تقع على العلماء المسؤولية الكبرى، وبكل صراحة أقول: العلماء والدعاة غير معذورين في أمورٍ أربعة:
أولاً: ادعاء البعض أنه يساير السائد في مجتمعه فيعبر نفسه لمذهبة خطابه بمعزل عن الوحدة الإسلامية.
ثانياً: أولئك الذين ينحرفون مع السياسيين ويغطون أفعالهم وآراؤهم ومواقفهم باسم ضرورات المرحلة.
ثالثاً: أولئك الذين تؤدي آراؤهم إلى إهانة المقدسات عند الآخرين من أهل المذهب على حساب الوحدة الإسلامية.
رابعاً: أولئك الذين يشاركون في الفضائيات بحوارٍ هو أقرب إلى حوار الطرشان، والذين يدَّعون إظهار الحقائق أمام الناس وهم يخربون على الأمة ويسيئون إليها.
لذا نحن نعتقد أن الوحدة هي الطريق، وأنها هي المسار، وكل ما عداها زيفٌ وانحراف، وعلينا أن نخوض في نقاشاتنا ومواقفنا إلى ما يؤدي إلى هذه الوحدة، الوحدة ليست خطباً رناناً الوحدة مواقف عملية تبرز من خلال الأداء والآثار، وإلاَّ نحن لا نقبل من أي واحد يقف على منبر ويتحدث عن الوحدة ثم نرى جماعته يتصرفون بخلاف الوحدة ويؤدون إلى شقاقٍ بين المسلمين، صدق أيها المدَّعي للوحدة عملياً على مستوى العلاقات بين الناس، واسع بأن تتخلى عن كل شيء في سبيل أن تبقى الوحدة هي الأصل ولمواجهة الفتن المذهبية.
من هنا سأذكر مجموعة عناوين اعتبرها إضاءة في طريق الوحدة حصلت وتحصل وعلينا التمسك بها، وإذا لم نسلك هذه العناوين فإننا بعيدون تماماً عن الوحدة.
أولاً: ما قام به الإمام الراحل الإمام الخميني(قده) الذي اختار أسبوعاً للوحدة ليجمع بين الثاني عشر من ربيع الأول والسابع عشر منه، فبدل الاحتفال بيومٍ واحد بمولد النبوي الشريف فليكن الاحتفال أسبوعاً كاملاً لنقول: بأن السنة والشيعة قد كرّموا نبيهم واحتفلوا بولادته معاً من دون فرق بين الثاني عشر والسابع عشر، وهذا مظهرٌ من مظاهر الوحدة العظيمة.
لقد أكَّد الإمام (قده) أن الأمة جمعاء معنية بقضية فلسطين، وبالتالي من لم يعمل لفلسطين وتحريرها فليس وحدوياً وليس مؤمناً حقيقياً، فلسطين هي قلب الأمة وأساس القضايا، وبالتالي من أراد أن يعبر عن وحدة الأمة فليكن مع فلسطين قتالاً وجهاداً وتحريراً ومستقبلاً لتتحرر هذه المنطقة العزيزة على قلب الأمة جمعاء.
ثانياً: يجب أن نحيي تحية كبرى للفتاوى الجريئة والشجاعة والتي لها المضامين الكثيرة في ساحة أمتنا، وأولها وعلى رأسها ما أفتى به الإمام الخامنئي(حفظه الله ورعاه)، وأكرر ما قاله لنشنف آذاننا بعناوين الوحدة العظيمة التي دعا إليها، قال: "يحرم النيل من رموز إخواننا السنة، فضلاً عن اتهام زوج النبي(ص) بما يخل بشرفها، بل هذا الأمر ممتنع على نساء الأنبياء وخصوصاً سيدهم الرسول الأعظم(ص)". لقد أدَّت هذه الفتوى إلى إثارة المشاعر الوحدوية على امتدادا العالم الإسلامي، والرائع أن يكون هناك تناغم من الأطراف الأخرى لنكون معاً بلهجة واحدة وصيغة واحدة، ولذا كل التحية لشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذي قال بأنها فتوى صادرة عن علمٍ صحيح وعن إدراك عميق لخطورة ما يقوم به أهل الفتنة.
عندما يحصل التناغم بين علماء المسلمين سنة وشيعة في مواجهة شخصٍ يسيء إلى النبي وآله وزوجاته وإلى هذه المسيرة الإسلامية ستخرس هذه الأصوات وستفقؤ عين الفتنة بأقوالهم التي قالوها عندما يخرج هؤلاء العلماء الكبار ويتحدثون أمام الناس ليتعرف الناس على حقيقة الموقف.
