مقابلة جريدة السفير اللبنانية في 3/ 4/ 2006
شدد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم على ان الحوار هو الطريق المجدي والفعال لمعالجة الملفات الخلافية لأن التراشق الكلامي لا ينفع والاصطفافات الحادة لا تؤدي سوى الى المزيد من الاختلاف، <<والآن وبعد الذي حصل في قمة الخرطوم سنزيد من حرصنا على استمرارية الحوار ونجاحه، وسندعو الاطراف المشاركة فيه الى إبقاء الخلافات الحادة فوق الطاولة حتى الوصول الى نتيجة أو أقله تنظيم الاختلاف>>. وعلى خلفية الالتباس الذي أثاره موقف الرئيس فؤاد السنيورة من المقاومة في القمة العربية في الخرطوم، يؤكد قاسم ان لا علاقة لما يجري على طاولة الحوار بمكانة المقاومة وأهمية دورها، وإنما النقاش يدور حول حماية لبنان والاستراتيجية الدفاعية التي يمكن ان تحقق ذلك، وعلى أساس هذا النقاش يمكن ان تنتج رؤية لشكل وكيفية المقاومة المستقبلية، وبالتالي فإن البحث في سلاح المقاومة يعني البحث في طريقة توظيف هذا السلاح من خلال صيغة معينة تساعد على تأمين الحماية للبنان، ربما تكون شبيهة بالصيغة الحالية او تختلف عنها، ولكن الأكيد انه ليس مطروحا ان نتخلى عن قوة لبنان او ان نجعل السلاح مأزقا. وإذا كان خطاب السيد نصر الله أمام المؤتمر العربي لدعم المقاومة قبل أيام قد أثار انتقادات في بعض أوساط <<الاكثرية>> بسبب قوله ان من يفكر بنزع سلاح المقاومة بالقوة سنقطع يده ورأسه وسننزع روحه، فإن قاسم ينصح بقراءة الخطاب من دون اجتزاء حتى يُفهم القصد منه بوضوح، لأنه سيتبيّن عندئذ ان ما قاله السيد نصر الله إنما هو موجه لمن يريد ان يعتدي على المقاومة وينزع سلاحها، وعندما تؤكد الاطراف الداخلية أنها لا تفكر بهذه الطريقة فهذا مؤداه انها غير معنية بالكلام ويفترض ان تكون ايضا غير معنية بالدفاع عن الآخرين في الخارج من أصحاب النوايا والدوافع السيئة، ثم إن الحوار الدائر يستند الى مناقشة قضايانا ومنها حماية لبنان بروحية تبادل وجهات النظر والتوافق، ولذا لا داعي لكي يعتبر البعض في الداخل ان كلام السيد نصر الله موجه إليه، اللهم إلا إذا كان هذا البعض يضمر أشياء مبيتة، وعندها تكون هذه إصابة من غير قصد. وفي إشكالية رئاسة الجمهورية، يعرب قاسم عن قناعة الحزب بأن أزمة الرئاسة هي في الواقع أزمة حكم يقاربها البعض من زاوية تغيير الرئيس كحل للمشكلة بينما نقاربها نحن من زاوية ان هناك خللا في كل المواقع المؤثرة لا بد من معالجته وفق رؤية سياسية متكاملة قد تنتج تعايشا منظما بين رئيس الجمهورية والحكومة وقد تفرز علاجا لمجمل هذا الخلل. وإذ يتجنب قاسم استباق نتائج الحوار حول هذه القضية، إلا انه يعطي إشارة ذات دلالة عندما يعتبر ان المهلة التي وضعها مؤتمر الحوار لمعالجة ملف أزمة الحكم حتى نهاية شهر نيسان هي مهلة <<افتراضية>> تهدف الى إخضاع هذا الموضوع للمزيد من الاهتمام والبحث أملاً في بلوغ نتيجة