س: في الغرب يراعون أوقات بعضهم البعض، ويُعلمون بعضهم مسبقاً برغبتهم في اللقاء، فما رأيكم باعتماد هذا الأسلوب؟
لسنا بحاجة لننطلق من تصرف غربي في مسألة عالجها الإسلام ووضع ضوابطها بدقَّة، ولم تقتصر المعالجة على جانب من الزيارة فقط، وإنما شملت مجمل العلاقات الاجتماعية وما يحيط بها، كصلة الرحم وعلاقة الجوار والصداقة والأخوة والمشاركة في الأفراح والأحزان وغيرها، لكنَّ المشكلة في التطبيق.
لقد اعتاد البعض أن يدرس ظروفه ورغباته، وأن يختار توقيت الزيارة الذي يناسبه، إذ يعتبر التكليف مرفوعاً بين الجيران والأصحاب، فيذهب للزيارة من دون إعلام مسبق ما يسبب حرجاً لجاره، عندما تكون ظروفه غير ملائمة، أو يكون في فترة استراحته، او كان يهييء نفسه لموعد مسبق وزيارة اجتماعية ضرورية مع عائلته. وإذ يحاول إبراز اهتمامه بظروف جاره الذي يصادفه خارجاً من باب منزله، باستعداده للعودة في وقت آخر، لكنَّ طريقته توحي باحتمال حصول مشكلة وخلاف لو لم يستقبله ويلغي مواعيده الأخرى من أجله.
إنَّ هموم وأعباء الفرد في زماننا تتطلَّب تنظيماً دقيقاً للوقت، واحتراماً له من قبل الآخرين، وقد صرَّح القرآن بما لا لَبس فيه عن أهمية الاستئذان ومراعاة ظروف الآخرين، قال تعالى:" فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ "(6)، وعلينا أن نتقبَّل الاعتذار عن الاستقبال بشكل طبيعي وعادي، إذ يمكننا اختيار وقت آخر يكون مناسباً للطرفين. ولا يليق إشعار الجار بقبول عذره، ثم ترتيب آثار سلبية في المعاملة بسبب هذه الحادثة، فالقضية لا تستحق كل هذا التضخيم، إذ أنَّ علاقات الجوار أبسط وأسهل بكثير من هذه التعقيدات، والأصل أن تُبنى على التفاهم واليسر والاحترام، وأن يقدِّر الجار ظروف جاره.