وذلك بحضور مدير عام تلفزيون المنار النائب السابق الحاج عبد الله قصير والنائب حسن فضل الله ورئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ ومساهمي المجموعة اللبنانية للإعلام (إذاعة النور- المنار).
ومما جاء فيها:
... نحن في حالة مواجهة وهذه المواجهة لا أنظر إليها مواجهة سياسية، هذه المواجهة هي مواجهة قيمية وليست سياسية، توجد قيم غربية يريدون فرضها على منطقتنا، في مقابل قيم في منطقتنا تأبى إلاَّ أن يكون الإنسان عزيزاً ومستقلاً فهم لا يريدون ذلك، كل الشعارات التي يطرحها الغرب اليوم هي في الميزان وبدأت تتداعى واحدة تلو الأخرى، هم تحدثوا عن أن ميزتهم حرية التعبير والرأي، إذاً لماذا يمنعون تلفزيون المنار من حرية التعبير والرأي، هم قالوا أنهم مع حقوق الإنسان أين حقوق الإنسان في فلسطين عندما يقتل الأطفال والنساء في فلسطين والعالم يقف إلى جانب إسرائيل ويبرر لها جرائمها، أين هو الاستقلال الذي يريدونه لشعوب العالم، فإذا بحث أي بلد عن استقلاله تراهم يتدخلون تحت عنوان مصالح أمريكا، ومصالح دافع الضرائب الأمريكي، وكأن كل البلدان في العالم هي مزارع بالنسبة إليهم، وكأننا بشرٌ من جنس ثاني أو ثالث نخدمهم ونعمل من أجلهم.
نحن تعلمنا من قيَّمنا أن نبقى مرفوعي الرأس، وبالتالي سنعمل بكل جهد لنبقى صابرين صامدين مهما كانت التحديات ، وبالنسبة إلينا كلما اشتد الضغط كلما تجوهرت مكانتنا أكثر، وستثبت الأيام أن مقاومتنا ليست مقاومة مرحلة، وليست مقاومة احتلال آنِ ، هي مقاومة كل المراحل وكل الاحتلال : الثقافية والسياسية والاجتماعية فضلاً عن الاحتلال الجغرافي ليتحرر الإنسان من رجسهم ومن ضغطهم كي نعيش كرامتنا التي أرادها الله تعالى لنا على أرضنا وفي بلدنا وبين أهلنا وأحبتنا، هذا هو الموقف.
نجد أن أمريكا تتصرف بطريقة معادية تماماً لمصلحة لبنان، وأتحدى أن يأتيني أحد من السياسيين (المتفزلكين) ليعطي دليلاً واحداً على أن أمريكا تقف إلى جانب لبنان، كل الدلائل تشير أن أمريكا تستنزف لبنان وتسبب الأضرار المتتالية للبنان، وما العدوان الإسرائيلي الكبير على لبنان ببعيد، وهو من إنتاج أمريكا وتنفيذ إسرائيل، ويكفي هذا العدوان وحده ليبين حجم الإرهاب الدولي الأمريكي والإجرام بحق لبنان وبحق الإنسانية في منطقتنا والعالم، فكيف إذا راجعنا تصريحات رايس التي قالت أثناء العدوان : بأنه آلام مخاض ولادة شرق أوسط جديد، مع ذلك أنهم يريدون لبنان ساحة ولا يريدونه دولة، ويريدون لبنان معبراً ومطية لمشاريعهم ولا يريدونه قائماً بذاته لأبنائه، وبالتالي من يحاول اليوم أن يروِّج لأمريكا أو أن يحببنا بأمريكا نقول له: الأحضان الأمريكية المفتوحة ليست للحنان وإنما هي للضم والاستيعاب والخنق والإلغاء، وبالتالي هي أحضان مشبوهة ومحاولة يائسة لإيجاد الألفة بين اللبنانيين وأمريكا تحت عنوان حرص أمريكا الكبير على الاستحقاق الرئاسي، لكن أمريكا حريصة على أن تأتي برئيس لها لا أن تأتي برئيس للبنان، وهي بالتالي لا يمكن أن تكون مألوفة عندنا كلبنانيين، وأتمنى لو يجري أحد مراكز الاستطلاع عن نظرة الشعب اللبناني لأمريكا فسيجد أن الأغلبية الساحقة لا تُطيق هذه الإدارة الأمريكية ولا أداء أمريكا الذي يعمل ضد لبنان وضد مصلحة لبنان.
هؤلاء الذين يريدون إقناعنا بأن أمريكا تعمل لمصلحتنا نقول لهم : فتشوا عن شيء غير واضح للناس، واليوم إذا سألنا الطفل في البيت ما رأيك بأمريكا سيقول بأنها عدوة لبنان من خلال أداء هذه الإدارة بشكل مباشر.
