كشف نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن المرحلة الثانية من المفاوضات لها أهمية أكبر من المرحلة الأولى، لأنها تتمحور حول الطيار الإسرائيلي رون آراد، نظرا للاستعداد الإسرائيلي لدفع ثمن كبير في مقابل معلومات خاصة به،مشيرا إلى تشكيل لجنة مشتركة مع الألمان لهذه الغاية.
وأكد في حوار مع "الوطن" أن الحزب ما زال يملك أوراقا قوية بعد انتهاء المرحلة الأولى من عملية التبادل سيستخدمها في المرحلة الثانية،دون أن يكشف عنها، مؤكدا أن الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة الذين فقدوا في لبنان هم جزء من العملية، إضافة إلى الأسير اللبناني سمير القنطار.
ونفى قاسم وجود أي طابع سياسي لعملية التبادل. وأكد أن حزب الله يرفض أي مقايضة سياسية مع إسرائيل على الانسحاب من مزارع شبعا.
ولخص مراحل عملية التبادل الأولى التي كانت بوساطة ألمانية وقال إنها امتدت لثلاث سنوات ومرت بمراحل من الركود والحيوية.
وأشار إلى عدم حدوث أي تطور إيجابي مع الولايات المتحدة، عقب إتمام المرحلة الأولى من المفاوضات الخاصة بتبادل الأسرى بين الحزب وإسرائيل،"لأن أمريكا تدعم إسرائيل بالمطلق وفي كل الأحوال". وأكد أن الحزب رفض في الفترة السابقة عقد لقاءات مع أي من المسؤولين في الإدارة الأمريكية رغم المطالبة التي جرت بأساليب متعددة عبر الوسطاء والديبلوماسيين، "لأننا وجدنا اللقاءات من دون جدوى وستصب في مصلحة أمريكا".
وفيما يلي نص اللقاء:
هناك مرحلة انتقالية تنحصر بسمير القنطار. ما الثمن الذي سيدفعه حزب الله لقاء ذلك؟
نحن قلنا إنه في عملية التفاوض التي جرت هناك مرحلتان بينهما مرحلة انتقالية. فالمرحلة الأولى أنجزت, والمرحلة الانتقالية تستمر من شهرين إلى ثلاثة أشهر والثانية ستبدأ بعد الانتقالية وهنا توجد بعض التفاصيل في المفاوضات التي تحتاج إلى استكمال ويمكن بحسب تطور استكمال المعطيات والنقاش في المفاوضات أن تصل المرحلة الانتقالية إلى الإفراج عن سمير القنطار, لكن لا نستطيع ذكر تفاصيلها، لأننا لمسنا بشكل واقعي أن المفاوضات عندما تكون سرية فإنها تساعد على حسن الإنجاز وهذا ما برهنته المرحلة الأولى.
بدا أن حزب الله واثق من إطلاق القنطار. هل يمكن أن نستنتج أن هناك اتفاقا مبدئيا لإطلاقه لقاء معلومات أولية عن رون آراد؟.
لن أدخل في التفاصيل التي قد تؤدي إلى نتائج معينة إيجابية أو مرحلية أو ما شابه لأننا سندخل بذلك في تفاصيل المعطيات وسنصبح في داخل العملية التفاوضية التي يفترض أن تبقى سرية.وهناك استنتاجات بأن أهمية المرحلة الثانية تكمن في دخول أطراف إقليمية في العملية التفاوضية وها هو وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي في بيروت اليوم لبحث موضوع مصير الديبلوماسيين الإيرانيين المفقودين.
ما مدى حضور الطرف الإقليمي في المفاوضات؟
عملية التفاوض والمبادلة محصورة بحزب الله، ولكن توجد ملفات مرتبطة بجهات موجودة واقعيا على الأرض منها الجهة الإيرانية التي لها 4 ديبلوماسيين خطفوا في لبنان وهذه مسؤولية إسرائيلية كونهم خطفوا على حاجز القوات اللبنانية التي كان يشرف عليها الجانب الإسرائيلي مباشرة بكل تحركاتها، وهناك سوابق في تسليم لبنانيين إلى إسرائيل وبالتالي المعلومات تشير إلى أن إسرائيل هي المسؤولة عنهم وهي تحتجزهم وهم أحياء عندها إلى أن يثبت الإسرائيليون تفاصيل تتعلق بهذا الملف بالأدلة المحسوسة.
