مقابلات

المقابلة التي أجرتها معه راديو الرياض في 18/3/2007 (النص الكامل)

- سمعنا أن حواراً يُجرى في هذه الأيام بين الأطياف اللبنانية المختلفة، هل هناك تباشير إلى إتفاق إن شاء الله؟

- سمعنا أن حواراً يُجرى في هذه الأيام بين الأطياف اللبنانية المختلفة، هل هناك تباشير إلى إتفاق إن شاء الله؟

نحن نأمل أن تنتج هذه اللقاءات الجارية حالياً نتيجة مرضية للجميع ، لأنه آن الأوان لأن نتفق في لبنان، وأن لا نبقيه محطة للتأثير الخارجي، وخاصة على المستوى الدولي، وبالتالي الخطوط المطروحة للمعالجة ليست معقدة، هي مسألة حكومة ومحكمة وانتخابات نيابية مبكرة، وهي أمور ثلاثة كدنا أن نصل إلى حافة الحل فيها، لكن يوجد بعض الأطراف الداخلية في لبنان التي لا تستفيد من هذه المعالجة، لكن لو كان هناك شجاعة وأقدمنا جميعاً وخاصة المعارضة وتيار المستقبل لاستطعنا أن نصل إلى الحل، نأمل خيراً ولكن علينا أن ننتظر.

- البعض يقول بأنه ليس هناك معارضة في لبنان بحكم أن المعارضة شريك في مجلس النواب، وأيضاً المعارضة منها رئيس الجمهورية فهو يُحسب على المعارضة، إذاً الشأن اللبناني متداخل بطريقة عجيبة لا يستطيع كل إنسان أن يفك رموزها؟

المعارضة عادة هي التي تعترض على السلطة الحاكمة، عندما يكون هناك معارضة في المجلس النيابي فهذا أمر طبيعي لأن ممثلي الشعب هم من أطياف مختلفة، منهم من هو في السلطة ومنهم من هو خارجها، وحزب الله وحركة أمل كانا في داخل السلطة لكن خرجا من الحكومة وبالتالي انضما إلى صفوف المعارضة الأخرى المسيحية والسنية والشيعية والدرزية أي لكل الأطياف الموجودة في لبنان، وإذا أردنا أن نعرف حجم المعارضة الحقيقي يمكننا أن نراجع التظاهرتين الضخمتين اللتين حصلتا في واحد كانون الأول و10 كانون الأول سنة 2006، حيث عبَّرت كل وسائل الإعلام عن وجود طوفان بشري لم يسبق للبنان أن حصلت فيه مثل هذه التظاهرة، مما يؤكد أن المعارضة موجودة لها مطالبها هي خارج السلطة، أمَّا موضوع رئاسة الجمهورية فهو منصب دستوري لا يُحسب إذا كان مؤيداً أو معارضاً للحكومة بأنه معارضة أو موالاة، نحن نتحدث عن قوى سياسية هي خارج الحكومة اليوم.

- نحن كمراقبين عرب نعرف الكثير من الأمور عمَّا يجري في لبنان، هناك نجاح باهر للمقاومة في حربها على إسرائيل، أو في حرب إسرائيل على لبنان، هناك نجاح باهر للحكومة وأقصد هنا نجاح سياسي، إذاً النجاح السياسي للحكومة والنجاح العسكري لحزب الله، لماذا لا يتوج في تشكيلة بانورامية ممكن أن تقود لبنان إلى بر الأمان؟

نحن لم نقل يوماً بأننا نريد أن نكون خارج الحكومة وخاصة بعد الانسحاب السوري من لبنان، ونحن كنا في أول مرة ندخل إلى الحكومة خلال هذه الحكومة الحالية والتي قبلها والتي جاءت بعد الانتخابات النيابية الجديدة، لكن عندما نجد أن الأغلبية تحاول أن تمارس حالة الاستفراد في داخل الحكومة، وتأخذ القرارات من دون أن تشاورنا، ولا تعطينا فرصة لمناقشة المقترحات المقدمة ونحن جزء لا يتجزأ بل ركن أساسي من الحكومة، من الطبيعي أن لا نبقى في الحكومة وهذا ما فعلناه عندما استقلنا، ونحن اليوم نقول: نحن حاضرون لأن نعود إلى الحكومة وأن تكون هناك مشاركة بيننا ، فكل ما نطالب به أن يكون لنا الثلث الضامن، وهذا يعني بالحسابات السياسية عندما يكون للمعارضة اليوم 45% من المجلس النيابي ولقوى السلطة 55% من المجلس النيابي ، فإذا طالبت المعارضة بالثلث وزيادة قليلاً أي زائد واحد، هذا لا يعني أنها تطالب بأكثر من حقها فهي تطالب بأقل من 45%، ولكن للأسف السلطة لا توافق، ونحن نخشى من هذه الحكومة أن تعطي التزامات سياسية بحق لبنان تُبطل مفاعيل انتصار المقاومة وتؤدي إلى التزامات سياسية لا يتحملها لبنان، نحن اليوم أعلنا ونعلن أننا حاضرون لأن نتشابك معاً وأن نكون في داخل الحكومة شرط أن نكون مشاركين لا مجرد شهود زور.

