مقابلات

حزب الله يعتبر أنه شكَّل حماية حقيقية وفعلية للبنان من خلال دخوله إلى سوريا / مجلة الثقافة الإسلامية الإيرانية في 15/7/2014

حزب الله يعتبر أنه شكَّل حماية حقيقية وفعلية للبنان من خلال دخوله إلى سوريا / مجلة الثقافة الإسلامية الإيرانية في 15/7/2014
سحب حزب الله لقواته من سوريا يرتبط بزوال الخطر الذي سبب دخوله إليها.


• س 1: حرب تموز أوجدت معادلة جديدة في الشرق الأوسط، هل هذه المعادلة لا زالت قائمة أم أن العدو من خلال القبة الحديدية استطاع تغييرها؟
 ج- حرب تموز أوجدت معادلة جديدة حقيقية في الشرق الأوسط، تقوم على توازن الردع بين المقاومة الإسلامية التي يمثلها حزب الله وإسرائيل الغاصبة المعتدية، هذا الردع أدَّى إلى هذا الهدوء الملحوظ والذي يراه العالم منذ عدوان تموز سنة 2006 وحتى الآن سنة 2014 أي بعد مرور ثمان سنوات، ولم تعتدِ إسرائيل بشكل مباشر في داخل الأراضي اللبنانية لأنها تعلم بأن رد الفعل عند حزب الله سيكون صاخبًا ومؤثرًا، ولن يقبل الحزب أن يتم الاعتداء على القرى والمدن والأفراد بشكل معلن ومباشر من خلال الطيران الصهيوني أو الجيش الصهيوني. وبالتالي هذه المعادلة مثبتة على الأرض، وعندما قامت إسرائيل باعتداء غير مباشر بحسب قناعتها بأن قصفت مكانًا في منطقة جنتا في البقاع اللبناني على الحدود بين لبنان وسوريا ليظهر أن هذا العدوان ليس عدوانًا مباشرً وإنما هو في منطقة ملتبسة بين لبنان وسوريا، ردَّ حزب الله في مزارع شبعا على العدو الإسرائيلي وأعلن سماحة السيد حسن نصر الله(حفظه الله) بعد أيام بأن هذا الرد هو على العدوان الإسرائيلي، أي أن المعادلة لا زالت قائمة ولا يمكن القبول بأن تعتدي إسرائيل دون أن تتلقى الرد المناسب. نحن نعتبر كحزب الله أن معادلة الردع هي المعادلة المناسبة، ويعمل حزب الله لمزيد من تجهيز نفسه، وقد تطورت إمكانات الحزب منذ عدوان تموز إلى الآن تطورًا كبيرًا جدًا، واستفدنا من عِبَر تموز والإسرائيلي يعلم ذلك، ولذا الردع ما زال موجودًا.
 أما القبة الحديدية التي روَّج لها الإسرائيلي بأنها تصطاد الصواريخ وتمنع سقوطها عليهم، فباعترافهم أن مشروع القبة الحديدية مشروع فاشل وليس له قدرة أن يحقق نسبة 10% مما كان يتوقعه الإسرائيلي، خاصة أن هذه القبة تواجه الصواريخ المطلقة على إسرائيل حيث تُنصب في أماكن محددة، فهي قد تنجح في ردِّ صاروخ أو صاروخين أو ثلاثة أو أربعة إلاَّ أنه عندما تهطل الصواريخ بكثافة، فتستطيع القبة الحديدية أن ترد جزءًا من هذه الصواريخ يبلغ 10% أو أقل وبالتالي الصواريخ الباقية ستقع على المناطق المستهدفة. فضلًا عن أن أنواع معينة من الصواريخ لا تستطيع القبة أن تواجهها، وبالتالي القبة الحديدية هي جزء من منظومة الدفاع الإسرائيلي التي تحقق جزءًا لكنها لا تستطيع أن تغير معادلة ولا أن تصنع معادلة، خاصة أن حزب الله لديه من الإمكانات والأساليب وطرق العمل ما يساعد على إيقاع الخسائر الكبيرة بالعدو الإسرائيلي.