إذن من الطبيعي أن يكون هذا الأمر جزءا من ملف حزب الله، وهذا لا يعتبر تدخلا إقليميا مؤثرا بشكل سلبي أو معيقا لعملية التفاوض لأن النتيجة التي ستحصل ستشمل في المرحلة الثانية، فلسطينيين وعربا، والديبلوماسيين الإيرانيين ومن يمكن أن يكون باقيا من اللبنانيين.
وأن وجود الإيرانيين لن يشكل عقبة، بل بالعكس سيكون هناك إفراج بالجملة وبشكل كبير، ومن حق الإيرانيين علينا أن يكونوا جزءا من التبادل طالما أنها ستكون بهذه الشمولية وطالما أن الديبلوماسيين كانوا في لبنان.
ربما لأن إيران تسيطر على رون آراد أو ربما سوريا حسبما يشاع؟.
نفت كل من إيران وسوريا مسؤوليتهما عن رون آراد أو معرفتهما بأي تفاصيل تتعلق به. وكل الأبحاث السابقة التي جرت لم تتوصل إلى أي نتيجة في هذا الاتجاه. رون آراد فقد في لبنان والأصل أن يكون موجودا فيها إلى أن يثبت شيء آخر، وهذا ما أكده الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
وبالتالي دخول إيران على الخط هو دخول للمطالبة بالإفراج عن دبلوماسييها، وكما ذكرت ليس هذا الدخول مؤثرا لا في الثمن ولا في عملية التفاوض لأنه سيكون جزءا من الثمن الذي تقول إسرائيل إنها مستعدة لدفعه فيما لو تحقق شيء عن رون آراد.
هناك من يعتقد بأن إسرائيل لا تبحث فعليا عن آراد الذي تشير المعطيات إلى مقتله, وتريد بالتالي شيئا أكبر من ذلك, وربما تريد صفقة داخل الصفقة. هل توافق على هذا التحليل؟
في الواقع منذ اللحظة الأولى للمفاوضات وضعنا شعارا إنسانيا بحتا ولم يكن هناك أي شعار سياسي لعملية التبادل، لذا في كل المفاوضات التي جرت منذ ثلاث سنوات بمراحلها الحارة والمتقطعة لم يكن البحث إلا عن تفاصيل عملية التبادل ومن يفرج عنه أو لا يفرج عنه، ولم يطرح أي بحث له طابع سياسي أو اتفاق مستقبلي أو أمر مرتبط بمزارع شبعا أو بعمل المقاومة.
وفي الواقع فإن المفاوض الإسرائيلي لم يطرح معنا مسائل سياسية كما أننا لا نوافق أن يطرح مثل هذا الموضوع, بالإضافة إلى ذلك فإن الوسيط الألماني لم يثر هذا الموضوع أيضا، وفي المرحلة الثانية التي بدأت عمليا بالمرحلة الانتقالية جاء مدير المخابرات الألمانية واتفق مع الأمين العام للحزب،على أن تشكل اللجنة اللبنانية- الألمانية خلال أيام قادمة وستنعقد أولى اجتماعاتها خلال أيام أيضا, وكذلك هناك وفد ألماني في إسرائيل لتشكيل اللجنة المشتركة.
وفي الحديث عن أعمال اللجان كان الطرح فنيا تقنيا له علاقة بموضوع الأسرى وأيضا لم يطرح شيء له علاقة بالموضوع السياسي من قبل أي طرف. أي إن الأكيد لا تبعية سياسية للمرحلة الثانية، ومن يظن العكس يكون واهما ومخطئا. وإن المبادلة لم تكن تحمل طابعا سياسيا في أي من مراحلها.
