مقابلات

مقتطفات من المقابلة التي أجرتها معه الاعلامية ماغي فرح ضمن برنامج "الحق يُقال" على قناة أو تي في 21/1/2009

إثارة موضوع المسبحة بهذه الطريقة التحريضية موجَّه للتفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر

- من هو المنتصر ومن هو المهزوم في العدوان على غزة ؟

بكل صراحة يوجد خلط عند الكثير من الناس بين الجيش النظامي الذي دُعم دولياً ويُعتبر أقوى جيش في هذه المنطقة وهو الجيش الإسرائيلي، وبين المقاومة وقدرات المقاومة وأساليب العمل المقاوم ونتائج عمل المقاومة، لا يمكن المقارنة بين الأمرين، الجيش يطلق صواريخه بالطائرات بينما المقاومة تطلق صواريخ محدودة المدى والفعالية، هناك أطنان في مقابل بضع كيلوات، لا يمكن مقارنة قوة النار ومستوى الدمار برقابة ما حصل من خسائر هنا وما حصل من خسائر هناك على المستوى البشري والمادي، لذلك عندما نريد أن نقيم ما حصل في غزة نحن نقيم بالأهداف، ما هي أهداف إسرائيل من الدخول إلى غزة؟ إذا كانت إسرائيل قادرة على عد الأنفاق واستطاعت أن تحصيه بـ 2500 نفق وبقي 500 أعتقد أنها ستحتاج بعد فترة من الزمن أن تعيد النظر بعدد الأنفاق الموجودة والمحفورة والتي توصل السلاح، العبرة ليس بما تقوله إسرائيل إنما العبرة في الواقع، ألم يبقى سقوط الصواريخ على إسرائيل كرد فعل من المقاومة ومستمراً إلى آخر لحظة وهذا يعني أن القوة الصاروخية ما زالت موجودة، ومن قال أن القدرة 1000 أو 2000 أو 4000 صاروخ؟ هذه الأعداد هي أعداد وهمية تقولها إسرائيل ولكن العبرة في الاستمرار، فإذاً عندما يكون هدف إسرائيل القضاء على حماس ولا تقضي عليها، عندما يكون هدف إسرائيل إسقاط قدرة المقاومة والممانعة وتيئيس الناس من أجل أن يحملوا عنوان المقاومة ببشاعة الأحداث التي قاموا بها وهذا لا يحصل، بينما نرى الناس في غزة يخرجون محتفلين بالانتصار ويبدون استعداد أكبر للشهادة ويدعمون حماس يعني هذا أن الأهداف الإسرائيلية لم تتحقق، إسرائيل بدأت خاسرة في حربها قبل أن تطلق أو طلقة، وذلك لأنها خشيت أن تُعلن أهدافها لأنها تريد أن ترى ما الذي ستحققه فتقول هذا هو هدفي، تبيَّن أن لا شيء حققته حتى الآن. كانوا يريدون إسقاط تمثيل حماس ولا يريدون الاعتراف بها، الآن حماس أكثر شرعية في فلسطين من أي وقت مضى، حتى الدول الأوروبية والعالم كله هو مجبور أن يحاور حماس، حتى الدول العربية التي كانت تقاطع حماس ولا تريد أن تعطيها دور ستجد نفسها مضطرة أن تمر عبر معبر حماس.

وقراءتي لسبب الحرب على غزة هو أن إسرائيل كانت تعتقد أن غزة تتطلب 4 أيام وأن العملية الأولى التي مدتها ثلاثة دقائق يضربون حوالي مئة هدف دفعة واحدة يقتلون عدد كبير من القادة والمسؤولين فتتضعضع حماس وتفقد قدرة الإدارة والسيطرة، ثم يضربون عدد من الأهداف المتنقلة خلال الأيام الثلاثة التي تأتي بعدها، عندها ستقول حماس: أنا موافقة على أي حل وتسلم أمرها للمصري ولمن يريد أن يتفاوض معها لتعطي شروط بسيطة جداً تمكن إسرائيل أن تأخذ ما تريد، لذلك نلاحظ أن المبادرة المصرية عندما انطلقت لم تنطلق من مطالب حماس وإنما من السقف الأعلى الذي يقول: وقف إطلاق النار، لا تفاوض مع حماس، والأمن يجب أن يكون لمصلحة سلطة عباس، وليس لحماس أي اعتراف وأي دور، هذا كان مستند إلى رؤية سابقة بأن حماس لن تصمد، الأيام الأربعة التي مرَّت لا أخفي أن اليوم الأول كان قاسياً على حماس ولكن استوعبوا الصدمة، لأنه وبحسب معلوماتنا كل الكوادر الأمنية والسياسية لحماس كانت في مخابئها وعندها الاحتياطات اللازمة الضربة جاءت للشرطة، والشرطة لها طابع مدني وزارة داخلية وما شابه، بما أن بنية حماس السياسية والعسكرية بقيت موجودة تابعت عملية المواجهة فوجدت إسرائيل أن الهدف من ضعضعة القيادات لم يحصل وبالتالي اضطروا إلى مرحلة سموها مرحلة ثانية على المستوى فكانت النتيجة أن المرحلة الثانية أيضاً كالمرحلة الأولى هي عبارة عن قتل وتدمير في مواجهة المدنيين وهم لا يستطيعون تسجيل نقاط على حماس بعدد كبير من المسلحين أو ما شابه، بدليل أنه من أصل 1300 فلسطيني أو يزيدون الثلث من الأطفال وأكثر من مئة وعشرة نساء قتلوا في المعركة، فإسرائيل كانت تتصرف ببشاعة عندما كانت تقصف مقرات الأمم المتحدة والأونروا وتعلم أن الموجودين هم من الأطفال والنساء، وتعلم أن هذه الأماكن لا يقرب منها المسلحون.