• س 2: الكثير يتساءل عن السبب في قرار حزب الله في إرسال البعض من قواته إلى سوريا، ما هو السبب؟
 ج- أصبح واضحًا بأن ما يجري في سوريا هو قرار دولي أمريكي إسرائيلي عربي يريد أن يقضي على سوريا المقاومة ليستبدلها بسوريا المتعاونة مع إسرائيل، بل بسوريا التي تقع تحت إدارة السياسة الأمريكية الإسرائيلية، وهذا الأمر لم يعد خافيًا، ليست المشكلة في سوريا مشكلة إصلاحات سياسية، وإلاَّ لما تتطور الأمر إلى ما تطور إليه خلال الأشهر الأولى وأصبح اليوم ممتدًا بشكل كبير وواضح لكل العالم، خاصة عندما تتدخل بعض الدول الكبرى وبعض الدول العربية والإقليمية بالمال والسلاح والرجال ويأتي المقاتلون من حوالى ثمانين دولة في العالم. هذا كله ينم عن وجود قرار بتدمير سوريا الداعمة للمقاومة لمصلحة سوريا التي تسير في الركب الإسرائيلي الأمريكي، هنا يعتبر حزب الله من المتضررين المباشرين من سوريا ذات الاتجاه الأمريكي الإسرائيلي.
وبالتالي ما يجري ينعكس على حزب الله بشكل مباشر:
أولًا: يقطع طريق الإمداد بين إيران وحزب الله.
ثانيًا: يؤدي إلى وجود عدو في الموقع السوري يشكل خطرًا على حزب الله.
ثالثًا: يمكن أن يتعرض لبنان بشكل مباشر للقوى التكفيرية القادمة من سوريا ما يؤدي إلى تخريب لبنان وإرباك المقاومة.
رابعًا: يُشعل حربًا بين القوى التكفيرية وحزب الله في لبنان ما يؤدي إلى إضعاف هذه الجبهة المواجهة لإسرائيل.
 إذًا وجد حزب الله أن ما يجري في سوريا يشكل خطرًا عليه بشكل مباشر وغير مباشر، بشكل مباشر في الإضرار بمشروع المقاومة وتشكيل الخطر على لبنان وقوات حزب الله من القوى التكفيرية، وبشكل غير مباشر في إيجاد نظام في سوريا يدعم المشروع الإسرائيلي ويؤدي على إضعاف جبهة المقاومة وأحد فروع هذه الجبهة هو حزب الله. من هنا نحن رأينا أن دعم سوريا المقاومة يساعد على حماية حزب الله ولبنان وتدعيم قوة حزب الله ولبنان ويمنع من أن ينتقل الخطر بشكل مباشر أو غير مباشر إلينا ويحمي ظهر المقاومة ويحمي موقع سوريا المقاومة.

• س 3: متى وتحت أي ظرف سيقرر الحزب سحب قواته من سوريا؟
 ج- المسألة ليست مرتبطة بتوقيت، وسحب حزب الله لقواته من سوريا يرتبط بزوال الخطر الذي سبب دخول حزب الله إلى سوريا، وهذا الأمر مرتبط بالتطورات الميدانية والسياسية في سوريا، فما دام هناك قرار دولي بالعدوان على سوريا واستمرار الدعم للقوى التكفيرية وغيرها للإضرار بسوريا ومشروعها ومشروع المقاومة ومحيط المقاومة فقواتنا ستبقى في سوريا، إذًا الموضوع مرتبط بتطورات الوضع السوري وهذا مجهول التاريخ ومجهول المستقبل، ويبدو أن الأزمة ليس لها أفق واضح إلى الآن، ولذا لا يوجد توقيت محدد لسحب حزب الله لقواته من سوريا بانتظار التطورات ويقيَّم الموقف على أساسها لنتخذ القرار المناسب في حينه.

• س 4: إلى أي حد استطاع حزب الله ومن خلال حضوره في سوريا الحيلولة دون انفلاش العنف اتجاه لبنان؟
 ج- حزب الله يعتبر أنه شكَّل حماية حقيقية وفعلية للبنان من خلال دخوله إلى سوريا، وهذا الأمر واضح جدًا للعيان، على الأقل من خلال التجربة الميدانية التي حصلت في المناطق السورية المحاذية للبنان أي في مناطق القلمون والقصير، هذه المناطق وعلى الرغم من وجود معارك فيها، وعلى الرغم من انشغالها بالوضع السوري كانت تصدر السيارات المفخخة إلى لبنان مخترقة الحدود من أماكن مختلفة، بل وبنت هذه المجموعات صلة مع بعض القرى اللبنانية مثل عرسال وبعض المناطق في منطقة عكار، لتشكل هذه القرى حالة قلق وخطر على المقاومة، ووصلت السيارات المفخخة من منطقة يبرود والقلمون بشكل عام عبر عرسال وغيرها إلى الضاحية الجنوبية في قلب بيروت، ونستطيع القول أنه خلال فترة أشهر قليلة انفجرت بعض السيارات من مجموع عدده خمس عشرة سيارة انفجر قسم منها وأدَّى إلى ضحايا وشهداء وإرباكات وأضرار هذا كله مع وجود حزب الله في تلك المناطق على الحدود اللبنانية لحماية هذه الحدود، إضافة إلى تواجد حزب الله في بعض القرى السورية لمنع إمتداد هذه المجموعات التكفيرية، فضلًا عن الإنجاز الكبير الذي حققه حزب الله في معركة القصير مع ذلك وجدنا هذه السيارات المفخخة وهذا الخطر على لبنان. إذًا نجد أن الخطر من المجموعات التكفيرية هو خطر كبير، ولولا وجود حزب الله في سوريا لكانت النتائج وانعكاس الأعمال الإجرامية من الإرهاب التكفيري أكبر بكثير مما حصل، والحمد لله الآن بعد تحرير القلمون أصبح الخطر ضعيفًا جدًا وشكَّلت عمليات القلمون التي قام بها الجيش السوري بالتعاون مع حزب الله، وأثر هذا الأمر في منع الخطر بنسبة 95% عن لبنان. إذًا نحن نعتبر أن هذه التجربة المباشرة التي لها علاقة بالقلمون شكلت هذه الحماية، فكيف بنا بما هو أوسع من ذلك، إذًا وجود حزب الله في سوريا حمى من انفلاش العنف باتجاه لبنان بشكل كبير.

