محاضرات

عاشوراء الولاية / المحاضرة الكاملة في الليلة الرابعة من عاشوراء في 28/10/2014

عاشوراء الولاية / المحاضرة الكاملة في الليلة الرابعة من عاشوراء في 28/10/2014
عاشوراء الولاية

المحاضرة الكاملة التي ألقاها في منطقة مارون مسك - الشياح
عاشوراء الولاية



بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، السلام عليكم أيها الحسينيون والزينبيات ورحمة الله وبركاته.
إحياء عاشوراء إحياءٌ للقلب والعقل، إحياء عاشوراء اعتيادٌ على المسار الصحيح الذي يوصلنا إلى الله تعالى، ويحملنا نتائج صالحة لأعمالنا في هذه الدنيا وثوابًا في الآخرة.
اليوم سأتحدث من وحي عاشوراء عن الولاية، ولاية الله تعالى، وولاية محمد(ص)، وولاية أئمة أهل البيت(عم)، وولاية الإمام الحسين(ع)، والذي جسَّد المسار الإلهي في كربلاء، لنعرف دورها ومكانتها ودورنا ومكانتنا من هذه الولاية، لأن الإنسان في هذه الحياة الدنيا يحتاج إلى من يرشده إلى الطريق، وهذا السبب المركزي لإرسال الله تعالى الأنبياء والرسل عبر التاريخ، لماذا أرسلهم؟ ليعلموننا وليعرفوننا وليرشدوننا إلى الطريق، إذ أننا من دون الأنبياء والرسل لا نستطيع أن نصل إلى ما يريده الله تعالى، ولا نستطيع أن نتعرف على حقائق الكون وحقائق الدين.
1- ولاية الله تعالى.
من هنا كانت بعثة الأنبياء رسالة إلهية متكاملة جعلتنا نتعرف لنهتدي إلى الطريق المستقيم، قال تعالى: "اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"، إذًا الله تعالى وليٌ، ماذا يفعل هذا الولي؟ يخرجنا من الظلمات إلى النور، يوضِّح لنا الحقائق، يعرفنا على ما يسعدنا في الدنيا وفي الآخرة، ولذا عندما نتطلع إلى أوامر الله تعالى ونواهيه، وأتمنى أن لا تنظروا إلى الأوامر وكأنها نوعٌ من الفرض ومن الطلب والإلزام، هذا أمر يحصل مع إنسان لم يتعمق بالإيمان بشكل صحيح، أما من تعمَّق بالإيمان فأمر الله تعالى له هو لمصلحته، ولخياراته الإنسانية التي تسعده في الدنيا وفي الآخرة، هذه الأوامر الإلهية تخرجنا من الظلمات إلى النور، والإنسان في الحياة لا بدَّ أن يختار، كل شيء تكون أنت فيه بين خيارين: الحق أو الباطل، الخير أو الشر، الاستقامة أو الانحراف، الهداية أو الضلال، "اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ"، فإذا أخرجهم من الظلمات إلى النور فيتعرفوا على الوقائع والحقائق، (فالإنسان إذا كان في غرفة مظلمة، هل يرى شيئًا ؟ هل يعرف كيف يسير؟ كلها ظلمات ولا يعرف أن يسير بشكل صحيح)، أما من كان النور مرافقًا له فالنور يكشف له الطريق، فيسير وهو مرتاح ولا يصطدم بشيء، ويصل إلى هدفه لأن طريقه منير ومضاء وواضح. بينما الذين كفروا "وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"، فالكفار زعيمهم وقائدهم هو الطاغوت الذي انحرف وظلم وابتعد عن طاعة الله تعالى، الطاغوت هو هوى النفس الإنسانية، وعندما يسير الإنسان وراء ملذاته وأهوائه فهو يتبع الطاغوت، الطاغوت هو الظلم عندما يتجبر الإنسان على الآخرين اعتقادًا منه أنه يكسب ويربح، ولكن هذا خروج من النور إلى الظلمات. فإذا أردت أن تتخذ وليًا فليكن وليك الله تعالى، فالولي هو النصير، والولي هو الذي يعينك، والولي هو الذي يدبر الأمور، فإذا عندما نقول بأن الله تعالى هو الولي يعني أن الله هو الآمر والمعين والهادي والمساعد، وبالتالي إذا كنا مع الله تعالى فهذا يعني أننا مع قوة عظيمة تأخذ بأيدينا لتخرجنا من الظلمات إلى النور فنهتدي في الدنيا ونثاب في الآخرة.