- سماحة الشيخ أنت أشرت إلى الثلث الضامن، والحكومة تشير إلى الثلث المعطِّل، بين الضامن والمعطل هم يقولون أنه ربما المعارضة تريد تعطيل بعض القرارات وخصوصاً المحكمة الدولية، ويقولون أن هناك أطراف إقليمية تتدخل في الشأن اللبناني، وبالتالي ربما تستفيد من علاقتها مع المقاومة في تعطيل هذه المحكمة، إلى مدى يمكن أن يكون هذا الرأي صحيحاً؟

عندما يكون هناك إثباتات عملية أننا نريد الثلث الضامن وليس الثلث المعطل، لا تنفع الاتهامات، وأنا سأخوض في اتهامين أساسيين:

الأول: أننا لا نريد المحكمة كما يقولون وهذا أمرٌ خاطئ، ونحن أعلنا الموافقة على مبدأ المحكمة، وقلنا في مؤتمر الحوار يوجد إجماع عند اللبنانيين في موضوع المحكمة، لكن توجد بنود تحتاج إلى نقاش، هم لم يقبلوا مناقشتنا لا منذ سنة عندما أقرت المحكمة، ولا في الفترة الأخيرة عندما اضطررنا أن نستقيل وأن نخرج من الحكومة ، لأنهم لم يعطونا فرصة لمناقشة النقاط وأرادوا أن يقروها كما هي، إذاً هم الذين يعطلون المناقشة.

ثانياً: قلنا لهم إن كنتم تخشون أن تحصل استقالة للحكومة خلال الفترة المتبقية لرئيس الجمهورية، ويحصل فراغ في البلد، فنحن حاضرون لإعطاء كل الضمانات المناسبة، وهنا في هذا المجال أقول لكم عندما زار وفد حزب الله المملكة العربية السعودية والتقى مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله تعهّد وفد حزب الله أمام الملك بالاستعداد لإعطاء كل الضمانات لكي لا يكون هناك أي تعطيل للحكومة، لكن إلى الآن هم لا يعطوننا فرصة، لا للنقاش ولا للتشكيل ويسوقون الاتهامات فقط، وإلاَّ ما هو دليلهم على أننا سنعطل؟

*- هل سمعوا منكم النقاط التي تفضلت وأشرت إليها التي قلت أنهم لن يدخلوا معنا في نقاش حولها؟

نحن لم نذكر لهم نقاط الاعتراض على المحكمة الدولية، لأننا اعتبرنا أن النقاش يجب أن يجري بطريقة قانونية من أجل أن نصل إلى نتيجة صحيحة وسليمة، لا نريد أن نناقش عبر وسائل الإعلام وندخل في المهاترات، قلنا لهم تعالوا نناقش المحكمة في لجنة مشركة ومباشرة عندما نقرها تتحول المحكمة إلى حكومة وحدة وطنية وفي جلسة واحدة وفي أول جلسة توافق حكومة الوحدة الوطنية على المحكمة ثم تحول مباشرة إلى أول جلسة مجلس نيابي وتكون أول نقطة تقر المحكمة الدولية، فإذا لم تصلوا معنا إلى اتفاق في هذا الأمر فلا تشكلوا حكومة وحدة وطنية، أعتقد أن هذا التنازل وهذه الضمانات كافية من أجل أن تسير العجلة، لكن نحن نعتقد أن الضغوطات الأمريكية كبيرة جداً وهم الذين يقفون عائق إضافة إلى بعض القوى الصغيرة غير الفاعلة الموجودة في جماعة السلطة التي لا تستفيد من الاتفاق.