• س 5: قرار حزب الله في القتال في سوريا إلى أي مدى كان نتيجة للدفاع عن أمن المقاومة والأمن الوطني اللبناني؟
ج- نحن أعلنا بوضوح أن هدفنا في سوريا ليس حماية النظام ولا الأفراد لأن النظام والأفراد يستطيعون حماية أنفسهم بشكل واضح وإنما هدفنا هو المساهمة في الدفاع عن أمن المقاومة وأمن لبنان، كيف يكون ذلك؟ في النهاية سوريا جارة مؤثرة في لبنان منذ زمنٍ بعيد، وكل ما يحصل في سوريا ينعكس على لبنان، ولو افترضنا جدلًا أن الإرهاب التكفيري انتشر في سوريا وأصبح هو المؤثر، ومع وجود موجات النزوح التي تجاوزت  المليون وثلاثمائة ألف سوري في لبنان، ووجود الحدود المشتركة الطويلة بين لبنان وسوريا في منطقة البقاع والشمال، فهذا يعني بأن هذه القوات التكفيرية التي جاءت من ثمانين دولة في العالم سترسل إلى لبنان ما يضر ويؤثر على المقاومة، إذًا  قرار الحزب في القتال في سوريا منع هذا الاحتمال، أو بالأحرى وضع حدًا كبيرًا له وإلاَّ فهؤلاء يستهدفوننا وهم بتصريحاتهم كانوا واضحين باستهدافنا وتكفيرنا، وما فعلناه في سوريا هو في الواقع يحمي ظهر المقاومة ويحمي لبنان وهذا ما يساعد على استمرار الجهوزية في مواجهة إسرائيل.

• س 6: السيد حسن نصر الله والذي يعتبر بطلًا قوميًا وإسلاميًا من خلال قيادته المقاومة ضد العدو الصهيوني، في أي موقع هو اليوم؟ وهل أثر قرار المشاركة في الحرب في سوريا على هذا الموقع؟
 ج- سماحة السيد حسن نصر الله(حفظه الله) هو في موقع القائد الرمز الملهم لكل المقاومين والشرفاء في المنطقة العربية والإسلامية، وهو معروف جدًا للجميع، وهو محل احترام وتقدير وتقديس، وبالتالي كلمته مسموعة وموقفه مؤثر وينتظره الكثيرون في المحطات المختلفة ليسترشد من آرائه ومواقفه وتحليلاته، هذا الموقع لسماحة السيد حسن نصر الله يتألق يومًا بعد يوم، وقد يقول البعض أن قسمًا من الناس الذين كانوا يؤيدون ويدعمون سماحة السيد انحسروا عنه بسبب المشاركة في الحرب في سوريا، هذا الأمر له علاقة بالموقف السياسي الذي اتخذته بعض القيادات وأثرت على مجموعات تنتمي إليها، وبما أن القرار السياسي في المواجهة في سوريا قرارٌ حكيم وسليم وصائب فلا خيار أمامنا إلاَّ أن نتخذه، ولا خيار أمام القيادة الحكيمة لسماحة السيد إلاَّ أن يتخذه وقد اتخذه بجرأة وشجاعة، ولو أدَّى ذلك إلى خسارة بعض التعاطف بسبب الموقف السياسي فلا بدَّ أن يدرك هؤلاء بعد فترة من الزمن أنهم كانوا مخطئين وأن من يدعمونهم هم مجرمون ويرتكبون المجازر والانتهاكات الكبيرة بحق الإنسانية مما يعيدهم إلى رشدهم ويعودوا لتأييد سماحة السيد والقناعة بصدقه ومدى التزامه بخط الأصالة، إذًا في قناعنا سماحة السيد في موقعه الوطني والعربي والإسلامي والعالمي لم يتغير حتى ولو انحسر بعض المؤيدين المتعاطفين بسبب انحراف قرارهم السياسي ولكن هذا لا يخل بالامتداد الواسع لتأييده على مواقفه.

