مقابلات

المقابلة التي أجرتها معه صحيفة الوفاق الايرانية في 20/8/2007

المفاوضات حول تبادل الاسرى مستمرة، ولم نتحدث مع احد حول حياة الاسرى الصهاينة

* (الوعد الصادق) اضفت معنويات كبيرة على لبنان والامة، والجيش الذي لا يقهر فزاعة لا اكثر

* ايران بذلت كل خير للبنان، وتدعم المقاومة وحق الشعب اللبناني في الاستقلال

* عجز امريكا في سياساتها احدث لها ارباكا، ونتائج انتصار حزب الله تمنع اسرائيل من خوض تجربة جديدة.

الوضع السياسي في لبنان واستمرار الأزمة فيه والاستحقاق الرئاسي ودور الولايات المتحدة في افتعال الأزمات بالمنطقة ونتائج عملية الوعد الصادق بعد مرور عام على ذكراها وتبادل الاسرى والعلاقات مع ايران، واستعداد حزب الله لحرب جديدة، هي أهم المواضيع التي تناولتها صحيفة الوفاق في حوار شامل مع سماحة الشيخ نعيم قاسم نائب امين عام حزب الله لبنان، والذي رد على اسئلة الوفاق برحابة صدر، وجاء الحوار كما يلي:

س) الى متى ستستمر الأزمة السياسية في لبنان، والمستمرة منذ عدة أشهر؟

ج الازمة اللبنانية ليست أزمة داخلية بحتة بين الاطراف التي تمثلها المعارضة وقوى السلطة، وانما هناك تدخلات دولية واقليمية وعلى رأسها التدخل الامريكي الذي يحاول أن يعرقل كل الحلول المقترحة، نظرا لأن البلاد في ترتيباتها الحالية وصيغة دستور الطائف اضافة الى ما يمكن ان يحل المشكلة الحالية لا ينسجم مع المطالب الامريكية التي تريد ان تفرض الوصاية على لبنان، ونحن اعتبرنا أننا انتصرنا في مواجهة العدوان العسكري الصهيوني الذي كان بتوجيه امريكي وبدأ بعدها العدوان السياسي الامريكي الذي حاول ان يوظف كل الامكانيات لمنع التسوية في لبنان الهادفة الى ترتيب الوضع الداخلي.

على هذا الاساس رأينا أن الظروف اصبحت معقدة وتعقيداتها كانت بسبب هذا الترابط الاقليمي الدولي، أضف الى ذلك ان طبيعة الوضع الداخلي تختلف عادة عن طبيعة العدو الخارجي، فالمعروف ان العدو الخارجي تقاتله، فتطرده من أرضك، اما في الوضع الداخلي فهناك مواطنين حتى ولو اختلفوا معك في الرأي لابد أن تجد تسوية سياسية معينة للتفاهم، لأنه لا يمكن لأحد ان يلغي الآخر، وهذه هي قناعتنا. من هنا علينا الصبر وأن ننتظر امكانية الحل ببعض المبادرات المطروحة وان طال الامر، لكن في نهاية المطاف لا حل في لبنان إلا بالتفاهم، لأنه لا يمكن لأي فريق أن يلغي الآخر، ونحن بحاجة الى بعضنا البعض.

ما يهمنا خلال هذه المرحلة إننا منعنا الفريق المتسلط على البلاد من أن يضع البلاد تحت الوصاية الامريكية وهذا اكبر نجاح، وانشاء الله نتوصل للحلول قريبا وعلينا ان ننتظر ذلك.

س) كيف تنظرون الى الدور الامريكي وسفير الولايات المتحدة في لبنان (فيلتمان) في استمرار الأزمة الحالية؟

ج لو ترك الأمر لقوى السلطة، لأفترقت فيما بينها بين من يرغب في ايجاد تسوية وحل ومن لا يريد، لكن مع التدخل الامريكي هناك محاولات حثيثة لابقاء الترابط بين قوى السلطة حتى لا يدخلوا في الحل مع المعارضة. وفي الفترة الاخيرة عندما وجد فيلتمان ظهور بعض الثغرات في قوى السلطة، حاول ان يتدخل مباشرة وعبر وسائل الاعلام ويعطي آراءه ومواقفه بشكل مباشر، وهذا غير مألوف بالنسبة لسفراء الدول عادة، لكنه يشير الى الأهمية التي توليها امريكا للبنان، فهي لا تتحمل الخسارة الكبرى التي انتكست بها اسرائيل بسبب حرب تموز الماضي وتريد ان تعوض عن ذلك بالهيمنة، ولكن انشاء الله لا يكتب لهذا الامر النجاح، ونحن نعتبر أن لبنان كان بوابة لسقوط مشروع الشرق الاوسط الجديد.

