في مقابلة خاصة مع الصحفية مروة عثمان من بيروت، يستذكر الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله في لبنان، يوم 25 أيار 2000 يوم المقاومة والتحرير في لبنان، ويعلّق الشيخ قاسم على موقف الكيان الإسرائيلي من هزيمة عام 2006 قائلاً: "إن حزب الله اليوم في أفضل حال من الإعداد للمواجهة فيما لو قررت إسرائيل ذلك وكذلك لدى المقاومة الإمكانات والأفراد والمقدمات اللازمة لأي حالة دفاعية يتطلبها لبنان رغم الانشغال الذي حصل في سوريا."
وعن علاقة حزب الله بالإمام الخامنئي يقول الشيخ قاسم: "نحن منسجمون تماماً مع توجيهات الإمام الخامنئي حفظه الله تعالى ورعاه كولي أمر من ناحية ونحن ملتزمون بأمر الولاية وأيضاً كقائد ملهم يريد أن يحمي المنطقة من الإحتلال وأن يحرر أهلها ولذلك نحن مستمرون مع كل الفصائل الفلسطينية في هذا النهج."
بعد 17 عاماً من 25 أيار 2000 عيد المقاومة والتحرير، كيف هي جهوزية المقاومة اليوم في الجبهة الجنوبية بالتحديد؟
بسم الله الرحمن الرحيم. في الأيام الأولى للتحرير في 25 أيار عام 2000، صدرت تصريحات ومقولات عن جهات مختلفة اعتبرت أن مهمة حزب الله قد وصلت إلى نهايتها وتوقعوا أن لا يكون هناك أي مبرر لاستمرار العمل المقاوم حتى مع احتلال مزارع شبعا و تلال كفرشوبا. ولكن الحزب عبّر من خلال سماحة الأمين العام حفظه الله وكذلك من خلال قياداته المختلفة أن المعركة مع إسرائيل مفتوحة وأن الخطر على لبنان لا زال موجوداً وأن وجود الاحتلال في الأراضي الفلسطينية هو خطر داهم، سواء لإنشاء احتلال جديد أو بالإعتداء من موقع الاحتلال ولذا كان لا بد من استمرار العمل على تهيئة القوة وتجهيز العدّة وتوفير كل الإمكانات لمواجهة التحدّي الإسرائيلي. و صدقت توقعاتنا حيث قام الإسرائيلي بعد ست سنوات من التحرير في سنة 2006 بعدوان كبير أعلن أنه قرره من أجل سحق حزب الله وإنهاء حزب الله كما وردنا من جهات مختلفة. بل كان هذا العدوان لتغيير خارطة الشرق الأوسط الجديد من بوابة لبنان. فكان للجهوزية والإعداد الأثر الكبير بعد توفيق الله تعالى في أن هُزمت إسرائيل شر هزيمة لم تحصل مثلها خلال كل فترة الاحتلال في منطقتنا. ونحن قد تعلمنا الدرس من حرب 2006 واعتبرنا أن إجراءاتنا التي بدأناها للتجهيز والإعداد بشكل مستمر يجب أن تستمر أيضاً. ولذا نحن اليوم في أفضل حال من الإعداد للمواجهة فيما لو قررت إسرائيل ذلك وكذلك لدينا الإمكانات والأفراد والمقدمات اللازمة لأي حالة دفاعية يتطلبها لبنان رغم الإنشغال الذي حصل في سوريا ولكننا أخذنا بعين الإعتبار أن لا تكون هذه المشاركة في سوريا سبباً لإضعاف جبهة لبنان فبقي التوازن موجوداً وبقيت استعداداتنا في لبنان على أعلى درجة بحيث أنّ وجودنا في سوريا لم يؤثّر بحمد الله تعالى على وضعنا وعلى ترتيباتنا في لبنان.
في عيد المقاومة والتحرير قمتم بتحرير أراض لبنانية من العدو الإسرائيلي واليوم أنتم تشاركون في تحرير أراضٍ سورية من العدو التكفيري، هل لعيد التحرير معنىً جديد منذ أن شاركتم في الحرب ضد الإرهاب في سوريا؟
ما يحصل في المنطقة هو شبكة مترابطة، لا يمكن فصل أجزائها عن بعضها، وأساس المشكلة في منطقتنا هي إسرائيل. منذ احتلت إسرائيل فلسطين ومنطقتنا تعاني من الاحتلال والعدوان والتآمر الدولي ومحاولات قلب الأنظمة وتغييرها والعمل على تثبيت التبعية للغرب ولأمريكا. و هناك أزمات اقتصادية وإجتماعية أيضاً ناشئة عن وجود إسرائيل في منطقتنا.
