ماذا عن الآيات والروايات التي تتحدث عن نقصان أو زيادة العمر؟
قال رسول الله(ص): "أكثِر من الطهور يزد الله في عمرك"(19)، فالبقاء على الطهارة مستحب، بأن يبقى الإنسان على وضوء، ما يزيد من عمره.
وقال الإمام الصادق(ع): "ومَنْ حَسُنَتْ نِيَّتُه زِيدَ فِي رِزْقِه"(20)، فمن كانت نيته حسنة، ويتصرف بخلفية سليمة وصحيحة وإسلامية، يضفي أجواء إيجابية في حياته وبين الناس، فلا يخادعهم ولا يتصرف بخبث، فيزيد الله تعالى في عمره.
وعنه(ع): "ومَنْ حَسُنَ بِرُّه بِأَهْلِ بَيْتِه مُدَّ لَه فِي عُمُرِه"(21)، إذا كان تصرفه مع أهل بيته أخلاقياً وحسناً، وفيه التسامح والتربية الإسلامية، يزيد الله تعالى في عمره.
وقال(ع): "تجنبوا البوائق يمد لكم في الأعمار"(22)، أي تجنبوا الكبائر والمحرمات، يمد الله تعالى في أعماركم .
"الصدقة تزيد الأعمار" و "صلة الأرحام تزيد الأعمار"، و"بر الوالدين يزيد الأعمار". في المقابل الظلم يقصِّر من العمر، والمحرمات والرذائل كذلك. ففي هذه الحالات، ماذا نقول عن الأَجَلِ؟ وهو مسمىً ومحتوم؟
قرارُ الأَجَل بيد الله تعالى، ولا نعلم إذا كان عمر هذا الإنسان خمسين أو ستين سنة، ولكن الله تعالى قدَّر أن يكون خمسين سنة، ولأنه سيقوم بالأعمال الصالحة فسيزيدها عشراً, فالزيادة في علم الله تعالى قبل العمل، وقبل حسم الأَجَل المسمى والمحتوم. وكذلك يُنقصها عشراً مثلاً بسبب الأعمال السيئة, بناءً على تقدير الله لعمره الأصلي، فالنقصان في علم الله تعالى قبل العمل، وقبل حسم الأَجَل المسمى والمحتوم. وانما يخبرنا بآثار الأعمال على الأَجَل لنعلم بوجود الزيادة أو النقصان مسبقاً، تشجيعاً للصلاح وتنبيهاً من الفساد. كلُّ هذا، لا يغير من الأَجَل المسمى والمجهول بالنسبة إلينا، والمرتبط بتقدير الله تعالى له.
ينتبه البعض إلى الفرصة الدنيوية التي أضاعها عند مشارف الموت: "حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ"(23)، ولكن إذا مات الإنسان، ونزل في الحفرة، فلا رجعة بعدها إلى الدنيا، فقد توفرت لديه فرصٌ طويلة في الدنيا فلم يستفد منها، ولا ينفعه أن يطلب الرجوع أثناء سكرات الموت، فالموتُ لحظةُ الحسم للانتقال إلى البرزخ ومنه إلى القيامة.
أعرف نفسك أيها الانسان, فعن أمير المؤمنين علي(ع): "مِسْكِينٌ ابْنُ آدَمَ, مَكْتُومُ الأََجَلِ مَكْنُونُ الْعِلَلِ, مَحْفُوظُ الْعَمَلِ تُؤْلِمُه الْبَقَّةُ, وتَقْتُلُه الشَّرْقَةُ وتُنْتِنُه الْعَرْقَةُ"(24)، فيا ابن آدم عد إلى الله تعالى، فطالما أنك من خلق الله، وحسابك على الله، فالتفت وكُن في الخط السليم، فلا تعلم متى يحين الأجل، وكن مستعداً لعلَّ آخرتك تكون غداً.
وعن علي(ع) لابنه الحسن(ع): "واعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّكَ إِنَّمَا خُلِقْتَ لِلآخِرَةِ لَا لِلدُّنْيَا, ولِلْفَنَاءِ لَا لِلْبَقَاءِ, ولِلْمَوْتِ لَا لِلْحَيَاةِ, وأَنَّكَ فِي قُلْعَةٍ ودَارِ بُلْغَةٍ, وطَرِيقٍ إِلَى الآخِرَةِ, وأَنَّكَ طَرِيدُ الْمَوْتِ الَّذِي لَا يَنْجُو مِنْه هَارِبُه, ولَا يَفُوتُه طَالِبُه, ولَا بُدَّ أَنَّه مُدْرِكُه, فَكُنْ مِنْه عَلَى حَذَرِ أَنْ يُدْرِكَكَ وأَنْتَ عَلَى حَالٍ سَيِّئَةٍ, قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ مِنْهَا بِالتَّوْبَةِ, فَيَحُولَ بَيْنَكَ وبَيْنَ ذَلِكَ, فَإِذَا أَنْتَ قَدْ أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ"(25)