بيروت: ثائر عباس
أكد «حزب الله» أمس انه ليس لديه ما يخشاه في ملف التحقيق في جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الراحل رفيق الحريري، داعياً الى ان يأخذ التحقيق في الجريمة «مداه الموضوعي». ورد الشيخ نعيم قاسم نائب الامين العام للحزب على «تلميحات» النائب وليد جنبلاط عن المكان الذي ارسلت منه السيارة المفخخة التي استعملت في الجريمة، قائلاً، في حوار مع «الشرق الاوسط»: «معلوماتي انهم سيستبدلون المحقق الالماني ديتليف ميليس بمحقق بلجيكي، ولا علم لي بمحققين آخرين دخلوا على الخط».
وفي ما يأتي نص الحوار:
> هل نستطيع ان نقول ان عودة الوزراء المقاطعين الى الحكومة اصبحت قريبة؟
ـ الحوار بين «حزب الله» وحركة «أمل»، من جهة، والاستاذ (النائب) سعد الحريري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، من جهة اخرى، قائم. وقد كان جديا وفعالا، لكن لا استطيع ان اتحدث عن انجاز الحوار قبل ان تتم الخطوات النهائية للتفاهم والاتفاق الذي يعيدنا الى ما كنا عليه لجهة المحافظة على الادارة السليمة والصحيحة المبنية على التوافق وعدم اثارة موارد القلق التي نشعر انها خطر على لبنان وخطأ بحقه. وانا افضل ان اتريث حتى الساعات المقبلة او اليومين المقبلين لبلورة الموقف النهائي، لكن الفرصة الايجابية موجودة.
> لم تكن مبررات تعليق عضوية الوزراء في الحكومة منطقية بنظر بعض المشاركين فيها الذين دعوا الى التزام الدستور في هذا المجال؟
ـ نحن لم نطرح تعديلا للدستور ولا نريد تعديله. ونحن ندعو الى التزام الدستور واتفاق الطائف بالكامل. ولم تكن هذه المسألة مطروحة في يوم من الايام. نحن نعيب على الآخرين انهم يتحدثون عن التزام الدستور، ثم يطرحون مواجهة رئيس الجمهورية بطريقة غير دستورية وبتفسير لا ينسجم مع ممارستهم العملية حيث يقبلون بترؤسه جلسات مجلس الوزراء وينتظرون توقيعه لتصبح المراسيم جاهزة. وفي هذا اعتراف رسمي من كل الفئات بأن الاداء الذي يقوم به رئيس الجمهورية قانوني مائة في المائة. وإلا يفترض بهم الطعن بكل هذه القوانين.
> ما هي المبررات الحقيقية لقراركم؟
ـ عندما دخلنا الحكومة، فعلنا ذلك على اساس توافق سياسي مع الاطراف الاساسية المكونة لهذه الحكومة، وعلى رأسها «تيار المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي. وبالتالي كان «اللقاء الرباعي» الذي جمع هذين الفريقين مع «حزب الله» و«امل» وخاض الانتخابات النيابية بخلفية سياسية وفق اتفاقات محددة لها علاقة بالمتابعة لحماية لبنان ومناقشة القضايا الكبرى ومتابعة التحقيق بطريقة قضائية وموضوعية والتداول والعمل المشترك من اجل اعمار البلد بالشراكة الحقيقية. وهذا الاتفاق انعكس على الوضع الحكومي فشاركنا في الحكومة، لا على اساس اننا مستوزرون، انما على اساس اننا شركاء. والذي اعترضنا عليه هو مخالفة الطرف الآخر لمنطق الشراكة عبر تجاوزنا في قضايا مصيرية واساسية مرات عدة كان آخرها المحكمة الدولية، في الوقت الذي كان يفترض اعطاء بعض الوقت للتشاور حيث كان بامكاننا التوصل الى التفاهم المطلوب. وبخروجنا، رفضنا منطق الاكثرية والاقلية. فحين يكون هناك ائتلاف لا مجال لهذا المنطق. ومن يتابع يرى انه تم تجاوزنا 3 مرات قبل المشكلة الاخيرة. بداية عبر اثارة موضوع السلاح الفلسطيني، الذي كاد ان يؤدي الى فتنة لها اول وليس لها آخر. ثم اثارة موضوع ترسيم الحدود من خارج مجلس الوزراء. والمرة الثالثة عندما القى الرئيس بشار الاسد خطابه حيث طلبنا مهلة 24 ساعة، فأصر القوم على اتخاذ موقف بعد ساعات، لاننا نرى ان ليس هكذا تدار الامور بين لبنان وسورية، الى ان جاءت المشكلة الاخيرة.
> لماذا دخل موضوع المقاومة في الملف الحكومي؟
ـ لن ادخل في تفاصيل النقاش، لكن في المبدأ اقول ان المقاومة مكون اساسي من مكونات البلد. ولا بد ان نلتفت عند اي مشروع مستقبلي الى مصير هذه المقاومة من اجل حماية الانجازات التي تحققت في لبنان.
