في لقاء خاص ووديِّ مع قيادة المقاومة، أجاب نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم على ثلاثة أسئلة مهمة، حدَّد من خلالها خط السير السياسي الداخلي في لبنان، وعبَّر مجدداً عن الالتزام بالمبادرة العربية وعن الخلفية التي تم التعاطي بها مع تلك المبادرة من قبل فريقي الموالاة والمعارضة خلال اللقاءات الرباعية، وكذلك تحدث عن نظرة الحزب لتأثير توافق الأطراف العربية وتحديداً السورية السعودية على الحل في لبنان، كذلك تحدث عن العلاقة المميزة بين سماحة السيد حسن نصر الله والرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما يجب أن تكون عليه العلاقة مع نجله النائب سعد الحريري في المرحلة المقبلة وبهدوئه ووقاره المعتاد صرَّح:
1-كيف ترى آلية تطبيق المبادرة العربية؟ ولماذا طرح مسألة التزامن بين بنودها الثلاث: رئاسة-حكومة-قانون انتخاب؟
نحن لم نفسر المبادرة العربية على مزاجنا، وإنما هي كذلك تعبر عن سلة متكاملة مؤلفة من بنود ثلاثة متزامنة انتخاب الرئيس التوافقي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية ليس فيها من يستأثر ولا من يعطل أي يتساوى فيها الأطراف في القدرة، وقانون انتخابات منصف وعادل، وبالتالي عندما انعقدت الجلسات الرباعية بين السيد عمر موسى والعماد ميشال عون والنائب سعد الحريري والرئيس أمين جميل، كان الخلاف على أن فريق السلطة يريد انجاز البند الأول بانتخاب الرئيس التوافقي وتأجيل البندين الآخرين إلى ما بعد رئيس الجمهورية، بل حصل تصريح واضح من الرئيس أمين جميل أنه لا يقبل بقانون انتخابات عام 1960، وأنه يريد الدوائر مفصلة ومتفاوتة، ما يجعل هذا القانون قانوناً لأشخاص وليس قانوناً لانتخابات نيابية عامة، بينما المعارضة تصر على السلة المتكاملة، وقبلت بمسألة حكومة الوحدة الوطنية بأحد خيارين:
الأول: ضمان دستورية المعارضة أن يكون لها إمَّا رأي في القضايا الأساسية التي تحدث عنها الدستور اللبناني، وهذا يعني أن يكون بيدها الثلث الضامن،
والثاني: وإمَّا أن يكون هناك ضمانة سياسية عندها نقبل بثلاث عشرات على أن يكون رئيس الجمهورية مراعياً لتفاهم الطرفين في القضايا الأساسية وهذه هي الضمانة الأساسية، لكن الموالاة لم يقبلوا وبالتالي هم الذين يعطلون الحل، وهل يعقل أن نقبل معهم بانتخاب رئيس الجمهورية ليأخذوا البلد بعد ذلك إلى حيث يشاؤون، نحن نفهم السيناريو الذي يريدونه وهو كالتالي: انتخاب رئيس جمهورية من دون اتفاق على النقاط الأخرى، ثم يذهبون إلى مشاورات حكومية من دون إعطاء الثلث الضامن أو أي ضمانات سياسية، ما يعني أن الأغلبية الحكومية ستكون معهم مفاصل الأساسية يضغطون على وزراء رئيس الجمهورية بعنوان عدم تعطيل البلد فيأخذون القرارات الإستراتيجية التي يريدونها ويلتزمون بالأجندة الأمريكية بما يتعلق بالمقاومة وسلاحها والمعاهدات التي تنشئ قواعد أمريكية في لبنان، وخطوات قد تؤدي إلى شرعنة التوطين، ثم يأتون إلى قانون الانتخابات فيفصلونه على مقاسهم بحيث يضمنون عودة الأغلبية لهم في الانتخابات القادمة، وإذا اختلفنا معهم يقولون: نحتكم إلى مجلس النواب، ومعلوم أن قانون الانتخابات يقر بالمجلس النيابي بالأغلبية ولديهم الأغلبية، إذاً ستؤدي خطواتهم إلى الإمساك برئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلس النواب القادم ما يعني إلغاء ومحاصرة لدور ورأي المعارضة بالكامل، وهذا ما يسهل كل الالتزامات التي أعطاها فريق السلطة للأمريكيين، عندها سنشهد وصاية أمريكية مقوننة على لبنان، نحن المعارضة لن نساعد في تسليم البلد إلى الأمريكيين ، ولذا ندعو إلى المشاركة والتفاهم وفق السلة الواحدة انسجاماً مع المبادرة العربية.
