محاضرات

الأركان الأربعة للخطاب المعاصر للشباب

الأركان  الأربعة للخطاب المعاصر للشباب
الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام سماحة الشيخ نعيم قاسم في مجمع سيد الشهداء في المجلس المركزي، الليلة الثانية من محرم الحرام 1440 هـ، 11/09/2018م الأركان الأربعة للخطاب المعاصر للشباب

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق  مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد(ص)، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين.

السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا بن رسول الله وابن أمير المؤمنين وابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائهم، عليكم مني سلام الله ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا كان آخر العهد مني لزيارتكم والسلام عليكم أيها الحفل الكريم ورحمة الله وبركاته.

 

نحيي ذكرى الإمام الحسين(ع) وأهل بيته وأصحابه في عاشوراء، لا لنكتفي بذكر المأساة وذكر ما جرى في التاريخ، بل لنستحضر التاريخ إلينا ونأخذ الدروس والعبر كي نتمكن من أن ننقاد إلى الإمام الحسين(ع) في زماننا وفي الأزمان القادمة، كل عصرٍ بحاجة إلى الحسين، وعندما يكون سيد الشهداء هو الحاضر في كل عصر وله أنصاره وأعوانه، فإننا نكون بذلك قد نقلنا التاريخ إلى حاضرنا وحققنا أهداف ثورة الإمام الحسين(ع).

 

اليوم سأتحدث عن الأركان الأربعة لخطاب الشباب المعاصر، لأننا بحاجة أن نعرف كيف نتعاطى مع شبابنا، بلغة متينة وأفكار راسخة وبثبات ينقذ هذا الشباب إلى الموقع الأفضل في الدنيا وإلى الثواب العظيم في الآخرة، وأقصد بالشباب كل من وصل إلى مرحلة المراهقة من الأخوة والأخوات، ومن تجاوز هذه السن إلى أية مرحلة كانت معه روح الشباب حتى ولو بلغ الستين والسبعين. وبطبيعة الحال سينعكس الخطاب الشاب للشباب على الأجيال الناشئة التي لم تبلغ الحلم بعد÷، فنكون بذلك قد وضعنا أربعة أركانٍ للأمة بأطيافها من خلال شبابها وشاباتها بعنوان الشباب. والمناسبة أننا نحيي ذكرى سيد شباب أهل الجنة، وهو سيد شباب أهل الدنيا كما هو سيد شباب أهل الجنة، فنكون بذلك قد قدمنا الإحياء بصورته الحقيقية التي تواكب الأجيال والتي أرادها الإمام الحسين(ع).

 

• الركن الأول: هو ضرورة تحديد خيارنا وطريقنا في الحياة:

 

أي طريق يجب أن نختار؟ خاصة أن الإنسان لا بد له من هاد ومرشد، لا بد له من منهج يدله على الطريق، لا بد أن يتعلم كيف يواكب مسائل الحياة، يجب أن يميز بين الصح والخطأ، بين المستقيم والمعوج، بين الهدى والضلال، وهذا يتطلب أن نبين لهؤلاء الشباب كيف يختارون طريقهم ليتمكنوا من خلاله أن يحسموا خياراتهم الثقافية والاجتماعية والسياسية والعائلية بطريقة يسلكون فيها الدرب الصحيح ويصلون إلى مبتغى الإنسان العظيم الذي أرادنا الله تعالى أن نصل إليه.

 

من هنا نجد أن الله تعالى أرسل لنا الأنبياء ليدلونا على الطريق، ليحددوا لنا المسار الذي يصلح دنيانا، لنتبصر الطريق عن معرفة وعلم، لأن من يقدم لنا كل الفكر والتوجيه والطريق هو نبي مرسل من خالق مدبر أراد أن يرشد البشرية إلى صلاحها فأرسل الأنبياء مبشرين ومنذرين.

 

قال تعالى: "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"، أيها الشباب من أراد منكم أن ينجح في حياته وأن يفوز بدنياه عليه أن يحدد الطريق الذي يختار من خلاله كيف يتصرف، وكيف يعمل، وكيف ينجح، حتى يكون فائزًا وناجحًا عند الله تعالى في يوم القيامة. 

