مقابلات

المقابلة التي أجرتها معه صحيفة الأخبار في 12/12/2009

لا نعتمد الطهرانيّة السياسيّة والتوافقيّة معبر لإلغاء الطائفيّة

يجلس الشيخ نعيم قاسم كعادته بهدوء، ولكن لا يزال يحمل الكثير من انتفاضات الثوار. لا يمانع التقاطع مع اليسار، لكنه مدافع عنيد عن فكره العقائدي، وهو نائب الأمين العام الذي يناقش الوثيقة السياسية الجديدة للحزب، ويستفيض في الحوار. لا يزال قادراً على الخضوع للإجراءات الأمنية التي تحيط به، وفي الوقت نفسه العمل كما اعتاد. وحين تسأله عن موعد الحرب المقبلة يجيب: «حين تقرر إسرائيل. نحن في موقع الدفاع، ونحن نُعلم الرأي العام دائماً بأننا جاهزون للدفاع، وهذه هي أولويتنا». أما باقي الملفات، فيمكن التحاور مع قاسم باستفاضة وهدوء بشأنها، من فنزويلا إلى اليمن والبيان الحكومي وهواجس الطوائف

أجراها: فداء عيتاني

عن الإضافة التي قدمها البيان الوزاري لحكومة سعد الحريري إلى المقاومة وحزب الله، رأى نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أن وجود بند داعم للمقاومة في البيان الوزاري يعطي غطاءً سياسياً مؤثّراً للمقاومة، ويظهر لبنان، جيشاً ومقاومة، متماسكاً. وهذا يعطي راحة إضافية للمقاومة.

لكنّ بنداً شبيهاً سبق أن كان في بيان الحكومة التي اختلف عليها اللبنانيون قبل اتفاق الدوحة، يجيب قاسم: «أنا لم أقل إن وجود بند المقاومة في البيان الوزاري بصيغة إيجابية هو الحل الأول والأخير لتكون الحكومة مرتاحة وقوية، ولكن وجوده يسهم في زيادة عوامل القوة لمصلحة المقاومة ولبنان، وعندما تنكّرت الحكومة المذكورة لبند المقاومة، كان العمل فيها معطّلاً تماماً، ولم يعد الحديث عن بند المقاومة مهمّاً، في ظل تعطّل العمل الحكومي ووضع البلد» المتشنّج حينها.

أما عمّا يمكن أن تعطيه المقاومة للحكومة والقوى المشاركة فيها فيقول قاسم: «لسنا في حالة مقايضة، ما تعطيه المقاومة وما تعطيه الأطراف الأخرى للمقاومة واجب على كل اللبنانيين، ومن يعارض فعليه أن يقول لنا ما هي الطرق الأخرى المتاحة، ولا مقايضة بين هذا البند وأيّ أمر آخر».

مسرحية

يتابع «أما وجود معترضين على المقاومة تارة بالشكل وأخرى بالمضمون، فهذا رأيهم، ولكن نتمنى أن يلتفتوا إلى دقة التعبير وفائدته. وإذا كنا نعتقد أن البعض لا يزال يعمل على شدّ العصب لجماعته، وهذا بدلاً من أن يعمد إلى الإجابة عن أسئلة جماعته له عمّا قدّم لهم خلال المرحلة الماضية».

ويستطرد «الثقة التي أخذتها الحكومة بهذا الشكل (121 نائباً) هي ثقة لكل البيان الوزاري بما فيه بند المقاومة، وإلا كان يفترض أن يترجم المعترضون رأيهم عملياً بحجب الثقة، وعندها كلّ هذا الكلام الذي جرى ما هو إلا تسجيل موقف في محطة عابرة، وفي جزء منه مسرحية غير موفّقة»، يقول قاسم قبل أن يضحك مضيفاً «وأنت تعلم من هو الذي قام بالمسرحية غير الموفّقة».

إقطاع سياسي

يواجه حزب الله، وخاصة في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، بانتقادات شتى، جزء منها يتّهمه بالتقصير تجاه عدد من الحلفاء في المناطق، وجزء آخر منها يتّهمه بأنه وقف خلف بقايا الإقطاع السياسي الذي خلّفه الانسحاب السوري من لبنان، أو بعدم التدخّل لتغيير المعادلة القائمة في مناطق ذات طبيعة مذهبية معينة، بل قبل التقاسم في الحصص ما بين الطوائف المختلفة، على أساس كل زعيم يقود طائفته إلى حيث يريد.