إذا أدت المفاوضات إلى نتائج سياسية كعرض إسرائيل الانسحاب من مزارع شبعا لقاء إرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب وانكفاء حزب الله عسكريا, ألا يؤدي ذلك إلى حل المشكلة الأمنية في الجنوب؟.
أولا هذه المفاوضات ليست سياسية بأي شكل، ونحن لا نرضى بدخول أية عملية تفاوض سياسي مع إسرائيل حتى ولو كان عبر وسطاء.
ثانيا إذا أرادت إسرائيل الانسحاب من مزارع شبعا لأي سبب من الأسباب فلا يمكن الموافقة على أن يكون الانسحاب مقابل ثمن, وبالتالي لا مقايضة ولا مفاوضة على الانسحاب من مزارع شبعا.
فلتنسحب إسرائيل أما موقفنا فسيكون المتابعة للملف في مواجهة المشروع الإسرائيلي وتداعياته في لبنان والمنطقة.
أقول لا الآن ولا فيما بعد لا يمكن أن يكون هناك مقايضة في السياسة بيننا وبين اسرائيل مباشرة أو بالواسطة، وعملية التبادل هي عملية إنسانية بحتة.
بالعودة إلى المفاوضات وعمليا لم يعد بيد حزب الله الكثير من الأوراق للتفاوض عليها غير الحصول على معلومات عن رون آراد. هل نتوقع حصولكم على أوراق أخرى؟.
لو لم نكن نملك أوراقا في مواجهة المشروع الإسرائيلي لما كنا نتحدث بشكل مباشر ونعرض أمام الرأي العام استعدادنا واتجاهنا لمتابعة هذا الملف بكل قوة وصلابة للإفراج عن كل المعتقلين, وبالتالي فإن إسرائيل تعلم أننا نملك أوراق قوة ولا تكون, عادة, أوراق القوة مشخصة في كثير من الحالات, فهي قد تنشأ وقد تتوفر لمجرد وجود الاستعداد, وأحيانا لا تتوفر، وقد تكون بحساب الأرباح والخسائر عن الطرف الإسرائيلي.
وكل من رأى عملية التبادل الأخيرة وجد أن حجم التنازل الإسرائيلي كان كبيرا جدا فيما حجم مكسب حزب الله كبيرا جدا أيضا.
وهنا من المشروع السؤال ما هي القوة التي أدت إلى هذا الخلل؟ من المؤكد أن حسابات إسرائيل فيما يتعلق بموقعية حزب الله وجديته وما يمكن أن تؤول إليه الأمور لو لم تجر عملية التبادل، وما قد يتركه ذلك على المستوى الميداني وتحدث تطورات لا ترغب إسرائيل بحصولها، ولما قامت إسرائيل بصفقة خاسرة في مضمونها. إذن هذه ورقة قوة كانت موجودة في التفاوض, ولم يكن الأمر مقتصرا على وجود الجنود الثلاثة والأسير الرابع وإنما شكل هؤلاء عنوانا ماديا للتفاوض بينما كان هناك عناوين أخرى دخلت في الحسابات الإسرائيلية.
يعني أنت تقول إن إسرائيل تسعى لإقفال الملف مع حزب الله تفاديا لخسارة كبيرة، فهل هي تخشى من خطف جنود أو عمليات كبيرة.إلخ؟
من المؤكد أن إسرائيل تعرف أن إقفال هذا الملف يوفر عليها مشاكل كثيرة, ولا أعلم إذا كانت ندمت على إبقاء الأسرى هذه الفترة من الزمن لأنهم أعطوا حزب الله مكسبا كبيرا بعد ثلاث سنوات من تحرير الجنوب.
وأعتقد أن إسرائيل لمست بالتجربة العملية أن حزب الله جدي وأنه متمسك بعدد من المبادئ التي لا يتخلى عنها, وهي مشروعة. وعلى هذا الأساس أدركت أنها أمام خصم لا يمكن أن يتهاون في مطالبه.
