مقابلات

لا قدرة لإسرائيل على شن حرب جديدة ولو فعلت فنحن متفوقون عليها / المقابلة التي أجرتها معه صحيفة السفير في 15/8/2011

الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية.. ونقطة على السطر. نقول للمراهنين على متغيرات سورية لإضعاف المقاومة.. لا تضيعوا وقتكم

مرّ، امس، يوم 14 آب، ذكرى انتصار لبنان ومقاومته في حرب تموز على العدوان الاسرائيلي في العام 2006. الذكرى كانت وما زالت وستبقى طويلا محفورة في الوجدان اللبناني والعربي والاسلامي، مثلما ستظل الهزيمة تؤرق العدو الذي لم يتمكن بعد خمس سنوات من إيجاد وصفة تعوض طعم الهزيمة.
لمناسبة، حاورت «السفير» نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم حول نظرة المقاومة للوضع الداخلي وعلاقتها بالحكومة الجديدة وموقفها من الدعوة الى استئناف الحوار الوطني، والمخاطر التي تهدد لبنان خاصة في ضوء الآحداث السورية.
يؤكد الشيخ قاسم في المناسبة «عدم قدرة العدو الصهيوني على شن أي حرب جديدة على لبنان نتيجة التخبط والازمات داخل كيان العدو وفي الدول الغربية الحليفة له»، ويشدد على «ان نقطة الحوار الوحيدة التي يجب البحث بها هي الاستراتيجية الدفاعية الوطنية ونقطة على السطر». كما يجزم «بأن المقاومة لا تتأثر بأي وضع سياسي داخلي أو اقليمي مهما كان»، ناصحا المراهنين على متغيرات ما في سوريا أو المنطقة العربية للمس بالمقاومة «ألا يضيعوا وقتهم وألا يتوهموا كثيرا».
وهذا هو نص الحوار كاملا:
^ تكاد ذكرى انتصار تموز على العدو الاسرائيلي تضيع في خضم الجو السياسي الداخلي المتوتر بينما تستمر اسرائيل بتهديداتها للبنان، كيف ترون السبيل لتصحيح مسار البوصلة اللبنانية؟
{ أولا لا بد في هذه الذكرى من ان نوجه البوصلة مجددا الى العدو الاسرائيلي لنعلم انه وراء خفايا كثيرة لها علاقة بالمشاكل والفتن والتحركات الداخلية التي تستهدف إقلاق لبنان وجعله في مهب الريح بعد ان فشل هذا العدو في استخدام آخر ورقة كان يتوقع ان يستخدمها وتنتج له حلا وهي ورقة العدوان الكبير في تموز 2006، فقد أصبح واضحا للجميع ان استعدادات اسرائيل في وقتها الى شهر ايلول من العام 2006 كانت استعدادات تستهدف القضاء على حزب الله وبالتالي القضاء على مشروع المقاومة ورمز المقاومة ومشروع المقاومة في لبنان والمنطقة.
ومع فشل اسرائيل من خلال الانتصار الكبير بتلاحم الشعب والجيش والمقاومة انتقل لبنان من موقع المستجدي الى موقع العزيز الصامد الذي يحافظ على مواقعه ومطالبه والذي يستطيع فيه ان يقول نعم او لا بما ينسجم مع متطلباته او خصوصياته، وعلى هذا الاساس، فإن لبنان ما بعد الانتصار يختلف عما قبله، وكل ما حصل بعدها من اثارة للفتن، كانت تهدف الى استجداء وسائل تهدف الى تخريب الوضع اللبناني من الداخل، والرد من وجهة نظرنا يكون بتصحيح البوصلة باتجاه العدو الاسرائيلي ولدينا إمكانات مهمة لذلك ونستطيع ان ننجح كما نجحنا سابقاً.
^ ما هو السبيل لتصحيح مسار البوصلة في ظل الخلافات القائمة؟
{ السبيل لتصحيح البوصلة ان تخرج بعض الجماعات اللبنانية من الحرتقات الداخلية ومن التكالب على السلطة، وأن تقدم مصلحة لبنان على المصالح الخاصة وعلى منطق المزارع والوصايات الاجنبية الخارجية المختلفة، وقد أصبح واضحا ان إمكانية الفصل بين المقاومة ولبنان بشعبه وجيشه إمكانية غير متاحة، لذلك نرى التحركات الاميركية والاسرائيلية في المنطقة العربية عموما تخرب البلدان واحدة تلو الاخرى وتتحرك لإعادة صياغة منطقة معدومة القوة والقدرة.