س) هناك نظرية تقول، ان الولايات المتحدة تسعى لتربط الامور الجارية في العراق ولبنان وفلسطين، انتم كيف تقيّمون هذا الامر؟

ج.امريكا لا تتحرك في المنطقة بشكل مجزأ وانما تتحرك بشكل متكامل، هي لها مشروعها وقد اعلنته رايس بوضوح وايده الرئيس الامريكي جورج بوش، هي قالت بعد عدة ايام من بداية العدوان الاسرائيلي على لبنان بأن ما يجري هو آلام مخاض شرق اوسط جديد، إذاً هناك قناعة لدى الادارة الامريكية بايجاد شرق اوسط جديد، وهذا يعني اعادة رسم خريطة المنطقة سياسيا، فأمريكا لم تتدخل في العراق وتحتله الاّ كجزء من هذه الخارطة وهي لا تعترض اليوم على النووي الايراني إلا كجزء من هذه الخارطة وخربت العلاقات الفلسطينية - الفلسطينية كجزء من هذه الخارطة ايضا، وهي دعت اسرائيل للاعتداء على لبنان كجزء من هذا المشروع.

إذاً: المشروع الامريكي هو مشروع هيمنة وسيطرة على كل المنطقة واعادة تقسيمها بما ينسجم مع المصالح الامريكية. من هنا لا يمكننا الحديث عن لبنان بمعزل عن البلدان الاخرى، والذي يربط الموضوع هو الأمريكي، وهذا لا يعني ان اللبنانيين يربطون مصيرهم بما يجري في العراق او في ايران او في فلسطين، وإنما هذا يعني أن امريكا هي التي تربط هذه الامور مع بعضها البعض من أجل بناء شبكة مترابطة لسياستها. ومع أن فشل مشروعها في لبنان حتى الآن وتعثره وإحباطها في الخطو نحو الامام وضعها في حالة من الارباك الكبير، لكنها ستستمر في المحاولات.

كذلك نرى ان المشروع الامريكي قد فشل في العراق وفشل في مواجهة ايران وسوريا، لكنها ستواصل محاولاتها، وعلينا ان نصمد وان نفوت الفرصة حتى يتداعى هذا المشروع ويسقط في نهاية المطاف.

س) نظرا لفشل المبادرات السابقة لحل الأزمة اللبنانية، كيف تنظرون الى تأثير نتائج مؤتمر باريس على الأزمة السياسية في بيروت؟

ج.كنا نعلم من اللحظة الاولى التي انعقد فيها مؤتمر سان كلو في باريس، ان هذا المؤتمر هو خطوة اعتبارية لها علاقة بفرنسا اكثر مما لها علاقة بالحل الجدي في لبنان، ولم تكن هذه الخطوة كجزء من مبادرة متكاملة وانما كانت محاولة لفتح ثغرة في الجدار، ونحن استجبنا لهذه المبادرة كما استجبنا لمبادرات اخرى على قاعدة اعطاء منح الفرص للمبادرات حتى لو كانت قابلية النجاح فيها بسيطة. لكن المشكلة الى الآن هي ان الطرف الآخر لا يستجيب للمبادرات وأن امريكا هي التي تقف حاجزا امام اي اتفاق، علما ان المطلوب هو تشكيل حكومة وحدة وطنية تساعد في أن يكون جميع الاطراف موجودين في داخلها وهذا منسجم مع التمثيل النيابي وليس خارجا عنه، عندها نفتح الابواب امام كل القضايا ونعالجها بطريقة داخلية.

س) الى أي مدى تأملون بتحقيق حكومة الوحدة الوطنية؟

ج.للأسف لا استطيع ان اضع جدولا زمنيا لهذا الأمر، لأن المسئلة ليست مرتبطة بأحداث محددة وانما هي مرتبطة بمدى تحمل أمريكا وإحساسها بأنها لا تستطيع ان تحقق من خلال قوى السلطة في لبنان مشروعها إذا استمرت على هذه الشاكلة، وقد تخضع في نهاية المطاف وتقبل بخطوة من خطوات الحل، علها تستطيع أن تطيح بمشروع الوحدة الوطنية بأساليب اخرى وهذا أمر ليس مرسوما بشكل واضح حتى الآن. ونأمل ان يكون اقتراب الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس الجمهورية في لبنان من الآن وحتى ثلاثة أشهر تقريبا، عاملا محرضا ومحركا لاجل ايجاد خطوات للحل.

