الكاتب: عماد مرمل
الملخص: <<باغتت>> جريمة اغتيال الزميل سمير قصير الاطراف السياسية التي كانت مستغرقة في التحضيرات للانتخابات النيابية، والأرجح ان <<مناخ>> هذه الانتخابات سيتاثر بما جرى، وإن تكن قوة الدفع التي تسيّرها ستحول دون عرقلتها.
وبينما كان حزب الله منكباً على قراءة تجربة الانتخابات في بيروت وما رافقها من <<ثغرات تنظيمية>>، ويستعد بموازاة ذلك للمحطات التي تنتظره في المناطق الاخرى، جاءت عملية الاغتيال لتستوقفه، رافضا تصفية الحسابات <<بهذه الطريقة البشعة والمدانة>>.
نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قال ل<<السفير>> انه من المهم جدا ان تستنفر الاجهزة المعنية لالتقاط خيوط الجريمة ومتابعة التحقيق بفعالية استثنائية من أجل كشف الجناة وتسليط الضوء على الفاعل الحقيقي.
وفي أي خانة يضع الحزب هذه الجريمة، علماً ان هناك من اتهم سوريا وما يسمى <<بقايا الأجهزة>> بالوقوف خلفها؟
يسارع قاسم الى التشديد على ان الاتهام السياسي المسبق يضيّع المسؤولية الحقيقة، معتبرا انه لا يمكن إطلاق الاتهامات جزافاً من دون توفر المعطيات الكافية، خصوصا أن هناك عوامل استجدت يفترض ان تساعد في عدم بقاء الامور غامضة، <<فالحكومة اليوم هي حكومة إجماع وطني تقريبا والاجهزة الامنية ينبغي ان تكون ساهرة على تجنب حصول اي خلل او الكشف عن الخلل الحاصل، وبناء عليه نحن نفضل كحزب ألا نتهم أحدا قبل جلاء التحقيق وألا ننغمس في اتهامات سياسية لن تكون مفيدة لانه لا يمكن إصدار حكم دقيق قبل توفر المعطيات الملموسة>>.
وعندما يُسأل قاسم عن موقفه من الانتقادات التي كان يوجهها الصحافي قصير الى حزب الله، يجيب: الاختلاف في الرأي في هذه البلد هو أمر طبيعي وعادي، ولا يمكن ولا يحق لأي جهة ان تصفي حساباتها بهذه الطريقة البشعة والمدانة لمجرد وجود إختلاف سياسي إذا افترضنا ان عملية الاغتيال جرت على أساس هذه الخلفية، ومن المفروض ان تكون حرية الرأي سمة من سمات مجتمعنا اللبناني.
ماذا جرى في بيروت؟
وننتقل الى ملف الانتخابات النيابية، لا سيما في فصله البيروتي، على إيقاع ما تسرب عن لقاء <<صريح جدا>> عقده الامين العام للحزب مع كوادر حزبية، وأبدى خلاله امتعاضه الشديد من التراخي في التصويت للائحة الحريري في بيروت. نسأل قاسم عن ملابسات عدم الالتزام الكامل من قبل <<ناخبي>> حزب الله باللائحة التي يترأسها سعد الدين الحريري، فيجيب: ان التحالف الذي بنيناه في بيروت مع سعد الحريري هو أهم بكثير من أي مقعد انتخابي، ونحن لم نكن نستهدف للحظة واحدة من هذا التحالف ان ننقذ مقعد مرشح حزب الله وانما كنا نتطلع الى ما خلف هذا التحالف بتعبيره الانتخابي وتحديدا الى الضوابط السياسية التي نعتبرها محل اتفاق وتعاون وهي ترتبط برفض القرار 1559 واعتماد سقف الطائف وحماية المقاومة وحق لبنان في تحرير أرضه والدفاع عن نفسه وإيجاد قواعد لخطوات سياسية واجتماعية واقتصادية تعزز اللحمة داخل البلد وتمكنه من ان يكون مستقلا في قراره عن الاجنبي مهما كان عنوانه وأيا تكن ذريعته وقوته.
ويضيف: بناء عليه، خضنا الانتخابات بالتعاون بين الماكينة الانتخابية لكل من حزب الله وتيار المستقبل، واعتمدنا اللائحة التي طبعتها ماكينة الحريري كلائحة موحدة، ووجهنا ماكينة الحزب في اتجاه الالتزام بها، ولكن لا يخفى ان حجم قدرة الحزب التجييرية لمصلحة اللائحة هي أكبر من النتيجة التي حصلت عليها، وهذا محل نقاش ومتابعة حزبية لتحليل أسباب ما حصل، وهذه الصورة موجودة بوضوح لدى الاستاذ سعد الحريري، وبالتالي لا داعي لايجاد المبررات لخلل يفترض متابعته، إلا انه لا يغير شيئا في التحالف السياسي الذي هو أسمى وأكبر وأهم من بعض التفاصيل القابلة للعلاج.