ما، أما ماهية هذه النتيجة وطبيعتها فلا يمكن الجزم بها مسبقا، <<وفي رأينا ان هذا الملف قد لا يُحسم بالضرورة في نهاية هذه المهلة ولكن ربما يتبين حينها ما إذا كان هناك أفق له أم لا>>. ولكن قاسم يعتقد، في ضوء قراءة حزب الله، ان الظروف السياسية تدعم استمرار الرئيس لحود في الحكم لاعتبارات لها علاقة بموازين القوى وحساب الاولويات، خارجيا وداخليا، أما عتب <<تيار المستقبل>> على الحزب لأنه شكر لحود على مواقفه من المقاومة ولم يعامل النائب سعد الحريري بالمثل، فيجيب عليه قاسم بالاشارة الى انه من الخطأ ان يصوّر موقفنا من الرئيس لحود وكأنه ذو طابع شخصي، ذلك ان دعمنا له مرتبط بدعمه للمقاومة وبالمواقف التي يتخذها في هذا الشأن، غير ان قاسم كان حريصا في الوقت ذاته على توجيه رسالة <<حسن نوايا>> الى <<تيار المستقبل>> بقوله ان الحزب لم يدع فرصة إلا وتكلم فيها بإيجابية عن ضرورة تعزيز التعاون مع التيار و<<نحن حريصون على بناء علاقة متقدمة مع سعد الحريري ولم نتردد في الاشادة في مناسبات عدة بمواقفه الايجابية من المقاومة، أما إذا حصلت بعض الخلافات فمن المفروض ان تبقى محصورة في دائرتها وحدودها وألا تؤثر على البنية العامة لعلاقتنا، علما بأن كلينا يتحمل مسؤولية إبعاد أولئك الذين يحاولون التشويش عليها او يضعون العراقيل في طريقها>>.
وماذا عن النائب وليد جنبلاط الذي فتح النار مجددا على حزب الله وخياراته، واصفا إياه بالأداة السورية؟ يقول قاسم: نحن نشفق لحال وليد جنبلاط الذي لا يدري من يهاجم وكيف، فيطلق سهامه يمنة ويسارا حتى تكون كثافة السهام دافعا للفت النظر إليه والحصول على دور في المعادلة التي يبدو انها تتجاوزه بسرعة كبيرة من دون ان يستطيع اللحاق بها، والظاهر أنه يعاني من مشكلة التقاط المتغيرات ومعرفة طبيعة وحجم القوى وما سيحصل من تطورات، إذ كانت لجنبلاط مراهناته التي فشلت الواحدة تلو الأخرى وكانت لديه برامجه ومواقيته المحددة التي لم تنجح في التقدم، وهو الذي تبنى منذ حوالى ستة أشهر خيارا سياسيا يحقق لأميركا دورا في لبنان، وللأسف هو يعمل بمستوى أقل من أداة أميركية، كما يظهر حين تتغير حسابات أميركا ويفاجأ بذلك وهذا ما حصل على سبيل المثال عندما كانت واشنطن قد قررت إسقاط النظام السوري ثم سمع عن رغبة في تغيير السلوك كما سمع الآخرون. ويرد قاسم على دعوة جنبلاط الشيعة الى إدراك ان السلاح لا يصنع لهم امتيازات بأن يلفت انتباهه الى ان الذي حمى الشيعة ويحميهم هو ثباتهم على الموقف الوطني الصحيح الذي انطلق للدفاع عن لبنان وتحرير الارض وما يزال يسير في هذا الاتجاه، <<ونحن انطلقنا في مسيرتنا من هذا الاعتبار الوطني والمبدئي لا من اعتبار طائفي وبالتالي فإن هذا الإجماع الشيعي حول المقاومة هو إجماع حول رؤية وطنية واضحة يشكل السلاح إحدى مفرداتها ومن الخطأ الافتراض ان السلاح بحد ذاته سبب للإجماع او للدور الداخلي.