• س 7: حزب الله ومن خلال جهاده المتواصل استطاع أن يكتسب موقعًا متقدمًا في العالم الإسلامي، هل استطاع حزب الله الحفاظ على هذه المكانة؟
 ج- حزب الله يحمل مشروعًا مقاومًا، وهو قد بذل الشهداء والتضحيات من أجل هذا المشروع الجهادي الكبير، وقد برز بشكل واضح كأهم مواجه للمشروع الإسرائيلي، وحقَّق إنجازًا كبير في تحرير لبنان سنة 2000 وفي صد العدوان الإسرائيلي في سنة 2006، ما سجَّل في صحيفته وفي العالم بأجمعه أن أو انتصار نظيف من دون اتفاق أو من دون تنازلات يحصل في مواجهة إسرائيل هو في العام 2000 بسواعد وجهاد حزب الله، هذا ما أكسب الحزب موقعًا مهمًا في العالم الإسلامي، فلا يمكن إلغاؤه وإخفاؤه ولا التنكر له، وهذه المكانة في رأيي لا زالت موجودة لحزب الله في كل العالم الإسلامي، نعم بعض الخلافات التي نشأت بسبب الموقف من الوضع السوري، وقبل ذلك بعض الخلافات التي نشأت بسبب الوضع العراقي، قد تكون أثرت على بعض الرصيد العاطفي ولكن كل هذا لن يؤثر على موقع الحزب المتقدم الذي يزداد تقدمًا، لأن الحزب بحمد الله تعالى يزداد انتصارًا ويزداد توفيقًا ويتبيَّن أن مواقفه مواقف صائبة وناجحة وتؤثر على إحداث تغيرات كثيرة في لبنان ومحيطه.

• س 8: البعض يعتقد أن التنظيمات التكفيرية كداعش وجبهة النصرة وما شبهها هو لتغيير الأولويات في المنطقة من صراع إسلامي عربي مع الكيان الصهيوني إلى تناقضات داخل الجسد الإسلامي، ماذا تقولون؟
 ج- للأسف، التنظيمات التكفيرية ليس لها هدف سوى التخريب والقتل وأحداث الفوضى وهي من دون مشروع، صحيح أنهم يتحدثون عن مشروع إسلامي، ولكن أين هو هذا المشروع الإسلامي من أدبيات وتوجيهات وأسس القرآن الكريم وتوجيهات النبي(ص)؟! هل هم منسجمون مع دعوة القرآن "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"؟ هل هم منسجمون مع قوله تعالى: "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"؟ هل هم منسجمون مع الدعوة إلى الترويج للإسلام بقوله تعالى: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"؟ هذه التنظيمات التكفيرية بعيدة تمامًا عن منهج الإسلام ورؤيته ولو كان شعارها إسلاميًا، ولو كان ادعاؤها بأنها تقيم الدولة الإسلامية، هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية فإنَّ ما نراه على الأرض لا رحمة فيه، ولا أخلاق، ولا أسس إسلامية، عندما يقتلون كل ما عداهم، ويقطعون الرؤوس، ويخربون البيوت، ويدمرون المقامات، ويسرقون الأموال، ويغتصبون النساء المسلمات، إذًا هذا بعيد تمامًا عن كل أفكار وأهداف الإسلام، من يقوم بهذا يصنع فتنة ويعمل لتخريب الواقع الإسلامي، ومن الطبيعي أن من يتحركون في هذا الاتجاه سيصرفون النظر عن المواجهة مع إسرائيل وتصبح الأولويات في مكانٍ آخر، نعم التنظيمات التكفيرية هي بلاءٌ كبير يتناغم تمامًا مع مشروع الاغتصاب الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، ويتناغم تمامًا مع الإضرار بوحدة وجسم ومستقبل العالم الإسلامي والعربي. ولذا نحن نعتبر أن المواجهة اليوم أصبحت مواجهتين: مواجهة للمشروع الإسرائيلي، ومواجهة للمشروع التكفيري، وهذا يجعلنا أمام جهود إضافية ومتطلبات لمواجهة التحديات والاستحقاقات.
• س 9: لماذا تدعم السعودية أعداء الأخوان المسلمين في مصر، وتدعم قطر الأخوان في المنطقة، في حين أن كلا الطرفين يأتمرون بأوامر السيد الأمريكي في المنطقة؟
 ج- أفضل أن لا أجيب عن هذا السؤال.