منذ احتلت إسرائيل فلسطين ومنطقتنا تعاني من الاحتلال والعدوان والتآمر الدولي ومحاولات قلب الأنظمة وتغييرها والعمل على تثبيت التبعية للغرب ولأمريكا وفي آخر مرحلة ابتداءً من سنة 2011 عندما بدأت الأزمة السورية، كانت هذه المقدّمة لوضع التيار التكفيري في واجهة الأحداث وإضافة عنصر جديد من عناصر إرباك وإشغال واحتلال المنطقة من قبل الإستكبار. فإذن نحن أمام أزمات مترابطة في المنطقة وما فعله حزب الله في سنة 2000 في التحريركان مؤشراً لإنعطافة مهمة للمحافظة على إستقلال لبنان و في إشعال الحس المقاوم عند شعوب المنطقة خاصّة في فلسطين. وهذا الأمر أغاظ وأزعج الإسرائيليين وتآمروا لمواجهته فكان عدوان 2006 لمواجهة هذا الإتجاه لكن لم ينجحوا في ذلك. لذا اعتقدوا أن الدخول من بوابة سوريا يمكن أن يسبب ضربة قاضية للمقاومة من الوسط. لكن مشاركة حزب الله في سوريا مع الجيش العربي السوري ومع إيران وكل القوى التي واجهت، أفشل مشروع التكفيريين الإسرائيلي. أي أنّ التكفيريين لعبوا دور الأدوات وأيضاً لعبوا دور الأهداف التي تريد إسرائيل تحقيقها في المنطقة، لكنهم فشلوا. لذا بالنسبة إلينا انتصارعام 2000 هو مقدّمة طبيعية لانتصار 2006 على إسرائيل ومقدّمة أخرى لانتصار حزب الله وسوريا على التكفيريين خلال السنوات الست التي مضت حتى الآن لأننا أمام مشروع عدواني واحد وبالتالي هذه الانتصارات هي جزء من المواجهة.
بما أننا ذكرنا أهمية فلسطين للمقاومة الأمر الذي يشكل تحدّي للعدو الإسرائيلي، طرح الإمام السيد علي الخامنئي ورقة خلال مؤتمر دعم الإنتفاضة الفلسطينية الذي عقد في طهران خلال شهر شباط 2017، تضمنت هذه الورقة أهمية استمرار المقاومة الشعبية الفلسطينية في وجه الاحتلال الإسرائيلي وهذا الطرح تدعمه المقاومة في لبنان، ما موقف المقاومة الإسلامية في حزب الله اليوم من خريطة الطريق التي طرحتها مؤخّراً حركة حماس التي تعتبر بدورها من أبرز حركات المقاومة في الداخل الفلسطيني؟ هل يتغير الموقف مع تغير وجهة حماس؟
الإمام الخامنئي حفظه الله ورعاه قدّم في مؤتمر دعم الإنتفاضة الفلسطينية في طهران خارطة طريق تؤكد على أولوية المقاومة على ما عداها ووجوب تحرير فلسطين من البحر إلى النهر وأن يكون الدّعم لكل من يقاوم بصرف النظر عن إتجاهه العقائدي أو الثقافي، فالمهم هو العمل المقاوم لأن هذا العمل المقاوم هو الذي يحرّر الأرض وكل الأمور الأخرى يمكن مناقشتها لاحقاً. على هذا الأساس نحن كحزب الله ملتزمون بهذا الإتجاه ومنسجمون تماماً مع توجيهات الأمام الخامنئي حفظه الله تعالى ورعاه كولي أمر من ناحية ونحن ملتزمون بأمر الولاية وأيضاً كقائد ملهم يريد أن يحمي المنطقة من الاحتلال وأن يحرر أهلها
نحن كحزب الله ملتزمون ومنسجمون تماماً مع توجيهات الأمام الخامنئي حفظه الله تعالى ورعاه كولي أمر من ناحية ونحن ملتزمون بأمر الولاية ولذلك نحن مستمرون مع كل الفصائل الفلسطينية في هذا النهج ولا أعتقد أنه يوجد تغيير يستدعي أن نتخذ مواقف أخرى، فنحن مع المقاومة الفلسطينية بكامل الدعم من أجل مواجهة المحتل الإسرائيلي. وكل من يقاوم في فلسطين نحن معه وإلى جانبه. وأنا أعتقد أن كل الفئات تريد المقاومة وتستمر في المقاومة ولكن تختلف نظرتها بحرارة المقاومة وأولويات التفاصيل إلا أنّ هذه الأمور لا تقف حجر عثرة أمام أولوية المقاومة التي ندعمها ونؤيدها من أي فصيل فلسطيني كانت.