أما الفرق طبيعة نصر تموز في لبنان وطبيعة نصر غزة في فلسطين: في تموز كان النصر واضحاً في كسر هيبة الجيش الإسرائيلي، وإيجاد حالة من الإرباك الداخلي على المستوى السياسي والثقافي والأخلاقي والعسكري، وفي آنٍ معاً اهتزت قدرة الردع الإسرائيلية وأصبح الإسرائيلي يعيش هاجس المستقبل، وبالتالي فقد اطمئنانه إلى أن كيانه الغاصب له قدرة على الحياة أو الاستمرار بطمأنينة. أما في غزة لأول مرة منذ ستين سنة نرى أن العالم بأسره من الغرب إلى الشرق إلى العالم الإسلامي والغربي وإلى كل الرسالات السماوية، وإلى كل القوى والأحزاب اليسارية واليمينية يتحركون ضد بشاعة الجرائم الإسرائيلية، اليوم الصورة الإسرائيلية في الغرب صورة بشعة، طول الفترة الماضية كانوا يقولون في الغرب بأن إسرائيل بلد ديمقراطي فاليوم الصورة سيئة جداً حتى أني قرأت لوزيرة الخارجية الإسرائيلية "ليفني" في مقابلة مع نيويورك تايمز تقول: نحن لا نريد دعم الدول الغربية وخاصة الأوروبية لنا لكن نريدهم أن يقدروا ما نقوم به ولا يسوؤوا لصورتنا، لأن إسرائيل عائشة أزمة صورة إسرائيل أصبحت صورة بشعة وسيئة.

- ما هو الدافع لدى إسرائيل أن تتصرف بما قامت به؟

بطبيعة الحال إسرائيل كانت تحمل آمال وتتوقع أن الحرب تنتهي خلال أربعة أيام، وإذا انتهت الحرب خلال أربعة أيام يمكن غسل كل النتائج التي حصلت، إسرائيل تشوهت صورتها وخسرت معركتها السياسية والثقافية والأخلاقية من خلال البشاعة التي نشأت عن الاستمرار لمدة 22 يوماً، بالتالي الإسرائيليون لم يذهبوا لمعركة 22 يوماً بل لمعركة 4 أيام.

- لماذا لم تتابع إسرائيل خطتها وتقضي على حماس بما أنها كانت محاصرة والمعابر مقفلة وتقتل الأبرياء وتربك قيادة حماس؟

هناك سبب أكبر، اليوم حماس في داخل غزة لم تعد حماس، فحماس هي الشعب الفلسطيني في داخل غزة، هي كل المقاومين، يعني إذا أرادت إسرائيل أن تدخل عليها أن تقوم بعملة إبادة تطال مليون ونصف إنسان، من يتحمل هذه الإبادة على المستوى العالمي؟ أضف إلى ذلك عندما يدخلون إلى داخل البيوت من قال أنهم يتحملون حجم الخسائر الإسرائيلية من استعدادات المقاومة التي هي موجودة في الأماكن السكنية سواء من خلال الأنفاق أو من خلال العبوات الناسفة، أو من خلال الالتحام المباشر، فالجندي الإسرائيلي جندي لا يستطيع أن يلتحم مباشرة.

