ثالثاً: ولاية الفقيه
الرسول(ص) هو المبلّغ للشريعة المقدسة والأمين على تنفيذها وتحديد مسار الأمة في هذا الاتجاه وقد تمَّ الوحي به، ويأتي من بعده الأئمة المعصومون(عم) بدءاً بأمير المؤمنين علي(ع) وانتهاء بالإمام المهدي(عج) ليقوموا بدور التفسير والتوضيح لمعالم الرسالة، ومتابعة تطبيقها. وفي غياب المعصوم تحتاج الأمة إلى أمرين: معرفة التكليف المطلوب منها وتطبيق الشريعة في الحياة الخاصة والعامة.
أمَّا المعرفة فهي عسيرة على عامة الناس ما لم يتصد لها العلماء الفقهاء المجتهدون، الذين يستنبطون الأحكام الشرعية فيبيِّنون الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح. هؤلاء الفقهاء هم الذين يبذلون جهداً كبيراً للإحاطة بفقه الشريعة، ويتميزون بمواصفات الاجتهاد والعدالة والورع في الدين وعدم الانكباب على الدنيا. وفي الحديث عن الإمام الصادق(ع):" من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه"(1).ومع تعدد العلماء يبرز بينهم من هو أعلمهم، فيشهد بذلك أهل الخبرة من العلماء، فيصبح المتصدي لتبيان أحكام الشرعية مرجعاً للأمة، ويكون المكلف من الناس مقلداً له، حيث يتبع ما قاله المرجع فيكون مبرأ الذمة بعمله وفق تعاليم الإسلام.
وفي تبيان طريقة تعيين الموجه للإنسان نحو تكليفه وارتباطه به، كتب الشهيد المرجع السيد محمد باقر الصدر(قده) قائلاً:" النبي والإمام معيّنان من الله تعالى تعييناً شخصياً، وأمَّا المرجع فهو معين تعييناً نوعياً، أي أن الإسلام حدد الشروط العامة للمرجع، وترك أمر التعيين والتأكيد من انطباق الشروط إلى الأمة نفسها. ومن هنا كانت المرجعية كخط قراراً إلهياً، والمرجعية كتجسيد في فرد معين قراراً من الأمة.
وارتباط الفرد بالنبي ارتباطاً دينياً والرجوع إليه في اخذ أحكام الله تعالى عن طريقه يجعل منه مسلماً بالنبي، وارتباطه بالإمام على هذا النحو يجعل منه مؤمناً بالإمام، وارتباطه بالمرجع على النحو المذكور يجعل منه مقلداً للمرجع"(2).
أما التطبيق فينقسم إلى قسمين: أحدهما فردي يتعلق بالعبادات والمعاملات بين الناس وما له علاقة بالحياة الشخصية واليومية، وثانيهما عام يرتبط بالأمة ومصالحها وحربها وسلمها وتوجهاتها العامة في مواقعها المختلفة.
بناء عليه يحتاج المكلَّف في القسم الأول إلى مرجع تقليد لمعرفة الأحكام الشرعية وضوابطها، وفي القسم الثاني إلى قائد هو الولي الفقيه لتحديد السياسات العامة في حياة الأمة ودور المكلفين العملي في تنفيذ أحكام الشرع المقدس والسهر على تطبيقها في حياة الأمة. وقد تجتمع المرجعية والولاية في شخص واحد(3).
ولا يمكن الفصل بين أحكام دينية وأخرى سياسية في مسؤولية المكلف الشرعية، كما لا يمكن تقسيم الأفراد في المجتمع بين ديني ودنيوي، قال الإمام الخميني(قده):" لو أمكنكم درك مفهوم الدين في ثقافتنا الإسلامية، لتأكد لكم بوضوح بعدم وجود أي تناقض بين القيادة الدينية والسياسية، بل كما أن الكفاح السياسي هو جزء من الوظائف والواجبات الدينية، فإن قيادة الكفاح السياسي وتوجيهه هو جزء من وظائف ومسؤوليات القائد الديني"(4)، فالترابط الموجود في الأحكام الإسلامية يجعل الفرد مسؤولاً عن كل النواحي بحسب موقعيته وقدرته. فإذا حصل تمايز في دور الأفراد، فهو تمايز مرتبط بالفروقات الفردية، وبتوفر الظروف الذاتية والموضوعية.