 

من هنا نفهم التوجيه الذي ذكره الإمام الحسين(ع) أثناء الطريق، عندما جمع من اجتمع حوله في منطقة اسمها"البيضة"، خاطبهم قال: "أيها الناس، إن رسول الله(ص) قال: من رأى سلطانًا جائرًا، مستحلًا لحرم الله، ناكثًا لعهد الله، مخالفًا لسنة رسول الله(ص)، يعمل بعباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقًا على الله أن يدخله مدخله" لأن على الإنسان أن ينكر المنكر، أن يرفض أن يكون مع الأشرار، أن يرفض الحكم الظالم والحاكم الظالم، أن لا يقبل بالاستعباد، ولا يقبل بأن يكون هناك تجبر لسيادة المنكر، وعليه أن يعمل ويقف ويتكلم ويواجه ويتحدى مهما كانت النتائج،ويتابع الإمام(ع): "ألا إن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق من غيَّر"، هنا حدَّد الإمام الحسين(ع) الطريق، "أنا أحق من غير" من غيَّر الظلم إلى العدل، ومن غير الاستبداد إلى التوازي، ومن غير المنكر ليكون المعروف، ومن غير الانحراف ليكون الهدى، هذا دور أساس نحتاجه لنعلم كيف نسير في حياتنا.

 

مدرسة الإمام الحسين(ع) تعلمنا أن نختار الطريق، عندها يعلم الإنسان ماذا يفعل؟ وما هي النتائج؟ وكيف يتصرف؟ من أين يبدأ وإلى أين ينتهي، وهذه مسؤولية الجميع، وعلى كل إنسان أن يسأل نفسه: ما هو طريقي؟ فهل طريقك أن تأكل وتشرب! طريقك أن تعيش ولا تعرف إلى أين وكيف! طريقك أن تجد المنكرات وتنغمس بها دون أن تحرك ساكنًا! طريقك أن ترى انهيار المجتمع وأنت تتفرج! لا، طريق الحسين(ع) الإصلاح، "إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر"، طريق الحسين طريق الصلاح للبشرية من أجل أن تنعم البشرية في هداها واستقامتها ومستقبلها وتربية أجيالها على الفلاح، هذه الطريق هي مسؤولية كل واحد منا. أرسل الله تعالى الأنبياء ليدلوك على الطريق وهو الخالق الأعلم بمصلحتك، ناقش، اسأل، تعلم، انتقد، لكن عليكم أن تصل إلى نتيجة في نهاية المطاف.

 

هذه الطريق الإسلامية المرتبطة بالله تعالى هي طريق الفلاح الحقيقية، لكن جاء من يشوه ويشوش تعاليم الإسلام، ففي مراحل تاريخية معينة، قالوا بأن الإسلام عبادة في المسجد والسياسة حرام، من أي أتيت بهذا الأمر، فيقول: هي استنتاجات، استنتاجاتك ضيعت مبدأ وطريق الإسلام، ماذا كان يفعل رسول الله(ص) في المدينة المنورة، كان قائدًا وحاكمًا ومبلغًا ومربيًا وقائدًا عسكريًا، كان يعمل كما تتطلب الحياة بأسرها، كان المجاهد والعارف في آنٍ معًا، كان يعمل للدين والسياسة، للدنيا والآخرة، للحياة العزيزة التي لا تقبل الذل، وقد نصره الله تعالى، واستطاع أن يرسم خطًا ننهل منه نحن، وسينهل الناس إلى يوم القيامة حتى ظهور الإمام المهدي(عج) ليقود على هذه الاستقامة العظيمة ببركة محمد وآل محمد.

 

