مقابلات

المقابلة التي اجرتها معه جريدة الاخبار في 11/10/2006

لا لقاء مع الحريري قبل نضوج بعض الأفكار

اكد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان حكومة الوحدة الوطنية تشكل بداية حل حقيقي للوضع القائم، معتبراً أن "هناك من يستعمل المحكمة الدولية كفزاعة". وطمأن الى ان "لا مقومات فعلية لفتنة سنية - شيعية"، لافتاً الى لا مشكلة في اللقاء مع النائب سعد الحريري "بعد أن تنضج بعض الأفكار السياسية"

¶ ما هي قراءة حزب الله للمرحلة الحالية؟

ــــ المشهد السياسي في لبنان متوتر وغير مستقر، وهذا أمر طبيعي لأن هناك من يخافون من فكرة التغيير نحو الافضل ويريدون المحافظة على مكاسب يخشون أن يتقاسموها مع الآخرين لئلا تتضرر مصالحهم الخاصة، ولذا يرفضون أي حالة تغيير تنسجم مع التطورات التي حصلت بعد 12 تموز. علماً بأن حجم الحدث يفترض أن تكون هناك قراءة جديدة للواقع اللبناني وللواقعين الاقليمي والدولي، تأخذ في الاعتبار التطورات بعد العدوان الاسرائيلي. لذا يفترض بكل القيادات ان تجد الطريق الملائم لوضع البلد على سكة الاستقرار، وفي اعتقادنا أن هذه السكة تبدأ بحكومة وحدة وطنية تشق طريقاً لتعاطي الاطراف بعضها مع بعض بعيداً من الحسابات الضيقة.

¶ هل يعني ذلك أن التغيير الحكومي قرار نهائي للحزب ولا عودة عنه؟

ــــ لم نطرح فكرة الحكومة الوطنية شعاراً سياسياً في الفراغ، وانما لاقتناعنا بأنها تمثّل حلاً حقيقياً. طبعاً هناك حلول أخرى نحتاج اليها، لكن طرح حكومة الوحدة يرتبط أساساً بأنها الأقرب الى امكان التحقق ويمكن أن تفرز نتائج ايجابية بسرعة. لبنان في حاجة أيضاً الى انتخابات نيابية مبكرة والى قانون انتخابي عادل. نحن في حاجة الى الفصل بين السلطات، والى ألا يكون المجلس الدستوري مسيّساً، والى أن يكون القضاء على مسافة واحدة من الجميع، والى أن يتشكل الواقع العسكري والامني بطريقة تشعرنا بأن الجيش والقوى الامنية المختلفة هي ذراع لبنان. اذاً، الامر لا يقتصر على حكومة الوحدة الوطنية. هذه نماذج عن هذه الخطوات التي يمكن أن يختار اللبنانيون بعضها ويمكن أن يختاروا بعضها الآخر أو يضيفوا أموراً أخرى. لا نقولها كمسلّمات، بل كأفكار للأخذ والرد من أجل الوصول الى قواسم مشتركة. على هذا الاساس أكدنا أن حكومة الوحدة طريق حقيقي لبداية الحل، ونأمل استجابة قوى 14 شباط لذلك.

¶ ماذا إذا لم يستجيبوا؟

ــــ الأمور موضع نقاش. طرحنا فكرة حكومة الوحدة الوطنية بأسلوب إيجابي وأعطينا أنفسنا مهلة الى آخر شهر رمضان لنقرر الخطوات المناسبة على ضوء ما نستجمعه من نقاشات وحوار. إذا مرت هذه الفترة من دون خطوات عملية في اتجاه حكومة كهذه فسندرس ما يمكن أن نفعله.

¶ هل تبحثون في الاستقالة من مجلس النواب والحكومة وصولاً الى إعلان عصيان مدني؟

ــ مع نهاية رمضان ستكون الامور واضحة وسنتخذ قراراتنا ونحدد آليات العمل. ربما تكون مثل هذه الآليات مطروحة وربما غيرها. لا استطيع أن أجزم الآن. قد تحصل تطورات تساعد على تأليف حكومة الوحدة الوطنية من دون الحاجة الى مثل هذه الافكار.