• س 10: هل كل ما يُقال عن خلاف سعودي- أمريكي على المستوى الإقليمي صحيح أم لا؟
 ج- هناك تفاوت في بعض التفاصيل بين أمريكا والسعودية، ولكن الأساس هو أن أمريكا هي التي تدير السياسات المختلفة في المنطقة، والسعودية لا تستطيع أن تتجاوز هذا الاتجاه، وعلى العموم هناك تنسيق دائم، وعمل بوحي القرارات الأمريكية كأساس، أما بعض الاختلافات التفصيلية كما حصل مثلًا عند انعقاد مؤتمر جنيف2 من أجل سوريا، لم تكن السعودية مقتنعة بانعقاد هذا المؤتمر، لأنها تريد الحل العسكري في سوريا، بينما أمريكا غير مقتنعة بقدرتها على الحل العسكري خاصة مع بروز التنظيمات التكفيرية كمعارضة أساسية في مواجهة النظام، وظهور المعارضة الأخرى التي تسميها الولايات المتحدة "المعارضة المعتدلة"، فأمام هذا الخلاف صبرت أمريكا قليلًا على السعودية في تأجيل انعقاد مؤتمر جنيف2، ولكن بعد ذلك بثلاثة أشهر قررت أمريكا عقد مؤتمر جنيف2 وجاءت إليه السعودية، هذا نموذج من أنه حتى مع الخلاف بوجهة النظر إنما ترجح وجهة النظر الأمريكية، فالسعودية تريد عسكرة الحل بالكامل في سوريا وتدخل الدول الكبرى بطريقة عسكرية لإسقاط النظام في سوريا، بينما أمريكا لا ترى هذا ولا تعتقد أن مصلحتها في ذلك، وبالتالي لم تحصل العسكرة الدولية والتي أيضًا وقف بوجهها مانع الفيتو الروسي والصيني، وخطورة مثل هذا العمل على أمريكا، إذًا في النهاية القرار كان لأمريكا حتى مع وجود هذا النوع من الخلافات مع السعودية.

• س 11: كيف ترى مستقبل الحرب في سوريا في ظل تقدم قوات الحكومة وضعف المعارضة واختلافها مع بعضها البعض؟
 ج- نستطيع القول أنه منذ حوالى السنة تقريبًا بدأ الاتجاه لمصلحة الحكومة السورية في تحقيق إنجازات ميدانية على الأرض بتحرير بعض المدن والقرى، وبروز الخسائر المتتالية للمعارضة المسلحة بأشكالها المختلفة، كما أن الخلافات على المكاسب بين المعارضين أدَّى إلى تقاتل بشع بينهم، وهذا في النهاية يخدم قوات الحكومة والنظام، إذًا البوصلة الآن باتجاه التقدم المضطرب  لمصلحة قوات الحكومة في مواقع مختلفة، وآخر إنجاز مهم وعظيم جدًا ما حصل في مدينة حمص، حيث تمَّ الاتفاق على خروج حوالي ألفين من المسلحين من حمص القديمة مقابل بعض الاتفاقات التفصيلية، واستلام الحكومة لهذه المدينة العريقة، وفي حسابات الربح والخسارة، وفي حسابات المعركة هذا انتصار لقوات النظام السوري وهو يأتي قبل الانتخابات السورية، ويسجل نقطة مضيئة لمصلحة النظام.
 أعتقد أن الصورة لمستقبل سوريا أصبحت واضحة، قوات الحكومة تتقدم والنظام السوري قطع مرحلة الخطر على وجوده، وأصبح في مرحلة تدعيم موقفه لاستعادة قدرته على الإمساك بالبلاد، هذا ما سيمكنه أن ينشط حركته أكثر وأن يمسك أكثر وأن يدير وضعه السياسي بشكل أفضل، لكن ما دام القرار الدولي موجودًا لتخريب سوريا فستبقى هذه المجموعات المسلحة قادرة على إرباك النظام بأعمال عدوانية في أماكن مختلفة، وفي مواقع عدة. إذًا الصورة هي أن النظام يمسك ويتقدم ويتوسع في التحرير والمعارضة تعمل لإبقاء البلد قلقًا ومتوترًا لإعاقة حركة النظام في الإمساك بكامل البلد.