هذه الولاية ضرورية لحفظ وتطبيق الإسلام، فلا يمكن التعاطي مع المشروع الإسلامي الكبير بمبادرات فردية أو أعمال منفصلة عن بعضها البعض، بل لا بدَّ من خط عام يربط الأمة عملياً مع بعضها البعض، وهذا الذي يتم من خلال قيادة الولي الفقيه ورعايته.
يقول الإمام الخامنئي حفظه الله:" المراد بالولاية المطلقة للفقيه الجامع للشرائط، أن الدين الإسلامي الحنيف- الذي هو خاتم الأديان السماوية والباقي إلى يوم القيامة- هو دين الحكم، وإدارة شؤون المجتمع، فلا بدَّ أن يكون للمجتمع الإسلامي بكل طبقاته وليُ أمر، وحاكمُ شرع، وقائدٌ ليحفظ الأمة من أعداء الإسلام والمسلمين، وليحفظ نظامهم وليقوم بإقامة العدل فيهم، ويمنع تعدي القوي على الضعيف، وبتأمين وسائل التقدم والتطور الثقافية والسياسية والاجتماعية والازدهار لهم.
وهذا الأمر في مقام تنفيذه عملياً قد يتعارض مع رغبات، وأطماع، ومنافع، وحريات بعض الأشخاص، ويجب على حاكم المسلمين حين قيامه بمهام القيادة على ضوء الفقه الإسلامي، اتخاذ الإجراءات اللازمة عند تشخيص الحاجة إلى ذلك"(5).
إن ولاية الفقيه تمثل الاستمرارية لولاية النبي(ص) والأئمة(عم) في الدور المناط بها، ولا يعني هذا أن الولي كالنبي أو الإمام من حيث المواصفات الشخصية والمكانة عند الله تعالى، فهذا ما لا يقول به أحد. إن الولي هو نائب الإمام أو يقوم مقامه في المهام المطلوبة من القيادة الشرعية للأمة.
صلاحيات الولي الفقيه
يقول الإمام الخميني(قده):" فتوهم أن صلاحيات النبي (ص) في الحكم كانت أكثر من صلاحيات أمير المؤمنين(ع)، وصلاحيات أمير المؤمنين(ع) أكثر من صلاحيات الفقيه، هو توهم خاطئ وباطل. نعم إنَّ فضائل الرسول(ص) بالطبع هي أكثر من فضائل جميع البشر، لكن كثرة الفضائل المعنوية لا تزيد في صلاحيات الحكم. فالصلاحيات نفسها التي كانت للرسول(ص) والأئمة(عم) في تعبئة الجيوش، وتعيين الولاة والمحافظين، واستلام الضرائب وصرفها في مصالح المسلمين، قد أعطاها الله تعالى للحكومة المفترضة هذه الأيام. غاية الأمر لم يعين شخصاً بالخصوص، وإنما أعطاه لعنوان العالِم العادل"(6).
ومن الواضح حجم الصلاحيات المنوطة بالولي الفقيه، فهو أمين على تطبيق الأحكام الإسلامية والسهر على النظام الإسلامي، واتخاذ القرارات السياسية الكبرى التي ترتبط بمصالح الأمة، وهو الذي يملك صلاحية قرار الحرب أو السلم، ويتحمل مسؤولية أمن الناس وأموالهم وأعراضهم في تحديد الأحكام العامة الواجب اتباعها ومراقبة تنفيذها، ويتصرف بالأموال الشرعية من زكاة وخمس وغيرهما، ويحدد ضوابط الدولة الإسلامية حال قيامها لتكون ملتزمة بالأحكام الشرعية ومراعية لمصالح رعاياها بما ينسجم مع الإسلام.
ولا يمكن تنفيذ هذه المهام بمباشرته الشخصية للتفاصيل كافة، وهذا ما يستدعي تفويض الصلاحيات لأفراد أو جهات، وتعيين الأفراد ومهماتهم في الدوائر العامة الكبرى والأساسية، وإمضاء الاقتراحات أو النشاطات أو الاختيارات التي تنسجم مع الإسلام وفقاً لتشخيصه.