من المعلوم أن المقاومة الإسلامية في لبنان المتمثلة بحزب الله نشأت متأثرة بثورة الإمام الخميني (رحمه الله) عام 1979 التي ما زال يسير على خطاها الإمام الخامنئي. هل من حادثة معينة في ذاكرتكم حصلت مع الامام الخامنئي يمكنكم مشاركتنا بها؟
أذكر قصة مميّزة حصلت بين حزب الله والإمام الخامنئي تبيّن مدى الأولوية الموجودة عند الإمام الخامنئي في مواجهة إسرائيل وذلك عندما كانت هناك مشاكل بين حزب الله وحركة أمل في منطقة إقليم التفاح وجاء الحل في أحد بنوده أن ينسحب حزب الله من منطقة اللويزة ليستلمها الجيش اللبناني وكنا خائفين من أن ينحاز في وقتها الجيش اللبناني إلى الطرف الآخر فنكون قد أفرغنا المكان الذي نتواجد فيه والذي دافعنا عنه كثيراً لمصلحة سقوطه في أيدي أخرى وهذا ما يجعلنا نخسر من خلال الحل السياسي. مع العلم أننا مقتنعون بضرورة إيقاف المشكلة وسماحة الإمام القائد هو في هذا الإتجاه من اللحظة الأولى. أمام هذه المشكلة وجّهنا سؤالاً إلى الإمام الخامنئي في لقاء القيادة معه. سألناه ماذا يمكننا أن نفعل ونحن في هذه الحالة يمكننا أن نخسر المكان الذي نحن فيه؟ قال أنا أسألكم: إذا بقيتم في المشكلة هل تستطيعون مقاومة إسرائيل؟ قلنا لا لأننا منصرفون عنها. قال: إذا حلّت المشكلة وأخذوا المنطقة ما الأمر الجديد الذي سيحصل؟ قلنا أيضاُ لن نتمكّن من مقاومة إسرائيل من تلك المنطقة. قال ما دمتم في الحالتين لن تتمكنوا من مقاومة إسرائيل بسبب هذا الوضع الداخلي فالأفضل أن تقبلوا بالحل لأنه بالحد الأدنى يهيء لكم التفاهم الداخلي وقد لا يحصل ما تخافون منه فتعودون إلى مقاومتكم وهذا هو الأولى، وهذا ما حصل والحمدلله استمرت المقاومة و لم تترجم مخاوفنا على الأرض، على العكس تطورت الأمور بيننا وبين حركة أمل إلى أن أصبحت المؤاخاة بيننا على درجة عالية جداً في التماهي في كل القضايا.
عقب خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الذكرى الأولى للشهيد القائد مصطفى بدرالدين تم التداول في الإعلام عن تسليم حزب الله لمواقعه على الحدود اللبنانية السورية إلى الجيش اللبناني. ما هي الضمانة لتبقى هذه المنطقة آمنة بعدما قدمتم الدماء والجهد فيها لتأمينها؟ وهل سنرى تسليم مشابه داخل الأراضي السورية للجيش العربي السوري؟
إنتشار حزب الله في منطقة الطفيل اللبنانية وجوارها له علاقة بتواجد المسلحين في المنطقة السورية المتاخمة للحدود اللبنانية في كل من مضايا والزبداني وسرغايا والمحيط. وعندما تم تحرير هذه القرى السورية واستلامها من قبل الجيش السوري وخروج المسلحين المعادين منها وبقاء الأهالي، لم يعد هناك خطر من المنطقة السورية المتاخمة للطفيل اللبنانية. فلم يعد هناك حاجة لأن يبقى لنا هذا الإنتشار الواسع ونحن لا نخشى أن يحصل شيء إستثنائي لأن انتشارنا لم يكن في مواجهة خلايا نائمة في لبنان بل في مواجهة مئات المسلحين الذين يشكلون تهديداً في الطرف الأخر. ولأنهم لم يعودوا موجودين ولذا لم يعد هناك حاجة لأن نتواجد. الأمر الثاني ما حصل في سوريا هو أننا متواجدون مع الجيش السوري في مضايا والزبداني وسرغايا وهذا المحيط هو لمواجهة خطر التكفيريين المسلحين. مع زوال هذا الخطر هناك لا حاجة لأن نكون موجودين بين الأهالي، فمهمة رعاية الأهالي وأمن الأهالي في سوريا هي مهمة الدولة السورية والجيش السوري. و هذا ما يؤكّد ما كنا نقوله سابقاً: حزب الله يتواجد في سوريا حيث يجب أن يكون لمواجهة الخطر التكفيري وخطر المسلحين في تغيير الإتجاه السوري وفي ضرب محور المقاومة. أما ما عدا ذلك فلسنا، لا قوات نظامية في داخل سوريا لحل قضايا الدولة السورية ولا لدينا أطماع في أن يكون لدينا بقع من الأراضي السورية. نحن نقاتل في سوريا من أجل مشروع سياسي، مشروعنا السياسي أن تبقى الدولة السورية قائمة على منهجها المقاوم، فإذا توفّر ذلك من دون أي تواجد لنا في أي مكان في سوريا لن يرانا أحد هناك.