يردّ الشيخ نعيم قاسم بأنّ «هناك مثلاً شائعاً يقول: كما تكونون يولّى عليكم، فلن نخترع نحن شعباً، ولسنا مسؤولين عنه. هناك نظام سياسي وقانون انتخابات ومجموعة مصالح في دائرة الأولويات، تجعل بعض الخيارات، مهما سمّيت، في إطار خيارات المرحلة. وبصراحة كاملة، فإن حزب الله لا يعمل بمنظومة الطهرانية السياسية التجريدية التي لا تحاكي الواقع».

وبقسوة غير معهودة في الرجل الهادئ يضيف «الذين يعملون بهذه المنظومة (الطهرانية التجريدية) ليسوا مسؤولين عن الإجابة عن الأسئلة أمام الجمهور، لأنهم لا يتحمّلون أية مسؤولية تضعهم في هذا المكان. وما أسهل أن يكون الإنسان خارج المسؤولية ويبحث عن عيوب المسؤولية. وفي كل الأحوال، نحن حاضرون لمناقشة» الخيارات التي توصّل إليها الحزب في إدارة العملية الانتخابية للمعارضة.

أما الانتقاد الآخر الذي يشهره كوادر تنظيم القاعدة ويتلخص في أن حزب الله منذ حرب تموز راح يحرس الحدود بينه وبين إسرائيل، ولم يعد يطلق النار نحو الأعداء، وهو سيذهب عاجلاً أو آجلاً نحو الأفول، لكونه لم يعد يشغل موقعه كحزب مقاوم. وهو خطاب يمكن أن تسمعه أيضاً من قوى غير تنظيم القاعدة، وإن كان التنظيم يستخدمه في أفلامه الدعائية وبياناته على شبكة الإنترنت.

يوضح قاسم أن «حزب الله خاض حرباً كبيرة حين صدّ عدوان تموز، واستطاع أن يحقق إنجازاً تاريخياً لم يتحقق منذ 60 عاماً من تاريخ الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي الرسمي في المنطقة. وبما أنه مسؤول عن هذا الإنجاز، فلا بد أن يحميه، ومع استمرار الاستعداد لأي خطر إسرائيلي محتمل، فإن حماية الإنجاز تتطلب ألا نعيش عقدة التراشق عن بعد» (إعلامياً).

يضيف «نرى أن التزامنا بالقرار الدولي 1701 بالطريقة التي حصلت إنجاز لمصلحة المقاومة وقوتها، وقوة لبنان، ويمكن أن تبرز هذه المصلحة في عدم التراشق والتفرغ للاهتمام بالاستعداد للحظة التي قد تهاجم فيها إسرائيل لبنان».

يتابع «نحن لا نعيش عقدة من يفكر أو يعمل بطريقة مختلفة، ولسنا مسؤولين عمن يطلق بعض الصواريخ في جنوب لبنان».

لماذا الوثيقة؟

ما الداعي إلى وثيقة إضافية لحزب الله؟ يجيب الشيخ قاسم بأن «الوقت الذي مرّ على الوثيقة الأولى (عام 1985) وصدور الوثيقة الثانية، هو قرابة 24 سنة، راكم فيها الحزب تجربة طويلة، ومرّ فيها البلد بأحداث كثيرة، وحصلت متغيّرات في موقع لبنان في المعادلة الإقليمية والدولية. ولا يخفى أن لبنان انتقل خلالها من الحرب الأهلية إلى الطائف، ووقعت عليه ثلاث حروب إسرائيلية (1993، 1996، و2006) وحصل التحرير الكبير عام 2000، ومرّ البلد في وضع صعب ومعقّد من القرار الدولي الرقم 1559، واغتيال الرئيس رفيق الحريري، فضلاً عن المؤثرات الأميركية في المنطقة والعالم والإسرائيلية في لبنان. ذلك كله استلزم تقديمنا لرؤيتنا من جديد، آخذين في الاعتبار ما استجدّ».

يتابع «لقد جاءت الوثيقة لتقول هكذا يفكر حزب الله، وهذه هي مواقفنا السياسية بعد هذا التاريخ وفي هذه المرحلة».

إلى اليسار؟ لا

وعن الجانب الدولي في الوثيقة التي يبدو أن الحزب استخدم فيها مفاهيم اليسار يقول قاسم «نحن نؤمن بالإسلام، وهو له نظرة شمولية، وفكرة المستضعفين والمستكبرين هي فكرة إسلامية، سبقت اليسار وكل من صنّف العالم على أساس فقراء وأغنياء واستعمار وضعفاء. هذا من ناحية، أما من ناحية أخرى، فقد تميّز حزب الله عن أداء الكثير من الحركات الإسلامية في العالم، ومن البداية انفتح الحزب على الكثير من القوى في لبنان، وهو دعا عام 1997 إلى اجتماع الأحزاب الوطنية والعلمانية كلها والقوى المؤيّدة للمقاومة في لقاء شهير، وتنسيق عملها».