هل غايتكم من حكومة كهذه الثلث المعطل؟

ـــ حكومة الوحدة الوطنية كالكرة المتدحرجة تفتح باباً للمعالجة. هذا الباب سيجعل الافرقاء في البلد كلهم على طاولة واحدة، ويجعلها تالياً طاولة حوار وحكومة انقاذ في آن واحد. لولا أن الحكومة الحالية قاصرة وعاجزة لما احتجنا الى طاولة حوار نضم إليها طرفاً او أطرافاً من اجل ان نسد هذه الثغرة. عندما تحدثنا عن الثلث المعطل، كنا نعتبر أن مجموع الاطراف الذي سيكونون في حكومة الوحدة لن يشكلوا معاً، سواء كانوا فريق 14 شباط او غيره، الثلثين اللذين يأخذان البلد الى حيث يريدون من دون أخذ آراء الآخرين في الاعتبار. هذا هو المقصود بالثلث المعطل. أما حمل هذه الفزاعة من اجل منع التغيير فليس في محله. من قال إنه يحق لطرف في هذا البلد أن يأخذ البلد الى حيث يريد، كيف يحق لمن يملك 55 في المئة من مقاعد المجلس النيابي، بصرف النظر عن صحة التمثيل او عدمه، أن يشكل ثلثي الحكومة ويأخذ القرارات المصيرية. نحن لا نتحدث عن ادارة بلد. هذه الادارة يمكن ان تحصل بالأغلبية وكل القرارات تتخذ وفق اسس قانونية. الحديث عن الثلث المعطل مرتبط بالقرارات المصيرية فقط.

¶ هل تجاوزتم خشية اندلاع فتنة سنية ــ شيعية؟

ــــ لا مقوّمات فعلية لفتنة سنية ــ شيعية، لا الآن ولا في المستقبل. أداؤنا في الفترة السابقة كان يؤكد على اخراج أي عنوان مذهبي من الحركة السياسية. لا نناقش أحداً ولا نقترح اقتراحات سياسية من موقع مذهبي. كل الحركة في البلد حركة سياسية، لها علاقة بالقناعات وبرؤية مستقبلية. انتقادات رئيس الحكومة او الحكومة موقف سياسي. والنقاش في بعض المواقف موقف سياسي. اذاً، من الخطأ ربط الامور بالحالة المذهبية. سمعنا في بعض الحالات ان التعليق على رئيس الحكومة او على موقف معين للنائب سعد الحريري، مثلاً، يدخل في اطار الاثارة المذهبية. هذا ليس صحيحاً لأنه موقف سياسي لا يأخذ في الاعتبار الموقع المذهبي لأن مثل هذه الانتقادات يمكن أن تطبّق على آخرين من مذاهب أخرى. المطلوب ألا يحصل تحريض مذهبي، وهذه مسؤولية الجميع. نحتاط دائماً لمنع الاثارة المذهبية التي يمكن ان تؤدي الى فتنة، وأعتقد ان جملة الخطوات التي اتخذناها والتي اتخذها آخرون ايضاً لا تفسح في المجال أمام مثل هذه الفتنة.

¶ يتردد كلام عن اقتراح حوارات ثنائية بديلاً لطاولة الحوار؟

ــــ طاولة الحوار بصيغتها القديمة لم تعد مجدية، ولم تعد قابلة للحياة على الاقل في الشكل. ليس معلوماً ما إن كانت هناك فكرة خلاقة تساعد على إيجاد حوار يختلف في شكله عن هذا الاجتماع العام. اما عن العلاقات الثنائية فنحن، بكل وضوح، لسنا في حاجة الى وسطاء مع أحد. كلنا نعرف بعضنا بعضاً، يمكننا ان نجلس ثنائياً وأن نناقش، لكن المهم ما نناقشه والافكار السياسية المطروحة. لا نريد نموذج اللقاءات التي يغلب عليها طابع «تبويس اللحى»، بل لقاءات مثمرة يتفاعل فيها الطرفان فيتنازل كل منهما عن أمور ويتمسك بأخرى للوصول الى قواسم مشتركة. ونحن أبوابنا مفتوحة.

