ومما جاء فيها:
كان لعدوان تموز 2006 هدف واحد واضح ومعلن، اسمه إلغاء وجود المقاومة الإسلامية بتدميرها بالكامل، وبالتالي لم يكن هدف عدوان تموز لا تحرير الأسيرين كما يقولون ولا تسجيل نقطة في مقابل نقطة، وإنما كانوا يعتبرون أنها فرصة مؤاتية من أجل القضاء على حزب الله.
وهذا الهدف منطلق من مشروع إسرائيلي يستهدف تثبيت وجود الدولة العنصرية الصهيونية في منطقة فلسطين تمهيداً لتمد يدها على كل المنطقة العربية والإسلامية للسيطرة على سياساتها ومنابع نفطها وإمكاناتها وقدراتها لتقود إسرائيل المنطقة وتستثمرها وتمد جسراً إلى الغرب ليأخذ الغرب وأمريكا حاجاتهم ومتطلباتهم بهذه الفزاعة الإسرائيلية في مواجهة هذه المنطقة.
كل ما يعيق هذا الهدف ستقف أمريكا ومجلس الأمن والدول الكبرى لمواجهته، الوحيد الذي تبيَّن أنه يعيق الهدف في هذه المنطقة هو المقاومة، سواءً أكانت إسلامية أو وطنية أو فلسطينية أو أي شكل من أشكال المقاومة لإسرائيل، والحل من وجهة نظرهم هو القضاء على هذه المقاومة أينما وجدت لتسهيل استمرار واستقرار المشروع الصهيوني.
بكل صراحة كان نجاح حزب الله في مواجهة إسرائيل أمراً مذهلاً ومفاجئاً للعالم، لم يكونوا يتصورون بأن مجموعة قليلة وبإمكانات متواضعة تستطيع أن تقلب المعادلة في المنطقة، والنصر الذي حصل في تموز غيَّر المعادلة في المنطقة وأوجد توازنات جديدة وأسَّس لمرحلة مختلفة عن المرحلة السابقة، وبالتالي أصبح بإمكاننا أن نستشرف مستقبلاً يختلف تماماً عما كان موجوداً قبل عدوان تموز 2006.
لم يستوعب المستكبرون أن المقاومة تحولت من مشروع إلى خيار ثابت كحلٍ وبديل في المنطقة. فكان المطلوب إنهاء حزب الله والمقاومة، فثبَّتت حرب تموز حزب الله وأصبح مشروعاً قادراً على الحياة وعلى ضخ روح المقاومة في المنطقة بحيث أنهم أصبحوا أمام معادلة جديدة اسمها قوة المقاومة ومشروعها العزيز.
لذلك نرفض من قال أنه في تموز هزمنا إسرائيل في معركة، لا، هذه أقل النتائج ففي تموز هزمنا مشروع الانهزام ، وهزمنا حالة الإحباط، وهزمنا حالة الرعب التي كان يعيشها الناس من إسرائيل، وهزمنا الجيش الذي لا يقهر، هزمنا المعنويات والثقافة، وهزمنا الاتجاه، وانتصرت المقاومة بكل مفاعيلها الثقافية والعسكرية والأخلاقية وتأسيسها للمستقل، هذا أمرٌ عظيم وهذا تحول كبير.
لذلك لم تعد المقاومة خيار من الخيارات في عملية المواجهة، بل أصبحت المقاومة خياراً لا يمكن التخلي عنه ولا يمكن التنازل عنه أو المساومة بأي شكل من الأشكال، هذه المقاومة التي وصلت إلى هذا المقام سندافع عنها بالغالي والثمين مهما كلفتنا لأنها الكرامة والعزة ومستقبل أجيالنا، وليست مجرد عمل عسكري أو مواجهة في معركة بل هي المشروع الذي يبقينا مرفوعي الروؤس في لبنان وفي المنطقة، ولذا لا يفكرن أحد بأن بإمكانه أن يتحدث عن إنهاء المقاومة ، فهذا موضوع انتهى وكلمة من الماضي .
المقاومة حياتنا وحياة لبنان بالتجربة والبرهان، وعندما تعلن إسرائيل بأنها تريد إنهاء المقاومة أقولها بكل صراحة: كل من يزعم كما تزعم إسرائيل فهو جزء من المشروع الإسرائيلي اتخذ قراراً بذلك أم لم يتخذ. هذا الموضوع لم يعد قابلاً للمساومة ولم يعد قابلاً لأن نتحدث عن فائدة المقاومة أو عدم فائدتها.
اليوم لبنان قوي ببركة المقاومة، اليوم لبنان يرفع رأسه عالياً ببركة المقاومة، لبنان حرَّر أرضه ببركة المقاومة وهذا التلاحم بين المقاومة والجيش والشعب، كيف نتخلى عن سبب انتصارنا وعزتنا وكرامتنا؟
أما بالنسبة للقرار الظني الذي يتهم حزب الله بأنَّه قتل الرئيس الحريري، هذا القرار الظني عن المحكمة التي يتهم حزب الله هو حلقة من سلسلة تستهدف إضعاف وضرب مشروع المقاومة، هذه سلسلة مرَّت بفتنة ما بعد اغتيال الرئيس الحريري والقرار الدولي 1559 وانقلب البلد رأساً على عقب حوالى الأربع سنوات تقريباً ولم تنجح، هذه السلسلة هي التي أنتجت عدوان إسرائيل في تموز 2006 بقرار دولي على لبنان وفشل هذا العدوان، اليوم يفكرون بالقرار الظني لاتهام حزب الله علَّهم يصلون إلى إضعاف الحزب حسب وجهة نظرهم وبالتالي يكون جزءاً من سلسلة إضعاف المقاومة.
هذا القرار الظني هو مشروع فتنة، وهذه الفتنة يصنعها من يتهمنا ومن يضعنا في هذا الموقف زوراً وعدواناً، ونحن عندما نرفع الصوت إنما نرفعه محذرين من الوقوع في الفتنة ومساعدة الآخرين على تجنبها، لا يقال أن صوتنا هو الذي أوصل إلى الفتنة التي نحذر منها، فصاحب هذا المشروع هو صاحب فتنة، ولمن يقول انتظروا؟ كل المعلومات المباشرة وغير المباشرة، وهذا الضخ الإعلامي المستند إلى المحكمة والدول الكبرى وإسرائيل وبعض من في الداخل تبيَّن التصميم على القرار الظني الاتهامي، لم يبقَ إلا النطق الرسمي بالقرار، فهل المطلوب أن ننتظر ليأتي إلينا! ومتى أصبح الدفاع عن النفس مستنكراً؟ ليعلم الجميع: حزب الله ليس مكسر عصا، ولن يكون طريق العبور لمشاريع الصهاينة التي ستتحطم بإذن الله تعالى ببركة المجاهدين.
ويقولون ادلوا بآرائكم في المحكمة ودافعوا عن أنفسكم لديها؟ وهل المسار المعتمد يؤدي إلى الإنصاف والعدل فما بُني على باطل وشهود الزور لا يمكن أن يوصل إلى الحقيقة.