باختصار وثقة، يقول نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إن «الحزب يشعر في هذه المرحلة بأنه مرتاح لوضعه أكثر من أي مرحلة سابقة»، معتبرا أن بعض التشويشات التي يسمعها عن سلاحه «تمر علينا كرذاذ المطر». فالشيخ قاسم يرى أن المعترضين هم أقلية شعبية وسياسية لا تمثل قرار الحكومة ولا تستطيع أن تفرض رأيها، أما الحوار حول السلاح فليس مجرد «حوار للحوار»؛ إنما هو من وجهة نظر الحزب، يقع بين حدين: أولهما سحب التشنج، وأقصاهما الوصول إلى نتيجة واستراتيجية، والحزب يقبل بالحدين.
ولا يرى قاسم في التطورات الأخيرة دليلا على «مغامرة إسرائيلية جديدة»، ويرد على الاتهامات بتزويد سورية الحزب بصواريخ «سكود» بأنها محاولة إسرائيلية للتغطية على العلاقة المتردية مع الولايات المتحدة وعلى ملفها النووي، لكن هذا لا يعني أن الحزب ليس على أهبة الاستعداد بالعديد والعدة، التي يرفض الشيخ قاسم - كبقية مسؤولي الحزب - الخوض في تفصيلاتها مكتفيا بإعطاء تلميحات إلى قدرات الحزب، وإبداء كثير من الثقة بجعل إسرائيل تندم على أي «مغامرة تخوضها». ويعترف قاسم بأن سورية وإيران استفادتا من انتصارات المقاومة في لبنان، لكنه يرفض الكلام عن ارتباط الحزب بمنظومة إيرانية، معتبرا أن هذا الكلام هو «محاولة استفزاز فقط».
أما في الداخل اللبناني، فهناك مزيد من «عوامل» الراحة للحزب، سواء في مواقف رئيس الجمهورية عن «حماية المقاومة برموش العيون» وانتقال رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط إلى موقع آخر، وفي الكلام الأخير عن دور المقاومة لرئيس الحكومة سعد الحريري الذي يصف قاسم العلاقة معه بأنها «معقولة»، لكنها تحتاج إلى تطوير أكثر وإلى بلورة تفصيلية أكثر.
وفي ما يأتي نص الحوار:
* هل يؤشر الكلام الإسرائيلي المتصاعد عن تهريب السلاح والإجراءات الحدودية إلى توتر مستقبلي أو عملية عسكرية؟
- الاعتماد على خبريات إعلامية في مسألة التسلح والبناء عليها لصياغة منظومة تحد وتهديد هي جزء لا يتجزأ من محاولة إسرائيل وأميركا لصرف الأنظار عن المعاناة التي تمر بها العلاقة الأميركية - الإسرائيلية، وكذلك كمحاولة لإبعاد الضوء عن وجود السلاح النووي الإسرائيلي والأعمال العدوانية التي تتم في القدس والضفة الغربية، وكذلك المأزق الداخلي الذي انعكس في الصورة العالمية لإسرائيل. من هنا أؤكد مجددا أننا في مسألة السلاح لم ننف أو نؤكد يوما تفاصيل وجود السلاح عند حزب الله ولا كيفية وآلية ومضمون هذا السلاح. وبالتالي فإن إثارة هذا الموضوع في هذه المرحلة وبالطريقة التي طرح بها هي إثارة سياسية بصرف النظر عن أي مضمون.
نحن نتعامل مع التهديدات الإسرائيلية على أنها هروب إلى الأمام، لكن لا يعني هذا أن الحرب على الأبواب، فلو كانت إسرائيل جاهزة للحرب لاختارت التوقيت الذي تراه مناسبا والذريعة الوهمية التي تريدها بصرف النظر عن صحتها وحجمها. ولكن كجزء من معالجة المأزق الإسرائيلي في المبادرة إلى الحرب يلجأون إلى شكل التهديد ومحاولة صرف الأنظار إلى أن المشكلة في مكان آخر. أؤكد أنه بالنسبة لحزب الله لا معنى لهذه التهديدات ولن تتغير من طريقة عملنا في بقائنا على استعداد وجهوزية لأي طارئ حتى لو كنا نستبعد الحرب في هذه المرحلة.