فإذاً آن للجميع في لبنان أن يضع الامور على السكة الصحيحة وذلك بالفصل بين أمرين: الاول، له علاقة بحسم ان العدو واحد لا غير وهو اسرائيل، وهذا ما يستلزم ان نكون مستعدين كي لا يباغتنا هذا العدو في يوم من الايام. الثاني، ان ينصرف الجميع الى قضايا الناس الداخلية ومصالحهم.
العدو عاجز عن شن حرب
^ هل ترون ان العدو الاسرائيلي يمكن ان يقدم على مغامرة جديدة ضد لبنان مستفيدا من الاوضاع العربية للخروج من أزماته الداخلية، لا سيما انه خلال السنوات الاخيرة قام بالكثير من المناورات العسكرية والمدنية؟
{ قبل التطورات التي حصلت في المنطقة العربية هذا العام، كان العدو في وضع صعب ولم يكن قد حسم قدرته في ان يخوض مواجهة عسكرية مع «حزب الله» برغم كل المناورات التي أجراها والتي كانت تستهدف تمتين الجبهة الداخلية المدنية، ولم يتمكن من معالجة فارق القدرة ولا تطوير القدرة بما ينافس وضع تموز 2006، أي اننا لو قارنا قدرات العدو وإمكاناته في تموز وقارنا تطور المقاومة إعدادا واستعدادا خلال الفترة ذاتها، يتبين تفوق حزب الله من الناحية النظرية على العدو والعدو يعلم ذلك تماما.
اذاً قبل التطورات العربية وقبل التطورات المرتبطة بالوضع الفلسطيني واحتمالات إعلان الدولة الفلسطينية وما شابه من تطورات، كان الاسرائيلي حائرا ومترددا ولم يكن لديه قرار بالحرب، فكيف الآن مع وجود أزمات جديدة تواجهه، منها تطورات الوضع المصري والوضع الفلسطيني وانسداد أفق التسوية ومنها الشؤون الاجتماعية والمعيشية المعقدة داخل الكيان الاسرائيلي، فضلا عن أننا أمام وضع اسرائيلي أضعف من الناحية السياسية مما كان عليه قبل ستة اشهر، فإذا كان في تلك الفترة غير قادر على اتخاذ قرار الحرب فأعتقد انه ليس في وارد اتخاذ قرار الحرب الآن، أما فكرة الهروب الى الخارج فهذا يكون عندما يستبطن العدو احتمال ان ينتصر أو يحقق إنجازا معينا في الحرب. ومع عدم وجود احتمال النصر يصبح الهروب خسارة حتمية لذلك نستبعد أن يكون هناك اأي مغامرة اسرائيلية ضد لبنان، ومع ذلك نحن نبني دوما على ان العدو يمكن ان يعتدي ونحن من حيث الجهوزية على اتم الاستعداد.
المقاومة لا تتأثر بالتطورات السياسية
^ هل يشكل الوضع اللبناني الداخلي المتوتر والوضع العربي المأزوم عوامل قلق أو ضغط على المقاومة؟
{ قد تفاجأ اذا قلت اننا من بداية المقاومة جعلنا في أدائنا مسارين لا يؤثر أحدهما على الآخر، مسار المقاومة في إعدادها وتجهيزها وعملها ومتابعاتها، ومسار العمل السياسي والشؤون السياسية والداخلية والاجتماعية، وبالتالي مهما كانت التعقيدات الداخلية على المستوى السياسية ومهما حصل من منازعات وخلافات وبالونات إعلامية وتطورات اقليمية، فإنــ مسار المقاومة يتابع خطته بشكل عادي وطبيعي جدا من دون ان يتأثر بكل هذه الملفات الاخرى، لذا نحن نتكلم دوما عن جهوزية لأنها غير مرتبطة بالتطورات السياسية سلبا أو ايجابا، سواء كانت داخلية أو خارجية.
