لكنَّنا نلاحظ الحث على الزواج في الآيات والروايات بصرف النظر عن الوضع الاقتصادي، فما تفسير ذلك؟
يحث الإسلام على الزواج ويشجع عليه بالدعوة إلى تخفيف شروطه وتسهيل معاملاته، كما يطلب من المرء أن لا يكثر من حساباته المادية، وأن لا يعقد أموره كي لا تكثر العقبات فيعدل عن فكرة الزواج. فلتكن الحسابات معقولة وعادية، ولتكن المقدمات منطقية، ثم يكون التوكل على الله تعالى، فالرزق مقسوم. وفي هذا يقول تعالى:"وَأَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" (7)، فقد حثَّ على تزويج الأيامى أي غير المتزوجين، عندما يكونوا صالحين(8) ومهيئين للزواج، بتوفير المقدمات العادية، والله يرزقهم ويغنيهم من فضله بعد ذلك، فأمور الحياة مبنية على التيسير. لكن إذا لم تتوفر المقدمات الضرورية فالاستعفاف والصبر هو الأساس، والامتناع عن الحرام هو السبيل، بانتظار أن تتوفر الظروف الملائمة، وفي هذا يقول تعالى في الآية التي تليها :"وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ..."(9)، فعدم وجدان النكاح هو عدم توفر المهر والنفقة.
إنَّ القاعدة العامة هي السعي للتزويج من دون الإكثار في الحسابات، فقد قال تعالى:"إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ"وقال الرسول (ص) :"من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن بالله عزَّ وجل"(10)، وقال أيضاً:"من سرَّه أن يلقى الله طاهراً مطهراً فليلقه بزوجة، ومن ترك التزويج مخافة من العيلة فقد أساء الظن بالله عزَّ وجل"(11). فالآيات تلحظ الوضع الاقتصادي فتدعو إلى الصبر من خلال آية الاستعفاف، لكنَّها تستنكر ترك التزويج لكثرة الحسابات المادية والتخوف من المستقبل.