جاء آخرون يقولون: الإسلام فكر، ولكن اتركوا العبادة جانبًا، فإذا الله تعالى بعث الإسلام وقال لنا الإسلام عبادة ومعاملات، من أنت حتى تنقص الإسلام تحت عنوان أنك ارتأيت بفكرك، فالله تعالى يقول: "أقم الصلاة" "أتوا الزكاة" "ولله على الناس حج البيت" عبادات الله تعالى أخبرنا عنها. ومنهم من يطرحون الإسلام تكفيرًا لكل من عداهم، ويطرحون الإسلام بقسوة الإجرام التي تنسي الإنسان كل رحمة على الأرض، ويطرحون الإسلام بكل غلاظة وبشاعة مرت في تاريخ البشرية، من أين أتيتم بهذا الإسلام؟ فالله تعالى يقول: " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ"، فمن أين أتيتم بالغلاظة؟  فالله تعالى يقول: " لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" من أين أتيتم بالإكراه، والله تعالى هو الذي يحاسب الناس في يوم القيامة، وأنتم تقطعون الرؤوس وتحاسبون الناس ، الإسلام هو الاستقامة، الإسلام هو التوازن، يجب أن نعرف الشباب على الإسلام الحق، كي لا يتعرفون عليه من أولئك الذين عطلوه وبطلوه وشوهوا سمعته، وأساؤوا إليه، وهنا لا ننسى الأيادي الأجنبية التي تريد أن تعطي الصورة المشوه عن الإسلام حتى لا يعود الإنسان إلى ربه، ويلتجئ إليهم فيكونون أربابًا للعباد من غير الله تعالى فيتحكمون بالبشرية بشيطنة تنافس شيطانهم الأكبر الذي علمهم هذا الاتجاه.

 

في الذكرى السنوية الأولى لرحيل الإمام الخميني(قده)، يعني سنة 1990، الإمام الخامنئي(دام ظله الشريف) عرض ملخصًا عن منهج الإمام الخميني وأجرى مقارنة بين منهجه في الإسلام والمناهج الأخرى التي تبتعد عن دين الله تعالى، فقال: 

 

1. "في ثورتنا الإسلامية يحل الكتاب والسُّنة، محل إسلامِ الخرافة والبدعة.

 

2. إسلامُ الجهاد والشهادة، محلَّ إسلامِ القعود وتقبل الأَسْر والذل.

 

3. إسلامُ التعبد والتعقل، محلَّ الإسلامِ الهجين والجاهل.

 

4. إسلامُ الدنيا والآخرة، محلَّ الإسلامِ الراكن للدنيا أو الرهبانية.

 

5. إسلامُ العلم والمعرفة، محلَّ إسلامِ التحجر والغفلة.

 

6. إسلامُ الدين والسياسة، محلَّ إسلامِ التحلُّل واللامبالاة.

 

7. إسلامُ القيام والعمل، محلَّ إسلامِ الخور والملل.

 

8. إسلامُ الفرد والمجتمع، محلَّ إسلامِ المراسيم الرسمية الخاوية.

 

9. والإسلامُ المنقذ للمحرومين، محلَّ الإسلامِ الألعوبة بيد القوى.

 

10. وخلاصة الأمر: الإسلامُ المحمدي الأصيل، محلَّ الإسلامِ الأمريكي".

 

هذه الطريق التي ندعو إليها، ومعرفة الطريق ركنٌ أول وأساس ليهتدي الإنسان.

 

• الركن الثاني: معرفة النموذج (القدوة):

 

كل إنسان على وجه الأرض بحاجة إلى قدوة، وبحاجة إلى من يدله ويرشده، الإمام الحسين(ع) قدوة الشباب: سيد شباب أهل الجنة"، الإمام الحسين(ع) نموذج عن العامل لله، المؤثر في أسرته، والحامي لها، والقائد لمسيرة الأمة، والعامل لإسقاط الظلم والظالمين، والمجاهد فغي سبيل الله تعالى، الإمام الحسيين(ع) هو الذي أعطانا صور مختلفة في حياته، كان بين يدي رسول الله(ص) يشرب من النبوة، ويعيش أوضاع الإمامة مع والده الإمام علي(ع)، ويأخذ من أمه سيدة نساء العالمين فقاطمة الزهراء(عها)، واكب مسيرة الإسلام الأولى، وواكب تطوراتها وكان دائمًا إلى جانب الحق، يقاتل من أجله، ويسجد لله تعالى خشية لها، ويرحم الضعفاء ويقود الأمة إلى فلاحها وصلاحها، حتى وصل إلى كربلاء ليقول: لا للحاكم الظالم، نعم للكرامة والإسلام والتقوى والعمل في سبيل الله، ولو أدى ذلك إلى خسارة الولد والأهل والمال والحياة، فإنها منح من الله تعال أعطاها ويأخذها ، فلنستفد من لحظة أخذها أن تكون عاملة في سبيل الله تعالى في قمة العطاء وهي الشهادة لسيد الشهداء الإمام الحسين(ع).