هل يتولى الرئيس نبيه بري وساطة مع سعد الحريري؟

ــــ ليست هناك مشكلة تحتاج الى وساطة. هناك افكار يجب ان تنضج من اجل العلاقة الايجابية التي تثمر. ليس عندنا مانع من اللقاء مع النائب سعد الحريري. وبالتالي لا نضع حواجز في هذا الاتجاه. نرحب بأي مسعى يقوم به الرئيس بري لكن الأمور ليست في هذا الاتجاه. عندما تنضج بعض الامور السياسية الموضوعية سيكون هناك لقاء طبيعي وعندها تناقش الامور ونصل الى نتائج مثمرة.

¶ ما رأيكم بعرض «الرئاسة مقابل الحكومة»؟

ــ مثل هذه الاقتراحات تحتاج الى نقاش مباشر لمعرفة ضوابطها ونتائجها، ولا يكفي رمي شعارات سياسية تفتقر الى الآليات الواضحة. السؤال الجدي المطروح، ماذا يعني هذا العرض؟ هل انتخاب رئيس جمهورية يليه تشكيل حكومة وحدة وطنية وانتخابات مبكرة في ظل ولاية الرئيس الحالي ومن ثم يتسلم الرئيس الجديد الحكم؟ يمكن لبعضهم ان يحاول الابتزاز تحت عنوان حكومة الوحدة الوطنية ليقول: نعطيكم هذا ولكن أعطونا اولاً انتهاء ولاية الرئيس وانتخاب رئيس جديد. لا أجد ربطاً بين الامرين. موضوع الرئاسة انتهى مع انتهاء طاولة الحوار وحسم بأن ولاية الرئيس مستمرة الى نهايتها. هذه حلول أشبه بفقاقيع صابون. نحن جديون في اقتراحنا لكننا نجد ان الكثير من الاقتراحات الأخرى تطرح لتضييع الوقت ومحاولة إيجاد فكرة مقابل فكرة.

¶ هناك سيناريو بأن يستمر الانسداد القائم حتى موعد الانتخابات الرئاسية لتعطيل انتخاب رئيس جديد وتسليم الحكومة زمام الأمور؟

ــــ لبنان بلد السيناريوهات. ربما هذا وربما سيناريوهات أخرى. لا أعرف ما الذي يمكن أن يأتي. نعرف وضعنا وامكاناتنا تماماً. لا نريد ان نستبق وضع الحلول الاكيدة بالنسبة إلى اللبنانيين. لقد رأينا أولئك الذين وضعوا حلولاً جاهزة وفشلوا فيها مرات ومرات وكانت كوارث بسبب الفشل. الافضل ان ننتظر لأنه قد تحصل تطورات كثيرة على المستوى السياسي تغيّر الكثير من الامور، وربما بعض التحالفات. لا أعلم أي سيناريو يمكن ان نصل إليه.

¶ كيف هي العلاقة مع السعودية؟

ـــ نحن حريصون على فتح علاقات وبناء جسور ثقة من اجل مستقبل هذا البلد ومصلحته. وهناك طلب موعد من قبل السفير السعودي مع سماحة السيد حسن نصر الله قد يحدد قريباً. الامور ليست مقفلة والتواصل كان موجوداً بصيغة او بأخرى خلال فترة الاحداث. اذا اردت ان اصف العلاقة اقول انها عادية ونأمل أن تتطور.