- البعض يقول بأن عدوان غزة أسقط نظرية ردع العدوان؟

فلنقل: ما هي فعالية ردع المقاومة؟ لم يقل أحد بأن قوة ردع المقاومة تعني أن لا يدخل الإسرائيلي إلى الأرض، ولم يقل أحد بأن قدرة الردع تعني بقدر ما يطلق العدو ناراً نطلق ناراً، بقدر ما يدمر ندمر. قدرة الردع هي إيجاد حالة ذعر وخوف عند الإسرائيلي من أنه سيدفع ثمناً إذا حاول أن يدفعنا ثمن، في حرب تموز على سبيل المثال لأول مرة من ستين سنة إسرائيل تضطر إلى أن تنزل أكثر من مليون ومائتين ألف إسرائيلي إلى الملاجئ وترتبك الجبهة الداخلية من أولها، وكل نظريات القادة الإسرائيلية كانت تقول بأن الحرب يجب أن تكون في ملعب الآخرين، ولأول مرة في سنة 2006 تدخل الجبهة الداخلية الإسرائيلية في قلب المعركة، واليوم في عدوان غزة ثمانمائة ألف إسرائيلي نزلوا إلى الملاجئ دخلت الجبهة الداخلية في هذا الموضوع، قيمة المقاومة أنها أدخلت المعركة إلى جبهتهم، وعندما تدخل المعركة إلى جبهتهم ويصيبهم شيء من الضعف ويصبح هناك شيء من التوازن، ولا يستطيع العدو أن يتابع المعركة براحته، وبالتالي هذه هي قدرة الردع، ومن قال أنه لو لم نكن نملك قدرة ردع ماذا سيصيبنا؟ لو لم تكن هناك قدرة ردع للمقاومة في لبنان هل كانت إسرائيل ستخرج سنة 2000م؟ فهي محتلة منذ سنة 1978 وحتى 2000 ولم تخرج لا بالدبلوماسية ولا بالقرارات الدولية(425) ولا كل المطالب من رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة ولا كل الذين تعاقبوا على الإدارة في لبنان، لم يقدر أحج أن يفرض على إسرائيل انسحابها، فلولا لم تكن إسرائيل متضررة من المقاومة ويشعرون أنهم لا يقدروا أن يستمروا بهذه الخسائر لم يكن ليخرجوا، فقوة الردع نفعت بإخراج المحتل، وقوة الردع تنفع بعدم جرأته على أن يقوم بعمل ما لأنه يخشى من ردة الفعل. المقصود بقدرة الردع أمران: الأمر الأول أن نخرج الاحتلال، والأمر الثاني أن نخيفه حتى لا يفكر بسهولة أن يقوم بعمل ضدنا. ولا تعني قوة الردع أن نمنع إسرائيل فأصل وجود إسرائيل عدوان واحتلال.

- ماذا عن موضوع المسابح التي تضمُّ صورة السيد حسن نصر الله إلى جانب صور القديسين والنشيد الذي تمَّ التداول به؟

نحن فوجئنا بهذا الموضوع، ولكن لاحظنا أن القوات اللبنانية بالتحديد من خلال موقعهم واستصراحاتهم ومن خلال تحركهم في كلية الحقوق قاموا بحملة مركَّزة ضد حزب الله بموضوع المسبحة تحت عنوان حماية القداسة، نحن ليس لنا علم بالموضوع وإذا كنتم أنتم حريصين فلا تفتعلوا التحريض داخل الساحة المسيحية، فتِّشوا عمن قام بهذا الأمر وتحرَّوا عن الموضوع. نحن لا نرضى أن يكون هناك أي شيء يمسُّ الدين المسيحي أو مقدسات المسيحيين أو يمسُّ الدين الاسلامي ومقدسات المسلمين، ونحن حاضرون للتعاون فيما يرفع أي إشكال في هذا المجال، ولكننا لسنا مسؤولين عن الأمر، فلماذا التحريض علينا والهجمة علينا. هناك محاولة تحريض واضحة في غير محلِّها، ولا تُتابع الأمور هكذا، ولو افترضنا أنا هناك أشخاص مندسِّين فلنفتِّش عنهم، ولكن أنا أرى أن المندسَّ هو من يقوم بالتحريض، وأنا أعتبر أن هذا موجَّه للتفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر، لكي يقولوا: أيها المسيحيون انتبهوا، أنتم تمشون مع أناس يدخلون إلى مقدساتكم، ولكن سيكتشف الناس أن هذا الموضوع تحريض بتحريض. أما موضوع النشيد في الكنيسة، فبصرف النظر عن مستوى إساءته أو عدم إساءته، وإذا كان البعض يعتبر أن هذا الشكل غير مناسب، فنحن ننصح الذين قاموا بهذا الموضوع أن يرفعوه من التداول وتنحلُّ المشكلة، وطالما أن هناك أناس لا يعجبهم الأمر ويضايقهم فنحن نسعى إلى الطلب من أصحابه أن يرفعوه من السوق، فنحن لا يناسبنا أن نُسيء لأحد ولا أن يُسيء إلينا أحد، بل نحن حاضرون أن نتعاون مع أي طرف لرفع الإساءة عن الرسالات السماوية من أي جهة كانت.