أمَّا إسرائيل فهي المصيبة الكبرى في منطقتنا، هي ليست محتلة لفلسطين فقط، هي محتلة لأراضي لبنانية وسوريا وهي محتلة للإرادة العربية، وهي محتلة للمستقبل الذي نريد أن نصنعه، وبالتالي نحن بحاجة أن تتظافر جهودنا من أجل إيقاف هذا الاحتلال وتحرير الأرض والإرادة في آنٍ معاً، ولا أخفيكم أني استغرب كثيراً عندما سمعت أصواتاً مستنكرة باتهام إسرائيل بالجرائم في لبنان، ولو كمتهم من المتهمين طالما أن لجنة التحقيق الدولية لم تصل بعد إلى اتهام نهائي، بل لم يصل القضاء الدولي إلى تجريم نهائي، وهل تُعتبر إسرائيل صديقة للبنان حتى يكون هذا الدفاع المستميت، وهل أصيب البعض بآلام ومرارات لأنه يخشى أن تتجه البوصلة إلى إسرائيل! سنعمل ليل نهار لتبقى بوصلة المقاومة إسرائيل وإسرائيل الأساس، وبالتالي لن يصرفنا أحد عن النظر إليها كعدو من المفروض أن يكون خبزنا اليومي إدانة الاعتداءات الإسرائيلية التي هي اعتداءات يومية ليس بالوجود فقط وإنما بالطلعات الجوية وانتهاك الأراضي اللبنانية بهذه الطلعات، فإسرائيل عدو ويجب أن نتعامل معها على هذا الأساس، نعم يمكن أن نفهم أن هذه الحملة المضادة ضد اتهام إسرائيل إنما هي في مناخ التهيئة للقاء الدولي الذي رفض أولمرت أن يسميه مؤتمراً على قاعدة أن هذا اللقاء لا يهدف إلى حل القضية الفلسطينية لأنها تحتاج في أحد تصاريحه إلى عشرين أو ثلاثين سنة للحديث عن الوضع النهائي، وفي تصريحٍ حديث تحتاج إلى وقتٍ طويلٍ جداً، معنى ذلك أنه لا يريد أن يدخل في حساب السنوات لأن السنوات عاجزة عن أن تُلبي ما يريده من توقيت زمني.
هذا اللقاء الدولي هو لإنقاذ إسرائيل وإعادة الاعتبار لها، وفتح أبواب التطبيع مجاناً وغسل بعض نتائج الهزيمة المرَّة لإسرائيل في عدوان تموز، وليس فيه لا لمصلحة العرب ولا لمصلحة الفلسطينيين، هذا اللقاء الدولي هو حاجة إسرائيلية بالدرجة الأولى وأمريكية بالدرجة الثانية، لأنَّ أمريكا أيضاً تريد أن تصرف الأنظار لتقول بأنها تسعى لتحل القضية الفلسطينية حتى تجر العالم إلى مشاكل أخرى في المنطقة لحساباتها.
نحن اليوم أمام طريق وحيد متاح للحل ، وهو التوافق على الرئيس وفق قاعدتين: الأولى احترام الدستور بنصاب الثلثين ، والثانية الالتزام بالمهلة الزمنية المحددة، وهذا الطريق الوحيد المتاح يستند إلى مقوِّم رئيس وهو التوافق، فإذا لم يحصل التوافق لن يكون هناك اجتماع لمجلس النواب بالثلثين لأن المعارضة لن تقبل بأن تعطي فرصة أن تأتي برئيس كما تريد، وبما أن الصلاحية الديمقراطية تسمح بأن يعبر الإنسان بأساليب مختلفة، فالمعارضة ستعبر عند عدم التوافق بعدم الحضور في جلسات الانتخاب، يعني أن الثلثين لن ينعقد كنصاب، فإذا أرادوا البحث عن حلٍ آخر نحن نقول لهم : حاضرون لأي حلٍ تريدونه وفق الدستور، ولو استلزم الأمر إجراء تعديلات في الدستور تتناسب مع المسألة الرئاسية، أمَّا كيف، فهذه فرصة أمامكم اختاروا ما تريدون أي طريق لنقول لكم بأننا منفتحون على كل الحلول، لكن أن يأتي البعض ويقول : المهلة الدستورية مقدسة وبالتالي سنجري الانتخابات كيفما كان، نحن نقول له: لن تكون هذه انتخابات ، وإنما ستكون شيئاً آخر (وسمِيها) ما تريد لكنها ليست انتخاب لرئيس الجمهورية، وقد لفتني تصاريح بعضهم عندما اعتبروا أن التخوف من مثل هذا الانتخاب ليس مبرراً، والسبب في ذلك أن أحداثاً أخرى جرت في السابق وقال البعض أنه يمكن أن تحصل أخطار ومشاكل ولم يحصل، إذاً يمكن أن يُقدم على هذا العمل المخالف للدستور ولن يحصل شيئاً، هنا نقول لهؤلاء المراهنة بأن الانتخابات الرئاسية كيفما كان تمر مرور الكرام وتفرضون أمراً واقعاً هو وهمٌ كبيرٌ تعيشونه، أعيدوا حساباتكم جيداً، وتحملوا مسؤولياتكم لأن الناس ستطالبكم أنتم بكل النتائج التي ستنتج عن تصرفكم البعيد عن الدستور، هذه الانتخابات الرئاسية ليست كما سبقها لأن ما سبقها أبقى على بعض الحدود والضوابط أمَّا مثل هذه الانتخابات تكونون من خلالها قد خرجتم على كل حدود الضوابط عندما لا بدَّ أن نحمي لبنان.