• س 12: كيف ترى مستقبل المنطقة في ظل المتغيرات الحالية في عموم المنطقة؟
 ج- الآن كما تلاحظون هناك متغيرات في العديد من بلدان المنطقة، خاصة بعد إسقاط المستبدين في مصر وتونس وليبيا، وفي التطورات التي حصلت في اليمن وفي الأزمة الموجودة في سوريا، وفي القمع المنتشر في البحرين، وكذلك البلدان الأخرى لها معاناتها وظروفها المختلفة، إذًا نحن أمام منطقة تحصل فيها تداعيات مختلفة، وفي آنٍ معًا هناك استمرار للمأزق الفلسطيني في مواجهة المشروع الإسرائيلي وخطر إسرائيل الجاثم على منطقتنا، هذا كله جعل المنطقة اليوم في حالة انعدام وزن، وفي حالة رسم بعض المعالم لمستقبل ما، بكل صراحة ليس واضحًا كيف سيكون مستقبل المنطقة، ولكن ما استطيع تأكيده: أن المستبدين والفاسدين يسقطون واحدًا بعد الآخر، وأن علامات نهضة المنطقة متوفرة، ولكن هناك تعقيدات وصعوبات وتدخلات دولية وتأثير إسرائيلي، سنرى كيف ستتمكن المقاومة ومشروعها من أن تعين المنطقة على المزيد من الإنجازات الإيجابية.

• س 13: هل أثرت أحداث سوريا على القضية الفلسطينية سلبًا؟

 ج- بالتأكيد أثرت أحداث سوريا على القضية الفلسطينية سلبًا، وذلك لأن بعض الفصائل الفلسطينية انخرطت في موقف سياسي خاطئ في القضية السورية، وهذا ما أوجد شرخًا بين النظام السوري وبين هذه الفصائل الفلسطينية، وبالتالي خسرت دعمًا مهمًا بقرارها السياسي من ناحية، وبظروف سوريا التي لا تساعد في هذه المرحلة مثل هذا الدعم.  فهذا من الآثار المهمة والخطرة في آنٍ معًا. وأيضًا أثرت أحداث سوريا في ارتفاع أصوات منها أصوات تكفيريين التي تستسهل عملية التطبيع مع العدو الإسرائيلي والعلاقات من خلال الجولان وتلك المنطقة المحاذية من سوريا لفلسطين، وهذا ما يُعتبر تطورًا دراماتيكيًا سلبيًا وخطرًا في آنٍ معًا.
 نحن نعتبر أن أحداث سوريا أثرت سلبًا على القضية الفلسطينية وصرفت النظر عن أخطار الاستيطان وانتهاكات إسرائيل في القدس الشريف، والتمدد الذي يحصل في القدس وفي مناطق مختلفة، وتغيير الواقع الديمغرافي لمصلحة إسرائيل، هذه كلها أخطار حقيقية تحصل في فلسطين والعالم العربي متلهي عنها بأحداث سوريا وأحداث أخرى، ما يساعد إسرائيل على أن تغطي جرائمها من دون حسيب ولا رقيب.

• س 14: المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس إلى أي مدى يمكن تطبيقها؟ وما هي تأثيراتها المستقبلية؟
 ج - أصل المصالحة بين حماس وفتح أمر إيجابي جدًا، حتى ولو كانت مصالحة الحد الأدنى هي جيدة، ولو كانت هذه المصالحة قد منعت الفتنة بين حماس وفتح، وأوقفت حالة التقاتل الداخلي أو الخلاف السياسي الحاد فهذا أمرٌ جيد، وقد رأينا أن "نتنياهو" استنفر مع قيادته ضد هذه المصالحة التي لا يريدها، وتحجج بها في فشل المفاوضات بينه وبين فتح، ولكن في الواقع هذه المصالحة تتطلب المزيد من الاهتمام وحسن التطبيق والتنازلات المتبادلة بين الطرفين من أجل أن تؤسس لقوة فلسطينية متماسكة في مواجهة التحديات الإسرائيلية التي لا تتوقف على أمرٍ واحد وإنما هي في كل المجالات، في مجالات الأرض والاقتصاد والسياسة والمستقبل وكل شيء. لذا نحن كحزب الله نشجع على المصالحة بين حماس وفتح، ونأمل أن يكون لها تأثيرات جيدة في المستقبل، هذا الأمر مرتبط بمدى التطبيق، والتطبيق على عهدة الطرفين.

