرير، تحرير الارض وتحرير الإنسان في آنِ معاً.
منذ الإنتخابات النيابية الأخيرة سنة 2018 رفع حزب الله شعاراً انتخابياً هو نحمي ونبني، نحمي يعني المقاومة، نبني يعني العمل في داخل تركيبة الدولة بمصالح الناس عندما جمعنما هذين الشعارين معا في هذه الإنتخابات لنقول أننا نولي أهميةً استثنائية في هذه المرحلة لخدمة الناس وبناء الدولة كما بذلنا الإهتمام الكبير في السابق لبناء المقاومة وعمل المقاومة، لذلك نحن نتابع على مستوى الحكومة والمجلس النيابي بما يجعل الناس قادرين على أن يتابعوا حياتهم، واغتاظ الغرب وأمريكا أنَّ لنا وزراء في داخل الحكومة، لكن يمكن للحكومة أن تنطلق من دون وجود وزراء حزب الله، لأن حزب الله جزء لا يجزَّأ من هذا الشعب والشعب اختاره.
اليوم نناقش في مجلس النواب الموازنة وفيها بعض الثغرات التي لها علاقة بالضرائب على الناس، سنعمل إن شاء الله لإفشال فكرة فرض ضرائب جديدة على الناس، ولكن أريد أن أقول أمراً هاما، منذ اليوم تتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية أن تناقش السياسة الإقتصادية في لبنان، ما هو موقف الحكومة من السياسة الزراعية؟ والصناعة والتجارة والسياحة، ومن قطاع التعليم وقطاع الخدمات؟ هذه عناوين ستة تحتاج أن تهتمَّ بها الحكومة اللبنانية لترسم سياساتها على هذا الأساس فتوفر فرص عمل وتحمي الإنتاج اللبناني وتنهض بالاقتصاد، وإلا إذا استمرت المناقشات على قاعدة الموازنة فإنها ستحقق تخديراً مؤقتاً ولا تحقق نقلة نوعية،النقلة النوعية بدراسة السياسة الإقتصادية التي تتحمل مسؤوليتها الحكومة اللبنانية.