 

نحن بحاجة إلى القدوة، عندما نتحدث عن سيدة نساء العالمين السيدة الزهراء(عها) إنما نتحدث عن القدوة، هي التي قال عنها رسول الله(ص): "إن الله يرضى لرضاها ويغضب لغضبها"، من هي التي يرضى لرضاها ويغضب لغضبها؟ هي السيدة المعصومة الجليلة فاطمة التي نوَّر نورها في الأرض والسماء فكانت هداية للبشرية، وأنعمت ببركاتها على كل الرجال والنساء من دون استثناء، فهنيئًا لمن اقتدت بالزهراء(عها) أم وقائدة وحامية ليكون مع علي والحسن والحسين(عم) ومحمد(ص).

 

يذكرها الإمام الخميني(قده) فيقول: "امرأة تضاهي جميع الرجال، امرأة هي مثال الإنسان.. امرأة جسَّدت الهوية الإنسانية الكاملة" من أراد أن ينظر إلى الكمال الإنساني فلينظر إلى الحسين(ع)، وهذا النموذج نحتاجه وهو متوفر وموجود. هذا النموذج هو الذي ربى شباب المقاومة، وهذا النموذج هو الذي أنجبت أخواتنا وأمهاتنا وبناتنا المؤمنات الطاهرات اللواتي يعملن بفكر وعفاف لرفع راية الحق ويتحدين كل الكفر العالمي بحجابهن وتربيتهن وارتباطهن بالإسلام العزيز، إن أمة فيها أمثال هؤلاء الرجال والنساء يقتدون بمحمد وآل محمد(عم) لا يمكن أن تهزم على الأرض ولو اجتمع العالم بأسره.

 

• الركن الثالث: مواكبة متطلبات الجيل الجديد: 

 

اليوم الكلام كثير عن الجيل الجديد ومتطلباته المختلفة عن متطلبات ما قبل عشر سنوات أو عشرين سنة أو الأجيال السابقة، هذا صحيح، عندما نخاطب هذا الجيل الجديد يجب أن نعلم كيف نخاطبه، والحمد لله ديننا يخاطب هذا الجيل الجديد كما خاطب القديم، يواكب الأساليب المتطورة لأنه يخاطب العقل والروح والقلب الذي وجد في تكوين الإنسان ولا يخاطب الزمان الاستثنائي والمكان الاستثنائي، الإسلام يخاطب الإنسان، فلو أتى إنسان بعد مليون سنة الإسلام يخاطبه ويعرف كيف يخاطبه، سأذكر بعض الأمثلة من خطاب الجيل الجديد الذي يجب أن نواكبه وأن نتحدث معه: 

 

أولًا: اليوم نقول عن الجيل الجديد أن قدراته العقلية أكبر بكثير من قدرات الأجيال السابقة، وأن الولد ابن ثلاث سنوات يفهم أكثر من الولد الذي عمره عشر سنوات، وأنه عندما يصل إلى مرحلة البلوغ يستطيع أن ينجز أمور عشر أو عشرين أو ثلاثين مرة مما كان ينجزها السابق، هذا الجيل الجديد كييف نخاطبه، يجب أن نخاطب عقله، فلا يصح أن نخاطب الجيل الجديد ونقول له: أنت ولدت من أبوين مسلمين فأنت مسلم وهذا ما يقوله الإسلام وعليك أن تسيير على هذا الطريق، لا، أنتم تعرفون أن الإسلام مقسم قسمين: عقيدة وشريعة، ما هي العقيدة؟ العقيدة أن تعتقد، الاعتقاد يحتاج إلى قناعة، والقناعة فيها نقاش وفيها أدلة، إذًا لماذا لا نناقش الجيل الجديد بأدلة العقيدة لنثبت لهم أن الله موجود وأن الكتاب من عند الله تعالى، وأن الرسل أرسلهم الله تعالى إلينا، وأن الآخرة موجودة، فنناقشهم بطريقة عقلية، ولا نتعاطى معهم بطريقة جامدة إذا سأل واحد عن إثبات وجود الله، نقول له: اسكت لا تتكلم؟! هذه ليس طريقة، فالله تعالى يقول: " سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ"، فالبعض يقول بأن الكون وما فيه وُجد بطريقة انفجار!!! فالانفجار يشحبر ويكسر ويدمر، الانفجار الذي أوجده الله تعالى انفجار بإدارة، ولولا هذه الإدارة لما وجدنا الكون ينتظم ويسير بهذه الدقة، حكِّم عقلك أيها الإنسان ولا تعتمد على تفاهات تقولها من دون أن تعلم معناها، وإلاَّ أحضر إلينا دليلًا واحدًا على النقطة التي تتحدث عنها، أما نحن نحيلك إلى الأعرابي الذي وجد أن آثار الأقدام تدل على المسير...أفلا يدلان على العليم الخبير.