ويوضح قاسم «كان حزب الله دائماً يميّز في رؤيته ما بين الجانب الأيديولوجي ومستلزمات العمل السياسي. ففي الفكر هو يبلّغ (رسالته) ويطرح فكرته، ولكن لا يبني علاقاته مع الآخرين على المستوى السياسي من ضمن منظومة «مؤمن وكافر أو غير مؤمن»، بل على العناوين المشتركة التي تعبّر في بعض الأحيان عن منظومة مصالح مشتركة، وأحياناً عن تقاطعات أيديولوجية».

يتابع «رؤيتنا للمقاومة تختلف عن رؤية اليساري أو القومي، ولكننا نتفق على ضرورتها. وبدل النقاش في جنس الملائكة، نتفق على أساس التقاطع».

قوّة ضغط

ويقول «دولياً أعلنا مراراً أننا نفتخر بعلاقتنا بسوريا وإيران، وندعو دولاً أخرى لتكون معنا في لبنان ومقاومته، ورأينا أن موقف (الرئيس الفنزويلي هيغو) تشافيز ينسجم معنا مع أنه في آخر الدنيا، لأننا بنينا منظومة علاقاتنا على المستوى السياسي على قاعدة العناوين المشتركة».

ويخلص «على هذا الأساس، ليس دقيقاً أن نقول إن الوثيقة استعارت من اليسار مفرداتها، فهذه هي مفرداتنا التي استخدمناها طيلة هذه السنين، وهي تنسجم مع رؤيتنا التي لا تقبل الاختناق، بل نحن نعتقد أن القوى المستضعفة يمكنها أن تمثّل قوى ضغط ضد الاستفراد الأميركي» الدولي.

ثم يبتسم بخفره المعتاد قبل أن يتابع «فإذا كان البعض قد استأنس بهذه الوثيقة لكونها تحاكي اليسار، فهذا يعني أننا كسبنا قوى إضافية لمصلحة هذه الرؤية».

أما عن الجانب الداخلي في الوثيقة، التي لخّصتها في 17 بنداً فيوضح قاسم «عندما تتحدث عن الوضع اللبناني، فالوثيقة تعبّر عن دور حزب الله ورؤيته في ساحة عمله المباشرة، وطبيعي أن تدخل في تفاصيل أكثر من الجانب الدولي، لذا نجد البنود التي تتحدث عن الدولة، وفي كل بند تستخدم مصطلح الدولة، للتأكيد أن انتظام الوضع اللبناني يحتاج إلى منظومة الدولة، وهي بالمواصفات (التي ترد في البنود)».

وعمّا إذا كانت الوثيقة تنحو نحو اليمين في الشأن الداخلي يقول قاسم «الوصول إلى الدولة بهذه المواصفات الواردة في البنود معناه أن المواطن سيأخذ حقوقه منها بعدالة وتوازن».

الطائفية مؤقتاً

في الوثيقة التي أطلقها الحزب تعرّف أزمة النظام بأنها الطائفية، بينما الحل يأتي باعتماد الديموقراطية التوافقية التي هي تكريس للحالة المذهبية القائمة. يوضح قاسم أن «الوثيقة وصفت الواقع القائم، وتبنّت حلاً مؤقتاً، آملة حلّاً مستقبلياً. الحل الآني هو الديموقراطية التوافقية، وهو حلّ نتج من مجموعة من التجارب الماضية التي أثبتت فشلها، وفي الدولة الأخيرة لم ننتقل من اللااستقرار إلى الاستقرار، بمعانيه المختلفة، إلا عندما ترجمنا مصطلح الديموقراطية التوافقية على شكل الثلث الضامن في الحكومة الماضية، وعلى شكل حكومة الوحدة الوطنية حالياً».

يضيف قاسم «في رأينا، إن هذا التوافق يعطّل فتائل التفجير، ويرفع حالة المظلومية التي تشعر بها بعض الطوائف، فتلجأ إلى عسكرة أو أقلمة أو تدويل مطالبها بما يجعل لبنان في مهبّ الريح».

والحل؟

يتابع قاسم «أردنا أن نكون واضحين، فهذه التركيبة الطائفية القائمة في لبنان لا تصلحها إلا الديموقراطية التوافقية، التي تمنع الانفجار وتمكّن الدولة من السير ببضع خطوات، وهو أمر أفضل من تعطيل الدولة».