هذه الصلاحيات غير منفصلة عن الشروط التي يجب أن تتوفر في الولي الفقيه، وهي شروط تضمن الفقاهة على مستوى الاجتهاد للتمكن من استنباط الأحكام الشرعية، والقدرة السياسية والعملية لحسن الإدارة ومواكبة متطلبات المجتمع، والصفات الذاتية من العدالة والورع والتقوى التي تجعل الرادع الداخلي في العلاقة مع الله تعالى أساساً في المحافظة على الحدود الشرعية.
فالمسألة لا تقتصر على الاجتهاد في الفقه، وفي هذا يقول الإمام الخميني(قده):" لا يكفي الاجتهاد المصطلح عليه في الحوزات، بل حتى ولو وجد إنسان هو الأعلم في العلوم المعروفة في الحوزات، لكنَّه غير قادر على تشخيص مصلحة المجتمع، أو لا يقدر على تشخيص الأفراد الصالحين والمفيدين من الأفراد غير الصالحين، ويفتقد بشكل عام للرأي الصائب في المجال الاجتماعي والسياسي والقدرة على اتخاذ القرار، فإن مثل هذا الإنسان يكون غير مجتهد في المسائل الاجتماعية والحكومية، ولا يمكنه التصدي لاستلام زمام المجتمع"(7).
ليست ولاية الفقيه من المسائل الجديدة، فلقد قال بها علماء أعلام منذ القدم كالشيخ المفيد وشيخ الطائفة الشيخ الطوسي، ومن بعدهما المحقق الحلي في كتابه شرائع الإسلام، والمحقق الكركي والعلامة الحلي، والشهيد الثاني العاملي، والشيخ النجفي صاحب كتاب الجواهر، كما قال بها من المحدثين السيد البروجردي والسيد الكلبايكاني والشهيد السيد محمد باقر الصدر والإمام الخميني وغيرهم كثير(8).
لكنها لم تبرز بهذا الشكل وهذه السعة إلاَّ مع الإمام الخميني(قده)، وذلك لسببين رئيسين:
الأول: مستوى الاهتمام بها من قبله، وتفصيلها في مجموعة من المحاضرات التي ألقاها أثناء نفيه في النجف الأشرف والتي بيّن رؤيته فيها، وقد جُمعت في كتاب"الحكومة الإسلامية".
الثاني: التطبيق العملي بسقوط الشاه وقيام الجمهورية الإسلامية في إيران، وكتابة دستور مبني على الالتزام بالولاية كقاعدة أساسية في الحكم.
لم تكن ظروف العلماء والمؤمنين سانحة في السابق للتعبير عنها عملياً حتى في الأطر الأضيق من إقامة الدولة الإسلامية، لعدم وجود السلطة بأيديهم، أو عدم ملاءمة الأجواء المحيطة بهم لإعمال ولايتهم، فالأمر لا يقتصر على وجود المؤهل لولاية الأمر، بل يستلزم وجود المؤمنين الموالين الذين يكونون في مقام تطبيق أوامر ونواهي ولي الأمر في حياتهم العامة.
إنَّ تصدي الإمام الخميني(قده) لولاية الأمر لم يسبقه مثيل منذ زمن الأئمة(عم)، وقد حاز على الموقع بأهليته وجدارته الفقهية والسياسية بتوفر المواصفات المطلوبة في الولي الفقيه. وليس كل من تصدى بعنوان الولاية أو الخلافة أو الإمارة يستحق هذا الموقع بمجرد تصديه، وليس الولي على الشريعة من يحكم المسلمين كيفما كان براً أو فاجراً، فالأمر منوط- بحسب هذا المنهج- بمن يملك الكفاءة العلمية والقيادية.