ثالثاً: خيار الرئيس الدكتور بشار الأسد في دعم المقاومة وفي الموقف في الموقع الممانع ضد الاستكبار وأعماله، هو خيار وحدوي يؤكد على أن هذا المسار هو الذي يجعلنا نعيش استقلالنا وحياتنا بعيداً عن مؤامراتهم وتعليماتهم، نعم نريد أن نصلي على الأرض التي خلقنا الله تعالى عليها ولا نقبل أن تكون محتلة، نريد أن ندافع بأجسادنا وقوتنا وإمكاناتنا لنحررها ونسجد بكرامتنا عليها وبعزتنا، نعم هذا الرئيس الذي وقف بكل شجاعة ليتحدى العالم ليقول أنه مع المقاومة ومع دعمها، وهو يؤكد على المسار الوحدوي خاصة هذا التحالف الاستراتيجي مع الجمهورية الإسلامية في إيران ليشكلا قوة ممانعة في دعم المقاومة في منطقتنا وهذه خطوة جبارة من خطوات الوحدة، وهكذا يكون الخطاب عملياً لا نظرياً من على المنابر فقط.
رابعاً: قضية فلسطين هي القضية المركزية، علينا أن نرفع شعارها ولواءها وأن ندعم مجاهديها والمقاومين لتحرير القدس، فهذا الذي يجمعنا ويقوينا معاً.
خامساً: دعم المقاومة ضد الاحتلال، والتأكيد على حقنا بهذه المقاومة التي انطلقت من الإيمان والخضوع والخشوع لله تعالى، أقول بكل صراحة هؤلاء المجاهدون الذين انتصروا في جنوب لبنان وطردوا إسرائيل لم يكن بإمكانهم أن يفعلوا ذلك لولا أنهم سجدوا لله تعالى أولاً فأخضع الله الكافرين في مواجهتهم وبالتالي انتصروا على إسرائيل بكلمة لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله أولاً وبالسيف ثانياً الذي كان في خدمة التوحيد وموقف التوحيد.
سادساً: اجتماع علماء المسلمين في مثل هذا الحشد الكريم المبارك، وكذلك الدعاة سنة وشيعة ومن مختلف الطوائف، ليؤكدوا في مؤتمراتهم وحواراتهم أنهم معاً ولا يمكن أن يقبلوا بالفتنة.
سابعاً: تبني المواقف السياسية التي تجمع ولا تفرق، والتي تلتفت إلى القضايا الجوهرية، عندما نختلف في الداخل على أمر ويتربص بنا عدوٌ في الخارج الأولوية لمواجهة العدو وليس بالداخل، فلنحرر أراضي المسلمين أولاً، ولننتهي من الاستكبار والاستعباد أولاً، ولنحل القضايا المعقدة التي تواجهنا في العالم بعد ذلك نجلس معاً لنتحدث عن الأمور التفصيلية التي تهمنا في الداخل، ولكن أن يقرب البعض خلافات لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تقدم ولا تؤخر في مسيرة الإسلام، وهي أمرٌ لا يؤثر على مسار الإسلام العظيم، فهذا يعني أ،ه يبحث عن الفتنة ويحرفنا عن الطريق الصحيح.
الفتنة المذهبية لا تمت إلى الدين بصلة، وهي صنيعة الاستكبار، ومشاريع أمريكا وإسرائيل في بلاد المسلمين، وكما تعلمون وكما قال أمير المؤمنين علي(ع): "إنَّ الفتن إذا أقبلت شبهت وإذا أدبرت نبهت، ينكرن مقبلات ويعرفن مدبرات"، فلا يحق لنا أن نأتي إلى هذه الفتن ونشبه الأمور علينا، فلنمنعها أصلاً كي لا نندم بعد ذلك على ما يحصل. ولذا من أولى الأولويات أن نواجه الفتنة ونضحي لمنعها ونفضح صنّاعها وعملاؤهم، ونقف صفاً واحداً ضد دعاتها، سواء تبينوا بلبوس الدين أو ادعوا تمثيلهم لمذاهبهم، هنا المقاومة أشرف عنوان من عناوين الوحدة ،أعزت الأمة وأذلت إسرائيل وأعاقت مشروعها، علينا أن ندعمها وأن نذب عنها كل الأخطار الداخلية والخارجية، لقد تحولت المقاومة إلى إنجاز ولم تعد مشروعاً محتملاً، ولذا يواجهونها من كل حدبٍ وصوب، وهذا دليل قوتها، وهي عصية عليهم وستهزم كل المشاريع المعادية لأمتنا، نعم المقاومة باسم الله وفي سبيل الله أقوى من إسرائيل لأنها صاحبة الحق والأرض والشرف، وهم الغاصبون والمعتدون والقتلة، ومهما تآمر العالم دعماً لإسرائيل فلن ينجح إن شاء الله تعالى، لقد أثبتت التجربة أننا عندما نتوكل على الله تعالى وبسواعد مجاهدينا ووحدتنا الإسلامية عندها تنجح خياراتنا، "وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يعملون لهذا الخطاب الوحدوي الذي يصنع الأمة، وهذا الخطاب هو الذي سينجح إن شاء الله تعالى، أما نقيق ضفادع الطريق فستسقط بإذن الله تعالى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.