*- هناك فريق 14 آذار وفريق 8 آذار ونحن نسير في شوارع بيروت ونرى فريق 11 آذار الذي لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، هؤلاء يقولون أن حزب الله حقَّق انتصار ومكسب في الحرب يفترض أن يحافظ على هذا المكسب من خلال مثلاً علاقته بالحكومة أو بالمواطن الذي تضرر من الاعتصام، ألا تعتقد أن هذا الاعتصام ومن يلوّح من الأطراف الأخرى غير حزب الله بالعصيان المدني سيؤثر على الاقتصاد اللبناني وبالنهاية كلكم لبنانيون سواءٍ كنتم معارضة أو حكومة؟

عندما حصل الانتصار الكبير في مواجهة العدوان الإسرائيلي كان يفترض أن يكرَّم حزب الله من قبل قوى السلطة، ومن المفروض أن نستثمر هذا الانتصار خاصة أننا نجد التداعيات اليومية تتالى في الواقع الإسرائيلي وفي كل يوم فضيحة جديدة مما يدل أن الخسارة عميقة جداً في الكيان الإسرائيلي، لكن فوجئنا أنهم هنا قوى السلطة يحاولون أن يضيقوا علينا وأن يلتزموا التزامات معينة وأن يمرروا المحكمة بطريقة سياسية من دون نقاشها حتى تكون محكمة جنائية تقاضي المعتدي، ويرفضون المشاركة في تركيبة الحكومة، إذاً نحن نواجه معضلة من الطرف الآخر الذي حاول أن يثير قضايا كان يفترض أن تكون محلولة ومعالجة. أمَّا مسألة الاعتصام فهو تعبير حضاري سلمي طبيعي، نحن لا نقوم بإضرار أحد وإنما ننزل إلى الشارع لنصرخ لنقول أنه يوجد مأزق ويوجد مشكلة في البلد، ومع ذلك هم لا يعترفون بهذه المشكلة، هل يعقل أن تستقيل طائفة بكاملها وهي واحدة من الطوائف الثلاث الكبرى، حيث يقول الدستور اللبناني في مقدمته أن أي حكومة تخالف العيش المشترك بتمثيل كل الطوائف تكون حكومة لا شرعية، مع ذلك هم يحاولون الاستمرار بعقد جلسات حكومة لا شرعية بحسب الدستور ويأخذون قرارات بدل أن يعالجوا المشكلة فيدخلوا عناصر جديدة أو أن يتفاهموا معنا على الحل، إذاً هم الذين أخذوا البلد إلى مأزق، اليوم كل المعالجات تتطلب حكومة ، أي حكومة تستطيع أن تعالج إذا لم تجمع جميع الأطراف، نحن نقول لهم: لماذا لا تقبلوننا شركاء لنحمل مسائل لبنان معاً هم الذين يعترضون، لذا نحن نعتبر أن أي سلبيات اقتصادية أو اجتماعية أو انحدار في المداخيل أو تعطيل مصالح الناس تتحمل مسؤوليتها هذه الحكومة اللاشرعية فضلاً عن قصة يعرفها الجميع أن الدول العربية وعلى رأسها المملكة السعودية قدَّمت مساعدات للمتضررين إلى الآن هذه المساعدات لم تصل إلى أصحابها، هذه كلها من المشاكل التي نحتاج إلى أن نعالجها في حكومة واحدة، إذاً الحكومة الحالية اللاشرعية هي سبب المأزق وليس الاعتصام، الاعتصام تعبير عن تظهير الأزمة من أجل المعالجة.

*- سماحة الشيخ تعلم أن الإسرائيليين لا يقولون كلاماً جزافاً أولمرت صرَّح قبل أيام أن الحرب كانت مبيتة على لبنان قبل قيام حزب الله بقتل وأسر الجنود، الآن وقبل فترة سمعنا أن إسرائيل تريد أن تعيد هيبتها وهيبة جيشها الذي انكسر في هذه الحرب، ألا تتوجسون خيفة من إسرائيل من أن تقوم بين لحظة وأخرى بعملٍ ما قريباً أو بعيداً أو لنقل على المدى القريب لكي تلمع صورتها قبل أن تغادر هذه الحكومة الإسرائيلية؟