ذكر الله تعالى لنا قصة في القرآن الكريم عن الذي حاجَّ إبراهيم(ع) في ربه وهو النمرود، النمرود كان يعتقد أنه هو الإله، وكان يروِّج بين قومه أنه وليهم وإمامهم وقائدهم وكل شيء، والناس يطيعونه ويعبدونه. الله تعالى يقول: "أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"، فقال إبراهيم(ع) أدعوك إلى الله تعالى، فقال النمرود: من إلهك أنا هو الإله! قال(ع): إلهي يحيي ويميت، فقال نمرود: أنا أحيي وأميت، فأتى باثنين من الموقوفين عنده فقتل واحد وعفى عن الآخر فقال له أنا أحيي وأميت، فقال إبراهيم(ع): " فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ"، هؤلاء الجماعة عاجزون وليس عندهم دليل ولا منطق ولا قدرة ولا هداية، أما الهداية والعظمة فهي عند الله تعالى، فتصور أن وليَّك هو الله تعالى، فأنت تملك المنطق والقوة والنصرة والطريق الصحيح والهداية وكل هذه المعاني التي توصلك للخروج من الظلمات إلى النور.
2- ولاية الرسول(ص).
الولاية بعد الله تعالى للرسول(ص)، لماذا؟ لأن الرسول هو القائد وهو الذي بلَّغنا رسالة الله تعالى وهو الذي أرشدنا إلى الحلال والحرام، وحدَّد الأعداء من الأصدقاء، وأقام دولة الحق وأزهق دولة الباطل، فمن يكون وليه الله لا بدَّ أن يكون وليه النبي محمد(ص)، لأن النبي هو الذي يرشدنا ويدلنا، ما أمر به النبي نلتزم به، فالله تعالى قال في القرآن الكريم: " وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"، وبالتالي من كان مع الله لا بدَّ أن يكون مع النبي وأن يلتزم بأوامر النبي حتى يكون معذورًا عند الله تعالى، وحتى يصل إلى الهداية الحقيقية.
3- ولاية الأئمة(عم).
وبعد النبي(ص) يأتي الأئمة(عم)، والأئمة(عم) هم الأولياء، ولسنا نحن من يقول ذلك! الله تعالى يقول بأنهم هم الأولياء، وفي الآية المشهورة عن أمير المؤمنين علي(ع) عندما كان يصلي في المسجد وهو راكع، جاء فقير إلى المسجد فمدَّ الإمام(ع) يده مشيرًا إلى الخاتم في إصبعه فأخذه الفقير، فنزلت الآية الكريمة: "إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ"، إذًا أمير المؤمنين علي(ع) هو ولينا، أئمة أهل البيت(عم) هم أولياؤنا، وعلينا أن نلتزم بهم ونقتدي بهم. الإمام الرضا(ع) يقول عن آبائه عن الإمام الحسين(ع) أنه قال: ": قال لي أبي، قال أخي رسول الله (ص): من سرَّه أن يلقى الله تعالى مقبلاً عليه غير مُعرِضٍ عنه فليوالِ علياً، ومن سرَّه أن يلقى الله تعالى وهو عنه راض فليوالِ ابنه الحسن(ع)، ومن أحب أن يلقى الله تعالى وهو لا خوف عليه فليوالِ ابنه الحسين(ع)، ثم ذكر الأئمة(عم) إلى أن قال: ومن أحبَّ أن يلقى الله وقد كَمُلَ إيمانه وحَسُنَ إسلامه، فليوالِ الحجة صاحب الزمان القائم المنتظر المهدي محمد بن الحسن، فهؤلاء مصابيحُ الدجى، وأئمة الهدى، وأعلامُ التقى، فمن أحبَّهم وتولاَّهم كنتُ ضامناً له على الله الجنة".