يضيف «الحل ذكرناه أيضاً في الوثيقة، وهو أن يبدأ العمل بتأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وصولاً إلى إلغاء الطائفية، وما تعنيه من عناوين في كل المفردات، التي تعجب البعض أو لا تعجبهم».

ولكنّ الديموقراطية التوافقية هي تكريس للحالة المذهبية، يجيب قاسم عن السؤال بالقول «إنها حاجة معبرية للحل الممكن، وإلا فهل يصح أن نطرح حلاً للبنان يبقى خيالاً أو يمثّل استفزازاً دائماً على النيّات؟».

يزيد «أمامنا تجربة من خلال طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري تطبيق اتفاق الطائف بتأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وهو مجرد طرح لتأليف هيئة، وهو أمر موجود في الدستور، وقد تجتمع الهيئة لمدة 100 سنة دون حل، وقد تجد حلولاً ليست في بال أحد، وهي بداية، ومع ذلك قامت الدنيا ولم تقعد، وبدأت المحاسبة على النيّات والتنبيه من أخطار».

يتابع «إذا كانت فكرة الطريق (الطويل) قد أحدثت كل هذه البلبلة، فكيف ببداية نعتقدها مشرّفة (إلغاء الطائفية)؟ ونحن فضّلنا أن نكون واقعيين، نطرح المعادلة الآتية: إلى أن نصل إلى الدولة العادلة والمطمئنة لمواطنيها، وإلى أن نصل إلى إلغاء الطائفية السياسية كخيار يؤدي إلى هذه الدولة، فالديموقراطية التوافقية حلّ عملي معبري للنظام الطائفي، وهذا ليس إقراراً ولا تبنّياً للنظام الطائفي، بل حلول مطروحة للتخلّص من سلبيات هذا النظام، وستكون هذه الحلول دائماً ـــــ للأسف ـــــ هي الحد الأدنى، بسبب الخلل البنيوي».

حق الفيتو

يتابع قاسم رداً على سؤال عن هواجس الطوائف المسيحية من إلغاء الطائفية السياسية «عندما تؤلّف الهيئة، ستكون مكوّنة من كل الطوائف، وطابعها توافقي في النتائج، أي إن حق الفيتو مضمون، أضف إلى أن بند تأليف الهيئة هو جزء من الدستور وحصل في اتفاق الطائف، وكل هؤلاء كانوا موافقين عليه، والحمد لله جميعهم لا يزالون أحياءً، فهل المطلوب الالتزام بالطائف أم لا؟ وهل هذا جزء من الطائف أم لا؟».

... والسياسة الاقتصادية؟

وعن توجه الحزب في المرحلة المقبلة تجاه الشوؤن الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، قال قاسم «قلنا في الوثيقة السياسية بالديموقراطية التوافقية، وترجمنا ذلك بما بعد اتفاق الدوحة والحكومة الحالية. وبما أن هذه الحكومة أخذت الثقة على أساس توجهات عامة اقتصادية واجتماعية، فسنتابع مع وزرائنا وحلفائنا لتنفيذ اقتناعاتنا التي عُبّر عن جزء منها في البيان الوزاري الذي وافقنا عليه، وهناك أمور مرتبطة بتوافر الإمكانيات المالية وحسن الإدارة ومكافحة الفساد».

يضيف «في الحكومة السابقة، انتقل البلد من حالة اللااستقرار بكل المعايير إلى الاستقرار السياسي والأمني وهي خطوة ضرورية للعمل، فلا إمكان لمعالجة شؤون الناس في غياب الاستقرار، ولكن كان عمر الحكومة قصيراً، وطموحات البعض في تحصيل مكتسبات كبيرة من الانتخابات النيابية مبالغ فيها».

«ومر البلد خلال سنة في حالة انعدام الوزن، ولكن الآن يوضح المسار السياسي في البلد أن هناك قوى وازنة تمثّل تعادلاً واقعياً ومتقارباً بين ما سمّي الموالاة والمعارضة، وترجم بحكومة الوحدة الوطنية. وآمل أن تنطلق الآن الحكومة إلى العمل، وأن يرتاح الأثير لفترة من الزمن من القنابل الصوتية».

