حقوق الوالدين والولد

لولاه لم تكن

لولاه لم تكن

كيف نفسر ما أورده الإمام زين العابدين(ع) من حق الأب؟
قول الإمام زين العابدين (ع) " فأن تعلم أنه أصلك وأنك فرعه وأنك لولاه لم تكن"، حتى يفهم الإنسان بأنه مدين لمن كان سبباً مباشراً لوجوده في الحياة، وهذه مسألة مسلّم بها، وهي مرتبطة بما أكمله الإمام (ع)"فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك، فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه ".إذا رأيت نفسك قوياً فأبوك أصل هذه النعمة، لأنه السبب المباشر لهذا الأمر بناء لخلق الله تعالى، وإذا وجدت أنك تتمتع بقدرات فالأساس هو الأب، فلا تنس أن كل ما تراه في شخصك وبدنك وقوتك وصحتك ، أصله وبدايته من الأب، وهذا يولّد مسؤوليات عند الابن في طريقة التعاطي مع والده، الذي تنشأ له حقوق على ولده.

إن الالتزام بالضوابط الشرعية التي أمرنا بها الله تعالى حول كيفية التعاطي مع الأب، تجعلنا مبرئي الذمة ،ونكون قد التزمنا بأداء حق الأب بحسب قدراتنا وطاقاتنا .وبما أننا في هذا الوجود وقد تيسرت لنا هذه الحياة بواسطة الأب، فلا بد أن نحمده على عطاءاته ، وأن نشكر الوالد على قدر ما كان مسبباً للنعم، وهذا غير متيسر إلا بالاستعانة بالله تعالى متبعين إرشاداته وأوامره في هذا المجال، وبهذا نكون قد قمنا بما علينا. ولا تقاس الأمور بمقدار ما يعطي الإنسان من بدل، إنما تقاس بمقدار ما يملك من قدرات وطاقات " لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَ وُسْعَهَا"(1)،أما أن يُواجه الابن من قبل الأب، الذي يقول له: أنا سبب وجودك فماذا فعلت لي؟ أو أنا ربيتك فلن تستطيع رد جميلي! أو أنا أنفقت عليك وأنت بحاجة لي! فهذا لا ينسجم مع خلق الله تعالى ومع الواقع ‍‍‍‍‍الموضوعي. إذ من الطبيعي أن يكون الأب سبباً للوجود ومربياً ومنفقاً، ولا يستطيع الابن أن يكون كذلك، إنما يستطيع أن يكون باراً محسناً منفقاً على والده عند الكبر، وهذا يدخل في دائرة موقعية وقدرة كل منهما. فالمقارنة خاطئة ، لأن دور الأب يختلف عن دور الابن وبالعكس ، ويتحمَّل كل واحد منهما المسؤولية على أساس دوره وواجباته، وسيأتي دور الإبن عندما يصبح أباً ليقوم بمهمامه من موقعه، فيكون مطالباً بحسن الأداء تجاه مولوده، فالمقارنة الممكنة بين الأب والابن تكون على أساس العمل الصالح والتقوى بحسب موقع كل منهما"إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ"(2).