إذًا هؤلاء الأئمة(عم) هم أولياؤنا، وهم الذين نرتبط بهم، عندما نؤكد دائمًا في مجالسنا وخطبنا على الولاية ليس لأننا نريد أن نحيي محبة لأئمة أهل البيت(عم) وهي لازمة، ولكن من أجل أن نلتزم بالأمر الشرعي الذي قاله الله تعالى: " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا"، وقال تعالى: "أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ"، فليس ولي الأمر الذي يحكم، يعني الله تعالى عطف طاعة أولي الأمر على طاعة النبي(ص)، طاعة النبي(ص) في كل شيء، هل تكون طاعة الخليفة الجائر أو الذي يرتكب بعض الحرمات أو غير المعصوم كطاعة النبي(ص)! إذًا المقصود هنا من أولي الأمر هم الأئمة المعصومون(عم)، هؤلاء هم الذين يجب إطاعتهم، فإذًا الولاية هي دينٌ ندين به، ونلتزم به، فائدة أن يكون الإنسان ملتزمًا بالولاية أن يعرف كيف يبدأ وإلى أين ينتهي.
وبكل صراحة اليوم جماعة الولاية أسعد أناس على وجه الأرض، والله تعالى يوفقنا توفيقات تبدأ ولا تنتهي، وأكرمنا بالحسين وآل بيت الحسين وعلي وفاطمة والحسن وكل الأئمة المعصومين(عم)، لنعرف الحق من الباطل، فنسير كل خطوة من خطواتنا ونحن مطمئنون أننا مع الله لأننا مع أولياء الله تعالى، ومن كان مع أولياء الله لا يبالي أوقع الموت عليه أو وقع على الموت، لأنه على الطريق الصحيح الذي يوصل إلى مرضاة الله تعالى في يوم القيامة.
إذًا الولاية بالنسبة إلينا قيادة وإمرة ونصرة والتزام، نحن بحاجة إليها، وعندما التزمنا بها التزامًا صحيحًا نصرنا ووفقنا الله تعالى وقدَّم لنا الكثير، نحن اليوم في زمن غيبة الإمام المهدي(عج) آمنا بالولي الفقيه على نهج ولاية الأئمة(عم) على نهج ولاية محمد(ص) على نهج ولاية الله تعالى بانتظار ولاية الإمام المهدي(عج)، إذًا دخلنا في السلسلة التي تؤدي إلى أن نبقى على خط الاستقامة، وها نحن نتوفق وننتصر ونُعلي راية الإسلام العظيم، وها هي إيران تعلو في العالم، وها هو حزب الله يأخذ مجاله ويُرعب أعداء الله تعالى ويحقق الإنجازات، وإن شاء الله تعالى هذا النصر قائمٌ ودائمٌ إلى ظهور الحجة(عج).
لا يجب الاستهانة بالولاية، فالولاية نعمة كبرى، بعض المسلمين الذين حرموا من نعمة الولاية ضائعون ولا يعرفون من هو زعيمهم ولا رئيسهم ولا قائدهم، يتفرقون أحزابًا وشيعًا وجماعات، كل جماعة تلعن الجماعة الأخرى. الحمد لله تعالى أن أكرمنا بالولاية، ونعرف إذا خاض الولي بنا غمار البحر لخضناه دون خوفٍ من بللٍ أو غرقٍ، لأن النتيجة في نهاية المطاف هي الأمر الشرعي الذي علينا أن نلتزم به والتوفيق والتدبير على الله تعالى.
لذلك يقول الله تعالى: " ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ"، الكفار لا مولى لهم، ولا قيادة لهم، ولا نصرة لهم، ولا إله لهم، أمام نحن فالله تعالى هو مولانا، وهذه نعمة كبرى.
