محاضرات

الشيخ نعيم قاسم: نعمة الثورة لا تعادلها نعمة

الشيخ نعيم قاسم: نعمة الثورة لا تعادلها نعمة
الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في ذكرى 39 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران، في مجمع المجتبى(ع)10/2/2018م.

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأعز المرسلين حبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد(ص) وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وصحبه الأبرار المنتجبين.

فكرت كيف أبدأ حديثي عن الذكرى التاسعة والثلاثين لقيام الثورة الإسلامية المباركة الجمهورية الإسلامية في إيران بقيادة الإمام المقدس روح الله الخميني(قده)، هل أبدأ محتفلًا بأن الجمهورية الإسلامية صمدت لتسع وثلاثين سنة أمام كل التحديات والمؤامرات سواء من خلال الحرب العراقية على إيران، أو العقوبات التي مارستها الدول الكبرى، أو الاغتيالات التي حاولوا القيام بها، أو العمل الدؤوب من خلال الحرب الناعمة لإسقاط هذه التجربة، ومع ذلك خرجت من كل هذه الحروب منتصرة رافعة رأسها.

أم أبدأ الحديث عن نموذج مختلف تمامًا عن نماذج الشرق والغرب، ولد من بين أنقاض الشرق والغرب، ولد متحديًا ثقافة الشرق والغرب، ولد هذا المولود الجديد معلنًا "..لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ".

أم أبدأ بذاك النموذج الذي قدم لنا المرأة المجاهدة تخوض غمار الحياة، وتصنع مستقبل إيران والمنطقة، فتشارك في العمل السياسي والجهادي والثقافي والإعلامي والتربوي، وتعلن للعالم بأن نظرتكم إلى المرأة من الناحية المادية قتلت إمكاناتها وقدراتها، بينما نظرة الإسلام الأصيل أبرزت خيراتها وعطاءاتها فكانت نموذجًا للمرأة المسلمة على هدى السيدة الزهراء(عها).

أم أبدأ بذاك العظيم الإمام الخميني(قده)، هذا العبد الصالح الذي سجد لله تعالى فسخر الله الأرض والكون لسجوده، والذي حرك يده باسم الله تعالى فهوت الأصنام والزعامات والشاه وكل من أراد بإيران شرًا، واستطاع خلال حقبة زمنية بسيطة أن يقلب المعادلة في المنطقة، فانتقلنا من منطقة تتجه لقيادة إسرائيل لها إلى منطقة تتجه لزوال إسرائيل منها، لتستعيد شعوب المنطقة كرامتها ومكانتها ببركات وإضاءات الإمام الخميني(قده). 

لا زلت أشعر إلى هذه اللحظة أن معجزة حصلت في القرن العشرين اسمها الإمام الخميني(قده)، ولا زلت أتساءل: أأنا في حلم أم في يقظة؟ أيعقل ويمكن أن يتمكن رجل نوراني آمن بمحمد وآل محمد أن يحرك العالم ليرفع راية الإسلام ويقول: نعم نحن نغرسها هنا لتبقى ثابتة على الأرض وتصل إلى السماء لتهيئ لصاحب العصر حتى يملأ الأرض قسطًا وعدلًا ولو كره الكافرون ولو كره المنافقون.

أيها الإمام الحبيب دخلت إلى القلوب من دون استئذان، أحببناك وأحبك أطفالنا وأولادنا وأحبتك الأجيال، وكأني أرى أن من سبقنا في عالم البرزخ كان يتمنى أن يكون في عصر أنت القائد فيه وأنت الإمام فيه.

نعمة الثورة لا تعادلها نعمة، وقوة الجمهورية الإسلامية في هذا الزمن الصعب لا تقدر بثمن، من الجمهورية الإسلامية استمدينا قوة العقيدة، من الجمهورية الإسلامية استمدينا قوة الموقف، من الإمام الخميني(قده) تعلمنا أن نختار ونضحي وأن نستقيم ولا ننظر إلى الوراء وأن نبقى بنصر الله مهما كانت الصعوبات، وأن نتحدى الشرق والغرب في سبيل حقوقنا وأرضنا وكرامتنا، وأن الله تعالى معنا " إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ "، كان يرى النصر قبل أن يحصل، وكان يرى الاستقامة هي الطريق الخير الوحيد، وكان يرى أن المستقبل لهذه الأمة . قالوا للإمام: أنت وحيد، فقال: أنا معي الله جل وعلا. وقالوا للإمام: شعبك ضعيف، فقال: أثق به لأنه قوي. وقالوا للإمام: الدول الكبرى تملك الإمكانات، فقال لهم: أملك الأرض وما عليها فقد سخرها الله تعالى لي وللقوم المؤمنين. وقالوا للإمام: إلى أين ستصل؟ قال: لا مكان لأصل إليه فالكون كله مسرحي والدنيا كلها مسرحي والآخرة هدفي، فحقق ما أراد وكان العظيم العظيم الذي حطم كل هياكلهم ليقيم هيكل المقاومة على قاعدة الإيمان بالله تعالى.

لماذا يحاصرون إيران؟ لأنها مستقلة، ولأنها تريد كرامة شعبها، وتريد مستقبلهم بمعزلٍ عن إدارة الشرق والغرب، إيران هذه أعطت الخير لأمتنا ولمنطقتنا، لولا إيران لما استمرت المقاومة، بل لكنا في حالة إحباط وعصر إسرائيلي، إيران هي التي أعطتنا روح الاستقلال من دون أن تطلب شيئًا لها، إيران قدمت لنا المساعدة لنقاوم ولنستعيد أرضنا لنا، إيران وقفت إلى جانبنا لتقول بأن وقوفي من أجل أن أساعدكم في مقابل اجتماع دول المنكر والاستكبار مع إسرائيل، وتبيَّن أننا حصلنا من خلال موقف إيران على خيرات التحرير والانتصار، والأهم حصلنا على قرار المقاومة الذي إذا ما وجد في شعبٍ إلاَّ حقق كل أمانيه، فمقاومتنا نبعت من الذات بتوجيه من الله ودعم من إيران فكنا أمام إنجازات عظيمة تحققت بحمد الله تعالى.