* ماذا عن صواريخ «سكود» التي أثير الكثير حولها؟
- لاحظوا كيفية تسريب الخبر. هو خبر في صحيفة خليجية من مصدر أميركي يفتقر إلى الدقة وإلى المعلومات، وبني على هذا المصدر كل هذه التحليلات التي تتعامل مع الأمر كأنه حقيقة لا مناص منها، مما يعني أن هناك حاجة إسرائيلية لإثارة ضوضاء سياسية تبعد النظر عن المشكلة في إسرائيل وعن مشكلة أميركا في كيفية متابعة الملفات المختلفة في المنطقة. نحن لا نرى في هذه الإثارة سوى محاولة صرف الأنظار عن ما يجري في داخل فلسطين المحتلة، وبالتالي من حق المقاومة، بصرف النظر عن الحديث عن الـ«سكود» أو غيره، أن تكون لها قوتها، ويجب أن نلتفت إلى التسلح الإسرائيلي وحجمه الذي قطع أشواطا كبيرة جدا، فلماذا لا يكون هذا محل إشكال، وتأتي الإثارة المفبركة لتكون هي المشكلة.
* ماذا عن التحركات الإسرائيلية المكثفة على الحدود؟
- نحن نفهم من هذه الحركة أمرين أساسيين؛ الأول محاولة اغتنام الفرصة لقضم أراض لبنانية علها تمر من دون إثارة، فهذا ما يشجع الإسرائيلي على المزيد. والأمر الثاني أنها خطوة من خطوات التحرش بلبنان من أجل إيجاد قضية وموضوع جزئي يبعد الأنظار عن الانتهاكات الجوية اليومية التي تقوم بها إسرائيل، التي تعتبر عدوانا موصوفا إذا ما عرفنا أن أكثر من 12 ألف خرق جوي حصل منذ توقف الحرب الإسرائيلية في 13 آب (أغسطس) 2006 أي بمعدل أكثر من 4 خروقات يوميا. نحن سنتعاطى مع هذا الخرق بموقف مساند للأهالي وبرفض القبول به كأمر واقع. وسنرى ماذا سيفعل مجلس الأمن وقوات الطوارئ الدولية وكيف سيتحملون مسؤوليتهم في تطبيق القرار 1701 في هذا الشأن وفي غيره. هذه المسألة قيد المتابعة، ولا يمكن السماح لإسرائيل بأن تتوسع وتقضم الأراضي.
* كيف تقيمون أداء «اليونيفيل» في هذا الموضوع؟
- إلى الآن قامت «اليونيفيل» بدور رفع التقارير إلى مجلس الأمن، وفي بعض الأحيان كانت هذه التقارير ملطفة في ما يتعلق بالخروفات الإسرائيلية، لكن على المستوى الميداني نحن لا نشعر بأن هناك مشكلة مع «اليونيفيل»، ونحن وافقنا في الأصل على الالتزام بالقرار 1701 ومن ضمنه وجودها، إلا أننا نتمنى أن يكون وجودها أكثر فعالية في مواجهة الخروقات الإسرائيلية والاعتداءات التي تحدث.
* البعض يعتبر «اليونيفيل» رهائن لديكم في لبنان؟
- هم لهم وظيفة محددة، وعندما يقومون بها يكونون قد أدوا الدور المنوط بهم. لا أرى كيف يرى المحللون أنهم رهائن، وعلى كل حال هذه تحليلات سياسية للمتوقع من القوة الدولية أو المتوقع من طرفي الحدود سواء من لبنان أو الكيان الإسرائيلي. نحن نتعامل مع «اليونيفيل» على أنهم جزء من تطبيق القرار 1701 وليس هناك أي أمر آخر.
* عندما أثير موضوع اتهام حزب الله من قبل محكمة الحريري قال حليفكم الوزير السابق وئام وهاب إن «اليونيفيل» ستتحول إلى صندوق بريد في الاتجاهين؟
- لسنا مسؤولين عن أي تصريح لأي صديق أو حليف. نحن مسؤولون عن تصريحاتنا ومواقفنا.