 

الأمر الثاني في مواكبة متطلبات الحياة الشبابية، علينا أن ننبهه أنك الآن أمام حرب ناعمة ضروس، لا يتركون وسيلة في العالم إلا ويستخدمونها من أجل إثارة الرغبات والأهواء وقتل قدرة العقل على الاختيار وإبعاد الإنسان عن الرقي، الله تعالى قال لنا : "إ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ"انتبهوا أن تغفلوا عن أعمال الشيطان ووسوسته. منهم من يقول: التربية اليوم صعبة، صحيح، الولد يتعرض لهجمات لها أول وليس لها آخر، هذا صحيح، علينا أن نواجه هذه الحرب الناعمة، ونستطيع أن نواجهها، إذا حصَّن العقل والعاطفة بالطريق المستقيم نواجه أكبر حرب ناعمة مهما كانت ونستطيع أن ننتصر. كم قالوا لنا إسرائيل لا يمكن أن تُهزم، تبين أنها قهرت بشباب لا يملكون إلا اللحم والدم ولكنهم يملكون الإيمان، سجدوا لله تعالى فنصرهم الله على أعدائهم وتبين أن إسرائيل تُقهر.

 

نستطيع أن نواجه الحرب الناعمة، فاليوم أخواتنا المحجبات من يتحدون، يتحدون الحرب الناعمة، كل الحرب الناعمة تقول لهم : اخرجن بلا حجاب، ابرزن جمالكن، وهن يقلن: الزهراء علمتنا أن نلبس ونتحجب ونعمل لطاعة الله تعالى، ونربي أطفالنا على السجود لله تعالى وعدم السجود لغيره، وها هو بيرق الإيمان يرتفع وينتشر ببركة هؤلاء المؤمنات وكل الذين عملوا لمواجهة الحرب الناعمة.

 

اليوم الحرب الناعمة قوية، ونرى تجارب من غاص في اللهو والمخدرات والإباحية، ألم تروا الأضرار، المنكرات التي يحرمها الإسلام منكرات أضرارها سيئة بشكل مباشر ،يشرب الواحد المخدرات بلحظتها يظهر الأثر، يقوم بالمنكر فيظهر الأثر سريعًا، فيمنعك عن المنكرات التي تظهر الآثار السلبية عليك مباشرة ويقول لك لا تقرب منها، علينا أن نكون جريئين ونتكلم مع شبابنا. ونحن عندنا مراهقين، والبعض يقول:المراهقة سن ارتكاب المنكرات، من أين أتيتم بهذا الأمر؟ لأنه ينتقل من حالة جسدية إلى حالة أخرى، ومن حالة نفسية إلى حالة أخرى، فلا بدَّ أن يذهب إلى المنكرات والمحرمات؟ ما هذه النظرية؟ أوافق معكم بأن الجسم يتغير والنفسية تتغير، ولكن إذا كنا بجانبه وهو يمر بهذه الحالة لتوجيهه في الطريق الصحيح سيعطي عطاءًا عظيمًا مستفيدًا من هذا التغير لمصلحة الاستقامة، ودليلنا المتدينين والمتدينات الذين حصنوا أنفسهم، ونحن في المقابل علينا أن نتكلم مع أولادنا في فترة المراهقة، أعرف أن في كثير من الأحيان الأم تستحي والأب يستحي ماذا يقولان للولد، إذا لم تقدر أن تكلم ابنك بهذه الأمور خذه عند الأستاذ أو شخص يقدر أن يستلمه ويعلمه ما يحتاجه، ولكن علمه أنت أفضل من أن يتعلم ويعرف من أصدقائه أو أن يعلمه من لا يعرف التعليم، أو أن يتعلم خطأ، قولي لابنتك أن هناك حالة في جسدها يتغير وقولي لها ما يجري ولا تقولي بأن المستقبل يعلمها، لا إذا لم تعلميها يمكن أن يعلمها أحد بطريقة خاطئة، إذا قمت بتعليمها بطريقة صحيحة تحصنيها أو دليها على من يعلمها، إسلامنا واضح وصريح، يتكلم عن العلاقات الزوجية، وعن حالات الرجل و حالات المرأة في مسائل كثيرة لها طابع جنسي في كل صراحة ووضوح بأعلى درجة من اللياقة والأدب، وكل الرسائل العملية تحكي تفصيل يتعلق بتطورات حالة الجسد عن الرجل وعند المرأة حتى يقول لك كيف تتعاطى مع هذا الأمر في دائرة الحلال والطهارة وما شابه ذلك، علينا أن نتلقى المراهقين ونتكلم لهم ونوضح لهم.