> هل شعرتم بتغيير في الموقف الرسمي اللبناني والتعاطي الأمني في الجنوب بعد الانسحاب السوري؟
ـ هناك سعي دولي للتضييق على المقاومة. وهم يحاولون دفع بعض الاطراف اللبنانية للقيام بما فشلوا به. لكن على الصعيد الأمني في الجنوب لا توجد اي تغييرات.
> علاقتكم مع تيار الرئيس الحريري مستمرة، رغم بعض التباينات، لكن العلاقة مع النائب جنبلاط يبدو انها تتجه الى الاسوأ، لماذا؟
ـ يجب ان يسأل النائب وليد جنبلاط عن مواقفه. نحن لم نغيِّر ولم نبدل. ونحن عند اتفاقاتنا والتزاماتنا. وهم يعلمون اننا كنا واضحين تماماً منذ اللحظة الاولى في كل ما نؤمن به وكل ما نريده والتزمنا وسنلتزم بما علينا. يبقى ان يُسأل الاستاذ جنبلاط عن الظروف التي استدعت بعض المواقف، كونه الاقدر على تفسيرها.
> هل هناك امكانية للحوار معه؟
ـ لم ينقطع الحوار بالمبدأ. ولا مانع لدينا لاستمرار هذا الحوار. الا انه في الايام الماضية لم يكن هناك حوار مباشر.
> في كلام النائب جنبلاط الاحد الماضي، هناك ايحاء عن رابط ما في ما يتعلق بالسيارة المفخخة التي استعملت في اغتيال الرئيس الحريري؟
ـ معلوماتي انهم سيستبدلون المحقق (ديتليف) ميليس بمحقق بلجيكي. وليس عندي علم بوجود محققين آخرين دخلوا على الخط. نحن نفضل ان يتابع التحقيق وفق قنواته المعروفة بطريقة قضائية وليصل التحقيق الى مداه الموضوعي معززاً بالادلة الكافية. وليس لدينا ما نخشاه او نقوله لان الامور عند غيرنا وليست عندنا من حيث الادانة.
> كيف توفقون بين تحالفكم مع سورية وشراكتكم مع «تيار المستقبل» وبقية اطراف الحكومة؟ ألا يوجد تناقض ما؟
ـ هناك وجهة نظر خلافية بيننا وبين حلفائنا في الحكومة تتعلق بالنظرة الى سورية. وهذا الامر كان واضحاً للآخرين وبالنسبة الينا. ومع ذلك اعتبرنا انه يمكن الدخول في هذه الشراكة من دون ان يكون هذا الامر عقبة، علنا بالحوار نستطيع تقريب وجهات النظر حوله، وخاصة اننا نرى ان التفاهم بين لبنان وسورية امر اساسي وجوهري لا يستطيع لبنان تجاوزه ولا يستطيع احد ان يمنعه، فالجغرافيا بيننا متصلة والاقتصاد مرتبط والسياسة متقاطعة بسبب مشكلتنا مع اسرائيل. وبالتالي لا يمكن ابقاء العلاقات بين البلدين متوترة. سورية اصبحت خارج لبنان. ولا يمكن ابقاء العلاقة معها متوترة لان ذلك يؤدي الى ضرر للبلدين.
> هناك حوار قائم بين «حزب الله» وتيار العماد ميشال عون على مستوى القاعدة، وهناك «غزل» متبادل على مستوى القمة، فهل وصلتم الى مرحلة التحالف، او الى قناعة تسمح لكم بالتصويت له في انتخابات رئاسة الجمهورية؟
ـ ميزة العلاقة بين «حزب الله» والجنرال عون انها تنمو ببطء وبشكل تدريجي وتتأسس على قاعدة واضحة، اذ ليس هناك طفرة في العلاقة، كما يفعل البعض الذي تجده في لحظة ما هنا ثم ينتقل الى هناك. نحن نتصرف كما يتصرف معنا العماد عون، لانه قوة فاعلة اساسية في صنع مستقبل لبنان كما هو «حزب الله». لقد تقدم الحوار خطوات كبيرة الى الامام. ونستطيع القول ان التصريحات المتبادلة مؤشر الى طبيعة التقدم في الحوار.
> هناك حديث عن تحريك لملف تبادل الاسرى بين «حزب الله» واسرائيل وعن وساطة المانية، كانت تباشيرها اطلاق محمد علي حمادي من السجون الالمانية؟
ـ لا يوجد ـ على حد علمي ـ أي تحريك لهذا الملف الآن. اما في موضوع محمد علي حمادي فهو مرتبط بالسلطات الالمانية وطبيعة العمل القضائي هناك وما تراه المانيا في مصلحتها، وليست هناك تبادلات معها.