* نقل عن مصادر من حزب الله أن إسرائيل ستفاجأ إذا دخلت إلى لبنان بشبكة صواريخ أرض جو. هل حصلتم على صواريخ مضادة للطائرات؟
- قلت سابقا إننا لا نتكلم عادة في موضوع البنية العسكرية والقدرات العسكرية. هذا جزء من سياسة المقاومة ومن قوتها أيضا. إن عدم الكشف عن إمكاناتنا هو قوة في حد ذاته، وفهم الطرف الآخر أننا قادرون على القيام بأشياء كثيرة أيضا هو جزء آخر من القوة. لكن حديث المصادر والتسريبات التي لا علاقة لنا بها لا يعبر عن أي شيء. من هنا أنا لا أثبت ولا أنفي أي معلومة عسكرية، لكن ما أستطيع قوله إن المقاومة تقدمت كثيرا إلى الأمام ولها قدرتها التي تواجه بها العدوان الإسرائيلي. أما كيف وما التفاصيل، فهذا أمر متروك للاكتشاف الميداني.
* بعد عام 2006 حصل تغيير كبير في مستوى التسلح والعديد لدى حزب الله، لماذا هذا التغيير الاستراتيجي؟
- إذا راجعنا التاريخ الذي نشأ في حزب الله منذ عام 1982، سنرى أن الأولوية المطلقة، هي أولوية مقاومة إسرائيل على قاعدة التحرير وإبقاء قدرة لبنان فاعلة لمنع الاعتداءات الإسرائيلية أو لردع هذه الاعتداءات حتى لا تحقق إسرائيل أهدافها. هذا الأمر استلزم منا استعدادات وبناء، وتطورا تدريجيا، وكنا في كل مرحلة نزداد قوة. وبالتالي لسنا اليوم كما كنا في عام 1982، فبعد التجارب الصعبة والمعقدة والحروب التي خضناها مع إسرائيل دفاعا وردعا؛ بدءا من عدوان 1993، مرورا بعدوان نيسان (أبريل) 1996 ووصولا إلى التحرير عام 2000، وأخيرا في العدوان الكبير سنة 2006، كنا في كل مرحلة نزداد قوة ومنعة ضمن الاستراتيجية التي رسمناها في الأصل في أولوية مواجهة إسرائيل. لأننا نعتقد أن أي أولوية أخرى ستسقط ما دام الاحتلال موجودا والخطر الإسرائيلي جاثما في هذه المنطقة على لبنان ويؤثر على الواقع الموجود في هذه المنطقة. على هذا الأساس لا نستطيع القول إننا أمام استراتيجية جديدة، إنما نحن على استراتيجيتنا في زيادة قدرتنا وتحسين بنيتنا والاستفادة من التجارب التي نمر بها. ونحن نقول بكل وضوح إننا استفدنا من تجربة عدوان 2006 فرممنا بعض الثغرات وحسنّا من الأمور الجيدة. وبالتالي، نحن أمام تجارب تطور تدفعنا إلى الأمام. فما وجدناه من مستلزمات نتائج العدوان قمنا به؛ سواء على المستوى البشري أو على المستويات المختلفة. ونحن الآن بالتأكيد أكثر منعة، وأكثر راحة في إدارة وضعنا وفي التهيئة لمواجهة احتمالات العدوان الإسرائيلي من أي وقت سابق، وهذا ليس له علاقة باستراتيجية جديدة، إنما له علاقة بالاستفادة من التجارب ومستلزمات المواجهة كي نكون قادرين على مواجهة التحديات خاصة عندما تزداد.
* يقال إن إسرائيل لن تجد أمامها في المرة المقبلة سوى الاجتياح البري الشامل، فهل هذه الزيادة مرتبطة بهذا الاحتمال؟
- إسرائيل تقول إنها استفادت من تجربتها السابقة ووجدت أن القصف الجوي لا يكفي وأن عليها أن تتجرأ قليلا وأن تدخل في اجتياح بري. لكن ليس معلوما إن كان الاجتياح البري لمصلحة المشروع الإسرائيلي، خاصة أن شباب المقاومة في البر هم أقدر بكثير من أي موقع آخر، وما تجربة (القرى الحدودية عام 2006) في مارون الراس وعيتا وبنت جبيل ببعيدة عنا. وبالتالي، رأينا أن عملية الاجتياح البري ليست عملية سهلة، فهم بإمكانهم أن يختاروا طريقة الاعتداء التي يرونها نافعة لهم، لكن أعتقد أن ما المقاومة عليه سيشكل مفاجآت مهمة لإسرائيل من حيث الخسائر أو من حيث الخطط القادرة على مواجهة أي نوع من أنواع العدوان.
