في مقابلة له مع إذاعة مونتيكارلو قال نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في سؤال له عن مسيرة 14 شباط وانعكاساتها على المرحلة المقبلة ، قال : 14 شباط هو الذكرى السنوية لاغتيال الرئيس الشهيد الحريري ، وبالتالي من الناحية العملية هي محاولة تأبين للشهيد ، لم أجد في الكلمات التي طُرحت مواقف سياسية تُؤسّس لمرحلة قادمة ، وإنما هي عبارة عن تكرار للآراء السابقة التي طُرحت مراراً وتكراراً ، مع بعض الظروف التي أحاطت بالمسيرة والتي كان فيها شعارات لا تخلو من محاولة استفزاز المشاعر الطائفية وإثارة بعض العناوين عن طريق الكلمات التي لا تليق بمثل هذه المسيرة ، وفي اعتقادي أنها ستمرّ بشكل طبيعي وعادي, إلا أنه كان المتوقّع أن يكون هناك خطاب حواري يفتح المجال لصفحة جديدة أفضل من الصفحة السابقة ، لا أن يكون هناك خطاب فيه طابع انغلاقي في بعض الكلمات التي طغت على هذا الحفل ، وعليه أعتقد أن المسألة السياسية لم تكن مسألة بارزة في التأسيس لمرحلة جديدة وإنما هي استمرار للماضي مع شيء من التصعيد في اللهجة ، ومحاولة إيجاد جوّ متوتر لا ينسجم مع الجو الحواري المطروح .
• عن التحالف مع التيار الوطني الحر قال سماحته :
التفاهم بين حزب الله والعماد عون هو أرقى موقف حضاري اتُّخذ خلال الفترة الماضية ، ونشأ عن تفاهم حقيقي بعد نقاش طويل ، وقيمته أنه جاء من خلال طرفين كبيرين في البلد ، لكلٍّ منهما تمثيله الحقيقي والفعلي . نحن لسنا أمام اسماء ، نحن أمام قوى حقيقية وبالتالي ميزة هذا التفاهم أنه ثُبّت خطيًّا وأُعلن للرأي العام ليقول أنه يريد أن يعمل هذا الطرف مع الطرف الآخر على قواعد سياسية واضحة ، وليس على مجرد عواطف أو تحالفات انتخابية آنية أو ما شابه ، وهو تجربة حوارية ناجحة جداً، يصلح للجميع إذا أرادوا أن يدخلوا في المسألة الحوارية, ويروا كيف يمكن أن تتقارب وجهات النظر . وهذا لم يُكتب من أجل أن لا يُعمل به ، وإنما من أجل أن يُنفّذ ، وميزته أيضاً أنه لا توجد له ملاحق سرية أو اتفاق تحت الطاولة ، وإنما كل ما تمّ الاتفاق عليه حرفياً موجود في الاتفاق ، يستطيع الجميع أن يقرأه بوضوح ، فما لم يردْ في الاتفاق يعني أنه ليس موجوداً في اتفاق آخر ، وعليه من أراد أن يقيِّم مضمون الاتفاق وتفاصيله فهو أمامه شفاف ومكشوف ، ولم نفكر لحظة واحدة أن يكون هذا الاتفاق لا لمرحلة ولا لعنوان انتخابي ولا لقضية جزئية ، هذا اتفاق لبناني بامتياز بين فريقين كبيرين يتمنّيان أن يكون له الأسس الحقيقية للاستمرار .
لا توجد أي مشكلة فيما يمكن استنتاجه من هذا الاتفاق ، فالمعلوم أن ما ورد في الاتفاق حول سلاح المقاومة هو نتيجة نقاش طويل بين حزب الله والعماد عون ، وما توصّلنا إليه هو القاسم المشترك الذي نقتنع به ، لا بدّ أن يعتقد العماد عون أنه حقّق انجازاً من خلال النص الموجود ، وكذلك نحن نعتبر أننا حقّقنا انجازاً من خلال هذا النص الموجود ، هو يعتبر أنه قرّبنا إلى فكرة الحوار التي تساعد على إيجاد حلول معيّنة ، ونحن نعتبر أننا قرّبناه من فكرة ابقاء الأمر داخلي ، بعيداً عن الموضوع الخارجي ، وكلانا كان ناجحاً في هذا الأمر ، وهذا ما قصدته ، أن امكانية التقارب والوصول إلى قواسم مشتركة من خلال الحوار أمر ممكن ، وهذا ما أبرزه التفاهم بشكل واضح .
• وعن رؤيته للمرحلة المقبلة قال :
الحوار بين الأطراف يتطلب اعترافاً بوجود الآخرين ، والاعتراف أيضاً بأن لا امكانية لأحد في لبنان أن يقود البلد كما يريد ، يمكن لكل فريق ، صغُرَ أم كبُر أن يخرّب البلد ويمكنه أن ينقله إلى الفوضى ، كما يمكنه أن يعطّل كل حوار وكل مستقبل للبنان ، لكن لا يمكن لأي فريق مهما كبُر ولأي مجموعة من الأفرقاء إذا اجتمعوا مع بعضهم وألغوا الآخرين، لا يمكنهم أن ينهضوا بالبلد وحدهم ، وأن يسببوا حالة من الاستقرار السياسي والتفاهم السياسي . نحن من دعاة الحوار ونحن جدِّيون في هذا، أنجزنا حواراً بناءً مع العماد عون ، ما يعني أننا نسير في الاتجاه الصحيح ، على الآخرين أن يفكروا جيداً ما الذي يريدونه ، هل يريدون حواراً أم لا يريدون الحوار ؟ فإذا كانوا يريدون حواراً ، فالمنطق الذي يطرحونه والتعبئة السياسية والاعلانات التي يطرحونها لا تصلُح لخوض حوار ناجح وبناء ، سيتحول الحوار عندها إلى مجرد جلسات للتخاصم والتراشق الاعلامي ، أو ستكون الجلسات تمهيدا لمؤتمرات صحافية على شاشات التلفزة وعبر وسائل الاعلام ، هذا لا يكون حواراً وإنما يكون استعراضاً لن يقدّم انجازات لمصلحة لبنان ، أما إذا كان هناك جدية في الموضوع ، لا بد أن تتغيّر حالة التوتر السياسي، وأن يكون هناك خطاب مختلف ، على الأقل تكون هناك أجواء تهدئة تفتح المجال أمام حوار ، فيقول كلٌّ من الحاضرين ما يشاء للوصول إلى نتيجة . في الحقيقة أنا أفكر دائماً ، ما الذي يوتّرهم ؟ ما الذي يجعل البعض في حالة هيجان ؟ هذه تدلّ على نقطة ضعف ، لأن الواثق من نفسه يستطيع أن يكون قوياً ، وأن يطرح منطقه السياسي وآراءه السياسية ، ويحاور الآخرين ، ويبيِّن للناس الحق ، في النهاية هناك قواعد لا بدّ أن تُثبت نفسها .