مقابلات

قاسم ل: لن نسمح للعدو بالتحكم في قواعد اللعبة... على إسرائيل أن تدرك أن السياحة مقابل السياحة

برغم قساوة الضربة التي تلقاها باغتيال أحد كوادره المقاومين غالب عوالي، فإن جسمه الذي صقلته التجارب بات قادرا على امتصاص الصدمات والتكيف معها، وينشغل الحزب الآن في البحث عن الثغرة التي دخلت منها إسرائيل للنفاذ الى حي معوض في الضاحية الجنوبية كما يناقش بعقل بارد سبل الرد وفق توقيت ساعته التي تتحرك عقاربها بدقة عادة.‏

الكاتب: عماد مرمل‏

الملخص: برغم قساوة الضربة التي تلقاها <<حزب الله>> باغتيال أحد كوادره المقاومين غالب عوالي، فإن جسمه الذي صقلته التجارب بات قادرا على امتصاص الصدمات والتكيف معها، وينشغل الحزب الآن في البحث عن الثغرة التي دخلت منها إسرائيل للنفاذ الى حي معوض في الضاحية الجنوبية كما يناقش بعقل بارد سبل الرد وفق توقيت ساعته التي تتحرك عقاربها بدقة عادة.‏

هذا <<التوازن>> عكسه نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في حديثه الى <<السفير>>، الذي بدأ بسؤاله عن قراءة الحزب لعملية اغتيال عوالي، وفي اي سياق يضعها؟‏

يعود قاسم الى أيار 2000 ليقول ان العدو الاسرائيلي ظن حينها ان خروجه من معظم الاراضي المحتلة في الجنوب والبقاع الغربي سيكون سببا لإقفال الجبهة اللبنانية، ولكن لما تبيّن له ان هذا الخروج لم ينه وجود المقاومة الاسلامية بل زاد من فاعليتها وحضورها، راح يفكر في كيفية مواجهة هذه المشكلة وكان ان استبعد العمل العسكري المباشر لكلفته العالية عليه في ظل جهوزية المقاومة للرد وعدم رغبته في فتح جبهة موازية للوضع الفلسطيني المتفجر، فجاء البديل من وجهة نظر اسرائيل عبر القيام بعمليات امنية موضعية تكون بمثابة رسائل رادعة الى حزب الله ومن يعنيه الامر.‏

يقود هذا <<الحبل>> من التحليل قاسم الى وضع جريمة اغتيال عوالي في اطار محاولة العدو إخافة الطرف الآخر وإرباكه واستخدام اسلحة تعطي نتائج مفيدة من دون ان تترك آثارا جانبية على الوضع الاسرائيلي، مفترضا (أي العدو) انه بذلك يستعيد زمام المبادرة ويجعل الخصم في حالة ارتباك ويدفعه الى إعادة النظر في توجهاته.‏

وكيف سيتعامل حزب الله مع هذه الاستراتيجية الاسرائيلية؟‏

يؤكد قاسم ان اغتيال عوالي <<يشكل تجاوزا كبيرا واعتداء حقيقيا تتحمل اسرائيل مسؤوليته بالكامل، فالأدلة الميدانية تثبت بما لا يقبل الشك تورطها والعبوة اسرائيلية الصنع، وبالتالي فإن على العدو ان يتحمل مسؤولية ما فعل ونحن لا نمر على هذه الحادثة كأنها امر عادي>>.‏

ولكن، الى اي حد يمكن لعملية الاغتيال ان تكون توطئة لتغيير قواعد اللعبة؟‏

بلهجة حاسمة، يشدد قاسم على ان الحزب لن يقبل بأن تكون جريمة الاغتيال مقدمة لمعادلة جديدة، <<ونحن لنا اجراءاتنا التي ستثبت ذلك، والامر متروك للأيام، وعليه لا نعتبر ان ما حصل يرسي قواعد جديدة للصراع كما قد تشتهي اسرائيل>>.‏

وكيف تمكنت اسرائيل من اغتيال كادرين مقاومين خلال عام واحد تقريبا.. هل يشير ذلك الى ثغرات في الامن الوقائي للحزب؟‏