2- وزيرة الخارجية السوري وليد المعلم قال: أن الحل في لبنان هو بيد اللبنانيين ، لكنه أضاف بأنه يمكن لسوريا والسعودية دعم الحل ودعم جهود الأمين العام للجماعة العربية عمرو موسى، فإذا كان الأمر كذلك أي يتعلق بمصالحة سورية سعودية، فبالتالي فإن وضعنا مرهون بهذا الواقع وقد يأخذ شهوراً أو سنوات!!! هل توافق سماحتك على ذلك؟ وهل تعثَّر توافق معادلة س.س سيُحدِّث خضَّات أمنية في لبنان لتحويله إلى عراق ثان! خاصة أن صحف ألمانية ذكرت أن هناك خوفاً من اتخاذ تنظيم القاعدة من لبنان منصة للقيام بعملياته، أتوافق على هذا التخوف الألماني؟
لم يعد الحل في لبنان لبنانياً منذ أن تدخلت أمريكا وفرضت شروطها، والتحق بها بعض العرب، وبالتالي هناك حسابات أبعد من تشكيل حكومة في لبنان أو انتخاب رئيس، وهي تتعلق بالنفوذ الأمريكي ونفوذ عرب أمريكا في لبنان، وهذا ما جعل لبنان في مهب الرياح الدولية والعربية، نعم إذا اتخذت السعودية موقفاً مساعداً على المشاركة يمكن أن يشكل هذا الأمر مساهمة على طريق الحل، أمَّا مسألة الواقع الأمني في لبنان فهو غير مستقر كجزء من الواقع السياسي غير المستقر، ولا أحد يضمن المستغلين لهذا الوضع من أن يعبثوا به أو أن يقوموا بأعمال أمنية وتخريبية تضر بالبلد فالبلد مكشوف، وهناك مخابرات دولية وعربية وفئات مختلفة تطمح باستخدام الساحة اللبنانية، ولذا كنا دائماً ندعو إلى الحل السياسي لوضع حد لهؤلاء المستغلين لساحتنا.
نتائج اللقاءات السابقة بين السيد حسن نصر الله والرئيس الشهيد رفيق الحريري كانت دائماً ممتازة ومميزة عن طريق معادلة المقاومة عند الحدود والإعمار في الداخل، برأيك ألا تزال هذه المعادلة صالحة من جهة، أليس من الممكن عقد لقاءات مماثلة مع النائب سعد الحريري؟
اللقاءات والاتفاقات بين سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله والرئيس الشهيد رفيق الحريري كانت محل احترام ومتابعة وتطبيق، ولذا أخذت طابع التفاهم والاستمرار، فإن حصل حل سياسي وتم الالتزام من طرف النائب سعد الحريري بالآلية نفسها وبالمضمون نفسه الذي كان زمن والده، فلا شيء يمنع من أن تسير الأمور مجدداً كما كانت سابقاً، وعلى أساس الحل السياسي بين الموالاة والمعارضة، وهذا هو الضمانة لفعالية مثل هذه الحلول.
نحن نعتبر أن التفاهم بين اللبنانيين ضرورة، إذ لا يستطيع أن يأخذ لبنان إلى حيث يريد، وكلما تأجل التفاهم كلما دفع اللبنانيون الثمن دون فائدة، ولذا ندعو إلى إخراج الحل السياسي إلى النور، إذ يترتب عليه إنجازات تريح اللبنانيين وتمنع من استغلال بلدهم.