• س 15: تعدد اللاعبين في دول الصحوة الإسلامية إلى أي اتجاه يأخذ هذا الحراك الشعبي؟
 ج- صحيح أننا نتحدث عن صحوة إسلامية في دول مختلفة، ولكن هذه الصحوة الإسلامية هو هذا المناخ، وهذا الحراك، أما اتجاه هذا الحراك التفصيلي في كل بلد فهو يختلف من بلدٍ إلى بلد آخر، بحسب طبيعة القوى السياسية ومشاريعها، وبحسب الظروف الموضوعية التي تعيشها تلك القوى وتلك الحركات، لذا من يراقب مشهد كل دولة من الدول التي يحصل فيها حراك مؤثر يرى أن النتائج الميدانية لهذا الحراك والتطورات على الأرض تختلف من بلد إلى آخر من نتيجة إلى أخرى، لكن بالمبدأ الحراك جيد، ويجب أن يكون، على أن يأخذ هذا الحراك بالاعتبار أن إسرائيل عدو، وأمريكا لا يمكن الاطمئنان لها، وضرورة الاعتماد على طاقات الشعوب في إطار من الوحدة والتعاون بين القوى المختلفة، وعدم إلغاء أي قوة من القوى الأخرى، لتجتمع هذه القوى لتكون متماسكة ومؤثرة.
 وبالتأكيد وجود لاعبين دوليين وإقليميين يحاولون استثمار الحراك في بعض الدول سيعيق ويؤثر على النتائج، وعلى القوى الثورية أن تنتبه وتدرس خطواتها بشكل جيد كي لا يصبح استثمار هذا الحراك برسم الآخرين بدل أن يكون لمصلحة كل بلد.

• س 16: أمريكا وحلفاؤها في المنطقة تصوروا أن نظام الأسد سيسقط خلال أشهر، ولكن الآن وبعد ثلاث سنوات ما زال النظام قائمًا، ما هو سر هذا الصمود رغم عظم المؤامرة؟
 ج- المسألة المهمة في سوريا أن النظام فيها يحمل رؤية واضحة ومشروعًا واضحًا في أنه جزء لا يتجزأ من مشروع المقاومة الذي هو مشروع حق، الذين يعارضون ويقفون في وجهه لا يملكون مشروعًا محقًا، إنما هم مخربون ومجرمون يريدون الإضرار بالشعب والمشروع السوري، وهذا ما جعل أول نقطة إيجابية لمصلحة النظام أنه يحمل مشروعًا واضحًا.
 ثانيًا: التماسك الموجود في داخل الجيش مع رئاسة الجمهورية رئاسة السيد بشار الأسد شكَّل حائلًا أمام انهيار منظومة القوة السورية في مواجهة التحدي. وهم كانوا يراهنون على حصول انشقاقات داخل الجيش السوري، وهذا لم يحصل ومن انشق كان عبارة عن عناصر وبعض الضباط الذين لا يشكلون عنوان القوة في القوات المسلحة السورية، بينما بقيت كل المنظومة القيادية مترابطة وتحت إمرة الرئيس مباشرة، وهذا ما شكل سدًا منيعًا مهمًا.
 الأمر الثالث: أن للنظام حالة شعبية ممتدة بين كل الطوائف في داخل سوريا من بينها الطائفة السنية التي هي الأكبر، والتي اختبأ وراءها البعض بحجة أنها لا تريد هذا النظام، فتبيَّن أن هناك عدد كبير من العلماء المعروفين والمرموقين أمثال الشيخ البوطي رحمه الله والشيخ حسون المفتي العام، وآخرين من الرموز المعروفة سوريًا وعربيًا، وقد قتلوا الشيخ البوطي لشعورهم بمكانته وما يؤثر عليهم في فتاواه وآرائه.
 إذًا هناك عوامل عدة موجودة أثرت في صمود النظام السوري، ولا يخفى أن تكاتف محور المقاومة من إيران إلى حزب الله مع النظام السوري، والتعاون الذي حصل من الدول الكبرى كروسيا والصين على المستوى السياسي في مجلس الأمن شكَّل عناصر إضافية دعمت صمود النظام الذي اعتمد على عوامله الداخلية أولًا.

• س 17: انتخابات رئيس الجمهورية في لبنان على الأبواب، هل لهذه الانتخابات خصوصية خاصة، وما مدى تأثيرها على الواقع السياسي الحالي في لبنان؟
 ج- انتخابات رئيس الجمهورية في لبنان هي انتخابات طبيعية بسبب انتهاء مدة رئاسة الرئيس السابق، وهذا جزء من الاستحقاقات التي تجري بين حين وآخر، سواء في المجلس النيابي أو في مسألة الحكومة أو في مسائل مختلفة، وبالتأكيد هي انتخابات مهمة، لأن الرئيس له وظيفة ودور، وهو يتكامل مع المواقع الأخرى في لبنان، وعندما تنجز انتخابات الرئاسة في لبنان في هذه المرحلة مع الأجواء الإيجابية التي سبقت منذ حوالي الشهرين بإنجاز تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بعد عشرة أشهر من عسر تشكيلها، وما أدَّت إليه هذه الحكومة في التأثير في الاستقرار الأمني والسياسي في البلد، عندما سيكون انتخاب الرئيس في هذه المناخات عاملًا إيجابيًا لمزيد من الاستقرار الأمني والسياسي، نأمل أن يتم هذا بأسرع وقت.