الفلسطينيّون وقضيّتهم

وعن الملف الفلسطيني في لبنان يؤكد قاسم أن «النقطة المركزية في الملف الفلسطيني التي سنعمل عليها هي السعي لتحصيل الحقوق المدنية لهذا الشعب في لبنان، وبطبيعة الحال تتحمّل الحكومة والمجلس النيابي مسؤولية سنّ القوانين وإصدار التشريعات التي تترجم هذه الرغبة إلى فعل، وسمعنا من عدة أطراف في الحكومة رغبتهم في تقديم الحقوق المدنية بصفتها أولوية مهمة ونأمل التوفيق في ذلك، لأن المسألة لا ترتبط باقتناعاتنا فقط، بل بآليات قانونية. وحين استطعنا التقدم بهذا الملف في زمن وزيرنا طراد حمادة، نفذنا رغبتنا عبر صلاحيات الوزير، ولكنّ الحقوق المدنية الأخرى تتطلّب الإقرار في مجلسي النواب والوزراء».

من النهر

ويعيد قاسم تأكيد موقف الحزب من القضية الفلسطينية، إذ إن «حزب الله مقتنع بضرورة تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، ويعدّ الكيان (الإسرائيلي) مفتعلاً ووجوده غريباً في محيط لا يتحمّله، وهناك أكثر من أربعة ملايين لاجئ فلسطيني خارج أرضهم، و5 ملايين تحت الاحتلال، ونحن مع الحق الفلسطيني في تحرير الأرض، ومعحق العودة للاجئين الفلسطينيين، ومستعدون لتقديم كل أشكال الدعم التي تساعد في التحرير والعودة، ونحن نقوم الآن بما نستطيع وسنستمر، ولكن لا يخفى أن الدور المباشر على الأرض الفلسطينية هو للمقاومة الفلسطينية، وكل ما يحصل في لبنان في مواجهة إسرائيل، سواء بتحرير الأرض اللبنانية، أو بصدّ عدوان، أو تعطيل قدرة إسرائيل على استغلال لبنان بأي شكل، يصب في النهاية في مصلحة القضية الفلسطينية، ويحقق الأهداف التي تنفع لبنان أيضاً».

أما السؤال عمّا يقدّمه الآن الحزب للمقاومة الفلسطينية فهو لا يلقى، كالعادة، أي جواب من نائب الأمين العام للحزب.

تركيا واليمن

ولكن دائماً ثمة اتهام للحزب بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى، ومحاولة إثارة نزاعات في اليمن، والسعي إلى الانتقام لقائده العسكري عماد مغنية في تركيا، هذا الكلام يردّ عليه قاسم بالقول «منذ البداية صرّحنا بأن المعتقل سامي شهاب هو من مجاهدي حزب الله، ويعمل في نقل السلاح والأفراد والتموين دعماً لأهل غزة المحاصرة، وليس لنا أي عمل في الداخل المصري، ولا في الخلافات السياسية في داخل مصر. وعندما بدأت حملة سياسية علينا من النظام المصري لم ننخرط فيها، وخلال فترة قصيرة لم يعد النظام المصري أيضاً في هذا الوارد».

وأما بالنسبة إلى الحوثيين «فلا علاقة لنا بحركتهم ولا تواصل معهم، لا سياسياً ولا غير سياسي، ورأينا واضح بضرورة أن تتفاهم السلطات اليمنية مع الحوثيين سلمياً، لا عبر الحرب الداخلية».

ويوضح أن «ذكر اسم حزب الله في عدد من الأحداث التي تجري في العالم هو محاولة لإلصاق عنوان الإرهاب بالحزب، وأن يضعفوا عنوانه المقاوم الذي اكتسبه خلال جهاده في لبنان، تمهيداً لحشد التأييد الدولي لمحاصرته ومحاولة ضربه، في الوقت الذي نجد فيه أن الحزب توسّع كثيراً في علاقاته الإقليمية والدولية، وحتى الأوروبية التي لا يمرّ موفد منها إلا يحرص على لقاء مسؤولين في الحزب، واكتسب شرعية ومقبولية مهمة كحزب مقاوم، وهو ما يزعج الأميركيين والإسرائيليين، ومن معهما، فيعملون على تشويه الصورة المقاومة للحزب، ولكنها فقاعات غير مؤثرة، ومن يرََ اليوم شبكة علاقات الحزب الدولية يجد أن هذا المستوى من التشويش غير مؤثر».

هو أستاذ الكيمياء الذي تحوّل إلى أحد القادة الدائمين في حزب الله. كلّما زرته، تكتشف أن شخصيّته لا تزال على تهذيبها العالي رغم تضخّم حجم حزبه، وأن الإجراءات الأمنية المتخذة حوله تزداد تعقيداً. الشيخ الذي يقول عنه البعض إنه أكثر الشخصيات القيادية في حزب الله علميّةً، والذي قلّما يستخدم آيات قرآنية في أحاديثه، يظلمه الظهور الإعلامي عادةً، ولا يعطيه حقه إلا الحوار المباشر.