س) تطرقتم الى الانتخابات الرئاسية ورأينا مؤخرا الانتخابات النيابية في المتن اللبناني وانتصار التيار الوطني الحر بزعامة العماد عون، وهو حليف لكم، هل هذه الانتخابات هي مؤشر يوضح نتيجة الانتخابات الرئاسية؟ ومن الذي ستدعمه المعارضة في الاستحقاق الرئاسي ومن هو مرشح المعارضة؟

ج.ان تجربة انتخابات المتن في لبنان كانت تجربة فريدة من نوعها، وقد شعر كل العالم وكأننا امام انتخابات نيابية لكافة مقاعد البرلمان وليس لمقعد واحد فقط، وهذا بسبب عمق الأزمة السياسية الموجودة، وان انتصار مرشح التيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشال عون، الحليف لحزب الله والذي هو جزء من المعارضة يعتبر انتصارا مهما لهذا الخط والمشروع الذي يريد الوحدة الوطنية وعدم جعل لبنان في دائرة الوصاية، لكن هذه الانتخابات غير كافية لاعطاء مؤشر عن نتائج الانتخابات الرئاسية وكل ما تقوله هذه الانتخابات بأن هذه الفئة التي اسمها المعارضة هي قوية في الشارع ولها تمثيل قوي، ولو جرت انتخابات نيابية مبكرة في لبنان الآن لكان اغلبية المجلس النيابي مع المعارضة، وهذا هو المؤشر الذي تعطيه نتائج انتخابات المتن.

اما بالنسبة لمرشحنا بشكل اكيد، نعم ربما تسأل وماذا عن العماد عون، نحن قلنا مرارا وتكرارا انه مرشح جدي وكفوء وله دور كبير، لكن كي نعلن عن الاسم بشكل نهائي نحتاج الى بعض الوقت ليبدأ الاستحقاق الفعلي الذي يستلزم إعلان الاسم بشكل رسمي.

س) يقال ان الهدف الرئيسي من العدوان الاسرائيلي والمحكمة الدولية وإثارة الازمات السياسية هو نزع سلاح المقاومة الاسلامية، انتم كيف تقيّمون هذا الموضوع؟

ج.الحرب الاسرائيلية على لبنان لم يكن لها إلا هدف واحد، هو القضاء على حزب الله، ونزع سلاح المقاومة بالكامل، وهذا هدف امريكي - صهيوني، وليس مخفياً وقد أعلنته القيادات الاسرائيلية المختلفة في محطات عدة، لكن الحمد لله تعالى كان انتصار حزب الله والشعب اللبناني انتصارا كبيرا اسقط هذا المشروع الاسرائيلي وظهرت الخيبة من خلال استقالات متعددة وتقرير فينوغراد، وما يجري في الكيان الصهيوني من تداعيات بسبب هذه الهزيمة، إذاً كان التحدي كبيرا جدا أمام حزب الله، ومع فشل هذا المشروع الصهيوامريكي ستكون هناك انعكاسات على اسرائيل وعلى المشروع الامريكي، كما منحت نتيجة الحرب زخما جديدا لحزب الله وقوة اضافية بحمد الله تعالى للتقدم نحو الامام، ومن هنا قلنا بأن هذا النصر كان نصرا استراتيجيا لحزب الله والأمة وكانت هزيمة استراتيجية لاسرائيل وامريكا وستظهر هذه الآثار تباعا انشاء الله.

س) بعد مرور عام على عملية (الوعد الصادق) كيف تقيّمون نتائجها وآثارها على الوضع اللبناني والمنطقة؟

ج.الوعد الصادق منح معنويات عالية لشعب لبنان وللأمة وأثبت أننا نستطيع ان نصنع مستقبلنا واستقلالنا ولا يستطيع احد ان يفرض علينا شيئاً. اليوم بعد مرور سنة إكتشفنا بعض ايجابيات الوعد الصادق، مثل المعنويات المرتفعة لدى الامة والاستعداد للتضحية والعبر والفشل الذريع عند الطرف الآخر. لكن اعتقد ان النتائج التي تبرز لاحقا من الناحية الايجابية من طرفنا ومن الناحية السلبية من طرف اسرائيل وامريكا تكون اكبر واكبر، هذه ككرة الثلج تكبر مع الزمن لأن آثار هذا الانتصار جعلنا نشعر بأمكانياتنا وقدراتنا وطاقاتنا وحجم الالتفاف الشعبي حولنا وان هذا الجيش الذي لا يقهر هو فزاعة لا اكثر ولا اقل، وان امريكا لا تستطيع ان تخطط وتفعل ما تشاء وهي تتعثر، هذه نتائج مهمة والنتائج القادمة انشاء الله اكبر واكبر.