ارتباط الحزب بالولي الفقيه
لا علاقة لموطن الولي الفقيه بسلطته، كما لا علاقة لموطن المرجع بمرجعيته. فقد يكون عراقياً أو إيرانياً أو لبنانياً أو كويتياً أو غير ذلك، إذ لا دخل لجنسيته بالمواصفات التي يحملها. فهو يحمل الإسلام ويعمل للإسلام دين الرحمة للعالمين" وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"(9). نعم تختلف حدود سلطته بحسب الاستجابة من الأفراد المكلفين.
فالإمام الخميني(قده) كولي على المسلمين، كان يدير الدولة الإسلامية في إيران كمرشد وقائد وموجه ومشرف على النظام الإسلامي هناك، وكان يحدد التكليف السياسي لعامة المسلمين في البلدان المختلفة في معاداة الاستكبار، والحرص على استقلال الموارد الذاتية لبلدان المسلمين عن سطوة المستكبرين، والعمل من أجل الوحدة وخاصة في القضايا المصيرية والمشتركة، ومواجهة الغدة السرطانية المزروعة عنوة في فلسطين والتي تتمثل بالكيان الإسرائيلي، ورفض أشكال الظلم والانحراف، ورعاية شؤون المستضعفين، وتعزيز التكافل الاجتماعي بين الناس، ثم خلفه الإمام الخامنئي(حفظه الله) في الموقع والصلاحيات نفسها.
فالارتباط بالولاية تكليف والتزام يشمل جميع المكلفين، حتى عندما يعودون إلى مرجع آخر في التقليد، لأن الآمرية في المسيرة الإسلامية العامة للولي الفقيه المتصدي.
ولا خشية من التعارض مع عيش المكلفين في البلدان المختلفة، فالحدود التي يضعها الولي الفقيه تأخذ بعين الاعتبار مسألتين:
الأولى: تطبيق الأحكام الشرعية وعدم القيام بما يخالفها.
الثانية: الظروف الموضوعية والخصوصيات لكل جماعة أو بلد، والتي تؤثر على دائرة التكليف ومساحة الاهتمام.
إن التزام حزب الله بولاية الفقيه حلقة من هذه السلسلة، إنَّه عمل في دائرة الإسلام وتطبيق أحكامه، وهو سلوك في إطار التوجهات والقواعد التي رسمها الولي الفقيه. ثم تكون الإدارة والمتابعة ومواكبة التفاصيل والجزئيات، والقيام بالإجراءات المناسبة، والعمل السياسي اليومي، والحركة الثقافية الاجتماعية، بل والجهاد ضد المحتل الإسرائيلي بتفاصيله، من مسؤولية القيادة المنتخبة من كوادر الحزب بحسب النظام الداخلي المعتمد، والتي تتمثل بالشورى التي يرأسها الأمين العام، والتي تحصل على شرعيتها من الفقيه، فيكون لها من الصلاحيات الواسعة والتفويض ما يساعدها على القيام بمهامها، ضمن هامش ذاتي وخاص ينسجم مع تقدير الشورى للأداء التنفيذي النافع والمفيد لساحة عملها.
تنعكس هذه الصلاحيات استقلالاً كبيراً في الأداء العملي، ولا حاجة لمتابعة يومية من الولي الفقيه، فإذا واجهت قيادة الحزب قضايا كبرى تشكل منعطفاً في الأداء، أو تؤثر على قاعدة من قواعد العمل، أو تعتبر مفصلاً رئيساً، أو تتطلب معرفة الحكم الشرعي فيها، عندها تبادر إلى السؤال أو أخذ الإذن لإضفاء الشرعية على الفعل أو عدمه.
ولا يحد الالتزام بولاية الفقيه من دائرة العمل الداخلي في لبنان وبناء العلاقات المختلفة، كما لا يحد من دائرة العلاقات والتعاون الإقليمي والدولي مع أطراف يتقاطع الحزب معها في الاستراتيجية أو في بعض الموضوعات أحياناً.