¶ ما هي رؤيتكم الى الوضع جنوباً؟

ــــ عندما أعطينا موافقتنا على مجيء قوات الطوارئ الدولية كانت هذه الموافقة مشروطة بما ذكره القرار 1701، بأنها قوات مؤازرة الجيش اللبناني وهي تحت إمرته، فهي ليست مستقلة بالامرة وليس لها مشروع خاص في لبنان. أما الجيش اللبناني الذي نحييه ونشيد بقيادته، فله مهمتان اساسيتان: الاولى التصدي للعدوان واحتلال الارض وهذا موجه الى اسرائيل. والثاني بسط سلطة الدولة بما معناه ان يكون هو القادر على منع الفوضى وتعديات الافراد بعضهم على بعض. نقيّم دور قوات الطوارئ الدولية ونرحب بها على هذا الاساس، من هنا لم نقف كثيراً عند بعض التصريحات غير المسؤولة التي تتجاوز هذه المهمة، ولم نحدث ضوضاء أمام بعض العنتريات لبعض السياسيين اللبنانيين تجاه نظرتهم الى قوات الطوارئ. سنتعامل مع المهمة على الأساس الواقعي، وإذا كانت لدينا اي ملاحظة سنبديها عبر القنوات المناسبة. عندما تخرج المهمة عن الدائرة المحددة ستكون لنا وجهة نظر. لا نريد افتراض احتمالات سلبية أو ايجابية. نحن نتعامل مع مهمة محددة ومع جهة تنفذها على الارض. اي شيء آخر ليس مطروحاً بالنسبة إلينا. على كل حال، الكل يعلم ان قوات الطوارئ عندما اتت الى لبنان اتت بموافقة كل الاطراف المعنية. وأعتقد ان قوات الطوارئ حريصة على هذا الموضوع.

¶ وزير الداخلية أحمد فتفت اعتبر انكم خرقتم القرار 1701 بإعلانكم أنكم رمّمتم قدراتكم العسكرية بعد العدوان؟

ــــ لا اريد أن ارد على أفراد، لذلك سأناقش الفكرة بمعزل عن مطلقها. مسألة ترميم حزب الله لوضعه العسكري او وجود قدرة معينة عنده لا تعني طريقاً محدداً ارتسم في ذهن البعض، أما كيف فلسنا معنيين بأن نبيّن كيفية عملنا في المقاومة. المقاومة تحمل الطابع السري سواء بالتشكيل او بالتسليح او بآليات العمل، ولن نعدم وسيلة لذلك. لعل ذهن البعض ذهب الى اتجاه معين كأن يكون هناك تهريب سلاح. على كل حال القرار 1701 يتحدث عن امور التزمنا بها، أما الامور التي هي من واجبات الآخرين فليس علينا نحن ان نلتزم بها، ومن يقصّر بواجباته فهذه مشكلته.

¶ متى تستأنفون العمل المقاوم رداً على الخروق الاسرائيلية؟

ــــ قررنا ان نصبر خلال هذه الفترة وان نترك المجال لأصحاب الحركة السياسية لنرى ما ينجزونه. هناك اليوم مزارع شبعا والغجر وخروق الخط الازرق والعودة الى الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين والطلعات الجوية وخرائط الالغام القديمة والجديدة، وإطلاق النار من البحر على الصيادين. كل هذه خروق يفترض ان تنتهي تماماً ولن نقبل ان يقول احد لنا ان قطعة ارض تحررت في مكان ما وبقي الطيران موجوداً. نحن نعتبر ان الاعتداء البري والبحري والجوي اعتداء كامل يستوجب ان تكون المقاومة على اهبة الاستعداد بشكل كامل. نحن نعطي فرصة ولا نقفل باب المقاومة. وقف التنفيذ هو السياسة المعتمدة حالياً. علماً بأن الجهوزية مستمرة وستبقى قائمة الى الوقت الذي نحتاج فيه الى مقاومة هذا الاحتلال ميدانياً لإخراجه من ارضنا. نحن في مرحلة انتقالية نصبر فيها ونترك للآخرين المجال ليتحركوا. لكن هذا الصبر لا يعني نهاية المطاف.