س _ هل نستطيع تكوين مجتمع تكافلي من خلال أجواء شهر رمضان المبارك؟
إن التكافل الاجتماعي هدف من أهداف الإسلام، وإن رعاية الفقراء والمساكين واليتامى وابن السبيل وغيرهم يساهم في إيجاد ترسيخ العلاقات الإنسانية بدل العلاقات المادية والمصالح الأنانية. وقد ربط الله تعالى الاهتمام بالفئة المحتاجة إلى الرعاية بالإيمان بيوم القيامة، فقال في سورة الماعون:" أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ* فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ* وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ "(11). ووجَّه أموال الزكاة إليها بشكل أساسي في المجتمع الإسلامي، كما خصَّ من أموال الخمس ما يعالج هذه المشكلة الاجتماعية المستعصية.
وعندما تكون النفس مهيأة في شهر الطاعة لله تعالى، تكون أكثر إقبالاً على العطاء ومتجردة من الأنانية، وقد وجَّه رسول الله(ص) المسلمين في خطبته بقوله:" وتحننوا على أيتام الناس يتحنن على أيتامكم"، كما قال فيها:" أيها الناس من فطر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عتق رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه. قيل: يا رسول الله، فليس كلنا نقدر على ذلك. فقال(ص): اتقوا الله ولو بشق تمرة، اتقوا النار ولو بشربة من ماء"(12).
إن تركيز العطاء على قاعدة الطاعة والأجر من الله تعالى يهذب النفس ويرفع الحرج عن المحتاجين، ويضعنا أمام مسؤوليتنا تجاههم في المجتمع، بدل أن يتحولوا إلى عبء، أو إلى سبب من أسباب المراءاة أو المن أو المباهاة. وعلى كل منا تقديم ما أمكنه في دائرة تواصله مع الآخرين من الأقرباء والجيران والأصدقاء، وكذا تنظيم الإمكانات من خلال المؤسسات والجمعيات، فالفعل التضامني مع عوائل الشهداء والأسرى والجرحى ومع المحتاجين أوجد تحصيناً مهماً لمجتمعنا، وأثَّر في إبقاء الصلة ضمن دائرة الهدف الإسلامي الكبير. إنَّ التكافل الاجتماعي لا يقتصر على سد الحاجة المادية، بل يساهم في تماسك المجتمع وتحصينه من الانحراف تحت ضغط الحاجة وابتزاز المستكبرين وأعوانهم والمستغلين لحاجات الفقراء.