نحن الذين نقول دائماً يا جماعة إسرائيل خطر لا زال موجوداً على الرغم من الانكسار الذي حصل، فإنَّ إسرائيل ستفكر دائماً بالاعتداء على لبنان، نعم استبعد أن يحصل الاعتداء قريباً لكن في يوم من الأيام في المستقبل هل يمكن أن يحصل هذا الاعتداء أم لا ؟ هذا دائماً يدخل في دائرة التوقعات، لا نعلم ما هي الخطط الإسرائيلية في المنطقة وكيف يمكن أن تعمل، لذا كنا نقول أيضاً يجب أن تبقى المقاومة على جهوزيتها واستعدادها ، ويجب أن نلتف جميعاً حولها وأن نساعدها وأن ندعمها حتى لا تتجرأ إسرائيل في أن تقوم بعمل عدواني، لأنه لولا المقاومة لوصلت إسرائيل إلى بيروت إلى العاصمة كما حصل سنة 1982، وبالتالي لكنا في وضع مأساوي على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أمَّا اليوم استطعنا أن نشكل ردعاً لإسرائيل ، علينا أن نتابع هذا الأمر وأن نلتفت إلى أننا أمام خطر إسرائيلي ليس على لبنان فقط وإنما على الأمة العربية والإسلامية بأسرها.

*- بالنسبة لسلاح حزب الله ، بين الحين والآخر نسمع نغمة نزع سلاح حزب الله ولا يقولون حزب الله وإنما يقولون المقاومة ولذا يكون أشمل، ما موقفكم من نزع السلاح؟

نزع سلاح المقاومة غير مطروح على المستوى السياسي، وإنما يصدر في فلتات من تصريحات بعض المهجوسين بهذا السلاح، والذين يرغبون تحقيق انتصارات هم ليسوا أهلاً لها، أمَّا القيادات السياسية الأساسية في البلد فهم جميعاً يعتبرون من الموالاة والمعارضة أن مسألة السلاح مسألة داخلية تُناقش لاحقاً بعد أن ننتهي من قضايانا الحارة التي نعيشها ، وبعد أن نؤسس لإستراتيجية دفاعية، وبالتالي ليس هناك موضوع للبحث اسمه سلاح المقاومة في هذه الحالة، هي قضية مؤجلة حتى على مستوى النقاش.

- بالنسبة لكم أو في لبنان؟

لا، في لبنان ، الموضوع مؤجل على قاعدة أن هناك مسائل حارة أكثر نريد ترتيب وضعنا الداخلي في البداية ، أن نتفاهم على المسألة السياسية ، أن نرى كيف نواجه هذا العدو الإسرائيلي الذي يستمر بالعدوان على لبنان، ولمعلوماتكم إلى الآن الخروقات الجوية الإسرائيلية لم تتوقف ، إخواننا في المقاومة أجروا إحصاء فتبيَّن أن يوجد معدل يومي 5 طلعات جوية اختراق للأجواء اللبنانية منذ وقف الأعمال العدائية في 14 آب 2006، ومع ذلك لا نرى مجلس الأمن ولا نرى الآخرين يحملون إسرائيل مسؤولية أو يضعون حداً لاعتداءاتها، إذاً كيف نتصرف أمام هذه الاعتداءات.

*- والقوات الدولية سماحة الشيخ الموجودة في الجنوب ما دورها أمام هذه الخروقات؟

القوات الدولية إلى الآن تسجل الخروقات أو بعض هذه الخروقات وترفعها بتقارير إلى مجلس الأمن، لكن لا يوجد إجراءات عملية لمنع هذه الخروقات، هم يقولون أن مهمتنا تتوقف عند هذا الحد، وبالتالي لا يوجد من يقول لإسرائيل عملياً ممنوع أو أن يواجه إسرائيل، وبالتالي هذا يجعل المقاومة ضرورية ، وتجهيزها واستعدادها ضروري لأننا لا نعلم متى يكون هناك اعتداء إسرائيلي.

*- التقارير التي أشرت إليها التي ترفعها القوات الدولية إلى مجلس الأمن، نعلم أن مجلس الأمن أصدر قرارات كثيرة ضد إسرائيل ولكنها لم تلتزم بها، بما معناه أنها تُرفع إلى فراغ؟

أنا موافق معك، مجلس الأمن يعمل بمعيارين، عندما يكون الأمر مرتبطاً بإسرائيل سواء على الساحة الفلسطينية أو اللبنانية أو السورية أو العربية بشكل العام، فإن القرار يبقى في الأدراج ولا يكون له لا ناظر ولا محرِّك ولا تقارير كل ثلاثة أشهر أو كل فترة من الزمن، بينما عندما يكون القرار لمصلحة إسرائيل أو ضد العرب بشكل عام فنرى أن مجلس الأمن يضع له ناظراً وتقارير متتالية وضغوطات من كل حدبٍ وصوب ومؤاخذات على التفاصيل الصغيرة من أجل خدمة إسرائيل، هذه ازدواجية المعايير هي التي جعلت مجلس الأمن مجلس منحازاً لا يستطيع أن ينجز السلام العالمي كما يجب.