4- المؤمنين بعضهم أولياء بعض.
هذه الولاية تنعكس على علاقة المؤمنين مع بعضهم، يقول تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، فهم يناصرون بعضهم البعض، ويعاونون بعضهم البعض، ويشكلون كتلة واحدة، فالمؤمنون والمؤمنات بسبب ولايتهم لله ولرسوله وللأئمة(عم) هم أولياء فيما بينهم، يناصر بعضهم بعضًا لإقامة الدين بكل تفاصيله وكل ملتزماته، ماذا تكون النتيجة؟ النتيجة " أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ". فعندما نقول للناس بأننا مطمئنون في الدنيا وفي الآخرة لأننا لا نرى في هذا العالم إلاَّ نصرة الله تعالى لنا، وهذا الطاغوت نراه كزبد البحر لا قيمة له ولا تأثير له في حياتنا، لأن من كان قلبه معمورًا بالله تعالى لا يمكن أن يرى الكفر وأعوانه لديهم القدرة، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.
وهذا يستدعي أننا عندما نوالي الله تعالى لا نوالي أحدًا لا يوالي الله تعالى مهما كان، لذلك قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"، هم أولياء إن استحبوا الإيمان على الكفر، أما إذا استحبوا الكفر على الإيمان فهم ليسوا أولياء ولو كانوا أقرباء لكم من لحمكم ودمكم، لأن الأساس هو طاعة الله تعالى والارتباط بحبله المتين الذي يوصلنا إلى هذا المقام العظيم.
لو نظرنا إلى مشهد الآخرين الذين يعصون الله تعالى والذين كفروا به، ليسوا فقط مشتتين في الدنيا، وليسوا جماعة لا قدرة لهم ولا نتاج لعملهم، حتى في الآخرة لا يستطيعون أن يُنقذوا أنفسهم، هناك آيات رائعة في القرآن الكريم والقرآن كله رائع، والكفار في الآخرة يصطفون وراء بعضهم البعض ويدخلون إلى جنهم ولكن يتمايزون بعمق الدرجة من هو في القعر ومن هو قبل القعر ولكن كلهم في النار، فعندما أمر الله تعالى بدخولهم إلى جهنم بمن يستنجدون؟ بالمؤمنين؟! فهم كانوا على عداء مع المؤمنين، فلنستجد بجماعتنا الكفار الذين كانوا مثلنا، قال تعالى: "وبَرَزُوا للهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ"، فلم يسعفهم الاستنجاد بكبارهم، فقالوا نستنجد بالشيطان "وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"، هذه نتيجة من يأخذ وليًّا غير الله تعالى، فالحكم لله تعالى والآخرة عند الله تعالى والخلق بيد الله تعالى والحياة بإدارة الله تعالى والموت عند الله تعالى، خير لنا أن يكون الله وليُّنا والنبي والأئمة(عم) من أن نخسر هذه الولاية فنكون ممن خسروا الدنيا والآخرة، وبالتالي إذا خسرنا هذه الفرصة التي بين أيدينا ستكون خسارة عظيمة.
عندما نرتبط اليوم بالولي الفقيه نرتبط على أساس امتداد الولاية لله تعالى، لأنه يعطينا الأوامر الإلهية، ويرشدنا إلى المواقف التي تنسجم مع ولاية أهل البيت(عم)، ودائمًا ترون النتائج والحقائق.
إحياء ذكرى الإمام الحسين(ع) إحياء ولاية أهل البيت(عم)، إذا كان أهل البيت في موقع وكل العالم في موقع آخر فالحق مع أهل البيت(عم)، كان مع الإمام الحسين(عم) في واقعة كربلاء 73 فردًا من الذين استشهدوا في كربلاء، وفي المعسكر المقابل عشرات الآلاف من الذين قاتلوه، ومئات الآلاف من الذين تريثوا وكانوا محايدين، أين يكون الحق؟ مع الأكثرية! لا الحق مع أهل البيت(عم)، إذا أخذ الإمام الحسين(ع) موقفًا في شأنٍ من الشؤون واتخذ أي أحدٍ موقفًا آخر فالحق مع الإمام الحسين(ع)، عندما نفهم هذا المعنى للولاية علينا أن نكون دائمًا مع هذه القيادة فنستطيع أن نطمئن إلى دنيانا وإلى آخرتنا.