يجيب قاسم: منذ التحرير وحتى الآن ما زلنا نتخذ إجراءات امنية لحماية قياداتنا ومراكزنا، كما لو ان المعركة قائمة عسكريا على اعلى المستويات، ولم تكن لدينا حالة استرخاء، وأضاف: لا اريد ان أقلل من حجم عمليتي الاغتيال، لكن اذا استعرضنا ما حصل خلال اربع سنوات من التحرير نلمس ان مستوى الاختراق ضعيف جدا ما يدل على كفاءة في توفير الحماية ضمن بلد مفتوح على العملاء ويوفر الاجواء الموضوعية لارتكاب اعمال معينة، وبالتالي فإن هاتين العمليتين هما جزء من الصراع المفتوح ولا يجوز ان نتوهم انه ليس لهذا الصراع كلفة، لكن المطلوب ان نخفضها الى الحد الادنى.‏

وهل أثار اغتيال عوالي مناخا من <<القلق الكامن>> في صفوف الحزب؟‏

يؤكد نائب الامين العام للحزب انه لا يسود صفوفنا اي شعور بالقلق او الذعر بل مزيد من شحذ الهمم، ولا يمكن لحادثة ان تغير في اندفاعتنا وخططنا، ثم ان ثقافتنا التربوية والايمانية تجعلنا نتوقع الشهادة في كل لحظة ونحن نعتبر ان الشهيد عوالي نال ما تمناه.‏

وما هي قراءة الحزب لتصريح وزير الداخلية الياس المر الذي اشار الى وجود عملاء كبار في لبنان يغطون العملاء الصغار؟‏

يبتسم قاسم ويقول: ان تصريح وزير الداخلية ينسجم في الخط العام مع كلام السيد نصر الله، وما نريد ان نشدد عليه هو ضرورة التعامل مع العملاء بشدة وذلك لمصلحتهم اولاً حتى يغسلوا جرائمهم السابقة ويتوبوا جديا ولمصلحة لبنان ثانيا بما يحصن امنه، ونحن بحاجة الى ان يتعاون السياسيون من اجل عزل هؤلاء العملاء فترة من الزمن ليعلموا ان العمالة مكلفة وليعطوا الآخرين درسا، ولعل ما جرى يكون مناسبة للتشدد في التعامل معهم.‏

وهل ما كشفته جريمة اغتيال عوالي عن دور حزب الله في دعم الانتفاضة الفلسطينية، يحرجه في هذا التوقيت؟‏

يلفت قاسم الانتباه الى ان حزب الله يجاهر منذ البداية بدعمه للانتفاضة بكل الوسائل المتاحة والمناسبة، الا اننا لسنا في وارد ان نفصل دورنا مهما كانت جزئياته كبيرة او صغيرة، علما بأن من حق الانتفاضة علينا ان نكون الى جانبها لأنها تشكل من موقعها المتقدم حماية لكل العرب والمسلمين وليس فقط للفلسطينيين، وفي ذلك خير لنا جميعا، وعندما تدعم الولايات المتحدة الأميركية اسرائيل من اجل العدوان لا يجوز ان نخشى من مساندة الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن نفسه وعنا جميعا.‏

ويتابع: بالتأكيد، هذه الجريمة غير منفصلة عما يجري في الداخل الفلسطيني، بما يعكس محاولة اسرائيل الهروب الى الأمام وصرف النظر عن إخفاقها في مواجهة الانتفاضة، بإلقاء التبعات على جهات اخرى خارج فلسطين وصولا الى استدراج ضغوط سياسية خارجية على لبنان وسوريا.‏

وكيف سيكون رد حزب الله على الاختراق الاسرائيلي لعمقه الحيوي؟‏

يتجنب قاسم الإجابة الانفعالية قائلا: نحن لا نقيس الامور بعدد شهدائنا وعدد قتلاهم، وإنما ننطلق من كوننا في موقع مقاومة الاحتلال، وما تستلزمه هذه المقاومة سنقوم به في الزمان والمكان المناسبين.‏

وهل يأخذ الحزب بعين الاعتبار موسم السياحة في لبنان، كما يدعوه الى ذلك العديد من الاطراف الداخلية؟‏

يستغرب قاسم ان توضع الامور دائما عند الحزب <<في حين اننا في موقع دفاعي لا هجومي، ونحن عندما عملنا بالتعاون مع الشرفاء على تحرير لبنان كنا ننشد الاستقرار لهذا البلد وانتعاشه السياحي والاقتصادي>> ويختم بموقف يأخذ طابع الرسالة التحذيرية: <<على اسرائيل ان تدرك ان حساباتها السياحية لا تنفصل عن السياحة لدينا، وهي معنية بمراعاة هذا الامر او عدم مراعاته>>.‏