- بعض المصادر تحدثت عن مشاركة للقاعدة أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان ، ما حقيقة هذه الأمور؟

ليس هناك مشاركة لأي جهة غير لبنانية وغير المقاومة في عملية الدفاع والمواجهة لإسرائيل، وليس صحيحاً أن القاعدة شاركت في هذه العمليات ، فهي غير موجودة في مناطق التماس ، وبالتالي لم يكن لها مشاركة في العمليات ضد إسرائيل.

- بالنسبة لمزارع شبعا ، ما هي آخر الأخبار التي تتعلق بهذه الإشكالية التي تتعلق بينكم وبين العدو الإسرائيلي؟

مزارع شبعا معلقة، وإسرائيل لا تستغنِ عنها ، والقرار 1701 كلَّف الأمين العام للأمم المتحدة أن يضع تقريراً ومشروعاً لمعالجة مشكلة المزارع بانسحاب إسرائيل لأنها ليست لها، ولكن حتى الآن لم نسمع أي تقدم في هذا الموضوع، بل حتى تحريك هذا الأمر على مستوى الأمم المتحدة هو بطيء جداً وليس لها فعالية، وإسرائيل دائماً تصرِّح بأنها متمسكة بمزارع شبعا، لذا أستطيع القول أن احتلال مزارع شبعا لا زال موجوداً ولا زالت إسرائيل متمسكة به.

*- كانت هناك قمة سعودية إيرانية جمعت بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس الإيراني وخرجت مجموعة توصيات ومنها نبذ الطائفية والمذهبية، أنتم تعلمون أن هناك أطراف تغذي هذه الناحية، كيف يمكن لنا أن نلم الصف ونُبعد هذه المناحرات بين المذاهب؟

استبشرنا خيراً بالقمة السعودية الإيرانية، واعتبرنا أن ما خرجت به من رفض المشاكل المذهبية وإثارة النعرات بين السنة والشيعة وبين المسلمين عموماً وبين جميع المواطنين في هذه المنطقة هو أمرٌ إيجابي جداً، ونحن نعلم أن دعاة الفتنة لا يعيشون إلاَّ على أساسها، وأن هناك مخططات لإثارة ما يُسمى بالهلال الشيعي في الوسط السني من أجل إخافة الشيعة من السنة والسنة من الشيعة في الوقت الذي يتعايش فيه الطرفان بشكل عادي وطبيعي وهناك مواطنون في البلدان لا يميزون بين مذهب وآخر وإنما يرتبطون بمواطنيتهم، وبالتالي هم مسؤولون جميعاً في أن يرفدوا وطنهم بما يساعده على الازدهار ومواجهة الأعداء، علينا أن نتكاتف وأن نحرص دائماً لنكشف دعاة الفتنة ونمنعهم أن يدخلوا بيننا وأن نواجههم بكل أشكال المواجهة لأن لا خيار أمامنا إلاَّ أن نكون متماسكين لأن قضايانا تتطلب منّا أن نكون موحدين فضلاً عن أن ديننا يدعونا إلى الوحدة وإلى التعاون "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون"، وبالتالي هذه مسؤولية شرعية على الجميع.

- هذا ما يقوله الكبار أمثال سماحتكم وأمثال قادة الرأي في الوطن العربي من سنة وشيعة، ولكن لماذا لا يكون هناك آلية تفعِّل مثل هذا التوجه للقاعدة الشعبية التي نرى أن وسائل الإعلام تحاول أن تغذي هذه الناحية، لماذا لا يكون هناك آلية لتفعيل هذا الفكر الذي أشرت له؟

نحن حاضرون لأي آلية تُقترح من أجل تفعيل التلاقي والتعاون السني الشيعي، وأبشركم أننا في لبنان قمنا بمجموعة من الإجراءات التي نفَّست الاحتقان وأجواء البلبلة والفتنة التي حاول البعض إثارتها، ومنذ أسبوع تقريباً اجتمع عدد كبير من علماء السنة والشيعة في مدينة بعلبك عند الشيعة ثم ذهبوا إلى عنجر في الأزهر عند السنة وخطبوا خطباً وكان هناك جماهير حاضرة لتأكيد الوحدة، كذلك في منطقة الجنوب في مدينة صور حصل اجتماع كبير بين مشايخ من السنة ومشايخ من الشيعة، ونحن لنا تواصل دائم عبر تجمع العلماء المسلمين وفي علاقاتنا مع المفتي ومع كل الجهات الإسلامية الموجودة، نحن نعتقد أن فكرة الفتنة السنية الشيعية ابتعدت في الفترة الأخيرة في لبنان في مقابل التسعير الذي كان لها قبل حوالي الشهر تقريباً وهذا بحكمة القيادات الدينية والسياسية التي نعتقد أنها حريصة جداً على عدم وجود الفتنة، هذه بعض الإجراءات ، نعم المطلوب أن تكون إجراءات أخرى إن شاء الله تعالى نتعاون عليها نحن هنا في لبنان أو في المنطقة العربية والإسلامية بشكل عام.