السلام على الحسين(ع)، وعلى علي بن الحسين، وعلى أبناء الحسين، وعلى أصحاب الحسين، وعلى الشهداء في كربلاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


الموقف السياسي
 برز التكفيريون في لبنان منذ أحداث الضنية من أكثر من عشر سنوات، وقضى الجيش يومها عليهم على زمن رئاسة الرئيس إميل لحود، ثم بعد ذلك جرت أحداث نهر البارد وكانت جماعة فتح الإسلام هي في الاتجاه التكفيري نفسه، وقضى الجيش اللبناني على هذه الجماعة في وقتها، ولكن بعد ذلك برزت جماعات متفرقة على النهج نفسه بأسماء مختلفة، تارة باسم النصرة، وأخرى باسم داعش، وثالثة باسم عبد الله عزام، ورابعة بأسماء مختلفة، ولكن ما يجمعهم منذ أحداث الضنية مرورًا بنهر البارد إلى الآن أنهم يحملون الفكر التكفيري الإلغائي الذي لا يقبل أحدًا غيره، والذي يريد أن يتسلط على الناس ليفرض مشروعه عليهم بالقتل والرعب والتنكيل والإرهاب وبكل أنواع الجرائم التي تُرتكب بحق الإنسانية.
ولذا من يقول اليوم أن التكفيريين نتيجة لوجود حزب الله في سوريا، نقول له: التكفيريون أصحاب مشروع كانوا موجودين ولا زالوا وهم يبحثون عن مشروعهم بصرف النظر إذا كنا موجودين أو لا، وبصرف النظر إذا كنا نعمل بشرفٍ وكرامة لحماية لبنان أم لا، هؤلاء أصحاب مشروع.
وقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن الاستسلام للإرهاب التكفيري في لبنان بحجة انعكاس أزمة المنطقة غير صحيح، عندما أدرك الجميع بأن التكفيريين عبء على جميع اللبنانيين فالتفوا حول الجيش الوطني ثم تم تسديد ضربة كبيرة لمشروع الإرهاب، ويؤمل أن يكون لبنان أكثر استقرارًا، على أن تدرس القوى السياسية كيفية استثمار هذا الإنجاز للتخفيف من آثار أزمة المنطقة على لبنان، والعمل على تحصينه الداخلي بتفعيل مؤسساته والعمل معًا من أجل أن ننهض بلبنان لمصالح المواطنين.
وكما ترون تراجعت أمريكا والدول التي معها عن الدعم المطلق للإرهاب التكفيري عندما أصبح خطرًا على مشروعها، وعندما أدركت أن الوحش الذي ربته تفرس عليها وله مشروعه، وهذه فرصة لتعيد بعض القوى السياسية في لبنان حساباتها، وتخرج من التباكي على الأطلال وتعتبر من مأزق الخيارات السياسية الخاطئة التي اتخذتها والتي دفَّعت لبنان أثمانًا كثيرة.
ليكن معلومًا: سقط مشروع نقل سوريا من خندق المقاوم إلى الخندق الإسرائيلي، وسقط مشروع ضرب المقاومة من خلال ضرب سوريا، وأصبح واضحًا أن الحل الوحيد في سوريا هو الحل السياسي بمشاركة جميع الأطراف، وأي حل آخر لا مجال له للحياة. لقد سقط مشروع استخدام لبنان كمنصة لضرب سوريا المقاومة، ونجح اللبنانيون في استدراك بعض تداعيات الأزمة السورية بطرد الخلايا التكفيرية وتجريدها من توفير البيئة الحاضنة لها، فنحن أمام مفترق للاجتماع والتلاقي.