* ماذا سيكون موقف حزب الله إذا اندلعت مواجهة سورية - إسرائيلية، أو إيرانية - إسرائيلية؟
- في مسألة العدوان الإسرائيلي على لبنان أو سورية أو غزة أو إيران، أو على عدد منهم أو عليهم جميعا، توجد سيناريوهات عدة. وليس من المناسب أن نعرض هذه السيناريوهات في وسائل الإعلام ونطرح خطتنا أمامها. لذا، نكتفي بالقول إنه على ضوء طبيعة العدوان الإسرائيلي سنحدد موقفنا بناء على ما نراه مناسبا، من دون أن نضع قواعد في المسموحات أو الممنوعات، كي لا نقيد أنفسنا من ناحية ونلزم أنفسنا بقواعد وضوابط معينة، وكي لا يعرف العدو طبيعة تفكيرنا. وأنا قلت في وقت سابق إن المنطقة يمكن أن تلتهب إذا حصل اعتداء إسرائيلي ما فيها، ولا أعلم إلى أي مدى تدخل الأطراف المختلفة لصد العدوان وكيف يكون التنسيق بينها. إن إسرائيل في هذه المرحلة لا تملك خيارا مريحا لا على واحد من هذه الأطراف ولا عليها مجتمعة، إنما هي أمام تحديات لم تمر بها قبل عدوان 2006. وعليها أن تحسب حسابا دقيقا جدا قبل أن تقدم على مغامرة ما. يمكن لإسرائيل أن تقرر لحظة ومكان العدوان، لكنها لا يمكن أن تضبط نتائج هذا العدوان والثمن الذي ستدفعه.
* في هذه الحال يمكن أن نعتبر لقاء دمشق بمثابة «معاهدة دفاع مشترك» بين سورية وإيران وحزب الله؟
- لقاء دمشق ليس معاهدة دفاع مشترك، إنما هو تعبير عن تلاقي الرؤى والاستعداد للتعاون في مواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة. وعلى هذا الأساس فلتفسر إسرائيل ومن وراء إسرائيل ما تريده. المهم هو أننا لا نخفي أننا جميعا ضد الممارسات الإسرائيلية والانحياز الأميركي لإسرائيل، ولنا قضايا مشتركة نعاني منها وتحتاج إلى علاج. أما كيف يكون التفصيل فهذا شأن متروك للأيام.
* هناك تعاظم كبير لقوة حزب الله العسكرية من دون شك، فهل يحتمل لبنان جيشين؟
- في لبنان جيش واحد هو الجيش اللبناني، وتوجد مقاومة هي المقاومة الإسلامية الوطنية اللبنانية. ولولا الحاجة الحقيقية للدفاع عن لبنان، لما وجدت هذه المقاومة. وبالتالي أثبتت التجارب أن تعاون المقاومة مع الجيش كفيل بأن يحمي لبنان من أن يدفع أثمانا سياسية كبيرة، أو أن يكون فيه جزء كبير محتل من قبل إسرائيل. هذا التعاون بين الجيش والمقاومة أدى إلى التحرير سنة 2000 وإلى صد العدوان في 2006 ويعوق شبح السيطرة الإسرائيلية لفرض التوطين، أو لفرض الحلول السياسية من معبر لبنان. وعلى هذا الأساس فإن وظيفة الحوار الوطني، هي إيجاد الاستراتيجية الدفاعية التي تعني باللغة العربية - لمن لا يعرف اللغة العربية - التفتيش عن الوسائل والأساليب والقدرات التي يمكن أن يستخدمها لبنان لمنع إسرائيل من أن تحتله أو أن تهدده في أي وقت. وهذا ليس له أفق في المرحلة الحالية إلا بتعاون الجيش والمقاومة والاستفادة من القدرات والطاقات الشعبية المتوافرة لدى المقاومة. نحن لا نأخذ دور أحد؛ فالجيش يقوم بدوره، لكننا نساعد في إطار الدفاع المشروع، والدولة تقوم بدورها في كل ممارساتها الداخلية والخارجية. وعليه، هناك وجهة نظر تتحدث عن عدم الرغبة في مواجهة إسرائيل، ونحن لا نوافق عليها، لأننا نعتبر أن لبنان يمكن أن يضيع. وبالتالي تجارب الماضي تثبت أن هناك من نظر إلى علاقة متفاعلة مع إسرائيل، فكانت النتيجة ميليشيا سعد حداد وميليشيا لحد (تعاونتا مع إسرائيل خلال احتلالها جنوب لبنان) تحت عنوان تحرير لبنان باليد الإسرائيلية والعمالة، وأمامنا تجربة ثانية هي المقاومة التي حررت من دون منة من أحد وباستقلال تام، فأي طريق نسلك؟ نحن نؤمن بأن المقاومة هي الحل الشريف.