- هذه بداية طيبة تسجل للسنة وللشيعة في لبنان بشكل عام، ولكن ما يؤلم لبنان يؤلم العراق يؤلم المملكة العربية السعودية يؤلم كل البلدان العربية والإسلامية، ما يحدث في العراق هو مأساة، هناك من يغطي طرف على آخر وربما يفتعل باسم ذلك الطرف أو ذاك، ما تقولون لهؤلاء؟

في الواقع ما يجري في العراق هو مأساة بل كارثة، لأن العراق الذي كان نبض المنطقة العربية والإسلامية، ويتمتع بالأصالة ومنه الفكر والعطاءات والحضارة ومنه التغذية للمنطقة بأسرها يصل إلى حالة من التقاتل المذهبي الذي تغذيه أطراف خبيثة ولئيمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي تدَّعي أنها ترعى باحتلالها الوضع العراقي، لأن هي التي تمد الأطراف بمحاولة الفتن المتنقلة، نحن نعتبر أن هذه كارثة كبرى من يقتل من الشيعة أطفال ومشايخ ورجال السنة، ومن يقتل من السنة أطفال ومشايخ ومساجد وأماكن عامة عند الشيعة ليسوا هؤلاء من السنة ومن الشيعة في شيء لأن إسلامنا يأمرنا بالرحمة، المسلم للمسلم حرام دمه وماله وعرضه، وبالتالي إذا كان رسول الله(ص) يأمرنا بأن نتكاتف مع بعضنا فكيف يكون هناك قتل واعتداء على الأطفال وعلى المدنيين ببشاعة فائقة، لا يوجد أي مبرر لهذا العمل مهما كانت الأدلة ، المبرر الوحيد هو أن نذهب ونتفاهم ونتعاون مع بعضنا بعضا، نحن نشد أيدينا على أيدي أصحاب العلم والرأي والإيمان من العراقيين الذين ينبذون الفتنة السنية الشيعية من الطرفين لمحاولة الوصول إلى حلول، وأعتقد أن الدول المجاورة بإمكانها أن تلعب دوراً مهماً لمساعدة العراقيين في هذا الشأن، ولكن بكل وضوح من يقتل بريئاً لا علاقة له لا بالسنة ولا بالشيعة.

- سماحة الشيخ، ونحن على بوابة القمة العربية في الرياض، ما الرسالة التي توجهها إلى الزعماء العرب المجتمعين في هذه القمة؟

المشاكل الموجودة في المنطقة العربية واضحة وجلية وعلى رأسها ثلاثة عناوين مباشرة ، فلسطين والعراق ولبنان، وكذلك هناك قضية مركزية اسمها التعاون العربي لما فيه مصلحة هذه البلدان المختلفة لأن مشاكلها متشابهة وأعداءها متشابهون، وقضاياها المستقبلية متشابهة، وثقافة ناسها بكل أطيافها متشابهة، أنا أتمنى أن تتمكن القمة العربية ولو أن تخطو خطوة واحدة تجاه هذه القضايا الثلاثة وتجاه هذه القضية المشتركة التي لها علاقة بالتعاون، وأن تخرج القمة من إطار الشكليات والبيانات التي لا تطبيق ولا فعالية لها كي لا يُسجل أنه أقيمت دورة جديدة للجامعة العربية من دون فعالية ومن دون أثر، لا أخفي أن اليأس أصبح موجوداً في الواقع العربي من فاعلية الجامعة العربية، ولكن إذا استطاعت هذه القمة أن تنجز ولو خطوة باتجاه حلحلة بعض الأمور أو توحيد الرأي ولكن ببرامج عملية واضحة باتجاه الحل فستكون خطوة جيدة، نحن ندعو لهم بالتوفيق ولكن العبرة فيما سيصدر عن هذه القمة.