• س 18: ما هي وجهة نظركم حول ترشح الرئيس بشار الأسد للرئاسة مرة أخرى، وما تأثيرها على الواقع السوري والإقليمي؟
 ج- من الطبيعي أن يترشح الرئيس بشار الأسد للرئاسة، وهو سينجح نجاحًا ساحقًا، وحتى ولو شاركت المعارضة وحصل اشراف دولي على الانتخابات سيكون الرئيس بشار الأسد هو الذي سينجح بشكل كاسح، لأن لا أحد من المعارضة يملك حيثية حقيقية، بل المعارضة مختلفة مع بعضها اختلافًا لم يمكنها من أن تجتمع تحت سقف واحد لتختار ممثل لها يمثل كل المعارضة، في الحقيقة في سوريا معارضات متباعدة، من هنا ترشح الرئيس الأسد هو ترشح طبيعي وهو تعبير عن إمساك النظام بمقادير البلد، وهو رسالة قوية في أن كل هذا العبث الذي حصل ضد سوريا لمدة ثلاث سنوات لم يمنع من انتظام المؤسسات وأن كل السهام التي وُجهت للرئيس بشار لإسقاطه وإبعاده عن الحكم تكسرت وانهارت، وها هو الرئيس سيعود مجددًا بإقبال شعبي من بوابة الانتخابات التي يعتبرونها المعبر الطبيعي على المستوى الدولي، وهذا ما ينطبق أيضًا على سوريا حتى ولو لم يعجبهم دوليًا هذا الاختيار.
 أعتقد أن نجاح الرئيس بشار الأسد في هذه الانتخابات سيكون استمرارًا للنجاحات التي تسجل بشكل مضطرب منذ سنة حتى الآن في المحافظة على سوريا من موقع سلطة النظام الأقوى من سلطة المعارضة، وكذلك تعبر عن نجاح الرئيس الأسد في تخطي السنوات الثلاث الصعبة التي مرت على سوريا في بقائه ممسكًا لهذا الوضع، وسيكون الجميع من المعادين مضطرًا أن يعترف بهذه الحقيقة، حتى ولو أنكرها، وهذا لن يغير الآن في المشهد السوري لأن أمريكا اتخذت قرارًا منذ ستة أشهر تقريبًا أي بعد جنيف2 بأن تترك الأزمة السورية في مخاضها من أجل المزيد من الاستنزاف، وليس لديها رؤية واضحة، ولا هي تريد أن تعترف بفشل المعارضة، إذًا الأزمة ستبقى على حالها مع إضافة لها علاقة بموقعية مهمة للرئيس الأسد مجددًا في المشهد السوري.

• س 19:ما يجري في المنطقة هو صراع علني ومخفي بين جبهة الممانعة والمقاومة وجبهة الانقياد لأمريكا وإسرائيل، ما هو تقييمكم لهذه المعادلة اليوم وبعد كل ما حدث؟
 ج- نستطيع أن نسجل بأن محور المقاومة والممانعة يسجل إنجازات في المواجهة المفتوحة مع محور وأمريكا وإسرائيل، وهذا الصراع مستمر وقد يأخذ وقتًا طويلًا، وهو صراع الحق والباطل، ولكن المطمئن في الموضوع هو أن جبهة المقاومة والممانعة صامدة ولها تأييد شعبي واسع، وتحقِّق انجازات فعلية على الأرض، من إنجازات هذه الجبهة: الانتصارات التي حصلت في مواجهة إسرائيل، سواء في المواجهة مع حزب الله في لبنان، أو في المواجهة مع حماس والفصائل الفلسطينية في غزة، وأيضًا من الإنجازات صمود سوريا أمام كل هذه التحديات والبدء ببروز الانتصار السوري لنظام الممانعة في مواجهة المعارضة التكفيرية وغيرها، كذلك من الإنجازات صمود إيران الإسلام في مواجهة التحديات، وإجراء المفاوضات النووية في ظل تكافؤ إيراني دولي بحيث أنه يحصل هذا الأمر من ندٍ إلى ند من دون أي تنازل من إيران عن حقوقها المشروعة في البرنامج النووي السلمي، وثباتها في رعاية وإشراف وتوجيهات سماحة السيد القائد الخامنئي(حفظه الله ورعاه)، إضافة إلى التقدم الإيراني في مختلف المجالات العلمية والاقتصادية والسياسية، ومواجهة العقوبات التي جرت عليها، وشبكة العلاقات التي تفتحها إيران مع الدول المختلفة، هذا كله من إنجازات محور المقاومة والممانعة، ولن أفصل كثيرًا في الحالة الشعبية العامة في البلدان الأخرى اتجاه هذا المحور والتطورات التي تحصل في مختلف البلدان العربية والإسلامية، هذا كله إن شاء الله يكون خيرًا إضافيًا لمصلحة محور المقاومة.