بعبدا عاليه
وكيف ستتعاملون مع لائحة وليد جنبلاط في بعبدا عاليه بعدما قرر الحزب الانضمام اليها، خصوصا انه من المتوقع ان تشتمل على شخصيات ربما لا تنسجم مع مزاج قاعدة حزب الله؟
يرد قاسم بحزم: نحن ملتزمون بلائحة الاستاذ وليد جنبلاط بالكامل من دون أي استثناء وبجميع أسمائها، وقد تم جمع الماكينة الانتخابية للحزب وجرى تبليغها بهذا الامر بشكل نهائي وحاسم، كما أتخذت إجراءات ميدانية لتأمين تنفيذ هذا القرار، وبدأت الماكينات الانتخابية لأعضاء اللائحة بالتنسيق الميداني لضمان التصويت لكل أطراف اللائحة، بصرف النظر عن بعض الجزئيات، فنحن نعنبر ان المرشحين في هذه اللائحة هم مقبولون سياسيا بالنسبة الينا، وقد تحدثنا في هذا الشأن مع قواعدنا، ونأمل في ان تبادر الاحزاب والقوى الاخرى الى الأداء ذاته، علما ان الحزب التقدمي الاشتراكي ملتزم بذلك، كما هو حالنا.
وكيف تقرأون مبادرة العماد ميشال عون الى ترك مقعد شيعي شاغر على لائحته في بعبدا عاليه؟
يلفت قاسم الانتباه الى ان العماد عون كان قد شرح هذا الموقف بإشارته الى ضرورة ان تُترك للقوة الاساسية الموجودة في الضاحية فرصة ان تعبر عن ذاتها، وهذه نقطة إيجابية، وفي كل الحالات فإن تحالفنا مع وليد جنبلاط لا يعني الخصومة مع العماد ميشال عون، وانما هناك نقاط اتفاق ونقاط خلاف تفسح في المجال امام المزيد من التواصل والنقاش، وما تزال لجنة مشتركة بين حزب الله والعماد عون تلتقي وتتحاور حول التطورات الانتخابية في مناطق عدة، ولدينا قابلية للتعاون في بعض الاماكن ولا يوجد باب مقفل او موقف مسبق بل الاصل هو الحوار والعلاقة الايجابية، ويبقى ان هذا الامر قد يصل الى نتيجة إيجابية وقد لا يصل، وعلى كل حال الانتخابات هي محطة وليست كل الطريق ولا نهاية الطريق.
الجنوب
وماذا عن العملية الانتخابية في الجنوب التي ستنطلق بعد غد الاحد؟ هل تتوقعون كسب تحدي رفع نسبة الاقبال؟
تتسم إجابة قاسم على هذا السؤال بالواقعية، قائلا: الأرجح ان تكون نسبة الاقبال عادية، فلا ترتفع كثيرا ولا تتدنى كثيرا، ولعل التزكية في صيدا وجزين ستساهم في التخفيف من الحماسة على الاقتراع في هذين المكانين، وأنا لا أعتقد ان مستوى الاقبال مؤشر بل المؤشر الطبيعي هو هذا الدعم وهذه الارجحية للاتجاه المقاوم.
ولماذا لم تتسع لائحتا الجنوب والنبطية التي شكلها حزب الله وحركة أمل لتلاوين سياسية أخرى هي صادقة في دعمها وتأييدها للمقاومة؟
يلفت قاسم الانتباه الى ان اللائحتين المذكورتين تضمان أيضا مرشحين عن الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث والتنظيم الشعبي الناصري وتيار المستقبل وبعض المرشحين الذين يتمتعون بثقل انتخابي ضمن عائلاتهم وقراهم، ما يجعل هاتين اللائحتين متنوعتين بالتحالفات، مع الاخذ بعين الاعتبار ان عدد المقاعد لا يتجاوز ال23 مقعدا، وبالتالي فإن ما جرى من رعاية للتحالفات مع قوى أساسية أقفل اللائحتين وجعل إمكانية ضم الآخرين اليهما صعبا، مع احترامنا وتقديرنا للبعض ممن هم خارجهما.
بعلبك الهرمل
وكيف تبدو الصورة في بعلبك الهرمل؟ هل تخشون من أي اختراق للائحتكم؟
يرد قاسم بثقة: حزب الله هو الناخب الاساسي في هذه المنطقة، ووفقا لدلالات الانتخابات النيابية في الدورات الماضية، فإن اللائحة التي يشكلها الحزب مع حلفائه كانت تنجح بكاملها، وأعتقد ان المشهد سيتكرر اليوم، لا سيما ان قوة الحزب أكثر تقدما من السابق، وتحالفاتنا ما تزال متماسكة.
كسروان جبيل
وما هو توجه الحزب الانتخابي في دائرة كسروان جبيل؟
يوضح قاسم ان لا مرشح للحزب في هذه الدائرة، وإنما سندعم بعض المرشحين بعدما يكتمل المشهد وتتبلور طبيعة التحالفات.
وما هي الاعتبارات التي تحكمت باستبدال بعض نواب الحزب؟
يؤكد قاسم ان تغيير بعض نواب الحزب لا يرتبط بنقص في الاهلية والكفاءة لديهم، بل ان من استبدلناهم يملكون أهلية وكفاءة مهمتين ونحن بحاجة اليهم في مواقع تنظيمية داخل الحزب وأردنا من خلال هذا التبديل ان نعطي حيوية وإضافة على قاعدة حلول المناسبين من المرشحين مكان المناسبين من النواب وليس على قاعدة الافضلية، وأعتقد ان الحزب كان جريئا جدا في هذه الخطوة لانه أخذ بعين الاعتبار المشروع وليس الاشخاص، وأعطى رسالة واضحة بانه لا يقف عند اعتبارات ذاتية وانما عند مصالح حزبية هي أوسع وأكبر من الاهتمامات الشخصية، ولن يكون هذا امر حسب فهمي لهذه المرة فقط بل في كل انتخابات ستكون هذه القاعدة متبعة.