^ حتى الوضع السوري الحالي لن يؤثر على المقاومة؟
{ الوضع السوري يحتاج الى بعض الوقت حتى يستقر أكثر، لكن لا أعتقد ان المراهنين على تغييرات في سوريا تؤدي الى تغييرات في لبنان سينجحون، لان الوقائع تقول غير هذا، إضافة الى ان واقع لبنان يتأثر بخصوصياته وظروفه ولديه نوع من التماسك الخاص المرتبط بثلاثي الشعب والجيش والمقاومة بما يجعله بمنأى عن التأثر بالتطورات، وأقول للمراهنين على متغيرات في سوريا تؤثر على المقاومة، لا تتوهموا كثيرا ولا تضيعوا وقتكم ولا تعبّئوا جمهوركم بطريقة خاطئة، اعملوا بطريقة ايجابية للمساهمة في الحلول والمعالجة فهذا لمصلحة لبنان ولمصلحة سوريا.
^ هل تعتبر ان مسار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والقرار الاتهامي، يمكن ان يؤثر على المقاومة وأدائها؟
{ المقاومة في حالة تصاعدية ومستمرة بحمد الله مهما كانت الملفات الداخلية أو الاقليمية معقدة أو صعبة، فسواء كانت تمس «حزب الله» بصورة مباشرة أو غير مباشرة أو تمس حلفاءه فإن هذه الملفات لها طريق متابعة يختلف عن مسار المقاومة الذي لن يوقفه شيء ان شاء الله.
الحكومة تعبر عن مصالح لبنان
^ هل انتم راضون عن مسار الحكومة الجديدة؟
{ الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي ناجحة من ناحية الاتجاه السياسي الذي اختارته وتدافع عنه، وقد سمعنا تصريحات رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة ووزير الخارجية وكل المسؤولين الذين اكدوا على ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة، وعلى ان لا يكون لبنان في ركب أي وصاية اجنبية، فمن الناحية السياسية الحكومة انطلقت على أساس هذه الرؤية وعبرت عنها من خلال أفرادها ونحن راضون عن الاطار السياسي وعن الموقف السياسي للحكومة وهي تشكل في الواقع حماية لمصالح لبنان.
الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية فقط
^ ما هو موقفكم من الدعوة الى استئناف الحوار الوطني في ظل مواقف قوى 14 آذار الداعية الى البحث في ما تسميه نزع السلاح غير الشرعي؟
{ طاولة الحوار موجودة ولها برنامج عمل واضح والمشاركون فيها انما شاركوا على أساس المناقشة في الاستراتيجية الوطنية الدفاعية، وعلى هذا الاساس نحن نوافق على انعقاد طاولة الحوار لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية الوطنية، ولا نقبل أي شروط مسبقة ولا نوافق على أي تعديلات خارج الطاولة، عندما يجلس الاطراف المتحاورون الى طاولة واحدة معا يناقشون ما يريدون معا فيتفقون على ما يتفقون عليه ويحذفون ما يختلفون عليه، فبالتالي نحن لسنا مع أي شكل من أشكال تجويف طاولة الحوار من هدفها وهو مناقشة الاستراتيجية الدفاعية ولسنا مع حرف طاولة الحوار عن هدفها عبر طرح موضوعات جزئية أو جانبية أو ليست هي الاساس في المناقشات الحقيقة وما انعقدت عليه، نحن ندعم رئيس الجمهورية بدعوته الى طاولة الحوار بصيغتها المعروفة ولا نوافق على أي تعديلات أو شروط تعطي اشارات خاطئة حول موضوعات البحث أو حول المشاكل التي يعاني منها لبنان. لبنان له عدو واحد اسمه اسرائيل وعلينا ان نناقش الاستراتيجية الدفاعية لنحمي لبنان بالطريقة المناسبة ونقطة على السطر.
ليست لدينا مشكلة اسمها السلاح، لدينا مشكلة في بعض الرؤى التي لا تريد ان يكون لبنان قويا ولا تريد ان تكون له مقاومة وهم يقبلون بإسرائيل المتغطرسة التي تدخل وتخرج الى لبنان ساعة تريد، ولا يقبلون بحماية تتوافر بثلاثي القوة الشعب والجيش والمقاومة، هذا خطأ كبير في الرؤية وضد مصلحة لبنان.