* ماذا عن ظاهرة وجود مقاومة في لبنان يواجه سلاحها بالاعتراض من قبل فريق من اللبنانيين، وهي مقاومة لها تحالفات إقليمية؟
- لا بد من وجود مقياس للحديث عن مقبولية المقاومة أو عدمها؛ فإذا كان المقياس هو الدعم الشعبي، بإمكاننا العودة إلى الانتخابات النيابية التي أثبتت أن الأغلبية على المستوى الشعبي مع خيار المقاومة (عدد الذين صوتوا للوائح المعارضة مقارنة بعدد الذين صوتوا لقوى «14آذار» التي فازت بأكثرية المقاعد البرلمانية قبل انتقال النائب وليد جنبلاط إلى الوسط). بعد ذلك انضم الأستاذ وليد جنبلاط ومن معه، وسمعنا المواقف التي أطلقها دولة الرئيس سعد الحريري (حيال المقاومة) والمواقف الواضحة جدا لرئيس الجمهورية في «حماية المقاومة برموش العيون». نحن أمام أكثرية موصوفة في تأييد المقاومة لأنه لا يمكن تحقيق الإجماع في كل شيء. أما إذا أخذنا مقياس الحكومة التي تضم كل الأطراف في لبنان تقريبا، نجد في بيانها الوزاري تأكيدا على تفاعل الثلاثي: المقاومة، والجيش، والشعب، في إطار دعم قوة لبنان، ويحدد هذا البيان أن إسرائيل هي العدو. وهذه الحكومة التي أخذت ثقتها من المجلس النيابي تؤمن بالدفاع المشروع بكل الوسائل ومنها المقاومة.
* لكن البعض تحفظ داخل الحكومة وفي البرلمان على هذا البيان؟
- يبقى أن هناك أصواتا لا تقبل المقاومة، وهذا رأيها وشأنها، لكنها لا تستطيع أن تصنع سياسة لبنان. من هنا نحن نرى أن الآراء المخالفة للمقاومة هي آراء سياسية لها أن تعبر كما تريد، لكنها لا تمثل القرار اللبناني ولا الدولة ولا الشعب؛ بل تمثل جزءا من هذه المنظومة، لكنها لا تستطيع أن تأخذنا أينما تريد. هناك حقائق موضوعية تحتاج إلى جواب هي: كيف نحرر لبنان وكيف نقف موقف الدفاع؟ وأجوبة هذه الأمور واضحة: إننا بحاجة إلى المقاومة في هذه المواجهة.
* ماذا عن البعد الإقليمي للمقاومة.. فكثيرون يقولون إن حزب الله يمثل انعكاسا للسياسة الإيرانية في لبنان؟
- الحديث عن البعد الإقليمي للمقاومة هو جزء من التهم التي تستهدف استفزازنا وجرنا إلى نقاشات خارج الدائرة الموضوعية. إذا لاحظنا كل التجربة السابقة منذ عام 1982 وحتى اليوم نجد أن كل ما حققته المقاومة كان لمصلحة لبنان. نعم استفادت منه سورية وإيران والمقاومة في فلسطين وكل الذين يحبون المقاومة ولا يريدون إسرائيل، لكن الأساس هو أننا حررنا أرضنا واستفاد لبنان من هذا الواقع. أما ماذا يمكن أن يجري في المستقبل وكيف ستكون معادلة المنطقة؟ فهذه أمور غامضة. لكن في النهاية، نحن في لبنان حريصون على أن نرى مصلحة لبنان وأن نعمل بما يتناسب مع واقعنا، وهذا تابع للظروف الموضوعية. أما أن تلقى الاتهامات علينا من هنا وهناك، فهذه أمور للتسلية في الصالونات ولا تصلح لنقاش موضوعي.