 

الأمر الرابع في هذه الفقرة: عليه أن يعرف أنه مكلف مسؤول أمام الله تعالى، مسؤول أمام القانون، ويقدر أن يتنافس مع الآخرين بالخير والاستقامة والصلاح، " خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ"، علينا أن نعمل التنافس على الخير  وليس على الشر، يجب التنافس على الصلاح والفوز بدرجات أعلى والنجاح والأدب والفن والشعر واللياقة...، كلنا نستطيع أن نتنافس فيه، فيحمي نفسه ويحمي مجتمعه منه برقابة الله أكان هناك قانون أم لا، هذا طبعًا يعمل لنا مواكبة لمتطلبات هذا الجيل الجديد.

 

• الركن الرابع: إبراز جاذبية الطريق الإسلامي الصحيح:

 

يا جماعة إسلامنا جذاب، إسلامنا جميل ورائع، إسلامنا يعطينا خير الدنيا وخير الآخرة، خلافًا ما يتصوره البعض، لنرى بعض الأمثلة :

 

نحن ندعو إلى حق الحياة، وأنتم تدعون إلى الموت، ونحن لا ندعو إلى الموت، ولا مرة دعونا أحد إلى الموت، شبابنا الذين ندعوهم للقتال في سبيل الله تعالى لا ندعوهم إلى الموت، إنما ندعوهم إلى الجهاد من أجل الكرامة ورفع الرأس عاليًا، لأن الموت ليس بيدي وليس بيدك، الموت بيد الله تعالى، إما أن يموت على الجبهة وإما أن يموت على الفراش، نحن استثمرنا لحظة عنفوانه ليكون في الموقع المتقدم، فإذا جاء الموت في لحظة الجهاد انتقل عظيمًا إلى الله تعالى ببره وشهادته فالموت بيده الله والجهاد هو طريق.

 

نحن الذين نحب الحياة، وهم منزعجون منا، لأننا كلما حققنا إنجاز وانتصار يكمل إلى انتصارات لاحقة، فنحن نجاهد في الجبهة ونجاهد في الانتخابات النيابية، ونجاهد في الحكومة، ونجاهد في السياسة وفي خدمة الناس، نحن موجودون في كل المواقع التي يتواجدون فيها، ونزيد عليهم بأننا في موقع الجهاد في قتال العدو.

 

إذَا المطلوب أن نعمل على توضيح هذه الجاذبية العظيمة للإسلام، أعتقد أن أغلبكم يقرأ الكثير من الأدعية، هل تبين مع أحدكم دعاء يقول: اللهم قصر عمري، أو دعاء يقول: اللهم يسر لي أمري وأنا مار في الطريق أن تصدمني سيارة فأموت فجأة من دون أن أدخل إلى المستشفى....، لا يوجد هكذا أدعية عندنا، عندنا: يقول بعد كل ركعتين من نوافل شهر رمضان المبارك: وأسألك أن تطيل عمري (عشرات السنين)، وتوسع علي رزقي (أنت كريم )، يا أرحم الراحمين، دعوتنا للحياة وليست للموت.