وبما أن العمل ضمن بلد ما يرتبط بخصوصياته وظروفه، فإن عمل حزب الله يوائم بين إسلامية المنهج ولبنانية المواطنة، فهو حزب لبناني بكل خصوصياته ابتداء من الكادر والقيادة مروراً بالعناصر، وهو مهتم بما يجري على ساحته في الميادين الجهادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وهو يحمل الإسلام الذي يسعه ويسع الآخرين في العالم. ولا يتعارض الاهتمام بقضايا العالم الإسلامي والمستضعفين مع الاهتمام بالقضايا الوطنية التي تكون محكومة لرفض الظلم والاحتلال، والسعي لتحقيق العدالة، ورعاية الأولويات والمصالح.
ولا توجد جهة في العالم، إلا ولها تقاطعاتها الداخلية والخارجية، استناداً إلى رؤيتها لمصالحها، وانسجاماً مع القناعات التي تحملها. فلا يعتبر الأمر سلبياً، إلاَّ إذا سبَّب تبعية معطلة للاختيار الحر، أو عمالة واضحة في خدمة أهداف الأعداء، أو عملاً مستأثراً بالقوة والهيمنة لإلغاء حق الآخرين. أمَّا أن يتناغم لبنان مع محيطه وينسق معه فيحصل على دعم منه بما يخدمه فهذا عمل إيجابي، أو أن يحصل لبنان على دعم ومساندة وتأييد لحقه في المقاومة والتحرير من دول إقليمية فهذا مطلب مشروع. فالمنقصة أن ننعزل بقضايانا ونُحرم المساندة والتأييد، والحكمة في إقامة العلاقات التي تساعد في الحصول على حقنا بالتقاطع الإيجابي مع الآخرين.
عندما يستفيد حزب الله من دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية له، كما تستفيد الدولة اللبنانية، فهذا ينسجم مع قناعة إيران بسلامة خط حزب الله وحقه في الجهاد والمقاومة، وحق لبنان باستعادة أرضه، كحق الفلسطينيين باستعادة أرضهم. وهو منسجم كذلك مع قناعة حزب الله بسلامة منهج الدولة الإسلامية الإيرانية، وما أحدثته من تغيير في خارطة المنطقة، باتجاه الاستقلال عن التبعية للغرب، وما تحمله من رؤية إسلامية واعدة. إنَّ كون إيران ملتزمة بأوامر الولي الفقيه قد سهل التقاطع بينها وبين رؤية حزب الله لقضايا المنطقة وأهدافه التحررية. ولا ربط في كيفية إدارة شؤون الدولة الإسلامية الإيرانية وإدارة حزب الله، فهما أمران متمايزان ولهما خصوصياتهما كلٌ في موقعه، ولهما إدارتان مختلفتان، وإن تقاطعتا في الالتزام بتوجيهات وأوامر الولي الفقيه الذي يشرف على الأمة بأجمعها ولا ينحصر في دائرة دون أخرى.
إن ارتباط الحزب بالإسلام يجعله في موقع الالتزام بالأوامر والنواهي الإلهية، وقد أخذ على نفسه أن لا يحيد عن هذه التعاليم الإلهية. لذا عندما يتمسك بموقف شرعي فهو لا يستنسب وجهة نظر قابلة للتبديل، أما عندما تكون المسألة في دائرة خيارات عدة في المساحة المباحة، فبإمكانه أن يعيد النظر بأي خيار وفق الأدلة والمصلحة واعتبارات أخرى تنفع في هذا المجال. فالاحتلال حرام وهذا موقف شرعي، فلا يمكن إعطاء شرعية للاحتلال مهما كانت الظروف، لكن أسلوب المواجهة يدخل في دائرة الخيارات المتعددة بحسب الظروف والمعطيات.
الهوامش
(1) الاحتجاج للطبرسي_ج2 ص 262.
(2) خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء_ص 26.
(3) كما حصل بالنسبة للإمام الخميني(قده) مع انتصار الثورة، وللإمام الخامنئي(حفظه الله) بعد اختياره للولاية بفترة قصيرة من الزمن.
(4) منهجية الثورة الإسلامية- ص 138.
(5) أجوبة الاستفتاءات -ص 24.
(6) الحكومة الإسلامية -ص 86.
(7) منهجية الثورة الإسلامية -ص 163.
(8) الفقيه والسلطة والأمة للشيخ مالك وهبي- ص 428 إلى 442.
(9) سورة الأنبياء الآية 107.