على الرغم من أن انتشار حزب الله داخل سوريا شكّل تحدٍّ للكيان الصهيوني الذي قال قمنا بمحاربة حزب الله في 2006 لإبقائه بعيداً عن مجرى نهر الليطاني و هو اليوم على تخوم نهر الفرات، ألا يعتبر تواجدكم و بقاؤكم في سوريا نقطة قوة في مواجهة الكيان الإسرائيلي؟
قوّة المقاومة ليست بتواجد أفرادها فقط، قوّة المقاومة بتواجد جبهة المقاومة. نحن نعتبر أن سوريا الرئيس الأسد هي سوريا المقاومة وهي جزء من الجبهة وبالتالي سواء تواجدنا كأفراد أو كحزب أو لم نتواجد هذه الجبهة متكاملة مع بعضها.
عندما ذهبنا إلى سوريا لم نذهب بديلاً عن نظام لمواجهة في سوريا وإنما ذهبنا لنمنع إسقاط ركن من أركان محور المقاومة ونحن عندما ذهبنا إلى سوريا لم نذهب بديلاً عن نظام لمواجهة في سوريا وإنما ذهبنا لنمنع إسقاط ركن من أركان محور المقاومة. فإذا عاد هذا الركن مسيطراً على البلد بشكل كامل ومؤثّراً في مشروعه فقد وصلنا حقنا ونكون بذلك متواجدين بوجوده وليس بوجود عناصرنا.
بما أننا تكلمنا عن الجبهات المحورية للمقاومة، الجبهة الجنوبية لسوريا تشكل تحدٍ جدي للجميع بما أنها تابعة للمناطق الأربعة الآمنة التي تم الإتفاق عليها في محادثات أستانة في كازخستان، في حال قامت إسرائيل بخرق هذه المنطقة كما هي عادتها هل سيكون هناك دور رادع لحزب الله في المنطقة الجنوبية لسوريا وبالأخص في القنيطرة؟
نحن لا نرغب أن نتحدّث عما يمكن أن يقوم به حزب الله في مواجهة إسرائيل في منطقة القنيطرة، نترك هذا للزمن وللتفاصيل، فليبقى الأمر غامضاً من دون أن تعرف إسرائيل كيف نفكر وماذا نفعل. الآن نحن نقوم بما نراه مناسباً في داخل سوريا بالتالي أي أمر نجده مناسباً لحماية سوريا المقاومة سنقوم به.
ما رأيكم إذاً بالمناطق الآمنة الأربعة التي تم الإتفاق عليها في أستانة بين الدول الضامنة (روسيا- إيران- تركيا) والدولة السورية؟ هل من الممكن لهذا الإتفاق أن يمهّد لحل سياسي واقعي ممكن تطبيقه في سوريا؟
المناطق الآمنة الأربعة التي تم الإعلان عنها في أستانة 4 هي نتيجة إتفاق مع الدولة السورية، قرارها قرار من الدولة السورية. ما تقرره سوريا لشؤونها نحن نؤيده على قاعدة أن النظام في سوريا هو الذي يأخذ هذه التوجهات. لسنا جزءاً من هذا القرار بأن نقول نعم أو لا ولسنا محل التفاوض في هذا الأمر. ما تراه الدولة السورية مناسباً لها تقوم به، وقد أعلنوا أنهم يوافقون على هذه المناطق الآمنة.