صدرت تحليلات لتهديدكم بخطف جنود إسرائيليين ورد بتهديد مماثل، هل دخلتم في اختبارات قوة؟
من الطبيعي أن يبلغ التحدي والتحدي المضاد مستوى عاليا من الحالة المعنوية لمحاولة كل طرف تحقيق ما يمكن توفيره لتطورات ميدانية. وفي الواقع لا بد لإسرائيل أن تدرس جديا ماذا يعني احتفاظها بسمير القنطار وغيره من المعتقلين, وعليها أن تجري حساباتها خارج دائرة التصريح والعنتريات.
والذي يؤثر في الموضوع هو الإجراءات الميدانية والتطورات واستخدام الإمكانات المتوفرة،وإسرائيل, في الأمر, لا تستطيع التصرف كما تشاء لأن لديها حساباتها, ونحن كذلك لدينا حسابات ربح وخسارة ولا نطلق تهديدات عشوائية, ولا نقدم على أعمال إلا بالوقت المناسب والأسلوب المناسب. الصراع موجود, وكل طرف سيستخدم كل مقومات الضغط السياسي والميداني.
في هذا الإطار هل قد يلجأ حزب الله إلى عمليات خارج لبنان؟
نحن واضحون وقلنا إن عملياتنا ضد العدو الإسرائيلي محصورة في أماكن الاحتلال وحيث يتواجد, وهي ليست عمليات مفتوحة بإطار الواقع العالمي. وهذا ما قمنا به في السابق. ولسنا منظمة عالمية, بل نعمل من خلال لبنان, ولا نية لدينا للعمل في غير هذا الاتجاه.
هل وضعتم في حساباتكم, في المرحلة الثانية, تحرير سجناء إيرانيين معتقلين في أوروبا؟
لم ندخل في تفاصيل من هم المحررون في المرحلة القادمة,هناك عناوين عامة تحدثنا عنها وثبتها الوسيط الألماني, وهي الإفراج عن أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين والعرب والديبلوماسيين الإيرانيين, وأي تفاصيل أخرى تأتي لاحقا.
هل تشرح لنا بإيضاح الدور السوري في عملية التبادل،لأنه في المرحلة الثانية يجري الحديث عن دور لدمشق خصوصا بعد طرح قضية الجنود الإسرائيليين المفقودين في معركة السلطان يعقوب في لبنان؟.
عملية المبادلة الأخيرة أدارها حزب الله بشكل مستقل تماما، واستفاد من الآخرين بتحصيل معلومات عن الأسرى. ولم يكن لسوريا إشراف أو مشاركة أو ضغط, على الرغم من أن سوريا مؤيدة للخطوات التي يقوم بها حزب الله, وبالتالي لا أعتقد أن المرحلة الثانية ستشهد تغييرا لما كانت عليه المرحلة الأولى. أما
أن يكون هناك شيء له علاقة بسوريا فهذا أمر تفاوض عليه سوريا
هل توجز لنا مراحل التفاوض الأولى؟
المفاوضات استمرت 3 سنوات تقريبا ومرت في فترات ركود ومراحل حيوية،و أحيانا كانت اللقاءات تجري مرة في الأسبوع, أحيانا تطول اللقاءات إلى مرة كل 3 أشهر, وكان هناك مواجهة حول تجزئة الصفقة أو أجرائها بشكل كامل.
هل ستغير التطورات الخاصة بالتبادل موقف الولايات المتحدة من حزب الله؟
لم يحصل أي تطور مع أمريكا لأنها تدعم إسرائيل بالمطلق وفي كل الأحوال، وأمريكا في الخانة السياسية المعادية مسبقا، ومن هنا لا معنى للحديث عن علاقة بيننا وبين واشنطن لأننا طرفان متناقضان مبدئيا.وفي الفترة السابقة لم نوافق على عقد لقاءات مع أحد من الإدارة الأمريكية على الرغم من المطالبة التي جرت بأساليب متعددة عبر الوسطاء والديبلوماسيين لأننا وجدنا اللقاءات من دون جدوى وستصب في مصلحة أمريكا