 

الإمام زين العابدين(ع) وعو إمام معصوم، يقول: وعمرني ما كان عمري بذلة في طاعتك، فإن كان عمري مرتعًا للشيطان فاقبضني إليك"، فالطاعة تعني طول العمر، حتى نستثمر هذا العمر في طاعة الله وبالحسنات والإيجابيات والأعمال الصالحة، " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"، علينا أن يكون زادنا كبير حتى نكون في يوم القيامة في أحسن حال، ونقول: يا رب عملنا في طاعتك فأكرمنا بمنحتك واشفع لنا بشفاعة محمد وآل محمد(عم).

 

أكثر من هذا، يا جماعة الله تعالى يريدنا أن نأكل ألذ ما في الدنيا، " يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ "، يقول لك: كل الطيبات واترك الخبائث، لذلك نحن عندما نعمل في هذه الدنيا نكون نعمل بشكل صح، والله تعالى لم يخلقنا في هذه الدنيا حتى لا نقوم بأي عمل، " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا للهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ"صحتين، ولكن اتركوا الخبائث، يرشدنا إلى صلاحنا، هذا هو الإسلام العظيم.

 

اليوم أكبر مشكلة يطرحونها هو التمييز بين الذكر والأنثى، حقوق المرأة ويجب أن نعطي المرأة حقوقها، فالله تعالى يقول في القرآن الكريم: " مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "، العبرة بالعمل وليس بالجنس.

 

أم مريم(عها) نذرت نذرًا للهيكل، إذا رزقها الله مولود أن تضعه قربة لله تعالى، تبين أن المولود بنت وأسمتها مريم، خجلت من هذا الأمر لأنها نذرت المولود للهيكل ، وكل فكرها أن كل ما يُنذر للهيكل يصح نذره، فاعتذرت لربها: "إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ"، فتبين أن هذه السيدة الجليلة العظيمة كانت تتصل بالسماء مباشرة من دون وسيط من البشر لتعبر لنا كيف أن الله تعالى يضع المرأة في مقام عظيم ويكرمها بأعمالها وصلاحها.

 

رب قائل: إن اهتماماتكم بعيدة عن الدنيا؟ هذا غير صحيح ، فاهتماماتنا بالدنيا موجودة ولكن في الصلاح: في أحد الأيام كان هناك مجموعة من الصحابة مع رسول الله(ص) رأوا رجلًا من بعيد يفلح الأرض، وعضلاته مفتولة وقوي، تحسروا وقالوا: لو كان في سبيل الله، فقال رسول الله(ص): "إن كان خرج يسعى على ولْدِه صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يَعفُّها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان"، إذًا كل أعماله الدنيوية هي في سبيل الله، طعامه في سبيل الله، إطعام أولاده في سبيل الله، عف نفسه عن حاجته إلى الآخرين في سبيل الله، والقتال هو أيضًا في سبيل الله، ما أعظم هذا الدين الذي يوسع الدائرة إلى أوسع الحدود ليشمل كل حاجات الإنسان.

 

بعبارتين: المطلوب الامتناع عن المحرمات، هذا الامتناع يؤدي إلى الصحة النفسية والجسدية، اليوم التطورات الموجودة في وسائل التواصل الاجتماعي، ليس حرام أن تستعملوا وسائل التواصل الاجتماعي وهو جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، لكن اعلموا أن وسائل التواصل الاجتماعي فيها حلال وفيها حرام، امتنع عن الحرام وصحتين على قلبك الحلال، التكلم من دون أدب مع الآخرين، محرم، أو نشر عيوب الآخرين محرم، ...فالإسلام يقول لك: واكب الحضارة ولكن ابتعد عن الحرام وسر في الحلال.

 

إذًا أربع ركائز أساسية للخطاب الشاب المعاصر: 

 

1. أن نختار طريقنا

2. أن نعتمد النموذج ، ونموذجنا سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين(ع)

3. أن نواكب متطلبات الجيل الجديد.

4. أن نُبرز جاذبية المضمون الإسلامي الصحيح.

 

بهذه الأركان الأربعة نُحسن إحياء ذكرى الإمام الحسين(ع).