ما تقرره سوريا لشؤونها نحن نؤيده على قاعدة أن النظام في سوريا هو الذي يأخذ هذه التوجهات. لسنا جزءاً من هذا القرار بأن نقول نعم أو لا ولسنا محل التفاوض في هذا الأمر. ولكن للعلم أستانة 4 والمناطق الآمنة الأربعة ليس حلاً سياسياً هذا حل أمني مؤقّت. والحل السياسي لم يبدأ بعد. فالحل السياسي لعله يتطلب أشهر قادمة حتى تنضج الأمور أكثر ويفهم القوم ماذا تريد أمريكا الحائرة حتّى الآن والتي لم تحسم خياراتها في سوريا.
الظاهر أن أمريكا حسمت خيارها في شمال سوريا عبر تسليح المقاتلين الأكراد وهذا ما أكّد عليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في بداية شهر أيار. هل من الممكن أن تتواجدوا على تخوم منطقة النزاع في الرقّة الأمر الذي ممكن أن يؤدي إلى صدام مع حلفاء أمريكا من الأكراد؟
لسنا جزءاً مما يجري في الرقة.
ولكن ألا يشكل تسليح الأكراد من حليفه الأمريكي خطراً مُلحاً يعزز إمكانية تقسيم سوريا؟
العبرة فيما يجري في الرقة هو في النتائج السياسية لاحقاً. وليس فيما يجري الآن ميدانيّاً، لأن الإتفاق السياسي هو الذي يحسم كيف سيكون الشكل النهائي وكيف ستتموضع القوى المختلفة وماذا سيكون وضع الأكراد في داخل الدولة السورية الموحّدة. هذه كلها عناوين سياسية لم يحن وقت نقاشها الآن ولا زالت الأمور غامضة في سوريا.
نهايةً في الوضع الداخلي اللبناني. فيما يتعلق بقانون الانتخاب كان ولا يزال موقف حزب الله يرتكز على مقولة الأمين العام: ما يرضى به الآخرون نحن نقبل به ونمضي. ولكن ما هو الخط الأحمر لحزب الله بخصوص قانون الانتخاب لضمان ابتعاد لبنان عن الهاوية السياسية؟
لا حاجة لحزب الله أن يضع خطوطاً حمراء في قانون الانتخابات لأن المطلوب أن نفتش عن الخطوط الخضراء للتسهيل، إذ أنَ وجود أفرقاء كثيرين في البلد أكثر من الخطوط الحمراء التي عطّلت وتعطّل إجراء إنجاز قانون الانتخابات. نحن لدينا طرح منطقي منصف وجامع قلناه مراراً و تكراراً وهو في الحقيقة صورة من صور الطرح الأخضر وهو قانون النسبية بأشكاله المختلفة التي تتجاوز العشرة والعشرين. ونحن نشجع الأطراف على أن يختاروا صيغة من صيغ النسبية وأن يدوّروا الزوايا ليصلوا إلى الحل لأنه بعد التجارب المختلفة في البحث عن قوانين مختلفة كل هذه القوانين لم تلق التوافق المطلوب ولم تنجح في تخطي الخطوط الحمراء من الأطراف المختلفة.
نشجع الأطراف على أن يختاروا صيغة من صيغ النسبية وأن يدوّروا الزوايا ليصلوا إلى الحل آن لنا أن نجد حلاًّ وفي رأينا النسبية حلٌّ للجميع خاصّة بعد أن سمعنا موافقات عليها بالمبدأ تكاد تصل إلى الإجماع من قبل القوى السياسية ولكن يبقى ترجمة هذا الإجماع بتفاصيل ميدانية وعندها يمكن أن نصل إلى حل. نحن الآن أمام خيارين لا ثالث لهما، إمّا أن نصل إلى الفراغ المؤذي والمضرّ للجميع وللعهد، وإما أن ننجز قانون الإنتخابات على شكل من أشكال النسبية كمخرج معقول ومناسب ونحن منفتحون على كل الأحوال للنقاس.
حتى لو كان أحد هذه القوانين سيتسبب بزعزعة لتحالفات معينة قائمة في البلد مثل تحالف حزب الله مع قوى سياسية أخرى في لبنان؟ فمثلاً مع قانون انتخاب جديد ممكن للتحالفات أن تتبدّل.
لا يوجد أي قانون يشكل أي تهديد بالنسبة إلينا ولذلك نحن منفتحون وإيجابيون. وأيضاً لا نجد بأن القانون هو الذي يصنع التحالفات، بل التحالفات هي خارج القوانين والقانون يستثمرها وليس القانون هو سبب لتغيير تحالفات أو تأكيد تحالفات. من يتحالف على أساس القانون يعني أنه غير حليف.