س) احدى اهداف عملية (الوعد الصادق) كان الافراج عن الاسرى، ما هي آخر الاخبار حول عملية تبادل الاسرى والمباحثات حول هذا الموضوع، وخاصة بعد ان أعلن وزير الخارجية الفرنسي ان الجنود الصهاينة على قيد الحياة؟

ج.المفاوضات حول الاسرى والمعتقلين لازالت مستمرة وعندما يحصل أي تقدم وأي شيء يتطلب تبليغه للرأي العام، سيكون هناك طريقة لتبليغ الرأي العام بهذا التقدم او الانجازات التي يمكن ان تحصل، نستطيع القول الآن انه يوجد مفاوضات لا اكثر ولا اقل، اما مسألة الحياة او الاشارة الى ذلك فهذا امر لم نتحدث به مع احد وليس مطروحا عبر وسائل الاعلام وهذا جزء من المفاوضات، الامم المتحدة هي التي كلفت مندوبا وهو يتابع الوساطة.

س) كيف تقيّمون العلاقات مع ايران، خاصة ان فريق السلطة التابع للولايات المتحدة دائما يتهم ايران بأنها تساعد المعارضة الوطنية في لبنان؟

ج.ايران بذلت كل خير للبنان وكانت السبّاقة مع بعض دول المنطقة الى القيام بالاعمار وبذلت الجهود الحثيثة في لبنان لاعادة الناس الى ديارهم وكذلك لاصلاح بعض الطرق والجسور وما شابه، والدولة اللبنانية تعلم تماما ان ايران دولة صديقة ومتعاونة وتدعم المقاومة وتدعم حق الشعب اللبناني في الاستقلال وعدم وجود اي وصاية اجنبية عليه، لكن لأن فريق السلطة هو جزء من الترتيب الامريكي في المنطقة ولأنه يواكب متطلبات امريكا، نراه يقف في الخندق نفسه وبالتالي ما تعترض عليه امريكا في المنطقة او تجده معاديا لها هم يحاولون تقليدها في شعاراتهم من أجل أن يكونوا مقبولين عند امريكا، لأن امريكا تدفعهم لابراز حالة العداء ضد ايران، والا فأنهم يعلمون تماما ان ايران صديقة حميمة للبنان ولا يمكن ان تكون عدوا وهي لم تفعل شيئا سلبيا تجاه لبنان في أي حال من الاحوال.

س) يدور حديث عن حرب جديدة اسرائيلية ضد لبنان، فما مدى استعدادكم لذلك، وما هي المفاجأة الكبرى الذي تحدث عنها سماحة السيد حسن نصر الله في ذكرى الانتصار الالهي؟

ج.الكيان الاسرائيلي قام بالعدوان وبنى كل منظومته على أساس الاستعداد العسكري والاعتداء تلو الآخر، تارة يكون اعتداءً متنقلاً من منطقة الى اخرى ومن مجموعة الى اخرى، وتارة يكون حربا شاملة كما حصل في مراحل الصراع كلها، لذلك وعندما نسمع ان اسرائيل تقوم اليوم ايضا بالأستعداد وتجهيز نفسها، فأن هذا ينسجم مع طبيعة الكيان الذي يعتبر وجوده مرتبط بالقوة العسكرية وبالاعتداءات المتنقلة، لكن في اعتقادنا ان الظروف الحالية للعدو الصهيوني والنتيجة التي برزت من انتصار حزب الله في لبنان لا تسمح لاسرائيل بأن تخوض تجربة جديدة على الاقل في المدى المنظور، لأن هذا الامر له تكلفة كبيرة على اسرائيل وليس له ثمار سياسية يمكن ان تقطفها بعد الفشل الذريع الذي اصيبت به.

اما المفاجأة التي تحدث عنها سماحة الامين العام فهي تفقد معناها اذا ذُكرت، فلتبقى مفاجأة وليحلل المحللون كما يشاؤون، اما متى تفكر اسرائيل بالاعتداء، بالتأكيد ستنتظر الظروف السانحة، ربما في المستقبل، وقد لا تسنح لها هذه الظروف، يعني ليس كل ما تفكر به اسرائيل تستطيع ان تنفذه فتترك الامر للمستقبل. الآن لا توجد ظروف مؤآتية لحرب على لبنان، ونحن كحزب الله مستعدون دائما لأننا نعتبر اسرائيل خطر حقيقي ولا نأمن جانبها وان لم نكن في حالة جهوزية فهذا يعني اننا قد نتعرض لاخطار كثيرة. الحل الوحيد هو استمرار الجهوزية للدفاع عند الحاجة.