* لبنان يعيش مرحلة جديدة على ما يبدو، كيف تلخصونها؟
- نحن في مرحلة جديدة في لبنان بدأت مؤشراتها منذ اتفاق الدوحة، ثم تبلورت في الانتخابات النيابية وفي اختيار رئيس الجمهورية التوافقي. وهذه المرحلة ليست معزولة عن تطورات حصلت في المنطقة والعالم. هناك مراكز قوى تغيرت، وسياسات نجحت، وأخرى فشلت، ولا يمكن القياس على ما كانت عليه الأوضاع سنة 2005. نحن أمام مرحلة جديدة؛ محليا وإقليميا ودوليا، وأمام معادلات سياسية جديدة ليست كالسابق. على الأقل نحن أمام أميركا المثقلة بهمومها وأخطائها في العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين.. وأمام انتعاش حالة المقاومة في لبنان وفلسطين.. وأمام متغيرات في النظرة إلى قوة سورية والإقبال عليها.. وأمام التعامل مع لبنان بحسب قواه الوازنة وليس أمام أمنيات تجعل بعض القوى في لبنان تستقوي بالخارج لمعالجة نقص الدعم في الداخل اللبناني. حزب الله يشعر في هذه المرحلة أنه مرتاح لوضعه أكثر من أي مرحلة سابقة وبعض التشويشات التي نسمعها تمر علينا كرذاذ المطر.
* كيف هي علاقتكم مع الرئيس الحريري؟
- علاقتنا معقولة تحتاج إلى تطوير أكثر وإلى بلورة تفصيلية أكثر، لكننا بدأنا خطوات تعاون في الملفات المختلفة، وهناك نقاشات تجري؛ أبرزها ما حدث مؤخرا من نقاش في مسألة الموازنة، حيث عقدنا 3 جلسات متخصصة في كيفية معالجة متطلبات الموازنة، واجتمع خبراء من عندنا وخبراء من عنده بالإضافة إلى وزيرة المال، وجرى نقاش أدى في نهاية المطاف إلى إلغاء فكرة ضريبة القيمة المضافة، وهذه خطوة إيجابية من خطوات النقاش والتعاون.
* ما الرذاذ الذي تتحدث عنه؟
- المقصود به هو إصرار البعض على إثارة موضوع السلاح كقضية إشكالية في البلد في الوقت الذي تطرح فيه طاولة الحوار الاستراتيجية الدفاعية، وهذا الرذاذ تمت معالجته داخل هيئة الحوار، حيث تم الاتفاق على أن يكون النقاش حول الاستراتيجية الدفاعية وليس أي أمر آخر، وأن يكون على طاولة الحوار لا عبر وسائل الإعلام.
* هل من أفق لهذا الحوار.. أنتم تحاورون على استراتيجية وتتمسكون بالسلاح الذي يراه البعض مشكلة، أم إننا نحاور من أجل الحوار و«تضحكون» على المتحاورين من أجل ضبط الوضع في الشارع فقط؟
- الحوار له حدان؛ الأدنى أن تتعرف الأطراف مباشرة على آراء بعضها بعضا وأن لا يجعلوا من الاختلاف سببا للتوتر السياسي خارج دائرة الطاولة لمصلحة البحث عن قواسم مشتركة قدر الإمكان. والحد الأقصى أن نتوصل إلى استراتيجية دفاعية تنتج عن طاولة الحوار. وما بين هذين الحدين حدود متعددة. فلو لم تحقق طاولة الحوار فهي إيجابية، وإذا وصلت إلى الحد الأقصى فهذا يعني أن لبنان استطاع أن يخطو خطوة مهمة جدا للبنان واستراتيجيته المستقبلية. دعني لا أتفاءل ولا أتشاءم في ما يمكن الوصول إليه، لأننا نقبل بالحد الأدنى فما فوق. وعليه، يعتبر الحوار نافعا بكل نتائجه.
* إلى أي مدى تزعجكم التسريبات عن اتجاه المحكمة الدولية لاتهام حزب الله بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وكيف ستتعاملون معها؟
- قررنا داخل الحزب أن تنحصر التصريحات والمواقف بشأن هذا الموضوع في سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله. ما قاله سماحته في مقابلته الأخيرة كان يمثل نظرتنا الواضحة إلى كيفية التعاطي مع المحكمة بحسب خطواتها وما ينتج عنها، ولا نتعاطى مع التسريبات الإعلامية على أنها الحقيقة التي يجب أن نرتب عليها مواقفنا.
* هل من استدعاءات جديدة؟
- كما ذكر سماحة الأمين العام، الاستدعاء هو لـ18 شخصا يفترض أن يبدأ الاستماع إليهم في الأيام المقبلة.